أحدث الأخبار مع #حرب_الخليج


BBC عربية
منذ 5 أيام
- سياسة
- BBC عربية
قاعدة العديد في قطر: أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج
زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس 15 مايو/ أيار، قاعدة العُديد الجوية، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وأعلن عن استثمار قطري فيها بقيمة 10 مليارات دولار. وجاء ذلك ضمن زيارته إلى دول الخليج في منطقة الشرق الأوسط، خاصة خلال تواجده في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تقع القاعدة الجوية. فماذا نعرف عن قاعدة العُديد؟ أبرمت الولايات المتحدة ودولة قطر بنهاية حرب الخليج الثانية 1991، اتفاقاً للتعاون العسكري بين البلدين. وقامت قطر ببناء قاعدة "العُديد" أو ما يعرف بمطار "أبو نخلة" عام 1996 بكلفة مليار دولار. واستخدمت الولايات المتحدة القاعدة بشكل سري عام 2001 في الحرب على أفغانستان، وبعد ذلك بعام تم الإعلان بشكل رسمي عن تمركز القوات الأمريكية في القاعدة. وجرى توسيع القاعدة مع مرور الوقت وباتت تضم عدداً كبيراً من المنشآت؛ مثل مراكز القيادة المتطورة ومخازن أسلحة ووقود وورشات صيانة للأسلحة والطائرات. وبعد غزو العراق عام 2003 بفترة قصيرة، تم نقل مركز العمليات القتالية الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط من قاعدة الأمير سلطان الجوية في شرقي السعودية إلى قاعدة "العُديد" التي كانت تضم مقراً احتياطياً أقيم قبل عام من ذلك. ومع لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام المزيد من الطائرات في عملياتها العسكرية، ومن بينها الطائرات بلا طيار في ملاحقة عناصر القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة، زادت أهمية قاعدة العُديد حيث تعمل القوات الأمريكية بكامل الحرية ولا تدفع أية بدلات لدولة قطر. وإلى جانب قاعدة العُديد، تستخدم الولايات المتحدة قاعدة "السيلية" القريبة من العاصمة الدوحة حيث تتمركز القيادة المركزية للقوات الأمريكية. وتُخزّن الولايات المتحدة في هذه القاعدة والتي تم افتتاحها عام 2000 أسلحة وآليات وذخائر. حقائق تقع قاعدة العُديد على بعد 30 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الدوحة، وتضم أطول مدرج للطائرات في الخليج بطول 5 كيلومترات. ووفق وثيقة أمريكية رسمية، منشورة عبر مكتبة الكونغرس الأمريكي حول قاعدة "العُديد" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، فإن، معظم الأفراد العسكريين الأمريكيين في قطر هم من أفراد القوات الجوية الأمريكية المتمركزين في قاعدة العديد الجوية. وتستضيف القاعدة، مقر القيادة المركزية الأمريكية المتقدمة، والقيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية المتقدمة، وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية المتقدمة، بالإضافة إلى قوة المهام المشتركة بين الوكالات - سوريا، ومركز العمليات الجوية المشتركة التابع للقيادة المركزية الأمريكية، والجناح الجوي 379 التابع للقوات الجوية الأمريكية. ويشارك الأفراد الأمريكيون المنتشرين في قطر في عمليات أمريكية، مثل: عملية العزم الصلب (OIR) ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويوفرون قدرات كبيرة ضد إيران. وتنشر الولايات المتحدة بعضاً من أكثر طائراتها القتالية تطوراً في هذه المنشأة. وتوسّع التعاون الدفاعي والأمني بين الولايات المتحدة وقطر، ليشمل إنشاء مساكن ثابتة ومنشآت أخرى للأفراد الأمريكيين المنتشرين في قاعدة العديد. وفي يناير/ كانون الثاني 2019، وقّعت وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع الأمريكية مذكرة تفاهم وصفتها وزارة الدفاع بأنها "خطوة إيجابية نحو إضفاء الطابع الرسمي النهائي على التزام قطر بدعم تكاليف الاستدامة وتكاليف البنية التحتية المستقبلية في قاعدة العديد الجوية". وقد شهدت قاعدة العديد توسعاً وتعزيزاً مطرداً بفضل التمويل القطري، تمثّلأ بأكثر من 8 مليارات دولار لدعم العمليات الأمريكية وعمليات التحالف في قاعدة العديد منذ عام 2003 وحتى تاريخ نشر الوثيقة، بالإضافة إلى تمويل الإنشاءات العسكرية الأمريكية.


جهينة نيوز
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- جهينة نيوز
ارتباك المكان وعلاقته بالشخصيات في رواية آدم لـ"رشاد ردّاد"
تاريخ النشر : 2025-05-06 - 11:01 am رؤية: وداد أبو شنب في رواية آدم ثيمات متنوعة تعنى بالإنسان وبقضاياه كما دأبت الرواية الحديثة، نحو القضايا الاجتماعية كالفقر والزواج وظلم المرأة ووجود الطبقات، والتعايش المجتمعي ما بين شرائح مختلفة العقائد والرؤى، نحو الأرمني يعقوب والشركسي هدهد نوح مدير المول الأول وليزا وزوجها وعائلة أبي آدم والعجوز أم إبراهيم...، وقضايا سياسية نحو قضية حرب الخليج وأحداث جامعة اليرموك 1986، واقتصادية نحو انفتاح السوق المتمثل في تغوّل المول الذي بدأ أزرقَ وتطوّر إلى حوتٍ أزرقَ، والرواية بالدرجة الأولى رواية إنسان. ولما كان المكان عنصراً قارّاً حاضنا لعناصر الرواية (الزمن والشخصيات والأحداث)، ارتأيت أن تكون ثيمة هذه القراءة هي المكانَ من حيث ارتباطُ الإنسان به وتطورُه. فالمكان ثابت كما سبق أن ذكرت، والزمن متغيِّر والشخصيات نامية متطوِّرة والأحداث متحركة متسارعة أو متباطئة. وقد يغدو المكان بطلاً لرواية معينة باعتباره -على حدّ تعبير غاستون باشلار- صانعا للأحداث تارة وحاضنا لها تارة أخرى، فالحي يحتضن الأحداث بتسارع يقترب من الصفر في الوقت الذي كانت الجامعة تصنع تحولات مفصلية في حياة آدم، والأمر نفسه بالنسبة للعقبة ومعان حيث تسارع الأحداث على حساب بقية عناصر الرواية. وفي رواية آدم نموذجان للشخصية وتطورها حسب اقترانها بالمكان أو انفصالها عنه، الشخصية الأولى هي أبو آدم الذي بقي في مكانه يراوح في مهن متنوعة لكنها لم تقده إلى التطور، فعامل الوطن أبو آدم هو نفسه الذي يقدم خدمات متنوعة للأغنياء من تنظيف بيوتهم وحدائقهم، وهو نفسه الذي يبحث عن عمل آخر في مول نوح، وهو نفسه صاحب المطعم الذي أغلقه لريبته في أحد زائريه، شخصية أبي آدم متصلة تماماً بالمكان المتمثل في الحي أو المخيم اللذَيْن يتنقل بينهما، وهذا الاتصال جعله يراوح محلّه دون تطور، كما رفض الانتقال إلى مكان آخر عندما سنحت له الفرصة عن طريق ابنه آدم. أمّا الشخصية الأخرى فهي شخصية آدم وقد جاء بوضوح ارتباطه بالمكان وبداية تطوّر الوعي عنده على لسان الراوي العليم في بداية الفصل الثاني من الرواية: "آدم بدأ يعيش حياة جديدة، لقد انتقل من جوّ الحي المشكل من كلّ الأصول والمنابت، الصغير والمعقد، ليعيش جوًّا آخرَ، غير المشاكل الزوجية والأطفال الصغار والمصروف وضرب الزوجات، واحتفالات الكنائس والمساجد، لقد دخل الحياة الجامعية، العقول المتفتحة والأفكار والمذاهب والثقافة الواسعة، والانتخابات الطلابية، والأحزاب السياسية. والمشاهدة عن بعد مع صفوف المتفرجين لم تعجبه لسببين: أولهما أنّه الأول في تخصّصه والأمر الثاني التشابه العفوي باسم العائلة مع رئيس الجامعة، فهو آدم بشارات ورئيس الجامعة مطلق بشارات، لكن هذا من شرق النهر وهذا من غربه. وينحاز آدم لأحد الأحزاب الناشطة في الجامعة، تعجبه برامجها وطروحاتها، لكنه لا يؤمن بأيّ حزب سياسي مطلقًا..."(الرواية ص41). من خلال هذه الفقرة يتضح لنا تطور الوعي لدى آدم وتأثيره على شخصيته المتنامية عبر مسار الرواية. انتقال آدم بالتدريج غير من إنسانيته أيضاً التي وصلت إلى الجحود وإنكار الأصدقاء القدماء، فحالة الثراء المفاجِئ التي أصابته كانت بمثابة الصدمة التي حوّلت مسار الشخصية التي كانت تفخر بكونها: ابن المخيم ومولود فيه، إلى شخصية لا تتذكّر إلا والديها ماديًّا، ولا تصلهما إلا ماديًّا، ومن فرط تنحي الإنسانية عند هذه الشخصية، حاولت أن تجتث أبويها من ذلك المكان الذي تجذّرا فيه، وصنعا فيه لوحاتٍ من الذكرياتِ العبقة. رغم أنَّ الروائي تجاهل وصف المكان تجاهلاً جزئيًّا، وتجاهل تحديده عن طريق تقنية الوصف، إلا أنه نجح عبر استخدام الرمز في إيصال رؤيته للمتلقي، فآدم اسم رمزي يعني به المواطن العربي الفقير والذي يلتمس وسائل عديدة للوصول إلى حياة كريمة، والرمزية في هذه الرواية على خلاف غالبية الأعمال الإبداعية لم تكن من أجل الاختباء وراء الرموز من أجل إيصال الفكرة، إنما كانت بغرض التعميم، فآدم هو الشاب الطموح بالمطلق، وأبو آدم هو الإنسان الذي يكدُّ من أجل لقمة العيش دون التطلع إلى ما هو أعلى منه، والحي والمخيم هما تلك العشوائيات التي تؤوي الطبقة المتواضعة من المجتمع. ويجدر بنا أن نذكر العلاقة الخفية بين المؤلف والقارئ والتي تتمثّل بالتواطؤ -كما تسميه نظريات التلقي- ذلك التواطؤ الذي جعل القارئ يعيد مسرحة الأحداث في مكان تخييلي لم يصفه المؤلف بدقة ولو يذكر اسمه، لكنّ حيّاً في مخيم في عمّان تجتمع فيه كل المنابت والأديان لا يمكن إلّا أنْ يكون حي الأرمن المتصل بطلوع المصدار. نعلم أنّ غاستون باشلار قسَّم المكان إلى المكان الأليف والمكان المعادي(أنظرجماليات المكان غاستون باشلار، ص31 وما بعدها)، وأنَّ يوري لوتمان قد تحدث عن أماكنَ مرفوضةٍ وأخرى مرغوبٍ فيها: "هناك أماكن مرفوضة وأماكن مرغوب فيها، فكما أنّ البيئة تلفظ الإنسان أو تحتويه، فإنَّ الإنسان، طبقاً لحاجاته، ينتعش في بعض الأماكن ويذبل في بعضها'(جماليات المكان، يوري لوتمان وآخرون). والمكان المعادي عند باشلار هو الذي تتطوّر فيه الصراعات وتنشأ فيه المشاعر السلبية كالأنانية والكره وغيرها..، في هذه الرواية جعل المؤلف من المكان الأليف ذي الذكريات العبقة والمشاعر الإنسانية الأصيلة مكانًا معاديًا أيضاً، نشأت فيه صراعاتٌ بين ذوات آدم على سبيل المثال، وكان ذلك استثناء -بطبيعة الحال- لأنَّ المكان المعادي اتّضح عند الخروج من أرض الوطن، حيث تفاقمت المشاكل بينه وبين زوجه، وبينه وبين والدتها، إلا أنه استعاد إنسانيته مع قرار العودة إلى أرض الوطن واحتواء عائلته والاهتمام بها. المكان الأليف في الرواية لا يمكن أن تطول فيه العدائية لأنه مؤسَّس على إنسانية من أسسوه ووطدوا تلاحمهم رغم كلّ الاختلاف الموجود بينهم. وتلاحم البيوت وتداخلها ينشئ حميمية بين سكانها، والخروج منه يعرض آدم على سبيل المثال إلى الأزمات كما في الجامعة والكلية، وإلى الضياع كما في معان وأمريكا، و"العلاقة بين الإنسان والمكان تذهب في الاتجاه النفسي مثل ذهابها في الاتجاه الحسي، وتتسِّم تبعا لذلك ببعض التجاذب والتفاعل بين الداخل والخارج"(سطوة المكان وشعرية القص في رواية ذاكرة الجسد، د. االخضر بن السايح، ص20). ورغم أنَّ الأحداث كانت أقرب إلى الوقائع، إلا أنَّ المكان تخييلي بحت رغم اقترابه من الواقع، فهو محاكاة مجرّدة للواقع تنعكس فيه آراؤنا وثقافتنا ووعينا ولاوعينا، والإنسان على حدّ تعبير سيزا القاسم: "لا يحتاج فقط إلى مساحة فيزيقية، جغرافية يعيش فيها، ولكنه يصبو إلى رقعة يضرب فيها بجذوره وتتأصّل فيها هويته، ومن ثمّ يأخذ البحث عن الكيان والهوية شكل الفعل على المكان لتحويله إلى مرآة ترى الأنا فيه صورتها".ارتباك المكان وعلاقته بالشخصيات في رواية آدم لـ"رشاد ردّاد" رؤية: وداد أبو شنب في رواية آدم ثيمات متنوعة تعنى بالإنسان وبقضاياه كما دأبت الرواية الحديثة، نحو القضايا الاجتماعية كالفقر والزواج وظلم المرأة ووجود الطبقات، والتعايش المجتمعي ما بين شرائح مختلفة العقائد والرؤى، نحو الأرمني يعقوب والشركسي هدهد نوح مدير المول الأول وليزا وزوجها وعائلة أبي آدم والعجوز أم إبراهيم...، وقضايا سياسية نحو قضية حرب الخليج وأحداث جامعة اليرموك 1986، واقتصادية نحو انفتاح السوق المتمثل في تغوّل المول الذي بدأ أزرقَ وتطوّر إلى حوتٍ أزرقَ، والرواية بالدرجة الأولى رواية إنسان. ولما كان المكان عنصراً قارّاً حاضنا لعناصر الرواية (الزمن والشخصيات والأحداث)، ارتأيت أن تكون ثيمة هذه القراءة هي المكانَ من حيث ارتباطُ الإنسان به وتطورُه. فالمكان ثابت كما سبق أن ذكرت، والزمن متغيِّر والشخصيات نامية متطوِّرة والأحداث متحركة متسارعة أو متباطئة. وقد يغدو المكان بطلاً لرواية معينة باعتباره -على حدّ تعبير غاستون باشلار- صانعا للأحداث تارة وحاضنا لها تارة أخرى، فالحي يحتضن الأحداث بتسارع يقترب من الصفر في الوقت الذي كانت الجامعة تصنع تحولات مفصلية في حياة آدم، والأمر نفسه بالنسبة للعقبة ومعان حيث تسارع الأحداث على حساب بقية عناصر الرواية. وفي رواية آدم نموذجان للشخصية وتطورها حسب اقترانها بالمكان أو انفصالها عنه، الشخصية الأولى هي أبو آدم الذي بقي في مكانه يراوح في مهن متنوعة لكنها لم تقده إلى التطور، فعامل الوطن أبو آدم هو نفسه الذي يقدم خدمات متنوعة للأغنياء من تنظيف بيوتهم وحدائقهم، وهو نفسه الذي يبحث عن عمل آخر في مول نوح، وهو نفسه صاحب المطعم الذي أغلقه لريبته في أحد زائريه، شخصية أبي آدم متصلة تماماً بالمكان المتمثل في الحي أو المخيم اللذَيْن يتنقل بينهما، وهذا الاتصال جعله يراوح محلّه دون تطور، كما رفض الانتقال إلى مكان آخر عندما سنحت له الفرصة عن طريق ابنه آدم. أمّا الشخصية الأخرى فهي شخصية آدم وقد جاء بوضوح ارتباطه بالمكان وبداية تطوّر الوعي عنده على لسان الراوي العليم في بداية الفصل الثاني من الرواية: "آدم بدأ يعيش حياة جديدة، لقد انتقل من جوّ الحي المشكل من كلّ الأصول والمنابت، الصغير والمعقد، ليعيش جوًّا آخرَ، غير المشاكل الزوجية والأطفال الصغار والمصروف وضرب الزوجات، واحتفالات الكنائس والمساجد، لقد دخل الحياة الجامعية، العقول المتفتحة والأفكار والمذاهب والثقافة الواسعة، والانتخابات الطلابية، والأحزاب السياسية. والمشاهدة عن بعد مع صفوف المتفرجين لم تعجبه لسببين: أولهما أنّه الأول في تخصّصه والأمر الثاني التشابه العفوي باسم العائلة مع رئيس الجامعة، فهو آدم بشارات ورئيس الجامعة مطلق بشارات، لكن هذا من شرق النهر وهذا من غربه. وينحاز آدم لأحد الأحزاب الناشطة في الجامعة، تعجبه برامجها وطروحاتها، لكنه لا يؤمن بأيّ حزب سياسي مطلقًا..."(الرواية ص41). من خلال هذه الفقرة يتضح لنا تطور الوعي لدى آدم وتأثيره على شخصيته المتنامية عبر مسار الرواية. انتقال آدم بالتدريج غير من إنسانيته أيضاً التي وصلت إلى الجحود وإنكار الأصدقاء القدماء، فحالة الثراء المفاجِئ التي أصابته كانت بمثابة الصدمة التي حوّلت مسار الشخصية التي كانت تفخر بكونها: ابن المخيم ومولود فيه، إلى شخصية لا تتذكّر إلا والديها ماديًّا، ولا تصلهما إلا ماديًّا، ومن فرط تنحي الإنسانية عند هذه الشخصية، حاولت أن تجتث أبويها من ذلك المكان الذي تجذّرا فيه، وصنعا فيه لوحاتٍ من الذكرياتِ العبقة. رغم أنَّ الروائي تجاهل وصف المكان تجاهلاً جزئيًّا، وتجاهل تحديده عن طريق تقنية الوصف، إلا أنه نجح عبر استخدام الرمز في إيصال رؤيته للمتلقي، فآدم اسم رمزي يعني به المواطن العربي الفقير والذي يلتمس وسائل عديدة للوصول إلى حياة كريمة، والرمزية في هذه الرواية على خلاف غالبية الأعمال الإبداعية لم تكن من أجل الاختباء وراء الرموز من أجل إيصال الفكرة، إنما كانت بغرض التعميم، فآدم هو الشاب الطموح بالمطلق، وأبو آدم هو الإنسان الذي يكدُّ من أجل لقمة العيش دون التطلع إلى ما هو أعلى منه، والحي والمخيم هما تلك العشوائيات التي تؤوي الطبقة المتواضعة من المجتمع. ويجدر بنا أن نذكر العلاقة الخفية بين المؤلف والقارئ والتي تتمثّل بالتواطؤ -كما تسميه نظريات التلقي- ذلك التواطؤ الذي جعل القارئ يعيد مسرحة الأحداث في مكان تخييلي لم يصفه المؤلف بدقة ولو يذكر اسمه، لكنّ حيّاً في مخيم في عمّان تجتمع فيه كل المنابت والأديان لا يمكن إلّا أنْ يكون حي الأرمن المتصل بطلوع المصدار. نعلم أنّ غاستون باشلار قسَّم المكان إلى المكان الأليف والمكان المعادي(أنظرجماليات المكان غاستون باشلار، ص31 وما بعدها)، وأنَّ يوري لوتمان قد تحدث عن أماكنَ مرفوضةٍ وأخرى مرغوبٍ فيها: "هناك أماكن مرفوضة وأماكن مرغوب فيها، فكما أنّ البيئة تلفظ الإنسان أو تحتويه، فإنَّ الإنسان، طبقاً لحاجاته، ينتعش في بعض الأماكن ويذبل في بعضها'(جماليات المكان، يوري لوتمان وآخرون). والمكان المعادي عند باشلار هو الذي تتطوّر فيه الصراعات وتنشأ فيه المشاعر السلبية كالأنانية والكره وغيرها..، في هذه الرواية جعل المؤلف من المكان الأليف ذي الذكريات العبقة والمشاعر الإنسانية الأصيلة مكانًا معاديًا أيضاً، نشأت فيه صراعاتٌ بين ذوات آدم على سبيل المثال، وكان ذلك استثناء -بطبيعة الحال- لأنَّ المكان المعادي اتّضح عند الخروج من أرض الوطن، حيث تفاقمت المشاكل بينه وبين زوجه، وبينه وبين والدتها، إلا أنه استعاد إنسانيته مع قرار العودة إلى أرض الوطن واحتواء عائلته والاهتمام بها. المكان الأليف في الرواية لا يمكن أن تطول فيه العدائية لأنه مؤسَّس على إنسانية من أسسوه ووطدوا تلاحمهم رغم كلّ الاختلاف الموجود بينهم. وتلاحم البيوت وتداخلها ينشئ حميمية بين سكانها، والخروج منه يعرض آدم على سبيل المثال إلى الأزمات كما في الجامعة والكلية، وإلى الضياع كما في معان وأمريكا، و"العلاقة بين الإنسان والمكان تذهب في الاتجاه النفسي مثل ذهابها في الاتجاه الحسي، وتتسِّم تبعا لذلك ببعض التجاذب والتفاعل بين الداخل والخارج"(سطوة المكان وشعرية القص في رواية ذاكرة الجسد، د. االخضر بن السايح، ص20). ورغم أنَّ الأحداث كانت أقرب إلى الوقائع، إلا أنَّ المكان تخييلي بحت رغم اقترابه من الواقع، فهو محاكاة مجرّدة للواقع تنعكس فيه آراؤنا وثقافتنا ووعينا ولاوعينا، والإنسان على حدّ تعبير سيزا القاسم: "لا يحتاج فقط إلى مساحة فيزيقية، جغرافية يعيش فيها، ولكنه يصبو إلى رقعة يضرب فيها بجذوره وتتأصّل فيها هويته، ومن ثمّ يأخذ البحث عن الكيان والهوية شكل الفعل على المكان لتحويله إلى مرآة ترى الأنا فيه صورتها". تابعو جهينة نيوز على


الجريدة الكويتية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الجريدة الكويتية
دعوى قضائية ضد الخطوط البريطانية بشأن رحلة للكويت خلال الغزو
تخوض الخطوط الجوية البريطانية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا رفعها ركاب وطاقم تم احتجازهم رهائن عندما هبطت إحدى رحلاتها في الكويت عام 1990 بالتزامن مع الغزو العراقي الغاشم للبلاد بداية حرب الخليج، حسب تقرير نشرته «فايننشال تايمز». ويقاضي أكثر من 100 شخص - بمن فيهم الركاب وأفراد الطاقم على متن تلك الرحلة - شركة الطيران بسبب مزاعم بأنها سمحت للطائرة بالهبوط على الرغم من التحذيرات من أن الغزو وشيك. وجاء في الدعوى القضائية أنه «أثناء احتجازهم رهائن، تعرض واحد أو أكثر من الركاب لمعاملة غير إنسانية واعتداء، بما في ذلك حالات اعتداء جنسي واغتصاب وإعدام وهمي وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة». واتهم المدعون الخطوط البريطانية بالعمل «بالتنسيق» مع حكومة المملكة المتحدة من خلال الموافقة المزعومة على نقل جواسيس سراً في مهمة استخباراتية على متن الرحلة، مما يجعلهم هدفاً للعراق، في حين تنفي الشركة البريطانية تلك الاتهامات. «دعوى متأخرة» وذكرت دعوى الدفاع للشركة البريطانية أن مطالبات الركاب قُدّمت متأخرة جداً، بينما كان أفراد الطاقم قد قبلوا سابقاً مدفوعات تسوية من شركة الطيران. وزعمت الدعوى أن أعضاء المجموعة، وهم جزء من وحدة مزعومة من القوات الخاصة البريطانية تُعرف باسم «الزيادة» لم يكونوا مدرجين في قائمة ركاب الرحلة التي وثّقت الركاب، لكن قائد الطائرة كان على علم بوجودهم. وقالت الخطوط البريطانية في ملفها إنها اتخذت خطوات معقولة لضمان سلامة من كانوا على متنها، وإنه لم يتم إبلاغها بأن القوات العراقية قد عبرت الحدود قبل هبوط الطائرة. وتنفي الشركة البريطانية أن تكون طرفا في أي اتفاق بشأن «الزيادة» أو أن يكون لديها أي علم بالجواسيس المزعومين. وحسب ملف دفاعها، فإن مطالبات الركاب قد سقطت بالتقادم بموجب حد أقصى عامين، وقالت أيضاً إن الموظفين قد قبلوا سابقاً مدفوعات تتراوح بين 3 آلاف و15 ألف جنيه إسترليني في «تسوية كاملة ونهائية نتيجة لتجاربهم السلبية المتعلقة بالطائرة» واحتجازهم في الكويت والعراق. كما ذكرت الخطوط البريطانية أن دعاوى قضائية سابقة قد رُفعت دون جدوى في إنجلترا وفرنسا وتكساس. وأظهرت سجلات المحكمة أن وثائق الدفاع الخاصة بمكتب مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ووزارة الدفاع قد قُدّمت يوم الجمعة، ولكن لم تكن متاحة للعامة فوراً. ورفضت حكومة المملكة المتحدة التعليق.


الجزيرة
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الخطوط البريطانية تخوض دعوى قضائية بشأن رحلة للكويت عام 1990
تخوض الخطوط الجوية البريطانية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا رفعها ركاب وطاقم تم احتجازهم رهائن عندما هبطت إحدى رحلاتها في الكويت عام 1990 بالتزامن مع غزو العراق للبلاد بداية حرب الخليج. ويقاضي أكثر من 100 شخص -بمن فيهم الركاب وأفراد الطاقم على متن تلك الرحلة- شركة الطيران بسبب مزاعم بأنها سمحت للطائرة بالهبوط على الرغم من التحذيرات من أن الغزو وشيك. وجاء في الدعوى القضائية أنه "أثناء احتجازهم رهائن، تعرض واحد أو أكثر من الركاب لمعاملة غير إنسانية واعتداء، بما في ذلك حالات اعتداء جنسي واغتصاب وإعدام وهمي وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة". واتهم المدعون الخطوط البريطانية بالعمل "بالتنسيق" مع حكومة المملكة المتحدة من خلال الموافقة المزعومة على نقل جواسيس سرا في مهمة استخباراتية على متن الرحلة، مما يجعلهم هدفا للعراق، في حين تنفي الشركة البريطانية تلك الاتهامات. "دعوى متأخرة" وذكرت دعوى الدفاع للشركة البريطانية أن مطالبات الركاب قُدّمت متأخرة جدا، بينما كان أفراد الطاقم قد قبلوا سابقا مدفوعات تسوية من شركة الطيران. وزعمت الدعوى أن أعضاء المجموعة، وهم جزء من وحدة مزعومة من القوات الخاصة البريطانية تُعرف باسم "الزيادة" لم يكونوا مدرجين في قائمة ركاب الرحلة التي وثّقت الركاب، لكن قائد الطائرة كان على علم بوجودهم. إعلان وقالت الخطوط البريطانية في ملفها إنها اتخذت خطوات معقولة لضمان سلامة من كانوا على متنها، وإنه لم يتم إبلاغها بأن القوات العراقية قد عبرت الحدود قبل هبوط الطائرة. وتنفي الشركة البريطانية أن تكون طرفا في أي اتفاق بشأن "الزيادة" أو أن يكون لديها أي علم بالجواسيس المزعومين. وحسب ملف دفاعها، فإن مطالبات الركاب قد سقطت بالتقادم بموجب حد أقصى عامين، وقالت أيضا إن الموظفين قد قبلوا سابقا مدفوعات تتراوح بين 3 آلاف و15 ألف جنيه إسترليني في "تسوية كاملة ونهائية نتيجة لتجاربهم السلبية المتعلقة بالطائرة" واحتجازهم في الكويت والعراق. كما ذكرت الخطوط البريطانية أن دعاوى قضائية سابقة قد رُفعت دون جدوى في إنجلترا وفرنسا وتكساس. وأظهرت سجلات المحكمة أن وثائق الدفاع الخاصة بمكتب مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ووزارة الدفاع قد قُدّمت يوم الجمعة، ولكن لم تكن متاحة للعامة فورا. ورفضت حكومة المملكة المتحدة التعليق.


الانباط اليومية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الانباط اليومية
ارتباك المكان وعلاقته بالشخصيات في رواية آدم لـ"رشاد ردّاد"
الأنباط - رؤية: وداد أبو شنب في رواية آدم ثيمات متنوعة تعنى بالإنسان وبقضاياه كما دأبت الرواية الحديثة، نحو القضايا الاجتماعية كالفقر والزواج وظلم المرأة ووجود الطبقات، والتعايش المجتمعي ما بين شرائح مختلفة العقائد والرؤى، نحو الأرمني يعقوب والشركسي هدهد نوح مدير المول الأول وليزا وزوجها وعائلة أبي آدم والعجوز أم إبراهيم...، وقضايا سياسية نحو قضية حرب الخليج وأحداث جامعة اليرموك 1986، واقتصادية نحو انفتاح السوق المتمثل في تغوّل المول الذي بدأ أزرقَ وتطوّر إلى حوتٍ أزرقَ، والرواية بالدرجة الأولى رواية إنسان. ولما كان المكان عنصراً قارّاً حاضنا لعناصر الرواية (الزمن والشخصيات والأحداث)، ارتأيت أن تكون ثيمة هذه القراءة هي المكانَ من حيث ارتباطُ الإنسان به وتطورُه. فالمكان ثابت كما سبق أن ذكرت، والزمن متغيِّر والشخصيات نامية متطوِّرة والأحداث متحركة متسارعة أو متباطئة. وقد يغدو المكان بطلاً لرواية معينة باعتباره -على حدّ تعبير غاستون باشلار- صانعا للأحداث تارة وحاضنا لها تارة أخرى، فالحي يحتضن الأحداث بتسارع يقترب من الصفر في الوقت الذي كانت الجامعة تصنع تحولات مفصلية في حياة آدم، والأمر نفسه بالنسبة للعقبة ومعان حيث تسارع الأحداث على حساب بقية عناصر الرواية. وفي رواية آدم نموذجان للشخصية وتطورها حسب اقترانها بالمكان أو انفصالها عنه، الشخصية الأولى هي أبو آدم الذي بقي في مكانه يراوح في مهن متنوعة لكنها لم تقده إلى التطور، فعامل الوطن أبو آدم هو نفسه الذي يقدم خدمات متنوعة للأغنياء من تنظيف بيوتهم وحدائقهم، وهو نفسه الذي يبحث عن عمل آخر في مول نوح، وهو نفسه صاحب المطعم الذي أغلقه لريبته في أحد زائريه، شخصية أبي آدم متصلة تماماً بالمكان المتمثل في الحي أو المخيم اللذَيْن يتنقل بينهما، وهذا الاتصال جعله يراوح محلّه دون تطور، كما رفض الانتقال إلى مكان آخر عندما سنحت له الفرصة عن طريق ابنه آدم. أمّا الشخصية الأخرى فهي شخصية آدم وقد جاء بوضوح ارتباطه بالمكان وبداية تطوّر الوعي عنده على لسان الراوي العليم في بداية الفصل الثاني من الرواية: "آدم بدأ يعيش حياة جديدة، لقد انتقل من جوّ الحي المشكل من كلّ الأصول والمنابت، الصغير والمعقد، ليعيش جوًّا آخرَ، غير المشاكل الزوجية والأطفال الصغار والمصروف وضرب الزوجات، واحتفالات الكنائس والمساجد، لقد دخل الحياة الجامعية، العقول المتفتحة والأفكار والمذاهب والثقافة الواسعة، والانتخابات الطلابية، والأحزاب السياسية. والمشاهدة عن بعد مع صفوف المتفرجين لم تعجبه لسببين: أولهما أنّه الأول في تخصّصه والأمر الثاني التشابه العفوي باسم العائلة مع رئيس الجامعة، فهو آدم بشارات ورئيس الجامعة مطلق بشارات، لكن هذا من شرق النهر وهذا من غربه. وينحاز آدم لأحد الأحزاب الناشطة في الجامعة، تعجبه برامجها وطروحاتها، لكنه لا يؤمن بأيّ حزب سياسي مطلقًا..."(الرواية ص41). من خلال هذه الفقرة يتضح لنا تطور الوعي لدى آدم وتأثيره على شخصيته المتنامية عبر مسار الرواية. انتقال آدم بالتدريج غير من إنسانيته أيضاً التي وصلت إلى الجحود وإنكار الأصدقاء القدماء، فحالة الثراء المفاجِئ التي أصابته كانت بمثابة الصدمة التي حوّلت مسار الشخصية التي كانت تفخر بكونها: ابن المخيم ومولود فيه، إلى شخصية لا تتذكّر إلا والديها ماديًّا، ولا تصلهما إلا ماديًّا، ومن فرط تنحي الإنسانية عند هذه الشخصية، حاولت أن تجتث أبويها من ذلك المكان الذي تجذّرا فيه، وصنعا فيه لوحاتٍ من الذكرياتِ العبقة. رغم أنَّ الروائي تجاهل وصف المكان تجاهلاً جزئيًّا، وتجاهل تحديده عن طريق تقنية الوصف، إلا أنه نجح عبر استخدام الرمز في إيصال رؤيته للمتلقي، فآدم اسم رمزي يعني به المواطن العربي الفقير والذي يلتمس وسائل عديدة للوصول إلى حياة كريمة، والرمزية في هذه الرواية على خلاف غالبية الأعمال الإبداعية لم تكن من أجل الاختباء وراء الرموز من أجل إيصال الفكرة، إنما كانت بغرض التعميم، فآدم هو الشاب الطموح بالمطلق، وأبو آدم هو الإنسان الذي يكدُّ من أجل لقمة العيش دون التطلع إلى ما هو أعلى منه، والحي والمخيم هما تلك العشوائيات التي تؤوي الطبقة المتواضعة من المجتمع. ويجدر بنا أن نذكر العلاقة الخفية بين المؤلف والقارئ والتي تتمثّل بالتواطؤ -كما تسميه نظريات التلقي- ذلك التواطؤ الذي جعل القارئ يعيد مسرحة الأحداث في مكان تخييلي لم يصفه المؤلف بدقة ولو يذكر اسمه، لكنّ حيّاً في مخيم في عمّان تجتمع فيه كل المنابت والأديان لا يمكن إلّا أنْ يكون حي الأرمن المتصل بطلوع المصدار. نعلم أنّ غاستون باشلار قسَّم المكان إلى المكان الأليف والمكان المعادي(أنظرجماليات المكان غاستون باشلار، ص31 وما بعدها)، وأنَّ يوري لوتمان قد تحدث عن أماكنَ مرفوضةٍ وأخرى مرغوبٍ فيها: "هناك أماكن مرفوضة وأماكن مرغوب فيها، فكما أنّ البيئة تلفظ الإنسان أو تحتويه، فإنَّ الإنسان، طبقاً لحاجاته، ينتعش في بعض الأماكن ويذبل في بعضها'(جماليات المكان، يوري لوتمان وآخرون). والمكان المعادي عند باشلار هو الذي تتطوّر فيه الصراعات وتنشأ فيه المشاعر السلبية كالأنانية والكره وغيرها..، في هذه الرواية جعل المؤلف من المكان الأليف ذي الذكريات العبقة والمشاعر الإنسانية الأصيلة مكانًا معاديًا أيضاً، نشأت فيه صراعاتٌ بين ذوات آدم على سبيل المثال، وكان ذلك استثناء -بطبيعة الحال- لأنَّ المكان المعادي اتّضح عند الخروج من أرض الوطن، حيث تفاقمت المشاكل بينه وبين زوجه، وبينه وبين والدتها، إلا أنه استعاد إنسانيته مع قرار العودة إلى أرض الوطن واحتواء عائلته والاهتمام بها. المكان الأليف في الرواية لا يمكن أن تطول فيه العدائية لأنه مؤسَّس على إنسانية من أسسوه ووطدوا تلاحمهم رغم كلّ الاختلاف الموجود بينهم. وتلاحم البيوت وتداخلها ينشئ حميمية بين سكانها، والخروج منه يعرض آدم على سبيل المثال إلى الأزمات كما في الجامعة والكلية، وإلى الضياع كما في معان وأمريكا، و"العلاقة بين الإنسان والمكان تذهب في الاتجاه النفسي مثل ذهابها في الاتجاه الحسي، وتتسِّم تبعا لذلك ببعض التجاذب والتفاعل بين الداخل والخارج"(سطوة المكان وشعرية القص في رواية ذاكرة الجسد، د. االخضر بن السايح، ص20). ورغم أنَّ الأحداث كانت أقرب إلى الوقائع، إلا أنَّ المكان تخييلي بحت رغم اقترابه من الواقع، فهو محاكاة مجرّدة للواقع تنعكس فيه آراؤنا وثقافتنا ووعينا ولاوعينا، والإنسان على حدّ تعبير سيزا القاسم: "لا يحتاج فقط إلى مساحة فيزيقية، جغرافية يعيش فيها، ولكنه يصبو إلى رقعة يضرب فيها بجذوره وتتأصّل فيها هويته، ومن ثمّ يأخذ البحث عن الكيان والهوية شكل الفعل على المكان لتحويله إلى مرآة ترى الأنا فيه صورتها".