logo
#

أحدث الأخبار مع #ديميستورا

الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية
الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية

إيطاليا تلغراف

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية

إيطاليا تلغراف نشر في 21 أبريل 2025 الساعة 4 و 21 دقيقة إيطاليا تلغراف ذ. محجوب البرش السباعي مركز رأس بوجادور للأبحاث و الدراسات صرح وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو أن' الولايات المتحدة الأمريكية تجدد التأكيد على 'اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية و تدعم مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل عادل و دائم للنزاع'. في النقطة السابعة من إحاطته، و عند تقديم ملخص حول الموقف الأمريكي الداعم للسيادة المغربية على الصحراء، صرح الوسيط الأممي ديميستورا بما يلي: 'دعونا نحلل هذه الرسائل الثلاث معًا، ونرى ما إذا كان يمكننا البناء على ذلك. الرسالة الأولى هي أن الحكم الذاتي يجب أن يكون 'حقيقيًا'. و هذا يتردد صداه مع اعتقادي وطلبي بضرورة شرح مبادرة الحكم الذاتي المغربية بتفصيل أكبر بكثير، وبالتالي ينبغي تقديم توضيحات كافية لصلاحيات الحكم الذاتي الذي سيمنح للصحراء الغربية بشكل حقيقي.' مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تم طرحها في 2007 هي بمثابة خطوة جادة وواقعية لإيجاد حل دائم لنزاع الصحراء، و هي لسيت مجرد طرح سياسي، بل تعبير صادق عن إرادة المغرب في إنهاء الجمود السياسي الذي دام لأكثر من خمسة عقود، لتحقيق الاستقرار في منطقة ملتهبة. هو إذن حلً عمليً و حقيقي، ينسجم مع المشروعية الدولية ومع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة التي تدعو إلى البحث عن حل سياسي توافقي، وهو ما أكدته قرار مجلس الأمن 1495/2003، الذي حدد قطع الطريق على الحلول العسكرية أو الانفصالية، و جعل التوافق السياسي هو الإطار الوحيد للنقاش. أثارت عبارة 'حكم ذاتي حقيقي' التي وردت في النقطة السابعة من إحاطة المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا أمام مجلس الأمن نقاشًا واسعًا، لا سيما من طرف الجزائر وجبهة البوليساريو اللتين طالما أبدتا رفضا صريحا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية. و يبدو أن استخدام مصطلح 'GENUINE' قد فتح شهيتهم للطعن في مصداقية المبادرة المغربية مستندين في ذلك على كلمة الوسيط الأممي الذي لم تكن اعتباطية، بل جاء لترسخ توصيفا دبلوماسيا متداولًا منذ سنة 2007، استخدمته العديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا وغيرها، عند حديثها عن المبادرة المغربية، واصفة إياها بأنها 'جديّة ' (Serious)، 'ذات مصداقية ' (Credible/Authentic) و 'واقعية' (Realistic) . وقد وردت هذه المصطلحات في بيانات دولية رسمية تعبر عن موقف داعم للمقترح المغربي كحل سياسي واقعي للنزاع الإقليمي. إن وضع كلمة 'GENUINE' بين معقوفتين في الإحاطة، هي اقتباس مباشر من تصريحات سابقة لبعض الدول، مما يضفي على العبارة شرعية دبلوماسية و يجعل الأمم المتحدة محافظة لغويا على الحياد. غير أن الحساسية الجزائرية المفرطة تجاه أي توصيف إيجابي للمبادرة المغربية تدفعها إلى المبالغة في تأويل الألفاظ ومحاولة تحوير النقاش عن جوهره، ألا وهو البحث عن حل سياسي دائم، متوافق عليه و واقعي، يضمن الاستقرار في المنطقة ويُنهي معاناة ساكنة الرابوبي/تندوف المستمرة منذ عقود. لقد أزال المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا الكثير من اللبس الذي أُحيط بتعبير 'حكم ذاتي حقيقي GENUINE AUTONOMY' حين طالب المملكة المغربية بتقديم توضيحات إضافية حول مضمون مبادرتها، ولا سيما ما يتعلق بالصلاحيات التي ستتمتع بها منطقة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. و بهذا، و من منطلق تفويضه الأممي، نستشف أن ديميستورا لم يخرج عن الإطار المعتمد أمميا في تدخله، بل سعى إلى طلب تفاصيل أكثر عن المبادرة المغربية التي كانت دائمًا توصف من قِبل القوى الكبرى بأنها جدية وذات مصداقية وواقعية. و على عكس تخرصات الجزائر، فإن إفادة المبعوث الأممي هي بمثابة اعتراف ضمني بالطابع السياسي البناء للمبادرة المغربية، خاصة أنها هي البديل السياسي الوحيد و المتين فوق طاولة المفاوضات، عكس المواقف الجزائرية المتصلبة، الداعمة لجبهة البوليساريو التي أوصلت الملف إلى حالة الجمود Stalemate. حرصا منه على استقرار المنطقة وصونا لوحدته الترابية، طرح المغرب سنة 2007 صيغة للحكم الذاتي توازن بين احترام السيادة الوطنية ومنح الصحراء اختصاصات واسعة في إدارة شؤونها. فبينما تحتفظ الدولة المغربية، حسب المبادرة، بصلاحيات سيادية في الدفاع والعلاقات الخارجية والشؤون الدينية والدستورية (كما ورد في الفقرتين 6 و14)، منحت لجهة الحكم الذاتي المرتقبة صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية شاملة، في إطار نظام ديمقراطي محلي يضمن التمثيلية والتدبير الذاتي. إن هذا العرض المغربي يعد نموذجا لتقاسم السلطة في إطار الوحدة الترابية و السيادة المغربية، ويستحق التعاطي الجاد معه، بدلا من التعنت أو الإصرار على حلول غير واقعية ثبت فشلها ميدانيا وسياسيا منذ 2003 حين قررت الأمم المتحدة أن 'التوافق السياسي' هو الحل الوحيد، متجاوزة بذلك خياري 'الاستفتاء و تقرير المصير' و دق آخر مسمار في نعشهما. وإذا كانت مبادرة الحكم الذاتي قد طرحها المغرب في البداية كخيار بديل لإنهاء النزاع في الصحراء، فإنها اليوم باتت الخيار الوحيد الجاد والمدعوم دوليا، لا سيما من طرف قوى كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن، وإسبانيا باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في الإقليم. هذا الزخم الدولي، الذي لم تحظ به أي صيغة (الاستفتاء أو تقرير المصير) أخرى للحل، جعل من مبادرة الحكم الذاتي مرجعية واقعية للعملية السياسية، وهو ما يفسر تصاعد النقاش حول ماهية هذا الحكم الذاتي، تعريفه، وصلاحياته الدقيقة، خاصة في ظل استمرار الجزائر في التشكيك في نوايا المغرب وقدرته على منح الصحراء صلاحيات موسعة في تدبير شؤونها، ضمن إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية. غير أن هذه الشكوك كثيرا ما تغيب عنها الاعتبارات القانونية والعملية، إذ إن المبادرة المغربية، كما صيغت سنة 2007، تنص بوضوح في الفقرتين 12 و 13 على نقل حقيقي للاختصاصات لهيئة محلية منتخبة ديمقراطيا في الأقاليم الجنوبية، تشمل مجالات التشريع والتنفيذ والقضاء داخل الحدود الترابية للجهة، مع ضمان احترام الهوية الثقافية والخصوصية الجهوية للمنطقة. وفي المقابل، تحتفظ الدولة المغربية بالصلاحيات السيادية في ما يخص الدفاع والعلاقات الخارجية والدين والملكية، مما يضمن وحدة البلاد ويحقق مطلب اللامركزية المعمقة. إن هذا التوازن بين الحكم الذاتي الموسع والسيادة الوطنية يجعل المبادرة المغربية نموذجًا واقعيا للحلول السياسية المعقولة التي تراعي خصوصيات النزاعات الإقليمية وتستجيب لتطلعات الساكنة في تقرير مصيرها داخل كيان وطني موحد، بدلًا من الانفصال أو التقسيم. في كتابها ' الحكم الذاتي: حلول مرنة للنزاعات العرقية 'Autonomy: Flexible Solutions to Ethnic Conflicts المنشور سنة 1996، و انطلاقًا من تجارب دولية متعددة في تدبير النزاعات والانقسامات الداخلية، قدمت الباحثة المتخصصة في القانون الدولي، روث لابيدوث Ruth Lapidoth، إطارا نظريا دقيقا لتصنيف أنماط الحكم الذاتي. وأشارت إلى وجود أربعة أنماط رئيسية. أولها الحكم الذاتي الإقليمي، والذي يمنح لإقليم جغرافي محدد ضمن دولة موحدة، ويشمل صلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة، دون المساس بسيادة الدولة على الإقليم، و تعتبر جزر الآزور في البرتغال، إقليم كاتالونيا في إسبانيا، و الصيغة المغربية المقرحة لتدبير الأقليم الجنوبية إحدى نماذج هذا النوع. وثانيها الحكم الذاتي الشخصي، الذي يمنح لمجموعة سكانية محددة ثقافيا أو دينيا، بغض النظر عن توزيعها الجغرافي، ويتيح لها تدبير شؤونها الثقافية واللغوية والدينية، مثل حقوق الأقليات اللغوية في دول البلطيق، وفي رمانيا و هنغاريا و بلغاريا، حيث يتم منح بعض الحقوق للغجر أو اليهود الأرثوذكس لتشكيل مجالس تمثيلية منتخبة تدير شؤونهم الثقافية والتعليمية، ولها الحق في تأسيس مدارس باللغة الرومانية أو بلغاتهم الخاصة. أما النمط الثالث، فهو الحكم الذاتي المؤقت، الذي يغطي فترة انتقالية في إطار تفاوضي أو تسوية سياسية مؤقتة، و يعتبر الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفق اتفاقيات أوسلو أحد هذه النماذج. و أخيرا يتمثل النمط الرابع في الحكم الذاتي الوظيفي، الذي يتيح لمؤسسات أو هيئات تمثيلية إدارة وظائف محددة كالتعليم أو الثقافة دون أن تكون مرتبطة بجغرافيا معينة، و نجد نظام الطوائف في لبنان خير مثال لهذا الصنف. تكشف تصنيفات Lapidothعن تنوع واسع في مفهوم الحكم الذاتي، مما يمنح مرونة قانونية وسياسية كبيرة لتكييفه حسب خصوصيات كل حالة. و في هذا السياق، تندرج المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء ضمن ما يعرف بالحكم الذاتي الإقليمي الموسع، الذي يمنح صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية، مع الحفاظ على السيادة العامة للدولة في الشؤون المركزية كالخارجية والدفاع والدين. ويعد هذا النموذج من أكثر أشكال الحكم الذاتي نضجا في التجارب الدولية المعاصرة، بما يضمن استجابة لتطلعات الساكنة المحلية من جهة، وحفاظا على وحدة الدولة واستقرارها من جهة أخرى، وهو ما يجعل التصور المغربي متقدما و جديا و قابلا للتطبيق الواقعي كما قال وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو. على الرغم من التحديات السياسية التي تطرحها بعض الأطراف، لا سيما الجزائر و جبهة البوليساريو، فإن الدعم الدولي الواسع من دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا يعكس جدية المبادرة في سعيها نحو حل سياسي دائم. و يبقى السؤال: ماذا ستستفيد الجزائر بعد 50 عاما من تغذية صراع إقليمي و تصريحها غير ما مرة بعدم وجود أطماع ترابية لدى قصر المرادية؟ إيطاليا تلغراف محجوب البرش السباعي مركز رأس بوجادور للأبحاث و الدراسات السابق وصول حافلة بركانو النادي القسنطيني التالي التلفزيون 'اغتال' العمل السياسي المباشر

عزلة الجزائر تنتقل إلى السرعة القصوى
عزلة الجزائر تنتقل إلى السرعة القصوى

وجدة سيتي

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • وجدة سيتي

عزلة الجزائر تنتقل إلى السرعة القصوى

رفض المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عقد القمة الثلاثية المزمع تنظيمها في طرابلس، والتي كان من المنتظر أن تجمع رئيس الجمهورية الجزائرية « عبد المجيد تبون » برئيس تونس « قيس سعيد » ورئيس المجلس الرئاسي الليبي « محمد المنفي »؛ ويأتي هذا الرفض الحازم في سياقات إقليمية ودولية دقيقة، جسدتها زيارة وزير الخارجية المغربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقائه بكبار المسؤولين، وعلى رأسهم وزير الخارجية « ماركو روبيو » الذي أعرب عن انخراط بلاده المباشر في تصفية تركة نصف قرن من العربدة الجزائرية في المنطقة، وكذا زيارة « بوريطة » إلى الجمهورية الفرنسية ولقائه بوزير خارجيتها تنزيلا لمضامين الاتفاقات والتفاهمات التي تمت بين جلالة الملك والرئيس « إيمانويل ماكرون » على إثر زيارته الأخيرة للملكة المغربية الشريفة، وتصريحه الواضح باعتراف الجمهورية الفرنسية، في قبة البرلمان، بسيادة المغرب على صحرائه. لقد أوضحت الإحاطة التي أدلى بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة « دي ميستورا » حول انخراط عضوين دائمين في مجلس الأمن، ويقصد أمريكا وفرنسا، بشكل نشط وفعال في تسريع وتيرة القضية الصحراوية، وهو ما يؤشر على تذمر المجتمع الدولي من نزاع طال أمده بلا مسوغات قانونية أو سياسية أو واقعية، كما ينذر بأن ثلاثة أشهر القادمة ستكون حاسمة في طي هذا النزاع الإقليمي المفتعل. من الواضح أن اللعبة « الصحراوية »، التي جعل منها نظام الكابرانات ركيزة من ركائز الحكم، وشماعة يعلق عليها فشله الذريع في ساسة العباد وتسيير شؤون البلاد، بدأت أوراقها تنفرط من بين أصابعه الواحدة تلو الأخرى، وما أزماته الداخلية والخارجية مع فرنسا وإسبانيا ودول الساحل ودول الخليج سوى خير شاهد على الانحطاط الذي بلغته هذه الدولة المارقة؛ وحتى تلك الدول التي كانت، بالأمس القريب، تصطف بجانبه، طمعا في « كرمه » الذي ليس له حدود حينما يتعلق الأمر بمعاكسة المملكة المغربية الشريفة، أمثال ليبيا، بدأت تتجاهله مثلما يتجاهل الصحيحُ الأجذم. منذ أن تم تحرير معبر « الكركرات » بكل مهنية واحترافية، والجزائر تعيش أعتى كوابيسها؛ إلا أنها هذه الأيام تعيش أسوأ ما في هذه الكوابيس؛ وهو ما يفسر الجنون العظيم الذي ألمّ بها حتى عادت دولة « قراصنة » بشكل رسمي، وعادت وزارة خارجيتها تصدر بيانا تنديديا كل يومين، وفي بعض الأحيان كل يوم، وكأنها في حالة حرب، والحقيقة أنها كذلك، مادامت قد وضعت كل بيضها في سلة « الصحراء الغربية »؛ في الوقت الذي أصبحت فيه هذه القضية قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح أثرا بعد عين. حينما ترى تلك المِشية الراقية للسيد « ناصر بوريطة » بمعية كبار المسؤولين الأمريكيين، وترى ابتسامته العريضة في ندواته الصحفية معهم؛ ومع قادة أوروبا التي يجولها طولا وعرضا هذه الأيام؛ وترى بالمقابل، وفي نفس التوقيت، مِشية « تبون » الممسوخة، وضحكته الصفراء الفاقع لونها، وبجانبه الممسوخ « قيس »، واللذان ما خلا أحدهما بالآخر إلا كان الشيطان ثالثهما، تعلم يقينا بأن كل الجنون الذي يصيب هذا النظام هو جنون مُبرر، أو على الأقل جنون يستوعبه العاقل ويتفهمه.

الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية
الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية

بلبريس

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • بلبريس

الحكم الذاتي الحقيقي: قراءة في دلالات الدعم الدولي للمبادرة المغربية

صرح وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو أن" الولايات المتحدة الأمريكية تجدد التأكيد على "اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية و تدعم مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل عادل و دائم للنزاع". في النقطة السابعة من إحاطته، و عند تقديم ملخص حول الموقف الأمريكي الداعم للسيادة المغربية على الصحراء، صرح الوسيط الأممي ديميستورا بما يلي: "دعونا نحلل هذه الرسائل الثلاث معًا، ونرى ما إذا كان يمكننا البناء على ذلك. الرسالة الأولى هي أن الحكم الذاتي يجب أن يكون "حقيقيًا". و هذا يتردد صداه مع اعتقادي وطلبي بضرورة شرح مبادرة الحكم الذاتي المغربية بتفصيل أكبر بكثير، وبالتالي ينبغي تقديم توضيحات كافية لصلاحيات الحكم الذاتي الذي سيمنح للصحراء الغربية بشكل حقيقي." مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تم طرحها في 2007 هي بمثابة خطوة جادة وواقعية لإيجاد حل دائم لنزاع الصحراء، و هي لسيت مجرد طرح سياسي، بل تعبير صادق عن إرادة المغرب في إنهاء الجمود السياسي الذي دام لأكثر من خمسة عقود، لتحقيق الاستقرار في منطقة ملتهبة. هو إذن حلً عمليً و حقيقي، ينسجم مع المشروعية الدولية ومع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة التي تدعو إلى البحث عن حل سياسي توافقي، وهو ما أكدته قرار مجلس الأمن 1495/2003، الذي حدد قطع الطريق على الحلول العسكرية أو الانفصالية، و جعل التوافق السياسي هو الإطار الوحيد للنقاش. أثارت عبارة "حكم ذاتي حقيقي" التي وردت في النقطة السابعة من إحاطة المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا أمام مجلس الأمن نقاشًا واسعًا، لا سيما من طرف الجزائر وجبهة البوليساريو اللتين طالما أبدتا رفضا صريحا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية. و يبدو أن استخدام مصطلح "GENUINE" قد فتح شهيتهم للطعن في مصداقية المبادرة المغربية مستندين في ذلك على كلمة الوسيط الأممي الذي لم تكن اعتباطية، بل جاء لترسخ توصيفا دبلوماسيا متداولًا منذ سنة 2007، استخدمته العديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا وغيرها، عند حديثها عن المبادرة المغربية، واصفة إياها بأنها "جديّة " (Serious)، "ذات مصداقية " (Credible/Authentic) و "واقعية" (Realistic) . وقد وردت هذه المصطلحات في بيانات دولية رسمية تعبر عن موقف داعم للمقترح المغربي كحل سياسي واقعي للنزاع الإقليمي. إن وضع كلمة "GENUINE" بين معقوفتين في الإحاطة، هي اقتباس مباشر من تصريحات سابقة لبعض الدول، مما يضفي على العبارة شرعية دبلوماسية و يجعل الأمم المتحدة محافظة لغويا على الحياد. غير أن الحساسية الجزائرية المفرطة تجاه أي توصيف إيجابي للمبادرة المغربية تدفعها إلى المبالغة في تأويل الألفاظ ومحاولة تحوير النقاش عن جوهره، ألا وهو البحث عن حل سياسي دائم، متوافق عليه و واقعي، يضمن الاستقرار في المنطقة ويُنهي معاناة ساكنة الرابوبي/تندوف المستمرة منذ عقود. لقد أزال المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا الكثير من اللبس الذي أُحيط بتعبير "حكم ذاتي حقيقي GENUINE AUTONOMY" حين طالب المملكة المغربية بتقديم توضيحات إضافية حول مضمون مبادرتها، ولا سيما ما يتعلق بالصلاحيات التي ستتمتع بها منطقة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. و بهذا، و من منطلق تفويضه الأممي، نستشف أن ديميستورا لم يخرج عن الإطار المعتمد أمميا في تدخله، بل سعى إلى طلب تفاصيل أكثر عن المبادرة المغربية التي كانت دائمًا توصف من قِبل القوى الكبرى بأنها جدية وذات مصداقية وواقعية. و على عكس تخرصات الجزائر، فإن إفادة المبعوث الأممي هي بمثابة اعتراف ضمني بالطابع السياسي البناء للمبادرة المغربية، خاصة أنها هي البديل السياسي الوحيد و المتين فوق طاولة المفاوضات، عكس المواقف الجزائرية المتصلبة، الداعمة لجبهة البوليساريو التي أوصلت الملف إلى حالة الجمود Stalemate. حرصا منه على استقرار المنطقة وصونا لوحدته الترابية، طرح المغرب سنة 2007 صيغة للحكم الذاتي توازن بين احترام السيادة الوطنية ومنح الصحراء اختصاصات واسعة في إدارة شؤونها. فبينما تحتفظ الدولة المغربية، حسب المبادرة، بصلاحيات سيادية في الدفاع والعلاقات الخارجية والشؤون الدينية والدستورية (كما ورد في الفقرتين 6 و14)، منحت لجهة الحكم الذاتي المرتقبة صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية شاملة، في إطار نظام ديمقراطي محلي يضمن التمثيلية والتدبير الذاتي. إن هذا العرض المغربي يعد نموذجا لتقاسم السلطة في إطار الوحدة الترابية و السيادة المغربية، ويستحق التعاطي الجاد معه، بدلا من التعنت أو الإصرار على حلول غير واقعية ثبت فشلها ميدانيا وسياسيا منذ 2003 حين قررت الأمم المتحدة أن "التوافق السياسي" هو الحل الوحيد، متجاوزة بذلك خياري "الاستفتاء و تقرير المصير" و دق آخر مسمار في نعشهما. وإذا كانت مبادرة الحكم الذاتي قد طرحها المغرب في البداية كخيار بديل لإنهاء النزاع في الصحراء، فإنها اليوم باتت الخيار الوحيد الجاد والمدعوم دوليا، لا سيما من طرف قوى كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن، وإسبانيا باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في الإقليم. هذا الزخم الدولي، الذي لم تحظ به أي صيغة (الاستفتاء أو تقرير المصير) أخرى للحل، جعل من مبادرة الحكم الذاتي مرجعية واقعية للعملية السياسية، وهو ما يفسر تصاعد النقاش حول ماهية هذا الحكم الذاتي، تعريفه، وصلاحياته الدقيقة، خاصة في ظل استمرار الجزائر في التشكيك في نوايا المغرب وقدرته على منح الصحراء صلاحيات موسعة في تدبير شؤونها، ضمن إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية. غير أن هذه الشكوك كثيرا ما تغيب عنها الاعتبارات القانونية والعملية، إذ إن المبادرة المغربية، كما صيغت سنة 2007، تنص بوضوح في الفقرتين 12 و 13 على نقل حقيقي للاختصاصات لهيئة محلية منتخبة ديمقراطيا في الأقاليم الجنوبية، تشمل مجالات التشريع والتنفيذ والقضاء داخل الحدود الترابية للجهة، مع ضمان احترام الهوية الثقافية والخصوصية الجهوية للمنطقة. وفي المقابل، تحتفظ الدولة المغربية بالصلاحيات السيادية في ما يخص الدفاع والعلاقات الخارجية والدين والملكية، مما يضمن وحدة البلاد ويحقق مطلب اللامركزية المعمقة. إن هذا التوازن بين الحكم الذاتي الموسع والسيادة الوطنية يجعل المبادرة المغربية نموذجًا واقعيا للحلول السياسية المعقولة التي تراعي خصوصيات النزاعات الإقليمية وتستجيب لتطلعات الساكنة في تقرير مصيرها داخل كيان وطني موحد، بدلًا من الانفصال أو التقسيم. في كتابها " الحكم الذاتي: حلول مرنة للنزاعات العرقية "Autonomy: Flexible Solutions to Ethnic Conflicts المنشور سنة 1996، و انطلاقًا من تجارب دولية متعددة في تدبير النزاعات والانقسامات الداخلية، قدمت الباحثة المتخصصة في القانون الدولي، روث لابيدوث Ruth Lapidoth، إطارا نظريا دقيقا لتصنيف أنماط الحكم الذاتي. وأشارت إلى وجود أربعة أنماط رئيسية. أولها الحكم الذاتي الإقليمي، والذي يمنح لإقليم جغرافي محدد ضمن دولة موحدة، ويشمل صلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة، دون المساس بسيادة الدولة على الإقليم، و تعتبر جزر الآزور في البرتغال، إقليم كاتالونيا في إسبانيا، و الصيغة المغربية المقرحة لتدبير الأقليم الجنوبية إحدى نماذج هذا النوع. وثانيها الحكم الذاتي الشخصي، الذي يمنح لمجموعة سكانية محددة ثقافيا أو دينيا، بغض النظر عن توزيعها الجغرافي، ويتيح لها تدبير شؤونها الثقافية واللغوية والدينية، مثل حقوق الأقليات اللغوية في دول البلطيق، وفي رمانيا و هنغاريا و بلغاريا، حيث يتم منح بعض الحقوق للغجر أو اليهود الأرثوذكس لتشكيل مجالس تمثيلية منتخبة تدير شؤونهم الثقافية والتعليمية، ولها الحق في تأسيس مدارس باللغة الرومانية أو بلغاتهم الخاصة. أما النمط الثالث، فهو الحكم الذاتي المؤقت، الذي يغطي فترة انتقالية في إطار تفاوضي أو تسوية سياسية مؤقتة، و يعتبر الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفق اتفاقيات أوسلو أحد هذه النماذج. و أخيرا يتمثل النمط الرابع في الحكم الذاتي الوظيفي، الذي يتيح لمؤسسات أو هيئات تمثيلية إدارة وظائف محددة كالتعليم أو الثقافة دون أن تكون مرتبطة بجغرافيا معينة، و نجد نظام الطوائف في لبنان خير مثال لهذا الصنف. تكشف تصنيفات Lapidothعن تنوع واسع في مفهوم الحكم الذاتي، مما يمنح مرونة قانونية وسياسية كبيرة لتكييفه حسب خصوصيات كل حالة. و في هذا السياق، تندرج المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء ضمن ما يعرف بالحكم الذاتي الإقليمي الموسع، الذي يمنح صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية، مع الحفاظ على السيادة العامة للدولة في الشؤون المركزية كالخارجية والدفاع والدين. ويعد هذا النموذج من أكثر أشكال الحكم الذاتي نضجا في التجارب الدولية المعاصرة، بما يضمن استجابة لتطلعات الساكنة المحلية من جهة، وحفاظا على وحدة الدولة واستقرارها من جهة أخرى، وهو ما يجعل التصور المغربي متقدما و جديا و قابلا للتطبيق الواقعي كما قال وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو. على الرغم من التحديات السياسية التي تطرحها بعض الأطراف، لا سيما الجزائر و جبهة البوليساريو، فإن الدعم الدولي الواسع من دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا يعكس جدية المبادرة في سعيها نحو حل سياسي دائم.

"طلب دي ميستورا معلومات عن "الحكم الذاتي" إحراج حقيقي للمغرب"
"طلب دي ميستورا معلومات عن "الحكم الذاتي" إحراج حقيقي للمغرب"

الخبر

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الخبر

"طلب دي ميستورا معلومات عن "الحكم الذاتي" إحراج حقيقي للمغرب"

الدبلوماسي الصحراوي ماء العينين لكحل في حوار مع "الخبر". كيف تقرأون تصريح دي ميستورا بأن الأشهر الثلاثة ستعرف زخما جديدا، هل هناك مؤشرات تدفع نحو تغير في نسق التعاطي مع الملف دوليا؟ قراءتي للموضوع مختلفة تماما، وما أراه هو أن تصريح المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا يشير إلى الإدراك المتزايد داخل الأمم المتحدة، خاصة داخل الجمعية العامة ولكن أيضا مجلس الأمن، أن الوضع الراهن في الصحراء الغربية لم يعد مقبولا، خاصة بعد استئناف جبهة البوليساريو الكفاح المسلح في نوفمبر 2020 وعودة النزاع إلى المربع الأول نوعا ما، وهو ما فضح تقاعس المنتظم الدول والأمم المتحدة الهائل في حل نزاع تصفية استعمار واضح المعالم ولا لبس فيه، أطرافه واضحة وهي دولة الاحتلال العسكري المعتدية وجبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي المالك الحصري للسيادة على الصحراء الغربية. هذا الزخم وهذا القلق إذا أردتم في تعامل المغرب وبعض الدول التي تسانده، لاسيما فرنسا، يعكس ضغطا دوليا متصاعدا لإيجاد حل يمكّن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير لأن العالم الآن يعيش على صفيح ساخن في أكثر من بؤرة توتر عالمية، تؤثر جميعها بشكل أو آخر على الأمن والسلم الدوليين وتؤثر بالخصوص على الاقتصاد العالمي الهش حاليا بسبب كثرة النزاعات وبسبب فقدان أهم القيادات الدولية للمصداقية وللإقناع، حيث باتت دول تدعي أنها عظيمة تمارس نوعا من السياسة والدبلوماسية التي لا يمكن وصفها إلا بالمراهقة وغير العقلانية. إذا بخلاصة، أرى شخصيا أن كل هذا القلق دليل على أن قضية الصحراء الغربية لم تعد كما كان يصفها البعض بالنزاع منخفض التوتر ولا بالمنسي، بل هي قضية أساسية في صلب التعاطي والتفاوض العالمي وعلى أعلى المستويات، وهذا لا يمكن إلا أن يؤدي إلى حلحلة الوضع نحو الأفضل بإذن الله. هل للموقف الأمريكي علاقة بهذا الزخم؟ الموقف الأمريكي، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو، يظهر تذبذبا في السياسة الأمريكية تجاه القضية الصحراوية. فبينما اعترفت إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في التويتر المشهور سنة 2020، إلا أنه لم يُترجم قط إلى دعم فعلي داخل الأمم المتحدة، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة إما أنها ليست مهتمة بصفة خاصة وعميقة بهذا النزاع، وبالتالي لا تريد أن تتورط فيه أعمق من تورطها الحالي، أو أنها لا ترى أي مصالح حقيقية قد تعود عليها من مثل هذا التورط، خاصة إذا ما علمنا أن المملكة المغربية ليس لديها ما تقدمه فعليا للعملاق الأمريكي، لا ثروات طبيعية ولا وزن سياسي دولي ولا حتى تأثير على العالم العربي أو الإفريقي، ويكفي هنا التذكير بالفشل الذريع للدبلوماسية المغربية في الاتحاد الإفريقي خلال السنوات الأخيرة، وهذا يمكن أن يكون سببا آخر هو عدم قدرة الولايات المتحدة حاليا على فرض رؤيتها الأحادية على المجتمع الدولي الذي بات بحق عالما متعدد الأقطاب ومفتوحا على جميع الاحتمالات. ورغم ذلك، لا يمكن تجاهل الموقف الأمريكي وأهميته، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تبقى حامل القلم في صياغة القرارات المتعلقة بالنزاع داخل مجلس الأمن، وهذا بالمناسبة ضرب آخر من ضروب التناقض، لأن الولايات المتحدة الأمريكية إذا كانت فعلا تعترف نهائيا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية فكيف يمكنها أن تكون مسؤولة أو محايدة في اقتراح أي صياغة لقرارات الأمم المتحدة التي لا تعترف بهذه السيادة، بل وتعترف بأن المغرب قوة احتلال وأن الحل ينبغي أن يشمل تقرير المصير. كيف تقرأون دعوة دي ميستورا المغرب، مدعما الطلب الأمريكي، لتقديم تفاصيل أكثر عن مخطط الحكم الذاتي؟ الإعلام المغربي صور ذلك بأنه تحضير أممي لجعل الحكم الذاتي أرضية للمفاوضات المقبلة، ما رأيكم؟ هذا الطلب في حد ذاته هو دليل واضح على تهافت وتناقض الموقف الأمريكي وموقف أي دولة تدعم هذا الحكم الذاتي المزعوم، فحتى الأمريكان والأمم المتحدة لا يعلمون شيئا عن تفاصيل أو فكرة هذا المخطط الذي صمَّت به المغرب وفرنسا آذان العالم منذ 2007، وبالتالي أفهم من طلب دي ميستورا من المغرب تقديم تفاصيل إضافية حول مقترح الحكم الذاتي بأنه محاولة منه لتحريك الملف التفاوضي، وعلى الأقل فهم ماهية الحكم الذاتي لأن خيار الاستقلال في استفتاء عادل وحر مفهوم للجميع كخيار، وبالتالي، في نظري المتواضع، لا يعني هذا الطلب بتاتا تبني الأمم المتحدة لهذا المقترح كأرضية وحيدة للمفاوضات لأن هذا التبني مستحيل، فهو غير قانوني وغير منطقي وغير واقعي، وهو انتهاك تام ونهائي لأبسط مقتضيات القانون الدولي وضرب لحق كل شعوب المعمورة في تقرير المصير والاستقلال. وعلى العكس تماما، أعتقد أن طلب دي ميستورا سيضع المملكة المغربية في حرج حقيقي، فعليها الآن أن تفصل في مشروعها للحكم الذاتي وأن تطرح حججها القانونية التي تبرر القبول بهذا الخيار، وأكثر من ذلك عليها أن تبين للعالم كيف ستدرج هذا الحكم الذاتي في دستورها الذي يسن على ملكية شمولية يحكم فيها الملك ويسود وحده. وأكثر من ذلك وأخطر هو أنه سيكون على المملكة الآن أن تشرع في تفكيك بنيتها الإدارية والسياسية وأن تمنح من الآن حكما ذاتيا أو استقلالا لمنطقة الريف ولمراكش ولسوس، وربما حتى لما تسميه الآن جنوب المغرب وأسميه شخصيا المناطق الشمالية المغتصبة من الصحراء الغربية منذ خمسينيات القرن الماضي والتي لم يشملها للأسف الشديد قرار الجمعية العامة 1514. على كل حال، ينبغي أن نذكر الجميع بأن جبهة البوليساريو لم ترفض بتاتا أن يتم إدراج الحكم الذاتي كخيار مع خيار الاستقلال بشرط أن يستفتى الشعب الصحراوي وحده ليختار لنفسه ما يريده مستقبلا لوطنه ولبلاده، لأنه كما أسلفت هو المالك الحصري والوحيد للسيادة على أرض وبحر وسماء وثروات الصحراء الغربية وليس المغرب ولا الأمم المتحدة ولا أمريكا أو فرنسا التي يبحث المغرب عن السيادة عندهما، متناسيا أنهما لا يملكان ما يريده منهما. قال دي ميستورا في إحاطته "نؤكد على أهمية التفاوض الفعلي بين الأطراف، بما يستوجب توفير آلية موثوقة لتقرير المصير"، كيف قرأتم التصريح؟ نعم، هذا هو بالضبط ما رميت إليه، تصريح دي ميستورا يريد التأكيد أن الأمم المتحدة حتى الساعة لم تنجح بتاتا في تسهيل تفاوض حقيقي بين طرفي النزاع، وذلك أمر واقع لأن المغرب رفض دائما الالتزام بقواعد التفاوض ووضع دائما العراقيل والشروط المسبقة لأي تفاوض، مدعيا أنه لن يتفاوض إلا على مقترحه غير الشرعي والمرفوض من قبل الشعب الصحراوي منذ 1974، تاريخ سعي الدولة الإسبانية لاقتراح حكم ذاتي للصحراء الغربية تحت الحكم الإسباني، وبالتالي دعوة دي ميستورا مشروعة ومنطقية، حيث إنه يريد دعم المجلس له لفرض عقد مفاوضات حقيقية، مبنية على القانون الدولي، للخروج بحل مبني على القواعد ذات الصلة المتعلقة بتصفية الاستعمار ولتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير كما تقول كل قرارات الجمعية العامة منذ الستينيات ومجلس الأمن منذ السبعينيات. وعليه، فالجميع يدرك أن كل هذه البهلوانيات السياسية والدبلوماسية والإعلامية المغربية لا يمكن بتاتا أن تنجح في تفادي حقيقة بسيطة مفادها أن ممارسة تقرير المصير لا يمكن إلا أن تكون عبر استفتاء للشعب الصحراوي. ليس هناك أي حل آخر اللهم إلا إذا أدرك المغرب أن عليه ببساطة التفاوض مع جبهة البوليساريو على شروط الجلاء والانسحاب من كافة أراضي الصحراء الغربية، كما اقترحت الجبهة بالمناسبة في مقترحها منذ 2007، وهو المقترح الذي يذكر في نفس الفقرة دائما مع المخطط المغربي في كل قرارات مجلس الأمن. هذا أيضا يمكن أن يكون حلا واقعيا ومقبولا للطرفين، يسمح للشعب الصحراوي بممارسة حقه في تقرير المصير وفي نفس الوقت يحفظ للمغرب ماء الوجه لأنه سيكون انسحابا بإرادته ووفق تفاهمات اقتصادية، سياسية، وأمنية واضحة ومضمونة من المنتظم الدولي. المغرب يقول إنه في طريق حسم القضية لصالحه بعد توالي الاعترافات الداعمة لمقترحه وسيادته على الصحراء، خاصة بعد الموقفين الإسباني والفرنسي وحاليا الموقف الأمريكي بعد تصريحات روبيو، ما هو ردكم؟ هذا هو نفس الادعاء الذي أطلقه شارل ديغول في خمسينات القرن الماضي حول ملكية الدولة الفرنسية للجزائر، وهو نفس كلام وتصريحات سلطات "الأبارتايد" في جنوب إفريقيا وناميبيا والأمثلة على ذلك كثيرة. تصريحات استعمارية مفهومة، لأن سلطة الاحتلال ومنطق الاستعمار لا يملك أي شرعية ولا يستطيع الحصول على أي شرعنة لاحتلاله، وبالتالي يبحث عن هذه الشرعية والشرعنة لدى قوى أكبر منه طمعا في دعمها ومساندتها له. ولكن ما ينبغي التذكير دائما به هو أن فرنسا لا تملك الصحراء الغربية ولا الولايات المتحدة ولا إسبانيا تملكها لتعطيها لمن لا يستحقها. إذا اعترافات الدول، مثل إسبانيا وفرنسا، أو حتى اعترافات مجموعات أكبر من الدول والمنظمات لو وجدت، لا تُغيّر من الوضع القانوني للصحراء الغربية كإقليم مستعمر ولا تغير شيئا من حقيقة أن المغرب دولة احتلال واعتداء ولا تغير شيئا من أن المغرب لا سيادة شرعية له على الإقليم ولا تغير من حقيقة أن جبهة البوليساريو هي الطرف الثاني في النزاع والممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ولا تغير من حقيقة أن هذا الشعب هو الوحيد السيد على أرضه وهو مالك القرار فيها، وأخيرا لا تستطيع أن تلغي حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفي استقلاله وحريته .

ما وراء حجم استنفار حكام جارة السوء في لقاء عادي لكرة القدم؟
ما وراء حجم استنفار حكام جارة السوء في لقاء عادي لكرة القدم؟

كواليس اليوم

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • كواليس اليوم

ما وراء حجم استنفار حكام جارة السوء في لقاء عادي لكرة القدم؟

بدر سنوسي لم يفهم أي أحد الخطاب الذي تحاول فيه عصابة السوء توجيهه، من خلال لقاء رياضي عادي، بين نهضة بركان وشباب قسنطينة الجزائري، وهو اللقاء الذي حولته بلاد العالم الاخر الى قضية سياسية، بعيدة كل البعد عن التنافس الشريف الذي وجب ان تتسم به كرة القدم… ويبدو ان حكام الجزائر يعنبرون اللقاء الذي سيجمع نهضة بركان أمام شباب قسنطينة الجزائري، لحساب ذهاب نصف نهائي كأس الكونفدرالية، قضية وطنية، لانقاد ما يمكن انقاذه في ظل النكسات المتتالية على جميع الأصعدة، الاقتصادية منها والسياسية من قبيل عزلة النظام العسكري اقليميا ودوليا، والهزائم الديبلوماسية التي مني بها النظام في الشهور الأخيرة، كان آخرها، تقرير المبعوث الاممي دي ميستورا … ويكفي انه على عكس المقابلات الماضية التي أجرتها الفرق الجزائرية التي شاركت سواء في دوري ابطال افريقيا او كاس الكنفدرالية منها (مولودية الجزائر وشباب قسنطينة واتحاد العاصمة) فقد وضع الاتحاد الجزائري لكرة القدم مركز 'سيدي موسى المخصص للفريق الوطني الجزائري' رهن إشارة فريق مدينة قسنطينة، من أجل التحضير للمواجهة، كما قررت الحكومة الجزائرية، عبر وزارة الشباب والرياضة، التكفل بكافة مصاريف تنقل النادي إلى المغرب ذهاباً وإياباً، (عبر رحلة خاصة) وأيضا الإقامة وغيرها، كدعم منها للفريق أمام نهضة بركان. خبث النظام وصلت الى مستويات متدنية، من خلال رسالة دعم، وجهها وزير الرياضة وليد صادي للاعبي نادي قسنطينة، اعتبرت تجييشا صريحا للفريق الجزائري، جاء فيها ' ان الفريق لا يمثل المدينة فقط بل يحمل امال كل الجزائريين'، وان ' المطلوب منكم أن ترفعوا الراية الوطنية، لبلد المليون ونصف شهيد' حسب إذاعة قسنطينة، مضيفا ان الرئيس ال ' تبون' وجه دعما خاصا لمكونات فريق شباب قسنطينة'. وجاءت تصريحات الوزير الكرغولي، لتعكس مدى حجم الاستنفار الرسمي المرافق لمباراة كروية، ما اعتبره متتبعون 'حمولة مفرطة' لمواجهة رياضية عادية في منافسة قارية، تحوّلت في الذهن السياسي ل' طبقة الزوالية ' إلى مناسبة للتجييش، خصوصاً أن المنافس فريق مغربي… وفي موضوع دي صلة، وجه الاتحاد الجزائري لكرة القدم مراسلة إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يُعلمها من خلالها بأن بعثة الفريق ستضم 59 فرداً، وفي إطار الترتيبات اللوجستية ايضا، طلب الاتحاد الجزائري تخصيص وسائل نقل متعددة لضمان تنقل مريح للبعثة، من بينها حافلة كبيرة بسعة 50 مقعداً، وأخرى صغيرة بسعة 20 مقعداً موجهة للطاقم التقني والطبي، بالإضافة إلى سيارة مخصصة لرئيس الوفد، ومركبة من نوع 'Mini Van' لنقل الأمتعة والمعدات الرياضية الخاصة بالفريق. ويبقى السؤال المطروح، ما هي المهمة المنوطة بالضب، ل 35 شخصا سيرافقون 22 لاعبا، باعتبار (حسب لوائح وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فانه يجوز لكل فريق تسجيل فقط 11 لاعبا في قائمة اللاعبين الرسميين، إضافة الى 11 لاعبا في كرسي الاحتياط…علما انه حسب طلب فريق شباب قسنطينة ان البعثة لا تضم الصحفيين…وما لفت الانتباه أيضا صباح يوم الجمعة 18 ابريل الجاري، عندما حلت بعثة نادي قسنطينة في مطار انجاد الدولي بوجدة ان البسة اللاعبين كتب عليها الجزائر بالفرنسية، عوض كتابة (اسم النادي) كما هو متداول في البسة جميع النوادي العالمية… !! ومهما يكن من امر في مخيلة جارة السوء، فبعثة نادي شباب قسنطينة، خصص لها في مطار وجدة، استقبال كبير يعبر على الصدر الرحب الذي يتخلق به المغاربة قاطبة من طنجة الى الكويرة…

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store