أحدث الأخبار مع #راميأبوجاموس


الجزيرة
منذ 2 أيام
- سياسة
- الجزيرة
"نحن نعيش الموت": صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس
يقدم الصحفي رامي أبو جاموس في يومياته لـ"أوريان 21″ شهادة مؤثرة وعميقة عن المأساة المستمرة التي يعيشها سكان قطاع غزة. فبعد أن اضطر إلى مغادرة منزله في مدينة غزة مع عائلته في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تحت تهديد الجيش الإسرائيلي، تنقل أبو جاموس وعائلته قسرا بين رفح ودير البلح والنصيرات، ليجسدوا بذلك معاناة مئات الآلاف من النازحين داخل هذه "المنطقة البائسة والمكتظة". تبرز شهادة أبو جاموس الجانب المأساوي في خطة التهجير القسري والدمار الشامل. فبالنسبة له، فإن العملية الإسرائيلية المسماة " عربات جدعون" لا تخفي هدفا غير معلن، بل تسعى علنا إلى "دفع جميع سكان غزة للتحرك نحو البحر، نحو الجنوب، نحو رفح، المدينة التي دمرها جيش الاحتلال بالكامل تقريبا". ويرى أبو جاموس أن الاسم الرمزي للعملية الإسرائيلية الجديدة مثير للاهتمام، قائلا "كما هو الحال دائمًا، هناك دلالة دينية، لكنها تشير أيضًا إلى التاريخ، فقد أطلق اليهود عام 1948 اسم "عملية جدعون" على الهجوم الذي شنته المليشيات اليهودية على قرية بيسان الفلسطينية الإستراتيجية، والتي تم تهجير سكانها باتجاه الأردن، وليس من قبيل المصادفة أن يختار الجيش الإسرائيلي هذا الاسم لعملية التهجير الجديدة"، وفقا للكاتب. ويلفت هنا إلى أن 90% من المساكن قد دمرت في رفح ، مؤكدا أن الهدف هو ترحيل 2.3 مليون شخص إلى بلدان أجنبية. ويصف أبو جاموس ما يحدث بأنه "نكبة جديدة" تهدف إلى استكمال ما بدأ عام 1948، ليتم احتلال فلسطين كلها من قبل إسرائيل. ويزداد المشهد قتامة مع إشارته إلى الاستخدام الإسرائيلي للمرجعيات الدينية لتبرير الدمار، فاستخدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمصطلح "عماليق" في بداية الحرب كان إشارة إلى نص في التوراة يدعو إلى دمار كامل لا يستثني "رجالا ولا نساء ولا أطفالا ولا رضّعا ولا أجنة، فضلا عن الماشية والخيول والمساكن". ويصف أبو جاموس هذا بأنه "أسوأ إرهاب دولة ممكن"، متسائلا: لماذا لا يطلق عليه اسم "الإرهاب اليهودي". كما يكشف عن خطة إسرائيل لتقسيم غزة إلى 5 أجزاء، مع "ممرات للتعذيب" حيث تتم تصفية النازحين ودفعهم جنوبا، مع استمرار "المجازر". ويشير إلى أن ما بين 400 ألف و600 ألف شخص بقوا في الشمال محاصرين يتضورون جوعًا، "يأكلون التبن والعشب في الشارع، ويغلون الماء الملوث ليشربوه". وفي خضم هذا اليأس، يبرز أبو جاموس صلابة سكان غزة ووصولهم إلى نقطة اللامبالاة بين الحياة والموت. فرغم معرفتهم بقوة الجيش وقدرته على ارتكاب المجازر بحق من لا يطيع أوامر الإخلاء، فإن كثيرين قرروا البقاء. ويضيف أبو جاموس بحسرة: "حياتهم أو موتهم، الأمر سيان بالنسبة لهم. هم منهكون جدا ليتنقلوا مرة أخرى". ويضيف أن المنطقة التي تدعى "إنسانية" في المواصي تتعرض "للقصف يوميا تقريبا… ويستهدفون خيام النازحين، وتُقتل عائلات بأكملها". ويوضح أننا "نواجه أسدًا يمزقنا، ويقتلنا، ويذبحنا، ولكنه ليس وحيدا، فخلف هذا الأسد هناك نمور وفهود وتماسيح تدعمه"، مبرزا أن الوضع يتطلب من الفلسطينيين في الوقت الحالي الحكمة أكثر مما يتطلب الشجاعة، إذ إن النجاح الحالي هو في تفادي تهجير أهل غزة عن أرضهم. ويختتم أبو جاموس شهادته بعبارة تختصر المأساة الوجودية: "نحن أحياء، نتنفس، لكننا نعيش الموت، ولن نغادر". ويعتقد أن العالم رغم إحجامه عن نطق كلمة " إبادة جماعية"، قد "فهم أننا نعيش إبادة جماعية".


الجزيرة
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
صحفي بغزة: مساكين هؤلاء الجنود أرهقهم قصفنا
كتب الصحفي رامي أبو جاموس أنه لا يقرأ اللغة العبرية، ولكنه يطلع بانتظام على المواقع التي تترجم وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقد وجد فيها أن قادة الجيش الإسرائيلي يقولون إن الجيش منهك بعد 19 شهرا من الحرب في غزة. وقال في مذكرته على موقع أوريان 21 التي نال بها جائزة الصحافة المكتوبة وجائزة غرب فرنسا ضمن جائزة بايو لمراسلي الحرب، إن رد فعله الأول على هذه المعلومات هو الضحك، ثم تساءل هل تعب الجلاد من كثرة الضرب؟ وهل هؤلاء الجنود على علم بما يفعلون؟ وتابع أبو جاموس "أتخيل معاناة هؤلاء الجنود المساكين، من طياري المقاتلات المنهكين من إلقاء أطنان القنابل التي تدمر المنازل وتقتل عائلات بأكملها، ومن مشغلات المسيرات (غالبا من النساء) من القتلة اللائي تعبت أصابعهن من الضغط على الزر الذي يشعل النار في الخيام والمدارس كما في ألعاب الفيديو، ناهيك عن مشغلي طائرات المراقبة الذين أرهقت أعينهم من التجسس علينا، ثم أصحاب الدبابات الذين ملت أيديهم من إطلاق القذائف التي تمحو أحياء بأكملها.. مساكين هؤلاء الجنود، مرهقون من قصفنا ومراقبتنا، ومن معاقبتنا. وإذا كان الجلاد متعبا جدا فماذا يجب أن يقول الضحية؟". ماذا يقول من يعيشون تحت المسيرات؟ وتساءل الكاتب ماذا يجب أن يقول عشرات الآلاف من الناس الذين أجبروا على الانتقال من مكان إلى آخر للمرة الألف؟ وماذا يجب أن يقول من يعيشون تحت الخيام في ظروف مروعة.. لم يأكلوا ولم يشربوا لأكثر من شهرين؟ وماذا يجب أن يقول أهل غزة الذين يتعرضون للقصف ليلا ونهارا؟ ماذا يجب أن تقول النساء والأطفال المصطفون على أمل الحصول على طبق من العدس أو الأرز أو للذهاب إلى الحمام؟ وماذا يجب أن يقول رجال يقضون أيامهم في محاولة العثور على عمل صغير أو نوع من المساعدة؟ وماذا يجب أن يقول من فقدوا عائلاتهم وأطفالهم ومنازلهم وأعمالهم؟ ماذا يجب أن يقول مبتورو الأطراف والمشوهون الذين فقدوا بصرهم؟ ثم ماذا يجب أن يقول من يعيشون هذه المعاناة كل ثانية، وسط ضجيج الطائرات المسيرة المتواصل، ولا يجدون مكانا آمنا يلجؤون إليه؟ فقد كان جيش الاحتلال يقول "من أجل سلامتكم انتقلوا إلى المناطق الإنسانية" التي لا توجد، ولكنه تخلى عن هذا الوهم. ماذا يجب أن يقول المرضى والجرحى الذين يعانون من السرطان والتهاب الكلى والسكري ولم تعد لديهم العلاجات اللازمة؟ وماذا يجب أن يقول أطباء الطوارئ الذين يعملون 24 ساعة يوميا تقريبا؟ وما الذي يجب أن تقوله الممرضات وهن يواجهن باستمرار رؤية أسوأ الفظائع التي يرتكبها الجلاد "المنهك" ويرين كل يوم أجساد الأطفال الممزقة وقطع الرؤوس؟". ويتذكر أبو جاموس شهادة طبيب الطوارئ الفرنسي رافائيل بيتي المنهك نفسيا بعد أشهر في غزة، فقد قال إنه لم يشاهد أبدا ما شاهده في غزة، وهو مقتنع أنه لن يشاهده مرة أخرى، وهو لا يفهم لماذا يظل العالم صامتا، وأصبح يشك في بقية البشرية. المجازر تستمر والإسرائيليون يصورون أنفسهم ويتابع أبو جاموس أن أهل غزة وصلوا حد الإرهاق، ولا أحد يستطيع أن يتحمل ما يعيشونه بين الموت والحياة، وأسوأ ما يعانونه هو عدم القدرة على حماية عائلاتهم، ورؤية أحبائهم يعانون دون القدرة على توفير العلاج لهم. إعلان ويضيف "ثم أفكر في هؤلاء الجنود "المنهكين"، فهم يقضون شهرين أو 3 في الميدان قبل أن يستريحوا. وهم ليسوا جياعا ولا عطاشا. وعندما ينتهون من عملهم في "حماية إسرائيل" الذي تقوم على قتل أكبر عدد ممكن من الناس في غزة، يعودون إلى ديارهم بهدوء". "هؤلاء الجنود -كما يقول الكاتب- يسافرون، ويغيرون محيطهم لأنهم ليسوا على ما يرام من الناحية النفسية. ونحن نعيش إبادة جماعية، جسدية ونفسية وإعلامية وعسكرية. وهذا يحدث أمام أعين العالم أجمع، ولا أحد يتحرك". أما نحن -كما يقول الكاتب الغزاوي- فقد عشنا في قفص لمدة 19 شهرا، ولا يمكننا تغيير الهواء. خلفيتنا الوحيدة هي الدمار الشامل، والدماء التي تسيل من أجساد الأطفال والأسر الممزقة، وفكرة أن عائلات بأكملها لا تزال ترقد تحت الأنقاض. فقدنا إنسانيتنا. أسوأ شعور هو الشعور بالتعب من الإذلال. لقد سئمنا من الخوف، ومن الإجبار المستمر على الانتقال، ومن العيش تحت الخيم، ومن عدم العثور على طعام لابن جائع، تعبنا من رؤية أحبابنا وأصدقائنا يموتون كل يوم دون القدرة على دفنهم، لتبقى جثثهم على الأرض تلتهمها الحيوانات". "سئمنا هذا الشعور بالعجز، ومن تخلي الجميع عنا، من الشعور بأننا لم نعد بشرا، كما قال وزير الحرب الإسرائيلي السابق الذي أطلق علينا لقب "حيوانات بشرية"، هذا الشعور يأكلنا من الداخل ويدمر القوة التي تبقى فينا". وختم الكاتب بالدعاء ساخرا، بإجازة سعيدة في تايلند للجنود الذين يحتاجون إلى تغيير المشهد، وقال "أنا أفهمهم. لقد سئموا جدا من قتلنا وتدميرنا وإذلالنا. آمل أن يستمتعوا بتدليك تايلندي، وأتمنى أيضا أن يشعروا يوما ما بالندم ويخرجوا من الصمت". "سوف نجد السعادة مرة أخرى وسنبقى على أرضنا. وسوف يتحول هذا التعب إلى شجاعة وقوة لإعادة بناء كل شيء".