logo
#

أحدث الأخبار مع #ريبوارأحمد

جرائم العنف الأسري في كردستان صدمات متكررة من دون تفسير
جرائم العنف الأسري في كردستان صدمات متكررة من دون تفسير

Independent عربية

time٠٩-٠٤-٢٠٢٥

  • Independent عربية

جرائم العنف الأسري في كردستان صدمات متكررة من دون تفسير

شهد إقليم كردستان العراق خلال مارس (آذار) الماضي موجة صادمة من جرائم العنف على المستوى الأسري والاجتماعي تجاوزت في بعض حالاتها الحدود الفردية لتتحول إلى "مذابح عائلية مروعة". وهذه الموجة أثارت تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التصاعد ودور العوامل الاجتماعية والنفسية، فضلاً عن التأثير المحتمل للتغطية الإعلامية "غير المسؤولة" في إذكاء العنف. من بين الجرائم الأكثر إثارة للصدمة إقدام طبيب على قتل زوجته وشقيقتها ووالديهما بالرصاص إثر ارتباطه سراً بزوجة ثانية قبل أن تعتقله الشرطة. وبعد نحو أسبوع وقعت صدمة أشد في السليمانية عندما أقدم شاب في قرية تابعة لمنطقة شارزو بقتل خمسة من أفراد عائلته بالرصاص، وهم والداه وشقيقتاه، فضلاً عن أحد أشقائه قبل أن ينتحر. الشرطة أكدت أن الجاني عاد أخيراً من أوروبا حيث كان يقيم في بريطانيا منذ أعوام وارتكب جريمته إثر خلاف عائلي، لكن أقرباء للأسرة المنكوبة قالوا في توضيح إن الجاني كان يعاني مشكلات نفسية في رد على مزاعم بكونه متأثراً بالخطاب الديني المتطرف. لم تقف الموجة عند هذا الحد، بل شملت أيضاً نزاعات مسلحة بين عائلات مثل المواجهة في جمجمال التي أودت بحياة ثلاثة أشخاص بسبب نزاع على أرض، وجريمة الطعن في كلار التي راح ضحيتها شاب بعد شجار بين مجموعة من الشباب. وفي الثالث من أبريل (نيسان) الجاري أكدت الشرطة اعتقال شاب قتل مواطناً في قرية بأربيل بسبب خلاف اجتماعي، مما عده متخصصون على كونه مؤشر إلى ارتفاع وتيرة العنف وسهولة اللجوء إلى السلاح لحل الخلافات. مؤشرات مقلقة وفق بيانات رسمية صادرة من مؤسسة الأمن فإن إقليم كردستان العراق سجل خلال عام 2024 نحو 63 جريمة قتل و32 حالة انتحار، فضلاً عن أكثر من 170 حالة اعتداء بالأسلحة النارية، إضافة إلى اعتقال 142 تاجر سلاح وحاملاً للسلاح من دون ترخيص، مع ضبط أكثر من 880 قطعة سلاح. وكان تقرير لشبكة "روداو" الإعلامية المقربة من رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني كشف في مطلع العام الحالي عن ارتفاع معدل الجريمة في الإقليم الـ19 في المئة خلال عام 2024 بالمقارنة مع عام 2023. وجاءت الجرائم المتعلقة بالمخدرات والإرهاب في المقدمة، تلتها الجرائم المتعلقة بالقتل والسرقة. كما أشار التقرير إلى ارتفاع عدد المحكومين من نحو 7300 عام 2023 إلى أكثر من تسعة آلاف عام 2024، أي بزيادة تتجاوز 1600 بين متهم ومحكوم. عوامل محفزة يرى المتخصصون أن أسباب العنف في كردستان العراق متعددة، وتشمل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن ضعف العلاقات الاجتماعية والتأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي. كما أن انتشار الأسلحة غير المرخصة وعدم كفاءة النظام القضائي يسهم في تفاقم الظاهرة. ومع ذلك برزت أخيراً مزاعم عن وجود تأثيرات سلبية يعكسها التنافس الإعلامي في تغطية الحوادث المرتبطة بجرائم العنف. ينبه المتخصصون إلى أنه بمجرد ارتكاب جريمة ما تتنافس وسائل الإعلام في التغطية والتحقق عادةً ما يسبق الجهات المتخصصة، وتثير هذه الظاهرة حفيظة مؤسسات ومراكز معنية ذلك أن التركيز المفرط على تفاصيل الجرائم قبل التيقن من الحيثيات قد يعطي رسائل سلبية للمتلقي. في هذا الإطار يقول الكاتب الكردي ريبوار أحمد إن "التغطية الإعلامية غير المسؤولة للحوادث قد تؤدي إلى تكرارها"، مستشهداً بجريمة شارزو التي قد تكون تأثرت بطريقة غير مباشرة عبر تغطية جريمة الطبيب في أربيل. ويضيف أن "نشر تفاصيل الجرائم قد يكون محفزاً لبعض الأفراد المهيئين نفسياً للعنف"، محذراً وسائل الإعلام من السعي وراء المشاهدات على حساب المهنية. ويشير إلى أن "عشرات الدراسات العلمية تثبت الآثار السلبية في نشر جرائم العنف، بخاصة على بعض الأفراد ممن يعانون اضطرابات نفسية واستعداداً لارتكاب عنف"، محذراً بعض وسائل الإعلام "من تبعات السعي المفرط في الحصول على نسبة أكبر من المشاهدات من دون تحسب الآثار السلبية، كما أن نشر تفاصيل حول الجريمة قد تكون زائفة". وينتقد صحافيون ومراقبون تركيز بعض وسائل الإعلام على الجوانب الدرامية للجرائم بغية جذب المشاهدات، مشيرين إلى أن ذلك ينتهك خصوصية الضحايا من دون التركيز على طرح حلول للحد من العنف. وقد حث الادعاء العام في السليمانية وسائل الإعلام على تجنب نشر أخبار جرائم القتل، مهدداً باتخاذ "إجراءات قانونية ضد المخالفين"، واعتبر أن "التسرع في نشر الأخبار قد يؤدي إلى نشر معلومات مضللة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إلا أن هذا الموقف جوبه باعتراض من الوسط الصحافي، حيث اعتبر منسق مركز "ميترو" للدفاع عن حرية الصحافة رحمن غريب أن "التغطية لأي من الأحداث لا تحددها الجهات الحكومية أو في منعها من الوصول إلى الحقائق أو إخفاء معلومات، لافتاً إلى أن "منع إجراء مقابلة مع المتهمين يخالف المادة 236 فقرة 1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والمعمول به في الإقليم". واستدرك غريب أن "ذلك لا يعني أن يخوض الصحافي في أدق التفاصيل للجريمة التي قد تؤثر في مسار التحقيقات أو في أن تكون التغطية حافزاً للعنف أو تؤثر سلباً في عائلة الضحية وتنتهك الخصوصية، ولا يجوز اتخاذ تجاوز بعض وسائل الإعلام للسياقات ذريعة لكي تصبح جهة ما بديلاً عن القانون". نتائج عكسية كان وزير الداخلية ريبر أحمد أقر في وقت سابق عقب اجتماع مع المجلس الأعلى لنساء كردستان، بارتفاع معدل العنف في الإقليم، معلناً عن "عقد مؤتمر للبحث في الظاهرة وتشخيص أسبابها". ودعا اتحاد علماء الدين الإسلامي في مدينة كلار إلى اتخاذ إجراءات حكومية وقضائية صارمة، للحد من حيازة الأسلحة غير المرخصة، ومنع التسويات العشائرية التي تعوق تطبيق العدالة، فضلاً عن إطلاق حملات توعوية. ويؤيد الصحافي والكاتب توانا عثمان ما ذهب إليه غريب من أن "منع الإعلام من تغطية جرائم العنف قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويخلق بيئة خصبة لازدياد الجريمة، ويعزز إفلات الجناة من العدالة"، مشيراً إلى أن "الإعلام عنصر رقابي مؤثر، ويمكن أن يساعد في تسريع التحقيقات، والقبض على المجرمين، بل وسن قوانين جديدة لمنع مزيد من العنف". ويعتقد عثمان أن "العنف والقتل ظاهرة قديمة في الطبيعة والمجتمع ولن تتوقف بنشرها أو عدمه، بل يكمن دور الإعلام الحقيقي في توفير الشفافية والمعلومات الصحيحة". وعلى رغم تكرار الحوادث، فإن الباحث ريبين فتاح يرى من جانبه بأن ذلك "لا يعني بالضرورة أن المجتمع بات أكثر عنفاً، لكون تأثير انتشار وسائل الاعلام في تغطية الحوادث يعطي انطباعاً لدى المواطن البسيط بأن المجتمع بات أكثر عنفاً، وهذا لم يكن في متناوله عندما كان يعيش في نطاق معزول سابقاً، لكن في الحقيقة فإن الماضي ربما كان أكثر عنفاً بخلاف رؤية المفكر والباحث أو المختص، التي ترتكز على البيانات كمصدر علمي معتمد". وأوضح أن "النمو السكاني قد يفسر ارتفاع الأعداد. على سبيل المثال عدد السكان حين لم يكن يتجاوز مليوني نسمة فإن الجرائم لم تكن ربما تتخطى المئة، واليوم يفوق عدد السكان الـ6 ملايين وتسجل بنحو 200 إلى 300 حالة قتل، إذا كيف يمكن اعتباره ارتفاعاً في مستوى العنف؟". تغطية مؤطرة من جهته نوه القانوني ديار مصطفى بأن "العنف سيستمر سواء غطته وسائل الإعلام أم لا، كما أن مسألة تجذر العنف لا يعني السكوت واعتباره أمراً طبيعياً، لا بل يسهم عدم تسليط الضوء عليها في افلات المجرمين من العقاب وجعل القتلة أبطالاً لدى البعض، وعليه فإن التغطية مهمة شريطة اتباع نهج مهني وعلمي من دون أن تتحول إلى أداة عكسية". ونصح "بضرورة توجيه وسائل الإعلام في التعامل مع الجرائم وتحديد أطرها من قبل المؤسسات الصحافية والجهات ذات العلاقة، وفرض قيود على المؤسسات التي تتعامل بصورة غير مسؤولة من دون المساس بحرية الصحافة". أما الأكاديمي في علم النفس سيدو مورغان فطالب "الجميع بالابتعاد عن الخوض في أسباب الجريمة عندما تقع، إذ إن من الاستحالة الجزم بناءً على إفادة ما، فالدوافع لا تقف عن حد، نحن نقول إنه من الطبيعي أن يصب شخص بالكآبة أو بحالة نفسية معينة وعدم ربطها بلجوئه للانتحار أو ارتكاب جريمة قتل، لأن هناك الملايين من المرضى لا يقدمون على العنف، لذا فإن ربط مرتكب الفعل بالحالة النفسية يثير القلق لدى بقية أفراد المجتمع". وأوضح مورغان نقطة أخرى يراها مهمة والتي تكمن في "خطأ مساءلة الصحافي لأقرباء الضحية حول مشاعرهم وبصورة مباشرة، فهذا تصرف غير مسؤول، كما يجب عدم مسائلتهم حول حيثيات الجريمة وتفاصيلها، لأن ذلك قد يكون لبعض المتلقين درساً لتعلم طرق ارتكاب الجريمة، ناهيك بأن الحادثة تربك أفكار مئات الألوف من الذين يعيشون في فضاء مستقر وآمن وتخلف في أنفسهم حالاً من القلق، وكل ذلك يدخل في إطار المسؤولية الأخلاقية، ونأمل من العاملين في مجال الإعلام مراعاة هذه النقاط الأساسية لأن في ذلك بعد علمي أعمق".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store