أحدث الأخبار مع #ريشيليو


الشارقة 24
منذ يوم واحد
- ترفيه
- الشارقة 24
بدور القاسمي تفتح جسور تعاونات ثقافية جديدة بين الشارقة وباريس
الشارقة 24: زارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، مقر مكتبة "ريشيليو" التابع للمكتبة الوطنية الفرنسي، " BnF "، أحد أعرق المراكز البحثية في أوروبا، حيث التقت عدداً من كبار مسؤولي المكتبة لبحث آفاق التعاون والعمل المشترك في عدد من المحاور الثقافية والمهنية، بما يعكس التزام الشارقة بتعزيز شراكاتها المعرفية مع أبرز المؤسسات الفكرية العالمية . فتح جسور جديدة مستدامة من العمل الثقافي المشترك واتفق الجانبان خلال اللقاء على فتح جسور جديدة مستدامة من العمل الثقافي المشترك عبر تطوير برامج مشتركة في مجالات المخطوطات والمقتنيات الثقافية، وأدب الطفل، إلى جانب تنظيم فعالية "أيام الشارقة الأدبية" في باريس، لتكون منصة دورية للتبادل الثقافي والحوار الأدبي بين الشارقة وباريس . دعم اللغة العربية على المستوى العالمي وفي خطوة تعكس رؤية الشارقة تجاه تقدير المؤسسات الثقافية العالمية، قدّمت الشيخة بدور القاسمي نسخاً من المعجم التاريخي للغة العربية إلى المكتبة الوطنية الفرنسية القديمة والحديثة، في تقدير لدورها الرائد في صون التراث المكتوب، واحتفاءً بتكامل الجهود في دعم اللغة العربية على المستوى العالمي . ورافق الشيخة بدور القاسمي خلال الزيارة سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي للهيئة، ووفد من هيئة الشارقة للكتاب، حيث كان في استقبالها كلاً من جيل بيكّو، المدير العام للمكتبة الوطنية الفرنسية، وماري دو لوبييه، مديرة المجموعات، وجان فرانسوا روزو، مدير العلاقات الدولية، حيث رافقوا الشيخة بدور القاسمي والوفد المرافق في جولة على أروقة مركز "ريشيليو"، واستعرضوا أبرز مرافقه البحثية ومجموعاته النادرة، وآليات الحفظ والرقمنة المعتمدة في صون الوثائق والمخطوطات، إلى جانب الخدمات المتقدمة التي توفرها المكتبة للباحثين والدارسين من مختلف أنحاء العالم . وأكدت الشيخة بدور القاسمي أن التعاون مع المكتبة الوطنية الفرنسية يشكّل خطوة نوعية في مسار الشارقة لبناء شراكات ثقافية راسخة مع المؤسسات المعرفية العالمية، وقالت: "نؤمن في الشارقة بأن المكتبات ليست مراكز لحفظ الكتب، بل فضاءات حيّة للتفاعل الحضاري، وحلقات وصل بين الذاكرة الإنسانية والمستقبل، ومن هنا فإننا نحرص على تطوير مشاريع نوعية تُسهم في توسيع حضور الثقافة العربية في المشهد العالمي، وترسيخ موقع الشارقة كجسر حي بين الشرق والغرب ." وأضافت الشيخة بدور القاسمي: "أن المعجم التاريخي للغة العربية رسالة حوار حضاري بلغتنا، وإهداؤه إلى المكتبة الوطنية الفرنسية هو دعوة مفتوحة للتواصل بين الحضارات عبر لغتها ومعارفها، فنحن نثمّن الدور الريادي لهذه المؤسسة العريقة في صون التراث المكتوب، ونؤمن أن تكامل جهودنا سيفتح آفاقاً جديدة في المجالات التي تمس جوهر الهوية الثقافية للإنسان ". واتفق الجانبان على سلسلة محاور رئيسية؛ أبرزها تنظيم معارض مشتركة، رقمية وميدانية، تتضمن إعارات من المخطوطات والوثائق النادرة من مقتنيات المكتبة الوطنية الفرنسية لعرضها في الشارقة، ومقتنيات ومخطوطات من الشارقة للعرض في باريس، بما يتيح للجمهور الاطلاع على إرث إنساني غني ومتنوع، ويعزز جسور التبادل بين الثقافتين العربية والفرنسية عبر نافذة الكتاب والوثيقة التاريخية . كما اتفق الجانبان على التعاون في مجال أدب الطفل وتنمية القراءة باللغة الأم لدى الأجيال الجديدة، من خلال تطوير برامج متخصصة تُعنى بتكثيف حضور المحتوى الإماراتي والعربي للأطفال واليافعين في فرنسا، وكذلك تعزيز حضور أدب الأطفال الفرنسي في الشارقة ودولة الإمارات، إلى جانب تنظيم ورش عمل وفعاليات ميدانية وزيارات تبادلية . وتضمنت الاتفاقيات إطلاق برامج تعاون مهنية عالية المستوى بين مكتبة الشارقة العامة والمكتبة الوطنية الفرنسية، تشمل تبادل الخبرات والعمل المشترك بما يدعم تطوير البنية التحتية للمكتبات، ويدفع نحو تكامل معرفي مستدام بين المؤسستين . وتُعدّ المكتبة الوطنية الفرنسية BnF واحدة من أعرق المؤسسات الثقافية في أوروبا والعالم، إذ تعود جذورها إلى القرن الرابع عشر، وتأسست رسمياً بصيغتها الحديثة عام 1537 في عهد الملك فرانسوا الأول، الذي أصدر مرسوماً يُلزم كل ناشر بإيداع نسخة من مؤلفاته لدى المكتبة، ما جعلها من أوائل المكتبات التي اعتمدت نظام الإيداع القانوني في التاريخ . وتضم المكتبة اليوم أكثر من 40 مليون مادة وثائقية، تتنوع بين كتب ومخطوطات وخرائط وصحف وصور وتسجيلات، تغطي جميع فروع المعرفة وبلغات متعددة، ما يجعلها مرجعًا عالميًا للباحثين والدارسين، وتتميّز بمجموعاتها النادرة، وخاصة المخطوطات الشرقية والكتب القديمة والوثائق التاريخية التي توثق تطور الفكر الإنساني، كما تشتهر بتقديمها خدمات بحثية رقمية متقدمة، وتستقطب مرافقها المعمارية التي تمزج بين العراقة والحداثة، آلاف الزوار والباحثين. يشار إلى أن الزيارة تأتي في إطار حرص هيئة الشارقة للكتاب على بناء شراكات ثقافية استراتيجية مع كبرى المؤسسات المعرفية العالمية، بما يدعم رسالتها في النهوض بصناعة الكتاب وتعزيز الحوار الحضاري على المستوى الدولي .


Independent عربية
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
يوم هاجم النقاد والجمهور العمل الأكبر في تاريخ المسرح الفرنسي
حدث ذلك في واحد من الأيام الأولى من عام 1637 الذي يعد عادة عام الذروة في تاريخ المسرح البورجوازي الفرنسي، وتحديداً في صالة مسرح "جو دي بوم" في حي الماريه، حيث قدم المسرحي بيار كورناي، سيد ذلك المسرح من دون منازع حتى ذلك الحين، واحدة من أولى مسرحياته الكبرى "السيد". ولم يكن الحدث باهراً على أية حال، بالنسبة إلى تلك المسرحية حتى وإن كانت ستصبح خلال الأزمنة التالية واحدة من أشهر نتاجات المسرح التاريخي الفرنسي ويحفظها الطلاب الفرنسيون عن ظهر قلب، سواء شاءوا ذلك أم أبوه، إذ فرضت عليهم كجزء من دراستهم. فعند تقديم "السيد" في عروضها الأولى وقد عرفها كاتبها نفسه بأنها "تراجي - كوميديا"، هوجمت من قبل المعنيين بالمسرح وأيضاً من قبل الجمهور العريض، الذي عدها أول الأمر في الأقل، مروقاً في عالم القوانين المسرحية وخروجاً عن مبادئ أرسطو بالنسبة إلى الوحدات الثلاث: وحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الحدث (أو الحبكة). صحيح أن كورناي رد الصاع صاعين واندلعت على الفور في الحياة المسرحية الفرنسية معركة سميت "معركة السيد" كانت أكثر قسوة وإثارة للعواطف مما كان يحدث على الخشبة التي تقدم المسرحية نفسها، غير أن الوقت لم يكن قد حان بعد لإنزال كورناي عن عرشه بوصفه سيد المسرح الفرنسي الجاد، مقابل موليير الذي كان سيد المسرح الهزلي، لأن ذلك لن يحدث قبل 37 عاماً أخرى حين حل المؤلف الشاب جان راسين مكانه على ذلك العرش وكان كورناي قد بلغ الـ68 من عمره. أعوام مجد مثير ونعرف طبعاً أن العقود الفاصلة بين "معركة السيد" وظهور راسين المدوي شهدت انتصاراًت كبيرة لمسرحياًت أخرى لكورناي تمكن فيها من أن ينصر مسرحيته الكبرى التأسيسية لكن تحت حماية الوزير الأول ريشيليو صاحب السلطة المطلقة في شؤون البلاد والعباد في المرحلة الأخيرة من حياة وحكم الملك الشمس لويس الـ14 الذي يدين له تاريخ المسرح الفرنسي بتلك الحقبة الزاوية من ازدهاره، تماماً كما يدين لمسرحية "السيد" بذلك التجديد المسرحي الهائل الذي كان شعاره الأساس التخلص من القواعد الرسمية ومنافسة شكسبير الذي كان يجدد بدوره في المسرح الإليزابيثي الإنجليزي سابقاً بعقود عدة ما يحدث في فرنسا، في لندن غير البعيدة. ومرة أخرى لا بد من أن نشير هنا إلى أن مسرحية "السيد" كانت آية ذلك كله. ولعل أهم ما يمكن قوله عن هذه المسرحية إنها تتناول أحداثاً تاريخية وبطلاً لا يقل عنها تاريخية، عاشا أيام الفتح العربي لإسبانيا وقيام الحضارة الأندلسية في الطرف الجنوبي الغربي من أوروبا عند الجنوب الفرنسي وشبه الجزيرة الأيبيرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وعلى رغم تلك الأحداث التاريخية البالغة الجدية، آثر كورناي أن يعد مسرحيته تراجيدية وكوميدية في الوقت نفسه، وفي بعد انتهازي يحاول أن يستفيد من شغف جمهور المسرح بالتاريخ من ناحية، وإصراره على التعلق بكوميديا ديل أرتي الإيطالية من ناحية ثانية. ولعل تلك الازدواجية كانت العنصر الثاني الذي فتح المعركة ضد "السيد" منذ تلك العروض الأولى حتى تدخل ريشيليو الذي شاء هنا أن يكون منصفاً كما سنرى بعد سطور. "قاتل الأب الوسيم" لا يمكننا بالطبع أن نرسم هنا ولو صورة مبدئية اللحظة التي اندلعت فيها المعركة لكن في وسعنا في الأقل أن نختصر مجرياتها بتلك العبارة التي دونها ناقد من تلك المرحلة يدعى جورج فوريست في تعليق له على المسرحية جاء فيه "يا إلهي كم هو وسيم قاتل بابا". ومن الواضح أن العبارة لم ترد في المسرحية غير أن الناقد يعبر فيها عن أعلى درجات السخرية من موقف شيمين بطلة المسرحية من خلال نظرتها إلى السيد بعدما قتل أباها - وهذا القتل هو كما يعرف كل الذين شاهدوا المسرحية أو قرأوها، محور الأحداث إن كانت هناك أحداث في هذه المسرحية على أية حال - ففي المسرحية يحدث أن "السيد" بطل النضال ضد الفاتحين العرب يقتل دون أن يدرك ذلك، والد شيرين الوطني مثله، فتكون النتيجة أن الصبية الحسناء تقع في حيرة من أمرها بين القاتل والقتيل، بين الحبيب والوالد... ومن هنا سخرية الناقد الفرنسي من ذلك الموقف الذي يريد أن يقول لنا إنه موقف مفتعل وربما مأخوذ بشكل أو بآخر من حكاية هاملت الشكسبيري وحبيبته أوليفيا وقتل والدها على يد حبيبها الذي بدوره لم يكن مدركاً لهوية ضحيته حين أجهز عليه. المهم على أية حال هنا، هو أن موقف الناقد لم يكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير وسط جملة من مآخذ لا بد من أن نقول هنا، وعلى ضوء تاريخ الحكاية برمتها، أن كورناي سيكون المنتصر فيها راسماً للمسرح التاريخي قواعد جديدة أكثر أهمية مما كان سائداً من قبل ومن هنا ما يردده المعنيون دائماً من أن ما بعد كورناي في المسرح الفرنسي الجاد، لن يكون على شاكلة ما كان قبله. يوم انتهت سطوته والحال أن المكانة التي احتلها كورناي خلال تلك الحقبة من التاريخ والمسرح الفرنسيين والتي لمعت فيها بصورة خاصة ثلاثة أسماء لا تزال حتى اليوم من أكبر الأسماء في تاريخ المسرح العالمي، راسين وموليير إلى جانب كورناي، تعود إلى الرعاية والانفتاح اللذين مارسهما السياسي الكبير في بلاط لويس الـ14 آنذاك، الكاردينال ريشيليو حتى من دون أن يكون محباً للفنون بصورة خاصة، بل كان من الساعين إلى نهوض الطبقات الأرستقراطية وفنونها كما فنون البورجوازات المدينية الصاعدة. ولقد ولد كورناي نفسه عام 1606، ابناً لأسرة موسرة تنتمي إلى البورجوازية المهيمنة في مدينة روان في الغرب الفرنسي، وتعلم ليصبح محامياً ويدخل سلك القضاء. غير أن الظروف شاءت له أن يجد نفسه مندمجاً مع رفاق منضمين إلى فرقة مسرحية باريسية كانت حينها تقوم بجولة في منطقته. وبالصدفة كان هو من دون هدف محدد قد كتب مسرحية وقعت مخطوطتها بين أيدي مسؤولي الفرقة، وإذ حدث أن مسؤولاً في الفرقة أعجب بالمسرحية، تبنتها الفرقة وتبنت كاتبها لتقديمها في العاصمة ويكون النجاح حليفها. وهكذا سرعان ما بات المحامي الشاب كاتباً رسمياً لمسرحيات الفرقة كما لغير تلك الفرقة، إذ راحت مسرحياته تتداول وتثير إعجاباً. وهو كان في عمر الـ31 حين كتب "السيد" وقدمتها الفرقة محققة بها نجاحاً هائلاً فاقمه السجالات التي دارت من حولها، إذ بدت المسرحية كدعوة إلى التجديد فيما عارضها التقليديون المتمسكون بالقواعد الأرسطية. الكاردينال حكماً حققت المسرحية نجاحها الأكبر أولاً بفضل اللغة الشاعرية أو المنتمية إلى ما كان يمكننا أن نصفه بشاعرية الحياة اليومية التي سيؤدي إعجاب الجمهور العريض بها - إعجاب لا يزال كبيراً حتى اليوم حيث يندر أن يجهلها أو يجهل سطوراً كثيرة منها طلاب المدارس الفرنسية الذين تفرض قراءتها عليهم، فيتعلقون بتلك السطور كما أسلفنا - سيؤدي ذلك الإعجاب إلى استثارة غيرة وحسد أهل المسرح الذين استكثروه على دخيل طارئ، فكان أن تمسكوا بأرسطو ليحاربوا كورناي باسمه. غير أن ريشيليو الذي كان على أية حال يرتبط بصداقة مع والد كورناي سيكون لهم بالمرصاد وقد لاحظ أن لجوءهم إلى القواعد الأرسطية لم يكن على مثل تلك البراءة "الفنية"، حتى وإن اقتنع بأن كورناي قد خرق القواعد حقاً. وكان يحلو له بين خلصائه أن يستطرد في تعداد ضروب خرق الكاتب الشاب. ومن هنا ودفعاً لأي التباس اتخذ ريشيليو قراره في النهاية بأن يكون القول الفصل للأكاديمية الفرنسية التي كان هو نفسه قد أسسها قبل ظهور مسرحية "السيد" بعامين. ولقد أصدرت الأكاديمية قرارها واضحاً: نعم لقد خرق بيار كورناي القواعد في مسرحيته "السيد". صحيح أن القرار كان ملزماً لكن ريشيليو وقف من الأمر موقفاً حيادياً مما أجبر كورناي على الرضوخ حزيناً. ولقد أسفر حزنه عن توقفه عن الكتابة ما لا يقل عن عامين، بيد أن صمته وحزنه وعدم وجود أية مسرحية جديدة له طوال تلك الفترة أسفر كل هذا عن إعادة نظر كثر في القضية برمتها، وأصبح كورناي بالتالي "ضحية" أحاق الظلم بها ما جعله طوال العقود التالية بطلاً شعبياً من طراز نادر!