منذ 21 ساعات
المبشرات بالجنة.. أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش
تزوجت من زيدِ بن حارثة رضي الله عنه مولي النبي صلي الله عليه وآله وسلم. ثم بعد ذلك طلبت الطلاق منه. فطلَّقَها. ثم زوَّجَها اللهُ تبارك وتعالي من السماء لنبيه صلي الله عليه وآله وسلم سنة ثلاثي من الهجرة. وأنزل الله فيها قوله:پوَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَي النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَي زَيْد مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ حَرَج فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"الأحزاب: 377". وكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد تبنَّي زيدًا. فكان يدُعي "زيد بن محمد". فلما نزل قوله تعالي: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ "الأحزاب: 55". تزوجها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعد أن طلقها زيد. وهدم ما كان معروفًا في الجاهليَّة من أمر التبنِّ.
ومنذ اختارها الله لرسوله. وهي تفخرُ بذلك علي أمهات المؤمنين. وتقول -كما ثبت في "البخاري"-: "زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ. وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَي مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتي". وسماها النبي صلي الله عليه وآله وسلم بعد الزواج زينب. وأطعم عليها يومئذ خبزًا ولحمًا.. وفي شأنها أنزل الله تعالي الأمر بإدناء الحجاب. وبيان ما يجب مراعاته من حقوق نساء النبي عليه الصلاة والسلام.. وكانت رضي الله عنها من سادة النساء. دينًا وورعًا. وجودًا ومعروفًا. محضنَ اليتامي ومواسيةَ الأرامل. قد فاقت أقرانها خَلْقًا وخُلقًا.
وكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يزور السيدة زينب. ويمكث معها. ويشرب العسل عندها. فغارت بعض نسائه. وأردن أن يصرفْنَهُ عن ذلك» فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشي. وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا. فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ. أَكَلْتَ مَغَافِيرَ. فَدَخَلَ عَلَي إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: "لاَ. بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْش. وَلَنْ أَعُودَ لَهُ". فنزل:پيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَپإلي قوله:پإِنْ تَتُوبَا لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ:پوَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَي بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا.
ومن مناقبها رضي الله عنها. أنها أثنت علي عائشة أم المؤمنين خيرًا. عندما استشارها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في حادث الإفك» ففي الحديث قالت عائشة: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْش زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَنْ أَمْرِ: "مَا عَلِمْتِ؟ أَوْ مَا رَأَيْتِ؟" فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله.ِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي. وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ. فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ.
ومن مناقبها أنها كانت ورعةً قوَّامَة. تُديمُ الصيام. كثيرة التصدق وفعل الخير. وكانت من صُنَّاع اليَد. تدبغ وتخرز. ثم تتصدَّق بثمن ذلك. وقد أثني رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي كثرة تصدقها وكنَّي عن ذلك بطول يدها» فعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا". قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا. قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ» لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَّدَّقُ.
ولقد بلغ من حُبِّها للعطاء أنها قالت حين حضرتها الوفاة: "إني قد أعددت كفني. فإن بعث لي عمر بكفني فتصدقوا بأحدِهما. وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا".
فكانت حقًّا أول زوجاته صلي الله عليه وآله وسلم لحوقًا به» حيث توفيت سنة 20 للهجرة. وقد جاوزت الخمسين عامًا. وصلي عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وصُنع لها نعشى. وكانت أول امرأة يُفعل معها ذلك. ودُفنت بالبقيع. فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين.