logo
#

أحدث الأخبار مع #حجازيمحمديوسفشريف،

وداعاً يا أبا إسحاق
وداعاً يا أبا إسحاق

الجريدة

time٢٠-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الجريدة

وداعاً يا أبا إسحاق

اشتهر حجازي محمد يوسف شريف، هذا العالم الجليل، بلقبه أكثر من اسمه «أبوإسحاق الحويني»، وقد ظهر كأحد أبرز علماء الحديث في هذا العصر. كان - يرحمه الله - آية في الحفظ وقوة الذاكرة، فقد كان يحفظ كل ما وقعت عينه عليه، ليس تكلفاً أو تعمداً، بل لقوة حافظته. وقد كان يروي النصوص كاملة كأنه يقرأها من ورقة أمامه، لذلك اشتهر بقوة حجته، وتمكنه من ربط المفاهيم الشرعية ببعضها. كانت لديه ملكة التوسع والتشعب في كل مسألة فقهية، وكان يروي الأحداث التاريخية عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة الكرام بأدق التفاصيل والأوصاف، وكأنه جاء من زمنهم! فسبحان من وهبه هذه الملكة وهذه القدرة، فقد اجتباه الله بفصاحة وذاكرة وحكمة. كان - يرحمه الله - قريباً من الناس، وقريباً من فقه الواقع، فقد كان واسع الاطلاع في أغلب المجالات، حتى السياسية، ولعل قراءاته المتنوعة ودراسته للغات الأجنبية في كلية الألسن بجامعة عين شمس في بداية حياته الجامعية هي ما ساعدته على سهولة الانبساط والتوسع مع الجمهور، وفطنته في اختيار العبارة، وإن كانت «عامية»، فقد كان متمكناً من اللغة العربية «الفصيحة» والعامية «الصريحة». كانت للشيخ الحويني قصة معروفة في طلب العلم عند الشيخ ناصر الدين الألباني عندما كان مقيماً في الأردن. يقول الشيخ أبوإسحاق «بالرغم من قصر المدة التي لازمت فيها الشيخ، فإنني تعلمت منه الكثير الكثير». ويكفي أنه شهد له بحسن المعشر ورجاحة العقل، ودعا له بالخير. صحيح أنني لم ألتق الشيخ أبا إسحاق سوى مرة واحدة في درس أقامته لجنة إحياء التراث في الكويت، ولكنني عشت زمناً مع محاضراته ودروسه، فله بعد الله الفضل في استيعابنا لعلوم الشريعة، وفهمنا لكثير من الإشكالات، فقد كان الشيخ بحراً لا ساحل له، وكان غوّاصاً بارعاً في استخراج الدرر القرآنية والحكم النبوية. وقد اشتهر الشيخ بمجالسه العلمية في شرح كتب الحديث والتفسير والفقه والعقيدة والتوحيد، وتبسيطها لطلبة العلم والعوام، وقد نلنا قطرة منعشة لا بأس بها من هذا النهر المتدفق، ومن هذا العلم النافع. رحل الشيخ الحويني الاثنين الماضي 17 رمضان، بعد رحلة حافلة بالبذل والعطاء، كأنما اختار الله له هذه الأيام ليكون ختام حياته في أفضل الشهور وأحبها إليه. رحمك الله يا أبا إسحاق، كنت أتمنى أن أراك لأسلّم عليك، وأقبّل رأسك، وأحظى بالحديث معك، وأهديك عطراً فاخراً، ولكن الموت قد سبقني. ولا يسعني إلا أن أهديك الدعاء، عسى ربي أن يقبله، ففضلكم علينا عظيم أيها العلماء. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ». أسأل الله عز وجل أن يرحمك رحمة واسعة، وأن يحشرك «مَعَ ٱلَّذِينَ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقا».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store