#أحدث الأخبار مع #خطاب_جيتيسبيرغالبيانمنذ 17 ساعاتسياسةالبيانرسالة من دبي.. للإعلام العربيفي العام 1863، وقف الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن مخاطباً شعبه في خطاب جيتيسبيرغ الشهير قائلاً: "من هؤلاء الضحايا نأخذ عهداً بزيادة تفانينا في القضية التي ماتوا من أجلها". كان ذلك الخطاب القصير، في قلب حرب أهلية دامية، دعوة لزرع الأمل وبناء أمة جديدة رغم كل الجراح. وهذا المثال التاريخي يكشف قدرة الكلمة والإعلام على إعادة تشكيل المزاج العام وتوجيه البوصلة نحو البناء بدل الهدم. واليوم، نعيش حالة مشابهة، ولكن في ميدان الإعلام. فالعالم يشهد انقساماً حاداً بين اتجاهين متناقضين: الأول، يُحرّكه منطق "ما يُنزف يُبث"، وهو الإعلام السلبي، الذي يركز على الصراعات والانقسامات والكوارث، والأخبار العاجلة المأساوية، وهذا النوع من الإعلام يصنع واقعاً مفرغاً من الأمل، يزرع في الناس مشاعر العجز، ويغذي الاستقطاب داخل المجتمعات. وقد ساهم هذا النوع من الإعلام بشكل مباشر في إعادة إنتاج خطابات الكراهية والانقسام المجتمعي، حيث أصبحت الشاشات والمنصات تعجّ بخطاب الإقصاء والتعميم والتمييز، مستغلة التوترات الاجتماعية والسياسية، لتوليد مزيد من التفاعل والمشاهدات على حساب السلم المجتمعي. هذا الواقع الإعلامي الجديد أدّى إلى تصاعد غير مسبوق في حالة الاستقطاب العالمي، معززاً ثنائية "نحن وَهُم"، ما غذّى موجات غير مسبوقة من العداء، والتطرف، وعودة خطاب الكراهية إلى الواجهة الإعلامية والسياسية في العديد من دول العالم. وأما النوع الثاني، فهو الإعلام الإيجابي؛ وهو لا يعني التغطية الناعمة أو الإنكار، بل إعلامٌ يسلّط الضوء على قصص النجاح، والمبادرات الإنسانية، والفرص الاقتصادية، والمشاريع التنموية، والنقاشات البناءة التي تحفّز التفكير والعمل. وفي قلب هذا المشهد العالمي، تبرز مدينة دبي، حيث أعيش، كرمز للإعلام الذي يزرع الأمل؛ فمنذُ بداياتها تبنت خطاباً إعلامياً يُركّز على نقاط الاجتماع بدل الاختلاف، وجعلت من قصص التحول الحضري والتنموي مادة ملهمة للعرب والعالم. وهذا لا يعني أن دبي تنظر فقط إلى نصف الكأس الممتلئ، وتتجاهل رؤية النصف الفارغ، فدبي لم تنكر التحديات يوماً، بل تعرضها ضمن إطار من الحلول والمبادرات، وفي سياق رؤية ملهمة، يُعبّر عنها قادتها دائماً، تقوم على زرع ثقافة الإيجابية والإبداع، والتأكيد المستمر على أن "لا شيء مستحيل" في المنطقة، وإن الأزمات ليست إلا فرصاً جديدة للنهوض. وسواء شئنا أم أبينا فالرسائل الإعلامية في النهاية تصنع الإدراك الجمعي، والمجتمعات تنهض حين تؤمن بقدرتها على النهوض، وهنا تأتي المشكلة في أن البعض ما يزال يجهل مقياس التمييز بين الإعلام السلبي والإيجابي، أو في أفضل الحالات يحلل رأيه بناءً على طبيعة المحتوى، بينما القياس الصحيح يشمل عدة عناصر، من أهمها السردية الأساسية لنشرات الأخبار وسياسة القنوات الإعلامية.. هل تنقل واقعاً مغلقاً مليئاً بالخطر، أم واقعاً مفتوحاً على إمكانيات التنمية في المنطقة؟ وكذلك، هل اللغة تحريضية وتزرع الخوف، أم تبني الجسور التواصل بين شعوب المنطقة؟ وهل يدعو هذا الإعلام إلى الفعل، بمعنى: هل يشجع فئات المجتمع على المشاركة البناءة، أم يبقيهم في موقع المتفرج؟ بعد إيام تعقد في دبي "قمة الإعلام العربي"، الحدث الإعلامي البارز الذي شكّل على مدى أربعة وعشرين عاماً منبراً سنوياً للحوار وتبادل الرؤى حول قضايا الإعلام والتنمية في المنطقة. وقد كان الحدث وما زال، صوتاً ثابتاً في الدعوة إلى التعايش والسلام، وتسليط الضوء على دور الإعلام في إعادة بناء مستقبل المنطقة، لا في تكريس أزماتها. كما أسّس عبر سنواته الطويلة لنموذج إعلامي عربي حديث يؤمن بأن الأمل والتعاون والتنمية هي السبيل لإحياء المشروع الحضاري العربي. وهذا يستدعي اعترافاً وفهماً عميقاً، أنه مع غياب الإعلام الإيجابي، يتراجع منسوب الثقة بالآخر ويتحول الفراغ إلى ساحة مفتوحة تُغذى بخطابات الانقسام والتحريض. ويعلو ضجيج الكراهية والتخوين، وينتصر الإعلام السلبي بصور الأزمات وصرخات الغضب، وتضيع فرص التنمية والبناء. لذا، فخيارنا اليوم: إما أن نكون ناقلي يأس، أو صُنّاع أمل. كما كان نيلسون مانديلا في أشد أيامه ظلمة داخل زنزانة روبن آيلاند، حيث كان يكتب على جدرانها كلمات من الأمل: "أنا سيد مصيري، أنا قائد روحي".. خرج بعدها بسنوات ليقود بلاده نحو المصالحة. والإعلام. مثل هذه الكلمات، يستطيع أن يكون زنزانة، أو مفتاح التنمية.
البيانمنذ 17 ساعاتسياسةالبيانرسالة من دبي.. للإعلام العربيفي العام 1863، وقف الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن مخاطباً شعبه في خطاب جيتيسبيرغ الشهير قائلاً: "من هؤلاء الضحايا نأخذ عهداً بزيادة تفانينا في القضية التي ماتوا من أجلها". كان ذلك الخطاب القصير، في قلب حرب أهلية دامية، دعوة لزرع الأمل وبناء أمة جديدة رغم كل الجراح. وهذا المثال التاريخي يكشف قدرة الكلمة والإعلام على إعادة تشكيل المزاج العام وتوجيه البوصلة نحو البناء بدل الهدم. واليوم، نعيش حالة مشابهة، ولكن في ميدان الإعلام. فالعالم يشهد انقساماً حاداً بين اتجاهين متناقضين: الأول، يُحرّكه منطق "ما يُنزف يُبث"، وهو الإعلام السلبي، الذي يركز على الصراعات والانقسامات والكوارث، والأخبار العاجلة المأساوية، وهذا النوع من الإعلام يصنع واقعاً مفرغاً من الأمل، يزرع في الناس مشاعر العجز، ويغذي الاستقطاب داخل المجتمعات. وقد ساهم هذا النوع من الإعلام بشكل مباشر في إعادة إنتاج خطابات الكراهية والانقسام المجتمعي، حيث أصبحت الشاشات والمنصات تعجّ بخطاب الإقصاء والتعميم والتمييز، مستغلة التوترات الاجتماعية والسياسية، لتوليد مزيد من التفاعل والمشاهدات على حساب السلم المجتمعي. هذا الواقع الإعلامي الجديد أدّى إلى تصاعد غير مسبوق في حالة الاستقطاب العالمي، معززاً ثنائية "نحن وَهُم"، ما غذّى موجات غير مسبوقة من العداء، والتطرف، وعودة خطاب الكراهية إلى الواجهة الإعلامية والسياسية في العديد من دول العالم. وأما النوع الثاني، فهو الإعلام الإيجابي؛ وهو لا يعني التغطية الناعمة أو الإنكار، بل إعلامٌ يسلّط الضوء على قصص النجاح، والمبادرات الإنسانية، والفرص الاقتصادية، والمشاريع التنموية، والنقاشات البناءة التي تحفّز التفكير والعمل. وفي قلب هذا المشهد العالمي، تبرز مدينة دبي، حيث أعيش، كرمز للإعلام الذي يزرع الأمل؛ فمنذُ بداياتها تبنت خطاباً إعلامياً يُركّز على نقاط الاجتماع بدل الاختلاف، وجعلت من قصص التحول الحضري والتنموي مادة ملهمة للعرب والعالم. وهذا لا يعني أن دبي تنظر فقط إلى نصف الكأس الممتلئ، وتتجاهل رؤية النصف الفارغ، فدبي لم تنكر التحديات يوماً، بل تعرضها ضمن إطار من الحلول والمبادرات، وفي سياق رؤية ملهمة، يُعبّر عنها قادتها دائماً، تقوم على زرع ثقافة الإيجابية والإبداع، والتأكيد المستمر على أن "لا شيء مستحيل" في المنطقة، وإن الأزمات ليست إلا فرصاً جديدة للنهوض. وسواء شئنا أم أبينا فالرسائل الإعلامية في النهاية تصنع الإدراك الجمعي، والمجتمعات تنهض حين تؤمن بقدرتها على النهوض، وهنا تأتي المشكلة في أن البعض ما يزال يجهل مقياس التمييز بين الإعلام السلبي والإيجابي، أو في أفضل الحالات يحلل رأيه بناءً على طبيعة المحتوى، بينما القياس الصحيح يشمل عدة عناصر، من أهمها السردية الأساسية لنشرات الأخبار وسياسة القنوات الإعلامية.. هل تنقل واقعاً مغلقاً مليئاً بالخطر، أم واقعاً مفتوحاً على إمكانيات التنمية في المنطقة؟ وكذلك، هل اللغة تحريضية وتزرع الخوف، أم تبني الجسور التواصل بين شعوب المنطقة؟ وهل يدعو هذا الإعلام إلى الفعل، بمعنى: هل يشجع فئات المجتمع على المشاركة البناءة، أم يبقيهم في موقع المتفرج؟ بعد إيام تعقد في دبي "قمة الإعلام العربي"، الحدث الإعلامي البارز الذي شكّل على مدى أربعة وعشرين عاماً منبراً سنوياً للحوار وتبادل الرؤى حول قضايا الإعلام والتنمية في المنطقة. وقد كان الحدث وما زال، صوتاً ثابتاً في الدعوة إلى التعايش والسلام، وتسليط الضوء على دور الإعلام في إعادة بناء مستقبل المنطقة، لا في تكريس أزماتها. كما أسّس عبر سنواته الطويلة لنموذج إعلامي عربي حديث يؤمن بأن الأمل والتعاون والتنمية هي السبيل لإحياء المشروع الحضاري العربي. وهذا يستدعي اعترافاً وفهماً عميقاً، أنه مع غياب الإعلام الإيجابي، يتراجع منسوب الثقة بالآخر ويتحول الفراغ إلى ساحة مفتوحة تُغذى بخطابات الانقسام والتحريض. ويعلو ضجيج الكراهية والتخوين، وينتصر الإعلام السلبي بصور الأزمات وصرخات الغضب، وتضيع فرص التنمية والبناء. لذا، فخيارنا اليوم: إما أن نكون ناقلي يأس، أو صُنّاع أمل. كما كان نيلسون مانديلا في أشد أيامه ظلمة داخل زنزانة روبن آيلاند، حيث كان يكتب على جدرانها كلمات من الأمل: "أنا سيد مصيري، أنا قائد روحي".. خرج بعدها بسنوات ليقود بلاده نحو المصالحة. والإعلام. مثل هذه الكلمات، يستطيع أن يكون زنزانة، أو مفتاح التنمية.