logo
#

أحدث الأخبار مع #دىكيو

عملات رقمية مستقرة
عملات رقمية مستقرة

المصري اليوم

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • المصري اليوم

عملات رقمية مستقرة

بالأمس القريب أصدرت ثلاث جهات إماراتية عملة رقمية جديدة مستندة إلى الدرهم الإماراتى، وتستخدم تقنية «سلاسل الكتل» التى تتبناها أهم العملات المشفرة وفى مقدمتها «بيتكوين». الجهات المصدرة هى الشركة العالمية القابضة، و«القابضة» (إيه دى كيو) وبنك أبوظبى الأول، والعملة تنتمى إلى فئة العملات المستقرة، إذ ترتبط بعملة قانونية وهى الدرهم، وتخضع لرقابة وتنظيم المصرف المركزى. وقد تصادف أن اقترن هذا الحدث الهام، الذى تدخل به دولة الإمارات عالم العملات الرقمية من باب جديد، مع إقامة معرض ابوظبى الدولى للكتاب. وإذ يستضيف المعرض عددًا من كبار الناشرين من مختلف الدول، فإن مراكز الفكر والدراسات تحتل مكانة خاصة فى قلب المعرض، وتلعب دورًا مركبًا فى صناعة الوعى العربى. إذ تصدر تلك المراكز من الكتب والإصدارات الأخرى ما تتناوله بالتحليل حلقات نقاش ثرية على هامش المعرض، كدأب مختلف معارض الكتاب الدولية. وفى هذا العام تلقيت دعوة من مركز «انترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» للتعقيب على كتاب من إصداره بعنوان:«اقتصاديات العملات المشفّرة» تحت إشراف دكتور محمد يونس، ومن تحرير الأستاذة سهير الشربينى. وقد أقيمت حلقة النقاش فى جناح المركز، وبحضور لافت. الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة العربية فى مجالات اقتصاديات المعلومات، والنظرية النقدية والاقتصاد السياسى أيضًا، خاصة وأن عددًا من الفصول (مثل الفصل الرابع الذى عنوانه: أبعاد استخدام العملات المشفرة فى الصراعات الدولية) تتناول الأثر السياسى والمؤسسى للعملات المشفرة بأنواعها المختلفة، على تشكيل مراكز القوى العالمية والإقليمية الجديدة، والالتفاف حول العقوبات الاقتصادية، والحد من الهيمنة المالية الأمريكية، وتسييسها المستمر لنظم الدفع وتدفقات التجارة والأموال.. والفصل السادس (عنوانه: سياسات الحكومات فى ضبط سوق العملات المشفّرة) كان محوريًا كذلك فى فهم دور الدولة فى ضبط أسواق العملات المشفرة، وأهمية صعود العملات المستقرة، التى تتخلّص من كثير من عيوب العملات القائمة، لكنها تسقط بعض مزاياها أثناء ذلك. ويمكن أن نتعامل مع الكتاب كمرجع فى مجال اقتصاديات الطاقة، نظرًا للطبيعة كثيفة استهلاك الطاقة لتعدين العملات المشفرة، فالطاقة المستخدمة فى تعدين «بيتكوين» وحدها تكفى لاستهلاك الأرجنتين من الكهرباء! وقد قدّرتها بعض الدراسات بين ١٥٥ و١٧٢ تيرابايت/ساعة فى العام.. ولى مقال نشر فى المصرى اليوم فى فبراير ٢٠٢١ بعنوان «عملات الطاقة الرقمية» يرجع القيمة الحقيقية فى إصدار العملات المشفّرة إلى الطاقة والزمن، لكن الطاقة المستخدمة فى التعدين تذهب سدى (بدأ التفكير فى استثمارها مؤخرًا) بينما يمكن - وفقًا للطرح الذى أتبناه- أن تصدر عملة طاقة رقمية عالمية موحّدة، تثبت معها أسعار كافة منتجات الطاقة، وتتقلّب أسعار سائر المنتجات وفقًا لوفرة وندرة الطاقة المولّدة والمتداولة، والتى تستخدم بالفعل فى العملية الإنتاجية وعمارة الأرض وتحقيق رفاهية الإنسان. ومن باب المصادفة أن وحدات الطاقة المستخدمة وفق هذا الطرح تحمل رمز BTU والذى يعبّر عن وحدات حرارية بريطانية وهو ذات رمز عملة بيتكوين الأوسع انتشارًا. تجدر الإشارة إلى أن هناك طرحًا مشابهًا لهنرى فورة حول هذا الأمر مع بداية الألفية الماضية. من الكتب الهامة لفهم تقنية سلاسل الكتل كتاب أنتونى لويس «أساسيات سلاسل الكتل» ومن غير المعتاد أن تجد منتجات فكرية صادرة باللغة العربية استطاعت أن تستعرض بلغة بسيطة تفاصيل فنية معقدة لتلك التقنية، فضلًا عن عملية التشفير وصناعة العناقيد ولامركزية إقرار المعاملات.. لذا فإن كتاب اقتصاديات العملات المشفّرة قد اعتمد فى جل مراجعه على مصادر أجنبية. المعضلة الحقيقية التى أقرأها بين سطور الكتاب تكاد تكمن فى كيفية المواءمة بين «مزايا» اللامركزية المصاحبة للعملات المشفّرة، والتى تتجلّى فى: السيولة والأمان والانتشار والوصول والخصوصية.. و«ضرورة» المركزية الرامية إلى: الحوكمة والانضباط والثقة والاستقرار والتحول التدريجى الحتمى للعملات الرقمية كى تستبدل بها كافة أشكال النقود المادية والقانونية والائتمانية... هنا يثور تساؤل هام: هل العملات المشفّرة نقود أم أصول غير تقليدية أقرب إلى المشتقات غير التقليدية exotic derivatives وهذا جلى فى المعاملة الضريبية الأمريكية للربح الناتج عن التعامل فى تلك العملات، إذ تخضع لضريبة الأرباح الرأسمالية وليس الدخل؟. البورصة هى أساس التعامل على تلك العملات، واستخدامها فى التمويل والتجارة فرع من أصل.. أما العملات التقليدية فبورصتها (forex) هى الفرع، وقوتها فى تلك البورصة مشتق من وظائفها فى أسواق الدين والتجارة والاستثمار والاحتياطى كذلك نحتاج إلى فهم التوازنات بين الاستخدامات الشرعية للعملات المشفرة، وتلك التى ينتشر فيها تمويل الإرهاب وغسل الأموال وتنامى دور الفاعلين من غير الدول (كما يشار إليهم فى الفصل الخامس) خاصة أن بعض أطراف العمليات غير الشرعية هم عملاء شرعيون.. ومن الأمور التى أدعو إلى الالتفات إليها، ابتلاع عملة «بيتكوين» لمعظم سوق العملات المشفرة، ولا يأتى بعدها فى القيمة السوقية والحصة السوقية (من بين ما يزيد على ١٧ ألف عملة منها أكثر من عشرة آلاف عملة نشطة) إلا عملة «أثريوم» وعدد محدود آخر، ولكن بفارق عظيم، يضع بيتكوين فى مكانة خاصة، ويكاد يختزل السوق فيها ويعزلها تمامًا عن أى مقارنة.. هذا الأمر يعقّد مشهد العملات المشفّرة، إذ إن ما تهيأ لبيتكوين لن يتهيأ لعملة أخرى بالضرورة، كما أن نجاح عملة واحدة على هذا النحو، يجعلها استثناءً وليست نموذجًا يحتذى.. ذلك الاستثناء تلقّى ضربات عدة منذ إطلاقه عام ٢٠٠٩، صحيح أنه تعافى منها، ولكن ضمانات التعافى المستقبلى مع زيادة التعقيد التقنى، والأثر الطاقى والبيئى، والتحولات الاقتصادية الكبرى، ليست مؤكدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store