logo
#

أحدث الأخبار مع #جيوتيفي

10 أسئلة لفهم جولة الصراع الراهنة بين الهند وباكستان
10 أسئلة لفهم جولة الصراع الراهنة بين الهند وباكستان

Independent عربية

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Independent عربية

10 أسئلة لفهم جولة الصراع الراهنة بين الهند وباكستان

بعد أيام من التهديدات وتصاعد التوترات تبادلت الهند وباكستان عمليات قصف عنيف مساء أمس الثلاثاء على طول الحدود المتنازع عليها في كشمير، مما أسفر عن 26 قتيلاً في الجانب الباكستاني و12 في الطرف الهندي، في أخطر مواجهة عسكرية بين البلدين منذ عقدين، مما آثار المخاوف من تحول جولة الصراع الراهنة إلى حرب شاملة قد تحمل تداعيات خطرة. ومنذ الـ 22 من أبريل (نيسان) الماضي يتصاعد التوتر بين القوتين النوويتين المتخاصمتين منذ تقسيم البلاد عام 1947، بعد اتهام نيودلهي إسلام آباد بالوقوف وراء هجوم استهدف سياحاً في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم جامو وكشمير، مما أسفر عن مقتل 26 شخصاً وإصابة آخرين، وهو الأمر الذي نفته الحكومة الباكستانية متهمة الجانب الهندي بممارسة "حملة تضليل ضدها"، فكيف نفهم جولة الصراع الراهنة بين البلدين؟ أين حدث القصف المتبادل؟ وفق البيانات العسكرية الرسمية في كل من الهند وباكستان، وكذلك التقارير الإعلامية الواردة من البلدين، فقد تبادل الجيشان القصف المدفعي على طول الحدود المتنازع عليها في كشمير بعد ضربات صاروخية هندية على الأراضي الباكستانية، وقالت نيودلهي خلال الساعات الأولى من صباح الأربعاء إن تسعة مواقع مختلفة جرى استهدافها في كل من كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، مشيرة إلى أن المواقع المستهدفة كانت "بنية تحتية إرهابية"، مؤكدة أنها لم تستهدف أية منشآت عسكرية باكستانية، وأن "عملياتها كانت مركزة ومدروسة وغير تصعيدية بطبيعتها"، كما أوضحت أن الأهداف "اختيرت لتجنب أي أضرار للمنشآت المدنية ووقوع خسائر بشرية"، وذلك رداً على اعتداء الـ 22 من أبريل الماضي في كشمير الهندية. وفي المقابل أعلنت باكستان أن الضربات الهندية استهدفت ثلاث مناطق مختلفة في مظفر آباد وكوتلي في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، وباهاوالبور في إقليم البنجاب الباكستاني، وقال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف لقناة "جيو تي في" إن الضربات أصابت مناطق مدنية، مضيفاً أن ادعاء الهند "استهداف معسكرات الإرهابيين" غير صحيح. كما كشف الجيش الباكستاني عن أن الضربات الهندية ألحقت أضراراً بسد "نيلوم جيلوم" للطاقة الكهرومائية القريب من الحدود التي تقسم كشمير المتنازع عليها إلى شطرين، فيما قام بإسقاط خمس طائرات مطاردة هندية في المجال الجوي الهندي، بينها ثلاث من طراز "رافال" فرنسية الصنع، وواحدة من طراز "ميغ-29"، وأخرى من طراز "أس يو" للرد على العدو والدفاع عن النفس. من جانبها أفادت الاستخبارات الهندية بأن أحد المواقع التي استهدفها الجيش الهندي خلال الليل هو "مسجد سبهان" في باهاوالبور داخل بنجاب الباكستانية، والمرتبط بجماعات قريبة من حركة "عسكر طيبة" الإسلامية والتي يشتبه في أنها تقف وراء الهجمات التي أودت بحياة 166 شخصاً في بومباي عام 2008، وتتهمها الهند بشن هجوم الـ 22 من أبريل الماضي. وبينما أعلنت الهند أن القصف المدفعي الباكستاني تسبب في سقوط ما لا يقل عن 12 قتيلاً و38 جريحاً في بلدة بونش كشمير الهندية جراء القصف المدفعي، أعنت إسلام أباد أن الصواريخ الهندية التي أصابت ست مدن في كشمير وبنجاب في باكستان تسببت بمقتل 26 مدنياً وإصابة 46 آخرين. لماذا حدث التصعيد؟ منذ الـ 22 من أبريل الماضي تتبادل الهند وباكستان الاتهامات على وقع الهجوم المسلح الذي وقع في بلدة باهالغام السياحية الواقعة في الجزء الذي تديره الهند من إقليم كشمير، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً معظمهم من السيّاح، وبحسب السلطات الهندية فقد فتح مسلحون النار على مجموعة من الزوار أثناء وجودهم في منطقة بايساران، وهي مرج جبلي يقع على بُعد نحو خمسة كيلومترات من باهالغام، وقال بعض الناجين إن المسلحين "استهدفوا رجالاً من أتباع الديانة الهندوسية بخاصة"، في حين نفت باكستان أية علاقة لها بالهجوم، وأكدت الشرطة الهندية أن اثنين من المشتبه فيهم الأربعة في تنفيذ العملية يحملون الجنسية الباكستانية، بينما لا تزال قوات الأمن الهندية تواصل عمليات مطاردة المسلحين. وكان هذا أسوأ هجوم على المدنيين في المنطقة منذ عقدين من الزمن، وأول هجوم كبير على المدنيين منذ أن ألغت الهند المادة (370) التي منحت كشمير وضع الحكم شبه الذاتي عام 2019، وعقب هذا القرار شهدت المنطقة احتجاجات لكنها شهدت أيضاً تراجعاً في التشدد وزيادة كبيرة في عدد السياح الذين يزورون المنطقة. وأثارت عمليات القتل غضباً واسعاً في الهند، فقال رئيس الوزراء ناريندرا مودي إن البلاد ستطارد المشتبه فيهم "حتى آخر الأرض"، وإن من خططوا ونفذوا هذه العمليات "سيعاقبون بصورة تفوق خيالهم"، ومع ذلك لم تُسم الهند أية جماعة تشتبه في أنها نفذت هجوم باهالغام، ولا يزال من غير الواضح من قام بالهجوم. ومنذ الحادثة أعلنت كل من الهند وباكستان سلسلة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة، شملت طرد الدبلوماسيين وتعليق التأشيرات وإغلاق المعابر الحدودية وتعليق اتفاق لتقاسم مياه الأنهار، فقد جرى تعليق معاهدة نهر السند التي أُبرمت عام 1960 والتي تعد من أقدم الاتفاقات المائية بين البلدين، وتنظم تقاسمهما المياه، كما تبادل الجنود على الجانبين إطلاق نار بالأسلحة الخفيفة في نقاط حدودية عدة، وعلى الإثر توقع كثيرون أن يتصاعد الأمر بين البلدين إلى نوع من الهجوم عبر الحدود، كما حدث بعد هجمات بولواما التي أسفرت عن مقتل 40 من أفراد القوات شبه العسكرية الهندية عام 2019. لماذا كشمير نقطة اشتعال؟ يعود الخلاف حول إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة بين الهند وباكستان لتقسيم البلدين بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، إذ تُطالب كل دولة بالسيادة الكاملة عليه إلا أن الوضع القائم هو أن كل دولة تسيطر على قسم منه، مما تسبب في خوض الجارين المسلحين نووياً حربين بسبب هذا الإقليم، فبعد الاستقلال عن بريطانيا منح الحكام السابقون للولايات الأميرية حق اختيار الانضمام إلى الدولة التي يفضلونها، وكان مهراجا كشمير، هاري سينغ، حاكماً هندوسياً للإقليم، وحينها لم يتمكن من اتخاذ قرار فقام بتوقيع اتفاق "تجميد موقت" مع باكستان بهدف الحفاظ على خدمات النقل وغيرها من الأمور الإدارية. إلا أنه في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1947 غزا رجال قبائل من باكستان كشمير مدفوعين بتقارير عن اعتداءات على المسلمين وسخطاً من مماطلة هاري سينغ، مما دفع الأخير إلى طلب المساعدة من الهند، وحينها اعتقد الحاكم العام للهند اللورد مونتباتن أن السلام سيكون أفضل بانضمام كشمير إلى الهند موقتاً ريثما يجرى تصويت على وضعها النهائي، وعليه وقّع هاري سينغ وثيقة الانضمام في ذلك الشهر متنازلاً بذلك عن السيطرة على السياسة الخارجية والدفاعية للهند، وعلى الإثر استولت القوات الهندية على ثلثي الإقليم، بينما استولت باكستان على الجزء الشمالي الباقي، وفي خمسينيات القرن الماضي احتلت الصين الأجزاء الشرقية من الولاية المعروفة باسم أكساي تشين. ومنذ توقيع "وثيقة الانضمام" من قبل هاري سينغ ظلت هذه النقطة مصدر خلاف بين الهند وباكستان على مدى عقود، ولا سيما في شأن ما إذا كان جرى توقيع الوثيقة أو أن القوات الهندية هي التي بادرت بالاستيلاء على الإقليم، إذ تصر الهند على أن هاري سينغ وقع أولاً، مما أضفى شرعية على وجود قواتها، بينما تصر باكستان على أن المهراجا لم يكن بإمكانه التوقيع قبل وصول القوات، وأنه والهند تجاهلا اتفاق "تجميد الوضع" مع باكستان، وعليه تمسكت باكستان بضرورة إجراء استفتاء لتحديد وضع كشمير، في حين تجادل نيودلهي بأن مشاركة الكشميريين في الانتخابات الهندية المتعاقبة، سواء على مستوى الولايات أو البرلمان الوطني، تُعد تأكيداً على انضمامهم إلى الهند. وتستند إسلام آباد في مطلبها إلى كثير من قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى استفتاء تشرف عليه المنظمة الدولية، بينما تردّ الهند بأن "اتفاق شيملا" الذي ثبّت فيه البلدان خط وقف إطلاق النار تحت اسم "خط السيطرة"، كجزء من اتفاق لحل النزاع بعد الحرب التي انتهت بانفصال بنغلاديش عن باكستان والموقع عام 1972، يلزم البلدين بحل النزاع عبر مفاوضات ثنائية مباشرة، بينما لم يحدث أي تقدم يُذكر في مواقف الطرفين منذ عقود، وإضافة إلى ذلك يسعى بعض الكشميريين إلى خيار ثالث وهو الاستقلال، وهو خيار لا تقبل به لا الهند ولا باكستان. هل اندلعت حروب سابقة بسببه؟ على وقع الخلاف بين البلدين بسبب إقليم كشمير، خاضت الهند وباكستان حرباً أعوام 1947و1948و1965، وقد جرى تثبيت خط وقف إطلاق النار الأصلي رسمياً باسم "خط السيطرة" في "اتفاق شِملا"، لكن ذلك لم يمنع وقوع اشتباكات جديدة عام 1999 في منطقة نهر سياتشين الجليدي التي تقع خارج خط السيطرة، كما كاد البلدان أن يدخلا حرباً جديدة عام 2002. وازداد الوضع تعقيداً مع اندلاع تمرد تقوده جماعات إسلامية عام 1989 مما دفع الهند إلى منح الجيش صلاحيات إضافية لإنهاء التمرد بموجب قانون "السلطات الخاصة للقوات المسلحة"، وعلى رغم المراجعات الدورية لهذا القانون فإنه لا يزال ساري المفعول في جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية. وعلى مدى العقود الماضية بقي إقليم كشمير أحد أكثر المناطق عسكرة في العالم، وشهدت الأعوام الأخيرة تصاعد التوتر العسكري بين البلدين على الإقليم، ففي عام 2016 وبعد مقتل 19 جندياً هندياً في أوري، شنت الهند ضربات جراحية عبر خط المراقبة، أي الحدود الفعلية بين الهند وباكستان، مستهدفة قواعد المسلحين، وفي عام 2019 أدى تفجير بولواما الذي أسفر عن مقتل 40 جندياً هندياً من القوات شبه العسكرية الهندية، إلى شن غارات جوية في عمق بالاكوت، وكان أول عمل من نوعه داخل باكستان منذ عام 1971، مما أدى إلى غارات انتقامية ومعركة جوية عنيفة، وهو العام ذاته الذي ألغى فيه البرلمان الهندي الوضع الخاص للإقليم الذي كان يمنحه قدراً من الحكم الذاتي. ماذا نعرف عن سكان الإقليم؟ وفق البيانات والإحصاءات الرسمية فإن غالبية سكان الإقليم من المسلمين، كما يشكل المسلمون في ولايتي جامو وكشمير الخاضعتين للإدارة الهندية أكثر من 60 في المئة من نسبة السكان، مما يجعلها الولاية الوحيدة داخل الهند ذات الغالبية المسلمة، وتشير تقارير عدة إلى أن معظم سكان إقليم كشمير لا يحبذون العيش تحت إدارة الهند بل يفضلون الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان، إذ يشتكون بسبب التوترات وتفاقم الأوضاع الأمنية من ارتفاع معدلات البطالة والشكاوى من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن الهندية التي تواجه المتظاهرين والمتمردين في الشوارع، وقد بدأت حالات العنف بالظهور في الولاية منذ عام 1989، لكن موجة العنف تجددت عام 2016 بعد مقتل الزعيم المتشدد برهان واني (22 سنة) والذي كانت له شعبية واسعة بين جيل الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر على نطاق واسع أنه وراء حال التشدد في المنطقة، فقُتل في معركة مع قوات الأمن مما أدى إلى انفجار موجة من التظاهرات الضخمة في المنطقة. ومنذ ذلك الحين ازدادت حالات العنف في الولاية وبخاصة بعد مقتل 30 شخصاً حضروا جنازته بمسقط رأسه سريناغار، في أعقاب اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن الهندية، وفي عام 2018 قُتل أكثر من 500 شخص من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين، وكان ذلك أعلى عدد من الضحايا خلال عقد من الزمن، وفق ما تقول هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). هل نحن بصدد حرب شاملة؟ على وقع التصعيد الحاد الراهن الذي شهدته حدود البلدين، تتزايد المخاوف من احتمالات تحول جولة الصراع تلك إلى حرب شاملة بين القوتين النوويتين، ولا سيما مع توصيف مراقبين لها بأنها "أخطر مواجهة عسكرية بينهما منذ عقدين"، فهل يبقي هذا السيناريو قائماً على رغم الكلفة المدمرة لاحتمال حدوثه؟ بحسب دراسة نشرها "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات" بعنوان "التصعيد العسكري بين الهند وباكستان: سيناريوهات المواجهة العسكرية والتداعيات"، فإن احتمال الحرب يبقي قائما بين البلدين لاعتبارات إستراتيجية عدة، أبرزها أن الهجوم في باهالغام كان صادماً وغير مسبوق من حيث استهدافه مدنيين وسياحاً، مما أدى إلى ضغط داخلي كبير على الحكومة الهندية للرد، وأوضحت الدراسة أن كلا البلدين حرك قواته قرب خط السيطرة في كشمير، وهناك تبادل لإطلاق النار مستمر مع غياب الاتصالات الدبلوماسية مما يزيد أخطار التصعيد، وكذلك فإن الحكومتين تواجهان ضغوطاً قومية وشعبوية من الداخل.، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "التصعيد الحالي خطر وغير مسبوق من حيث الرمزية والضغط الشعبي، لكنه على الأرجح سيظل في نطاق المواجهات المحدودة أو الحرب الرمزية، أي ضربات جوية وصاروخية واغتيالات وحرب معلومات، من دون الانزلاق إلى مواجهة تقليدية شاملة". وقال معد الدراسة كريستيان فاغنر إن "الخطر الأكبر يظل في احتمال حدوث انزلاق غير مقصود نحو تصعيد واسع، كأن تقع ضربة عسكرية خاطئة أو يساء تفسير تحرك ميداني، مما قد يدفع أحد الطرفين إلى رد فعل مفرط، وفي ظل غياب قنوات اتصال عسكرية مباشرة وفعالة بين البلدين تصبح فرص احتواء التصعيد محدودة، وقد تتحول الحرب الرمزية بسرعة إلى مواجهة فعلية غير محسوبة"، معتبراً أن العامل الحاسم في بقاء الصراع ضمن إطار الحرب الرمزية هو الضغط الدولي، ولا سيما من الولايات المتحدة والصين وروسيا التي تسعى إلى منع انفجار صراع جديد في جنوب آسيا، لما له من آثار كارثية على الاستقرار الإقليمي والدولي. وفي السياق ذاته نقلت صحيفة "تايمز أوف إنديا" عن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الخارجية الهندية أمارجيت سينغ دولات ترجيحه عدم وصول التوتر إلى حرب شاملة لأن ذلك يعني الدمار، وقالت الصحيفة إنه "من الضروري جداً أن نهيئ الجمهور إلى أن هناك كُلفاً وأخطاراً هائلة مرتبطة بأي عمل عسكري، وأنه إذا كانت إسلام آباد ولاهور معرضتين لخطر الصواريخ الهندية، فإن نيودلهي معرضة أيضاً لخطر الصواريخ الباكستانية". وقالت الصحيفة إنه "استنادا إلى مقارنة كمية للقوة العسكرية، فإن الجيش الهندي يمتلك ميزة واضحة من حيث عدد الأفراد والموازنة وحجم وتطور معداته العسكرية التقليدية، ومع ذلك فإن الترسانة النووية الباكستانية تشكل رادعاً كبيراً"، مشيرة إلى أن هناك تقديرات تفيد بأن حرباً نووية محتملة بين الهند وباكستان قد تؤدي إلى مقتل ما يصل إلى 125 مليون شخص، وانهيار الزراعة العالمية وأزمة مناخية على مستوى العالم. كيف تفاعل المجتمع الدولي؟ منذ اندلاع التوتر بين الهند وباكستان على وقع حادثة باهالغام وغالبية العواصم والدول الكبرى تدعو الجارين النوويين إلى ضبط النفس والتهدئة وعدم الانجرار نحو التصعيد، وقد بدت المواقف الدولية أكثر وضوحاً مع تبادل البلدين القصف أمس، فمن واشنطن أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والذي يشغل حالياً منصب القائم بأعمال مستشار الأمن القومي، أنه تحدث إلى نظيريه الهندي والباكستاني ودعا إلى الحوار "لتهدئة الوضع وتجنب مزيد من التصعيد"، فيما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يأمل أن "تتوقف الاشتباكات سريعاً". كذلك حثت لندن البلدين على ضبط النفس والدخول في حوار، مؤكدة أنها مستعدة للتدخل بغية خفض التصعيد، وذكر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان أن "التوترات الراهنة بين الهند وباكستان مقلقة جداً، وتدعو الحكومة البريطانية الهند وباكستان إلى ممارسة ضبط النفس والدخول في حوار مباشر لإيجاد مسار دبلوماسي بسرعة". وكذلك صدرت دعوات مماثلة من قبل موسكو وبكين وباريس والاتحاد الأوروبي مطالبة بضبط النفس ووضع السلام والاستقرار على رأس الأولويات، وتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها أن تزيد الوضع تعقيداً بين البلدين الخصمين، محذرة من احتمالات أن يقود التحرك العسكري إلى حرب شاملة، ومن جانبها حذرت الأمم المتحدة من أن العالم لا يستطيع تحمل مواجهة عسكرية، بخاصة بين دولتين مسلحتين نووياً. ما هي أبرز محطات التصعيد بين البلدين؟ لم تكن جولة التصعيد الراهنة بين الهند وباكستان الأولى خلال الصراع في شأن إقليم كشمير، وحتى على مستوى العلاقات بين البلدين، إذ خاض البلدان المسلحان نووياً حربين من قبل، وكثفت الدولتان القصف المتبادل عبر الحدود في كشمير المتنازع منذ عام 1999، ففي مايو (أيار) من العام نفسه خاض البلدان حرباً غير معلنة في منطقة كارجيل الكشميرية بعد أن احتلت قوات غير نظامية مدعومة من الجيش الباكستاني مواقع هندية على خط المراقبة أو خط وقف إطلاق النار، وانتهت الجولة حين أوقفت الهند القتال بعد اشتباكات عنيفة وضغط الولايات المتحدة على باكستان للانسحاب، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2001 استهدف مهاجمون مدججون بالسلاح مبنى البرلمان الهندي في نيودلهي مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص، وألقت الهند باللوم على جماعتي "جيش محمد" و"عسكر طيبة" المتشددتين المتمركزتين في باكستان، ولذلك كادت حرب رابعة أن تندلع بين البلدين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 استهدف 10 مهاجمين مدججين بالسلاح مواقع رئيسة في مومباي، بما في ذلك فندقان فاخران ومركزاً يهودياً ومحطة القطار الرئيسة مما أسفر عن مقتل 166 شخصاً، وحينها أوقفت الهند جميع أشكال الحوار مع باكستان ثم استأنفتها لفترة وجيزة بعد أعوام في إطار عملية سلام، وفي يناير (كانون الثاني) 2016، اقتحم مهاجمون يرتدون زي جنود قاعدة جوية هندية قرب الحدود مع باكستان وتبادلوا إطلاق النار مع القوات الهندية التي خاضت معارك استمرت أكثر من 15 ساعة بدعم من الدبابات وطائرات الهليكوبتر قبل أن تستعيد السيطرة على المجمع، وحينها قُتل جميع المهاجمين الخمسة وحارسان خلال الهجوم، وقالت الهند آنذاك إن المهاجمين تسللوا من باكستان فيما نددت الأخيرة بالهجوم، ومن جديد تعثرت محادثات السلام التي استؤنفت لفترة وجيزة عام 2015. وفي سبتمبر (أيلول) 2016 قُتل 18 جندياً هندياً بهجوم على قاعدة عسكرية في أوري بكشمير الهندية، فحمّلت نيودلهي باكستان مسؤولية الهجوم وردت بشن ضربات دقيقة عبر خط المراقبة على ما وصفتها بأنها منصات إطلاق إرهابية، لكن باكستان نفت وقوع أي توغل على أراضيها. أما في فبراير (شباط) 2019 فأسفر تفجير انتحاري في الجزء الهندي من إقليم كشمير عن مقتل 40 من أفراد الأمن الهنود فردت نيودلهي بتنفيذ غارات جوية على بالاكوت في باكستان، لترد الأخيرة بغارات جوية ليسقط كل طرف طائرات تابعة للطرف الآخر، وذلك قبل أن تهدأ تلك المواجهة على وقع الضغوط الدولية. وفي أغسطس (آب) 2019 ألغت الهند الوضع الخاص لكشمير لتنهي بذلك بنداً دستورياً كان يسمح لولاية جامو وكشمير بسن قوانينها الخاصة، وهو ما ردت عليه باكستان بخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية وتعليق التجارة. هل من محاولات سلام سابقة؟ على رغم التوتر الأزلي بين الهند وباكستان على إقليم كشمير وتمسك كل دوله بمواقفها، وصعود التوتر بينهما بين حين وآخر، لكن البلدين كادا أن يتوصلا إلى محاولات سلام جادة على مدى العقود الأخيرة، ففي عام 2003 وافق البلدان على وقف إطلاق النار بعد أعوام طويلة من الصراع الدموي على طول الحدود الفعلية بين البلدين، والمعروفة باسم "خط المراقبة"، ووعدت باكستان لاحقاً بوقف تمويل المتمردين في الإقليم إذا ما عفت الهند عنهم في حال تخليهم عن التشدد. وفي عام 2014 جاءت حكومة هندية جديدة إلى السلطة وأقرت القيام بإجراءات متشددة ضد باكستان، وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها لخوض محادثات سلام، وحضر رئيس وزراء باكستان آنذاك، نواز شريف، مراسم أداء اليمين الدستورية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في دلهي، ولكن بعد مرور عام ألقت الهند باللائمة على الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها في شن هجوم على قاعدتها الجوية في باثانكوت بولاية شمال البنجاب، ووقتها ألغى رئيس الوزراء الهندي مودي زيارة كانت مقررة إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد لعقد قمة إقليمية عام 2017، ومنذ ذلك الحين لم يحدث أي تقدم في المحادثات بين الجارتين. أي حسابات للقوي العسكرية بين البلدين؟ مع أنه من الصعب تحديد القوة الكاملة لكل جانب لكن كثيراً من القراءات تشير إلى أن الميزان العسكري بين القوتين الإقليميتين يميل لمصلحة الهند، إذ يبلغ عدد أفراد جيشها النشط 1.48 مليون، في حين لا يتجاوز الجيش الباكستاني 660 ألفاً، كما أن موازنة الهند العسكرية تبلغ تسعة أضعاف موازنة باكستان، وفقاً لإصدار هذا العام من "التوازن العسكري"، وهو تقييم للقوات المسلحة أجراه "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية"، أما على صعيد الترسانة النووية فهي متكافئة تقريباً، ويشير "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" إلى أن مخزون الهند من الرؤوس النووية يبلغ 172 رأساً نووياً عام 2024، وهو ما يتجاوز قليلاً مخزون باكستان البالغ 170 رأساً نووياً. وبحسب تقديرات "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" فإن الجيش الهندي يمتلك 3750 دبابة قتال رئيسة وأكثر من 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما لا تشكل قوة الدبابات الباكستانية سوى ثلثي قوة الهند، فيما تمتلك إسلام آباد أقل من نصف قطع المدفعية في ترسانة نيودلهي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وعلى صعيد سلاح البحرية تتمتع الهند بتفوق كبير، إذ تمتلك حاملتي طائرات و12 مدمرة صواريخ موجهة و11 فرقاطة صواريخ موجهة و16 غواصة هجومية، بينما لا تمتلك باكستان حاملات طائرات ولا مدمرة صواريخ موجهة، وتُشكل فرقاطات الصواريخ الموجهة الأصغر حجماً الركيزة الأساس لأسطولها البحري، كما أنها لا تمتلك سوى نصف عدد الغواصات التي تمتلكها الهند. وعلى صعيد السلاح الجوي يعتمد كلا البلدين على طائرات قديمة من الحقبة السوفياتية، بما في ذلك طائرات "ميغ-21" ونظيرتها الصينية "J-7" في باكستان، وأخيراً استثمرت الهند في طائرات "رافال" الفرنسية متعددة المهمات، ويبلغ عددها حالياً 36 طائرة في الخدمة، وفقاً لتقرير "التوازن العسكري". وفي المقابل استعانت إسلام أباد بطائرات "جي-10" الصينية متعددة المهمات، ويبلغ عدد طائراتها حالياً أكثر من 20 طائرة في أسطولها. وعلى رغم أن باكستان لا تزال تمتلك عشرات المقاتلات من "إف-16" أمريكية الصنع، لكن طائرة "جي إف-17" أصبحت الركيزة الأساس لأسطولها، وهي مشروع مشترك مع الصين بدأ تشغيله أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، وتوجد 150 طائرة منها في الخدمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store