#أحدث الأخبار مع #حسنفوزيأوطانناصحيفة الشرقمنذ 3 أيامسياسةصحيفة الشرقأوطاننا نحنمقالات 111 نوال حسن فوزي أوطاننا نحن.. والدنيا منافينا هل يسأل الناس عن أوطاننا فينا؟ هويّتي عملة، واسم، وذاكرةٌ وغــــــــــربةٌ من عصـــــــــــور في مآقينا يا لافتات قطارات الرحيل قفي نحصي المحطات كَمْ صرنا بعيدينا هذه أبيات ثلاثة من قصيدة لم يستطع ذهني مفارقتها منذ اللحظة التي سمعتهم فيها، قد تتعدّد أسباب تعلّق ذهن المرء بالشيء؛ لكن تعلقي بهذه الأبيات كان مختلفًا! شدّتني الأبيات تلك من قصيدة الشاعر أحمد بخيت، وهو شاعر مصري، أخذ النيل من شرايينه مجرًى كما أخذ عندي، ولعلّ هذا السريان المشترك كان سببا لتعلّقي أكثر فأكثر بهذه الأبيات؛ حيث إنني كلما سمعتها، وأيقنت أن الشاعر قد كتبها لوطني: ترنّمت بها، واتّخذ جسدي من الوطنية والانتماء جناحين فحلّق! جدير بالذكر، أنني ممن فارق موطنه في الصغر، وكنت كلّما اشتدّت بي اللوعة والشّوق تذكّرت رحيل النّبي صلى الله عليه وسلّم من موطنه ومهوى فؤاده، وتذكّرت مقولته التي طالما زلزلت أركان هذا الفؤاد الطريّ الهشّ، حين قال صلّى الله عليه : (والله إنك لأحب أرض الله إلي، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وما أن تذكّرت هذه المقولة؛ حتى تصبّرت وتجلّدت، وأيقنت أن الأوطان عزيزة وإن جارت، والأهل وإن ضنوا فهم كرام. وفي مرة من الخمسين مرة التي قرأت فيها هذه الأبيات شرد ذهني لما هو أعمق من هذه القوافي والأحرف: هل تنتهي حدود هويّتي وانتمائي الفذّ عند حدود بلاد النّيل؟! وهل من المنطق أن تكون للهويّة والانتماء حدود؟ ماذا إن لم يستطع عبد الله وأمته الوصول لتلك الحدود؟ أيظلّان بلا هوية؟! وفور وصول ذهني لهذه النّقطة، تبادر إليه انتماء النّبي صلّى الله عليه وسلم إلى طيبة وأهلها، ممّا دفع ذهني إلى الاستمرار في التساؤل: ألم يكن النّبي من مكّة؟ ما الذي علّق قلبه بطيبة؟ وكيف اتّخذ من أرضها مسكنًا له حتى بعد تمكنّه من الرجوع؟! وهنا توصّلت إلى الفكرة! انتماء المسلم إنما يكون لربّه ودينه أولا؛ فحيث ما وجد أرضًا تقام عليها شريعة ربّه اطمئن وسكن وانتمى. أما عن الحدود التي وضعت لتذيب علاقات وروابط لم يعرف التاريخ مثل قوّتها وصلابتها، لا يجب على المرء أن يحدّ نفسه بها. وبما أنني ممّن يحبّون الشعر ويطربون به، تذكّرت بيتًا لنهار بن توسعة يقول فيه: أبي الإسلام لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ فاكتمل مشهد كامل بتفاصيله في ذهني، يتضمن أصواتًا وتساؤلات عديدة.. كان من أهمها: هل ما تمرّ به الأمة الآن من ضعف وخزي، يكمن سببه في الافتخار بقيس وتميم؟! وهل نجحت سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات التي رسمت حدودًا أن تكوّن بين عباد الله حاجزًا ؟ ألهذا لا نُنصر ولا نمكّن؟ عندها أدركت أن مرجعية الإنسان يجب أن تكون إلى دينه.. وهويّته وانتماؤه يكونان لأي أرض وأي شعب أقام شرع الله وحدّ حدوده، فحدود الله هي الحدود التي تُتّبع، وليست الحدود التي رُسمت ففرّقت، فننال بهذا قول الله تعالى: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:103]. وأخذ ذهني يسرد هذا المشهد؛ حتى وصلت إلي هذه الأبيات التي أحبّ، وأدركت أنني لم أعد مضطرةً إلى انتظار قطارات الرحيل ولا إيقافها، ولا مضطرة لأحصي المحطات لأشعر ببعد المسافة؛ لأنني اكتشفت أن هويتي وانتمائي يتواجدان في محطات عدة، وليست محطة واحدة؛ فأستطيع النزول في أيّها شئت، فهويّتي ديني، وعفّتي، وإيماني وحيائي.. أينما حللت أو ارتحلت! وعروبتي فخر وعزّة، وبلاد العرب والإسلام أوطاني، واكتشفت أن عروقي لا يجري بها النّيل فقط، بل اتّخذ دجلة والفرات وغيرهما منها مسلكًا، وأبحرت هويّتي في المحيطات السّبع، وأيقنت أن انتمائي لأرض الله الواسعة، حيث أقام عباده شريعته، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر، وبهذا كان المؤمن هوية تتنقّل، وانتماء دائما لا يرتبط بحدود ولا مجتمع محدد . مساحة إعلانية
صحيفة الشرقمنذ 3 أيامسياسةصحيفة الشرقأوطاننا نحنمقالات 111 نوال حسن فوزي أوطاننا نحن.. والدنيا منافينا هل يسأل الناس عن أوطاننا فينا؟ هويّتي عملة، واسم، وذاكرةٌ وغــــــــــربةٌ من عصـــــــــــور في مآقينا يا لافتات قطارات الرحيل قفي نحصي المحطات كَمْ صرنا بعيدينا هذه أبيات ثلاثة من قصيدة لم يستطع ذهني مفارقتها منذ اللحظة التي سمعتهم فيها، قد تتعدّد أسباب تعلّق ذهن المرء بالشيء؛ لكن تعلقي بهذه الأبيات كان مختلفًا! شدّتني الأبيات تلك من قصيدة الشاعر أحمد بخيت، وهو شاعر مصري، أخذ النيل من شرايينه مجرًى كما أخذ عندي، ولعلّ هذا السريان المشترك كان سببا لتعلّقي أكثر فأكثر بهذه الأبيات؛ حيث إنني كلما سمعتها، وأيقنت أن الشاعر قد كتبها لوطني: ترنّمت بها، واتّخذ جسدي من الوطنية والانتماء جناحين فحلّق! جدير بالذكر، أنني ممن فارق موطنه في الصغر، وكنت كلّما اشتدّت بي اللوعة والشّوق تذكّرت رحيل النّبي صلى الله عليه وسلّم من موطنه ومهوى فؤاده، وتذكّرت مقولته التي طالما زلزلت أركان هذا الفؤاد الطريّ الهشّ، حين قال صلّى الله عليه : (والله إنك لأحب أرض الله إلي، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وما أن تذكّرت هذه المقولة؛ حتى تصبّرت وتجلّدت، وأيقنت أن الأوطان عزيزة وإن جارت، والأهل وإن ضنوا فهم كرام. وفي مرة من الخمسين مرة التي قرأت فيها هذه الأبيات شرد ذهني لما هو أعمق من هذه القوافي والأحرف: هل تنتهي حدود هويّتي وانتمائي الفذّ عند حدود بلاد النّيل؟! وهل من المنطق أن تكون للهويّة والانتماء حدود؟ ماذا إن لم يستطع عبد الله وأمته الوصول لتلك الحدود؟ أيظلّان بلا هوية؟! وفور وصول ذهني لهذه النّقطة، تبادر إليه انتماء النّبي صلّى الله عليه وسلم إلى طيبة وأهلها، ممّا دفع ذهني إلى الاستمرار في التساؤل: ألم يكن النّبي من مكّة؟ ما الذي علّق قلبه بطيبة؟ وكيف اتّخذ من أرضها مسكنًا له حتى بعد تمكنّه من الرجوع؟! وهنا توصّلت إلى الفكرة! انتماء المسلم إنما يكون لربّه ودينه أولا؛ فحيث ما وجد أرضًا تقام عليها شريعة ربّه اطمئن وسكن وانتمى. أما عن الحدود التي وضعت لتذيب علاقات وروابط لم يعرف التاريخ مثل قوّتها وصلابتها، لا يجب على المرء أن يحدّ نفسه بها. وبما أنني ممّن يحبّون الشعر ويطربون به، تذكّرت بيتًا لنهار بن توسعة يقول فيه: أبي الإسلام لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ فاكتمل مشهد كامل بتفاصيله في ذهني، يتضمن أصواتًا وتساؤلات عديدة.. كان من أهمها: هل ما تمرّ به الأمة الآن من ضعف وخزي، يكمن سببه في الافتخار بقيس وتميم؟! وهل نجحت سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات التي رسمت حدودًا أن تكوّن بين عباد الله حاجزًا ؟ ألهذا لا نُنصر ولا نمكّن؟ عندها أدركت أن مرجعية الإنسان يجب أن تكون إلى دينه.. وهويّته وانتماؤه يكونان لأي أرض وأي شعب أقام شرع الله وحدّ حدوده، فحدود الله هي الحدود التي تُتّبع، وليست الحدود التي رُسمت ففرّقت، فننال بهذا قول الله تعالى: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:103]. وأخذ ذهني يسرد هذا المشهد؛ حتى وصلت إلي هذه الأبيات التي أحبّ، وأدركت أنني لم أعد مضطرةً إلى انتظار قطارات الرحيل ولا إيقافها، ولا مضطرة لأحصي المحطات لأشعر ببعد المسافة؛ لأنني اكتشفت أن هويتي وانتمائي يتواجدان في محطات عدة، وليست محطة واحدة؛ فأستطيع النزول في أيّها شئت، فهويّتي ديني، وعفّتي، وإيماني وحيائي.. أينما حللت أو ارتحلت! وعروبتي فخر وعزّة، وبلاد العرب والإسلام أوطاني، واكتشفت أن عروقي لا يجري بها النّيل فقط، بل اتّخذ دجلة والفرات وغيرهما منها مسلكًا، وأبحرت هويّتي في المحيطات السّبع، وأيقنت أن انتمائي لأرض الله الواسعة، حيث أقام عباده شريعته، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر، وبهذا كان المؤمن هوية تتنقّل، وانتماء دائما لا يرتبط بحدود ولا مجتمع محدد . مساحة إعلانية