logo
#

أحدث الأخبار مع #زيجمونتباومان،

علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة
علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة

الشروق

time١٧-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشروق

علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة

إن اختراع الفالنتاين هو أكبر دليل على أن الناس يمارسون الكراهية طيلة أيام السنة. ويخصصون يوما واحدا للحب. هكذا استنكر أحد الأدباء القدامى احتفال الناس بعيد الحب. لكن، ماذا لو أطال الله عمره وعاش لعصرنا وأدرك أنه حتى في 14 فيفري من كل عام لم يعد الناس يمارسون الحب. بعد أن تم تشويه وتغيير طبيعة المشاعر بين الجنسين. لتتحول إلى ما يسمى علاقات الجيب العلوي؟ الحب السائل أصدر عالم الاجتماع البولندي، زيجمونت باومان، سنة 2003 كتابه 'الحب السائل'، الذي أكد فيه أن الحداثة أدت إلى تغير معايير المشاعر بين الناس عموما، وبين الجنسين خصوصا، حيث ساهم التطور الصناعي والتكنولوجي في تشويه مفهوم الحب لدى البشر، فأصبحت العلاقات البشرية هشة وسريعة، ما دفعه إلى تسميتها بعلاقات الجيب العلوي. وهذا، لسهولة التخلي عنها وتركها. تماما، كما تلقي ورقة أو أي شيء يوضع في جيب القميص العلوي، حيث يسهل إخراجه والتخلص منه حينما لا يلبي رغباتنا، أو كمنتج تم استهلاكه، فيمكن رميه بلا أدنى حسرة عليه. فعلاقات الجيب العلوي، هي علاقات عابرة خالية من العاطفة أو الحب. يدخلها المرء بوعي كامل وعقل يقظ حريص على عدم الانجراف مع تيارات الحب الصادق، الذي أضحى حبا سائلا وهشّا. فالإنسان، في عصرنا الحديث، لم يعد يبحث عن العلاقات طويلة الأمد، لأنها تتطلب جهدا ووقتا، وإنما صار يبحث عن علاقات سريعة خفيفة تُعفيه من أي أعباء أو التزامات أو مسؤوليات نحو الآخر. وهي قائمة على النزعة أو المنفعة المادية واللذة، وتهدف إلى الاستهلاك اللحظي، ما يجعل إنهاءها يسيرا وسريعا، كما أنها تتعارض مع مفهوم الحب والرعاية، لكونها أقرب إلى الرغبة. يؤكد زيجمونت باومان أن الثقافة الرأسمالية تُعزز الرغبة وتقضي على الحب. وشتان ما بين ذلك وتلك. فالحب يعني الرعاية والتوق إلى تقديم الحماية والإطعام والإيواء والمداعبة والملاطفة والتدليل، وفيه نزعة تملكية. بينما، الرغبة فيها نزعة استهلاكية. أي أن تأخذ ما تشتهيه من المنتج ثم تلقي به في سلة النفايات. وكذلك، صارت حال العلاقات في عصرنا الحديث. أي تحكمها الرغبة واللذة السريعة والمريحة. لقد ربط باومان ما بين علاقات الجيب العلوي وبين مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى بأن اندماجنا مع هذا الواقع الافتراضي تسبب في انقلاب الحقيقة بين العالمين. فصار العالم الافتراضي هو الحقيقي. بينما صار العالم الواقعي تابعا له، ما انعكس حتى على علاقاتنا العاطفية. فأصبح يسهل نسجها بمجرد 'لايك' أو طلب صداقة ثم استهلاكها عبر الرسائل الإلكترونية والمحادثات المختلفة في المنصات الرقمية. وبالتالي، يسهل كذلك التخلي عنها، بالضغط على خيار الحظر أو الحذف أو غلق نافذة الدردشة. فوسائل التواصل الاجتماعي حولت العلاقات بين الجنسين إلى علاقات مؤقتة وغير مبنية على الالتزام والاستمرار. فأي طعم تبقى لعيد الحب، إذا كان الناس قد فقدوا القدرة على الحب؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store