أحدث الأخبار مع #جيمرون


الوئام
منذ 11 ساعات
- سياسة
- الوئام
رؤية 2030.. من إدراك العوائق إلى صنع الواقع
هشام محمد الجاسر- باحث في المجال النفسي والثقافي في ميادين الحضارة وبناء الوطن لا مكان للمتقاعسين؛ فإما أن تكون فاعلًا مشاركًا وإما أن تجد نفسك في صفّ المتفرجين، أو – لا سمح الله – ضمن المثبطين والمشككين. يمرُّ وطننا بمرحلةٍ تاريخيةٍ غير مسبوقة، مع ما تشهده البلاد من مشروعاتٍ عملاقةٍ وتحولاتٍ جذريةٍ تحت مظلة رؤية 2030. ومن البديهي أن النهضة لا تُبنى بالمتفرجين أو المنعزلين في صوامع القلق والشك، بل بالأيدي التي تبادر وتشارك وتُنتج. وكما قال سمو ولي العهد: 'معًا سنكمل بناء بلادنا لتكون.. مزدهرة قوية، تقوم على سواعد أبنائها وبناتها.' هذه الكلمات تضع المسؤولية في أيدينا؛ فكل شاب وشابة في هذا الوطن هو ذخرٌ للمستقبل وقوّة دافعة نحو التغيير. أدناه أبرز العوائق التي رصدتُها من ملاحظاتي، والتي أرى أنَّ إدراكها والعمل على تطوير أنفسنا حيالها ينقلنا من دور المتفرِّجين إلى دور الفاعلين؛ وبذلك نُسهم بجدٍّ في دفع عجلة هذه النهضة. عائق: الأفكار المضلِّلة والعادات الضارة أولى خطوات التقدّم تتمثّل في تحطيم بعض الأفكار المضلِّلة والعادات الضارة، خاصةً تلك التي تتخفّى وراء ستارٍ دينيٍّ مُشوَّه أو نظرية مؤامرةٍ مُفتعلة. فكم من أناسٍ استسلموا للإحباط بسبب عُزلةٍ كسولةٍ يبرّرون بها فشلهم ويلقون باللوم على غيرهم! وعندما نجد المحيط يعزّز هذه الرؤية، تُصبح الشكوى معزوفةً يومية. ولعلّ خير وصفٍ لخطورة بعض مَن نختلط بهم قولهم: 'إن أردتَ قتلَ حلمٍ كبير، أخبر به شخصًا ضيّق الأفق.'إذ إنّ السلبية قد تئد الطموح في مهده. لذلك يقول جيم رون: 'أنت متوسط أقرب خمسة أشخاص تقضي معهم وقتك. فلا تترك نفسك عالقًا في هذا المستنقع، بل استبدله بعهدٍ جديدٍ تردّد فيه: 'سأحاول، وأتعلّم، وأختلط، وانفتح'؛ وهكذا تبدأ صياغة علاقاتٍ أعمق مع ذاتك ومع مجتمعك. عائق: اكتشاف المجال اسأل نفسك كلَّ صباح: ما الذي أحبّ فعله ويمكنني تطويره لأنتفع به وأفيد به وطني؟' إن وجدتَ الجواب، فخصِّص وقتًا يوميًا لاكتساب مهاراتٍ جديدة، وابحث عن فرصٍ للاحتكاك بالمتمرّسين. ولا تنسَ الانضمام إلى المجتمعاتة التي تشاركك اهتماماتك في هذا المجال؛ فالتواصُل معهم يُثري خبراتك ويُسرّع من تطوّرك. وهكذا تُصبح متفرّدًا في تخصّصك وتجني ثمار التميّز عبر تحوّلك إلى مرجعٍ ومصدرٍ للعطاء. وأنا أؤمن بقاعدة ليْس براون للنجاح التي تقول: 'النجاح هو أن تجد ما تحب، وتتقنه، ويكون هناك من يدفع لك لتفعله.' عائق: ضعف جرأة المبادرة المبادرة أشبه بشعلةٍ تضيء طريق التغيير: فمتى انتظرتَ الفرصةَ طالت الغيمة، ومتى بادرتَ تبدّد الضباب. حرِّر أفكارك من قيود الخوف، واتخذ خطوةً جريئةً في تنفيذ أي مشروعٍ – حتّى لو بدا صغيرًا – ضمن محيطك. وتذكّر دائمًا: 'البداية نصف الإنجاز. وهنا استذكر مقولة سورين كيركغارد 'أن تجرؤ يعني أن تفقد توازنك للحظة، أما ألّا تجرؤ فهو أن تفقد نفسك كليًا.' عائق: اللغة الإنجليزية إنّ تعلّم اللغة الإنجليزية لا يقتصر على توسيع فرص العمل والبحث العلمي، بل يمتدّ لأبعاد أعمق تمسّ بناء الفكر والانفتاح على الآخر. كلما أتقن الإنسان لغةً جديدة، اتّسعت قدرته على فهم ذاته وعالمه. أمّا التبادل الثقافي الذي تتيحه الإنجليزية فيرسّخ قيم الحوار ويتيح مجابهة تحديات العصر بعقلٍ منفتحٍ، مع إثراء الهوية الحضارية بتجارب الأمم الأخرى. ومن جهةٍ أخرى، يتطلّب انخراط الدولة في مشاريعها الطموحة تواصُلًا فعّالًا باللغة الإنجليزية مع الخبراء الأجانب؛ وفي ذلك ضمانٌ لإبراز المهارات المحليّة وتحقيق استفادة قصوى من الفرص العالميّة. وكم يحزنني أن عقولًا فذّة ومهارات عالية لم تستطع الوصول إلى هذه الفرص بسبب حاجز اللغة، الأمر الذي يؤكّد ضرورة الاستثمار في تعلّم الإنجليزية كإحدى أهمّ التمكين في عصرنا. عائق: عدم الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي أصبح إجادة الذكاء الاصطناعي اليوم ضرورةً وليست رفاهية، فهو جواز العبور إلى عالمٍ تتقدّمه الابتكارات وتدعمه الأفكار الخلّاقة. وكلما تعمّق المرء في هذه الأدوات، انفتحت له أبوابٌ واسعة، ونما حسُّه الإبداعي ليصبح منتجًا للحلول بدلًا من الاكتفاء باستهلاكها. واعلم أنّ الفجوة التي كانت تفصل بين المتفوّق والمتقدّم في المهارة خلال تراكم السنوات، وبين من لا يزال في بداية الطريق، قد رُدمت بشكل كبير بفضل الذكاء الاصطناعي؛ ومن يُهمِل هذه الأدوات سيجد نفسه في المؤخرة، حتى لو قضى الليل والنهار سعيًا للتطوير دون استخدامها. عائق: ضعف العلاقات المهنية في عالم الأعمال الحديث، أصبحت شبكة العلاقات المهنية من أهم أصول الفرد المهنية؛ فلم يعد التطوّر الوظيفي مرهونًا بالمؤهلات التقنية وحدها، بل باتت القدرة على التواصل وبناء العلاقات ضرورية بالقدر نفسه للتطوّر المهني. وتُظهِر بعض الدراسات أنّ نسبة كبيرة من الفرص الوظيفية تندرج ضمن ما يُعرَف بـ'سوق العمل المخفي' الذي يعتمد على الترشيحات والعلاقات أكثر من الإعلانات الرسميّة؛ إذ يُقدَّر أنّ 65% إلى 80% من الوظائف يتم الحصول عليها عبر المعارف والشبكات الشخصيّة. ولهذا يفضّل أصحاب العمل مرشحين موثوقين جاؤوا عن طريق توصية من معارفهم؛ إذًا فالعلاقات الإيجابية هي رأس مالٍ ثمين تُثمِر فرصًا أوسع وتُعزِّز ثقتك بنفسك عبر دعم المجتمع المهني لك. احرص على توسيع شبكة معارفك من زملاءٍ وخبراء في مجالك، وداوِم على حضور المؤتمرات والفعاليات التي تبقيك على اطّلاعٍ بآخر المستجدّات، وتُعرِّف الآخرين بإمكانياتك وخبراتك – وإن كلّفك ذلك بعض المال. واجعل نصب عينيك قاعدة: 'أنا لا أخسر المال بل أشتري الرجال.'


جريدة الرؤية
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
كيف يصنع الشباب فرصهم في سوق محدود؟
د. قاسم بن محمد الصالحي في الوقت الذي يزداد فيه عدد خريجي الجامعات والمعاهد في سلطنة عُمان، وتتراجع فيه الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، يواجه آلاف الشباب العُمانيين تحديًا كبيرًا: كيف يجدون موطئ قدم في سوق محدودة؟ ليس السؤال سهلًا، ولا الإجابة تقليدية.. البطالة اليوم لم تعد فقط مسألة أرقام في تقارير رسمية؛ بل أصبحت واقعًا اجتماعيًا واقتصاديًا يُلامس كل بيت تقريبًا، لكن وسط هذا التحدي، برز سؤالٌ أكثر أهمية: هل يمكن تحويل هذه المحنة إلى منحة؟ نعم، إنها ليست نهاية الطريق؛ بل قد تكون بداية مسار مختلف، أكثر وعيًا بالذات والسوق، كثير من المشاريع الناشئة اليوم في سلطنة عُمان وُلدت من رحم البطالة، ومن وقت فراغ تحوّل إلى وقت إنتاج.. هناك فرص خارج الصندوق، لمن يجرؤ، فقد ظهرت مبادرات شبابية مميزة، من مشاريع تجارية صغيرة، إلى أعمال حرة تعتمد على المهارات الفردية، كالبرمجة، التصميم، الأعمال اليدوية، وخدمات التوصيل. لم ينتظر أصحابها وظيفة؛ بل قرروا صناعة فرصتهم، كما قال جيم رون: "إما أن تعمل لتحقيق أحلامك، أو سيقوم شخص آخر بتوظيفك لتحقيق أحلامه"، البطالة ليست عارًا؛ بل ظرفًا.. يقول توماس أديسون: "أنا لم أفشل؛ بل وجدت 10000 طريقة لا تعمل"، كل محاولة غير ناجحة تقرّبك من الطريق الصحيح. إن الدورات التدريبية المجانية أو منخفضة التكلفة، التعلم الذاتي، وحتى العمل التطوعي، كلها وسائل ترفع من الكفاءة وتزيد من فرص التوظيف أو تأسيس المشروع الخاص.. ما الذي تجيده؟، ما الذي تحبّه؟، من يملك إجابة واضحة يستطيع توجيه مساره بوعي، بدلًا من الانتظار العشوائي. لقد أطلقت سلطنة عُمان عدة برامج لدعم ريادة الأعمال وتمكين الشباب، مثل "صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، و"ريادة"، وغيرها.. هذه ليست مجرد شعارات؛ بل أدوات حقيقية لمن يملك الجرأة على البدء، والتحدي لا يُواجهه الفرد وحده؛ بل، الأسرة، المجتمع، والإعلام لهم دور كبير في تغيير نظرة المجتمع للباحث عن عمل، من "عاطل" إلى "مستعد"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز". وفي الختام.. إنَّ أزمة الباحثين عن عمل في سلطنة عُمان- كما في غيرها- تتطلب حلولًا مُركَّبة، تبدأ من السياسات وتنتهي بروح المبادرة الفردية، لكن الطريق ليس مسدودًا؛ فالكثير من الشباب العُمانيين أثبتوا أنَّ سوقًا محدودة لا تعني أملًا معدومًا، وأن من يمتلك الإرادة يمكنه أن يصنع طريقه، حتى في غياب الطرق المعبدة، فالمحنة منحة... لمن يقرأها جيدًا.