أحدث الأخبار مع #حربالخليج

١٤-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
وداعًا ريتشارد أرميتاج: مهندس التحالف القوي بين واشنطن وطوكيو
توفي ريتشارد أرميتاج في الثالث عشر من أبريل/نيسان من هذا العام. ولقد صُدمت لسماع هذا الخبر الحزين في الصباح الباكر من يوم الخامس عشر من أبريل/نيسان بتوقيت اليابان، فقبل ثلاثة أيام فقط كنت أتواصل معه عبر البريد الإلكتروني، وعلمت أنه يخطط لزيارة اليابان في مايو/أيار ويرغب في لقائي. لكن سرعان ما تبددت الصدمة وحل محلها حزنٌ عميق حين تذكرت وجهه المبتسم في أول لقاء لنا في واشنطن العاصمة حين كنت طالب دراسات عليا قبل نحو ثلاثة عقود. كان لريتشارد أرميتاج سحر إنساني فريد، يعبر عن طيف واسع من المشاعر، وهو ما نطلق عليه باليابانية 'كي دو آي راكو'، أي الفرح والغضب والحزن والسرور، ولقد عشت كل تلك اللحظات بمشاعرها المتضاربة مع ريتشارد. فيما يتعلق بـ'كي'، أو الفرح، أتذكر زيارتي الأولى للولايات المتحدة بعد انتخابي في مجلس النواب الياباني لأول مرة. حينها استقبلني ريتشارد بابتسامة مشرقة، واحتضنني بين ذراعيه مهنئًا. ما زلت أشعر بضمة صدره العريض القوي على صدري. بالنسبة للغضب، لا أستطيع أن أنسى إحباطه الشديد خلال حرب الخليج عام 1991، عندما أصرّت اليابان على عدم التدخل عسكرياً في شؤون الدول الأخرى مما أدى إلى عزلتها عن بقية العالم، حيث نتجت عن 'دبلوماسية دفتر الشيكات' (أي تقديم مساعدات مالية بدلاً من التدخل العسكري)، التي انتهجتها اليابان هوة كبيرة بينها وبين بقية دول التحالف الذي قادته الولايات المتحدة آنذاك. وفيما يتعلق بالحزن، تتبادر إلى ذهني صورة الزيارة التي قمنا بها معًا إلى آكي آبي، أرملة رئيس الوزراء السابق آبي شينزو، بعد أشهر من اغتياله بالرصاص. لقد كان الحزن الذي بدا على وجهه وهو يتحدث معها عميقاً لدرجة جعلتني أبكي. أما بالنسبة لـ 'راكو'، أو المتعة التي نستمتع بها بصحبة أصدقائنا، فلديّ ذكريات لا تُحصى، منها تلك الأوقات التي كنا نرفع فيها كؤوسنا معًا، وهو يروي ذكريات أيام لعبه لكرة القدم في الأكاديمية البحرية الأمريكية، وحكاياته المشوّقة عن خدمته في فيتنام، فضلاً عن قصص أكثر من 50 طفلًا ساهم في رعايتهم أثناء وجودهم في دور الرعاية، معظمهم من أيتام حرب فيتنام. لم أسأم أبداً من سماع قصصه المشوّقة نظراً لأسلوبه المرح وصوته الأجش، ونادراً ما استطعت تمالك نفسي من شدة الضحك. تحريك المياه الراكدة في العلاقات الأمريكية اليابانية عاش ريتشارد أرميتاج حياته بأسلوب يُجسّد النموذج الأمثل للوطني الحقيقي. لطالما أكد موقفه الفكري على أنه صديق مُخلص لليابان. لا أجادل في هذا الرأي، بل أقول إنه كان، بالأحرى، صديقًا لتحالف اليابان مع الولايات المتحدة، حيث كان يُدرك في أعماقه أن الروابط القوية مع اليابانيين مسألةٌ حيويةٌ للغاية للمصالح الأمريكية. شغل أرميتاج عددًا من المناصب الرسمية في الولايات المتحدة، بما في ذلك منصب نائب وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش بين عامي 2001 و2005، وكان مجال تخصصه في الغالب نصف الكرة الشرقي، أي المنطقة التي تُغطيها القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ. وبالتالي فقد واجه تحدياتٍ دبلوماسية في دولٍ مثل إيران والعراق وباكستان والفلبين، بينما عمل أيضًا على تعزيز العلاقات الأمنية بين أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان. ولعل من بين أعظم إنجازاته تقارير أرميتاج-ناي، التي نُشرت بالاشتراك مع البروفيسور جوزيف ناي من جامعة هارفارد ست مرات إجمالاً بين عامي 2000 و2024. إذ مثّلت هذه التقارير مساهمةً هائلةً في السياسة الأمريكية تجاه اليابان، فتجاوزت الخطوط السياسية، وأعادت إحياء التحالف عندما بدا وكأنه ينزلق نحو الهاوية بعد نهاية الحرب الباردة، كما قدّمت توجيهاتٍ هامة للإدارات الديمقراطية والجمهورية على حد سواء، من بيل كلينتون إلى جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، ودونالد ترامب، وجو بايدن. كنتُ محظوظًا للغاية لأنني تمكنتُ من المشاركة في الاجتماعات التي كانت جزءًا من التحضيرات لإعداد هذه التقارير. من خلال استماعي لتلك المناقشات الحادة التي أثّرت في التقارير النهائية، يمكنني القول إن أهميتها الكبرى ربما تكمن في نجاحها في القضاء على أطروحة ' صمام الأمان'، وهي النظرية القائلة بأن العسكرة اليابانية يجب احتواؤها من خلال التحالف مع الولايات المتحدة، وأنه لا ينبغي السماح لليابان بتوسيع دورها الأمني في شرق آسيا. في عام 1990، صرّح الفريق هنري ستاكبول الثالث، رئيس قوات مشاة البحرية الأمريكية المتمركزة في اليابان آنذاك، قائلاً: 'لا أحد يريد رؤية اليابان مُسلّحة ومنتعشة... يُمكن القول إننا صمام الأمان للتأكد من عدم حدوث ذلك'. كان الاحتكاك التجاري بين الولايات المتحدة واليابان في ذروته في ذلك الوقت، وكانت آراء المنظّرين الأمريكيين بمن فيهم وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر في هذا الشأن متقاربة إلى حد كبير. لكن ريتشارد أرميتاج تدخل في هذا النقاش بحجة قوية مفادها أن اليابان يجب أن تتولى دورًا أمنيًا أكبر. وقد لاقى هذا صدى لدى السياسيين الواقعيين القلقين بشأن الصين الأكثر قوة والتي تتدخل لملء الفراغ الاستراتيجي الذي خلفته نهاية الحرب الباردة، وسرعان ما أصبح مفهوم ' صمام الأمان' نسياً منسياً في مناقشات السياسة الآسيوية التي عُقدت في قاعات السلطة في واشنطن. صياغة شكل جديد للتحالف أوضح تقرير أرميتاج-ناي الأول، الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2000، جوهر المشكلة بلغة واضحة: 'إن منع اليابان من ممارسة حقها في الدفاع الجمعي عن النفس يُشكل قيدًا على التعاون داخل التحالف'. ولمعالجة هذه القضية، جاءت التوصيات على نفس القدر من الوضوح: 'نرى في العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى نموذجًا يحتذى به للتحالف'. حتى صدور هذا التقرير، كان الإجماع بين المسؤولين الحكوميين والأكاديميين الأمريكيين هو أن على واشنطن صياغة سياستها تجاه اليابان بناءً على فكرة أن الضغط على اليابان لتغيير أساليبها لن يأتي إلا بنتائج عكسية، وأن توسيع الدور العسكري لليابان لن يؤدي إلا إلى استفزاز الصين، ولهذا يجب تجنب القيام بذلك، بالتالي، ينبغي بناء التعاون التحالفي بين اليابان والولايات المتحدة بحذر شديد. وقد تبنى هذا النهج التدريجي أعضاء المجموعة التي أعدت التقرير، بمن فيهم جوزيف ناي، الذي كان مساعدًا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في عهد الرئيس كلينتون، وكورت كامبل، الذي أصبح لاحقًا نائبًا لوزير الخارجية في عهد الرئيس بايدن. لكن أرميتاج عارض آراءهم القائلة بأن تعزيز الأدوار العسكرية لليابان هو قرار لا يتسم بالحكمة، مؤكداً على أن الصعود المستقبلي للصين يجعل تعزيز التحالف مع اليابان حاجةً مُلحة للولايات المتحدة. ولذلك، صرّح بأن على واشنطن أن تُبلغ اليابان بوضوح بالأدوار التي تأمل أن تضطلع بها. توافقت المجموعة تدريجيًا مع رأي أرميتاج. وعند هذه النقطة، أصبحت فكرة ' صمام الأمان' التي لطالما أعاقت تطور التحالف الياباني الأمريكي شيئاً من الماضي. عبّر تقرير عام 2024، وهو التقرير الأخير في السلسلة التي سيضع أرميتاج اسمه عليها، عن مخاوف عميقة بشأن عدم اليقين حول مستقبل المشاركة الأمريكية في النظام الدولي. وحذر المؤلفون من أن 'أعباء القيادة العالمية والإقليمية ستقع بشكل أكبر على عاتق طوكيو في المستقبل القريب'. وبينما نشاهد اليوم الإدارة الثانية للرئيس دونالد ترامب تدفع أمريكا نحو مسار انعزالي، تتأكد لنا صحة هذا التحذير بما لا يدع مجالاً للشك. ريتشارد أرميتاج يشرح تقريرًا يقدم مقترحات سياسية لليابان في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، واشنطن العاصمة، في أبريل/نيسان 2024. (© جيجي برس) لقد حان الوقت لليابان كي تتحرر من اعتمادها على الولايات المتحدة في مجال الأمن. وأصبح من اللازم أن تكون اليابان مستعدة لصياغة استراتيجياتها الخاصة، وتحمل مسؤولية الأمن الإقليمي، وبناء نظام دولي حر ومنفتح قائم على القواعد، مع الاضطلاع، عند الضرورة، بأدوار كانت الولايات المتحدة تلعبها في الماضي. أعتقد أن هذا واجب تركه لنا ريتشارد أرميتاج كجزء من إرثه. (نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: ريتشارد أرميتاج، يوليو/ تموز 2015. © جيجي برس/ وكالة أخبار أفلو)


العين الإخبارية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- العين الإخبارية
«إم-1 أبرامز» المعدلة بيد أستراليا.. تعرف على مميزات الدبابة
منذ عام 1991، تثبت الدبابة الأمريكية "إم-1 أبرامز" جدارتها في ميادين المعارك، بما يجعلها مرغوبة من الجيوش المختلفة حول العالم. لذلك، باتت الدبابة مطلوبة من الجيش الأسترالي الذي حصل الشهر الماضي على أحدث وأروع نسخة من دبابة القتال الرئيسية "إم-1 أبرامز"، وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي. وفي 23 أبريل/نيسان 2025، احتفل فوج الفرسان الثاني في الجيش الأسترالي بإنجازٍ محوري في جهود التحديث والإصلاح الهيكلي مع الاحتفال بتدشين (السرب D) رسميًا خلال حفلٍ رسمي أُقيم في ثكنات لافاراك في تاونزفيل، كوينزلاند. هذا السرب المُنشأ حديثًا هو الوحدة الأولى والوحيدة في قوات الدفاع الأسترالية التي تُشغّل دبابة القتال الرئيسية M1A2 SEPv3 أبرامز الأمريكية الصنع، وهي حاليًا أكثر المركبات المدرعة تطورًا وفتكًا في الجيش الأسترالي. يأتي هذا التطور عقب اتفاقية مبيعات عسكرية أجنبية تاريخية تم توقيعها في يناير/كانون الثاني 2022 بين أستراليا والولايات المتحدة. وبموجب هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار أسترالي (حوالي 2.5 مليار دولار أمريكي)، تحصل أستراليا على 75 دبابة أمريكية من طراز M1A2 SEPv3 لتحل محل أسطولها القديم من دبابات أبرامز. ووفقا للتقرير، فإن هذه الصفقة "تعد حجر الزاوية في استراتيجية أستراليا الأوسع نطاقًا لتحديث قدراتها في مجال الدروع الثقيلة ومواءمة بنيتها التحتية الدفاعية بشكل أفضل مع المتطلبات التشغيلية المتطورة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وصممت الدبابة "إم-1 أبرامز" شركة كرايسلر للدفاع (المعروفة الآن باسم جنرال ديناميكس لاند سيستمز) بين عامي 1972 و1976، ودخلت الخدمة التشغيلية رسميًا مع الجيش الأمريكي عام 1980. وأثبتت الدبابة جدارتها لأول مرة بشكل دراماتيكي خلال حرب الخليج عام 1991، المعروفة أيضًا باسم عملية "عاصفة الصحراء" حيث قضت تمامًا على دبابات القتال الرئيسية السوفياتية"T-55" و"T-62" و"T-72" التابعة للرئيس العراقي آنذاك صدام حسين. ورغم أن الدبابات تُعتبر اليوم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى بسبب انتشار الطائرات المسيرة القاتلة والأسلحة الأرضية المضادة للدبابات المتطورة خاصة في الحرب الروسية الأوكرانية الجارية، إلا أن "أبرامز" لا تزال تُقدم خدمات قيّمة للجيش الأوكراني. ويُحسّن نظام "SEPv3" من الإصدارات القديمة من دبابات أبرامز، حيث يتضمن نظام رؤية حرارية مستقل مما يتيح قدرة حقيقية على القتال من خلال تمكين تحديد الأهداف والاشتباك معها أثناء الحركة. كما أنه يُدمج نظام محطة الأسلحة المشتركة التي يتم تشغيلها عن بُعد (CROWS)، والذي يوفر نسخة مُتحكّم بها عن بُعد من مدفع رشاش M2 "Ma Deuce" عيار 50، مما يُحسّن بشكل كبير من قدرة الطاقم على البقاء وقوة النيران. aXA6IDgyLjI2LjIyMC41MCA= جزيرة ام اند امز LV


الشرق الأوسط
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
اتفاقية خور عبد الله: بين الالتزام الدولي والسيادة الوطنية
أعادَ الجدل المتجدد حول اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت إلى الواجهة أحد أكثر المواضيع حساسية في الوعي العراقي، حيث اختلطت الحقائق القانونية بالمواقف السياسية والشعبية، ما أدى إلى تشويش واسع حول حقيقة الاتفاقية، وطبيعتها القانونية، وأبعادها السيادية. فهل تنازل العراق عن خور عبد الله؟ هل «باع» المسؤولون خور عبد الله؟ وهل الاتفاقية فرضت عليه قسراً؟ وما الموقف القانوني السليم من منظور السيادة الوطنية والقانون الدولي؟ وخور عبد الله هو ممر مائي يقع في أقصى شمال الخليج العربي، ويفصل شبه جزيرة الفاو العراقية عن جزيرة بوبيان الكويتية. ومنذ ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد حرب الخليج الثانية، ظل هذا الخور محل نقاش قانوني وسياسي بين البلدين. بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 687 لعام 1991، الذي شكّل الأساس القانوني لإخراج العراق من الكويت ووضعه تحت طائلة عقوبات دولية. تبعه القرار 773 لعام 1992، الذي دعم عمل لجنة ترسيم الحدود بين العراق والكويت، ثم القرار 833 لعام 1993، الذي أقر رسمياً نتائج اللجنة، واعتبر ترسيم الحدود بين البلدين نهائياً وملزماً للطرفين. شمل هذا الترسيم المياه الإقليمية بما فيها خور عبد الله، الذي اعتُبر بموجب القرار منطقة حدودية مشتركة، لا تخضع لسيادة كاملة لأي من الطرفين، بل يتعين تنظيم استخدامها عبر اتفاق مشترك. ولم يقتصر الاعتراف بقرارات مجلس الأمن على الصعيد الدولي فحسب، بل تم تكريسه محلياً أيضاً. ففي الخامس من مارس (آذار) 1991 أصدر مجلس قيادة الثورة المنحل قراراً رقم 55، وأخذ بنظر الاعتبار قرار المجلس الوطني الذي اتخذ في الجلسة الخاصة يوم 20 مارس 1991، وبعد ذلك عاد مجلس قيادة الثورة المنحل في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1994، ليصدر قراراً رسمياً نصّ في البند الثاني منه على ما يلي: «امتثالاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 833 (1993)، تعترف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت المشكّلة بموجب الفقرة 3 من القرار 687 (1991)، وتحترم الحدود المذكورة». يشكّل هذا القرار الداخلي التزاماً صريحاً وموثقاً من الدولة العراقية بقبول نتائج ترسيم الحدود، وهو التزام لا يزال قائماً من الناحية القانونية. واستناداً إلى قرارات مجلس الأمن، دخل العراق والكويت في مفاوضات لترسيم حدود المياه الإقليمية وتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، وانتهت هذه المفاوضات إلى توقيع اتفاقية عام 2012 بعنوان «الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله». وقد صادق عليها البرلمان العراقي في عام 2013 بالقانون رقم (42) لسنة 2013. الاتفاقية لا تتضمن أي تنازل عن السيادة العراقية، بل تنظم الملاحة المشتركة في الخور لضمان حرية الوصول إلى المواني العراقية، خصوصاً ميناء أم قصر من الجانب العراقي. كما تنص على وضع قواعد لعبور السفن وإنشاء ممرات ملاحية آمنة دون المساس بالسيادة أو الحقوق الثابتة لأي من الطرفين. في عام 2023، قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون المصادقة على الاتفاقية لوجود خلل إجرائي في آلية التصويت داخل البرلمان، وليس بسبب مضمون الاتفاقية ذاته. هذا القرار أثار موجة من التأويلات السياسية والإعلامية، حيث اعتبره البعض إلغاء للاتفاقية وانتصاراً للسيادة، بينما فسّره آخرون كإجراء قانوني شكلي لا يؤثر على التزام العراق الدولي. من الناحية القانونية، فإن الاتفاقيات الدولية لا تُلغى من طرف واحد دون اتخاذ خطوات رسمية تنسجم مع اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، وهو ما لم يحدث. كما أن أي محاولة لإلغاء اتفاق أُبرم على أساس قرارات ملزمة من مجلس الأمن قد تضع العراق في مواجهة قانونية ودبلوماسية غير محسوبة العواقب. وفي ضوء هذه المعطيات، فإن الموقف القانوني العراقي السليم يستند إلى الاعتراف بالواقع الدولي والقرارات الأممية الصادرة بموجب الفصل السابع، ولا سيما القرار 833. فالعراق ملزم بهذه القرارات التي وافق عليها رسمياً في عام 1994 وبعد عام 2003، ولا يمكنه الانسحاب منها أو التراجع عنها من جانب واحد، دون أن يخلّ بالتزاماته الدولية. لكن هذا لا يعني القبول الأعمى، بل يحق للعراق، انطلاقاً من مبدأ السيادة المتوازنة، أن يعمل على حماية مصالحه البحرية، من خلال مراجعة بعض تفاصيل الاتفاقيات بالطرق الدبلوماسية، وتطوير قدراته البحرية والمينائية، لا سيما في الفاو وأم قصر، بحيث لا يكون بحاجة إلى المواجهة بل إلى التمكين. إن مقاربة العراق لهذا الملف الحساس لا يمكن أن تُفصل عن السياق العام الذي يعيشه البلد اليوم. فالعراق يشهد مرحلة استقرار سياسي واقتصادي متنامٍ، تتزامن مع انفتاح واسع على محيطه العربي والإقليمي. وقد أصبحت علاقاته مع جميع الدول العربية، بلا استثناء، علاقات أخوية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعد سنوات من التوترات والعزلة. وتستعد بغداد لاحتضان القمة العربية القادمة، في مؤشر على استعادة العراق لمكانته الطبيعية بين أشقائه العرب، وثقة القادة العرب بقدرته على لعب دور إيجابي ومتوازن في ملفات المنطقة. وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أكثر من مناسبة على «التزام العراق بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبادئ القانون الدولي، والتفاهمات المشتركة وحسن الجوار»، وهي رسالة واضحة بأن العراق ماضٍ في تعزيز دوره من موقع الدولة المسؤولة، لا الدولة المنفعلة. هذه السياسة تنطلق من فلسفة واضحة تعتمد على مبدأ «العراق أولاً»، وتركّز على بناء شراكات تقوم على السيادة والاحترام والتكامل، وتضع الكويت ودول الجوار في مقدمة الأولويات. وفي هذا الإطار، فإن التعامل مع ملف خور عبد الله يجب أن يكون انعكاساً لهذه الروح الجديدة: روح الشراكة لا المواجهة، والواقعية لا الشعبوية. العراق اليوم لا يحتاج إلى صراعات قانونية أو لغوية، بل إلى موقف سيادي ناضج يوازن بين احترام التزاماته الدولية، وحماية مصالحه الوطنية، وتكريس حضوره القوي كركيزة للاستقرار في الخليج والمنطقة.


التغيير
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- التغيير
المنحنى
يبدو أن المجد في ساحات القتال لم يعد من نصيب البندقية وحدها، كما رد، وردد قائد الجيش مطاعنا الثورة والثوار والثائرات، وكاشفا عن وجهه السياسي الحقيقي، بل أصبح المجد اليوم حكرًا على الطائرات المسيّرة وتكنولوجيا السلاح المتقدّمة. أقول هذا وأنا على يقين، بأن من يملك ناصية التكنولوجيا، لا سيما العسكرية منها، هو من يملك اليد العليا في هذه الحرب، إن لم تُحل سياسيًا أو تفاوضيًا. إن التكنولوجيات العسكرية المتطورة هي التي سترجّح الكفة في المعركة الراهنة، خاصة حين تقترن بقدرات مالية ضخمة واقتصاد حرب قادر على دعم صناعة السلاح وتمويل سباق التسلح. هذا الباب مفتوح على مصراعيه، حافل بالمنتجات والأسواق: بعضها نعرفه، وبعضها لم نسمع به من قبل، ومنها ما لا نعرفه جيدًا بعد. الواضح أن الجيش، ومن خلفه داعموه الإقليميون، لن يكون بمقدورهم الاستمرار طويلًا في سباق تكنولوجي مكلف، نظرًا لمحدودية الموارد المالية وحالة الإنهاك التي أصابت اقتصاده المُختطف، والذي يُهرب عائداته – ويا للمفارقة – إلى ذات المحافظ المالية للدولة الداعمة لتسليح الطرف الاخر. الضربات التي نفذتها الطائرات المسيّرة مؤخرًا على مواقع في بورتسودان، الأبيض، وقبلهما كسلا وكوستي، وحتى سد مروي، لا يمكن قراءتها خارج سياق التقدم التكنولوجي الذي حققه الدعم السريع، بفضل إمكانياته المالية الأضخم، مقارنةً بالقوات المسلحة التي لا تزال تعتمد على سلاح جو محدود التطور، وطائرات مسيّرة أقل كفاءة، بالإضافة إلى قوة بشرية مشتتة بين ميليشيات متعددة الولاءات. إننا نشهد تحولًا حاسمًا في مسار الصراع، حيث تغدو التكنولوجيا هي العامل الفارق، وتلوح في الأفق ضربات مكثفة تستهدف أهم مفاصل الطرفين. الجيش، الذي طالما لوّح باستخدام أسلحة 'مميتة'، قد يجد نفسه مضطرًا لتجاوز كل الخطوط الحمراء، بما في ذلك أرواح المدنيين، خاصة بعد مؤشرات سابقة لاستخدام محتمل لأسلحة كيميائية، ظهر أثرها في تفحّم بعض الجثث. أما الدعم السريع، ومن خلفه داعمه الاقليمي 'بعد المواجهة العدلية الدولية بينه وبين نظام بورتسودان'، فلن يقفا مكتوفي الأيدي، بل سيواصلان السعي لتوسيع الفجوة التكنولوجية، خصوصًا في مجال المسيّرات المتقدمة، بالاضافة الى جر إسرائيل للمعركة لمواجهة النفوذ الايراني والتركي ، ما ينذر بخاتمة كارثية قد تُحوّل مساحات واسعة من البلاد إلى أطلال. تاريخيًا، أثبتت الحروب الكبرى أن التكنولوجيا العسكرية هي من تحسم النهايات. في الحرب العالمية الثانية، كان تطوير الولايات المتحدة للقنبلة الذرية هو العامل الحاسم في إنهاء الحرب لصالح الحلفاء. وفي حرب الخليج عام 1991، أظهرت دقة صواريخ كروز والتفوق التكنولوجي الجوي الأمريكي كيف يمكن لحرب أن تُحسم من الجو قبل أن تبدأ على الأرض. كذلك، في حرب ناغورني قره باغ عام 2020، حسمت الطائرات المسيّرة التركية (Bayraktar TB2) المعركة لصالح أذربيجان، رغم امتلاك أرمينيا قوات برية تقليدية قوية. وكما قال الجنرال نابليون بونابرت: 'إن الحروب الحديثة تُكسب بمهندسيها بقدر ما تكسب بجنودها.'. وفي عصرنا هذا، قد نقول إن من يملك ويبرمج الطائرات المسيّرة المتقدمة قد يكون الأقدر على النصر ممن يحمل السلاح في الشوارع والميادين بالمدن والقرى ويرهب الناس بالتكبير والضلالات الإعلامية. وربنا يكذب 'الشينة'، ويخيب الظنون القاتمة، والتوقعات السيئة.


المشهد اليمني الأول
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المشهد اليمني الأول
"جيروزاليم بوست" العبرية: لا أحد يستطيع ردع الحوثيين
المشهد الصحافي المشهد العسكري نشرت صحيفة 'جيروزاليم بوست' العبرية مقالاً تحليليًا للخبير في شؤون الشرق الأوسط، سيث جيه فرانتزمان، تناول فيه التحديات التي تواجه إيقاف أو ردع جماعة الحوثيين اليمنية، وذلك في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار بن غوريون صباح الأحد. ولفت إلى أن استهداف الحوثيين لمنطقة قريبة من مطار بن غوريون، يمثل تهديدًا استراتيجيًا واضحًا لإسرائيل، مشيرًا إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض سبيل إيقاف أو ردع الحوثيين بسهولة. فيما أكد أن فهم هذا التحدي يتطلب أولاً التعمق في طبيعة هذه الجماعة وقدراتها المتنامية. وقال المقال إن الحوثيين، فاجأوا الشرق الأوسط بقدراتهم على مدى أكثر من عقد من الزمان. فقد تحولوا من جماعة ضعيفة في اليمن إلى قوة إقليمية كبيرة. وأشار إلى التدخل العسكري الذي قادته السعودية بدعم من عدة دول الإمارات والسودان ومصر والأردن. 'ومع ذلك فشلت في احتواء الحوثيين أو صدهم'. وأكد أن الحوثيين لا يزالون يمتلكون قدرات صاروخية كبيرة، وأن صعوبة رصد الصواريخ المنقولة من الكهوف الجبلية ومنصات الإطلاق المتنقلة تمثل تحديًا كبيرًا، مستشهدًا بتجربة حرب الخليج عام 1991 وكيف تمكنت قاذفات صواريخ سكود العراقية من تجنب قوات التحالف في الغالب. وأشار إلى معرفة اليمنيين بالتاريخ، مستشهدًا بمقاومة المملكة المتوكلية في شمال اليمن للغزو المصري في الستينيات، وكيف تمكنت القوات الملكية من الصمود في وجه القوات المصرية الأكثر حداثة. ويقارن ذلك بفشل القوات السعودية الأكثر تسلحا في هزيمة قوات صنعاء طوال السنوات السابقة.