أحدث الأخبار مع #حسينعليحسين


شبكة النبأ
منذ 4 أيام
- أعمال
- شبكة النبأ
مركز الفرات ناقش.. الأبعاد الاقتصادية للتعرفات الكمركية الأمريكية
بعد فرض التعرفات الأمريكية ردت الصين وهذا الصراع أثر على التبادل التجاري على مستوى العالم وحركة التجارة على مستوى العالم. أيضا أثرت على قيمة الدولار الأمريكي وهذا أحد الأسلحة التي تستخدمها الصين فيما يخص قيمة الدولار الأمريكي، لأن الطلب الصيني يؤثر في السوق العالمية، فحين زاد الطلب على الذهب... تحرير: حسين علي حسين ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية (الأبعاد الاقتصادية والسياسية للتعرفات الكمركية الأمريكية)، حيث قدم الباحث الدكتور حسين السرحان من مركز الفرات ورقة بحثية حملت العنوان المذكور أعلاه، وجرت المناقشة في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام ضمن البرنامج المستمر لملتقى النبأ الأسبوعي وذلك في يوم السبت الموافق 12/4/2025، حيث شارك فيها نخبة من الكتاب والأكاديميين ومدراء المراكز البحثية وقد جاء في هذه الورقة: تدور ورقتنا هذه حول الأبعاد الاقتصادية والسياسية للتعرفات الكمركية الأمريكية، بداية نبدأ بمقدمة بسيطة، إن هذه التعريفات الكمركية ليست جديدة، فدائما ما يلجأ الاقتصاد الأمريكي لهذه الطريقة وفق الوضع والبرنامج الاقتصادي للرئيس، في 2018 و2019 كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وضع أيضا في ولايته الأولى تعرفات كمركية كبيرة وشهدت جدلا كبيرا وتأثيرات كبيرة على النظام العالمي. وشهدت نوعا من الحرب أو الصراع التجاري مع الصين، حققت بعض الأهداف لكنها لم تتحقق بشكل كامل، التعرفات الكمركية أو التعرفة الكمركية، نحن لدينا في الاقتصاد ثلاث سياسات أساسية وهي: سياسات مالية، سياسات نقدية وسياسات تجارية. التعرفة الكمركية قائمة على أساس الحماية الاقتصادية، فقد نجد هنا منتجا محليا أو أي هدف كان أو تتعلق بقيمة العملة أو حجم النقل والدولار الذي يخرج، وفق نظام ميزان المدفوعات، إذن هي عبارة عن رسوم أو ضرائب، لأن الرسوم تُقدَم مقابل خدمة، الضرائب كلا، ولكن هي أقرب للضرائب، فهي ضرائب تُضرب على السلع الأجنبية المستوردة لدولة معينة، وهذه أحيانا أما للحفاظ على السلع الداخلية أو توفير المزيد منها أو توازن التضخم مع المستوى العام للأسعار وهناك أهداف كثيرة لهذا الموضوع. هذه التعرفات الكمركية وهذه الضرائب التي تفرضها الدول وفق أنظمتها وقوانينها عبر السلطات الكمركية هي من أهداف تنظيم التجارة العالمية، لأنه بدون هذه الأداة سوف يحدث نوع من الإغراق السلبي الذي يمارس من هذه الدول، وهذا يكون عملا فوضويا. ومثلما هي تعزيز للصناعة المحلية والإنتاج المحلي، وتتحكم بمستوى التضخم الذي يتعلق بالمستوى العام للأسعار وهذه سياسة نقدية بالدرجة الأولى، لكن السياسات المالية والنقدية والتجارية، تتعاون فيما بينها لغرض تصحيح ميزان المدفوعات وسوف نفصل ذلك بشكل كبير، فحتى نقلل من الاعتماد على الاستيرادات من الخارج نفرض هذا الشيء، حتى نحافظ على المستوى العام للأسعار. لأن السلع إذا انخفضت في الداخل وانتاجها قليل أو غير كفوء لا يبعث على منافسة المنتج الخارجي فيمكن التخفيف على السلع الخارجية حتى تدخل أكثر، أحيانا تكون هناك سلع يتم فرض ضريبة مئة أو مئة وخمسين بالمئة لكيلا نسمح لها بالدخول لوجود إنتاج محلي من نفس السلعة، وإذا تدخل السلعة الأجنبية سوف أحرم عمالا كثيرين من العمل. توجد لدينا تسميات عديدة لهذ التعرفة، فتوجد تعرفة نسبية تُفرض بنسبة مئوية على قيمة السلعة، مثلا 10% من قيمة السلعة، أو 20% من قيمة السلعة، أو 150% من قيمة السلعة، وهذا يتحدد حسب نوع السلعة والكمية المستوردة. توجد سلع وتعريفة كمركية محددة، تفرض على أساس وحدة معينة، يعني نفرض مثلا على الحليب المستورد 10 دولار على كل طن أو 50 دولارا على كل طن، مبلغ نقدي وليس نسبة مئوية، فبغض النظر عن قيمة السلع المستوردة وكميتها نفرض مثلا ضريبة 50 دولارا على كل طن حليب، فتوجد لدينا تعرفة كمركية تجمع بين النسبية والقيمة المحددة. كذلك توجد تعرفة تعويضية وهي لها دخل بموضوع المواد الخام التي تدخل في الصناعات المحلية، نحتاج أن يكون فيها دعم لكي نعوض المنتج المحلي أو المصنّع المحلي، نعوضه عن طريق تخفيض قيمة السلع أو المواد الخام التي تدخل في هذه الصناعة. وهناك تعرفة تسمى تعرفة الحماية، وهذه تُفرَض على السلع المستوردة بكميات كبيرة وهذه الكميات الكبيرة قد تهدد الانتاج الداخلي وتضعف المنافسة الداخلية لذلك يحتاج الأمر إلى وضع تعرفة حمائية مسبقة. فهذا المتغير الأساس في هذه الورقة. هل يمكن أن تستخدم هذه التعرفات الكمركية كسلاح؟، الجواب نعم ممكن أن تستخدم كسلاح، إنه في حال وجود صراع أو إجبار دولة معينة على تبني موقف سياسي معين، أو تبنّي سياسة اقتصادية معينة، يمكن أن أفرض عليها التعرفة الكمركية إذا كانت هذه الورقة رابحة في هذا الاتجاه. حاليا بالنسبة للصين مثلا من وجهة نظري البسيطة باستمرار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وهذا الضغط الكبير على إيران ممكن تحييد الجانب الصيني عن المنطقة وعن دعم إيران، بمعنى تكون بعيدا عن الدعم السياسي والعسكري أو الاستراتيجي على مستوى العالم للنظام الإيراني، فيشغلها بالتعرفة الكمركية ويتفرغ للنظام الإيراني. من الممكن أن ينعزل بهذا الاتجاه لأن الصين مصدرة بشكل كبير ولديها انتاج مصنّع بشكل كبير. فمن الممكن إدامة الصراع معها عبر التعرفات الكمركية ومن الممكن أن تؤتي ثمارها، حاليا الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، سببها ارتفاع في الميزان التجاري وأقصد بذلك السلع وهناك ميزان آخر يخص السلع غير المنظورة، فما هي السلع غير المنظورة؟ الميزان التجاري هو سلع وخدمات، أي سلعة مادية وموجودة، ولكن هناك خدمات وسلع هي عبارة عن غير منظورة أو تسمى سلع غير منظورة مثلا خدمات الاتصالات، الإنترنيت، الحماية التهريب الشحن الاتصالات وغيرها هذه كلها خدمات غير مرئية لها كلفتها بين الدول في التعاملات بينها، فمن الممكن أن تفرض ضريبة على هذه الخدمات. فالسلع المنظورة وغير المنظورة المصدَّرة من الصين إلى أمريكا كبيرة جدا تقارب 470 مليار دولارا، في المقابل السلع الأمريكية المصدَّرة للصين أقل من 300 مليون دولار، وهذا بالنسبة لهم يمثل عجزا تجاريا مع الصين، ولهذا نلاحظ أن التعرفات الكمركية التي فُرضت على الدول أكثر من 170 دولة، بهذا الخصوص راعت الميزان التجاري مع هذه الدول يعني وفق الميزان التجاري لهذه الدول تم فرض تعرفات كمركية. مثلا العجز التجاري مع العراق كم؟، ومع الكويت ومع السعودية، فيفرض بما يصحح هذا الميزان التجاري، نسبة وتناسب، بمواجهة هذه السلع المصدرة للصين التي كانت مدعومة من الداخل بتخفيض قيمة العملة وزيادة القدرة على التصدير وأصبحت السلع الصينية تبدو في الخارج أسهل وأرخص للحصول عليها قياسا بالسلع الأمريكية وغيرها، فصار هناك نوع من الخلل في الميزان التجاري. وهذا ليس بجديد، بمعنى قبل ترامب عندما بدأت الصين تدخل إلى نادي المنتجين العالميين تمكنت أن تنجح بشكل كبير في هذا الموضوع. من جانب آخر هناك استراتيجية اقتصادية صينية في 2017 والتي تسمى الوثيقة 79 في سنة 22 لما فرضت عقوبات على شركة هواوي الصين تبنوا هذه الوثيقة، وهذه الوثيقة الاستراتيجية في عام 2027 لا يتم الاعتماد على أي تقنيات أو تكنولوجيا من خارج الصين بل يتم الاعتماد على التكنولوجيا المصنعة في الصين، وضمن الاختراعات الموجودة في الصين، قمة أساس السلع المستوردة والمصدرة في التبادل التجاري بين الصين وأمريكا هي التكنولوجيا والاتصالات والاكتشافات الأخرى. الصين تسعى خلال عام في سنة 2027 أن لا يكون هناك استيراد للتكنولوجيا من الغرب، وكل الاعتماد يكون على التكنولوجيا الموجودة في الداخل، ويجب أن تكون متفوقة، ولذلك نظروا إلى موضوع الذكاء الاصطناعي يجب تحقيق تقدم كبير فيما يخص هذا الجانب. وقد اجتمع الرئيس الصيني قبل يومين مع كل شركات القطاع الخاص بما فيهم أحد المعارضين وقد كان مبعدا أصلا وحضر الاجتماع بخصوص التكنولوجيا وأن الدولة تدعم وتستمر بدعم التطورات التكنولوجية في داخل الصين وصولا لهذا الهدف. فالأمريكان يدركون حقيقة هذه الاستراتيجية ويفهمونها، إضافة إلى (الدليت أي) وهو اسم آخر عند الصينيين للوثيقة 27، أي مسح أمريكا فيما يخص السوق التكنولوجية. سوف نركز على الصين والولايات المتحدة باعتبار أنهما أكبر اقتصادين في العالم، والنظام التجاري الدولي يتأثر بحركة البضائع والسلع بين هاتين الدولتين، لأنهما أكبر مصدر وأكبر مستورد أحدهما للآخر، بعد فرض التعرفات الأمريكية ردت الصين وهذا الصراع أثر على التبادل التجاري على مستوى العالم وحركة التجارة على مستوى العالم. أيضا أثرت على قيمة الدولار الأمريكي وهذا أحد الأسلحة التي تستخدمها الصين فيما يخص قيمة الدولار الأمريكي، لأن الطلب الصيني يؤثر في السوق العالمية، فحين زاد الطلب على الذهب تزداد قيمته، وعندما يزيد الطلب على الدولار تزداد قيمته، فحاليا وفق القرارات الصينية تخفيض الطلب وانهاء الطلب والحصول على الدولار الامريكي من البنوك الوطنية وقد يشمل في المستقبل البنوك الخاصة فهذا قد يضعف قيمة الدولار. في نفس الوقت هذا السبب هو أيضا محفز لترامب، وللأمريكان، لأنه انخفاض قيمة العملة صحيح يؤجل عدم التضخم أو يساهم في ارتفاع مستوى التضخم بالداخل الأمريكي، لكن في نفس الوقت يزيد القدرة على التوفير، فمن الممكن أن يصحح في الميزان التجاري لذلك فإن الصين من غير الممكن أن تتبنى قرار بالمطلق أنه لا نشتري الدولار، أو لا نتعامل به في البنوك الوطنية الحكومية والخاصة. فهذا قد يعد في المستقبل أن هذه التعريفات الكمركية إذا ما وجدت بعض الدول أن تتحالف ضد هذه التعرفات الكمركية، فقد تتحالف بهذا الاتجاه، لكن نلاحظ الدول الأوربية مثلما فرض ترامب تعريفات هم أيضا فرضوا بالمقابل تعريفات، وفي نفس الوقت عندما تريث ترامب وعلق العمل بالتعريفات الكمركية 90 يوما هم أيضا علقوا التعرفات الكمركية 90 يوما. يشكو ترامب كثيرا من قضية السيارات الألمانية الموجودة في أمريكا (المارسيدس وبي أم دبليو)، لكن في نفس الوقت السيارات الأمريكية لا تتواجد في المانيا نتيجة التعرفة الكمركية المرتفعة جدا. نحن في العراق مثلا لا نلاحظ سلعا أمريكية عادية منزلية أو غيرها موجودة في السوق، لماذا لأن التعرفة الكمركية التي نفرضها عالية وهي 78% لذا يقتصر الموضوع على السيارات والأجهزة الطبية، في المقابل توجد لدينا تعرفة منخفضة جدا على الصين وعلى تركيا وعلى إيران، لذا حين تدخل السلع الأمريكية للعراق فهي غالية الثمن جدا، مثلا جهاز الآيفون يصل إلى 2000 دولار، أو سعر السيارة يصل إلى 70 أو 80 ألف دولار. نحن موجودة لدينا هذه المشكلة، حيث يوجد عجز في الميزان التجاري مع العراق لماذا، لأنه في سنة 2024، نحن صدرنا نفط لأمريكا بمبلغ 6 مليار و 643 مليون دولار، وتوجد سلع أخرى كالجلود والنسيج. نحن لدينا أكثر من أربعين سلعة نقوم بتصديرها إلى السوق الأمريكية، ولكن كم هي قيمتها؟، قد تكون عشرة آلاف دولار أو عشرين ألفا أو ثلاثين ألف دولار، هذا يعني أن تاجرا بسيطا يأتي في زيارة للعراق يأخذها معه بسبب قلّتها، يشحنها ويخرج بها، ولكن بالمجمل في سنة 2024 صدر العراق ما يقارب 7 آلاف و600 مليون دولارا قيمة سلع للولايات المتحدة، مع ثمن النفط العراقي المصدَّر إلى أمريكا. لذا يحاول ترامب أن يصحح الميزان التجاري مع كل الدول، فقام بفرض هذه التعرفات الكمركية، الدول حاليا كما قال ترامب أن 90 تجاول التواصل معنا بخصوص التفاوض حول التعرفة الكمركية، فقال ترامب استطعنا أن نحصل على 2 مليار دولار وهو رقم بسيط جدا بالنسبة لهم كإيرادات للخزينة. الدوافع الأخرى الانتخابية أن موضوع التعاملات التجارية غير العادلة يحاول أن يقوم بتصحيحها، ويقصد التجارة بين أمريكا والعالم، ويعتقد أن هذه التعرفة الكمركية قد تكون أداة سياسية تساعد على ممارسة أقصى الضغط على الدول الأخرى لإجبارها للجلوس على طاولة المفاوضات فيما يخص الأهداف السياسية أو الاقتصادية، يعني في المستقبل نحن لا نستغرب إذا سمعنا خبرا خلال يومين أو ثلاث بأن أحد الاوراق المطروحة على الصين أن تتخلى عن النفط الإيراني وتتركه ولا تستورده، أو تتخلى سياسيا مع إيران فيما يخص مشاكل الشرق الأوسط. تبقى عندنا ميزان المدفوعات، لكي نعرف ما هو؟، وكيف نتواصل مع الدول ونحدد سياساتها، اقتصاديا وعلاقاتنا الاقتصادية معها أو تجرية وغير تجارية، قروض أو اقتراض، أو تسديد مدفوعات الديون أو غيرها، تدفعنا للتعامل وفق هذا الميزان، كونه مهم جدا، فعلى أساس هذا الميزان نعرف قوة الدولة ونعرف وضعها الاقتصادي بشكل كامل. ميزان المدفوعات عبارة عن بيان حسابي، يعني عبارة عن تقرير إحصائي، أرقام بمنهجية علمية واضحة، بسيطة ويتضمن أبوابا، ثلاثة أبواب أساسية، وهي الحساب الجاري، وتحويلات أحادية الجانب، وحساب رأس المال، وهذه فيها ميزان، نقد أو عملة صعبة، دولار عملة دولية أو نقد دولي يطلع، ونقد دولي يخرج. فما هي الأبواب لهذا الميزان؟، يوجد لدينا بالحساب الجاري رقم واحد قيمة الميزان التجاري، الميزان التجاري يخص السلع المنظورة، والتي هي سلع مادية، عندما نصدر سلعة تدخل لنا نقد أجنبي، ولما نستوردها تخرج منا نقدا أجنبي، ميزان التجارة غير المنظورة هي تجارة الخدمات، مثل التأمين والشحن والإنترنيت والاتصالات، والترددات وكل الخدمات غير المنظورة تعتبر ميزان تجارة غير منظورة. فعندما نصدرها تدخل لنا نقدا، ولما نستوردها نحن نصرف النقد، دائن ومدين. لدينا أيضا تحويلات أحادية الجانب، فنحن عندما نحصل من الخارج على هبات ومنح وعطايا أو مساعدات وغيرها، بشكل رسمي أو غير رسمي، حتى على مستوى الأفراد المقيمين بالداخل أو الخارج، فهو بيان حسابي يتضمن خروج ودخول النقد الأجنبي بين المقيمين بالداخل والمقيمين بالخارج، هذا يقاس عادة على مستوى ربع سنوي أو نصف سنوي أو على أساس سنوي. وفق هذا الأساس إذا حصلنا على مبلغ أجنبي فهو دائن وإذا خرج منا النقد الأجنبي فهو مدين، ولدينا دفعات للخارج مثلا الهبة وتحويلات العمال إلى الخارج وسواها أيضا إذا نحصل على نقد فهو دائن وإذا يخرج النقد فهو مدين. كيف يتم حساب رأس المال، لدينا قروض الأجل المدفوع والمستلمة والمدفوعة، والاستثمار الأجنبي الوافد، واستثمار أجنبي مباشر وغير مباشر، المباشر هو الذي يتضمن الاستثمار بالمحافظ المالية، ويمكن يحدث الاستثمار بالسلع الرأسمالية، أو بالأصول، يعني مثل أصول المعامل، والمصانع، والشركات، أو غيرها ولدينا أيضا الديون، فكل الدول مديونة طبعا، فأقساط الديون المستحقة التي ندفعها والتي تعود إلينا. قبل فترة تنازلت الحكومة العراقية عن ديونها على دولة زمبابوي، الكل اعترض على هذه الخطوة، وهي ديون قديمة جدا من ثمانينات القرن الماذي في ظل النظام السابق، فهي قليلة جدا أي أقل من مليون و400 ألف دولار تقريبا، العراق لم يتنازل عنها لغرض الإحسان لتلك الدولة، وإنما كلفة استحصالها ستكون أكثر من قيمتها، وهذه تسمى ديون ميتة، وهذه الديون الميتة تتنازل عنها، فتحصل على سمعة جيدة لدولتك فيما يخص الاقتصاد. ولدينا أيضا حساب رأس المال قصير الأجل وهو الذي يشترى فيه أسهم وسندات قصيرة الأجل، كأن أكون عراقيا أستثمر في السوق الصينية، أو أشتري سندات خزانة أمريكية، وهي على الأكثر أسهم شركات، أما السندات فتخدم جهة حكومية لأن هذا السند هو ورقة مليون دولارا أو ورقة مليوني دولارا، فهو عملة نقدية مثل الـ 100 دولار والخمسين دولار. الحكومة العراقية مثلا دائما تطرح سندات للبيع، فهي تريد عملة لكي تسدد الرواتب، ماذا تعمل، تبيع سندات خزينة، هذا السندات قسم منها أمده سنة، يعني أنا أبيع هذا السند بمليار دينار، وعليه قيمة فائدة 6% بعد مرور سنة، لذلك تسمى بالدين الداخلي. ولدينا أيضا سندات يبيعها البنك المركزي، طبعا وزارة المالية يشتري منها التجار، حتى البنك المركزي يشتري من وزارة المالية سندات خزينة، ومن الممكن إذا احتاج هو إلى عملة دولية أو نقدا محليا، يمكنه أن يطرح سندات للبيع خاصة بالبنوك المركزية. لدينا حركة الودائع مثلا أنا عراقي أو صيني أضع وديعة في أمريكا، فالودائع المستلمة تدخل في الدائن، والمدفوعة تدخل في المدين، الإدخال الأجنبي إذا وافد بالدائن، وإذا خارج بالمدين، لذلك ترامب اليوم في موضوع الاستثمارات الأجنبية الخارجية، هو يشكو من هذا الموضوع، يمكن ملاحظة ميزان المدفوعات الأمريكي في هذا الخصوص، فهو يقول أحدا أهدافي أن أعيد التصنيع إلى داخل أمريكا، لماذا لأن الاستثمار الأجنبي الموجود بالخارج بالهند والبصين أكثر، فلماذا وجود هذه المشكلة؟ أقساط الديون المستحقة نحن لدينا الدين العام دين داخلي وآخر خارجي، الداخلي سندات خزينة في الغالب، والدين الخارجي هو قروض واقتراض حسب مدتها، الذي أحصل عليه يأتيني سواء كان قرضا يأتيني من الخارج أو فوائد مدفوعات دين أستحقه، تأتي فأقوم بإدخالها في الدائن، السندات والأسهم، فأنا عراقي أو صيني أشتري سندات خزانة أمريكية، سواء كنت حكومة أو بنك أو تاجر أو غير ذلك، أرصدة البنوك الوطنية من الودائع الأجنبية إذا دخلت لنا فهي زيادة، وإذا نقصت تكون في جانب المدين، (مشهد مصوَّر عن ميزان المدفوعات الأمريكي بالأرقام)، حيث يوجد مليار دولار عجز في الميزان التجاري، ونأتي إلى الحساب الجاري الذي يتضمن جزءا منه سلع وخدمات منظورة وسلع وخدمات غير منظورة. بالنسبة للنتاج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة كبير جدا، يقارب 19 ترليون دولار، مثلا لدينا ولاية كاليفورنيا فقط النتاج المحلي لها يساوي تقريبا ثلاثة ترليون و100 مليار دولار هذا في ولاية واحدة فقط، وهي رابع اقتصاد في العالم، أما نسبة الحساب الجاري للناتج المحلي فهو مهم جدا، الناتج الإجمالي يساوي 19 ترليون دولار أمريكي لما تكحون النسبة 3.9 يعني يصل إلى حد ناقص 6 لحد كانون الأول 2024، هذا مؤشر خطير جدا. نأتي إلى الصادرات والواردات، طبعا هذا الجدول بشكل عام لو نقارن الأمر مع الصين فالفرق يكون كبير جدا، الصادرات الأمريكية 287 مليار دولار والواردات 400 وواحد مليار دولار، لا حظ الفرق بين هذين الرقمين، لذلك نلاحظ العجز تقريبا 123 مليار دولار. هذه الإحصائية الأخيرة ومصدرها وكالة التجارة الدولية تأخذ إحصاءاتها من وزارة التجارة العراقية فنحن كباحثين حين نحتاج إلى معلومات نرجع لها، لأنه قبل فترة احتجنا إلى أرقام من وزارة التجارة وحصلنا عليها علكن كيف نتأكد من صحة هذه الأرقام؟، دخلنا على القائمة الأمريكية للتجارة الدولية وجدنا أن تلك الأرقام متطابقة ووجدناها نفسها، فتأكدنا بأن الأرقام الآتية من هذه الوكالة للأمم المتحدة تأتي من الحكومات والوزارات المختصة. ما المقصود من تدفقات رأس المال؟، المقصود هي الأموال التي تأتي سواء من الداخل أو الخارج، فتدخل في الحسابات المالية، أما الأموال طويلة الأجل، فهي أما قروض طويلة الأجل، أو استثمار أجنبي مباشر أو غير مباشر. هذه الأرقام لكي نفهم لماذا قام ترامب بتصعيد التعرفة الكمركية، هذه الأرقام أحضرتها معي لكي نتأكد هل كانت هذه التعرفات اقتصادية؟، الجواب نعم كانت اقتصادية. هل تخلو من جوانب سياسية؟، كلا لا تخلو من جوانب سياسية، فكل التعرفات الكمركية، وكل السياسيات النقدية التي تتم نتيجة لتحولات النظام الاقتصادي العالمي المترابط والمتشابك، قد نحقق منه هدفا سياسيا، وقد يكون الهدف سياسي في المرحلة الحالية بالنسبة للصين وهو لإبعادها عن إيران وعن تأييدها لها، وقد تُجبَر في المستقبل على موضوع استيراد النفط الإيراني فهي أكبر مستورد له. عندما نفرض تعرفة كبيرة عليها، هذا يعني أن قدرتها على الإنتاج تقل، يعني طلبها على النفط يقل، يعني النفط العالمي يقل سعره، وهذا أيضا يعيد سعر النفط إلى مستوى التوازن، كان محددا بـ 60 دولارا تقريبا سعر النفط على المستوى العالمي. العراق أين من هذا الوضع؟ أولا: الميزان التجاري العراقي مع الولايات المتحدة بصالحنا، لماذا؟، فنحن نصدر لهم نفطا أكثر مما نستورد منهم، فالنفط سلعة أيضا، لا توجد لدينا مشكلة معهم، لذلك لا نتأثر كثيرا بهذه القيمة. ثانيا: النفط بحد ذاته ومنتجات التقطير والتكرير وكل المنتجات النفطية التي فرضها الأمريكان، أول 10% غير مشمول بها النفط، وهذا شيء جيد بالنسبة للعراق، فقد فرض ترامب على العراق تعرفة قيمتها 39% من قيمة السلعة، أول عشرة معفية، فقيمتها على النفط فقط قيمتها 29%، ولذلك عندما قالوا إن النفط العراقي معفي حاولت أدقق في الأمر ووجدت أن العراق غير معفي وإنما أول 10% معفية. فنحن في العراق وضعنا جيد كما أننا لا نصدر الكثير من النفط لأمريكا وإنما نسبة ضئيلة جدا. نأتي الآن إلى قيمة الدولار، كيف نتأثر بهذا الموضوع؟، نحن نتأثر بأسعار النفط، عندما يحدث نوع من الفوضى أو الارتباك أو التراجع في النظام التجاري الدولي نحن نتأذى، أين؟، نحن لسنا تجار، نعم نستورد ونأكل لكن لا نصدّر شيئا، لذا ليس لدينا مشكلة في النظام التجاري الدولي سوى النفط فقط لذلك نتأثر بقيمة النفط فقط، فإذا تراجعت الأسعار يقل الطلب على النفط وتنخفض قيمة النفط أو سعره. لذلك فإن موازنة 23، 24، 25، في العراق يكون معدل السعر المقدر لبرميل النفط 70 دولارا، وحاليا سعر النفط 64 دولارا، طبعا في العراق ربما السعر أقل من ذلك، ربما أقل من 64 دولارا حسب النظافة وحسب نسبة الشوائب وأشياء أخرى، يعني يكون السعر أقل من 60 دولارا، بحسب الطلب والعرض. كذلك نتأثر بالجانب الثاني بقيمة الاحتياطات، فقد وصلت الاحتياطات العراقية إلى 110 مليار دولار تقريبا، وهذه الاحتياطات من العملة الصعبة بالدولار، فهذه القيمة عندما تتعطل سلاسل التوريد العالمية تنخفض قيمة الدولار، يعني قيمة احتياطاتنا تنخفض أيضا وهذه نتأثر بها قليلا، ولكن لن يكون التأثير بشكل آني وكبير. كيف يتعامل النظام الدولي مع هذا الأمر؟، وما هي تداعياته السياسية والاقتصادية على النظام الدولي؟، هذه التداعيات ممكن تدفع بالدول المناوئة لأمريكا للتكتل أو للتحالف فيما يخص مواجهة هذه التعرفات الكمركية، وبما يخص التعامل مع الدولار. بمعنى يمكن للصين ستذهب أكثر مع روسيا ومع دول أخرى في موضوع البريكس، ثانيا نحن خلال فترة التسعينات وآخر ثلاثين أو أربعين سنة الأخيرة، صار نوع من النظام التجاري الدولي التشبيك فيه بدرجة كبيرة، نتيجة العولمة، فهذا أيضا يحاول أن يعيدنا إلى الدول فيما يخص سياساتها الاقتصادية. ثالثا، ربما سيكون هناك تغيير في الفلسفة الاقتصادية للدولة، كيف؟، نحن في اقتصاد السوق مثلا الاقتصاد الأمريكي يوجد عرض وطلب لكل السلع، دولار أو نفط أي كان، هذا العرض والطلب باقتصاد السوق يوجب على الدولة ثلاثة نقاط أساسية: أولا حماية من الخارج، النظام والأمن الداخلي، وتفرض تشريعات لسياسات اقتصادية مشجعة لآلية السوق، حاليا من الممكن يحدث نوع من التغيير يعني ما معناه أن قواعد منظمة التجارة العالمية فيما يخص التعرفات الكمركية سوف تتحيّد قليلا نتيجة لسياسات دول يمكن أن تتمادى في قراراتها أكثر مما اتفقت عليه في إطار منظمة التجارة العالمية. ولكي نغني الحوار ومضمون هذه الحلقة أكثر، يوجد لدينا سؤالان نطرحهما على المشاركين في هذه الحلقة النقاشية وهما: السؤال الاول: ما هي الدوافع السياسية والاقتصادية التي أدت إلى فرض التعرفات الكمركية الجديدة؟ السؤال الثاني: كيف تقرأ تداعيات هذا الفرض مستقبل التجارة الدولي، والاقتصادات المحلية، وتحولات النظام الدولي العالمي؟ زيادة في المعروض وندرة في الطلب الحقيقة التحديات كبيرة بل وكبيرة جدا حتى نكاد نلمسها فيما يحصل خلال هذه الأيام من بعض التداعيات على مستوى قيمة الدولار، وبعض الأسعار العالمية التي بدأت تتذبذب ومن ضمنها أسعار النفط التي بدأت نوعما في حالة من الركود والنزول التدريجي شيء فشيء، وهذا سوف يعكس ظلاله على جميع الدول حقيقة، الدول المصدّرة والمستوردة. لأنه يكون هناك زيادة في المعروض من النفط وندرة في الطلب، قياسا مع الأسعار المنخفضة نسبيا الآن، مقارنة بالأيام الماضية، لذلك هناك تداعيات كبيرة يمكن أن نلمسها قريبا في قادم الأيام، ولكن يبدو أن ترامب وظف هذه الأداة الاقتصادية سياسيا بشكل كبير جدا، للضغط حتى على الحلفاء باتجاه زيادة الإنفاق. ومن ضمنهم حلف شمال الأطلسي والحلفاء الأوربيين كي يتجهوا نحو زيادة الإنفاق والمساهمة في الدور الذي كانت تقوده أمريكا بشكل تقريبا منفرد، باعتبارها الشرطي العالمي الوحيد حيث كانت تتدخل في مختلف الأماكن والمناسبات. لذلك هو يريد أن يزيد من تدخل هذه الدول وإنفاقها وعدم تخصيص نسبة من إنفاقها أو ناتجها المحلي لاقتصادها المحلي، وإنما يوجَّه إلى القضايا العالمية والدولية بشكل أكبر، ولذلك هو بدأ يقطع بمسألة الوكالات التي كانت تمولها الولايات المتحدة ومن ضمنها بعض الوكالات التابعة للأمم المتحدة، الأونروا وغيرها ومنظمة الصحة العالمية. وإعلان نيته في الانسحاب من اتفاقية باريس الإطارية وغيرها من الخطوات الكبيرة التي أتصور أنه هو في ذهنه يوجه صدمة للاقتصاد العالمي، لإعادة ترتيب أوراق الاقتصاد بشكل علم في مختلف دول العالم وليس فقط في أمريكا، وهو نجح إلى حد كبير في هذا الموضوع، لأنه جعل الدول ومن ضمنها العراق يفكر مليًّا بالمستقبل. وهذه مناسبة جيدة إذا السياسي العراقي يفكر بكيفية قراءته ليوم غد، بالنسبة للتعرفات التي فرضها ترامب وأثرها على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية بالعالم، أتصور أيضا أن التداعيات على مستقبل التجارة الدولية والاقتصاد الدولي والمحلي كبيرة جدا مثلما ذكرت قبل قليل، ونحتاج حقيقة كعراقيين على أقل تقدير فعلا أن نعيد النظر في سياساتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبناء اقتصاد عراقي أكثر إنتاجية، اعتما على التنوع وأكثر حداثة. وكذلك أكثر قدرة على الاستجابة للمتغيرات التي تحصل على المستوى العالمي والمستوى المحلي، وأكثر قدرة أيضا على التعامل مع مثل هذه الخدمات. - الدكتور لطيف القصاب، أكاديمي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية: هذه التصرفات (الترامبية)، هناك من يقرأها على أنها في محلها، وهناك من يرى فيها التخبط، هؤلاء المتابعون للشأن السياسي، ونحن نستمع ونحلل ونقارن، على المستوى الشخصي أجد هذه التعرفة الكمركية بمنطق ترامب ليست هي ضرائب وليست هي رسوم وإنما هي إتاوات، وأنا أصر على هذا الموضوع، وقضية الإتاوات موجودة في كل حقب التاريخ. ابتداءً من الحضارة الآشورية والبابلية، نزولا إلى الفترة العباسية، وهارون الرشيد يخاطب السحاب ويقول أينما نزل المطر سيأتيني خراجه، إلى آخره، يعني هذه القضية وأعني قضية الإتاوات موجودة في كل تاريخ العالم وعادة الإنسان القوي هو الذي يفعل ذلك، فهي إذن أتاوة، حتى أن جناب الدكتور يقول إن (الصفقة السابقة) بين أمريكا والسعودية لم تضر بالاقتصاد السعودي. طبعا إذا ذهبت إلى الوزارات السعودية والرسميين السعوديين، ستجد تبريرا وإلا فإن محمد بن سلمان كان مخطئا، عندما ابتزه ترامب في ملف خاشقجي وأخذ منه 450 مليار دولارا، ولكن إلى أين تذهب، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود تذهب إلى المعارضة، وأي معارضة؟، المعارضة الرصينة، المعارضة الحقيقية وليس النقد من أجل النقد. يعني لنبسط الأمر، كم تحتاج سنويا من الملابس، تحتاج مثلا أربع بدلات، فعندما يجبرك شخص ما على أن تشتري 40 بدلة أين ستذهب بها؟، ونستطيع أن نتحدث في هذا المضمار إلى عشرة أيام قادمة، فالقرار متخبط جدا وواضح حتى البيت الأمريكي يقول ذلك، لاحظوا هذا القول 120 دولة قبَّلت مؤخرتي، أليس ترامب هو الذي قال هذا الكلام؟، خرج علينا وزير التجارة وقال كلا هي 90 دولة وليس 120. فأي تخبط أكثر من هذا؟، يعطي للدول 90 يوما هذا لا يفيد بشيء، توجد لدينا مؤثرات اقتصادية، هذا الأمر واضح حتى لمن لا يعرف الاقتصاد، يقول الدكتور المحاضر مثلا أختلف معك تماما لكن هذه ليست سياسة مالية أو نقدية أو تجارية، بل هذه مضاربات، وسوق مضاربات. خرج علينا تاجر كبير في اليابان وهو مؤلف اقتصادي كبير، قال في مقابلة على البي بي سي أو سي أن أن، المذيع يقول اكتشفت فيه شخصية أخرى قال له أنت رجل تتحدث الآن بطريقة منطقية وتعطينا دروس في الاقتصاد وفي الأخلاق الاقتصادية أيضا، فقال له هناك مضارب باحث عن الفلس الزائد، أنا أريد السيطرة على العالم، أنا أبحث عن الربح، أنا أريد أن اخدع الآخرين ولكن عندما أجلس وأخاطب الشعب الياباني سأكون أمينا معهم وإلا سأكون خائنا لوطني، فهذا الذي يحدث، فهي مجرد مظاهر استعمارية. بماذا تذكرنا هذه القضية؟، تذكرنا بفك ارتباط الدولار وهي تعي هيمنة استعمارية امريكية على العالم، وإلا تاريخ العالم كله يرجع إلى الذهب والفضة أليس كذلك؟، هذا هو حكم الغالب على المغلوب، جناب الدكتور أشار إلى نقطة مهمة وقال هذه القضية ليست داخلة في السياسة المالية، هذا صحيح، وليست داخلة في السياسة النقدية صحيح. - الشيخ مرتضى معاش: ما يحدث في الواقع حرب تجارية فيها مضامين سياسية كبيرة، ويمكن معرفة ذلك فيما بعد من خلال بناء التحالفات السياسية والاقتصادية، مثلا نلاحظ أن الحلفاء الأقربين إلى أمريكا تقريبا كانت الضرائب المفروضة عليهم قليلة، ولكن كلما تزداد الدول بعدا عن التحالفات تزداد الضرائب إلى أن تصل إلى ضريبة الصين العالية مثلا، وهذه هي دعوة إلى التحالف السياسي والاقتصادي. القضية الأساسية في الاقتصاد الأمريكي إنه أي اقتصاد في العالم اليوم (والتجربة البريطانية حاضرة) يقود الاقتصاد العالمي يتحمل ضرائب وتكاليف باهظة جدا، لأن عملته تصبح مستباحة في كل دول العالم، وهذا يؤثر تأثيرا كبيرا على الداخل، أي في داخل أمريكا، نحن نتصور أن أمريكا مستفيدة، لكنها كما هي مستفيدة من عملتها كدولار في قيادة النظام العالمي، وإثبات وجودها، فهي أيضا متضررة في الداخل الأمريكي من هذه العملة. والدليل على ذلك بريطانيا، فالجنيه الاسترليني كان هو يقود العالم، وبعد الحرب العالمية، ولأسباب كثيرة ومن ضمنها أن الجنيه الاسترليني كان هو الذي يقود العالم أدى ذلك إلى اضمحلال وضعف الاقتصاد البريطاني إلى حد كبير جدا، والأزمة البريطانية معروفة في الستينات والسبعينات والحركات العمالية، وإلى حد مجيء تاتشر ذات القبضة الحديدية التي أدت إلى تغيير الاقتصاد البريطاني من جديد، والآن هناك أيضا تراجع في الاقتصاد البريطاني. فاليوم أي دولة بالعالم مستعدة أن تقود العملات العالمية، هل الصين مستعدة لذلك؟، أوربا على عظمتها وقوتها لم تستطع ذلك، حتى بريطانيا انفصلت عن الاتحاد الأوربي لأنها تعرف بأن كل دولة إذا كانت تريد أن تتحمل تكاليف العملة العالمية لابد أن تضحي بشعبها، وليس هناك أي مسؤول أو أي حزب مستعد أن يضحي بشعبه ويضحي بأصوات الناخبين. لذلك يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن أمريكا دفعت ثمنا كبيرا والآخرون ركبوا قطار العولمة مجانا، مثل الصين التي جاءت وحصلت على كل شيء جاهزا مسبقا، واستفادت من هذا النظام العالمي الجديد، فالصين هي التي ربحت وأمريكا هي التي خسرت، والآخرون أيضا ربما ربحوا في هذه المسألة، لذا فإن ترامب يريد أن يعيد عملية تنظيم الاقتصاد العالمي بما يحمي المصالح الأمريكية ومصالح الناخبين الذين وعدهم بإعادة التوازن لميزان المدفوعات. النقطة الأخرى هي عقلنة الاستهلاك العالمي، لأن هذه القضية لا يزال الاقتصاديون يتحدثون حولها لحد الآن، إن أزمة وباء كورونا أدت إلى استهلاك عالمي مفرط، في جميع الجهات، فلو أنك اليوم تقرأ المؤشرات الاستهلاكية، أو مؤشرات الاستهلاك بعد كورنا، مثلا في السفر الزائد، لذلك لازالت أزمة التضخم في العالم مستمرة إلى الآن بسبب الاستهلاك المفرط، حيث تغيرت عادات الناس فاعتادوا على السفر الكثير. واعتادوا على الاستهلاك الكبير، والآن ازدادت أعداد المطاعم بشكل كبير، والنموذج العراقي الآن واضح، فالعراق قبل كورونا كيف كان والآن كيف أصبح وضعه من حيث الاستهلاك، فهذه القضايا موجودة في كل العالم، في إيران تلاحظ ذلك، وفي تركيا أيضا وفي كل دول العالم تراها، ونقصد بذلك قضية الاستهلاك المفرط التي هي تسببت بالتضخم بحيث لا يستطيعون حلّها إلى الآن. فهذه القضية سوف تؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع السلع، لذلك فإن ارتفاع تكاليفها سوف يؤدي إلى تقليل الاستهلاك، وربما يرون في ذلك حلا لأزمة التضخم، فيضطر المواطن بدلا من أن يشتري له حذائين فيشتري حذاءً واحدا، وبدلا من أن يشتري سيارتين أو ثلاثا، فإنه يشتري سيارة واحدة، فهذا سوف يساعد في عملية بناء الاقتصاد بناء عقلانيا دون وجود ظاهرة الصرف أكثر مما يحتاجه الإنسان فتحدث حالة احتواء التضخم. أيضا التضخم يعد مشكلة كبيرة ويؤدي إلى سقوط الحكومة، فكل الحكومات تسقط بسبب التضخم، يمكن أن نلاحظ ذلك في أي مكان، الحكومات الأمريكية أو سواها، لنذهب اليوم إلى تركيا التي يوجد فيها تضخم كبير، فالحكومة مهدَّدة بالسقوط. شيء آخر أجاب عنه الدكتور الباحث، في قضية الأسهم، يقول الاقتصاديون اليوم أن العالم الآن فيه فقاعات للبورصات والأسهم، فهناك فقاعة كبيرة لابد أن تنفجر، ولابد أن تُفقع هذه الفقاعات، هناك وقت معين، لأن هذه الفقاعات كلها كاذبة، فهي مضاربات كاذبة على قيم كاذبة، ولابد أن ترجع الحكومات كلها إلى عملية الاستثمار الحقيقي. مثلا لدينا شركة أبل، سعرها 3 أو 4 ترليون دولار أو سعر مايكروسوفت، من أين جاء هذا السعر؟، لابد أنها جاءت من المضاربات على الأسهم، فكل الأموال تذهب إلى هناك للاستثمار الوهمي، فمجرد أن تُفقع هذه الفقاعات الكاذبة، ترجع الأموال إلى الاستثمار الحقيقي وبالنتيجة يؤدي هذا إلى تحريك التصنيع وإعادة إبداعات الصناعة في أمريكا وهذا مطلب أساسي للجمهوريين وللديمقراطيين وليس فقط للجمهوريين. اعادة انبعاث الصناعة، وبالنتيجة تشغيل الأيدي العاملة الكثيرة الموجودة في أمريكا. النقطة الأخيرة حول التداعيات على مستقبل التجارة العالمي والاقتصاد المحلي، العالم سوف يضطر لأن يسير خلف أمريكا، لماذا؟، لأن التجارب التي حدثت سابقا أثبتت أن أي مشكلة تحدث في الاقتصاد الأمريكي يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي، يعني انهيار الاقتصاد في أوربا في الصن يؤذي كل دول العالم، وأقل تكلفة في الانهيار هي أمريكا. بعد الازمة المالية العالمية سنة 2008 أمريكا استطاعت أن تعيد بناء اقتصادها، لكن أوربا لحد الآن تعاني من المشاكل، وهناك دول كثيرة في العالم لا زالت تعاني من أزمة 2008، اليابان كذلك، والصين أيضا وهي لا تستطيع أن تتحمل انهيار الاقتصاد الأمريكي، فتبقى تلعب الصين مع ترامب إلى حد أن لا ينهار الاقتصاد الأمريكي، فهو يعرف الخطر ومن هو الخسران في هذا الصراع، وترامب يعرف أن الصين لن تلعب معه لحد الوصول إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي وافتعال حرب حقيقية عالمية، قد يصل الأمر إلى هذه المرحلة. لذلك أتصور أن التداعيات معروفة حتى من قبل الصينيين، الذين سيضطرون التعامل مع ترامب، إلا إذا انسحب لأسباب داخلية، أو يتكرر ما حدث في اندلاع أزمة كورونا. ترامب كشخصية تجارية لم يترك لنا الباحث ما نقوله إلا القليل، بداية أرى أن التعرفات الكمركية لابد أن تُبحَث ضمن سياق، يعني السياسة العامة لإدارة ترامب، كشخصية تجارية، وفي نفس الوقت عنده جنون العظمة، وهذا يدفع به لأن يستخدم كل الوسائل وكل الظروف لإعادة أمريكا بحسب تعبيره إلى الصدارة، أو محاولة الإبقاء عليها في الصدارة. لذلك أعتقد أن التعريفات الكمركية يجب أن يتم بحثها ضمن السياق. طبعا إصلاحات ترامب الاقتصادية التي يدعيها بنفسه، مثل إلغاء مساعدة المنظمات، وبعض مؤسسات التعليم، ومنظمة التجارة الدولية، وهذا وفر لهم حسبما يقول 2 ترليون دولار، إضافة إلى ذلك سياسته الخارجية وهو فعلا هناك شغل حقيقي، لكن في نفس الوقت توجد في هذا ضرائب، يجب أن يتحملها ويدفعها إضافة إلى سياسته الخارجية. في تصوري ترامب رغم أن بعض الأمور التي يقوم بها هي إصلاحية فعلا، لكنه إصلاح لا يطاق، لأنه سوف يسرع أولا في إنهائه، وثانيا في إنهاء الامبراطورية الأمريكية وسوف نوضح هذا بعد قليل في الإجابة عن السؤال الثاني. السياسة الخارجية، أولا مع أوكرانيا التي استحوذ على الغنائم الموجودة لديهم، إضافة إلى ذلك رفع يده عن الناتو، وترك أوربا مكشوفة أمام روسيا، لأن أوربا لا تمتلك لا سلاح ولا تمتلك عتادا ولا جيشا وفي كل شيء صفر تقريبا، امام روسيا. إضافة إلى سياسته مع منظمة التجارة العالمية وحربه مع الصين، طبعا الصعود الاقتصادي يعطي نفوذ سياسي ونفوذ عسكري وعلى كل الأبعاد، فصراعه مع الصين من أجل خط التجارة العالمي، الصين تريد طريق الحرير، أمريكا تريد خط التجارة العالمي عن طريق الهند ثم إسرائيل ثم ينتقل إلى إيطاليا ثم إلى أوربا. وهذا أيضا هو الذي سيجمع العرب في تحدٍ أمام ترامب. أعتقد أن هذه السياسات التي يقوم باستخدامها ترامب سوف تعود بالضرر عليه ولن تكون معه، لماذا لأنها أولا ما نراه الآن أن أوربا بدأت تصحو من قضية أنهم ربطوا مصيرهم مع الشخص الخطأ، ترامب من الممكن أن يذهب بعد أربع سنوات ولكن حسب ما أسمع أنهم يقولون الآن بأنهم لا يصح أن يربطوا سياستهم بالمزاد الأمريكي، فكلما جاء رئيس جديد تتغير سياستنا معه وهذا ليس صحيحا لذلك هم يعيدون أولوياتهم وأوضاعهم. إضافة إلى ذلك حتى العرب في قضية تهجير الفلسطينيين من غزة، مصر بدأت ترى أن هذا الأمر يهدد أمنها القومي، لأن قناة السويس سوف تموت فتمس قضية الأموال إضافة للأمن القومي، الأردن كذلك نفس الشيء، اتحاد أوربا من جهة واتحاد العرب أيضا رأينا بعضه يتجسد على الأرض فقد تعترف فرنسا في الأسبوع المقبل بدولة فلسطينية. ترامب رجل خبرة في السوق، منذ طفولته ولم يعتمد على أبيه، لذا لديه خبرة اقتصادية متراكمة اعتقد إن حركاته صحيحة ولكن العالم لا يتحملها، ولا الداخل يتحملها، لذلك هذه السياسات سوف تنقلب بالضد عليه. كل رؤساء الولايات المتحدة الامريكية جل اهتمامهم حول الاحلاف والتجمعات الحزبية والعسكرية إلا رونالد ترامب يريد ان يكون مشغولا اولا وأخيراً بالاقتصاد ولكن لم يوفق، هذا ماكتبتهُ التقارير السياسية وملاحظات السوق، شخص يملك محل صغير في نيويورك فيه أكثر من (٧٠% مواد صينية الصنع)، يقول كيف اشتري وابيع والرسوم أكثر من (١٢٥%)، وآخر يقول توقفت الرسوم الكمركية مدة شهرين فقط، بعض المحللين يقولون انه قرار رديء ومتهور يحمل معه غباء وعدم معرفة، الاسواق والبنوك الامريكية فقدت (٤ تريليون دولار) خلال يوم واحد التظاهرات في المدن الامريكية تطالب باسقاط ترامب والبعض يطالب باغتياله، باعتباره اسقط سمعة الدولار. الرسوم الكمركية أصابت (٢٠٠) دوله، الصين وحدها تصدر الى امريكا (٤٥٠) مليار دولار، اما أي الصين مقدار استيرادها (١٤٠) مليار دولار من امريكا، اضاف (١٠٤) حتى يتساوى التصدير مع الاستيراد، وجه مالك صاحب شركة تيسلا لصناعة السيارات إيلون ماسك انتقادات لاذعة الى بيتر نافارو كبير مستشاري الرئيس الامريكي ووصفه بالأحمق والاكثر غباء من كيس القطن. أكثر التحليلات تقول انها القشة التي كسرت ظهر البعير، ويقولون ان سطوة الدولار لغته العالمية انهاها ترامب. ترامب ومحاولة إعادة الأمور لنصابها - الأستاذ باسم الزيدي، مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث: ترامب كقائد قد نختلف مع السياسة التي ينتهجها أو نتفق، لكن من وجهة نظر سياسية واقتصادية هو من حقه كرئيس أن يحمي أكبر دولة بالعالم، يحمي اقتصادها وسياستها وفق رؤية هو وحزبه ينتهجانها، ونعرف أن الحزب الجمهوري والديمقراطي مثل السياسة والاقتصاد اللذين هما وجهان لعملة واحدة. فالمهم عند هذين الحزبين بقاء أمريكا تتربع على عرش العالم، هذا أولا. ثانيا الحرب بين أمريكا وباقي دول العالم وحسب الترتيب ابتداء من الصين نزولا وحسب قوة الدولة، تدور حول الدائرة الفكرية، يعني دائما ما تصنع أمريكا وتكتشف وتقدم للعالم خدمات سواء في التجارة والسلع والخدمات وغيرها، والآخرون هم الذين يستفادون منها، على مستوى التكنولوجيا يمكن أن نضرب المثال التالي: يعني أول حاسبة في العالم مثلا ظهرت في أمريكا، وأول لابتوب، وأول موبايل، وأول رقاقة إلكترونية هذه كلها ظهرت في أمريكا أولا، وهكذا قس على الأمور الأخرى، فالحرب هي حرب ملكية فكرية، فأمريكا تصنع هذه البضائع والآخرون هم الذين يستفيدون منها، لذا فإن ترامب لديه هذه الفكرة بحيث يحاول أن يضغط على بقية الدول، وكيف يحصل على حقوق من هذه الملكية الفكرية. هذا الأمر شبيه بالنهضة التي قامت بها أمريكا في الخمسينات كما أظن وهي الحلم الأمريكي، وانطلق منها عالم جديد أو ثورة علمية، فما يقوم به ترامب هو ليجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، وهو يحاول أن يعيد الأمور إلى نصابها. اكتشاف الدول الموالية لأمريكا - الأستاذ محمد علاء الصافي، باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث: هناك جزء مما أراد أن يوصله ترامب للعالم، هو أنه يريد أن يبين من هي الدول التي لا زالت على علاقات قوية مع أمريكا، من خلال قرار الضرائب الذي اتخذه على الرغم من أنه تراجع عن التوقيت فجمده لمدة 90 يوما، باستثناء الصين التي عزز الضريبة عليها إلى 125%. بالأمس قرأت خبرا أن ترامب أخذ يبني على الدول التي لم ترد على الإجراءات التي قام بها، عندما أعلن بأنه سوف يستخدم هذه السياسة الجديدة برفع الرسوم الكمركية عليها، مثلا إذا كانت هناك دولة في أوربا أو غيرها لم ترد بالمثل، فاعتبر أن هذا سلوك جيد وكأنه كان يلوّح بورقة تهديد، ولا ينوي تطبيق هذه الرسوم بشكل حقيقي. فأراد أن يكتشف من هي الدولة التي لا تزال تدين بالولاء لأمريكا، أو ربما مستشاروه هم من أشاروا عليه بذلك، أو ربما هناك قوى داخل الولايات المتحدة أجبرته على أن يتراجع عن سياسة التعرفة الكمركية، لأنه بالأساس لا أذكر كان من ضمن برنامجه الانتخابي رفع التعرفة الكمركية على الدول. في حالة إنه رفع التعرفات الكمركية، وهو باقي له ثلاث سنوات في الحكم، لا أعتقد أنه يستطيع أن يكون التوجه إلى داخل الولايات المتحدة لأن إعادة المصانع والنشاط الاقتصادي داخل أمريكا أعتقد يحتاج إلى سنوات طويلة، وليس إلى أشهر، فقضية الاعتماد على الداخل الأمريكي يحتاج إلى برنامج طويل الأمد، ولا يمكن أن يتحقق بخطوة واحدة هي رفع التعرفة الكمركية. كذلك الركود العالمي سوف يؤثر على الاقتصاد الأمريكي، وعلى المدى البعيد بحكم تحايل الصين على منظمة التجارة العالمية والقوانين الدولية وعلاقاتها غير الرسمية مع كثير من الدول وخصوصا مع الدول النامية، والدول الصغيرة. فالصين من الممكن أن تكسب هذه الحرب، كذلك فإن تأثير الدولة الصينية على الشركات الموجودة في داخل الصين، يمكن تعزيز ذلك بسبب العلاقات الكثيرة للصين مع دول متورطة، ودول فاسدة، ممكن أن تتحايل على نظام التجارة العالمي، بالنتيجة من الممكن للصين أن تمول شركاتها من خلال هذه الشبكة غير الرسمية والنتيجة هي أن الصين سوف تتفوق في نهاية المطاف على الولايات المتحدة في السباق التنافسي الاقتصادي. وأعتقد أنه بداية لاتفاق جديد مع دول أخرى، الآن مع إيران، لاحقا مع روسيا، وحل الأزمة الأوكرانية بدا قريبا، ولاحقا من الممكن مع الصين، وهذا هو الهدف من التصعيد الذي يمارسه حاليا ترامب كونه يريد أتفاقا جديدا مع الصين لأنه سابقا في دورته الأولى وفترة الأربع سنوات الأولى. والآن وهو في الفترة الثانية للرئاسة كان دائما يأتي بالصين في خطاباته، باعتبار انه يعتبر الصين المنافس الوحيد والأكبر للولايات المتحدة على مستوى العالم. معالجة مشكلة الاختلال التجاري بالتأكيد هنالك مجموعة دوافع في قضية فرض ضرائب كمركية على أغلب دول العالم، لكن ممكن الإشارة إلى بعض الدوافع الاقتصادية، التي تتمثل بتآكل حصة الاقتصاد الأمريكي من الاقتصاد العالمي، في سنة 1960 كانت مساهمة الاقتصاد الأمريكي في الاقتصاد العالمي هي 40% عام 2023 أصبحت 27%، يعني من 40 إلى 27. بالمقابل كانت نسبة اقتصاد الصين في سنة 1960 هي 5% في سنة 2023 أصبحت 18%، لاحظ هذه العملية حدث صعود للصين وانخفاض لأمريكا، فالتركيز اليوم على العملاق الصين القادم، هناك من يتوقع في 2050 الاقتصاد الصيني هو الذي يقود الاقتصاد العالمي. المسألة الثانية تتعلق بالاختلال التجاري الذي أشار له البحث مقدم الورقة، عام 2023 كان 741 مليار دولارا حجم الاختلال، ويعبر عنه بصافي التجارة الخارجية، من حيث السلع والخدمات، يعني الولايات المتحدة تستورد أكثر مما تصدر بـمبلغ 741 مليار دولار، وهذا هو مقدار العجز السنوي، الصين تقريبا من 625 إلى 80، كذلك مسألة الموازنة أيضا لها علاقة بعجز الموازنة. بالنسبة للتداعيات هذا الأمر سوف يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، ومن ثم إلى تفاقم مسألة البطالة، على مستوى العالم، لأنه كلما ترتفع الأسعار سوف يقل الطلب ثم يقل النمو الاقتصادي، فمسألة الدوافع هي دوافع اقتصادية. إعادة الهيمنة الأمريكية على العالم - الأستاذ أحمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع الحقوق والحريات: أحاول أن اختصر المداخلة في نقطتين، النقطة الثانية تتعلق بشخصية ترامب نفسه، النقطة الأولى تاريخية تقريبا، وهي كما لاحظنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت بريطانيا هي المتزعمة للعالم من خلال مستعمراتها وجيوشها وهيمنتها وقوة الجنيه الاسترليني، بعد ذلك شهدت تراجعا كبيرا نتيجة تدخل أمريكا التي لم تكن استعمارية بل هي دولة خلف البحار كما كانوا يطلقون عليها وكان اقتصادها ينمو سريعا في داخل امريكا. وبعد أن تدخلت أمريكا في الحرب العالمية الثانية، وبدأت هيمنتها تظهر للعيان، بدأ أيضا نفوذها الاقتصادي وأذرعها الاقتصادية، حتى أن أول خطوة اتخذتها اسرائيل ورؤوس الأموال اليهودية والإسرائيلية أن ترحل من بريطانيا ودول أوربا إلى أمريكا بمساندة لوبيات قوية. لا اعتقد أن أمريكا في تلك الفترة كانت تخشى الصين، في منافستها الاقتصادية، كان أمامها الاتحاد السوفيتي فقط آنذاك، ودخلوا في حرب باردة وصراعات مختلفة، إلى أن وصلوا إلى مرحلة معينة انهار الاتحاد السوفيتي وأصبحت أمريكا هي المتزعمة الوحيدة. ربما لم يتوقعوا خلال عقود قليلة يمكن أن تصل الصين إلى منافسة الولايات المتحدة اقتصاديا وليس عسكريا، الآن الولايات المتحدة أكيد تريد أن تعيد هيمنتها وسطوتها، لكنها وجدت منافسا شديدا لها، دول العالم متفرقة كل في اتجاه، والسياسة دخلت مع الاقتصاد، وهما متلازمان مع بعضهما طبعا. هنا تأتي شخصية السيد ترامب، فهو يمتلك شخصيتين، شخصية أمام الإعلام، وأخرى خلف الكواليس، حينما يجتمع مع مستشاريه، والقادة، ورؤساء المؤسسات الخاصة، شخصيته أمام الإعلام استعراضية، فمن يتنبّه إلى حركاته، كأنه شخص قادم إلى حلبة مصارعة فيستعرض قوته بطرق عديدة، ويمكن أن الذي شجعه على هذه القضية هي دول الخليج في ولايته الأولى، حيث كانوا قد صنعوا له هالة كبيرة بحيث أنه كل ما يريده يأخذه. ترامب الآن حتى لو يحصل على جزء بسيط مما يعلن عنه، يعتبره جيد، مثلا ضغط اقتصاديا على إيران، فهي اليوم أتت إلى المفاوضات، فحتى إذا لم يحقق شيئا من المفاوضات يعتبر نفسه أنه حقق شيئا ما من دون أن يحصل على مكاسب معينة، مجرد القول إنه رفض الاتفاق الأول وأتى بهم مرة أخرى إلى المفاوضات. حتى لو عادوا إلى الاتفاق الأول ليس عنده مشكلة في ذلك، بحسب تصوري، كذلك مع دول أخرى حتى الصين الآن إذا حصل منهم مكاسب بسيطة أو شيء آخر حتى يثبت أن خطوته لم تذهب سدى، وهكذا لديه دورة انتخابية انتهت منها سنة وبقيت له ثلاث سنوات يقضيها بهذه الاستعراضات بالإضافة إلى أنه يحافظ على وضعه وشركاته ويريد أن يدخل اسمه في التاريخ مثل بقية العظماء وهذا هو الذي ينقصه كشخصية بمعنى تنقصه العظمة فقط. ترامب شخصية مثيرة للجدل - الأستاذ عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية: بالطبع لست مختصا في الاقتصاد ولكن يقال إن العراقيين مختصون بكل شيء، أنا باعتقادي إن الموضوع واضح جدا، ترامب هو شخصية مثيرة للجدل وعادة يحاول أن يخرق كل القوانين التي تحكم القواعد الرئاسية والسياسية، مثلا طريقة تعامله مع رئيس أوكرانيا، والشخصيات التي التقى بها وبعض الإنجازات التي تحققت، في قضية الضرائب وغيرها. هو يحاول بأن يرسل رسالة بأنه سوف يجعل من أمريكا عظيمة أو عظمى مرة أخرى، على أنه دائما يصف الرئيس بايدن بالغبي، ويعتبر أن أمريكا وصلت إلى أضعف حالاتها في هذا الجانب، وهناك فرصة في خطاب انتخابي، لكنه كل هذه الأمور لا تخلو من مصالح شخصية له، سياسة أو اقتصادية كما ذكر باحث الورقة، لكن إذا صحت المقارنة والمقاربة فإن ترامب أشبه بالشخصية (الشقاوات)، فلما يرى أن التجارة بدأ تخسر فإنه يهدّم كل قواعد اللعبة حتى يعيدها من جديد حتى يرتب قواعد اللعبة مرة ثانية. هناك بعض الشركات أو بعض الشقاوات عندما يلاحظ أن التجارة بدأت تخرج من يده، فإنه (يخربط) كل الغزل حتى يعاد ترتيب القواعد الجديدة، في هذه الفترة يريد أن يشكل قواعد جديدة وفق رؤيته هو، وهنا استذكر شيئا لأحد الأخوان من جامعة بابل كان يقدم رسالة الدكتوراه في قضية استخدام النوى في قضية العازل في المحركات. فسأله الدكتور وقال له: أنت أين استخدمت هذه النظرية؟، فأجابه بالقول: إنني طبقتها على الأجواء الأمريكية. فقال له الدكتور: وما علاقتنا نحن بالأجواء الأمريكية؟ نحن اليوم كل الذي نلاحظه أن ترامب شخصية دكتاتورية يضغط على الدول ويأخذ ما يريد بالقوة كما تعامل مع دول الخليج ويتعامل مع دول العالم بقوة ويحاول ترتيب العالم بحسب وجهة نظره، لكن عندما نأتي لموضوع العراق، فنحن متى استطعنا أن ندخل في قضية اقتصادية مثيرة للجدل ونعيد ترتيب أوراقها، ومتى يخرج لنا شخص يقول أنا أريد أن أعيد العراق إلى المرتبة الأولى التقدمة؟، وأريد أن أعمل كذا وكذا. ومتى نستطيع نحن أن نحدث الصدمة، وليس نتلقى الصدمات ونتكيف معها؟، نحن في بلدنا ليس لدينا مشكلة، نناقش الحالات لكن في مساحاتنا الحقيقية التي نشتغل عليها وليس لنا علاقة بالقضايا التي لا تعنينا، هل يدخل الجنة أم يدخل النار، يحلب الخليج يحلب أوكرانيا، يقوم بتخويف أوربا، هذا لا يهمني، نحن الآن ننتظر المفاوضات في عمان، إذا لم تنجح فقدنا الغاز الإيراني، وفقدنا الكهرباء، ولكن إلى متى نبقى نجمع كرات من خلف الهدف؟ لماذا لا نكون لاعبين في الساحة، فعلا نحن نحتاج أن نكون لاعب حقيقي في قضية العالم، ولا أعتقد أن قطر هي دولة تستحق أن تكون لاعبا عالميا، وهي اليوم أصبحت هكذا، لا تأريخها ولا جغرافيتها ولا كل شيء يدل على قوتها، لكنها الآن أصبحت لاعبا في الساحة السياسية، ولكن نحن متى نصبح (لاعبا) ويكون لنا رقم في هذا الجانب. * مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2025


شبكة النبأ
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- شبكة النبأ
مركز الفرات ناقش.. المشاكل المتأصلة في الاقتصاد العراقي وارتداداته المتكررة
نظراً للهشاشة الاقتصادية التي اتضحت من خلال مظاهر المشاكل المتأصلة، أصبح الاقتصاد العراقي معتمد على النفط ومرتبط من خلال الاخير بالعالم الخارجي، وان أي ما يطرأ على النفط داخلياً او خارجياً؛ ينسحب بسرعة تلقائياً على الناتج والمالية والتجارة والنقد والعمل. ان اعتماد الاقتصاد العراقي على الدولار النفطي يعني... تحرير: حسين علي حسين عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في يوم السبت 8/ 2/ 2025 حلقته النقاشية الشهرية، حيث ناقش فيها الحضور ورقة بحثية تحت عنوان (الاقتصاد العراقي: مشاكل متأصلة وارتدادات متكررة) قدّمها الباحث في المركز الأستاذ حامد عبد الحسين الجبوري، وحضر هذه الحلقة نخبة من الأساتذة الأكاديميين ومدراء مراكز البحوث وعدد من الكتاب والمثقفين، قدموا مداخلاتهم المرموقة حول ما طُرِح في هذه الحلقة من أفكار مهمة تتعلق بأزمات ومشكلات الاقتصاد العراقي. وقد جاء في متن هذه الورقة البحثية ما يلي: في الوقت الذي يمتلك العراق الكثير من الموارد التي تؤهله لبناء اقتصاد قوي الا انه لايزال يعاني من سرعة الاستجابة لأي أزمة داخلية أو خارجية وذلك بحكم الهشاشة الاقتصادية. بمعنى ان هشاشة الاقتصاد العراقي هي التي تستقبل الازمات وتساعد على استفحالها وليس الازمات هي من تتسبب هشاشة الاقتصاد العراقي، من حيث اولوية التشخيص. هذا ما يدفعنا للبحث عن المشاكل المتأصلة التي تجعل الاقتصاد العراقي هشا وغير قابل للصمود أمام الازمات الداخلية والخارجية على حدٍ سواء، بل وسريع الاستجابة لها. يمكن القول، هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، لكن هناك مشاكل متأصلة وأخرى متوالدة؛ كالفساد مثلاً؛ مما ينبغي التركيز على الاولى لتختفي الثانية تلقائياً، فما هي المشاكل المتأصلة؟ وماهي تمظهراتها؟ تتمثل المشاكل المتأصلة في ثلاثة وهي: اولاً: النظام الاقتصادي، بمعنى ان معالم النظام الاقتصادي في العراق غير واضحة على ارض الواقع، فعلى الرغم من تحول العراق من نظام التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق إلا انه لازال يعاني من الفوضى الاقتصادية. حيث انسحبت الدولة من النشاط الاقتصادي من ناحية إلا إنها لم تفتح الباب بشكل رحب أمام القطاع الخاص من ناحية ثانية، فظل الاقتصاد العراقي متعثر الاداء. لأنه من المفترض في ظل التحول الاقتصادي ان تتحقق امور عديدة منها: الاول: انخفاض حجم الموازنة، في حين ارتفع حجم الموازنة من 50 تريليون دينار عام 2006 الى اكثر من 198 تريليون دينار عام 2023. الثاني: غياب او انخفاض العجز، في حين ارتفع العجز المالي من 5 تريليون دينار عام 2006 الى 64 تريليون عام 2023. الثالث: انخفاض التوظيف الحكومي، بينما ارتفع التوظيف الحكومي من 1900 الف موظف عام 2006 الى 4 ملايين موظف عام 2023 الرابع: ملكية عناصر الانتاج وأهمها الارض والمال، أي أن تكون النسبة الأكبر من عناصر الانتاج بيد القطاع الخاص (افراد وشركات) لا الدولة، بينما الواقع هو العكس. ثانياً: الثقافة الاقتصادية "الاقتصاد العراقي.. بين حتمية التحول وثقافة القطاع العام"، بمعنى ان المجتمع العراقي يفضل الدولة والقطاع العام على قيادة الاقتصاد من القطاع الخاص وذلك بحكم استمرار الدولة والريع النفطي لمدة طويلة مما أسهم في تغذية المجتمع دون ان يكون له مسؤولية مباشرة، هذا ما ادى الى الغاء ثقافة العمل الحر بعيداً عن الدولة. ما عقّد الأمر أكثر، هو سوء ادارة التحول المزدوج عام 2003 وبالخصوص التحول الاقتصادي، حيث لم يتم العمل على بناء ثقافة اجتماعية تنسجم والتوجه الجديد، بل تم تطبيقه بشكل مباشر لا تدريجي، وهذا ما دفع بالمجتمع على عدم تقبله وعدم التفاعل معه. لذلك تمثل ثقافة القطاع العام مشكلة متأصلة تقف كعائق أمام تحول الاقتصاد العراقي مما تسبب في تعثر اداءه. ثالثاً: ضعف المؤسساتية، اتجه العراق نحو المؤسساتية بعد 2003 إلا انها لازالت شكلية وغير قادرة على اخذ دورها بشكل حقيقي، مما اثرت بشكل كبير على اداء الاقتصاد العراقي. حيث تعد المؤسساتية في العراق حديثة العهد، أي تفتقد لمسيرة تاريخية طويلة من الاداء المؤسسي نظراً لاستمرار الحكم الاستبدادي في الامد القريب والمشاكل والانقلابات في الامد المتوسط والاحتلال الخارجي في الامد البعيد. ان وجود مؤسسات قوية قادرة على القيام بوظائفها وتحقيق اهدافها بشكل مستقل بعيداً عن اي تقاطعات فيما بينها وترفض أي تدخل في عملها سواء من الداخل او الخارج، تكون كفيلة بتحسين اداء الاقتصاد وتجنب أو امتصاص الارتدادات سواء كانت داخلية أم خارجية. وبما ان المؤسساتية في العراق لازالت حديثة النشأة من حيث الاداء المؤسسي وليس الوجود المؤسسي؛ الى جانب التأثير السياسي والاجتماعي، فهي مشكلة حقيقية لا يمكن تجاوزها. لان عدم وجود مؤسسات قوية يعني عدم القدرة على تشريع القوانين الاقتصادية، وعدم القدرة على حماية ثروات المواطنين، وعدم القدرة على ارجاع الحقوق بشكل عام والاقتصادية بشكل خاص وعدم القدرة على كشف الفساد ومحاربته. بعبارة اخرى، النظام يمثل القاعدة التي يسير عليها الاقتصاد.. قواعد اللعبة. الثقافة تمثل نظرة المجتمع للاقتصاد وطبيعة تفاعلهم داخل النظام. المؤسسات تمثل الحكم الذي يرعى ضبط ايقاع التفاعل الاقتصادي داخل النظام. مظاهر المشاكل المتأصلة تمظهرت المشاكل المتأصلة أعلاه في اختلال بنية الهياكل الاقتصادية وكما هي أدناه: - اختلال الهيكل الانتاجي، وذلك بحكم هيمنة القاع النفطي على الناتج المحلي الاجمالي قبل وبعد 2003 مقابل تواضع مساهمة القطاعات الانتاجية فيه. - اختلال الهيكل المالي، وذلك بحكم ارتفاع النفقات العامة مقابل تواضع الايرادات العامة، نظراً لتدخل الدولة في الاقتصاد. - اختلال الهيكلي التجاري، استمرار تنوع الاستيرادات السلعية من العالم الخارجي مقابل استمرار تركز الصادرات السلعية للعالم الخارجي. - اختلال الهيكل النقدي، حيث نلاحظ هناك فرق بين السعر الرسمي والسعر الموازي لسعر الدولار، علماً ان كلا السعرين غير حقيقيين ولا يعبران عن حقيقة الاقتصاد بفعل الدعم الاقتصادي. - اختلال هيكل العمل، حيث ان الطلب على الوظائف الحكومية أكبر من الطلب على العمل في القطاع الخاص. الارتدادات المتكررة نظراً للهشاشة الاقتصادية التي اتضحت من خلال مظاهر المشاكل المتأصلة، أصبح الاقتصاد العراقي معتمد على النفط ومرتبط من خلال الاخير بالعالم الخارجي، وان أي ما يطرأ على النفط داخلياً او خارجياً؛ ينسحب بسرعة تلقائياً على الناتج والمالية والتجارة والنقد والعمل. ان اعتماد الاقتصاد العراقي على الدولار النفطي يعني سهولة التحكم به من قبل الولايات المتحدة لمعاقبة خصومها الاقليميين والدوليين سواء ايران، كما اوضح ذلك ترامب في تصريحاته الاخيرة بخصوص منع استيراد الكهرباء والغاز من ايران؛ او روسيا او غيرهم. كذلك سهولة التحكم به من قبل الشركاء التجاريين الذين يعتمد عليهم في تلبية طلبه المحلي، وهذا حصل أكثر من مرة حين تمنع الكهرباء او امدادات الغاز الطبيعي للعراق من ايران سواء بقصد او بغير قصد. الخلاصة: المشاكل المتأصلة أسهمت في استمرار اختلال بنية الهياكل الاقتصادية مما جعل العراق يعاني من الهشاشة الاقتصادية ويتأثر سريعاً بالأزمات. مما يتطلب العمل على معالجة المشاكل المتأصلة نظامياً وثقافياً ومؤسساتياً، وهذا سينعكس في تصحيح الاختلالات الاقتصادية وتحسين المناعة الاقتصادية ويكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الأزمات. وبعد الانتهاء من عرض الورقة البحثية قام الباحث الأستاذ حامد الجبوري بطرح السؤالين التاليين على المشاركين في هذه الندوة وهما: السؤال الاول: ما هي أسباب المشاكل المتأصلة في الاقتصاد العراقي؟ رؤية اقتصادية غير واضحة المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي من المواضيع المهمة جدا والحيوية، كونها متصلة بطبيعة حياتنا، الاقتصاد العراقي لحد الآن هو غير واضح بفكره الذي يتبناه، ولا نعرف الآن هل هو قائم على الاقتصاد الحر، اقتصاد السوق، أم هو اشتراكي أو رأسمالي، أم هو خاضع للدولة المتدخلة، يعني الدولة هي التي تدير الاقتصاد. منذ بدء نشوء الدولة العراقية في 1921، حيث تأسست الدولة العراقية والاقتصاد كان حرًّا، بصراحة كان هناك إنتاج وتوجد دراسات تشير إلى أن القطاع الخاص كان يساهم بنسبة 58% من الإنتاج، هذا كان يحدث في العهد الملكي، وبعده جاء النظام الجمهوري، تحوَّل الاقتصاد بشكل جذري، من الاقتصاد الحر أو من اقتصاد السوق إلى اقتصاد تمتلكه الدولة وتضع خطوات التنمية الاقتصادية وفق الخطط التي تضعها الدولة والجهة القطاعية. استمر هذا الوضع إلى أن انهار الاقتصاد العراقي في التسعينيات حيث لم يعد لدينا اقتصاد في العراق، فقد كنا في التسعينات نعيش بالقدرة، لا يوجد اقتصاد، ولا سوق ولا أي شيء، بعد 2003 هنالك بصراحة نوع من التخبط والرؤية غير الواضحة بخصوص الاقتصاد العراقي، فهل هو اقتصاد دولة أم ماذا؟ هناك دراسة توجد في مجلس الوزراء، تم تشكيل لجنة في 2014 مهمتها تقييم الشركات العامة الموجودة في الدولة، فالشركة العامة مملوكة للدولة 100%، فوجدوا أن 86% من الشركات العامة هي عبء على الدولة، شركات خاسرة وفاشلة، خسارة 100%، حيث يوجد موظفون تعطيهم الدولة أجورا شهرية، بينما نسبة 14% فقط من الشركات لديها إنتاج. وعندما نأتي لمعرفة هذه الشركات المنتجة، نجدها مثل شركة الكهرباء، شركات البترول وإنتاج النفط، طبعا هذه منتجة، فنحن لم نقم بشيء إنتاجي لأن هذه الشركات هي أصلا ريعية وتدر أموال من بطن الأرض ويعتبرونها شركات ناجحة، أما كشركات إنتاجية فلا توجد عند العراق مثل هذه الشركات. لذا فإن مشاكل الاقتصاد العراقي كبيرة جدا، أما الفساد فلا يعتبر مشكلة اقتصادية، بل هو مشكلة عامة في البلد وهي حتما تؤثر على الاقتصاد 100%، ولكن الفساد ليس مشكلة اقتصادية، ويوجد لدينا من المشاكل الاقتصادية أيضا، نحن في هذه الفترة لا توجد لدينا عمالة ماهرة. في أحد الايام قمنا بمناقشة موضوع اقتصادي، حيث قال خبير اقتصادي: إذا أردنا الآن أن نفتح مصنعا، أقل وقت نحتاجه لهذا المشروع من سنتين إلى سبعة سنين حتى نستطيع إكماله وافتتاحه وتشغيله، لأنه لا يوجد لدينا العمالة الماهرة التي تقوم مباشرة بتشغيل المصنع بعد إكمال إنشائه. بينما مثلا إذا تم بناء مصنع في الصين، فيتم تشغيله وإنتاجه خلال سبعة أيام، ولذلك نلاحظ أن الاستثمارات حاليا كلها متوجهة إلى دول شرق آسيا، الصين، تايلند... لماذا؟ لأنه توجد لديها عمالة ماهرة، حيث بالإمكان تشغيل اي آلة أو جهاز أو محرك حديث بسبب المهارات الموجودة عند الأيدي العاملة هناك، ويمكن تشغيل أي مصنع. فالمشاكل بصراحة هي كثيرة، لكن نحن إذا أردنا تحديد مشكلة معينة ربما نستطيع تدريجيا نحدد جميع المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، أما اسباب المشاكل، فنحن لدينا كثير من المشاكل وتوجد أسباب سياسية، نتحدث الآن مثلا عن التشريعات القانونية، نحن لا توجد لدينا مشكلة في التشريعات القانونية، بالنسبة للتشريعات الاقتصادية وافية جدا. نحن لدينا قانون استثمار فتح المجال أمام كل المستثمرين، وأعطى امتيازات للمستثمر، أما قانون النفط فهو قضية سياسية، وهذا القانون غير استثماري بل ريعي، لكن من الواضح أن قضيته سياسية، لحد الآن لم يشرَّع قانون وهو أمر سياسي كما نعرف في الفترة الحالية. أما على صعيد التشريعات، يوجد لدينا قانون الشركات، أي شخص يريد أن يؤسس شركة يمكنه ذلك الآن، أكبر شركة نريد أن نقوم بتأسيسها رأس مالها مليونيّ دينار، ويمكن تأسيس شركة تتكون من شخص واحد، فهي بصراحة تشريعات مرنة جدا، ومواكبة أيضا، مع العلم أن هذه التشريعات صادرة منذ الثمانينيات. أجروا عليها بعض التعديلات نعم، وحسنوها، لكن المشكلة ليس في التشريعات، وإنما المشكلة سياسية، بل المشكلة الاولى التي نعاني منها بالنسبة للاقتصاد هي سياسية. لازمت المشاكل الاقتصادية السوق العراقي ومسألة النفقات بشكل كبير منذ عام (١٩٦٣) كان القصد من تغيير الحكومات في العراق هو التسلط والحكم، ليس من اجل اصلاح الوضع الاقتصادي او رفع الثقل والمشاكل من على اكتاف الناس، اذن التحرك والعمل الحزبي والتنظيمات والعمليات الفدائية كانت من اجل التحكم والتسلط، وليس كما كانوا يبشرون ويدعون به، هذا ليس في العراق فقط بل في بلدان اخرى. كل هذه الانقلابات والتحولات السياسية جاءت وهي لا تمتلك نظرية اقتصادية، او انها تريد تحقيق تجربة جيدة في الاقتصاد. مثلا في موضوع الاستيراد ليس هناك قانون او نظرية تخدم المواطن او المزارع، مثلا محاصيل الطماطم والتمور موجودة في العراق، لكن التاجر العراقي يقوم باستيرادها كالتمور المعلبة من دول اخرى وبسعر منافس او اقل، والدافع الرئيسي هو الربح فقط. ثم خلق البطالة للعراقي، وتحوله الى رجل ينتظر (دوراً) في عمليات سياسية من انقلاب او انتخاب او قدرة او علاقات. امريكا تريد من العراق ان يكون مستهلكا فقط، ما يحصل عليه من نقود النفط يصرفها في الاستيراد كي يستمر بالاستهلاك، ممنوع عليه ان يصنع (إبرة) خياطة، ممنوع عليه ان يتقن (علم الاقتصاد الانتاجي). وإذا أكمل هذا القسم يكون مصيره القتل بالسيارة او الاصطدام او غير ذلك، المهم هذه فتنة أو حديث ممنوع. عدم استقرار العملة في العراق هنالك أسباب داخلية وأخرى خارجية، من الأسباب الداخلية بحسب فهمي هو التخبط السياسي في حل المشكلات الاقتصادية، إذ لا توجد لدينا سياسة اقتصادية محددة، ولا يوجد لدينا تخطيط اقتصادي واضح. الشيء الثاني قضية عدم استقرار العملة في العراق، عاصرناها في التسعينات من القرن المنصرم، وإلى الآن فإن العملة والسوق غير مستقر، الشيء الثالث قضية النظام المصرفي العراقي، فهو نظام معقد، وربما آخر القرارات التي أصدرها البنك المركزي هي التي تتعلق ببيع العقارات. اذ أصدروا تعليمات أن الذي يبيع أو يشتري دارا عليه أن يودع أمواله في المصرف ابتداء من مبلغ 100 مليون دينارا صعودا، وهناك ضرائب يتم فرضها بحسب قيمة العقار، يعني شروط كثيرة ومجحفة، بينما ما نعرفه نحن أن الناس (مسلطون على أموالهم)، فأي شخص يمتلك أموالا له الحرية في التصرف بها في مجال الشراء والبيع، أو كيفما يتصرف بها، فما هي علاقة البنك المركزي في هذا الجانب، مثلا عندي أموال أريد أن أتبرع بها لجمعيات تهتم وترعى الحيوانات، أو أريد اصرفها كما اشاء، وإذا كان هدف البنك المركزي المراقبة فنحن معه في هذا الجانب، ولكن هذه الخطوة تحد من حركة النشاط التجاري في هذه القضية. كما نعرف ونتفق أيضا بأن العراق بحاجة إلى استثمارات كبيرة، لكن المستثمر يجد أمامه معرقلات ومعوقات وفساد، هذه كلها تقف أما المستثمر لذا لا يمكن أن يرتقي الاقتصاد العراقي بوجد هذه العلل التي ليس لها حلول ولا معالجات. فهم معنى الاقتصاد بين الانسان الاقتصادي والاقتصاد الاجتماعي - الشيخ مرتضى معاش: هناك مشاكل متأصلة في الاقتصاد العراقي يمكن أن نتطرق إليها أو نوجزها كالتالي: أولا: أكبر مشكلة هي أزمة فهم الاقتصاد، هذه المشكلة متأصلة في فكر الدولة وعقل الدولة وأيضا في العقل الاجتماعي، حيث لايوجد فهم متكامل لمعنى الاقتصاد، فما هو موجود يمكن ان يطلق عليه اقتصاد (الدكان)، يعني بيع وشراء، وهذا لا يسمى اقتصاد، وليس له علاقة بالماضي ولا له علاقة بالمستقبل. بالنتيجة يبقى عدم فهم الاقتصاد خصوصا في عالم اليوم، هذا العالم المتقدم اقتصاديا، والمتشابك جدا، يحتاج إلى فهم لمعنى الاقتصاد وكيف يعمل وكيف يسير. ثانيا: أزمة الاستهلاك والإنتاج، اليوم أصبح الإنسان العراقي مجرد مستهلك وليس منتجا، وهذه أزمة، حيث يتزايد مفهوم الاستهلاك الذي يعتمد على الاستيراد الخارجي بما لا يتناسب مع حاجات المجتمع العراقي، ولا يتناسب مع الموارد الموجودة، ولا مع التوازن الاجتماعي، كل هذا يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه مشكلة في التوازن الاقتصادي في البلد. ففي قضية أزمة الإنتاج والاستهلاك، نفتقد ما يسمى بـ(الإنسان الاقتصادي)، وهو الشخص الذي توجد لديه خطة للعمل الاقتصادي من ناحية العمل، من ناحية الانتاج، من ناحية تناسب عمله مع وارده الذي يحصل عليه، وأيضا من ناحية الاستهلاك والادخار. كمثال عن ذلك يعتمد الإنسان العراقي على وظيفة الدولة، هذا ليس بإنسان اقتصادي، فهذا الشخص يعتمد على ريع الدولة، وهذا الريع بالنتيجة ريع معرض للازمة كونه لا يفكر في المستقبل، ولا توجد عنده رؤية مستقبلية، بالإضافة إلى ذلك هو لا يدّخر ادخارا حقيقيا، ولا يحول هذا الادخار إلى استثمار يفيده في المستقبل. طبعا أزمة فهم الاقتصاد وأزمة الاستهلاك تؤدي إلى أزمة الإنسان الاقتصادي في العراق. ثالثا: أزمة الثقة بالنظام السياسي وبالسلطة، ليست هناك ثقة بالنظام السياسي، وهذه أزمة عميقة جدا، وأزمة الثقة هذه تؤدي إلى وجود القلق من المستقبل، فلا يشعر الإنسان بالاستقرار النفسي، ولا الاجتماعي، وفي كل يوم يشعر بأن قلقه كبير بخصوص ما سيحدث في المستقبل، يفكر بحدوث مشاكل، وهذه أزمة كبيرة لها ارتدادات. فالإنسان عندما لا يثق باقتصاد بلده، لن تكون عنده مساهمة فعالة في هذا الاقتصاد، لدرجة أن المواطن لا يثق في وضع أمواله في المصرف، وكما قيل فإن المصارف الحالية أصلا هي من أهم أعداء الاقتصاد العراقي، أو هي أهم عائق في عملية تطور الاقتصاد العراقي. رابعا: تضخم النظام البيروقراطي، هذا التضخم يستنزف الموازنة كلها، ويستنزف الاقتصاد كله، لأنه نظام استهلاكي بيروقراطي غير منتج يؤدي إلى عملية انتشار الفساد بشكل كبير، لذلك من المفارقات اليوم أننا نرى أهم مشروع لدى ترامب أنه يحارب النظام البيروقراطي في أمريكا، وما يقوم به الآن إنه يستهدف كل الوزارات وكل الوكالات وكل المؤسسات الحكومية التي تستنزف موازنات أمريكا. لنفترض في إحدى السنوات لا يستطيع النظام العراقي تقديم موازنة، هذا الشيء سوف يؤدي إلى ثورة، وهذا يعد ارتداد خطير جدا، حيث قد تندلع احتجاجات ضد النظام الحاكم. خامسا: غياب البنى التحتية، وهي أزمة متأصلة، تؤدي إلى زيادة تكاليف الانتاج، ولا تسمح للاقتصاد بأن ينمو نموا اقتصاديا سليما، وإنما يكون في حالة استنزاف، ودائما يشعر المستثمر بأن قيمة الأرباح قليلة جدا، وهذا يؤدي بالمستثمر إلى عملية تقليل الجودة إلى أبعد حد حتى يستطيع أن يكمل أرباحه بالإضافة التكاليف الأخرى الهامشية التي تأتي من خلال العمولات والرشاوي. أهم مشكلة ذكرها مقدم هذه الورقة، أنا سأذكرها بعبارة أخرى، من باب التأكيد عليها، بأن اقتصادنا اقتصاد دولة وناقشنا هذا في حلقة سابقة، اقتصاد الدولة هو مدمر للاقتصاد، لا يمكن أن يقوم الاقتصاد على الدولة، لأن الدولة هي مجموعة من الناس المنتفعين الذين يفكرون بكيفية حصولهم على الامتيازات الخاصة بهم، ويديرون عمليات التمويل بما يتناسب مع عمولاتهم وأرباحهم التي يحصلون عليها وعلى مقاساتهم. أما الاقتصاد الحقيقي فهو الاقتصاد الاجتماعي، وهناك مشكلة السياسة المالية المرتبطة بالدولة وهي تتعلق بتشريع السياسات والخطط التي ترتبط بمصالح الأحزاب والسلطة المتنفذة، وهذا ما يقوم بمحاربته ترامب حاليا حيث يسمي هؤلاء بالشيوعيين، هناك عالم اقتصاد امريكي اسمه دارون عاصم أوغلو، وهو يطرح رؤية في كتابه (كيف تفشل الأمم) بأن الاقتصاد الحقيقي ليس هو الاقتصاد العلمي وإنما هو كثقافة اجتماعية، حيث الاقتصاد يبدأ من القاعدة، ويمكن تسمية ذلك بالاقتصاد الاجتماعي. سادسا: أزمة الانتخابات، كما أن الانتخابات جيدة جدا، فهي أيضا سيئة، بدلا من أن يأتي رئيس وزراء جديد لكي يطور الاقتصاد، فإنه يقوم بممارسة عملية تعيينات هائلة جدا، لكي يكسب اصوات انتخابية، وهذا يعني ممارسة لتأصيل المشكلة وارتداداتها هذا الكم الهائل من البطالة المقنعة، كل هذا من أجل اعاده انتخابه، حيث يقوم الموظفون بانتخاب من عينهم لأنه كما يعتقدون صاحب فضل عليهم. الحلول والمعالجات: أولا- تغيير الثقافة الاجتماعية: الاهتمام بالجانب الاجتماعي وخلق الإنسان الاقتصادي، من خلال المناهج التعليمية ودعم المؤسسات المستقلة، لأنه المؤسسات المرتبطة بالدولة لا يمكن أن تمارس عملية الاقتصاد الاجتماعي. ثانيا- إعطاء القوة الدافعة لنمو للقطاع الخاص، من خلال دعم الاستثمارات ورفع العوائق والبيروقراطية. ثالثا- مكافحة سيطرة الاقطاعيات، التي هي من المشكلات المتأصلة لأن اقتصاد العراق كاقتصاد بالمعنى الحقيقي الاقتصادي، لم يحصل على فرصة في تاريخه، منذ زمن الدولة العثمانية وإلى الآن هو في حالة من سيطرة الاقطاعيات عليه في العهد الملكي من جهة، ومن ناحية ثانية سيطرة الدولة عليه في العهد الجمهوري، وثالثا كما يجري الآن في نظام ما بعد (2003) سيطرة الاقطاعيات زائدا الدولة على الاقتصاد. تحالف الاقطاعيات مع الدولة أدى إلى مشكلة كبيرة، لذا يجب احتواء الاقطاعيات لأنها تقلل من مبدأ تكافؤ الفرص، في العمل الاقتصادي. ويجب دعم ابتكار الشباب، فلابد أن يحصل الشباب اليوم فرصته في عملية الابتكار الاقتصادي، وبناء وفتح المشاريع الصغيرة، والمشاريع الناجحة حيث يتعلم منذ الصغر عملية تمويل نفسه وبنائها وإنشاء مشروعه الخاص حتى بالنتيجة نستطيع الخروج من هذه الدوامة المستمرة في عملية الارتدادات، وإلا ربما نحن لا نشعر بهذه المشكلة الآن ولكنها مشكلة لها آثار خطيرة جدا في المستقبل. - الأكاديمي علاء الدين الجنابي: ان المشكلة في الاقتصادي العراقي، تنقسم إلى قسمين، مشكلة خارجية ومشكلة داخلية، المشكلة الخارجية تتعلق بأن العراق منذ القدم لم يكن مستقرا خصوصا في ظل العولمة، موقع العراق الاستراتيجي جعل منه عرضة لأطماع كثيرة لدول معينة، ومكان لصراع دول كثيرة، مثل دول الخليج والصراع الإيراني الأمريكي. كل هذه الأمور موجودة على الساحة العراقية، بالنتيجة هذا الشيء لا يسمح بوجود بيئة آمنة ومستقرة لنشوء اقتصاد صحيح وقوي، يعني يحتاج الاقتصاد إلى بيئة آمنة، ومستقرة لكي يزدهر، فكل هذه المشاكل تجعل من الصعب أن تصنع اقتصادا قويا، ولكن هذا لا يبرر الأمر. النقطة الثانية تتعلق بالمشاكل الداخلية، وهي في الواقع منذ نشوء الدولة العراقية حتى اليوم، لا توجد هناك رؤية اقتصادية حقيقية واقعية قابلة للتطبيق وصحيحة وممكن مثلا أن تنهض بهذا البلد، والذي لاحظناه أن كل الحكومات في هذا البلد والتي تعاقبت على حكم العراق هي حكومات أقل ما يُقال عنها غير كفوءة، حيث يكون الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، يعني وجود أشخاص غير كفوئين يقودون الدولة وهذه مشكلة حقيقية. الغرب وجد حلولا لهذه المشكلة بالرجوع إلى مراكز الدراسات، نلاحظ مثلا أن بعض تصريحات ترامب التي يقولها مضحكة، ولكن يبدو من خلف الكواليس هناك من يدير القضايا السياسية في أمريكا، حيث توجد مراكز دراسات هي التي تخطط وهي التي تضع البرامج وتضع الخطوات الصحيحة وتؤشر غير الصحيحة. مثلا في قضية المصالح الأمريكية الموجودة في كثير من الدول، فهل يعرف ترامب وحده أن مصلحة امريكا توجد في الدول الفلانية، هناك تقرير في برنامج المخبر الاقتصادي كان لديه حلقة بأن أمريكا تدخلت في 1973 في (تعقيم / من العقم) عشر دول، إعقام نساءهم، وأعطوا النساء أدوية بشكل مباشر وحدث عندهن عقم. لأن هذه الدول فيها موارد تحتاجها أمريكا، حيث لاحظوا أنه بعد عشر أو عشرين سنة سوف يتنامى سكان هذه المناطق وبالنتيجة سوف يصبح أخذهم لهذه الموارد أكثر، وأمريكا تحتاجها، ولهذا قامت بعقم النساء ومن ضمنها المنطقة العربية (مصر) والبرازيل وغيرها، عشر دول تقريبا وهذه الوثيقة ظهرت في التسعينيات. أما المشاكل الداخلية فهي أولا عدم الوضوح، بمعنى لا يوجد لدينا رؤية واضحة لحد الآن حول اقتصادنا، كذلك المشكلة الثانية أن اقتصادنا ريعي، يعتمد 90% على الايرادات النفطية، في الوقت الذي نرى فيه أن العالم يتجه نحو الذكاء الاصطناعي، يتجه نحو الرقائق الإلكترونية، وإذا حدثت الحرب العالمية الثالثة فهي بسبب شركة تي أف أف التايوانية، حيث أن مشكلة العالم اليوم تدور حول الرقائق الإلكترونية وممكن تقودنا إلى حرب عالمية ثالثة. كما أننا نعلم جميعا، بأن مشكلة الاقتصاد الريعي أنه يتأثر بالعوامل الخارجية أيضا، ثانيا فسح المجال أمام الاستثمار والقطاع الخاص، هذه تجمع بين المشكلة الداخلية والخارجية، فهي مشكلة خارجية لأن هناك صراعات وتصفية حسابات موجودة وأرضنا خصبة لاستقطاب تصفية الصراعات، كما اننا ل نلاحظ توجه حقيقي نحو تشجيع الاستثمار ولا يوجد فكر ولا توجه حقيقي بهذا الاتجاه. في أحد المؤتمرات كان يحضر شخص أمريكي نائب، قدم محاضرة من ضمن ما قاله في احدى المدارس في أمريكا طالب في صف أول ابتدائي انا شخصيا اذهب له وأقول له عندما تستيقظ صباحا ماذا تفعل؟، أجاب أغسل وجهي، وماذا أيضا؟، أتناول فطوري، وهذا الماء من أين يأتيك؟، وهكذا أدقق معه في التفاصيل، وأقوم بإفهامه بشكل جيد. إذن توعية الناس بالاقتصاد مهمة، ويفترض بالحكومة أن تشترك بهذا الأمر، لكن للأسف لا يوجد تشجيع للشباب حول القيام بالعمل الحر الذي هو أفضل كثيرا من الوظيفة الحكومية، نلاحظ التكنولوجيا أخذت تنتج آلات جديدة ومبتكرة، أما في العراق يفتحون التعيين المركزي ويجعلون الطلبة كلهم يذهبون باتجاه الوظيفة. عموما أصبح الفرد اليوم هو جزء من المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي. - الأستاذ علي حسين عبيد، كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية: عندي ملاحظة تتعلق بالأسرة العراقية، أو العائلة العراقية، يعني لو أجرينا مسحا ميدانيا كم هي مثقفة هذه الأسرة اقتصاديا؟ هل توجد لدينا عائلة مثقفة اقتصاديا؟، وإذا أجرينا نسبة، فأنا لا أعتقد أن هناك أكثر من 5 إلى 10% من العوائل العراقية قد تكون مثقفة اقتصاديا، و90% من الأسر العراقية لا تمتلك أي ثقافة اقتصادية. وهذه مشكلة كبيرة جدا، لانك حينما تريد أن تبني اقتصادا معافى ويقوم على ركائز صحيحة وجيدة، عليك أن تبدا من الصفر أو من البدايات، مثل غرس النبتة تماما، والنمو يستمر من الصغر صعودا إلى اكتمال النمو، هذه المشكلة لو أننا تمكنا من حلّها فأنا أعتقد أنها سوف تحل جميع المشاكل الأخرى. وتضع الحلول المطلوبة لكل مشاكل العراقيين، طبعا نحن نطالب بسياسي مثقف اقتصاديا، نطالب بحلول أخرى تتعلق بطبيعة الاقتصاد العراقي ولكن أنا أكرر الحقيقة يجب أن يكون الفرد العراقي مثقفا اقتصاديا بالدرجة الأولى. اقتصاد حكومي بحت - الاستاذ محمد علاء الصافي، باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث: أكبر المشاكل المتأصلة في الاقتصاد العراقي هي النظام المصرفي، وهو الذي يعيق استقطاب استثمارات خارجية تخدم الاقتصاد العراقي، لأن اقتصادنا في الداخل يعتمد بنسبة أكثر من 95% على الواردات النفطية التي تسيطر عليها الحكومة بشكل اساسي، وهذا يعني أن نسبة الـ 5% هي الاستثمارات التي يشارك بها كل الشعب وهي لا يمكن أن تغطي شيئا من الطلب المحلي في بلد عدد سكانه 45 مليون نسمة عدا الداخلين والمقيمين والزوار الي يزورون البلد، فلا يمكن تغطية الطلب. فالاقتصاد بالنسبة والتناسب غير موجود، فهو اقتصاد حكومي بحت، والقطاع المصرفي هو الذي يكون المفتاح لدخول الاستثمار الاجنبي، وقد رأينا الكثير من الفرص التي توفرت للعراق من بعد 2003 خاصة بعد التغيير لم تجد هذه الشركات العالمية موطئ قدم لها أو تسهيلات بحث تمكنها تفتح مشاريع أو تفتح فروعا لها أو تفتح مصانع لها أو مراكز تسويق لها في العراق بحيث يستفيد منها الناس. وينمو الاقتصاد العراقي مع نمو هذه الفروع، أبسط مثال اليوم كم يستورد العراق من السيارات مثلا، كل الماركات العالمية نراها تسير في الشوارع، وهذه السيارات كلها يتم استيرادها من الخارج، الوكالات الرسمية التي نراها في العراق مثلا (كيا أو تيوتا) وغيرها. هذه بالأساس ليست فرعا رئيسية في بغداد أو في أربيل، هي وكالات تابعة للفروع الأصلية مثلا في الكويت أو دبي، هذا لا يعني أن هذه الدول أفضل من العراق لكن لا توجد تسهيلات في العراق للشركات، لذلك اضطر التجار العراقيين أن يأخذوا موافقات أو فروع من الوكالات الموجودة في الكويت أو دبي مثلا لكي يفتح وكالة في العراق. هذا أكبر عائق أمام تطور الاقتصاد العراقي وهو من المشاكل المتأصلة والتي لا يوجد لها حل لحد هذه اللحظة، كذلك التحول نحو الاقتصاد المالي عبر البطاقات الإلكترونية والدفع المسبق، الاتمتة او الاقتصاد الرقمي. نحن نلاحظ البطاقات الرقمية صحيح بدأت تعمل عن طريق الشركات الرقمية مثل ماستر العالمية، لكن جربوا استخدام هذه البطاقات بشراء بعض البضائع الموجودة في الداخل سوف تكتشفون أنها محدودة جدا. كذلك غياب الثقة بين المواطن والحكومة، والدليل أن راتب المواطن ينزل في الماستر كارت، وهو موظف في الدولة يذهب مباشرة ويسحب الراتب كله، في حين يستطيع ترك الراتب بالبطاقة ويتسوق إلكترونيا لكن لماذا يسحب الراتب كله؟، وذلك لعدم وجود الثقة، وهذه إشكالية كبيرة جدا. بالإضافة إلى أن الحكومة بسبب اجراءاتها وهي فاشلة جدا، حيث استنزفت ميزانية الدولة كلها، على مشاريع لا تقدم أي فائدة اقتصادية للبلد، ويقول المستشارون إن الشعب العراقي يمتلك 50 مليار دولار في البيوت فكيف يمكن سحبها، وهذا مؤشر على فشل الاقتصاد، وعدم وجود اقتصاد بالعراق. كيف يمكن معالجة هذه المشاكل، يجب تحرير الاقتصاد وتبدأ الدولة بسحب يدها عن القطاع الصناعي مثلا والزراعي، وكثير من الشركات فشلت وهي مجرد تقوم بتوزيع رواتب للعاملين بدون انتاج وبدون أي مردود اقتصادي. هوس الاستهلاك في الشخصية العراقية - الدكتور لطيف القصاب، أكاديمي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية: هناك رأي أعتز به كثيرا لأحد علماء الاجتماع يقول أنت لا تستطيع أن تفسر مشكلة بهذا الاتساع وهذه الضخامة بسبب واحد، هناك أجواء سياسية واضحة، فنحن اشتغلنا في الصحافة، والإعلام وعرفنا أن هناك إرادة سياسية ضد أن ينمو العراق اقتصاديا، كأنما بعض الشخصيات او الأحزاب بصرف النظر عن التسميات هم جاؤوا لتخريب الماكنة الاقتصادية العراقية بشكل أو بآخر، من خلال إغراق السوق بالبضاعة الاجنبية. وكذلك من خلال وأد الصناعات العراقية، مثلا شركة ألبان كربلاء وشركة تعليب كربلاء، مصانع مهمة جدا تم إلغاءها، وكذلك ألبان بغداد وحتى معامل النسيج والإسمنت وإلى آخره. إذن هناك سبب واضح في هذا الموضوع، وإذا أريد التفصيل أكثر أحتاج إلى مجال واسع، اختصارا توجد ثمة أسباب سياسية وتوجد أسباب اجتماعية أيضا تتعلق بالبنية الاجتماعية. السفر يعطيك تصورات عنك وعن الاخر، أنا رأيت مثلا المواطن السوري الحقيقة هو اقتصادي أكثر من العراقي، بشكل عام تجده منتجا ويحدد ميزانيته، نحن لدينا تفاوت مناطقي، مثل سكان الموصل نقول عنهم بخلاء، وهم ليسوا بخلاء أبدا، بل هم منظّمون وحريصون على عدم الهدر والتبذير. كذلك قضية الاستهلاك الذي تطرق له سماحة الشيخ مرتضى معاش، هناك هوس بالاستهلاك وهو شيء معيب في الشخصية العراقية، ونحن كبار السن كنا أحرص بكثير بالمقارنة مع الأجيال الحاضرة، أليس كذلك؟، كنا خاضعين إلى مؤسسة اقتصادية بشكل أو بآخر، فحين تكون في البيت تتعلم الاقتصاد، وحين تدرس تتعلم الاقتصاد. على أية حال أنت كإنسان مبرمج اقتصاديا، وأضع الدرهم في مكانه، وليس في مكان خاطئ، هذه من الاسباب الاجتماعية وهي كثيرة جدا. هناك أسباب إعلامية كما ذكر الاستاذ علي حسين عبيد، باعتباره رافد، يعني نحن لدينا الآن محلل سياسي، ويوجد لدينا الآن صحافة رياضية وصحافة سياسية، ولكن لا يوجد لدينا صحافة اقتصادية واضحة ولا صحافة صحية يوجد خلل في البنية الإعلامية لدينا. إذن الأسباب سياسية، وهناك أيضا خلل في البنية التشريعية، فانا كصحفي راقبت هذا الموضوع، مثلا قضية احالة المشاريع ثم بيعها إلى آخر وآخر، يعني مثلا السياسة المالية هناك فوارق هنا وهناك، ولكن إذا أردت أن تقيّم كصحفي متابع ترى مثلا السياسة الإدارية العراقية هي أفضل من السياسة المالية، مثلا صرف العملة يكاد يكون ثابتا، لكن السياسة المالية هي المتخبطة، بلد ريعي لا يمتلك غير النفط، لو توكل لي القضية الإصلاحية، فنحن تاريخيا وربما حاضرا ومستقبلا نحن بلد زراعي. فالزراعة اذا نشطت وصلحت في العراق صلحت كل الحقول الأخرى، لحد سنة 1958 نحن نصدر الحنطة والرز إلى أمريكا وبريطانيا، فلابد للدولة أن تدعم الفلاح ولا تسمح له يصبح شرطيا ويترك مهنته في الفلاحة ويترك أرضه وأرض آبائه وأجداده. ديمومة الإصلاح الإداري - الأستاذ حسين علي حسين، مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية: لقد بيّن الأستاذ الباحث في ورقته البحثية ما هي المشاكل وما هي الارتدادات، وطلب منّا أن نجد الاسباب التي تقف وراء هذه الأمور، ولهذا فقد وضعتُ مجموعة من الاسباب هي: أولا: سوء الإدارة من قبل الدولة، أي أن الدولة العراقية وحكوماتها المتعاقبة منذ نشوئها، لم تضع خططا استراتيجية توضح هدفها وما تفاصيل ماهيّة الاقتصاد العراقي، بحيث أننا لو جئنا لتعريف مفرد الاستراتيجية سوف نجد أنها هي الخطة التي توضع لمدة خمس سنوات على أقل تقدير. ولكن إذا جئنا كي نتفحص الاقتصاد العراقي، سوف نجده اقتصاد الغد فقط، أي أنه يفكر بالعيش غدا فحسب ولا يخطط للمستقبل، وهذا أول سبب من الأسباب. ثانيا: ريعية الاقتصاد العراقي، وهو سبب اتفق عليه أغلب الاساتذة وهو ريعية الاقتصاد العراقي، فهو اقتصاد أحادي قائم على موارد النفط فقط فهذا السبب يعد من الأسباب التي تجعل المشاكل الاقتصادية متأصلة ودائمية. ثالثا: وجود فساد مالي، بالمقابل لا يوجد هناك إصلاح إداري، وإذا ما أردنا أن نتحدث عن الفساد المالي في العراق فهو من الأساس كثير ومتأصل، ومقابل هذا النوع من الفساد لا يوجد لدينا إصلاح إداري يستطيع إيقاف هذا الفساد لأسباب عديدة معظمها معروفة للجميع. رابعا: ثقافة الأفراد ودعم الدولة، مَنْ مِنْ الأُسر العراقية يقوم بالفعل التالي؟، حين يجيء الأب براتبه الشهري إلى العائلة، أو الدخل الشهري هل جلس الأب مع أولاده وعائلته وأخبرهم بأن هذا الدخل (الراتب) هو عبارة عن ثلاثة أمور اقتصادية هي ادّخار واستهلاك واستثمار. أغلب الأسر العراقية كما ذكر الأساتذة المشاركون في النقاش يكون الجانب الأكبر لديهم من حصة الاستهلاك، وإذا كان هناك نوع من الادخار فإن نسبة 5% من الشعب العراقي يعرف ويمارس مفهوم الادخار ومفهوم الاستثمار. هذا بالنسبة إلى الاسباب. أما الحلول فهي: أولا: وضع خطط استراتيجية كفوءة، يمكن من خلالها تقوية وتحريك وتطوير الاقتصاد العراقي ومعالجة المعرقلات مثل إدخال برامج الذكاء الاصطناعي. ثانيا: التوجّه إلى فتح المصانع والتوجه إلى القطاع الزراعي بدلا من الاقتصاد الريعي الموجود، أما كيفية التوجه إلى الزراعة، فنحن بلد كان يُطلق عليه (أرض السواد)، بسبب كثرة البساتين والأشجار المزروعة فيه، لذلك فنحن كما تفضل الدكتور لطيف القصاب يمكن أن نستفيد من المجال الزراعي بصورة كبيرة. ثالثا: تفعيل الإصلاح الإداري، وذلك لمعالجة الفساد المالي الذي يعتبر الحجر الاساس لعرقلة تطور وتقدم الاقتصاد العراقي. رابعا: إعطاء دورات ودروس داخل المدارس والجامعات، من المهم التركيز على الجانب التعليمي لفهم الاقتصاد وتفاصيله لكي تجعل من أفراد الشعب يفهمون ما هو الاقتصاد وما هو دور الفرد تجاه اقتصاد بلده وكيف ينمو وينافس الاقتصادات العالمية. ما هي هوية الاقتصاد العراقي؟ - الأستاذ باسم الزيدي، مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث: في كل جلسة تتعلق بالاقتصاد أسأل ذات السؤال ولا نجد له أي جواب، والدليل أن هذه الجلسة اليوم عززت أيضا من هذا الفهم، وأظن أن الدولة نفسها لم تجد الجواب عن هذا السؤال، الذي مضمونه: ما هي هوية الاقتصاد العراقي؟ إذا اتفقنا أن الاقتصاد هو ريعي، فإن الدولة ترفض ذلك ولا تقول بأن اقتصادها ريعي، وإذا قلنا بأنه هو اقتصاد سوق، فإن واقع الحال لا ينطبق على ذلك، فهو اقتصاد هجين، هذه النقطة الأولى، وهو اقتصاد غير مستقر، ومتذبذب لغاية الآن، أتصور أننا نتفق على ذلك. المسألة الأخرى إن العراق يكاد يكون هو البلد الوحيد الذي يكون سبب قوته هو سبب ضعفه في آن واحد، يعني الثروات الموجودة في العراق تجعل منه ضمن البلدات التي يُطلق عليها البلدان ذات الموارد والثروات الكبيرة غير المستغلّة، أو المهدورة، وهذه الثروات إذا لم يتم استغلالها بصورة صحيحة سوف تكون السبب في انهيار اقتصاديات هذا البلد. لأنه تكثر حولها الأطماع والاجتهادات وتكثر فيها أمور أخرى، وهذه مشكلة. وقد سألوا أحد الأساتذة الكبار في علم الاجتماع، عن طبيعة المشكلة التي يعاني منها العراق، فوصف الحال بأنه مثل رأس البصل، مغلف بطبقة من القشور وكل قشر هو عبارة عن مشكلة، فيقول كلما نرفع قشر يظهر محلّه قشر آخر، وكل قشر جديد هو عبارة عن مشكلة جديدة أيضا، هذه هي الحالة التي نعيشها نحن. المتداخلون في هذه الحلقة ذكروا الأسباب وذكروا المعوقات، فدعونا نسأل هذا السؤال: نحن نتفق على أن أفضل شيء للعراق هو الانتقال من هذا الاقتصاد اللا اقتصادي، إلى اقتصاد السوق مثلا، باعتبار أنه يلائم الوضع العراقي وينشط كل قطاعاته، ما هي التحديات المهمة والبارزة التي من الممكن أن تعيق هذا التحول؟ أتصور إنها أربع تحديات رئيسة بحسب فهمي: التحدي الأول: وهو عبارة عن مشكلة في العراق، حيث نعاني منها في أغلب القطاعات، حتى السياسية وهي (مقاومة التغيير)، فالمجتمع العراقي دائما ما يقاوم عملية أي نوع من التغيير، ولا يمكن أن تمر أي عملية تغيير بسلاسة، لسبب أو لآخر. في القطاع الاقتصادي توجد حالة التخادم كما ذكر المشاركون بين الدولة والفرد، أن أعطيك وتعطيني خصوصا في الاقتصاد الريعي، فهو يستلم رواتب أو أموال مقال سبع أو عشر دقائق في أغلب الأحيان وهذه هي الخدمة الفعلية في اليوم وكل الموظفين يعرفون ذلك، هذا هو التخادم بين الطرفين بالإضافة إلى وجود الأحزاب وسواها من الذين يقاومون أي عملية تغيير في الاقتصاد، مثل الخصخصة وتفعيل القطاع الخاص أو بيع الشركات العامة. التحدي الثاني: الفساد، وهو عامل قوي جدا، يقف ضد عملية أو تطوير القطاع الاقتصادي، وهذا لمسناه نحن جميعا بواقع الحال في كل شيء، وحتى ما ذكره سماحة الشيخ مرتضى معاش عن أن الانتخابات هي أحد العوامل المعيقة للنمو والتغيير، وبالفعل هذا صحيح لاسيما أنهم قدموا قانون الجوائز الانتخابية فيعطون أموالا للناخب العراقي كي يشارك في الانتخاب وهذا دليل على قوة الفساد. التحدي الثالث: تهالك البنى التحتية للاقتصاد، ونقصد بها تلك التي تدعم عملية الانتقال أو التطور في القطاع الاقتصادي، نأخذ مثالا بسيطا من بلجيكا فهي جزء صغير من أوربا وهي بلد صغير مساحته 30 ألف كم2، نفوسه 12 أو 13 مليون نسمة، والغريب انه لا يمتلك أي ثروة طبيعية، يعني منذ أن دخل في الصناعة صفر كل ثرواته الطبيعية باستثناء الفحم الذي لا يساوي شيئا اليوم في مجال الطاقة. لكن نلاحظ أن هذا البلد يعمل في اقتصاد الخدمات، أو السلع نصف المصنعة ونلاحظ أن دخله القومي يتجاوز 600 مليار دولار فما هو فرق هذا البلد مقارنة بالعراق. التحدي الرابع: القطاع النفطي، وهو مشكلة بحد ذاته، الاعتماد أو الاتكاء على هذا الجانب هو الذي منع تطوير بنية القطاع الاقتصادي بصورة عامة، وهذا هو سبب مشكلتنا، لأننا وجدنا الحلول جاهزة، وثقافتنا تقاوم أي تغيير، لهذا لجأنا إلى هذا الحل الجاهز وابتعدنا عن الحلول الأخرى مقارنة بالحصار للمجتمع العراقي حيث بدأ الناس آنذاك بالبحث عن حلول لتوفير القوت اليومي، وهناك احصائية تقول هناك أكثر من 200 معمل موجود في العراق حتى تاريخ السقوط. وكانت هذه المعامل تشتغل وتنتج، واليوم جميع هذه المعامل أصبحت في خبر كان، وتم تصفيرها، بعد الاعتماد على السلع الجاهزة عبر ثقافة الاستيراد. تعقيب الدكتور عقيل عبد الكريم توجد لدينا تشريعات قانونية، فقد اعطى قانون الاستثمار امتيازات كبيرة جدا للمستثمر، فالمشكلة ليست في التشريعات، وإنما المشكلة هي سياسية، وفي أحد الأيام أجرينا بحثا على التشريعات البحرية، لا توجد لدينا تشريعات جديدة فيما يتعلق بالقضايا البحرية، تشريعاتنا قليلة جدا وقديمة، لدينا تشريع في الستينات وهو قانون الوكالة البحرية. ولما بحثنا وجدنا المادة 12 أو لا أتذكرها بالضبط حتى لا يحسب علينا الكلام، وهي مختصة تتعلق بالوكالة البحرية، هذه المادة فقط تم تعديها في سنة 2012، حتى تسمح لهم كي يحصلوا على وكالات بحرية، كان فيها شرط لا يسمح لهم بالحصول على الوكالة، فالسياسة تدخلت في هذا الجانب. أما بالنسبة للحلول الاقتصادية فلو جلس أربعة اقتصاديين مضبوطين لغرض حل المشكلة الاقتصادية فالعراق فسوف يقدمون 100 حل وليس حلا واحدا فقط، ولكن المشكلة سياسية داخلية. ثانيا: المشكلة سياسية لأن العراق بلد ضعيف، فمن يسمح للعراق من الدول المجاورة كي يستقر اقتصاديا، بالإضافة إلى ذلك العراق لم يحدد حجمه الحقيقي لكي يتطور، فما هو توجه العراق السياسي اليوم، متحالف مع الغرب أم مع الشرق أو مع من؟، كل الدول والجهات معتاشة على العراق، يعني جميع الدول التي تحيط بالعراق هي تعيش على خيرات العراق، لم يجد سد منيع لكي يحتمي به، قبل أيام سمعت خبير اقتصادي قال نحن نستورد في السنة 30 مليون (جورب). فكل معامل ومنتجات القطاع العام ونسبة كبيرة منها 84% منها فاشلة، وخاسرة هذه الشركات العامة، فالمشكلة اقتصادية أيضا ودور البنوك إذا تم استخدام الدفع الإلكتروني فإنه يوفر للدولة حجم هائل من الأموال، فالنقود أصبحت في العالم مجرد أرقام، كل عمليات البيع والشراء تتم عبر البطاقة الإلكترونية، والأموال باقية في البنوك، لذا بصراحة الأزمة هي سياسية. بالإضافة إلى ذلك معاناة العراق من العامل الخارجي، فنحن نعاني منه منذ زمن بعيد، يعني منذ بدء الدولة العراقية، لذا فإن السياسة التي اتبعها العراق غير واضحة تماما، وهذه المشكلة كبيرة جدا، الاقتصاد يحتاج إلى الاستقرار، وعندما يكون هناك استقرار يكون هناك ازدهار، وإذا لم يوجد استقرار لا يوجد ازدهار. فكيف تستقر وأنت لا تمتلك رؤية فكرية واضحة خاصة بك؟ تعقيب مقدم الورقة الأستاذ حامد الجبوري: سيكون ردّي على التعليقات إجمالا، ذكرتم بأن العراق لديه موارد، بصراحة الموضوع لا يتعلق بالموارد بقدر ما يتعلق بالإدارة، والنظام، فعندما تكون هناك إدارة جيدة للموارد، سوف نحقق نظاما اقتصاديا سليما، وهذا طبعا يتعلق بتجارب واضحة مثل سنغافورة أو ماليزيا، فهي دول تفتقد للموارد لكن لديها إدارة جيدة فأسهمت في تطور اقتصادها. مسألة الفساد هل هي مشكلة متأصلة، الفساد في الحقيقة ليس مشكلة متأصلة بل هو نتيجة لعدم تحول المجتمع، لذلك هي مشكلة متوالدة عن سوء التحول إلى اقتصاد السوق. النظام المصرفي بشكل عام يعتبر القناة التي تعمل على نقل الأموال من الفائض إلى العجز، فهناك أناس مستثمرة، وهناك من لديهم أموال لكن ليس لديهم أفكار ومشاريع، وبالمقابل توجد أفكار مشاريع ولا توجد لديهم أموال، فالبنك عبارة عن قناة ينقل المال من الفائض إلى العجز، هذا عمل القطاع المصرفي الذي ينقل الأموال من قنوات الفائض المالي إلى قنوات العجز، لأن توجد ناس لديها افكار مشاريع لكن مشكلتها أنها تفتقد للأموال. فكلما كان القطاع المصرفي مرنا وشفافا وآمنا يستطيع جذب الأموال ومن ثم إقراضها للناس كي تُنشئ بها مشاريع اقتصادية ناجحة، وهذا سوف يحرك العجلة الاقتصادية، لكن بصراحة القطاع المصرفي في العراق ضعيف ولذلك هناك تعثر في نقل الأموال من الفائض إلى العجز. مسألة استقرار العملة هي نتيجة لسبب وليس هي مشكلة متأصلة، المشكلة المتأصلة تقع في صلب الاقتصاد العراقي الحقيقي، فنحن ليس لدينا اقتصاد انتاجي حقيقي حتى يعتمد على توفير الدولار ومن ثم يساعد على ادخار العملة، ولذلك فإن العملة هي مشكلة متوالدة وليست مشكلة أصلية متأصلة في صلب الاقتصاد. فإذا اردنا أن نحقق اقتصاد قادر على المواجهة وقادر على الصمود أمام المشكلات الخارجية، يجب معالجة المشاكل المتأصلة التي ذكرناها وتأكيد الهوية الاقتصادية ضمن نظام اقتصادي سليم ونشر الثقافة الاقتصادية. وأخيرا مسألة المؤسسات التي تم ذكرها أكثر من مرة في المداخلات، عندما نشكل مؤسسات قوية، سوف نعمل على بناء اقتصاد سليم. * مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2025


شفق نيوز
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- رياضة
- شفق نيوز
أربيل.. العراق ينافس الأردن على صدارة بطولة غرب آسيا للشطرنج
شفق نيوز/ تشهد مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، يوم الخميس، اليوم الثاني من بطولة غرب آسيا للشطرنج وسط تنافس محتدم بين العراق والأردن على المراكز الأولى في منافسات الرجال. ويتنافس اللاعب العراقي الدولي حسين علي حسين مع اللاعبين الأردنيين لؤي سمير وزميله سمير منصور، حيث يمتلك 8 لاعبين نقطتين من فوزين. أما في منافسات النساء، فقد تصدرت اللاعبات الإيرانيات الترتيب، بعد أن جمعت خمس لاعبات نقطتين من فوزين. هذا وتواصل الوفود العربية بالوصول إلى أربيل تباعاً للمشاركة في البطولة التي تحظى بدعم مباشر من قبل اللجنة الأولمبية العراقية.

وكالة أنباء براثا
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- رياضة
- وكالة أنباء براثا
العراق يفوز بعضوية الاتحاد العربي للجودو
فاز العراق بشكل رسمي، اليوم الثلاثاء، بعضوية الاتحاد العربي للجودو للدورة 2025-2029. وذكر اتحاد الجودو في بيان أن "رئيس الاتحاد العراقي للجودو عدي الربيعي، فاز بعضوية الاتحاد العربي للعبة للدورة 2025-2029، كما فاز العراق بعضوية اللجنة التقنية حيث سيمثله حسين علي حسين". وأضاف أن "العراق فاز أيضاً بعضوية اللجنة الفنية للاتحاد العربي، حيث سيمثله حسنين باسم كما فازت هويدة إسماعيل بعضوية اللجنة النسوية وفاز علي نظار بعضوية لجنة التنظيم في الاتحاد العربي للجودو". وجاء ذلك خلال انعقاد الجمعية العمومية للاتحاد العربي اليوم في العاصمة الأردنية عمان، على هامش فعاليات البطولة العربية للمنتخبات والأندية.


شبكة النبأ
١٠-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- شبكة النبأ
مركز الفرات ناقش جدلية الاقتصاد العراقي بين حتمية السوق وثقافة القطاع العام
اقتصاد السوق والقطاع الخاص ليست مسألة خيار بقدر ما هي ضرورة ملحة، وذلك لأسباب عديدة دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودولية. ان العراق من بين الدول الاكثر زيادة في التعداد السكاني، وهذا ما يتطلب المزيد من فرص العمل، ونظراً لعدم إمكانية الدولة والقطاع العام في العراق على الاستمرار في التوظيف... تحرير: حسين علي حسين عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية، وذلك في مساء يوم السبت الموافق 11/1/2025، وجاءت هذه الحلقة ضمن نشاطات المركز الدورية المنتظمة، وضمن فعاليات ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يتم عقده في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، وجاءت الورقة تحت عنوان (الاقتصاد العراقي بين حتمية السوق وثقافة القطاع العام)، قدمها الأستاذ حامد الجبوري الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، وقد حضرها وشارك في مناقشتها عدد من الباحثين والأكاديميين ومدراء مراكز البحوث والكتاب، تضمنت هذه الورقة ما يلي: كان الاقتصاد العراقي يعتمد بالدرجة الاولى على القطاع الزراعي منذ تأسيس الدولة العراقية 1921 وحتى عام 1952 سنة مناصفة الارباح مع الشركات الاجنبية. ومع هذا السنة سنة مناصفة الارباح بدأ دور الدولة يزداد في الاقتصاد الى جانب القطاع الخاص لكن في المشاريع التنموية عبر مجلس الاعمار الذي تم تأسيسه عام 1950 واستمر هذا الوضع (المتوازن تقريباً بين القطاع الخاص ودور الدولة) حتى انقلاب 14 تموز 1958. بعد ذلك، شهد الاقتصاد العراقي تحولات كبيرة، حيث بدأ دور الدولة يزداد بشكل ملحوظ على حساب القطاع الخاص، إذ تبنت الدولة نظام التخطيط المركزي والاعتماد على القطاع العام في ادارة الاقتصاد، خاصة مع تأميم بعض القطاعات الحيوية، وأهمها النفط والزراعة الصناعة، مقابل تقلص دور القطاع الخاص واستمراره في قطاعات التجارة والعقارات والخدمات(بمعنى انه دوره ثانوي). في عام 1961 تم اصدر قانون 80 الذي تم بموجبه سحب جميع الاراضي غير المستغلة لتكون ملكيتها للدولة وهذا يمثل ضربة قوية للقطاع الخاص لايزال يعاني آثارها حتى اليوم. وفي حقبة السبعينات سيطرت الدولة على الاقتصاد بشكل كامل تقريباً بحكم تأميم النفط عام 1972 من جانب وارتفاع الايرادات النفطية بشكل كبير عام 1973 بسبب ارتفاع اسعار النفط (من 3 دولار الى 12 دولار) إثر حظر تصدير النفط العربي للدول الغربية الداعمة لإسرائيل. ومع الدخول العراق الحرب مع ايران عام 1980 تم توجيه الموارد نحو اقتصاد الحرب، وهذا ما قلل من أهمية القطاع الخاص مقابل تضخم دور الدولة في عسكرة الاقتصاد والمجتمع. وبسبب غزو العراق للكويت عام 1990 فرضت الامم المتحدة الحصار الاقتصادي عليه، مما تسبب في انحسار الايرادات النفطية واصبحت الدولة أمام الامر الواقع واضطرت لفسح المجال للقطاع الخاص لأجل تلبية حاجات المجتمع. واستمر هذا الحال، أي مركزية الدولة والقطاع العام مقابل ثانوية السوق والقطاع الخاص في العراق حتى عام 2003. بعبارة أخرى، ان الاقتصاد العراقي سار وفق نظام الدولة والقطاع العام أكثر من 40 سنة من 1958 وحتى عام 2003. ما هي اهم آثار هيمنة الدولة والقطاع العام على الاقتصاد العراقي ما قبل 2003؟ هناك العديد من الاثار التي تركتها حقبة ما قبل 2003 لكن يمكن القول هناك ثلاثة اثار: 1- تطبيع المجتمع: حيث ان استمرار سير الاقتصاد وفق نظام الدولة والقطاع العام، لمدة طويلة أكثر من 40 عام، أدى لتطبيع ثقافة المجتمع بثقافة الدولة والقطاع العام، بمعنى ان المجتمع أصبح يفضل الدولة والقطاع العام في قيادة الاقتصاد على حساب السوق والقطاع الخاص. المشكلة الأكبر، ان الاستبداد السياسي والاقتصادي يعمل في العادة على تسيس كل مجالات الحياة بما فيها التربية والتعليم والقوانين والانظمة الادارية وذلك من أجل تطبيع المجتمع بما يسهم في ادامة بقاءه في السلطة أطول مدة ممكنة. 2- فقدان استقلالية المؤسسات: في العادة المؤسسات القوية تنشأ وتنمو وتنتعش في ظل الديمقراطية سياسياً والسوق اقتصادياً، وبحكم سيادة الاستبداد السياسي والتخطيط الاقتصادي لمدة طويلة أكثر من 40 سنة، أصبحت المؤسسات غير مستقلة وضعيفة لا تستطيع ان تحقق أهدافها إذا ما تعارضت مع نظام الحكم بل أصبحت موجهة تعمل بما يعزز نظام الحكم وترسيخه بشكل أكبر. 3- انهيار البنية التحتية: ان تصلب نظام الحكم ما قبل 2003، وانفراده بالقرارات السياسية والاقتصادية، دفع لتعرض العراق لحروب متوالية قاسية وعقوبات اقتصادية وانتفاضة داخلية، تسببت في تدهور البنية التحتية بشكل كبير. يُمكن القول، ان هذه الاثار الثلاثة آنفة الذكر، تمثل العقبة الرئيسية أمام تعثر التحول الاقتصادي بعد 2003 إلى جانب عقبات أخرى (طريقة التحول) لم تأخذ بعين الاعتبار اثناء التحول نحو النظام الجديد يمكن تناولها أدناه. ما بعد 2003 بعد 2003 اتجه العراق نحو تبني نظام اقتصاد جديد مختلف تماماً لما كان سائداً قبل عام 2003، أي اتجه نحو نظام السوق والقطاع الخاص. حيث اشارت العديد من المواد الدستورية الى هذا الاتجاه الجديد في الشأن الاقتصادي منها: 1- المادة 23 " الملكية الخاصة مصونة، ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها، في حدود القانون". 2- المادة 24 "تكفل الدولة حرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الاموال العراقية بين الاقاليم والمحافظات، وينظم ذلك بقانون" 3- المادة 25 "تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسسٍ اقتصادية حديثة، وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته" 4- المادة 26 "تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة، ويُنظم ذلك بقانون" 5- المادة 34 "التعليم الخاص والاهلي مكفول، ويُنظم بقانون" 6- المادة 111 "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات" 7- المادة 112 ثانياً "تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدةً أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار". ورغم المواد الدستورية التي وضحت اتجاه الاقتصاد العراقي بعد 2003 إلا ان الكثير من المعطيات تشير ان الاقتصاد العراقي لازال لم يتخلص من شباك الدولة بعد وظل ريعياً وموجهاً من الدولة، ومن تلك المعطيات ما يلي: معطيات تعثر التحول الاقتصادي اولاً: هيمنة الدولة: حيث لازالت الدولة تهيمن على الاقتصاد من خلال امتلاكها لعناصر الانتاج وبالخصوص الارض 80% والموارد والشركات الاقتصادية. ثانياً ريعية الاقتصاد: أي لازال الاقتصاد العراقي يعتمد على قطاع النفط بالدرجة الاولى مقابل تواضع القطاعات الاخرى، وهذا ما لا ينسجم مع نظام السوق والقطاع الخاص. ثالثاً: توليد الفرص: في العادة ان الاقتصاد القائم على نظام السوق والقطاع الخاص أكثر قدرة على توليد الفرص من القائم على الدولة والقطاع العام، ونظراً لارتفاع معدل البطالة الذي لا يقل عن 15% في العراق، مما يعطي دلالة على عدم تحول الاقتصاد العراقي. رابعاً: احادية التصدير: ان هيمنة الصادرات النفطية على الصادرات السلعية بأكثر من 99%، تكشف عن عدم تحقق التحول الاقتصادي، لان من شأن التحول الاقتصادي تنويع الصادرات وليس احاديتها. خامساً: تنوع الاستيرادات: تتصف الاستيرادات العراقية بالتنوع الشديد، نظراً لعدم وجود قطاع خاص، لان وجود قطاع خاص قادر على الانتاج لتلبية الطلب المحلي المتنوع، سيقلل من تنوع الاستيرادات، لذلك تنوع الاستيرادات العراقية تعد دليل واضح على تعثر التحول الاقتصادي. لماذا حتمية اقتصاد السوق (طرق ادارة المال) إن اقتصاد السوق والقطاع الخاص ليست مسألة خيار بقدر ما هي ضرورة ملحة، وذلك لأسباب عديدة دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودولية. أسباب دستورية: حيث ان الشعب العراقي صوت على الدستور الذي يحث على التحول الاقتصادي من الدولة الى السوق في العديد من مواده التي تم الاشارة إليها أعلاه. الاسباب الاقتصادية: أيهما أكثر كفاءة في ادارة الاقتصاد الدولة والقطاع العام أم السوق والقطاع الخاص؟ في هذه الحالة سنذكر ما طرحه الاقتصادي الامريكي ميلتون فريدمان بخصوص طرق انفاق المال من حيث الملكية والانتفاع. 1- اذا كانت الاموال أموالك وتنفقها على نفسك ستكون حريص جداً على ضغط الانفاق أكبر ما يمكن وتحقيق أعلى منفعة كما هو حال القطاع الخاص. 2- اذا كانت الاموال اموالك لكن تنفقها على غيرك، ستكون حريص جداً على ضغط الانفاق دون الاهتمام بمدى حجم المنفعة التي ستنفق عليها. 3- اذا كانت الاموال ليست اموالك لكن تنفقها على نفسك، ستكون حريص جداً على تحقيق أعلى منفعة دون الاهتمام بحجم الانفاق. 4- اذا كانت الاموال ليست أموالك ولا تنفقها على نفسك، في هذه الحالة لن تهتم بحجم الانفاق ولا بحجم المنفعة كما هو حال الدولة. واذا ما نظرنا للتجارب الدولية سنجد ان اغلب الدول كانت تسير وفق نظام السوق والقطاع الخاص، هي أما دول متقدمة أو في طريقها للتقدم. والعكس صحيح، حيث ان اغلب الدول التي كانت تسير وفق نظام التخطيط والقطاع العام، هي دولة متخلفة أو في طريقها للتخلف. والحالة الاخيرة حصلت فعلاً فقد حقق العراق من خلال الصادرات النفطية ما قيمته 1,236 مليار من عام 2006- 2023 حسب منظمة أوبك. الأسباب الاجتماعية (البطالة): معروف ان العراق من بين الدول الاكثر زيادة في التعداد السكاني، وهذا ما يتطلب المزيد من فرص العمل، ونظراً لعدم إمكانية الدولة والقطاع العام في العراق على الاستمرار في التوظيف، أصبح من الضروري العمل على ترسيخ نظام السوق والقطاع الخاص لأجل خلق الفرصة واستيعاب البطالة. أسباب سياسية: ان عدم خلق نظام اقتصادي كفوء قادر على توليد الفرص واستيعاب البطالة، يعني مزيد من الاحتجاجات واستمرارها وتفاقمها الى الحد الذي يؤدي لغياب الاستقرار السياسي وربما الرجوع لحقبة الاستبداد، فتبني نظام سوق كفوء وقطاع خاص انتاجي يعني الحفاظ على الديمقراطية وتحقيق الاستقرار السياسي. أسباب دولية: بعد سقوط الاتحاد السوفيتي 1991، اتجهت اغلب دول العالم نحو تبني اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي والانخراط في الاقتصاد العالمي، فتبني اقتصاد السوق والقطاع الخاص سيجعل الاقتصاد العراقي أكثر قدرة على التناغم والتواصل مع الاقتصادات الدولية وتحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية. الأسئلة المطروحة للنقاش: السؤال الاول: ما أسباب هذا التناقض الصارخ بين موقف الدولة وموقف المجتمع بشأن ادارة الاقتصاد العراقي؟ السؤال الثاني: كيف يمكن حل هذا التناقض لضمان سير الاقتصاد العراقي بشكل كفوء؟ المداخلات القطاع العراقي الخاص يظلم الناس في العراق لدينا اقتصاد دولة، ولدينا موارد، ولكن هناك -أيضا- ظلم اقتصادي واضح، فالقوانين اليوم غير عادلة، وكذلك توزيع الثروات، والفجوة كبيرة جدا بين الأغنياء والفقراء، ولولا الرواتب التي تدفعها الدولة من أموال النفط، لوجدنا المواطن العراقي أو العامل العراقي اليوم يخضع لاستعباد اقتصادي كبير. معظم العراقيين لا يريدون القطاع الخاص لأنهم لم يروا في هذا القطاع نزعة إصلاحية باتجاه تحقيق العدالة وضمان الحقوق والعمل على الجودة، ولذلك يقول الناس بأن ظلم الدولة أهون من ظلم القطاع الخاص، لذا فإننا بحاجة إلى تنمية اقتصادية شاملة، ولسنا هنا في مجال الحديث عن الأفضلية بين النظام الرأسمالي أو الاشتراكي، وإنما ندعو الى نظام اقتصادي عادل، سواء كان اقتصادا رأسماليا أم اقتصاد دولة، وعندما يكون لدينا نظام اقتصادي عادل عند ذلك يصبح المواطن شريكا في بناء الاقتصاد، لأن المواطن اليوم ليس شريكا ولذلك هو يخاف من القطاع الخاص لأنه قطاع فاسد لحد هذه اللحظة كما كان عليه الحال في العهد الملكي 1921-1958. القطاع الخاص غير عادل - الأستاذ أحمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات: اقتصاد العراق ما بعد الخمسينات يمكن أن نطلق عليه اقتصاد المتنفذين، في الماضي كان الاقطاعي هو المتنفذ، وهو الذي كان يعتبر من رجال الدولة حيث تعتمد عليه في ترويض الفلاح، من الناحية الأمنية وغيرها، لان الشيخ كان يمثل السلطة الأمنية أيضا للدولة، فأي شخص يتمرد على سلطة الدولة أو غير ذلك، أو على سلطة الشيخ أو الاقطاعي، فالشيخ لديه صلاحيات كبيرة حيث يعتقل الفلاح أو المواطن ويعاقبه ويسجنه. حتى عائلة الفلاح يمكن أن تكون تحت طائلة العقاب، ومن الممكن أن يطلق منه زوجته، لهذا يسمى هذا الاقتصاد، اقتصاد المتنفذين الذين يمتلكون السلطة، بعد سنة 2003 أصبح المتنفذون هم الأحزاب ورجال الدولة، هم هؤلاء المتنفذون، فأصبح الاقتصاد في قبضتهم، وبدأوا الترتيب بين الاقتصاد العام والخاص، وخصخصوا مشاريع الدولة بإرادتهم حتى مشاريع الدولة والاستثمارات والشركات العامة، وهم يمتلكونها لكن بأسماء وواجهات أخرى، هذا كل ما في القضية، فالإنسان أو المواطن العراقي كما ذكر الدكتور خالد العرداوي، يفضّل العمل عند الدولة أفضل مما يعمل في القطاع الخاص، حتى إذا تكلم معه رب العمل بطريقة تمس مشاعره وكرامته يرد عليه بالقول: أنا لا اعمل عندك بل أعمل في الدولة، بينما لو عمل في القطاع الخاص فإنه غير قادر على قول مثل هذا الكلام. الشيء الثاني، هناك مجال كبير في القطاع الخاص للفساد، حاله حال القطاع العام، ولكن القطاع الخاص قد تكون فيه رقابة شديدة من قبل صاحب المال، أما صاحب المال العام فهي الدولة التي أغلب مفاصلها فاسدة ويحصل فيها التسويف وعدم تطبيق القانون بصرامة وعدالة. في سياق كلامكم جاء اسم ملتون فريدمان، صاحب نظرية الصدمة وقد طبقها الأمريكان على دولة تشيلي. هذا الرجل نظريته يتم تطبيقها الآن في العراق، تطبيقا كاملا، على أنه هناك إيعاز إلى وزارة الصناعة والمعادن، والنقل، وخصخصتها، وألا تفتح مصانع، ويكون الاتجاه نحو القطاع الخاص المخصخص، والمعني بذلك هم أصحاب الأحزاب، وهؤلاء لا يأتون بشيء ينفع المجتمع، وإنما يراعون الاستهلاك فقط. حتى تبقى رقبة العراق بيدهم، أي بيد الكبار، بيد أصحاب نظرية الصدمة، ما هي أسباب التناقض بين موقف الدولة، فالدولة ليس بيدها شيء إذا تريد أن تفتح مصانع أو مشاريع، حتى وزير الصناعة تكلم بلسان عربي مبين وقال، لقد جاءني كتاب من الأمريكان يقولون فيه (يمنع فتح المصانع)، وهذا يعني هناك أمر بأنه لا القطاع العام الذي يفيد الناس، ولا يسمحون هم أصلا للقطاع الخاص كي يفيدوا الناس. وقد يكون هذا الكلام من باب الادّعاء على الأمريكان، ولكن لماذا لا يفتحون المصانع، فهذه الأسباب إذا ما أزيلت، فالقطاع الخاص لا يمكن أن ينهض، هذا أولا. ثانيا، على الدولة أن ترعى من باب الرعاية، وثانيا من باب (سياسة (العصا والجزرة)، بمعنى أزودك بالأموال لتفتح المصانع، ولكن أنت تحت رقابتي وأوامري، هنا إذا رعت الدولة المصالح العامة للمجتمع من خلال فتح الباب أمام القطاع الخاص من الممكن أن ينجح. كيف يمكن حل هذا التناقض، الجواب من الممكن حلّه إذا كانت الدولة تتجه نحو الصين، فالصين سميت بالصين الشعبية، الآن هم قيمة كل امرئ ما يُحسن، فهذا القول طبقته الصين بحذافيره، لأنه كل شخص في الصين يستطيع العمل، الدولة تعطيه المجال أن يصدر انتاجه إلى أي دولة في العالم من خلال فرض الضرائب عليه. (ما جاع امرئ فقير إلا بما مُتِّع به غني)، هذا القول لأمي المؤمنين عليه السلام، فالدولة كل شيء بيدها، ويجب عليها ان تنظر إلى الأمور بمنظار العدالة. - الشيخ مرتضى معاش: في هذه الورقة موضوع استراتيجي هام، يطرح مضامين مستقبلية هامة جدا، بالإضافة إلى الماضي الذي طُرِح، بالنسبة إلى نظرية ملتون تم تطبيق نظريته السياسة النقدية في العراق، وهذه السياسة هي التي حفظت العملة في العراق، وليس السياسة المالية، وبقيَ العراق آمنا من كل المشكلات الموجودة، وخصوصا التضخم الذي قد يحدث من خلال انخفاض العملة أو صعودها وما شاكل ذلك. كيف نحل التناقض الموجود بين حتمية السوق واقتصاد الدولة أو اقتصاد الناس؟ نحن قد شاهدنا ان اقتصاد الدولة كان مدمِّرا جدا لكثير من الدول، ما عدا التجربة الصينية التي هي استثناء وتحتاج إلى أن ننتظر في المستقبل ما الذي سيحصل في اقتصاد الدولة في الصين، طبعا هو ليس اقتصاد دولة، وإنما يسمى بالرأسمالية الدكتاتورية. ولكن بشكل عام اقتصاد الدولة فشل في الأنظمة الاشتراكية كلها، لا يوجد فرق فيما بينها، وحتى اقتصاد العدالة الاجتماعية الذي تم تطبيقه في أوربا أيضا يواجه فشلا ليس كليا بل جزئيا ولكن كبيرا، بسبب سيطرة موارد العدالة الاجتماعية على استنزاف موارد الدولة وموارد الاقتصاد بحيث أصبحت أكثر وأعظم من قدرة الدولة أو قدرة القطاع الخاص على توليد الموارد المالية، خصوصا مع فرض الضرائب الكثيرة التي تفرضها الدولة فيؤدي بها ذلك إلى ذهابها إلى الجهات المشمولة بالعدالة الاجتماعية. اقتصاد السوق مع كل مشكلاته وسلبياته هو أفضل من اقتصاد الدولة، يعني رأسمالية السوق أفضل من اشتراكية الدولة، لأنها بالنتيجة تجعل الثروة تتوزع بين جهات مختلفة، بينما بالنسبة للدولة بالنتيجة يكون في يدها كل الموارد والرأسمال والثروة. هذا الأمر ثبت عمليا، كيف يمكن حل هذا الإشكال، فالأمر يحتاج إلى دراسة، فهذه المشكلة موجودة في الغرب وهي مشكلة كبيرة، خصوصا في أمريكا التي توجد عندها الآن مشاكل نعم صحيح يوجد فيها تأمينات اجتماعية، ولكن هناك فجوة كبيرة جدا بسبب السوق وصعود الاحتكار الذي تقوم به الكارتلات الكبيرة التي احتكرت السوق وسيطرت على كل شيء، حتى الإنسان إذا أراد أن يفتح سوبر ماركت فلا يتمكن من ذلك، لأنه يجد أمامه وحش كبير من سوبر ماركت ذا ماركة كبيرة يستحوذ على عمل الماركت الصغير، فالحيتان الكبيرة تأكل الأسماك الصغيرة، رأسمالية متوحشة، وهذا هو واقع السوق. فهذا السوق هذا هو واقعه، وبالنتيجة يتطور إلى أن يصل إلى مرحلة التوحش المطلق حيث لا توجد له حدود، إلا في حال النجاح بإدارة السوق. وقد ادت احتكارية كارتلات العولمة المتوحشة الى صعود الشعبوية الانتخابية، الشعبوية معناها الصراع بين الحاكم والمحكوم، بالنتيجة الدولة هي سلطة وليست دولة، لا يوجد عندنا دولة، فالدولة شيء آخر، فالدولة التي قرأت عنها وكتبوا عنها ليس هذا الشيء الموجود الآن، بل الدولة هي شيء آخر، الدولة شيء منظم، ومرتب، مؤسسات وبنى تحتية، الموجود لدينا ليس دولة حتى بعض الدول الغربية هي ليست دول حيث توجد هناك لوبيات وجماعات ضغط هي التي تحكم، وكذلك توجد دولة عميقة او دول عميقة. بالنتيجة الشعبوية الانتخابية تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فالمحكوم يريد أن يعيش ويحصل على ما يسد رمقه، والحاكم يريد أن يحكم، فيحدث نوع من التخادم، وليس مهم كيف يكون المستقبل. هناك تبعية سياسية موجودة تمنع من تطور الاقتصاد العراقي بحيث يستطيع أن يعتمد على نفسه، ويحقق الاكتفاء الذاتي، لأنه توجد دول مختلفة موجودة بالعراق وتريد أن تستفيد منه حتى في قضية اللبن والحليب وكافة المنتجات مثل الفاكهة والخضرة. أما حماية الملكية فهي ليست موجودة كما ذكر بعض المتداخلين، لكن أهم نقطة يتم ذكرها حتى في النظام الرأسمالي الناجح تقوم على حماية الملكية، بينما الآن ملكية الدولة أصبحت ملكية اقطاعيات، وهذه الكارتلات الكبيرة التي ليس عليها حساب ولا كتاب، كذلك غياب البنى التحتية التي هي أهم مورد وأهم قاعدة مهمة في عملية تطوير اقتصاد السوق، فهذه ليست موجودة، مع صعود ثقافة الاستهلاك. يعني يُفترض بالعراق كدولة ناشئة والتي خرجت من الاستبداد إلى الحرية، كان يجب أن تنمو فيها عوامل الإنتاج، ولكن ما حدث بالعكس، شجعوا ثقافة الاستهلاك العالي من دون حدود، وفتحوا البلد أمام كل شيء، بالنتيجة تعلم المواطن العراقي على الاستهلاك، بدلا من أن يتعلم على الإنتاج. ومن عوامل التناقض أيضا، الرغبوية الموجودة عند الإنسان، حيث تتغلب على العقلانية، خصوصا مع الابتكارات التكنولوجية الموجودة، مثل شبكات التواصل الاجتماعي، والإعلانات التلفازية، فهذه تحدد الإنسان وتشجعه على الموارد المالية، فهو يريد المال دون تعب، وهذا أيضا أدى إلى الكسل، وهيمنة العجز وعدم احترام العمل، والفساد يستفيد أيضا من هذا التناقض الموجود فيوسع قاعدته ويوسع قدراته. أهم النقاط التي نحتاجها لرفع التناقض، عقلية المسؤول المستقبلية، مهمة جدا في كيفية النظر إلى المستقبل، ولا ينظر إلى الفائدة الآنية، والاستفادة من البنوك وغيرها، ويجب بناء نظام المدن، مثلا بالنسبة للأخوة الآن المسؤولين في المدن من المهم جدا أن يحركوا اقتصاد السوق المنظم وليس العشوائي. من الطبيعي أن أي شخص يريد أن يستثمر أمواله يرى بأن العمل العشوائي يربح من دون أن يدفع مقابل، فهو لا يدفع إيجار المحل، ولا يدفع فواتير كهرباء، ولا يدفع أي شيء مقابل الخدمات، بالنتيجة هذا سوف يؤدي إلى خسارة المستثمر الملتزم الذي يدفع هذه الضرائب والموارد، أيضا من المهم جدا أن لا تأكل الاستثمارات القطاع الخاص. أهم شيء تقوم به الدولة هو تطوير الاستثمار في تنمية المهارات، ورأس المال المعرفي، وهو يغذي السوق بقدرات وإضافات مهمة جدا، ومن النقاط المهمة أيضا وهي تثير جدلا كبيرا جدا في الساحة، بخصوص الجوانب المعتمدة على خيرات الدولة، وعلى الركوب المجاني، رفع الدعم بخصوص الخدمات، لابد أن يُرفع الدعم وخفض الخدمات، وطبعا في مقابل ذلك أيضا خفض الضرائب. إذا رفعت الدعم عن الخدمات والسلع، لابد أن تخفض الضرائب، لكي يكون هناك توازن، لا يجوز أن تفرض ضرائب، وفي نفس الوقت يوجد رفع دعم، فإذا قمنا بهذه الخطة يتحقق التوازن بين اقتصاد السوق وبين حقوق المواطنين، الآن يستفيد الجميع من الدعم، الغني يستفيد منه والفقير أيضا، بينما يجب أن نجعل الفقير والطبقات المسحوقة يستفيد من من الدعم، بالنتيجة صاحب الاستثمار يدفع ما عليه. طبعا مع وجود رعاية اجتماعية للطبقات المسحوقة، وأيضا نحن نحتاج إلى كليهما معا اقتصاد السوق والتنمية الاقتصادية، هذا الأمران إذا اجتمعا معا وعملا معا، سوف يؤدي ذلك إلى تحقيق رفع التناقض بين اقتصاد الدولة واقتصاد السوق. حضرت مؤخرا محاضرة لمفكر مغربي حول استشراف المستقبل، وكان بعض حديثه عن توحش الرأسمالية، وذكر بعض الأمور التي بعد خمس أو عشر سنوات من الممكن أن نذهب باتجاهها، واحدة من الأمور التي ذكرها قضية احتكار الشركات الكبرى للسوق العالمي، وبشكل متسارع جدا، وضرب مثالا عن سوق السيارات، وقال ماذا تتوقعون بعد خمس إلى عشر سنوات من الذي يحتكر سوق السيارات؟ فقال سوف أذكر لكم ثلاث شركات، أحداها لا تستغربونها، ولكن الشركتان الباقيتان سوف تستغربون ذكرها، لأنها ليس لها ربط بسوق السيارات، إحدى الشركات متخصصة ورائدة في مجال صناعة السيارات، ولكن الشركة الثانية شركة (أبل)، المتخصصة الآن بصناعة الهواتف ولا علاقة لها بصناعة السيارات، والشركة الثالثة شركة (جوجل)، هذه الشركات هي التي ستكون الرائدات وسوف يحتكرن السوق العالمي للسيارات، لأنه العالم الآن ببساطة يتجه نحو الذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي بيد هذه الشركات، وبالنتيجة الآن أي شركة تريد تصنع سيارات ففي فترة قريبة سوف تتحرك كل السيارات بواسطة الذكاء الاصطناعي، عموما بالنسبة للشركات الأخرى مثل بي أم وتويوتا وصول وغيرها من الشركات إما تخرج من سوق المنافسة، لأنها لا تمتلك إمكانية المنافسة أو تحاول قدر الإمكان ترتب وضعها الصناعي ولا أعتقد أنها تستطيع ذلك، ومن الشركات التي ستدخل في هذا المجال أيضا هي شركة هواوي والآن هي داخلة في هذا المجال. ما أريد أن أقوله، نحن لا نحصر الأمر فقط في مجال السيارات، وإنما أيضا في مجال التعليم، فقريبا سوف تأتي شركات عالمية كبرى تسيطر على كل قطاع التعليم في كل دول العالم وتحتكر التعليم له، وهناك قضايا وأمور كثيرة نجد أنها خاصة لجهات معينة، ولكن سوف تأتي شركات كبرى وتبتلع السوق العالمي كله. عموما أنا في تصوري لحد الآن البشر لم يستطع ان يصل إلى نظام اقتصادي يحل مشاكله، عدا النظام الاقتصادي الديني تحديدا، والاقتصاد الموجود عن أهل البيت عليهم السلام، وعند الإمام علي عليه السلام، وعند النبي صلى الله عليه وآله، البشر حتى اليوم غير قادر على الوصول إلى اقتصاد يعالج كل مشاكله. الآن نحن إذا أردنا أن نقيس الشيوعية والاشتراكية بالرأسمالية، فالنتيجة واضحة تؤكد أن الشيوعية والاشتراكية فاشلة إلى أبعد الحدود، ولكن هذا لا يعني بأن الرأسمالية جيدة، وإنما مقارنة بالشيوعية هي نوعا ما أحسن، ولكن الآن عندما نلقي نظرة على أوربا أو على أمريكا ويلاحظ هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي قائم على الربا، والضوابط هي التي تتحكم بالنتائج، وهي ضوابط توضَع لصالحهم، بينما الدين يختلف، فهذه الضوابط هي التي تحدد الشكل العام، وهي التي تخدم المسار العام. الآن إذا ألقينا نظرة على أوربا أو أمريكا فإننا سوف نلاحظ الموظفين في النظام الرأسمالي في أتعس حالاتهم، حياتهم عبارة عن عمل، وهذا الأمر ينعكس عليهم ويدمر حياتهم وبالنتيجة يتم وضع تشريعات تلائم هذه الشركات الكبرى وتراكم رؤوس الأموال عندها ولا تصل إلى الناس الفقراء. هذا الأمر كله مشوه، والانظمة الاقتصادية كلها مشوهة ولا يمكن أن تعطي نتائج جيدة، الآن مثلا في العراق، أو مشكلة العراق من الناحية الاقتصادية، نلاحظ أنه كله مشوه، قضية التعليم تم إنشاءها حسب ادعاء المفكر الغربي لصالح هذه الشركات، وربما في وقت قريب حتى التعليم لدينا يتغير حتى يلائم مصالحهم الاقتصادية. هكذا نلاحظ أن كل الأمور تصب في خدمة الشركات لتحقيق مصالح معينة، لذلك لا أعتقد بوجود حلول بشرية، بل يحتاج الأمر إلى حلول إلهية. - الأستاذ علي حسين عبيد، كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية: بالنسبة إلى اقتصاد السوق هو نوع من الثقافة التي يتميز بها الشعب بشكل عام، وأيضا طبقة التجار أو طبقة المستثمرين، وهذا الأمر في الحقيقة يذكرني كشعب عراقي، لا توجد لدينا هذه الثقافة، وأعني ثقافة دعم اقتصاد السوق، ونتعامل بشكل عادل. في بدايات حياتي وأنا طالب في المرحلة الدراسية المتوسطة مثلا، ربما في الأول أو الثاني متوسط، كان هناك فرن (صمون/ خبز) يقع في محافظة كربلاء المقدسة بمنطقة المخيّم، الكربلائيون القدماء يتذكرون هذه المنطقة جيدا، فكنت أخرج مبكرا مع أذان صلاة الفجر، وأتوجه إلى هذا الفرن، وأحمل معي صينية دائرية مصنوعة من الفافون، صينية الطعام التي تستدير حولها العائلة، أضع في الصينية بحدود 50 إلى 100 صمونة، أضعها على رأسي وأتجول في أزقة (ودرابين) كربلاء، سعر الصمونة من الفرن كان سبعة فلوس وكنتُ أبيعها بعشرة فلوس فنربح في الصمونة الواحدة ثلاثة فلوس، في وقتها كنت جيد الحركة ونشيط فكنتُ أبيع أكثر من صينية، على عكس الباعة الآخرين الموجودين معي كانوا يبيعون أقل، فاعتقدَ صاحب أو مالك الفرن بأن هذه القضية غير مربحة له، فرفع سعر الصمونة التي آخذها منه بثمان فلوس، حتى تقل أرباحي، وطبعا يتعامل مع كل شخص بائع بشكل منفرد وسرّي، هذه القضية حدثت قبل 2003، بل قبل نصف قرن تقريبا، طيب بعد 2003، أيضا عملت في القطاع الخاص في العمل الإذاعي وكان صاحب الإذاعة يستلم مبلغا كبيرا عن كل شخص ولكن الأجر كان متدنيا جدا. فالقضية إذًا هي قضية ثقافة، يعني قضية اقتصاد السوق والاهتمام به، هي قضية ثقافية ولذلك نحن أقصد الشعب بشكل عام وحتى الطبقة السياسية والطبقة الاقتصادية، نحتاج إلى أن نثقف أنفسنا بشكل كبير حتى تكون لدينا فرصة نحو التقدم الاقتصادي المطلوب. من سمات الديمقراطية الاقتصاد الحر - الأستاذ محمد علاء الصافي، باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث: الدولة الريعية هي التي تؤدي بشكل حتمي إلى الاستبداد، هذا الشيء أثبتته جميع التجارب، حتى الدول الريعية التي نوعما شعوبها متوفرة عندهم جميع الخدمات والإمكانيات ويكون عدد سكانها مثلا قليل قياسا إلى مواردها مثل دول الخليج، لكن هي بالنتيجة دول مستبدة وليست دولا ديمقراطية يمتلك فيها المواطن حقوق الإنسان كاملة. هذا الأسلوب الذي تتعكز عليه الدولة في العراق، صراحة لا يتوافق لا مع دستور 2005، ولا مع ما يطلق على العراق بالعهد الديمقراطي بعد 1003، لأنه الديمقراطية من أهم سماتها هي الاقتصاد الحر، وهذا الشيء غير موجود في العراق، فهذا الأمر من أهم المشاكل والتناقضات الموجودة في العراق. هيمنة الدولة على جميع القطاعات أفشلت جميع القطاعات، فكل القطاعات اليوم في العراق تعاني من الفشل، فشل بنسبة 100% أو 99%، يعني فشل تام أو بشكل كبير جدافي جميع القطاعات التي تدخلت فيها الدولة، لا يمكن التحول نحو اقتصاد حر وتنمية اقتصادية مع هذه السياسة من المستحيل ذلك. لابد أن تكون القضية مدروسة للتحول نحو الاقتصاد الحر، لتحرير هذه القطاعات من هيمنة الدولة، وهذا الشيء خلال الخمسين سنة الماضية كما أعتقد لم نصل فيه إلى نتيجة، كذلك عدم وجود نظام ضريبي حقيقي في العراق، هذا جعل من المواطن غير مهتم بالشأن العام، وغير مهتم بالسياسة وغير مهتم بالطبقة الحاكمة التي تحكمه، والتي من المفروض على الطبقة السياسية أن تقد برامج تنافسية لتطوير الخدمات وتطوير القطاع الاقتصادي في البلد. بما أنه المواطن لا يدفع ضرائب، فكل شيء يحصل عليه بشكل مجاني أو شبة مجاني، فهو يكون غير مهتم بالشأن العام، يعني ليس مهما بأن الخدمات غير متوفرة، بل المهم أن يكون عنده مولدة كهرباء صغيرة يحصل منها على القليل ما يحتاجه من الطاقة الكهربائية، وعنده راتب رعاية من الحكومة بمقدار 100 أل دينارا أو 50 ألف دينارا، يعيش بها عيشة الكفاف، ولا يأخذون منه ضرائب محسوبة، أغلب الحاجيات والبضائع والكهربائيات التي يشتريها، أما تكون مهرَّبة أو ذات نوعية رديئة بلا (جمرك). بالنتيجة فالمواطن مرتاح لهذه الوضعية، فالحقيقة مع عدم وجود نظام ضريبي، لا يمكن أن يكون المواطن مهتما في الشأن العام، والدولة أو الحكومة بالنسبة له هي الأم والأب وهي كل شيء بالنسبة له، باعتبار أنها تقدم لي كل شيء بالمقابل أنا لا أقدم لها أي شيء، يعني لا توجد واجبات على المواطن في مقابل الحقوق التي يريدها. أنا أرى بأن المخرجات التي أدت لسقوط النظام الملكي بالإضافة إلى الأسباب التي ذكرها هي المخرجات السياسية، الطبقة السياسية في وقتها، نوي السعيد وغيره، ورؤساء الوزراء الكبار في ذلك العهد، من بعد ما سيطروا بنسبة أكبر على قطاع النفط، وارتفعت النسب بعد سنة 1952، والاتفاقيات التي تم عقدها بعد تجربة مصدق في إيران وغيرها، الميزانيات الحكومية للدول ارتفعت بشكل كبير جدا، قياسا لسنوات الثلاثينات والأربعينات. هذا الارتفاع الكبير في الميزانية المالية، إلى ماذا أدى بالسلوك السياسي، في وقتها، أدى إلى أنه حدث تضييق على عدم ظهور أحزاب جديدة، فالجانب السياسي هو الذي كان مؤثرا على الجانب الاقتصادي في ذلك الوقت، الاقطاعيون هم الطبقة المسيطرة على الحكومة، وهم أنفسهم موجودين في مجلس الأمة، وهم أيضا الذين يصيغون القرارات والقوانين التي تخدم مصالحهم، وعدم تغيير قوانين الانتخابات في وقتها. يعني الشيخ الذي يحكم في لواء المنتفج مثلا، هو نفسه يبقى يحكم، أو يأتي ابنه من بعده ليواصل السيطرة على الحكم، ولا يمكن تغيير هذا الشيخ بالانتخابات التي كانت صورية آنذاك، لكن نظام القانون الانتخابي كان من الممكن هو الذي يغير الأشخاص والوجوه، لكنه ما كان قادرا على ذلك. اليوم نحن في العراق، عندما صار لدينا قانون انتخابي في عام 2021، سمح بظهور بعض الوجوه وكان من الممكن أن يغير المعادلات، لكنهم أرجعوا الاقطاعيات الحزبية الجديدة التي ظهرت بعد سنة 2003، بتعديل قانون الانتخابات وإرجاعه إلى الصيغة التي تخدم الطبقة السياسية نفسها بحيث يؤدي إلى فرض الوجوه نفسها، وهذا هو الذي سقط النظام الملكي وهو نفسه ممكن يسقط النظام السياسي الموجود في العراق والذي مضى على وجوده عشرين أو واحد وعشرين سنة. لا يمكن تحسين النظام الحالي في العراق من دون، تعديل هذه القوانين التي تؤدي بنا إلى نفس النتائج، يعني إذا قانون الانتخابات لا يتغير ولا يتعدل، فأكيد سوف يؤدي إلى نفس النتائج، لذلك الموضوع يشمل النظام الاقتصادي العراقي. ضرر الدولة الريعية لا يكون على العراق فقط، يعني العراق ملتزم ومرتبط بقوانين واتفاقيات ومعاهدات مع صندوق النقد الدولي، ومع البنك الدولي، هذه السياسية المالية البنكية الدولية، العراق يعيش داخلها لأنه لا يعيش في معزل عن العالم، ومع وصول ترامب للسلطة أعتقد أن هذه السنوات الأربع سوف تكون سنوات صعبة جدا على الاقتصاد العراقي من خلال تفعيل الضوابط بالمراقبة على الاقتصاد العراقي، على البنك المركزي، وهما أكبر جهتين سومو والبنك المركزي. ففي حالة تعرض أي واحد منهما أو كلاهما إلى أي عقوبات ولو مؤقتة فتخيلوا كيف سيكون شكل الدولة في العراق، سوف ينتهي كل شيء، لأنه غير ممكن أن يبقى العراق ساحة لغسيل الأموال والتهريب والممنوعات وكذا وهو يريد أن يدخل في المنظومة الاقتصادية العالمية وهو بهذا الشكل. طرد الاستعمار الامريكي بسبب المحاصصة التي اوجدتها امريكا في السلطات الحاكمة في العراق، يعتبر الاقتصاد العراقي، اقتصادا (اهوج) ليس اقتصاد حر أو اقتصاد مقيد، وهذا النوع المخربط أو المشترك وراء كل المشاكل والازمات في السوق العراقي ولا يمكن ان نصفه بوصف الاقتصاد انما مؤامرة إمريكية. بلاشك الدولة ورجال الاقتصاد يعرفون الاقتصاد العراقي ومشاكله وحقيقة الازمات، ولكن يمكن القول كلهم يعرف انها مؤامرة ولكن ساكتة، مثل الكهرباء. اما كيف نحل هذا التناقض، هو طرد الاستعمار الامريكي وجميع قواعده العسكرية وتحديد دور السفارة (كممثل) ليس كمعلم ومراقب لبعض الوزارات العراقية بعدها نفكر بتحجيم السفارة الامريكية في بغداد، من غير هذا القرار لا يمكن لنا حل التناقض في الاقتصاد العراقي وبناء القدرات والعقول والكفاءات الاقتصادية العراقية. عدم إغفال قانون 80 لسنة 1961 - الدكتور لطيف القصاب، أكاديمي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية: الحقيقة بودي أن أشير إلى قضية، فالباحث الأستاذ حامد الجبوري ذكر بعض القضايا وأغفل ذكر قانون 80 لسنة 1961، هذا القانون الذي تستطيع ان تتحدث ساعات عنه، باختصار هذا القانون جعل بريطانيا تقدم شكوى للأمم المتحدة وتخيَّل مدى الضرر الذي ألحقه بالخزانة البريطانية، وأنشئت عشرات الشركات النفطية المحلية، وأخذت الواردات العراقية في منحنى متصاعد جدا مع السنوات التالية. فأرجو أن تتضمن الورقة الإشارة إلى هذا القانون، اقتصاد السوق هو ليس كلمة وقائلها، هناك اقتصاد سوق حر كما نعرف، وهناك اقتصاد سوق مختلط، ويوجد اقتصاد سوق اجتماعي، وكل فرع من هذه الفروع الكبيرة فيها ما فيها من سلبيات وإيجابيات، فليست القضية صفقة واحدة، الفئات النقدية والمالية كان أيضا يفترض لها جزء من الورقة البحثية وقد أشار إلى ذلك سماحة الشيخ مرتضى معاش. ولكن ما أعلمه هو أن الاقتصاد ينهض بجناحين، السياسة النقدية من جهة والسياسة المالية من جهة أخرى، فأن تكون السياسة النقدية مستقيمة والسياسة المالية معوجّة، فهذا يؤشر إلى وجود خلل كبير. هم ضبطوا إيقاع السياسة النقدية، ليس لسواد عيون العراقيين ولكن هناك سيطرة على العراق ونحن نعلم ماذا يعني البنك المركزي، والمرجعية الأساسية لكل البنوك هي هو البنك النقدي الدولي، وبالأخير تنظيم الكتلة النقدية لا يحمل وجها كبيرا مشرقا كما نتخيل، فالسياسة المالية هي المهمة في الحقيقة. يعني أنت عندما تُغرق السوق المحلية ببضاعة أجنبية، فأنت تئد صناعتك المحلية، على فرض وجودها، وهناك من يقول أن هناك فيتو أمريكي أو شيء من هذا القبيل على الصناعة وإذا صح هذا فالقضية ستكون أدهى وأمرّ. هناك عشوائية في التخطيط الاقتصادي على المستوى الحكومي والقطاع العام، وهناك ظلم وتعسف في القطاع العام، عشوائية التخطيط أضرب لكم أمثلة حتى يكون للجلسة النقاشية جانب عملي، هؤلاء أصحاب التكتك المساكين الذين تُصادَر عرباتهم، وتحجز في مناطق قريبة من الصحراء، ماذا يفعل هذا الرجل الذي يجد نفسه من غير هذا التكتك الذي يعيل به عائلته؟، هل هناك طريق غير طريق الجريمة، لنكن واقعيين، أصلا هو استدان حتى يشتري هذا التكتك حتى يعمل به ويحصل على رزقه. منذ البداية لماذا تسمح باستيراد هذه العربة بهذه الكميات العالية، وتعطيه رقما ثم تصادرها منه، قضية عجيبة جدا. القضية الأخرى القطاع الحكومي على سلبياته، وعلى سيئاته هو بالحقيقة في نهاية المطاف سوف يكون أرحم وأجمل وأكثر إحسانا من صنوه القطاع الخاص، أضرب أمثلة حية، ما الذي يجعل عشرات الأساتذة يهجرون الجامعات الأهلية بمرتبات ضخمة، أنا اتكلم عن واقع حال وأنا منهم هم زملائي، كنا نتقاضى ما مقداره ربما ثلاثة ملايين دينارا أو أكثر ثم يذهب إلى الوظيفة الحكومية مقابل مليون ونصف المليون دينارا، أو مليونين إلا ربع، لماذا؟ على الأقل هناك جوانب إنسانية مضيئة إلى حد ما، لكن التاجر ليس عنده رحمة في قضية الربح، النسبة الغالبة هكذا، طبعا مع احترامنا للاستثناء الموجودة فيها شيء من الإنسانية والرحمة، وقد ذكر الأستاذ علي حسين عبيد، حول شراء الخبز وبيعه، أنظر مدى القسوة واللاإنسانية، يعني نحن لا نترحم على الجمهورية القاسمية ولكن كانت في جانب منها جيدة بصرف النظر عن أخطائها. قضية الضرائب وملف الضرائب لا يزال يُدار بشكل غير صحيح، الضرائب من أبشع ما يكون، فأنت تدفع الضريبة أحيانا بشكل مباشر من خلال دفع فواتير الماء والكهرباء، أنا شخصيا دفعت مبلغ 150 ألف دينار، للكهرباء الوطني والمولدة، فأنت عندما تبعث أطفالك إلى مدرسة أهلية تريد أن يتعلموا جيدا، وأنت مضطر كي تنفق عليهم، هذه ضريبة لكن بطريقة غير مباشرة، اذهب إلآن إلى المستشفى حتى عندما تذهب إلى المستشفى الحكومي أو إلى المستشفيات التي يُضرَب بها المثل، كالمستشفى الحسيني والتركي، فالطبيب يكشف عليك بعد التي واللتيا، ثم أنت تشتري العلاج من جيبك الخاص، هذه أيضا ضريبة، المواطن العراقي مستنزف إلى آخر حد. أسباب التناقض في إدارة الاقتصاد العراقي - الأستاذ حسين علي حسين، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية: هل هناك تناقض أولا ضمن إدارة الاقتصاد العراقي أم أن القضية محددة مسبقا، بخصوص إدارة الاقتصاد هناك مجموعة نقاط هي: النقطة الأولى: استمرار انتفاع الدولة. فما دامت الدولة مستمرة في انتفاعها من النشاطات والعمليات الاقتصادية واستمرار حصولها على الأموال من دون تعب أو تقديم جهد معين، فالدولة سوف تستمر في هذا النهج، وتعتبر هي التي تعيق إدارة الاقتصاد العراقي. النقطة الثانية: وعي أفراد المجتمع. مثلا لدينا الطالب يدرس لمدة اثنتي عشرة سنة 12، أي أنه بعد دراسة 12 سنة يجد نفسه أمام خيار الذهاب إلى المجموعة الطبية، لماذا؟، حتى يمكنه الحصول على التعيين في الدولة، وبعد ذلك تم فتح الجامعات الأهلية التي سمحت حتى للطلبة الذين حصلوا على معدل ستين 60 درجة، يدخل إلى المجموعة الطبية بأمواله لغرض الحصول على وظيفة، هذا كله موجود في وعي الأفراد حتى يصلوا إلى هذه المرحلة. ومن جانب آخر هناك قصة أو حالة عشتها بنفسي، أنه لدي أصدقاء يعملون في القطاع الخاص مهندسين، وصلت رواتبهم خلال سنة أو سنتين في شركات خاصة إلى ثلاثة ملايين دينار وأربعة ملايين دينار، أما نفس الشخص الموجود في وظيفة حكومية كم يحتاج من السنوات حتى يصل إلى راتب موظف القطاع الخاص، فإذا الدولة استطاعت ان تدرس الوضع بصورة صحيحة وحولت العام إلى قطاع خاص فإنا تستطيع ان ترفع من المستوى المعاشي للمجتمع. النقطة الثالثة أو السبب الثالث: عدم وضع خطط استراتيجية كفوءة. الدولة لم تدرس الوضع بشكل صحيح ومنتفعة من عدم وضع خطط استراتيجية تسمح للشعب العراقي الاتجاه إلى السوق الحر. النقطة الرابعة: ريعية الاقتصاد. فطالما نحن اقتصادنا ريعي ومعتمدون على بيع النفط فقط، وكل هذه الأمور نتجاهلها ولا نعطيها أهمية، فكيف سنستطيع أن نبني قطاعا خاصا إذا كان اقتصادنا ريعيا يعتمد على النفط فقط أو أحادي القطب. فإذا عالجنا الأسباب التي تواجه اقتصادنا وتعيق تقدمه وتطوره، فإننا سوف نعثر على الحلول الصحيحة والمطلوبة. تكليف القطاع الخاص بملف الاقتصاد ان الفترة التي يتأسس فيها الاقتصاد يمكن أن يُقال بوجود نوع من الهدوء والركود، حدث بعد عام 1921، أقصد الفترة الملكية التي وُصفت بأنها مرحلة توترات كبيرة، ما بعد انقلابات صدقي وبدأت حكومات العسكر، بدأت عملية الاقتصاد تتأثر بالحركة السياسية. حتى أن كثير من التجار دخلوا في السجون وحصلت الاعدامات في قضايا قسم منها صحيح وقسم كبير منها غير صحيح، فهي قضية ترهيب للتجار لعدم دعم حركات سياسية معينة، بالنتيجة استمرت الحالة القلقة في الاقتصاد العراقي ربما من فترة الستينات أو الخمسينات إلى سنة 2003، لم يكن هنالك هدوء، أو وجود سياسة واضحة للدولة في قضية الملف الاقتصادي، بل كانت الحالة السياسية أو فكر الدولة أو فكر الإنسان الحاكم هو الذي يؤثر على هذا الشيء. ما بعد 2003، أصبحت الحالة الفوضوية هي السائدة، وباتت الأمور مشوهة بشكل عجيب غريب، لا نحن رجعنا إلى اللامركزية بشكل واضح وإلى الرأسمالية، ولا تُرك اقتصاد السوق له حريته بشكل واضح، وبقيت الأمور متعلقة مرة هنا ومرة هناك. من الممكن في هذا الجانب أن يكون هناك للسوق بحسب وجهة نظري مع أنني غير مختص، من الممكن أن يكون للسوق فتح لكن تحت رؤية وتخطيط للدولة بشكل عام رؤية اقتصادية ورؤية سياسية ورؤية بعيدة الأمد اعتمادا على ما لديها من موارد، وتفعيل الموارد التجارية الزراعية الصناعية وفي كل القطاعات. بالنتيجة اليوم المواطن لا يريد أن يستهلك فقط، وإنما يكون له دور في الإنتاج، وهذا جزء من مسؤولية الدولة، تجاه الاقتصاد وأن يكون لديها إنتاج، ولا تكون دولة ريعية، تبيع ما لديها من نفط فقط، وتنفق على المواطن، كلا، يجب تقوية الجوانب الاقتصادية الزراعية التجارية في السياحة أيضا ودور السياسة في المنطقة وحركتها، هذه الأمور كلها تصب في تقوية حركة الاقتصاد. وعندما تتقوى الدولة اقتصاديا وتتمكن من هذه الملفات، يمكن وضع التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي للبلاد، وقد يتم إيكال هذا الملف للقطاع الخاص.