#أحدث الأخبار مع #دراغيالمدن١٠-٠٥-٢٠٢٥أعمالالمدنأوروبا ما بين طموح ترامب وتحطيم وحدتهابالرغم من التجميد المتبادل لحرب التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمدة 90 يوماً، لكن الحرب التجارية الأميركية، تهدد بخلق صدع خطير داخل التكتل المكوّن من 27 دولة، في القارة العجوز، وهو ما يسعى إليه ترامب عملياً وواقعياً. فبدل أن توحّد قرارات الرئيس الأميركي الأوروبيين، وتدفعهم إلى أن يكونوا كتلة متماسكة لمواجهة "يوم التحرير" الذي أعلنه ترامب في 2 نيسان/أبريل الجاري (وهو يهدف وفقاً لرؤيته إلى تحرير الاقتصاد الأميركي من "الاحتلال التجاري" للدول الأخرى)، كشفت تعريفات ترامب، عن الخلافات بين دول الاتحاد، وأظهرت حجم التباينات داخل البيت الأوروبي الواحد. التبادل التجاري بالأرقام في الواقع، تُعدّ العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من بين الأكثر تشابكاً وأهمية على مستوى العالم. فبحسب بيانات مكتب الممثل التجاري لواشنطن، بلغ إجمالي تجارة السلع بين الطرفين في العام 2024، حوالي 975.9 مليار دولار، مما يعكس عمق الترابط الاقتصادي بينهما، وبنفس الوقت سيؤدي فرض رسوم جمركية إضافية من قبل الولايات المتحدة على أوروبا، إلى تدهور العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً في ظل وجود عجز تجاري أميركي متزايد مع الأوروبيين. زد على ذلك، واستناداً للبيانات الأميركية أعلاه، بلغت صادرات السلع الأميركية إلى أوروبا في العام 2024، حوالي 370.2 مليار دولار، أي بزيادة طفيفة بلغت 0.7% فقط (ما يعادل 2.6 مليار دولار) مقارنة بعام 2023. في المقابل، ارتفعت واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ، حيث بلغت 605.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 5.1% (29.4 مليار دولار) عن العام السابق. والمثير أنه من بين هذه الواردات، "مادة السيماغلوتيد"، التي تُستخدم في أدوية إنقاص الوزن الشهيرة، وتُعد واحدة من أهم السلع المستوردة، حيث بلغت قيمتها 127 مليار دولار، والأرقام دائماً على ذمة مكتب الممثل التجاري. ضعف الأوروبيين القليل من السياسيين والمعلقين في أوروبا، كانوا يتوقعون الشرّ المستطير الذي سيشكله مجيء ترامب على الاتحاد. وفي مقدمة هؤلاء الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الذي لم يُفاجأ بنتائج الانتخابات الأميركية، بل حذّر أيضاً، الاتحاد الأوروبي من أن عاصفةً تلوح في الأفق. ولفت دراغي إلى أن ترامب سيحمي الصناعات التقليدية التي تُستورد موادها من الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، ونتيجة لذلك "علينا التفاوض مع الحليف الأميركي، بروح موحدة لحماية منتجينا الأوروبيين". أكثر من ذلك، أصدر دراغي في أيلول/سبتمبر 2024، تقريراً من 400 صفحة حول الحالة الاقتصادية للاتحاد (نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS")، كشف فيه أن أوروبا بحاجة إلى استثمار 800 مليار يورو إضافية سنوياً، نظراً لضعف الإنتاجية وضعف النمو. وذهب دراغي أبعد من ذلك، محذراً أن الاتحاد الأوروبي يواجه "تحدياً وجودياً... وأن وقت المماطلة قد ولّى". وقال: "لقد وصلنا إلى نقطة سنضطر فيها، دون اتخاذ أي إجراء، إلى التنازل عن رفاهيتنا أو بيئتنا أو حريتنا". الأنكى، أنه ومنذ أن دقّ دراغي ناقوس الخطر حول ضعف الاتحاد الأوروبي، لم تظهر سوى مؤشرات ضئيلة على قدرة الاتحاد على تجميع قواه. ففرنسا لا تزال دولة عاجزة، على رأسها حكومة ائتلافية بالكاد تؤدي مهامها، فيما يشهد اقتصادها حالة جمود. أما ألمانيا، التي تديرها حكومة ائتلافية جديدة، فهي تفتقر إلى ثقة الخبراء والمواطنين الألمان. إذ يُعتبر المستشار المنتظر فريدريش ميرتس، غير جدير بالثقة من قبل 70% من شعبه. ليس هذا فحسب، ففي أعقاب اضطرابات السوق الناجمة عن حرب ترامب الجمركية، خفضت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا توقعاتها للنمو لهذا العام. كما حذّر محافظ بنك إسبانيا من أن البلاد تواجه تباطؤاً اقتصادياً بسبب حالة عدم اليقين. كلٌّ يغني على ليلاه اختارت كل من إسبانيا وإيطاليا خطاً مختلفاً في مقاربتهما للحرب التجارية بين أميركا والصين. ففي حين مدّت مدريد يدها إلى الصين، فضّلت روما الوقوف وراء أميركا. وزيارة رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز، الأسبوع الفائت إلى بكين، أعرب عن رغبته في توثيق العلاقات التجارية مع الصين. كما وقف سانشيز إلى جانب الرئيس الصيني في 11 الجاري، قائلاً إنه يجب على الصين والاتحاد الأوروبي، الاتحاد معاً لمواجهة "ممارسات التسلّط الأحادية الجانب" الأميركية. وبناء على ذلك، حذّر وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت من أن التقرب من الصين سيكون بمثابة "قطع الحلق"، و"رهان خاسر بالنسبة للأوروبيين". على النقيض من ذلك، من المقرّر أن تقوم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي انسحبت من مبادرة الحزام والطريق الصينية عام 2023، بزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، لمناقشة التجارة مع ترامب. وقد أثار هذا التوجّه الإيطالي قلقاً في باريس التي لا تبدي أي اعتراض على لقاء سانشيز بشي جين بينغ في بكين، لكن من الواضح أن فكرة حديث ميلوني عن العمل مع ترامب لا تُطاق. وتعقيباً على ذلك، صرّح وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي قائلاً: "نحن بحاجة إلى الاتحاد، لأن أوروبا قوية إذا كانت موحدة". وعلى المنوال ذاته، تدخّل زميله وزير الشؤون الأوروبية بنيامين حداد قائلاً: "إذا ذهبتم إلى الولايات المتحدة مشتتين ومقسّمين، فهل تعتقدون أنكم أقوى مما لو ذهبتم جميعاً، كدول الاتحاد الـ27، التي يبلغ عدد سكانها 450 مليون نسمة؟". وردّ نظيره الإيطالي توماسو فوتي بسرعة متسائلاً: "كيف يكون كل شيء على ما يرام عندما يذهب الرئيس ماكرون إلى واشنطن، ولكن عندما تذهب ميلوني، لا تكون الأمور على ما يرام؟". في المحصّلة، ستُشكل الأشهر الثلاثة المقبلة تحدياً كبيراً لأوروبا. يتفاخر الاتحاد الأوروبي بوحدته، ولكن كما كشفت استجابته لجائحة "كوفيد-19" وأزمة أوكرانيا، عندما يتعرّض الاتحاد للضغوط، تظهر الشقوق. ترامب يكره الاتحاد الأوروبي، ولا يرغب في شيء أكثر من تحطيمه بشكل لا يمكن إصلاحه. من هنا، فإن الاتحاد الأوروبي لن يتفاوض مع واشنطن من موقع قوة. التكتل يعاني ترهلاً وضعفاً غير مسبوقين على كافة المستويات. الأوروبيون يدركون ذلك، وكذلك ترامب.
المدن١٠-٠٥-٢٠٢٥أعمالالمدنأوروبا ما بين طموح ترامب وتحطيم وحدتهابالرغم من التجميد المتبادل لحرب التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمدة 90 يوماً، لكن الحرب التجارية الأميركية، تهدد بخلق صدع خطير داخل التكتل المكوّن من 27 دولة، في القارة العجوز، وهو ما يسعى إليه ترامب عملياً وواقعياً. فبدل أن توحّد قرارات الرئيس الأميركي الأوروبيين، وتدفعهم إلى أن يكونوا كتلة متماسكة لمواجهة "يوم التحرير" الذي أعلنه ترامب في 2 نيسان/أبريل الجاري (وهو يهدف وفقاً لرؤيته إلى تحرير الاقتصاد الأميركي من "الاحتلال التجاري" للدول الأخرى)، كشفت تعريفات ترامب، عن الخلافات بين دول الاتحاد، وأظهرت حجم التباينات داخل البيت الأوروبي الواحد. التبادل التجاري بالأرقام في الواقع، تُعدّ العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من بين الأكثر تشابكاً وأهمية على مستوى العالم. فبحسب بيانات مكتب الممثل التجاري لواشنطن، بلغ إجمالي تجارة السلع بين الطرفين في العام 2024، حوالي 975.9 مليار دولار، مما يعكس عمق الترابط الاقتصادي بينهما، وبنفس الوقت سيؤدي فرض رسوم جمركية إضافية من قبل الولايات المتحدة على أوروبا، إلى تدهور العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً في ظل وجود عجز تجاري أميركي متزايد مع الأوروبيين. زد على ذلك، واستناداً للبيانات الأميركية أعلاه، بلغت صادرات السلع الأميركية إلى أوروبا في العام 2024، حوالي 370.2 مليار دولار، أي بزيادة طفيفة بلغت 0.7% فقط (ما يعادل 2.6 مليار دولار) مقارنة بعام 2023. في المقابل، ارتفعت واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ، حيث بلغت 605.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 5.1% (29.4 مليار دولار) عن العام السابق. والمثير أنه من بين هذه الواردات، "مادة السيماغلوتيد"، التي تُستخدم في أدوية إنقاص الوزن الشهيرة، وتُعد واحدة من أهم السلع المستوردة، حيث بلغت قيمتها 127 مليار دولار، والأرقام دائماً على ذمة مكتب الممثل التجاري. ضعف الأوروبيين القليل من السياسيين والمعلقين في أوروبا، كانوا يتوقعون الشرّ المستطير الذي سيشكله مجيء ترامب على الاتحاد. وفي مقدمة هؤلاء الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الذي لم يُفاجأ بنتائج الانتخابات الأميركية، بل حذّر أيضاً، الاتحاد الأوروبي من أن عاصفةً تلوح في الأفق. ولفت دراغي إلى أن ترامب سيحمي الصناعات التقليدية التي تُستورد موادها من الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، ونتيجة لذلك "علينا التفاوض مع الحليف الأميركي، بروح موحدة لحماية منتجينا الأوروبيين". أكثر من ذلك، أصدر دراغي في أيلول/سبتمبر 2024، تقريراً من 400 صفحة حول الحالة الاقتصادية للاتحاد (نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS")، كشف فيه أن أوروبا بحاجة إلى استثمار 800 مليار يورو إضافية سنوياً، نظراً لضعف الإنتاجية وضعف النمو. وذهب دراغي أبعد من ذلك، محذراً أن الاتحاد الأوروبي يواجه "تحدياً وجودياً... وأن وقت المماطلة قد ولّى". وقال: "لقد وصلنا إلى نقطة سنضطر فيها، دون اتخاذ أي إجراء، إلى التنازل عن رفاهيتنا أو بيئتنا أو حريتنا". الأنكى، أنه ومنذ أن دقّ دراغي ناقوس الخطر حول ضعف الاتحاد الأوروبي، لم تظهر سوى مؤشرات ضئيلة على قدرة الاتحاد على تجميع قواه. ففرنسا لا تزال دولة عاجزة، على رأسها حكومة ائتلافية بالكاد تؤدي مهامها، فيما يشهد اقتصادها حالة جمود. أما ألمانيا، التي تديرها حكومة ائتلافية جديدة، فهي تفتقر إلى ثقة الخبراء والمواطنين الألمان. إذ يُعتبر المستشار المنتظر فريدريش ميرتس، غير جدير بالثقة من قبل 70% من شعبه. ليس هذا فحسب، ففي أعقاب اضطرابات السوق الناجمة عن حرب ترامب الجمركية، خفضت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا توقعاتها للنمو لهذا العام. كما حذّر محافظ بنك إسبانيا من أن البلاد تواجه تباطؤاً اقتصادياً بسبب حالة عدم اليقين. كلٌّ يغني على ليلاه اختارت كل من إسبانيا وإيطاليا خطاً مختلفاً في مقاربتهما للحرب التجارية بين أميركا والصين. ففي حين مدّت مدريد يدها إلى الصين، فضّلت روما الوقوف وراء أميركا. وزيارة رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز، الأسبوع الفائت إلى بكين، أعرب عن رغبته في توثيق العلاقات التجارية مع الصين. كما وقف سانشيز إلى جانب الرئيس الصيني في 11 الجاري، قائلاً إنه يجب على الصين والاتحاد الأوروبي، الاتحاد معاً لمواجهة "ممارسات التسلّط الأحادية الجانب" الأميركية. وبناء على ذلك، حذّر وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت من أن التقرب من الصين سيكون بمثابة "قطع الحلق"، و"رهان خاسر بالنسبة للأوروبيين". على النقيض من ذلك، من المقرّر أن تقوم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي انسحبت من مبادرة الحزام والطريق الصينية عام 2023، بزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، لمناقشة التجارة مع ترامب. وقد أثار هذا التوجّه الإيطالي قلقاً في باريس التي لا تبدي أي اعتراض على لقاء سانشيز بشي جين بينغ في بكين، لكن من الواضح أن فكرة حديث ميلوني عن العمل مع ترامب لا تُطاق. وتعقيباً على ذلك، صرّح وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي قائلاً: "نحن بحاجة إلى الاتحاد، لأن أوروبا قوية إذا كانت موحدة". وعلى المنوال ذاته، تدخّل زميله وزير الشؤون الأوروبية بنيامين حداد قائلاً: "إذا ذهبتم إلى الولايات المتحدة مشتتين ومقسّمين، فهل تعتقدون أنكم أقوى مما لو ذهبتم جميعاً، كدول الاتحاد الـ27، التي يبلغ عدد سكانها 450 مليون نسمة؟". وردّ نظيره الإيطالي توماسو فوتي بسرعة متسائلاً: "كيف يكون كل شيء على ما يرام عندما يذهب الرئيس ماكرون إلى واشنطن، ولكن عندما تذهب ميلوني، لا تكون الأمور على ما يرام؟". في المحصّلة، ستُشكل الأشهر الثلاثة المقبلة تحدياً كبيراً لأوروبا. يتفاخر الاتحاد الأوروبي بوحدته، ولكن كما كشفت استجابته لجائحة "كوفيد-19" وأزمة أوكرانيا، عندما يتعرّض الاتحاد للضغوط، تظهر الشقوق. ترامب يكره الاتحاد الأوروبي، ولا يرغب في شيء أكثر من تحطيمه بشكل لا يمكن إصلاحه. من هنا، فإن الاتحاد الأوروبي لن يتفاوض مع واشنطن من موقع قوة. التكتل يعاني ترهلاً وضعفاً غير مسبوقين على كافة المستويات. الأوروبيون يدركون ذلك، وكذلك ترامب.