أحدث الأخبار مع #حروب_المياه


اليوم السابع
منذ 4 ساعات
- علوم
- اليوم السابع
المناخ يقرع طبول حرب المياه
حرارة شديدة، أمطار غزيرة، فيضانات استثنائية، حرائق غابات، تفاقم ظروف الجفاف، كل ذلك ليس سوى مجرد أمثلة على ظواهر مناخية متطرفة، ومتعاكسة، تزداد شدتها وتتسارع وتيرتها عبر العالم، لكن الأسوأ لم يأت بعد، جملة تلخص ما يشهده العالم حاليًا من تقلبات شديدة للمناخ، فالحرارة ارتفعت، و الجفاف حضر، ليس فقط فى منطقتنا العربية، لكنه اجتاح أوروبا كلها تقريبًا عام 2022 فى أسوأ موجة ارتفاع للحرارة والجفاف لم تحدث منذ 500 عام، إذ صدرت تحذيرات بصور مختلفة شملت حوالى ثلثى القارة، وهو ما خلق ضغطًا غير مسبوق على مستويات المياه فى الاتحاد الأوروبى بأكمله، وأعلنت حالة الطوارئ، كأنها حرب تشنها الطبيعة على أوروبا . وبينما يعلن العلماء أن خطرًا يحدق بالأرض، ينبه ويحذر خبراء السياسة من حروب ستندلع بسبب كل هذا، فحرب الأولى تقرع طبولها، وتنذر بحروب أخرى، فالمياه هى المورد الطبيعى الوحيد، الذى لا يوجد بديل يمكن أن يحل مكانه، وهى ليست بجديدة أبدًا، فمنذ زمن بعيد تشتعل الصراعات حول الأنهار لكنها لم تتعد على مر التاريخ كونها مناوشات، لكن الصراعات القادمة على المياه ستكون حروبًا حامية تشمل كل موارد المياه فى العالم من أنهار الشرق الأوسط حتى أوروبا. تشير السيناريوهات إلى أن حرب المياه ستتخذ شكلين الأول بالذعر الذى يعم أكثر من 150 مليون شخص سوف يتحولون إلى لاجئين بسبب المناخ، أما شكل الحرب الآخر فهو الصراع المسلح، والذى بات وشيك اليوم، فهناك أزمات عالمية كبيرة سببتها المياه العذبة، أشهرها الهند وباكستان ، التى عادت مرة أخرى، فقد انطلقت شراراتها الأولى عام 1948 بسبب مياه الرى فى إقليم كشمير، الذى يشهد نزاعًا طويل الأمد، حيث منعت الهند المياه عن القنوات فى باكستان، واستمرت تلك الحرب نحو 12 عامًا، حيث استطاعا الطرفان التوصل إلى اتفاقية برعاية البنك الدولى أطلق عليها اسم اتفاقية نهر السند فى عام 1960، ونصت على تقاسم مياه الأنهار الستة، وإنشاء لجنة دائمة وآليات لتسوية الخلافات التى حدثت عقودا طويلة، لكن الاتفاقية شهدت انتكاسة كبيرة عام 2025، حين علقت الهند العمل بها عقب تصاعد التوترات السياسية والأمنية مع باكستان. وأيضًا من الصراعات على المياه المناوشات المتفرقة بين إسرائيل وسوريا، بسبب حوض بحر الحولة والتى جرت بشكل متقطع بين عامى 1951 و1953، كذلك اشتعلت توترات كبيرة ومتصاعدة بين سوريا والعراق عام 1975، بسبب تراجع منسوب نهر الفرات بشكل واضح على الجانب العراقى، وقد توجها الطرفان آنذاك إلى جامعة الدول العربية وكادت الأزمة أن تصل إلى صراع عسكرى على الحدود العراقية السورية لولا تدخل السعودية من أجل حلها، واليوم تراجع منسوب نهرى دجلة والفرات لدرجة كبيرة، حيث استغلت تركيا وايران الحروب المشتعلة فى المنطقة، ما أثر بشكل ملحوظ على منسوب نهر الفرات تحديدًا. وفى صحراء أوجادى التى تقع بالجزء الغربى من الصومال، كانت الموارد المائية سببًا فى صراع حاد بين إثيوبيا والصومال 1963 و1964، وسقط خلاله عددًا من الضحايا، أيضًا كان نهر السنغال سبب فى نزاع بين السنغال وموريتانيا 1989 و1991، حيث اشتعلت معارك كبيرة راح ضحيتها المئات من المزارعين بالقرى الحدودية، وفى افريقيا جنوب الصحراء الكبرى تسببت قلة الأمطار خلال العشرون سنة الماضية فى اشتعال أعمال عنف تطورت إلى حروب أهلية ونتجت عنها تغيرات فى الأنظمة لعدم قدرتها فى السيطرة على الأمور كذلك كانت المياه السبب فى هجرة الكثيرين. وانعكاسًا لصراعات الماضى وفى بحث عميق ومكثف للأزمة الحالية، والصراع المتوقع اشتعاله ارتباطًا بالموارد المائية، هناك خوارزمية يمكن الاعتماد عليها للتنبؤ بأماكن حروب المياه التى من المتوقع اشتعالها، فى عددًا من البؤر لهذه الحروب القادمة فى نهر الغانج أحد أكبر أنهار شبه القارة الهندية، نهر براهمابوترا فى الصين، نهرى دجلة والفرات، نهر كولورادو الذى يعد من أكثر الأنهار المهددة بالجفاف فى أمريكا، وجميعها تعد من أهم الموارد المائية فى العالم، والتى سوف يزيد التنافس عليها، خاصة مع التغيرات المناخية والنمو السكانى المتزايد بشكل سريع، ما يمكن أن يزيد من احتمالات حدوث نزاعات مرتبطة بالمياه، ونسبة حدوث الحروب حول المياه بأنها تتراوح بين 75% حتى 95%، وذلك فى فترة تتراوح بين 50 إلى 100 عام. تصنف صراعات المياه إلى 3 مجموعات، الأولى، محفزة للنزاع حيث تتسبب مصادر المياه بصراعات وحروب، والثانية، المياه تكون سلاح للنزاع، وذلك حين يستعمل المتحاربون، أنظمة المياه كأسلحة فى صراعاتهم، مثل حجبها بالسدود أو افتعال الفيضانات، والنوع الأخير، حين تكون مصادر المياه أحد أهداف الحروب أو النزاعات باستهداف موارد المياه، أو محطات المعالجة أو خطوط الأنابيب أثناء الصراعات المسلحة.


الاقتصادية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الاقتصادية
لماذا لن تخوض الهند وباكستان حرباً بسبب المياه؟
المعاهدات والبروتوكولات الدولية تمكنت من احتواء مخاطر النزاعات المائية يبدو المشهد كأنه افتتاحية لفيلم ديستوبيا عن الحرب العالمية الثالثة، ففي أعماق جبال الهيمالايا، يُغلق مهندسون بوابات سد غير معروف على نطاق واسع في صمت تام. ومثلما حدث في اغتيال الأرشيدوق النمساوي، فإن تداعيات هذا الحدث الغامض قد تتطور إلى صراع نووي يجرف معه معظم دول العالم. ورغم أن هذا السيناريو يبدو احتمالاً بعيداً حالياً، فإنه يظل قائماً بالفعل. فقد أوقفت الهند، بدءاً من الأحد الماضي، تدفق المياه عبر الحدود بشكل شبه كامل من خلال نهر تشيناب، أحد روافد نهر السند، بحسب ما أعلنته الحكومة الباكستانية. وكانت نيودلهي قد انسحبت في وقت سابق من معاهدة 1960 التي تنظم تقاسم مياه نهر السند، التي استمر العمل بها على مدى عقود من التوترات والحروب الفعلية بين البلدين. هجوم كشمير يشعل التوترات هذا التصعيد يُعد امتداداً للتوترات المتفاقمة عقب مقتل 26 سائحاً في هجوم إرهابي وقع في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند. ومنذ ذلك الحين، شنت نيودلهي ضربات عسكرية داخل باكستان، التي أعلنت يوم الأربعاء أنها أسقطت 5 مقاتلات هندية رداً على تلك العمليات. في أسوأ السيناريوهات المتوقعة ضمن خطط المحاكاة العسكرية، قد يُعد قطع إمدادات المياه عن باكستان ذريعة مباشرة للحرب، لما له من تأثير كارثي على محاصيل القطن والأرز، التي تمثل مجتمعة نحو 60% من صادرات البلاد، إضافة إلى تهديد السدود التي تزود البلاد بما يقارب ثلث إنتاجها من الكهرباء. وتُنذر العلاقات بين باكستان والصين، إلى جانب التقارب المتزايد بين الهند والولايات المتحدة، بتصاعد هذه التوترات إلى حرب عالمية. "حروب المياه" بين الواقع والأسطورة هذه هي النظرية، على الأقل. لكن في الواقع، نادراً ما تتحقق فرضية "حروب المياه"، التي تفترض أن الدول، على كوكب يزداد احتراراً وتقلباً في تدفقات الأنهار، ستدخل حتماً في صراعات على إمدادات المياه العذبة المتناقصة. ربما كانت أول معركة مسجلة في التاريخ بسبب المياه. ففي نحو 2500 قبل الميلاد، اندلع نزاع بين مدينتي لغش وأوما السومريتين بسبب مساحة من الأراضي الزراعية المروية، وقد خُلدت هذه الواقعة في نحت بارز مكسور معروض في متحف اللوفر. وكانت هذه أيضاً المرة الأخيرة في تاريخ البشرية التي تحولت فيها التهديدات المتكررة بشن حروب مائية إلى صراع فعلي بين دول، بحسب آرون وولف، أستاذ المياه والنزاعات في جامعة ولاية أوريجون. المعاهدات الدولية تكبح الصراعات قال وولف: "على الساحة الدولية، لا يكاد يكون هناك عنف فعلي بسبب المياه. ما يحدث غالباً هو كثير من الغضب والتكهنات، لكن هذا الاهتمام بحد ذاته يدفع الأمور نحو مسار يتيح توفير بيئة مناسبة للحوار والتفاوض، ثم التوصل إلى معاهدة تدوم إلى الأبد". تُظهر قاعدة بيانات تحتفظ بها جامعة ولاية أوريجون، وتوثق أكثر من 7000 حادثة دولية متعلقة بالمياه بين عامي 1948 و2008، أن أعمال العنف الفعلية اندلعت في 38 حالة فقط. جميع هذه الحالات، باستثناء 10 فقط، كانت مرتبطة بإسرائيل، ومعظمها جاء خلال الخمسينيات والستينيات. وكان ثلثا التفاعلات الدولية بشأن المياه تعاونية، ولم تصل حتى إلى مستوى النقد اللفظي البسيط. وهذا ينطبق حتى على الدول المعروفة بعداواتها المزمنة، مثل الهند وباكستان، وتركيا وأرمينيا، وإسرائيل ودول الجوار العربي. ولا ينبغي أن يثير ذلك دهشتنا. فالتوترات المتعلقة بتدفقات الأنهار مقلقة بالتحديد لأن المياه يمكن أن تتحول إلى سلاح دمار شامل. إذ إن المجاعات أودت بحياة أعداد تفوق بكثير ما تسببت فيه السيوف والرصاص خلال الحروب. ومع ذلك، ومثلما نجح العالم في تقييد استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، فقد تمكنت المعاهدات والبروتوكولات الدولية الروتينية من احتواء مخاطر النزاعات المائية أيضاً. تهديدات صعبة التطبيق عملياً كما هو الحال مع أسلحة الدمار الشامل الأخرى، فإن التلويح باستخدام المياه كسلاح يبقى أسهل بكثير من تنفيذه فعلياً. فرغم التهديدات الاستفزازية التي أطلقها وزير المياه الهندي، متوعداً بعدم السماح بمرور "ولا قطرة واحدة" من نهر السند إلى باكستان، فإن قدرة الإنسان على إيقاف مئات الكيلومترات المكعبة من المياه المتدفقة سنوياً عبر الأنهار الكبرى تبقى محدودة جداً. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع السدود الكهرومائية احتجاز المياه لفترات طويلة دون أن تهدد سلامتها الهيكلية. وحتى تنفذ الهند تهديد "ولا قطرة واحدة"، سيكون عليها إما تحويل مجاري الأنهار إلى قنوات غير قائمة أساساً، أو استخدام تلك المياه في ري مساحات زراعية شاسعة. وكلا الخيارين يحتاج إلى أعوام طويلة ومليارات الدولارات. وتبقى زراعة المحاصيل هي الوسيلة الوحيدة تقريباً، على نطاق واسع، لامتصاص مياه الأنهار ومنعها من الوصول إلى البحر في النهاية. ولهذا السبب، يُفرض تنظيم صارم على الري في الهند بموجب "معاهدة مياه السند"، وهي حقيقة لطالما أسهمت في تغذية ضغوط محلية متكررة تدفع باتجاه انسحاب نيودلهي من الاتفاقية. تغير المناخ يختبر المعاهدات ربما يكون هذا هو السياق الأنسب لفهم النزاع الأخير. فتغير المناخ يفرض تحديات جديدة على مئات المعاهدات والاتفاقيات التي تنظم استخدامنا للمياه، لكنه لا يبدو كفيلاً باختراقها. ففكرة الدمار المتبادل المؤكد التي قد تنجم عن حروب المياه كانت كافية لردع اندلاعها على مدى 4500 عام. ومن المرجح أن تسير جولة التصعيد الحالية على النهج نفسه، أي تهديدات لفظية لا تنتهي بقنابل وسفك دماء، بل بنقاشات بين محامين يراجعون بنود معاهدة مضى عليها 65 عاماً داخل قاعة محكمة هادئة في لاهاي. فالحرب، كما وصفها أحد أبرز منظريها ذات يوم، ليست سوى امتداد للسياسة بوسائل أخرى. وهذا يتجلى بوضوح عندما يتعلق الأمر بالتهديدات بشن الحرب. خاص بـ "بلومبرغ"