#أحدث الأخبار مع #حسنىالضبع،الدستور٠١-٠٥-٢٠٢٥سياسةالدستورالقضاة لا يدخلون «محاكم الترند».. خبراء: الأحكام ليست رأيًا يفتى به غير المتخصصين.. ولا تحسم بـ«لايك وكومنت»فى زمن «السوشيال ميديا»، تحولت ساحات الإنترنت ومواقع التواصل إلى محاكم مفتوحة، يُحاكم فيها المتهمون من جمهور يحكم بالهوى والرأى لا بالقانون، ولا ينظر فى الأدلة والوقائع، ولا ينتظر أن يقول القضاء كلمته، وسط محاولات لا تنتهى لاستغلال القضايا والحوادث لخلق رأى عام ضاغط ومضطرب، مع استهداف عرقلة العدالة أو إثارة الاضطراب كلما وجدت الفرصة. وبين «محاكم الإنترنت» والضغط الشعبى المتصاعد، والتشهير بالمتهمين دون انتظار أحكام القضاء، يتعرض المتهمون والضحايا للأذى النفسى والاجتماعى، الأمر الذى يستدعى البحث عن تأثير تلك الظاهرة على سير العدالة، ومدى حدود حرية التعبير على مواقع السوشيال ميديا، التى تحولت إلى شاهد وقاضٍ وجلاد فى آن واحد، دون النظر فى الوقائع أو الالتزام بأى قانون. حسنى الضبع: ما يحدث الآن كان موجودًا فى السابق من خلال عناوين الصحف قال المستشار حسنى الضبع، رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقًا، إن الضغط الشعبى أو التحريض الذى يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى فى أى قضية رأى عام لا يؤثر إطلاقًا على القضاء، لأن القاضى يفترض فيه أن يتجرد من العلاقات مع كل الأطراف، وأن يكون بعيدًا عن كل ما ينشر، ولكن فى وسط ذلك لا يجب أن ننسى أن القاضى هو بشر، وعلى الرغم من أنه لن يتأثر فى أحكامه إلا أنه سيعانى من الإرهاق النفسى حتى نهاية القضية. وأشار إلى أن الضغط الذى يحدث حاليًا على «السوشيال ميديا» كان موجودًا فى السابق من خلال عناوين الصحف، لكن ذلك لم يكن بنفس التأثير والقوة؛ خاصة أن جميع الناس حاليًا لا يتركون هواتفهم حتى على سرير النوم، كما ينصب كثيرون أنفسهم حكامًا على المنصة الرقمية، مع صعوبة أن يقول أحدهم: «معرفش». وأوضح أنه سبق له خلال عمله فى القضاء أن تعرض لضغط فى أحيان كثيرة، ومنها واقعة قتل فيها ضابط زوجته، ولكن أوراق التحقيقات أثبتت أن القتل لم يكن عمدًا، بل كان «ضربًا أفضى إلى موت»، ولذا تم الحكم عليه بالسجن لمدة ٥ سنوات، وذلك أثار هجومًا من أهل الضحية، لأن الناس يتحدثون دون معرفة بالقانون ولا مواد الاتهام ولا تقدير عقوبة الجرائم. وأضاف: «كثيرًا ما يحدث الغضب حول قضايا الرأى العام عندما يكون المتهم حدثًا أو قاصرًا، وهو هنا، حتى لو ارتكب جريمة قتل، لا يحكم عليه بالإعدام، حتى لو كان ابن أفقر شخص فى البلد، لأنه لا يجوز الحكم عليه بعقوبة مغلظة». وتابع: «كثيرون يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام، لأنه قد يتبين لاحقًا وجود خطأ فى تقدير العقوبة من القضاة، رغم أن هذا لا يحدث إلا بنسبة محدودة جدًا، خاصة أن حكم الإعدام هو الوحيد الذى يكون بإجماع آراء كل مستشارى هيئة المحكمة، وحتى إذا لم يطعن المتهم على الحكم، فإن القانون يلزم النيابة العامة بالطعن على الحكم، ويتطلب الأمر ٧ مستشارين بمحكمة النقض لتأييد الحكم أو إعادة محاكمة المتهم أمام دائرة أخرى، والقرار هنا لا يكون فرديًا، بل يقره عدد من المختصين، أى أن الخطأ يكاد يكون منعدمًا». وأشار إلى أن إثارة الرأى العام فى مثل تلك القضايا تحدث منذ فترة طويلة، ضاربًا المثل بواقعة قتل اتهم فيها ابن فنانة شهيرة، وثبتت إدانته وارتكابه الواقعة وأُدين ٣ مرات وتم الحكم عليه بالإعدام، لكن تمت صناعة مسلسل تليفزيونى يظهر فيه هذا الشخص وكأنه بطل شعبى تم ظلمه، وهذا خطأ كبير. وأردف: «القاضى هو ظل الله فى الأرض ويحمل على عاتقه مسئولية حياة الناس، لذا لا يجب أن يتأثر بأى ضغط حول أى قضية ينظرها، والقانون يكفل له الحرية الكاملة حتى فى أسباب حكمه، ولو ضعفت الأدلة فإنه يذكر فى الحكم أنه (وقر فى يقين المحكمة على سبيل الجزم واليقين)، وكأنه رأى الواقعة، ولو تشكك بنسبة واحد فى المئة فإنه يحكم بالبراءة، أو تحيل النيابة العامة القضية للجنايات ليحكم فيها قضاة ذوو خبرة فى القانون، وكل هذه ضمانات لسير العدالة». وأكمل: «العدالة مغمضة العينين، ولو حدث تعاطف فى بعض القضايا، مثل قضية الطفل ياسين، فإنه يحكم وفقًا للقانون، وليس بناء على التأثر بالسوشيال ميديا أو الترند، والحل لتلافى المشكلة هو السيطرة على ما يتم تداوله عن القضايا عبر المواقع والمنصات عبر حظر النشر طوال فترة التحقيقات وأثناء نظر القضايا أمام النيابة». ألبير أنسى: «فيسبوك» ليس محكمة.. والحملات الإلكترونية تُضيِّع حقوق الأبرياء انتقد ألبير أنسى، الخبير القانونى المحامى بالنقض والدستورية العليا، الحملات التى يتم تدشينها على السوشيال ميديا فى بعض القضايا والوقائع الجنائية، موضحًا أن هذا شىء مستحدث فى المجتمع. وقال: «عندما تتم محاكمة المتهمين إلكترونيًا قبل نظر القضية يتحول كل شخص إلى قاضٍ، ويحكم بحسب خلفيته الثقافية ومعتقداته، وينسى أن الوقائع القضائية تكون خاضعة لتحقيقات النيابة وتفاصيل المحاكمة، ومن الطبيعى أن تتراوح الأحكام فيها بين الإدانة والبراءة، كما هى الحال فى أى قضية». وأضاف: «الأزمة تحدث حين يتم استغلال القضايا سياسيًا وإعلاميًا بشكل ممنهج، مع تجاوز المطالبة بتحقيق العدالة إلى الخطابات التعبوية لإثارة مشاعر الناس، ومحاولة التأثير على سير عدالة القضية ووضع المصلحة الشخصية أو العاطفية فوق العدالة والمبادئ الإنسانية». وتابع: «كثيرون أصبحوا يتكلمون فى القضايا المطروحة كأنها ترند مع إبداء الرأى دون وعى، وحتى قبل أن يقول القضاء كلمته ويفصل فى الواقعة، وهذا ما حدث مثلًا فى واقعة الطفل ياسين، التى أثارت الرأى العام مؤخرًا، فالبعض حاول التأثير على أحكام القضاة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، دون فحص أوراق أو سماع جميع أطراف القضية، وكأن القضية يمكن أن تتلخص فى منشور أو كومنت». وأردف: «قضية الطفل ياسين استمر التحقيق فيها لما يزيد عن سنة ونصف السنة، وتم حفظها مرة ثم التظلم عليها وإعادتها للتحقيق، والنيابة فيها جهلت أمرًا فاستعانت بأهل الخبرة والطب الشرعى وأحالتها للمحكمة ذات الخبرة القانونية الأكثر للفصل فيها، وكل هذه إجراءات قانونية، وليس من الطبيعى أن ننصب محكمة على السوشيال ميديا أو نقف أمام المحكمة لنردد الهتافات. واستطرد: «نحن لن نقدر على الموازنة بين حرية التعبير وحقوق الإنسان وكرامته طالما يوجد وحش السوشيال ميديا، لذا لا بد من مواجهة ذلك بالتربية والوعى، ومن يعطى رأيه فى مجال يجب أن يكون مؤهلًا للحديث فيه، كما أن التطاول على السوشيال ميديا يجب أن يخضع لمواد السب والقذف، التى تكون عقوبتها الحبس والغرامة». وأكمل: «عقوبة السب والقذف هى الحبس أكثر من عام، وفقًا لنص المواد ١٠٢ مكرر من قانون العقوبات، الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧: (يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا كاذبة أو بيانات مزورة، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام، كما يعاقب من تعمد نشر أخبار عبر وسائل تقنية المعلومات، وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ فى المادة ١٩)». البطاوى: الانتقادات تطال المحامين.. والتدوينات ليست معلومات موثوقة قال المستشار عصام البطاوى، المحامى بالنقض، إن السوشيال ميديا تتسبب فى إثارة الرأى العام، لدرجة تجعل البعض يعلق على أحكام القضاء، كما تؤثر على بعض المحامين فى مرافعاتهم أمام المحاكم، مثلما حدث فى محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين. وأوضح «البطاوى»: «خلال المحاكمة قال دفاع المجنى عليه إنه لا يحتاج محامين آخرين للتطوع فى القضية، وعقب الجلسة سخر منه البعض على الصفحات الإلكترونية، وقالوا إنه لم يتحدث أمام المحكمة بالشكل الكافى، وإن والدة الطفل هى التى تحدثت وروت تفاصيل الجريمة، ولا يعلمون أن دور المدعى بالحق المدنى يقتصر فقط على إثبات الادعاء المدنى، وبالتالى مثلوا ضغطًا شديدًا على محامى المجنى عليه». وتابع: «يجب على الرأى العام أن يقرأ الأوراق، أو على الأقل أن ينتظر قرار المحكمة، ولا يستقى المعلومات من تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعى»، مؤكدًا أن الشهادات لا تعتبر أدلة؛ فقد تكون شهادة المجنى عليه فى قضية أخرى غير كاملة أو ملفقة أو غير صادقة، وحينها تؤثر على المتهم بالسلب وتحرمه من حق محاكمته محاكمة عادلة. محمد حلاوة: التعليقات لا تقوم على خلفيات قانونية ويجب إخضاعها لجرائم النشر أكد المستشار محمد منصور حلاوة، رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقًا، أن القاضى يجب أن يكون محايدًا تجاه ما ينظره من وقائع وأن يحكم بالأوراق وبما يرضى الله، وفقًا للقانون ومواد الاتهام وأركان الجريمة، ويكون الحكم وفق ما يمليه عليه ضميره. واعتبر أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى هو من قبيل الكذب والتشهير، مشيرًا إلى أن من يعلقون على أى واقعة رأى عام لا يقرأون أوراق التحقيقات، ويتحدثون دون خلفية ثقافية أو قانونية. وقال: «ما يحدث شىء مؤسف، فالقاضى هو كلمة الله على الأرض، ولا يجوز له أن يحكم وفق اتجاهات الجمهور ولا بتأثيرات الرأى العام، ولا يجوز لشىء أن يؤثر عليه، لا عقليًا ولا نفسيًا». وأوضح أنه شهد العديد من قضايا الرأى العام، مثل قضايا الإرهاب أو محاكمة وزراء نظام مبارك بعد الثورة، وكان يواجه خلالها ضغوطًا وتأثيرات من المؤيدين والمعارضين، مؤكدًا أن ذلك لم يؤثر إطلاقًا على أحكامه وقراراته المصيرية. وأضاف: «إذا لم يكن الحكم مرضيًا لفئة معينة فى قضايا الرأى العام فإن القضاة كانوا يتلقون السباب وهم خارجون من قاعة المحكمة، ورغم ذلك، كان القاضى فى النهاية يحكم بعقله ومواد القانون وأدلة الثبوت وأوراق التحقيقات، وليس بالأهواء والعواطف». وتابع: «فى قضية الطفل ياسين المثارة حاليًا يكون الحكم وفقًا لأوراق التحقيقات، خاصة أن الطفل صغير وغير مميز، وشهادته تكون للاستدلال وليست قاطعة». وأكد أنه لا بد من مواجهة من يتجرأون على مواقع التواصل الاجتماعى قانونيًا، مع إخضاعهم لجرائم النشر والسب والقذف، وإلزامهم بعدم التعليق على الأحكام القضائية، لأن هذا مُجرم قانونًا. محمد شعبان:يمكن إحالة مَن يؤثر على مجريات التحقيق للمحاكمة رأى المستشار محمد شعبان، محامٍ، دكتوراه فى القانون الجنائى، أن السوشيال ميديا أصبح لها دور قوى فى المجتمع، وأنها تمثل تحديًا أمام القضاء، خاصة القاضى الجنائى؛ فهو الوحيد الذى أتاح له القانون مبدأ الاقتناع القضائى فى تكوين عقيدته من خلال الأدلة المتساندة، فيحكم القاضى باطمئنانه، وقد يشوب حكمه بعض الأخطاء والتى تُهذب منها فيما بعد محكمة الاستئناف ومحكمة النقض، لكنها لا تمس عقيدة محكمة أول درجة». وقال «شعبان» إن السوشيال ميديا حاليًا هى لسان الرأى العام، وتجاوزت نطاق الإعلام التقليدى إلى إعلام مفتوح غير قابل للسيطرة عليه بأى شكل من الأشكال، لذلك تدخّل المشرع للتصدى لذلك من خلال إصدار قرار حظر النشر فى حالة الإخلال بإجراءات التحقيق أو التأثير على مجريات القضية. وأوضح: «للمحكمة السلطة فى إحالة صاحب المنشورات التى تتداول تفاصيل القضية أو تؤثر على مجريات التحقيق للمحاكمة، بتهمة التأثير على أعمال السلطة القضائية طبقًا لقانون العقوبات». وأكد أن السوشيال ميديا قد تضيّع حق المجنى عليه أو المتهم، من خلال إرهاب شاهد لعدم الذهاب إلى المحكمة للإدلاء بشهادته، أو التأثير على مضمون الشهادة، أو سير المحاكمة وهو ما يعد تكديرًا للسلم العام. وتابع: «السوشيال ميديا تحكمها العاطفة، وكل من يجلس خلف شاشة هاتفه قد يرى المجنى عليه أو ابنه أو زوجته، فيتحول إلى طرف فى النزاع، ويطالب بتوقيع أقصى عقوبة دون الإلمام بتفاصيل القضية كاملة، ولا يرى سوى الإدانة، وفى حال عدم صدور الحكم الذى يتوقعه قد يصل الأمر إلى إهانة القضاء»، مشيرًا إلى أنه بعد التشهير بالمتهم وصدور حكم بالبراءة يظل فى نظر المجتمع مجرمًا ويتعرض للتنمّر وتدمر حياته بأكملها. وذكر أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى دفع جهات التحقيق لإصدار قرار بضم خبراء نفسيين مع لجان اختيار أعضاء النيابة العامة الجدد، لإجراء اختبارات نفسية توضح هل سيتأثر باتجاهات الرأى العام فى أثناء تحقيقه فى قضية ذات اهتمام إعلامى، عبر فحص ثباته الانفعالى. وأوضح: «يقول علم النفس الجنائى إن القاضى قد يتأثر بما يدور حوله، فهو فى النهاية بشر، وقد يتخيل أن الضحية أحد أفراد أسرته، لذلك يجب خضوعهم لتأهيل نفسى والاستعانة بالمركز القومى للدراسات القضائية، وخلق تدعيم نفسى للقضاة حتى يستطيعوا التصدى لتأثيرات الرأى العام». وناشد رواد السوشيال ميديا ترك الأمر لجهات التحقيق والقضاء، فهم أفضل من يحافظون على حق الضحية والمتهم فى محاكمة عادلة وإصدار حكم يطمئن له ويرضى قاضى السماء. أحمد فخرى:ضغوط الواقع الافتراضى تضر بالمجنى عليه أولًا أوضح الدكتور أحمد فخرى، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن العالم الافتراضى له وجهان؛ وجه إيجابى ووجه سلبى، ودائمًا السوشيال ميديا تنفّس عما بداخل المجتمعات، وخاصة المجتمعات العربية، فالكل يعبر عن وجهة نظره، وهذا قد يثمر أمورًا إيجابية، مثل الأعمال الفنية، أو سلبية مثل ترويج الأخبار المضللة. وأضاف «فخرى»: «هنا يظهر دور الأجهزة الأمنية فى رصدهم وملاحقة مروجى الشائعات، وأحيانًا تكون هناك حملات للضغط بشكل انتقامى فى بعض القضايا لتشويه بعض الشخصيات أو الفئات». وأشار إلى أن هناك ضغطًا شعبيًا يحدث على السوشيال ميديا فى بعض القضايا التى تثار، مثل قضايا هتك العرض والقضايا التى تتحدث عن موضوعات تمس الشرف أو العقيدة، ما يخلق نوعًا من الغضب الشديد فى المجتمع، وقد يؤثر على سير المحاكمة. وتابع: «القضية التى تثار حاليًا تخص طفلًا ضعيفًا، لذا يستغلها البعض على السوشيال ميديا ويحاولون أو يطالبون بإصدار أحكام، قبل نظر القضية بشكل رسمى، دون تحرى الدقة، ودون فهم أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وحتى عقب إدانته تظل هناك خطوات تقاضٍ قبل أن يصبح الحكم نهائيًا». وأكد أن «الأحكام على السوشيال ميديا تستبق إعمال العقل والنواحى النفسية، لذا نجد سيلًا من الأحكام قبل صدورها من الجهة المختصة، وهذا عدم إعمال للمنطق، يتسبب فى إلقاء اللوم على الجانى والتأثير عليه نفسيًا، على الرغم أن من يهاجم أو يصدر أحكامًا على السوشيال ميديا، يكون فى الغالب لديه وقت فراغ يسعى لتضييعه باستخدام الهاتف، فيختلق أحداثًا ليكمل القصة فى وعيه وينشرها ويتشاركها الجميع». وقال: «ما يحدث له تأثير خطير على المتهم فى أى قضية، بغض النظر عن الواقعة الحالية، فقد يشعر أنه موصوم قبل أن يحصل على حقه فى محاكمة عادلة، وتدمير حياته ودخوله فى حالة من الاكتئاب، كما أن هذا يؤثر على النواحى الإدراكية والعقلية، ويتسبب فى حدوث ضغوط واضطرابات عقلية لديه، لأنه لا يواجه فردًا بل يواجه مجتمعًا، وقد يؤدى الحزن للوفاة، فلا بد أن نراعى أن هذا المتهم مصاب باضطرابات نفسية قادته لارتكاب جريمته واضطرابات فى الجسم وتكون لدينا رحمة فى التعامل مع المتهمين. فمع سير القانون فى مجراه، نعالج المتهمين حتى نضمن عدم تكرار الجريمة». وأضاف: «كما أن الضرر النفسى يلحق بالطفل الضحية فيتعرض أيضًا للتشهير به وبأسرته وبالمكان الذى يدرس فيه، ويصبح منبوذًا بين زملائه، فيتعرض لاضطراب ما بعض الصدمة نتيجة تضخيم الأمر الذى لا يستوعبه، فهنا لا بد من التدخل العلاجى، عبر خضوع الضحية للعلاج النفسى، لأنه يعيش حالة من الاغتراب فى المجتمع». وعن تأثير ضغوط السوشيال ميديا على سير العدالة، قال: «غير وارد أن يتأثر القضاة، فهناك بعض المهن مثل الطبيب ومنفذ حكم الإعدام والقاضى، يحكمها العقل لا العاطفة، مؤكدًا: «القضاة دائمًا لا يتأثرون بالضغط، فما يهم القاضى هو تطبيق القانون».
الدستور٠١-٠٥-٢٠٢٥سياسةالدستورالقضاة لا يدخلون «محاكم الترند».. خبراء: الأحكام ليست رأيًا يفتى به غير المتخصصين.. ولا تحسم بـ«لايك وكومنت»فى زمن «السوشيال ميديا»، تحولت ساحات الإنترنت ومواقع التواصل إلى محاكم مفتوحة، يُحاكم فيها المتهمون من جمهور يحكم بالهوى والرأى لا بالقانون، ولا ينظر فى الأدلة والوقائع، ولا ينتظر أن يقول القضاء كلمته، وسط محاولات لا تنتهى لاستغلال القضايا والحوادث لخلق رأى عام ضاغط ومضطرب، مع استهداف عرقلة العدالة أو إثارة الاضطراب كلما وجدت الفرصة. وبين «محاكم الإنترنت» والضغط الشعبى المتصاعد، والتشهير بالمتهمين دون انتظار أحكام القضاء، يتعرض المتهمون والضحايا للأذى النفسى والاجتماعى، الأمر الذى يستدعى البحث عن تأثير تلك الظاهرة على سير العدالة، ومدى حدود حرية التعبير على مواقع السوشيال ميديا، التى تحولت إلى شاهد وقاضٍ وجلاد فى آن واحد، دون النظر فى الوقائع أو الالتزام بأى قانون. حسنى الضبع: ما يحدث الآن كان موجودًا فى السابق من خلال عناوين الصحف قال المستشار حسنى الضبع، رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقًا، إن الضغط الشعبى أو التحريض الذى يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى فى أى قضية رأى عام لا يؤثر إطلاقًا على القضاء، لأن القاضى يفترض فيه أن يتجرد من العلاقات مع كل الأطراف، وأن يكون بعيدًا عن كل ما ينشر، ولكن فى وسط ذلك لا يجب أن ننسى أن القاضى هو بشر، وعلى الرغم من أنه لن يتأثر فى أحكامه إلا أنه سيعانى من الإرهاق النفسى حتى نهاية القضية. وأشار إلى أن الضغط الذى يحدث حاليًا على «السوشيال ميديا» كان موجودًا فى السابق من خلال عناوين الصحف، لكن ذلك لم يكن بنفس التأثير والقوة؛ خاصة أن جميع الناس حاليًا لا يتركون هواتفهم حتى على سرير النوم، كما ينصب كثيرون أنفسهم حكامًا على المنصة الرقمية، مع صعوبة أن يقول أحدهم: «معرفش». وأوضح أنه سبق له خلال عمله فى القضاء أن تعرض لضغط فى أحيان كثيرة، ومنها واقعة قتل فيها ضابط زوجته، ولكن أوراق التحقيقات أثبتت أن القتل لم يكن عمدًا، بل كان «ضربًا أفضى إلى موت»، ولذا تم الحكم عليه بالسجن لمدة ٥ سنوات، وذلك أثار هجومًا من أهل الضحية، لأن الناس يتحدثون دون معرفة بالقانون ولا مواد الاتهام ولا تقدير عقوبة الجرائم. وأضاف: «كثيرًا ما يحدث الغضب حول قضايا الرأى العام عندما يكون المتهم حدثًا أو قاصرًا، وهو هنا، حتى لو ارتكب جريمة قتل، لا يحكم عليه بالإعدام، حتى لو كان ابن أفقر شخص فى البلد، لأنه لا يجوز الحكم عليه بعقوبة مغلظة». وتابع: «كثيرون يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام، لأنه قد يتبين لاحقًا وجود خطأ فى تقدير العقوبة من القضاة، رغم أن هذا لا يحدث إلا بنسبة محدودة جدًا، خاصة أن حكم الإعدام هو الوحيد الذى يكون بإجماع آراء كل مستشارى هيئة المحكمة، وحتى إذا لم يطعن المتهم على الحكم، فإن القانون يلزم النيابة العامة بالطعن على الحكم، ويتطلب الأمر ٧ مستشارين بمحكمة النقض لتأييد الحكم أو إعادة محاكمة المتهم أمام دائرة أخرى، والقرار هنا لا يكون فرديًا، بل يقره عدد من المختصين، أى أن الخطأ يكاد يكون منعدمًا». وأشار إلى أن إثارة الرأى العام فى مثل تلك القضايا تحدث منذ فترة طويلة، ضاربًا المثل بواقعة قتل اتهم فيها ابن فنانة شهيرة، وثبتت إدانته وارتكابه الواقعة وأُدين ٣ مرات وتم الحكم عليه بالإعدام، لكن تمت صناعة مسلسل تليفزيونى يظهر فيه هذا الشخص وكأنه بطل شعبى تم ظلمه، وهذا خطأ كبير. وأردف: «القاضى هو ظل الله فى الأرض ويحمل على عاتقه مسئولية حياة الناس، لذا لا يجب أن يتأثر بأى ضغط حول أى قضية ينظرها، والقانون يكفل له الحرية الكاملة حتى فى أسباب حكمه، ولو ضعفت الأدلة فإنه يذكر فى الحكم أنه (وقر فى يقين المحكمة على سبيل الجزم واليقين)، وكأنه رأى الواقعة، ولو تشكك بنسبة واحد فى المئة فإنه يحكم بالبراءة، أو تحيل النيابة العامة القضية للجنايات ليحكم فيها قضاة ذوو خبرة فى القانون، وكل هذه ضمانات لسير العدالة». وأكمل: «العدالة مغمضة العينين، ولو حدث تعاطف فى بعض القضايا، مثل قضية الطفل ياسين، فإنه يحكم وفقًا للقانون، وليس بناء على التأثر بالسوشيال ميديا أو الترند، والحل لتلافى المشكلة هو السيطرة على ما يتم تداوله عن القضايا عبر المواقع والمنصات عبر حظر النشر طوال فترة التحقيقات وأثناء نظر القضايا أمام النيابة». ألبير أنسى: «فيسبوك» ليس محكمة.. والحملات الإلكترونية تُضيِّع حقوق الأبرياء انتقد ألبير أنسى، الخبير القانونى المحامى بالنقض والدستورية العليا، الحملات التى يتم تدشينها على السوشيال ميديا فى بعض القضايا والوقائع الجنائية، موضحًا أن هذا شىء مستحدث فى المجتمع. وقال: «عندما تتم محاكمة المتهمين إلكترونيًا قبل نظر القضية يتحول كل شخص إلى قاضٍ، ويحكم بحسب خلفيته الثقافية ومعتقداته، وينسى أن الوقائع القضائية تكون خاضعة لتحقيقات النيابة وتفاصيل المحاكمة، ومن الطبيعى أن تتراوح الأحكام فيها بين الإدانة والبراءة، كما هى الحال فى أى قضية». وأضاف: «الأزمة تحدث حين يتم استغلال القضايا سياسيًا وإعلاميًا بشكل ممنهج، مع تجاوز المطالبة بتحقيق العدالة إلى الخطابات التعبوية لإثارة مشاعر الناس، ومحاولة التأثير على سير عدالة القضية ووضع المصلحة الشخصية أو العاطفية فوق العدالة والمبادئ الإنسانية». وتابع: «كثيرون أصبحوا يتكلمون فى القضايا المطروحة كأنها ترند مع إبداء الرأى دون وعى، وحتى قبل أن يقول القضاء كلمته ويفصل فى الواقعة، وهذا ما حدث مثلًا فى واقعة الطفل ياسين، التى أثارت الرأى العام مؤخرًا، فالبعض حاول التأثير على أحكام القضاة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، دون فحص أوراق أو سماع جميع أطراف القضية، وكأن القضية يمكن أن تتلخص فى منشور أو كومنت». وأردف: «قضية الطفل ياسين استمر التحقيق فيها لما يزيد عن سنة ونصف السنة، وتم حفظها مرة ثم التظلم عليها وإعادتها للتحقيق، والنيابة فيها جهلت أمرًا فاستعانت بأهل الخبرة والطب الشرعى وأحالتها للمحكمة ذات الخبرة القانونية الأكثر للفصل فيها، وكل هذه إجراءات قانونية، وليس من الطبيعى أن ننصب محكمة على السوشيال ميديا أو نقف أمام المحكمة لنردد الهتافات. واستطرد: «نحن لن نقدر على الموازنة بين حرية التعبير وحقوق الإنسان وكرامته طالما يوجد وحش السوشيال ميديا، لذا لا بد من مواجهة ذلك بالتربية والوعى، ومن يعطى رأيه فى مجال يجب أن يكون مؤهلًا للحديث فيه، كما أن التطاول على السوشيال ميديا يجب أن يخضع لمواد السب والقذف، التى تكون عقوبتها الحبس والغرامة». وأكمل: «عقوبة السب والقذف هى الحبس أكثر من عام، وفقًا لنص المواد ١٠٢ مكرر من قانون العقوبات، الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧: (يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا كاذبة أو بيانات مزورة، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام، كما يعاقب من تعمد نشر أخبار عبر وسائل تقنية المعلومات، وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ فى المادة ١٩)». البطاوى: الانتقادات تطال المحامين.. والتدوينات ليست معلومات موثوقة قال المستشار عصام البطاوى، المحامى بالنقض، إن السوشيال ميديا تتسبب فى إثارة الرأى العام، لدرجة تجعل البعض يعلق على أحكام القضاء، كما تؤثر على بعض المحامين فى مرافعاتهم أمام المحاكم، مثلما حدث فى محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين. وأوضح «البطاوى»: «خلال المحاكمة قال دفاع المجنى عليه إنه لا يحتاج محامين آخرين للتطوع فى القضية، وعقب الجلسة سخر منه البعض على الصفحات الإلكترونية، وقالوا إنه لم يتحدث أمام المحكمة بالشكل الكافى، وإن والدة الطفل هى التى تحدثت وروت تفاصيل الجريمة، ولا يعلمون أن دور المدعى بالحق المدنى يقتصر فقط على إثبات الادعاء المدنى، وبالتالى مثلوا ضغطًا شديدًا على محامى المجنى عليه». وتابع: «يجب على الرأى العام أن يقرأ الأوراق، أو على الأقل أن ينتظر قرار المحكمة، ولا يستقى المعلومات من تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعى»، مؤكدًا أن الشهادات لا تعتبر أدلة؛ فقد تكون شهادة المجنى عليه فى قضية أخرى غير كاملة أو ملفقة أو غير صادقة، وحينها تؤثر على المتهم بالسلب وتحرمه من حق محاكمته محاكمة عادلة. محمد حلاوة: التعليقات لا تقوم على خلفيات قانونية ويجب إخضاعها لجرائم النشر أكد المستشار محمد منصور حلاوة، رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقًا، أن القاضى يجب أن يكون محايدًا تجاه ما ينظره من وقائع وأن يحكم بالأوراق وبما يرضى الله، وفقًا للقانون ومواد الاتهام وأركان الجريمة، ويكون الحكم وفق ما يمليه عليه ضميره. واعتبر أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى هو من قبيل الكذب والتشهير، مشيرًا إلى أن من يعلقون على أى واقعة رأى عام لا يقرأون أوراق التحقيقات، ويتحدثون دون خلفية ثقافية أو قانونية. وقال: «ما يحدث شىء مؤسف، فالقاضى هو كلمة الله على الأرض، ولا يجوز له أن يحكم وفق اتجاهات الجمهور ولا بتأثيرات الرأى العام، ولا يجوز لشىء أن يؤثر عليه، لا عقليًا ولا نفسيًا». وأوضح أنه شهد العديد من قضايا الرأى العام، مثل قضايا الإرهاب أو محاكمة وزراء نظام مبارك بعد الثورة، وكان يواجه خلالها ضغوطًا وتأثيرات من المؤيدين والمعارضين، مؤكدًا أن ذلك لم يؤثر إطلاقًا على أحكامه وقراراته المصيرية. وأضاف: «إذا لم يكن الحكم مرضيًا لفئة معينة فى قضايا الرأى العام فإن القضاة كانوا يتلقون السباب وهم خارجون من قاعة المحكمة، ورغم ذلك، كان القاضى فى النهاية يحكم بعقله ومواد القانون وأدلة الثبوت وأوراق التحقيقات، وليس بالأهواء والعواطف». وتابع: «فى قضية الطفل ياسين المثارة حاليًا يكون الحكم وفقًا لأوراق التحقيقات، خاصة أن الطفل صغير وغير مميز، وشهادته تكون للاستدلال وليست قاطعة». وأكد أنه لا بد من مواجهة من يتجرأون على مواقع التواصل الاجتماعى قانونيًا، مع إخضاعهم لجرائم النشر والسب والقذف، وإلزامهم بعدم التعليق على الأحكام القضائية، لأن هذا مُجرم قانونًا. محمد شعبان:يمكن إحالة مَن يؤثر على مجريات التحقيق للمحاكمة رأى المستشار محمد شعبان، محامٍ، دكتوراه فى القانون الجنائى، أن السوشيال ميديا أصبح لها دور قوى فى المجتمع، وأنها تمثل تحديًا أمام القضاء، خاصة القاضى الجنائى؛ فهو الوحيد الذى أتاح له القانون مبدأ الاقتناع القضائى فى تكوين عقيدته من خلال الأدلة المتساندة، فيحكم القاضى باطمئنانه، وقد يشوب حكمه بعض الأخطاء والتى تُهذب منها فيما بعد محكمة الاستئناف ومحكمة النقض، لكنها لا تمس عقيدة محكمة أول درجة». وقال «شعبان» إن السوشيال ميديا حاليًا هى لسان الرأى العام، وتجاوزت نطاق الإعلام التقليدى إلى إعلام مفتوح غير قابل للسيطرة عليه بأى شكل من الأشكال، لذلك تدخّل المشرع للتصدى لذلك من خلال إصدار قرار حظر النشر فى حالة الإخلال بإجراءات التحقيق أو التأثير على مجريات القضية. وأوضح: «للمحكمة السلطة فى إحالة صاحب المنشورات التى تتداول تفاصيل القضية أو تؤثر على مجريات التحقيق للمحاكمة، بتهمة التأثير على أعمال السلطة القضائية طبقًا لقانون العقوبات». وأكد أن السوشيال ميديا قد تضيّع حق المجنى عليه أو المتهم، من خلال إرهاب شاهد لعدم الذهاب إلى المحكمة للإدلاء بشهادته، أو التأثير على مضمون الشهادة، أو سير المحاكمة وهو ما يعد تكديرًا للسلم العام. وتابع: «السوشيال ميديا تحكمها العاطفة، وكل من يجلس خلف شاشة هاتفه قد يرى المجنى عليه أو ابنه أو زوجته، فيتحول إلى طرف فى النزاع، ويطالب بتوقيع أقصى عقوبة دون الإلمام بتفاصيل القضية كاملة، ولا يرى سوى الإدانة، وفى حال عدم صدور الحكم الذى يتوقعه قد يصل الأمر إلى إهانة القضاء»، مشيرًا إلى أنه بعد التشهير بالمتهم وصدور حكم بالبراءة يظل فى نظر المجتمع مجرمًا ويتعرض للتنمّر وتدمر حياته بأكملها. وذكر أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى دفع جهات التحقيق لإصدار قرار بضم خبراء نفسيين مع لجان اختيار أعضاء النيابة العامة الجدد، لإجراء اختبارات نفسية توضح هل سيتأثر باتجاهات الرأى العام فى أثناء تحقيقه فى قضية ذات اهتمام إعلامى، عبر فحص ثباته الانفعالى. وأوضح: «يقول علم النفس الجنائى إن القاضى قد يتأثر بما يدور حوله، فهو فى النهاية بشر، وقد يتخيل أن الضحية أحد أفراد أسرته، لذلك يجب خضوعهم لتأهيل نفسى والاستعانة بالمركز القومى للدراسات القضائية، وخلق تدعيم نفسى للقضاة حتى يستطيعوا التصدى لتأثيرات الرأى العام». وناشد رواد السوشيال ميديا ترك الأمر لجهات التحقيق والقضاء، فهم أفضل من يحافظون على حق الضحية والمتهم فى محاكمة عادلة وإصدار حكم يطمئن له ويرضى قاضى السماء. أحمد فخرى:ضغوط الواقع الافتراضى تضر بالمجنى عليه أولًا أوضح الدكتور أحمد فخرى، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن العالم الافتراضى له وجهان؛ وجه إيجابى ووجه سلبى، ودائمًا السوشيال ميديا تنفّس عما بداخل المجتمعات، وخاصة المجتمعات العربية، فالكل يعبر عن وجهة نظره، وهذا قد يثمر أمورًا إيجابية، مثل الأعمال الفنية، أو سلبية مثل ترويج الأخبار المضللة. وأضاف «فخرى»: «هنا يظهر دور الأجهزة الأمنية فى رصدهم وملاحقة مروجى الشائعات، وأحيانًا تكون هناك حملات للضغط بشكل انتقامى فى بعض القضايا لتشويه بعض الشخصيات أو الفئات». وأشار إلى أن هناك ضغطًا شعبيًا يحدث على السوشيال ميديا فى بعض القضايا التى تثار، مثل قضايا هتك العرض والقضايا التى تتحدث عن موضوعات تمس الشرف أو العقيدة، ما يخلق نوعًا من الغضب الشديد فى المجتمع، وقد يؤثر على سير المحاكمة. وتابع: «القضية التى تثار حاليًا تخص طفلًا ضعيفًا، لذا يستغلها البعض على السوشيال ميديا ويحاولون أو يطالبون بإصدار أحكام، قبل نظر القضية بشكل رسمى، دون تحرى الدقة، ودون فهم أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وحتى عقب إدانته تظل هناك خطوات تقاضٍ قبل أن يصبح الحكم نهائيًا». وأكد أن «الأحكام على السوشيال ميديا تستبق إعمال العقل والنواحى النفسية، لذا نجد سيلًا من الأحكام قبل صدورها من الجهة المختصة، وهذا عدم إعمال للمنطق، يتسبب فى إلقاء اللوم على الجانى والتأثير عليه نفسيًا، على الرغم أن من يهاجم أو يصدر أحكامًا على السوشيال ميديا، يكون فى الغالب لديه وقت فراغ يسعى لتضييعه باستخدام الهاتف، فيختلق أحداثًا ليكمل القصة فى وعيه وينشرها ويتشاركها الجميع». وقال: «ما يحدث له تأثير خطير على المتهم فى أى قضية، بغض النظر عن الواقعة الحالية، فقد يشعر أنه موصوم قبل أن يحصل على حقه فى محاكمة عادلة، وتدمير حياته ودخوله فى حالة من الاكتئاب، كما أن هذا يؤثر على النواحى الإدراكية والعقلية، ويتسبب فى حدوث ضغوط واضطرابات عقلية لديه، لأنه لا يواجه فردًا بل يواجه مجتمعًا، وقد يؤدى الحزن للوفاة، فلا بد أن نراعى أن هذا المتهم مصاب باضطرابات نفسية قادته لارتكاب جريمته واضطرابات فى الجسم وتكون لدينا رحمة فى التعامل مع المتهمين. فمع سير القانون فى مجراه، نعالج المتهمين حتى نضمن عدم تكرار الجريمة». وأضاف: «كما أن الضرر النفسى يلحق بالطفل الضحية فيتعرض أيضًا للتشهير به وبأسرته وبالمكان الذى يدرس فيه، ويصبح منبوذًا بين زملائه، فيتعرض لاضطراب ما بعض الصدمة نتيجة تضخيم الأمر الذى لا يستوعبه، فهنا لا بد من التدخل العلاجى، عبر خضوع الضحية للعلاج النفسى، لأنه يعيش حالة من الاغتراب فى المجتمع». وعن تأثير ضغوط السوشيال ميديا على سير العدالة، قال: «غير وارد أن يتأثر القضاة، فهناك بعض المهن مثل الطبيب ومنفذ حكم الإعدام والقاضى، يحكمها العقل لا العاطفة، مؤكدًا: «القضاة دائمًا لا يتأثرون بالضغط، فما يهم القاضى هو تطبيق القانون».