#أحدث الأخبار مع #رايميندوزا،المدن٢٦-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالمدن"الحرب": مَن قاتل الأميركيون في الرمادي؟"لتصنع فيلماً عن الحرب، عليك أن تطلق النار على الجمهور"، تلك العبارة المنسوبة إلى المخرج والناقد الفرنسي فرنسوا تروفو، كان يقصد بها أن أفلام الحرب بغض النظر عن نوايا صنّاعها، تميل إلى تمجيد الحرب والإثارة المرتبطة بها، أي أنها بطبيعتها مؤيدة للحرب. ينضم فيلم وبحسب مخرج الفيلم، وزميله في الإخراج، راي ميندوزا، جندي البحرية السابق الذي قاتل في ذلك الاشتباك، فإن الفيلم يتوخى الدقة ويعتمد على ذكريات المشاركين في القتال. والهدف من ذلك النقل المعتني بأدق التفاصيل، هو تقديم تجربة الحرب للجمهور بكامل أبعادها المروعة. كما في كثير من أفلام الحرب الأميركية، تتماهى هوليوود مع البنتاغون، بحيث يصبح من العسير التمييز بينهما. وفي أحيان كثيرة، يشارك الجيش الأميركي بمعداته وأسلحته وقواعده في تصوير أفلام الحرب، وفي حالتنا هذه فإن أحد مخرجي الفيلم جندي مارينز سابق، وتتبادل مناظير بنادق القناصة وعدسات الكاميرات الأدوار بين الحرب وأفلامها. وتعني الدقة هنا، سرد الحرب بشكل أحادي، ومن طرف واحد، هو طرف الجنود الأميركيين بالطبع. يدور الفيلم حول فريق من قوات البحرية الخاصة، يتم إرساله إلى مدينة الرمادي العراقية لاحتلال عدد من المنازل، وذلك من أجل تقديم الدعم لقناصة قوات المارينز المنخرطة في حرب شوارع بالقرب من المدينة. يهمين على الفيلم شعور غامر برهاب الأماكن المغلقة، فالفريق بعد أن يسيطر على أحد المنازل ويُرغم سكانه على الخضوع، يتعرض للهجوم ويتضح أنه محاصر في منطقة معادية، وعليه الانتظار حتى يصله الدعم من الخارج. يعتمد الفيلم على عامل الإثارة التي يقودها الترقب بشأن مصير الجنود، فهل يستطيع الفريق البقاء على قيد الحياة حتى تصله النجدة؟ وتُقاطع حبل التوتر المشدود، لحظات متفجرة من الرعب والصخب، وكرنفال مروع من مشاهد الدماء والأطراف المبتورة. كما في ألعاب الفيديو، نرى المعركة من زاوية نظر مطلق النار، هكذا يتوحد المشاهد مع الجندي الأميركي، وبالطبع لا تتحول الكاميرا أبداً لتطلق النار على المشاهدين. فالرصاص لا يهددهم بل هو موجّه نحو الآخرين. والحال أن البداية الحقيقة لتقاليد سينما الحرب، وبالأخص الأميركية، ترتبط بإنتاج أفلام تصور معارك الحرب العالمية الثانية، وهي الحرب التي تتيح الفصل السهل والحاسم بين "الأخيار" أي قوات الحلفاء، و"الأشرار" من ممثلي قوات دول المحور. لكن في فيلمنا هذا، حتى ثنائية الخير والشر الساذجة تغيب. فالعراقيون غائبون عن الفيلم، سكان الشقة التي يتم الاستيلاء عليها مجرد ضوضاء مكتومة في الخلفية، والكاميرا عبر لقطات بعيدة جداً بالكاد تظهر المقاتلين العراقيين في الخارج، وهم يتجهون نحو المبنى عبر طرق ترابية وأسطح منازل رثة. بعد أكثر من عقدين على غزو العراق، حيث سقط أكثر من نصف مليون عراقي، وعلى خلفية حرب أخرى مدعومة أميركياً في غزة هي أقرب إلى مذبحة جماعية متواصلة، يقدم فيلم "الحرب" موضوعه بلا سياق، وهو يقتطع اشتباكاً وحيداً من الحرب الطويلة التي دامت عقداً كاملاً، ويركز عليه من دون النظر في المقدمات والدوافع والنتائج. الفيلم الذي تصفه المراجعات الإيجابية بأنه أكثر أفلام الحروب واقعية، وتعتبره هجاء للحرب، يقوم بالعكس تماماً. في غياب السياق وغياب الآخر العراقي، تبدو الحرب وكأنها شيء حدث للأميركيين بالصدفة. لا يجد المشاهد أمامه سوى التعاطف مع الجنود الأميركيين المحاصرين، وتبجيل الشجاعة والتضامن والتضحية والبطولية التي يبديها هؤلاء الجنود، أي تلك اللائحة الطويلة من الصفات الإيجابية التي تنتهي إليها معظم أفلام الحرب، إن لم يكن جميعها.
المدن٢٦-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالمدن"الحرب": مَن قاتل الأميركيون في الرمادي؟"لتصنع فيلماً عن الحرب، عليك أن تطلق النار على الجمهور"، تلك العبارة المنسوبة إلى المخرج والناقد الفرنسي فرنسوا تروفو، كان يقصد بها أن أفلام الحرب بغض النظر عن نوايا صنّاعها، تميل إلى تمجيد الحرب والإثارة المرتبطة بها، أي أنها بطبيعتها مؤيدة للحرب. ينضم فيلم وبحسب مخرج الفيلم، وزميله في الإخراج، راي ميندوزا، جندي البحرية السابق الذي قاتل في ذلك الاشتباك، فإن الفيلم يتوخى الدقة ويعتمد على ذكريات المشاركين في القتال. والهدف من ذلك النقل المعتني بأدق التفاصيل، هو تقديم تجربة الحرب للجمهور بكامل أبعادها المروعة. كما في كثير من أفلام الحرب الأميركية، تتماهى هوليوود مع البنتاغون، بحيث يصبح من العسير التمييز بينهما. وفي أحيان كثيرة، يشارك الجيش الأميركي بمعداته وأسلحته وقواعده في تصوير أفلام الحرب، وفي حالتنا هذه فإن أحد مخرجي الفيلم جندي مارينز سابق، وتتبادل مناظير بنادق القناصة وعدسات الكاميرات الأدوار بين الحرب وأفلامها. وتعني الدقة هنا، سرد الحرب بشكل أحادي، ومن طرف واحد، هو طرف الجنود الأميركيين بالطبع. يدور الفيلم حول فريق من قوات البحرية الخاصة، يتم إرساله إلى مدينة الرمادي العراقية لاحتلال عدد من المنازل، وذلك من أجل تقديم الدعم لقناصة قوات المارينز المنخرطة في حرب شوارع بالقرب من المدينة. يهمين على الفيلم شعور غامر برهاب الأماكن المغلقة، فالفريق بعد أن يسيطر على أحد المنازل ويُرغم سكانه على الخضوع، يتعرض للهجوم ويتضح أنه محاصر في منطقة معادية، وعليه الانتظار حتى يصله الدعم من الخارج. يعتمد الفيلم على عامل الإثارة التي يقودها الترقب بشأن مصير الجنود، فهل يستطيع الفريق البقاء على قيد الحياة حتى تصله النجدة؟ وتُقاطع حبل التوتر المشدود، لحظات متفجرة من الرعب والصخب، وكرنفال مروع من مشاهد الدماء والأطراف المبتورة. كما في ألعاب الفيديو، نرى المعركة من زاوية نظر مطلق النار، هكذا يتوحد المشاهد مع الجندي الأميركي، وبالطبع لا تتحول الكاميرا أبداً لتطلق النار على المشاهدين. فالرصاص لا يهددهم بل هو موجّه نحو الآخرين. والحال أن البداية الحقيقة لتقاليد سينما الحرب، وبالأخص الأميركية، ترتبط بإنتاج أفلام تصور معارك الحرب العالمية الثانية، وهي الحرب التي تتيح الفصل السهل والحاسم بين "الأخيار" أي قوات الحلفاء، و"الأشرار" من ممثلي قوات دول المحور. لكن في فيلمنا هذا، حتى ثنائية الخير والشر الساذجة تغيب. فالعراقيون غائبون عن الفيلم، سكان الشقة التي يتم الاستيلاء عليها مجرد ضوضاء مكتومة في الخلفية، والكاميرا عبر لقطات بعيدة جداً بالكاد تظهر المقاتلين العراقيين في الخارج، وهم يتجهون نحو المبنى عبر طرق ترابية وأسطح منازل رثة. بعد أكثر من عقدين على غزو العراق، حيث سقط أكثر من نصف مليون عراقي، وعلى خلفية حرب أخرى مدعومة أميركياً في غزة هي أقرب إلى مذبحة جماعية متواصلة، يقدم فيلم "الحرب" موضوعه بلا سياق، وهو يقتطع اشتباكاً وحيداً من الحرب الطويلة التي دامت عقداً كاملاً، ويركز عليه من دون النظر في المقدمات والدوافع والنتائج. الفيلم الذي تصفه المراجعات الإيجابية بأنه أكثر أفلام الحروب واقعية، وتعتبره هجاء للحرب، يقوم بالعكس تماماً. في غياب السياق وغياب الآخر العراقي، تبدو الحرب وكأنها شيء حدث للأميركيين بالصدفة. لا يجد المشاهد أمامه سوى التعاطف مع الجنود الأميركيين المحاصرين، وتبجيل الشجاعة والتضامن والتضحية والبطولية التي يبديها هؤلاء الجنود، أي تلك اللائحة الطويلة من الصفات الإيجابية التي تنتهي إليها معظم أفلام الحرب، إن لم يكن جميعها.