logo
#

أحدث الأخبار مع #حبمجوسية»

ديكان ودجاجة واحدة
ديكان ودجاجة واحدة

صحيفة الخليج

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • صحيفة الخليج

ديكان ودجاجة واحدة

لم يكن زمن عبد الرحمن منيف الثقافي والروائي (السبعينات والثمانينات) زمن الجوائز الأدبية الكبرى التي تذهب اليوم في أغلبها إلى الروائيين، ولكن الإمارات كرّمته في عام 1989 بجائزة سلطان بن علي العويس في دورتها الثانية. وسوى هذا التكريم لم يحصل صاحب «مدن الملح» إلّا على جائزة واحدة من مصر، جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي (1998). لم يكن جيل عبد الرحمن منيف جيل سباق مسافات طويلة من أجل جائزة أو من أجل تقدير مادي أو معنوي تمنحه مؤسسة أو دولة، ثم إذا أردت التحديد هنا، فإن شخصية منيف في حدّ ذاتها هي شخصية إشكالية جدلية كما يقولون، لا بل بدا لي من حواراته أن الرجل أقرب إلى الغموض في توصيفه العام، فهو مختلَف عليه إلى الآن من حيث جواز السفر والجنسية. هناك من يقول إنه سعودي، وهناك من يثبت أنه أردني المولد، وفي الوقت نفسه هو عراقي، عاش بين بيروت، والقاهرة، وقبره في دمشق. من حيث التخصص العلمي هو خبير اقتصادي، عمل في شركات النفط، وهذه المرحلة غامضة أيضاً في سيرته الذاتية، غير أن الواضح تماماً وغير المختلف عليه أنه الروائي العربي الأوّل الذي حوّل السرد إلى تاريخ حزين لما سمّاه «مدن الملح»، و«أرض السواد»، إلى جانب التاريخ الحزين الآخر للنماذج الإنسانية المطاردة، المسكونة أولاً وأخيراً بفكرة الحب، والبطولة الصامتة إن جازت العبارة، من دون تبجحات وطنية أو أيديولوجية، وكأن الأمر هنا يشبه شخصيته السياسية والثقافية، وهو عرف الانتماءات الحزبية، ولكنه تركها وفرّ من أطرها كلها، بل سخر منها واستقل عنها، ليكون روائياً فقط، لا رجل مال واقتصاد، ولا رجل سياسة وأحزاب. وجد عبد الرحمن منيف كينونته الثقافية والشخصية في «جنسيته» الأدبية ككاتب عربي مستقل، ولم يجدها في تقاطعات الجغرافية والسياسة، وبهذا المعنى هو يشبه محمود درويش والكثير من كتاب العالم الكبار الذين جرّبوا السياسية إلى وقت قليل، فهربوا من أمراضها وأكاذيبها إلى الكتابة، الطريقة المجربة لطهارة الإنسان. تذكرت، أمس، عبد الرحمن منيف حين وجدت في كتبي القديمة روايته «قصة حب مجوسية» التي كتبها في أوائل سبعينات القرن العشرين، أي كتبها آنذاك ذلك الاقتصادي الشاب الذي وضع منذ تلك اللحظة نقطة الوصول إلى ذاته الحرّة، النقطة الأولى في الرواية. تقع «قصة حب مجوسية» في 138 صفحة فقط من القطع المتوسط، وقد أنهى كتابتها في دمشق في عام 1973، وقد ربطت بينه وبين جبرا إبراهيم جبرا الذي عرفه في العراق، علاقة صداقة قوية، شخصية وثقافية، وكتبا معاً رواية مشتركة «عالم بلا خرائط»، والآن، بعد العودة إلى عبد الرحمن منيف، وغموضه، وسحرية استقلاليته قد يقول القارئ لهذه الرواية المشتركة إنها أضعف أعماله، وأقلّها أهمية أدبية، وذلك، ببساطة، لأنك لا تستطيع أن تدخل ديكين في قفص واحد ومعهما دجاجة واحدة. الرواية أنانية، أو أنها امرأة عاشقة، ليس لها دائماً سوى زوج واحد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store