logo
#

أحدث الأخبار مع #سيتيتور

وجــــــــدة: العمل على دعم وتعزيز السياحة والتعريف بمؤهلات الشرق
وجــــــــدة: العمل على دعم وتعزيز السياحة والتعريف بمؤهلات الشرق

وجدة سيتي

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • وجدة سيتي

وجــــــــدة: العمل على دعم وتعزيز السياحة والتعريف بمؤهلات الشرق

في إطار الدينامية التنموية المتواصلة التي تعرفها جهة الشرق، ترأس السيد خطيب الهبيل، والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة – أنجاد، يوم الخميس 15 ماي 2025، اجتماعاً جهوياً خُصص لبحث واقع وآفاق القطاع السياحي، بحضور مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين والمهتمين بهذا القطاع. وشكّل هذا اللقاء محطة أساسية لعرض رؤية استراتيجية متكاملة تروم تحويل المؤهلات الطبيعية والثقافية التي تزخر بها الجهة إلى رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة . في مستهل اللقاء، نوه السيد الوالي بالغنى الطبيعي والتنوع البيئي والتراث الثقافي الغني الذي تزخر به الجهة، مؤكداً على أهمية التسريع بإطلاق عملية ترويج سياحي بالاعتماد على إنتاج محتوى سمعي بصري عالي الجودة، يعكس هذه المؤهلات، إلى جانب تطوير أدوات تعريفية تشمل خرائط ومسارات إرشادية حديثة. كما شدد على ضرورة تعزيز الحضور الرقمي للجهة في مختلف المنصات، واستثمار وسائل الإعلام المتاحة لترسيخ صورة جهة الشرق كوجهة سياحية متميزة. شهد الاجتماع عرضاً تشخيصياً مفصلاً لوضعية القطاع السياحي، حيث تم إبراز مكامن القوة التي تتمتع بها الجهة، من شواطئ جذابة، وجبال خلابة، وغابات كثيفة، وواحات طبيعية، إلى جانب مرافق استشفائية وفرص واعدة للسياحة البيئية والرياضية في مناطق مثل السعيدية، مارتشيكا، فزوان، بني زناسن، وزكزل. شهدت البنيات التحتية السياحية تطوراً ملحوظاً، حيث استقبلت الجهة أكثر من 320 ألف سائحاً من داخل الوطن وخارجه. وارتفع عدد الأسرة إلى 14 ألف سرير، في حين بلغ عدد وكالات الأسفار 90 وكالة، كما سجّل مطارا وجدة والناظور خلال سنة 2024 أكثر من مليوني مسافر خلال سنة 2024. في المقابل، وقف التشخيص على نقاط الضعف التي تعيق تطور القطاع، من ضمنها غياب تنوع العرض السياحي، قصور في البنية التحتية السياحيةـ وعدم ملاءمة بعض الخدمات لتطلعات الزوار، إضافة إلى غياب تصور متكامل لتجربة السائح، وقلة الاستثمار في الأنشطة الترفيهية والثقافية، ومحدودية الربط الجوي، إلى جانب غياب التسويق الفعال للعرض السياحي على الصعيدين الوطني والدولي. كما تم تسجيل تراجع في التكوين المهني للموارد البشرية، وغياب إدماج حقيقي للصناعة التقليدية ضمن المسارات السياحية، وهو ما يحرم الجهة من فرص تثمين تراثها الثقافي وتوسيع قاعدة المستفيدين من عائداتها السياحية. بناءً على هذا التشخيص، تم تحديد جملة من الأهداف، من بينها تعزيز جاذبية المنتج السياحي الحالي، وتطوير استثمارات جديدة تلبي تطلعات الزوار، وإحداث أنشطة ترفيهية تعكس الهوية المحلية وتغني التجربة السياحية. و انبثقت عن هذه الأهداف مجموعة من المشاريع السياحية المقررة بين 2025 و2030، والتي يبلغ عددها 58 مشروعاً، بغلاف مالي إجمالي قدره 424 مليون درهم، موزعة على أربعة محاور رئيسية: تثمين المنتوجات المجالية (16 مشروعاً بكلفة 325 مليون درهم)، تعزيز النقل الجوي (7 مشاريع بـ74.4 مليون درهم)، الترويج السياحي (11 مشروعاً بكلفة 7.55 مليون درهم)، والتنشيط والتكوين (14 مشروعاً بـ12 مليون درهم). ومن بين المشاريع في طور الإنجاز مشروع « ناظور ويست ميد » الذي يشكل تحتية استراتيجية موجهة لدعم السياحة البحرية، ومشروع « قطار الصحراء »، و »وجدة سيتي تور »، إلى جانب مبادرات لتأهيل الحدائق والمساحات الخضراء، ومواكبة ممتهني السياحة وفق مقاربات حديثة تواكب التحولات التي يعرفها القطاع. وخلال الاجتماع، شدد المتدخلون على ضرورة تسريع تنفيذ استراتيجية تواصل فعالة تشمل إطلاق منصة رقمية متكاملة، وإنتاج محتوى سمعي بصري احترافي، وتنظيم حملات ترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الوطني والدولي، بالإضافة إلى تنظيم معارض وطنية كبرى للصناعة التقليدية. و فيما يخص الكفاءات، فقد تم التركيز على أهمية التكوين، عبر وضع برامج متخصصة لفائدة المرشدين السياحيين والعاملين في قطاعي الإيواء والترفيه، وإدماج الشباب حاملي المشاريع ضمن منظومة اقتصادية سياحية تشمل التعاونيات والمقاولات الذاتية والصغرى والمتوسطة، بما يسهم في تنمية مندمجة ومستدامة. وقد اختتم السيد الوالي اللقاء بتجديد التزام السلطات الجهوية بجعل السياحة ركيزة أساسية للتنمية الشاملة، داعياً إلى تظافر جهود كافة المتدخلين من القطاعين العام والخاص، وتسريع تنزيل المشاريع المبرمجة، وتوحيد الرؤية من أجل التموقع الفعلي لجهة الشرق كوجهة سياحية ذات إشعاع وطني ودولي.

ماذا لو تواصلت ليالي البهجة طيلة السنة؟
ماذا لو تواصلت ليالي البهجة طيلة السنة؟

الخبر

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الخبر

ماذا لو تواصلت ليالي البهجة طيلة السنة؟

أظهرت الإمكانيات المسخرة لإحياء ليالي الشهر الفضيل بالعاصمة، جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر بعد أن أبانت عن تناغم بين الثقافة والترفيه والتجارة من جانب الأنشطة المتنوعة مثل المقاهي والمطاعم والأسواق الليلية، الفعاليات الثقافية والدينية والفنية التي تبقى مفتوحة حتى ساعة متأخرة من الليل، لتصبح ليالي العاصمة مليئة بالحياة والنشاط المتجسدة في الشوارع المكتظة، كديدوش مراد، والعربي بن مهيدي، وساحة الشهداء، وباب لوادي، والمسجد الأعظم، ومقام الشهيد، والواجهة البحرية... فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العصمة طيلة شهور السنة، ليالي يختبر فيها الجزائريون الوجه الآخر لعاصمتهم بعد أن حولتهم حركة الازدحام نهارا إلى كائنات مضغوطة. وساهم النقل العمومي في ربط أوصال مدينة الجزائر ببلدياتها ومد الجسور معها ليلا، بتسخير 82 حافلة بعد الإفطار عبر 74 خطا اعتبارا من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية الثانية صباحا، منها استحداث خطوط ليلية تربط عددا من بلديات شرق وغرب ووسط وجنوب العاصمة، وأقطاب سكنية جديدة مثل حمادي ببومرداس وسيدي عبد الله بغرب العاصمة... بالجامع الأعظم. وبات في وسع مواطني سيدي عبد الله، غرب العاصمة، أو حمادي شرقا، الوصول إلى قلب العاصمة مباشرة بعد الإفطار واختبار الأجواء الدينية الرمضانية في الجامع الأعظم، وحتى الاستمتاع بالعروض الثقافية المسرحية أو الفنية بقلب المدينة والعودة في أي ساعة حتى الثانية صباحا، والأمر ذاته بالنسبة للبلديات الواقعة بالضاحية الجنوبية، ليبقى الحد الأدنى للخدمة مضمونا يومي الجمعة والسبت، يقول أحد أعوان الشركة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري. عندما يتم تفعيل النقل العمومي وفي تجربة لها تنم عن بداية انفتاح المؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري على التسويق السياحي في خطوة لتطليق الأطر القديمة الضيقة التي كانت تعمل بها، تعتزم فرض حضورها كلاعب فاعل في الترويج السياحي بتسخير حافلات (سيتي تور) اعتبارا من اليوم الثالث والعشرين (23) من شهر مارس الجاري؛ للقيام بزيارات مرفقة بدليل أو مرشد سياحي نحو المعالم التاريخية كالقصبة وما تزخر به من قصور، كقصر الداي حسين، وأخرى دينية كجامع كتشاوة وسيدي عبد الرحمان والجامع الأعظم، ضمن تنشيط الأمسيات الرمضانية والاستمتاع بأجوائها. ورفعت مؤسستا (مترو الجزائر) و(سترام) للنقل بالترامواي، من جهتها، سقف خدماتها الليلية بتعديل رحلاتها لتواكب احتياجات المواطنين الراغبين في اكتشاف الأجواء الدينية عبر مساجد العاصمة، أو اكتشاف المراكز التجارية، أو الاستمتاع بالعروض الثقافية والفنية (سينما ومسرح وحفلات موسيقية..). ففيما تبدأ خدمات المترو مباشرة بعد الإفطار إلى غاية الواحدة والنصف (1h30) صباحا، تشرع (سترام) في رحلاتها بالترامواي نصف ساعة بعد الإفطار إلى غاية (12h30) ليلا. سمح هذا الترتيب والتنظيم المحكم للنقل العمومي؛ بمد الجسور مع بلديات العاصمة وأصبح تدفق المواطنين سلسا على قلب العاصمة التي بدت في قمة هدوئها في غياب وسائل النقل الخاصة. تدفق الزوار كان يزداد من ساعة إلى أخرى عبر محطات المترو الترامواي، ومحطات ومواقف الحافلات في ساحات أول ماي والشهداء. شوارع وساحات ومقاهي وأسواق عادت للحياة إنه التدفق الذي أعاد الحياة للشوارع الكبرى وغالبية الساحات، كديدوش مراد، العربي بن مهيدي، حسيبة بن بوعلي، زيغود يوسف... ساحة أول ماي، ساحة موريس أودان، وصولا إلى ساحة البريد المركزي حيث تنظم سهرات على أنغام الشعبي.. ولامست بهجة ليالي رمضان ساحة بورسعيد (السكوار)، وساحة الشهداء وأنعشت الحركة التجارية في غمرة تهافت الناس على المتاجر والمراكز التجارية والاستعداد لاستقبال عيد الفطر، بل هي الحركة التي أعادت الروح للمقاهي والمطاعم وبيع المثلجات، وفتح عدد من سطوح بعض مباني المؤسسات المطلة على ميناء وخليج الجزائر، بل هي الحركة والحيوية التي أنعشت بعض الأسواق والفضاءات. ففي حدود الساعة العاشرة ليلا، كانت سوق ساحة الشهداء التي ينشطها باعة الطرقات قد خنقت كل الممرات بكثافة زوارها وسدت منافذ الوصول إلى جامع كتشاوة، إنها الساحة التي يتقاطع فوقها التاريخ مع الدين والتجارة الفوضوية والفن، بعد أن تحول مقهى (مالاكوف) إلى وجهة لتنشيط حفلات على أنغام الشعبي تنعش أجواءها نسمات البحر الأبيض المتوسط، وتزداد الأجواء تلك جمالا كلما تقدمت صوب واحدة من أكبر الأحياء شعبية في العاصمة هو باب الوادي، أين تأخذ المأكولات الشعبية حقوقها الكاملة في العادات الدينية والثقافية، لاسيما الحلويات التقليدية، بل كانت مقاهيه مطاعمه وأسواقه في أوج نشاطها. .. وللبحر نكهته الليلية وللزائر أيضا أن يختبر ليل العاصمة في فضاء كيتاني المعانق لزرقة البحر المتوسط، الذي أصبح مثار إغراء للعائلات القادمة من عشرات الأحياء حتى بلديات أخرى، استجماعا لقوتها ورفع طاقتها بنسمات البحر.. إنه الفضاء الذي يرتقب أن يكتمل مع فضاء المسمكة بميناء الجزائر، ليشكل في المستقبل القريب الوجهة الأكثر جذبا واستقطابا للزوار في العاصمة، هي خليج الجزائر. وفيما تعتبر حيوية هذه الليالي جزءا من التطور الحضري لمدينة الجزائر الذي يسمح لمختلف الفئات من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية بالتواصل والاحتكاك بعضهم ببعض، يتساءل بعض من أبناء ساحة الشهداء وباب الوادي عما إذا كانت الجهات المعنية بتسيير الشأن العام بالعاصمة؛ فكرت في الإبقاء على تسخير هذه الإمكانيات من وسائل النقل لمرحلة ما بعد رمضان، خصوصا وأن الحيوية التي عرفتها المدينة لقيت استحسانا من قبل الساكنة التي عثرت على ملاذها في التحرك على نحو مريح عبر بلديات الولاية. الجامع الأعظم كما أبانت الأجواء التي طبعت بهو المسجد الأعظم ومحيطه، عن الوجه الآخر للهوية الدينية التي أصبحت عليها العاصمة؛ إذ أصبحت الأجواء التي تخيم على ليالي المسجد عامل جذب بامتياز لآلاف الزوار، بينهم الأجانب في غمرة الأجواء المنعشة المفتوحة على نسمات البحر المتوسط، ما يجعله مقصدا سياحيا للزوار ليلا ونهارا.. يحدث ذلك في وقت أبانت فيه ولاية الجزائر عن قفزة في تحسين وجه بعض الشوارع والمحاور الكبرى بالإنارة العمومية. بل إن ما وقفنا عليه في حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا؛ أن المحيط الأمني (périmètre sécuritaire) للجامع تحول إلى نقطة استقطاب كبرى لآلاف الزوار في الواجهة البحرية المقابلة للمسجد. ويقول نسيم القادم من الدويرة، رفقة عائلته لشراء أغراض العيد من المركز التجاري (آرديس): "أنا أقصد دائما هذه الجهة ليلا من الواجهة البحرية قبالة المسجد الأعظم، إذ يمكنك التسوق بشكل سلس بآرديس، وفي الوقت نفسه تستمتع بالمشي أو الجلوس بالقرب من شاطئ البحر..". وساهم في صنع هذه الليالي الرائعة؛ الأجواء الآمنة عبر مختلف المراكز التجارية والمحاور والطرقات الكبرى التي تغطيها دوريات للشرطة.. وظلت حيوية ليالي العاصمة متوهجة بباب الزوار ومراكزها التجارية ومقام الشهيد، فيما كانت الأصداء المنعكسة من الرويبة، الدار البيضاء، الشراڤة، دالي إبراهيم... تشير إلى أن ليل رمضان يستهوي كثيرا من الزوار والفضوليين. المدينة تكشف عن بهجتها.. فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العاصمة إلى بقية شهور السنة؟ هذا السؤال طرحناه على بعض العارفين بالشأن السياحي والتنمية الحضرية ممن التقينا بهم قبالة المركز التجاري (آرديس)، بعضهم قال "إن التوجهات الحديثة للسياحة، خاصة في ظل تزايد اهتمام السياح بالتجارب الليلية التي توفرها العديد من المدن الكبرى حول العالم، في معظم العواصم السياحية الحديثة؛ أصبح النشاط الليلي جزءا أساسيا من تجارب الزوار، إذ يسهم في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي.."، قبل أن يضيف آخرون "يمكن تفعيل ليالي العاصمة عبر تفعيل الثقافة المحلية بإقامة أنشطة ليلية وجولات تعرض وتعرف بمعالم المدينة بطريقة مميزة، فالليل هو فرصة لتعزيز التجربة السياحية في المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية أو ثقافية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل..". والحاصل؛ أن ما لاحظناه أثناء جولتنا، أن حيوية ليل العاصمة كان جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر، تعبر عن تناغم بين ما هو ديني وثقافي وترفيهي وفني وتجاري، على نحو خلق بيئة اجتماعية نابضة بالحياة وكشف عن فهم جديد لتعزيز الهوية المحلية للمدينة، والاحتفاء بالعادات والتقاليد الجزائرية، ما يدعو بالتالي لفتح أكثر لأبواب الفنون الشعبية والعروض المسرحية والموسيقية التي يفترض أن تعرض في المساء. ويقود هذا الوضع إلى طرح تساؤل أكبر عما إذا كانت السلطات مستعدة لتفعيل ليل العاصمة إلى طول أشهر السنة لتجريب الوجه الآخر للحياة في العاصمة، الذي شكل نهارها مصدر متاعب لا متناهية للساكنة وللزوار من فرط الازدحام وحولهم إلى كائنات مضغوطة أشبه بعبوات ناسفة؟ وهل هي مستعدة لفتح مصالح إدارية ليلا لامتصاص الضغط عن العاصمة نهارا؟ إحياء السياحة الليلية.. يجيب بعض المهتمين بالتنمية الحضرية والسياحة، بأن إحياء العاصمة ليلا يجب أن يتم في اتجاه الاهتمام بالأنشطة السياحية والخدمات؛ كتطوير الفعاليات الثقافية والترفيهية بما يتناسب وخصوصيات المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية دولية، وعروض مسرحية، وفعاليات ثقافية متنوعة، مثل مهرجانات السينما والموسيقى المحلية والعالمية، وعروض الفولكلور الشعبي، والفنون الشعبية عبر مناطق حيوية من المدينة كالقصبة أو الساحات العامة بما يوفر تجربة ثقافية متميزة. إلى جانب إقامة أسواق ليلية تعرض الحرف اليدوية والمنتجات المحلية، والأطعمة التقليدية عبر الساحات العامة والواجهة البحرية والقصبة، على أن ترافق العملية جولات سياحية ليلية لزيارة المعالم الشهيرة، كالقصبة، ومقام الشهيد، وجامع الجزائر، وكتشاوة، ومتاحف.. ويمر ذلك، حسبهم، عبر توسيع شبكة النقل العام وتوفيرها على مدار 24 ساعة، كالحافلات، والمترو، والترامواي، والمصاعد الهوائية، على نحو يعزز تجربة الزوار، مع دعم قرارات فتح المطاعم والمقاهي ليلا في الأماكن الحيوية، كالواجهة البحرية والشوارع الشهيرة للاستمتاع بالأجواء المحلية، وتنظيم عروض ترفيهية ليلية للعائلات، كمسرح العرائس، والسينما المفتوحة والترويج للعاصمة الجزائرية كوجهة سياحية ليلية في الأسواق العالمية من خلال الحملات لترويجية على الانترنيت. والحاصل؛ أن الجزائريين نسوا أن واحدة من أبرز امتدادهم، هو امتدادهم في حوض البحر المتوسط بعد أن تم نسيانه وتم الانكفاء على ثقافة جد محلية محدودة، مع أن كثيرا من الخبراء الأجانب صنفوا العاصمة الجزائرية في مكانة امتيازية متقدمة قبل عواصم أوروبية؛ بل وتقول مراجع تاريخية: إن مدينة الجزائر كانت حتى قبل دخول الاستعمار الفرنسي مدينة ثقافية علمية تجارية لها سمعة عالمية. عواصم لا تنام لأجل ذلك، كان يفترض تفعيل الحياة الليلية للعاصمة لجعلها عاصمة تستعيد مكانتها ضمن بلدان البحر المتوسط، كعاصمة (كوسموبوليتية)؛ أي عاصمة عالمية، ولو أن مخطط التهيئة العام لمدينة الجزائر في أفق 2030 يرتب لجعل المدينة من بين (الخمس المدن الأولى في المتوسط) Top 5)). فالعاصمة كان يفترض ترقية حياتها الليلية على نحو ما هي عليه باريس، وبرلين، ومدريد، وأمستردام ولندن... الرياض، وبيروت، ودبي، وكيب ثاون (جنوب إفريقيا)، ولاغوس (نيجيريا)، ونيروبي (كينيا)، ودار السلام (تنزانيا)، أبيدجان (كوت ديفوار)، ومابوتو (موزمبيق)، خصوصا وأن مدينة الجزائر تنفرد بخصائص معمارية ومعالم تاريخية دينية وثقافية وشريط ساحلي.

ماذا لو تواصلت ليالي البهجة في العاصمة طيلة السنة؟
ماذا لو تواصلت ليالي البهجة في العاصمة طيلة السنة؟

الخبر

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الخبر

ماذا لو تواصلت ليالي البهجة في العاصمة طيلة السنة؟

أظهرت الإمكانيات المسخرة لإحياء ليالي الشهر الفضيل بالعاصمة، جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر بعد أن أبانت عن تناغم بين الثقافة والترفيه والتجارة من جانب الأنشطة المتنوعة مثل المقاهي والمطاعم والأسواق الليلية، الفعاليات الثقافية والدينية والفنية التي تبقى مفتوحة حتى ساعة متأخرة من الليل، لتصبح ليالي العاصمة مليئة بالحياة والنشاط المتجسدة في الشوارع المكتظة، كديدوش مراد، والعربي بن مهيدي، وساحة الشهداء، وباب لوادي، والمسجد الأعظم، ومقام الشهيد، والواجهة البحرية... فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العصمة طيلة شهور السنة، ليالي يختبر فيها الجزائريون الوجه الآخر لعاصمتهم بعد أن حولتهم حركة الازدحام نهارا إلى كائنات مضغوطة. وساهم النقل العمومي في ربط أوصال مدينة الجزائر ببلدياتها ومد الجسور معها ليلا، بتسخير 82 حافلة بعد الإفطار عبر 74 خطا اعتبارا من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية الثانية صباحا، منها استحداث خطوط ليلية تربط عددا من بلديات شرق وغرب ووسط وجنوب العاصمة، وأقطاب سكنية جديدة مثل حمادي ببومرداس وسيدي عبد الله بغرب العاصمة... بالجامع الأعظم. وبات في وسع مواطني سيدي عبد الله، غرب العاصمة، أو حمادي شرقا، الوصول إلى قلب العاصمة مباشرة بعد الإفطار واختبار الأجواء الدينية الرمضانية في الجامع الأعظم، وحتى الاستمتاع بالعروض الثقافية المسرحية أو الفنية بقلب المدينة والعودة في أي ساعة حتى الثانية صباحا، والأمر ذاته بالنسبة للبلديات الواقعة بالضاحية الجنوبية، ليبقى الحد الأدنى للخدمة مضمونا يومي الجمعة والسبت، يقول أحد أعوان الشركة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري. عندما يتم تفعيل النقل العمومي وفي تجربة لها تنم عن بداية انفتاح المؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري على التسويق السياحي في خطوة لتطليق الأطر القديمة الضيقة التي كانت تعمل بها، تعتزم فرض حضورها كلاعب فاعل في الترويج السياحي بتسخير حافلات (سيتي تور) اعتبارا من اليوم الثالث والعشرين (23) من شهر مارس الجاري؛ للقيام بزيارات مرفقة بدليل أو مرشد سياحي نحو المعالم التاريخية كالقصبة وما تزخر به من قصور، كقصر الداي حسين، وأخرى دينية كجامع كتشاوة وسيدي عبد الرحمان والجامع الأعظم، ضمن تنشيط الأمسيات الرمضانية والاستمتاع بأجوائها. ورفعت مؤسستا (مترو الجزائر) و(سترام) للنقل بالترامواي، من جهتها، سقف خدماتها الليلية بتعديل رحلاتها لتواكب احتياجات المواطنين الراغبين في اكتشاف الأجواء الدينية عبر مساجد العاصمة، أو اكتشاف المراكز التجارية، أو الاستمتاع بالعروض الثقافية والفنية (سينما ومسرح وحفلات موسيقية..). ففيما تبدأ خدمات المترو مباشرة بعد الإفطار إلى غاية الواحدة والنصف (1h30) صباحا، تشرع (سترام) في رحلاتها بالترامواي نصف ساعة بعد الإفطار إلى غاية (12h30) ليلا. سمح هذا الترتيب والتنظيم المحكم للنقل العمومي؛ بمد الجسور مع بلديات العاصمة وأصبح تدفق المواطنين سلسا على قلب العاصمة التي بدت في قمة هدوئها في غياب وسائل النقل الخاصة. تدفق الزوار كان يزداد من ساعة إلى أخرى عبر محطات المترو الترامواي، ومحطات ومواقف الحافلات في ساحات أول ماي والشهداء. شوارع وساحات ومقاهي وأسواق عادت للحياة إنه التدفق الذي أعاد الحياة للشوارع الكبرى وغالبية الساحات، كديدوش مراد، العربي بن مهيدي، حسيبة بن بوعلي، زيغود يوسف... ساحة أول ماي، ساحة موريس أودان، وصولا إلى ساحة البريد المركزي حيث تنظم سهرات على أنغام الشعبي.. ولامست بهجة ليالي رمضان ساحة بورسعيد (السكوار)، وساحة الشهداء وأنعشت الحركة التجارية في غمرة تهافت الناس على المتاجر والمراكز التجارية والاستعداد لاستقبال عيد الفطر، بل هي الحركة التي أعادت الروح للمقاهي والمطاعم وبيع المثلجات، وفتح عدد من سطوح بعض مباني المؤسسات المطلة على ميناء وخليج الجزائر، بل هي الحركة والحيوية التي أنعشت بعض الأسواق والفضاءات. ففي حدود الساعة العاشرة ليلا، كانت سوق ساحة الشهداء التي ينشطها باعة الطرقات قد خنقت كل الممرات بكثافة زوارها وسدت منافذ الوصول إلى جامع كتشاوة، إنها الساحة التي يتقاطع فوقها التاريخ مع الدين والتجارة الفوضوية والفن، بعد أن تحول مقهى (مالاكوف) إلى وجهة لتنشيط حفلات على أنغام الشعبي تنعش أجواءها نسمات البحر الأبيض المتوسط، وتزداد الأجواء تلك جمالا كلما تقدمت صوب واحدة من أكبر الأحياء شعبية في العاصمة هو باب الوادي، أين تأخذ المأكولات الشعبية حقوقها الكاملة في العادات الدينية والثقافية، لاسيما الحلويات التقليدية، بل كانت مقاهيه مطاعمه وأسواقه في أوج نشاطها. .. وللبحر نكهته الليلية وللزائر أيضا أن يختبر ليل العاصمة في فضاء كيتاني المعانق لزرقة البحر المتوسط، الذي أصبح مثار إغراء للعائلات القادمة من عشرات الأحياء حتى بلديات أخرى، استجماعا لقوتها ورفع طاقتها بنسمات البحر.. إنه الفضاء الذي يرتقب أن يكتمل مع فضاء المسمكة بميناء الجزائر، ليشكل في المستقبل القريب الوجهة الأكثر جذبا واستقطابا للزوار في العاصمة، هي خليج الجزائر. وفيما تعتبر حيوية هذه الليالي جزءا من التطور الحضري لمدينة الجزائر الذي يسمح لمختلف الفئات من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية بالتواصل والاحتكاك بعضهم ببعض، يتساءل بعض من أبناء ساحة الشهداء وباب الوادي عما إذا كانت الجهات المعنية بتسيير الشأن العام بالعاصمة؛ فكرت في الإبقاء على تسخير هذه الإمكانيات من وسائل النقل لمرحلة ما بعد رمضان، خصوصا وأن الحيوية التي عرفتها المدينة لقيت استحسانا من قبل الساكنة التي عثرت على ملاذها في التحرك على نحو مريح عبر بلديات الولاية. الجامع الأعظم كما أبانت الأجواء التي طبعت بهو المسجد الأعظم ومحيطه، عن الوجه الآخر للهوية الدينية التي أصبحت عليها العاصمة؛ إذ أصبحت الأجواء التي تخيم على ليالي المسجد عامل جذب بامتياز لآلاف الزوار، بينهم الأجانب في غمرة الأجواء المنعشة المفتوحة على نسمات البحر المتوسط، ما يجعله مقصدا سياحيا للزوار ليلا ونهارا.. يحدث ذلك في وقت أبانت فيه ولاية الجزائر عن قفزة في تحسين وجه بعض الشوارع والمحاور الكبرى بالإنارة العمومية. بل إن ما وقفنا عليه في حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا؛ أن المحيط الأمني (périmètre sécuritaire) للجامع تحول إلى نقطة استقطاب كبرى لآلاف الزوار في الواجهة البحرية المقابلة للمسجد. ويقول نسيم القادم من الدويرة، رفقة عائلته لشراء أغراض العيد من المركز التجاري (آرديس): "أنا أقصد دائما هذه الجهة ليلا من الواجهة البحرية قبالة المسجد الأعظم، إذ يمكنك التسوق بشكل سلس بآرديس، وفي الوقت نفسه تستمتع بالمشي أو الجلوس بالقرب من شاطئ البحر..". وساهم في صنع هذه الليالي الرائعة؛ الأجواء الآمنة عبر مختلف المراكز التجارية والمحاور والطرقات الكبرى التي تغطيها دوريات للشرطة.. وظلت حيوية ليالي العاصمة متوهجة بباب الزوار ومراكزها التجارية ومقام الشهيد، فيما كانت الأصداء المنعكسة من الرويبة، الدار البيضاء، الشراڤة، دالي إبراهيم... تشير إلى أن ليل رمضان يستهوي كثيرا من الزوار والفضوليين. المدينة تكشف عن بهجتها.. فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العاصمة إلى بقية شهور السنة؟ هذا السؤال طرحناه على بعض العارفين بالشأن السياحي والتنمية الحضرية ممن التقينا بهم قبالة المركز التجاري (آرديس)، بعضهم قال "إن التوجهات الحديثة للسياحة، خاصة في ظل تزايد اهتمام السياح بالتجارب الليلية التي توفرها العديد من المدن الكبرى حول العالم، في معظم العواصم السياحية الحديثة؛ أصبح النشاط الليلي جزءا أساسيا من تجارب الزوار، إذ يسهم في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي.."، قبل أن يضيف آخرون "يمكن تفعيل ليالي العاصمة عبر تفعيل الثقافة المحلية بإقامة أنشطة ليلية وجولات تعرض وتعرف بمعالم المدينة بطريقة مميزة، فالليل هو فرصة لتعزيز التجربة السياحية في المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية أو ثقافية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل..". والحاصل؛ أن ما لاحظناه أثناء جولتنا، أن حيوية ليل العاصمة كان جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر، تعبر عن تناغم بين ما هو ديني وثقافي وترفيهي وفني وتجاري، على نحو خلق بيئة اجتماعية نابضة بالحياة وكشف عن فهم جديد لتعزيز الهوية المحلية للمدينة، والاحتفاء بالعادات والتقاليد الجزائرية، ما يدعو بالتالي لفتح أكثر لأبواب الفنون الشعبية والعروض المسرحية والموسيقية التي يفترض أن تعرض في المساء. ويقود هذا الوضع إلى طرح تساؤل أكبر عما إذا كانت السلطات مستعدة لتفعيل ليل العاصمة إلى طول أشهر السنة لتجريب الوجه الآخر للحياة في العاصمة، الذي شكل نهارها مصدر متاعب لا متناهية للساكنة وللزوار من فرط الازدحام وحولهم إلى كائنات مضغوطة أشبه بعبوات ناسفة؟ وهل هي مستعدة لفتح مصالح إدارية ليلا لامتصاص الضغط عن العاصمة نهارا؟ إحياء السياحة الليلية.. يجيب بعض المهتمين بالتنمية الحضرية والسياحة، بأن إحياء العاصمة ليلا يجب أن يتم في اتجاه الاهتمام بالأنشطة السياحية والخدمات؛ كتطوير الفعاليات الثقافية والترفيهية بما يتناسب وخصوصيات المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية دولية، وعروض مسرحية، وفعاليات ثقافية متنوعة، مثل مهرجانات السينما والموسيقى المحلية والعالمية، وعروض الفولكلور الشعبي، والفنون الشعبية عبر مناطق حيوية من المدينة كالقصبة أو الساحات العامة بما يوفر تجربة ثقافية متميزة. إلى جانب إقامة أسواق ليلية تعرض الحرف اليدوية والمنتجات المحلية، والأطعمة التقليدية عبر الساحات العامة والواجهة البحرية والقصبة، على أن ترافق العملية جولات سياحية ليلية لزيارة المعالم الشهيرة، كالقصبة، ومقام الشهيد، وجامع الجزائر، وكتشاوة، ومتاحف.. ويمر ذلك، حسبهم، عبر توسيع شبكة النقل العام وتوفيرها على مدار 24 ساعة، كالحافلات، والمترو، والترامواي، والمصاعد الهوائية، على نحو يعزز تجربة الزوار، مع دعم قرارات فتح المطاعم والمقاهي ليلا في الأماكن الحيوية، كالواجهة البحرية والشوارع الشهيرة للاستمتاع بالأجواء المحلية، وتنظيم عروض ترفيهية ليلية للعائلات، كمسرح العرائس، والسينما المفتوحة والترويج للعاصمة الجزائرية كوجهة سياحية ليلية في الأسواق العالمية من خلال الحملات لترويجية على الانترنيت. والحاصل؛ أن الجزائريين نسوا أن واحدة من أبرز امتدادهم، هو امتدادهم في حوض البحر المتوسط بعد أن تم نسيانه وتم الانكفاء على ثقافة جد محلية محدودة، مع أن كثيرا من الخبراء الأجانب صنفوا العاصمة الجزائرية في مكانة امتيازية متقدمة قبل عواصم أوروبية؛ بل وتقول مراجع تاريخية: إن مدينة الجزائر كانت حتى قبل دخول الاستعمار الفرنسي مدينة ثقافية علمية تجارية لها سمعة عالمية. عواصم لا تنام لأجل ذلك، كان يفترض تفعيل الحياة الليلية للعاصمة لجعلها عاصمة تستعيد مكانتها ضمن بلدان البحر المتوسط، كعاصمة (كوسموبوليتية)؛ أي عاصمة عالمية، ولو أن مخطط التهيئة العام لمدينة الجزائر في أفق 2030 يرتب لجعل المدينة من بين (الخمس المدن الأولى في المتوسط) Top 5)). فالعاصمة كان يفترض ترقية حياتها الليلية على نحو ما هي عليه باريس، وبرلين، ومدريد، وأمستردام ولندن... الرياض، وبيروت، ودبي، وكيب ثاون (جنوب إفريقيا)، ولاغوس (نيجيريا)، ونيروبي (كينيا)، ودار السلام (تنزانيا)، أبيدجان (كوت ديفوار)، ومابوتو (موزمبيق)، خصوصا وأن مدينة الجزائر تنفرد بخصائص معمارية ومعالم تاريخية دينية وثقافية وشريط ساحلي.

ماذا لو تواصلت بهجة ليالي العاصمة طيلة السنة؟
ماذا لو تواصلت بهجة ليالي العاصمة طيلة السنة؟

الخبر

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الخبر

ماذا لو تواصلت بهجة ليالي العاصمة طيلة السنة؟

أظهرت الإمكانيات المسخرة لإحياء ليالي الشهر الفضيل بالعاصمة، جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر بعد أن أبانت عن تناغم بين الثقافة والترفيه والتجارة من جانب الأنشطة المتنوعة مثل المقاهي والمطاعم والأسواق الليلية، الفعاليات الثقافية والدينية والفنية التي تبقى مفتوحة حتى ساعة متأخرة من الليل، لتصبح ليالي العاصمة مليئة بالحياة والنشاط المتجسدة في الشوارع المكتظة، كديدوش مراد، والعربي بن مهيدي، وساحة الشهداء، وباب لوادي، والمسجد الأعظم، ومقام الشهيد، والواجهة البحرية... فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العصمة طيلة شهور السنة، ليالي يختبر فيها الجزائريون الوجه الآخر لعاصمتهم بعد أن حولتهم حركة الازدحام نهارا إلى كائنات مضغوطة. وساهم النقل العمومي في ربط أوصال مدينة الجزائر ببلدياتها ومد الجسور معها ليلا، بتسخير 82 حافلة بعد الإفطار عبر 74 خطا اعتبارا من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية الثانية صباحا، منها استحداث خطوط ليلية تربط عددا من بلديات شرق وغرب ووسط وجنوب العاصمة، وأقطاب سكنية جديدة مثل حمادي ببومرداس وسيدي عبد الله بغرب العاصمة... بالجامع الأعظم. وبات في وسع مواطني سيدي عبد الله، غرب العاصمة، أو حمادي شرقا، الوصول إلى قلب العاصمة مباشرة بعد الإفطار واختبار الأجواء الدينية الرمضانية في الجامع الأعظم، وحتى الاستمتاع بالعروض الثقافية المسرحية أو الفنية بقلب المدينة والعودة في أي ساعة حتى الثانية صباحا، والأمر ذاته بالنسبة للبلديات الواقعة بالضاحية الجنوبية، ليبقى الحد الأدنى للخدمة مضمونا يومي الجمعة والسبت، يقول أحد أعوان الشركة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري. عندما يتم تفعيل النقل العمومي وفي تجربة لها تنم عن بداية انفتاح المؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري على التسويق السياحي في خطوة لتطليق الأطر القديمة الضيقة التي كانت تعمل بها، تعتزم فرض حضورها كلاعب فاعل في الترويج السياحي بتسخير حافلات (سيتي تور) اعتبارا من اليوم الثالث والعشرين (23) من شهر مارس الجاري؛ للقيام بزيارات مرفقة بدليل أو مرشد سياحي نحو المعالم التاريخية كالقصبة وما تزخر به من قصور، كقصر الداي حسين، وأخرى دينية كجامع كتشاوة وسيدي عبد الرحمان والجامع الأعظم، ضمن تنشيط الأمسيات الرمضانية والاستمتاع بأجوائها. ورفعت مؤسستا (مترو الجزائر) و(سترام) للنقل بالترامواي، من جهتها، سقف خدماتها الليلية بتعديل رحلاتها لتواكب احتياجات المواطنين الراغبين في اكتشاف الأجواء الدينية عبر مساجد العاصمة، أو اكتشاف المراكز التجارية، أو الاستمتاع بالعروض الثقافية والفنية (سينما ومسرح وحفلات موسيقية..). ففيما تبدأ خدمات المترو مباشرة بعد الإفطار إلى غاية الواحدة والنصف (1h30) صباحا، تشرع (سترام) في رحلاتها بالترامواي نصف ساعة بعد الإفطار إلى غاية (12h30) ليلا. سمح هذا الترتيب والتنظيم المحكم للنقل العمومي؛ بمد الجسور مع بلديات العاصمة وأصبح تدفق المواطنين سلسا على قلب العاصمة التي بدت في قمة هدوئها في غياب وسائل النقل الخاصة. تدفق الزوار كان يزداد من ساعة إلى أخرى عبر محطات المترو الترامواي، ومحطات ومواقف الحافلات في ساحات أول ماي والشهداء. شوارع وساحات ومقاهي وأسواق عادت للحياة إنه التدفق الذي أعاد الحياة للشوارع الكبرى وغالبية الساحات، كديدوش مراد، العربي بن مهيدي، حسيبة بن بوعلي، زيغود يوسف... ساحة أول ماي، ساحة موريس أودان، وصولا إلى ساحة البريد المركزي حيث تنظم سهرات على أنغام الشعبي.. ولامست بهجة ليالي رمضان ساحة بورسعيد (السكوار)، وساحة الشهداء وأنعشت الحركة التجارية في غمرة تهافت الناس على المتاجر والمراكز التجارية والاستعداد لاستقبال عيد الفطر، بل هي الحركة التي أعادت الروح للمقاهي والمطاعم وبيع المثلجات، وفتح عدد من سطوح بعض مباني المؤسسات المطلة على ميناء وخليج الجزائر، بل هي الحركة والحيوية التي أنعشت بعض الأسواق والفضاءات. ففي حدود الساعة العاشرة ليلا، كانت سوق ساحة الشهداء التي ينشطها باعة الطرقات قد خنقت كل الممرات بكثافة زوارها وسدت منافذ الوصول إلى جامع كتشاوة، إنها الساحة التي يتقاطع فوقها التاريخ مع الدين والتجارة الفوضوية والفن، بعد أن تحول مقهى (مالاكوف) إلى وجهة لتنشيط حفلات على أنغام الشعبي تنعش أجواءها نسمات البحر الأبيض المتوسط، وتزداد الأجواء تلك جمالا كلما تقدمت صوب واحدة من أكبر الأحياء شعبية في العاصمة هو باب الوادي، أين تأخذ المأكولات الشعبية حقوقها الكاملة في العادات الدينية والثقافية، لاسيما الحلويات التقليدية، بل كانت مقاهيه مطاعمه وأسواقه في أوج نشاطها. .. وللبحر نكهته الليلية وللزائر أيضا أن يختبر ليل العاصمة في فضاء كيتاني المعانق لزرقة البحر المتوسط، الذي أصبح مثار إغراء للعائلات القادمة من عشرات الأحياء حتى بلديات أخرى، استجماعا لقوتها ورفع طاقتها بنسمات البحر.. إنه الفضاء الذي يرتقب أن يكتمل مع فضاء المسمكة بميناء الجزائر، ليشكل في المستقبل القريب الوجهة الأكثر جذبا واستقطابا للزوار في العاصمة، هي خليج الجزائر. وفيما تعتبر حيوية هذه الليالي جزءا من التطور الحضري لمدينة الجزائر الذي يسمح لمختلف الفئات من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية بالتواصل والاحتكاك بعضهم ببعض، يتساءل بعض من أبناء ساحة الشهداء وباب الوادي عما إذا كانت الجهات المعنية بتسيير الشأن العام بالعاصمة؛ فكرت في الإبقاء على تسخير هذه الإمكانيات من وسائل النقل لمرحلة ما بعد رمضان، خصوصا وأن الحيوية التي عرفتها المدينة لقيت استحسانا من قبل الساكنة التي عثرت على ملاذها في التحرك على نحو مريح عبر بلديات الولاية. الجامع الأعظم كما أبانت الأجواء التي طبعت بهو المسجد الأعظم ومحيطه، عن الوجه الآخر للهوية الدينية التي أصبحت عليها العاصمة؛ إذ أصبحت الأجواء التي تخيم على ليالي المسجد عامل جذب بامتياز لآلاف الزوار، بينهم الأجانب في غمرة الأجواء المنعشة المفتوحة على نسمات البحر المتوسط، ما يجعله مقصدا سياحيا للزوار ليلا ونهارا.. يحدث ذلك في وقت أبانت فيه ولاية الجزائر عن قفزة في تحسين وجه بعض الشوارع والمحاور الكبرى بالإنارة العمومية. بل إن ما وقفنا عليه في حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا؛ أن المحيط الأمني (périmètre sécuritaire) للجامع تحول إلى نقطة استقطاب كبرى لآلاف الزوار في الواجهة البحرية المقابلة للمسجد. ويقول نسيم القادم من الدويرة، رفقة عائلته لشراء أغراض العيد من المركز التجاري (آرديس): "أنا أقصد دائما هذه الجهة ليلا من الواجهة البحرية قبالة المسجد الأعظم، إذ يمكنك التسوق بشكل سلس بآرديس، وفي الوقت نفسه تستمتع بالمشي أو الجلوس بالقرب من شاطئ البحر..". وساهم في صنع هذه الليالي الرائعة؛ الأجواء الآمنة عبر مختلف المراكز التجارية والمحاور والطرقات الكبرى التي تغطيها دوريات للشرطة.. وظلت حيوية ليالي العاصمة متوهجة بباب الزوار ومراكزها التجارية ومقام الشهيد، فيما كانت الأصداء المنعكسة من الرويبة، الدار البيضاء، الشراڤة، دالي إبراهيم... تشير إلى أن ليل رمضان يستهوي كثيرا من الزوار والفضوليين. المدينة تكشف عن بهجتها.. فماذا لو تواصلت حيوية ليالي العاصمة إلى بقية شهور السنة؟ هذا السؤال طرحناه على بعض العارفين بالشأن السياحي والتنمية الحضرية ممن التقينا بهم قبالة المركز التجاري (آرديس)، بعضهم قال "إن التوجهات الحديثة للسياحة، خاصة في ظل تزايد اهتمام السياح بالتجارب الليلية التي توفرها العديد من المدن الكبرى حول العالم، في معظم العواصم السياحية الحديثة؛ أصبح النشاط الليلي جزءا أساسيا من تجارب الزوار، إذ يسهم في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي.."، قبل أن يضيف آخرون "يمكن تفعيل ليالي العاصمة عبر تفعيل الثقافة المحلية بإقامة أنشطة ليلية وجولات تعرض وتعرف بمعالم المدينة بطريقة مميزة، فالليل هو فرصة لتعزيز التجربة السياحية في المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية أو ثقافية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل..". والحاصل؛ أن ما لاحظناه أثناء جولتنا، أن حيوية ليل العاصمة كان جانبا مميزا من الحياة الحضرية لمدينة الجزائر، تعبر عن تناغم بين ما هو ديني وثقافي وترفيهي وفني وتجاري، على نحو خلق بيئة اجتماعية نابضة بالحياة وكشف عن فهم جديد لتعزيز الهوية المحلية للمدينة، والاحتفاء بالعادات والتقاليد الجزائرية، ما يدعو بالتالي لفتح أكثر لأبواب الفنون الشعبية والعروض المسرحية والموسيقية التي يفترض أن تعرض في المساء. ويقود هذا الوضع إلى طرح تساؤل أكبر عما إذا كانت السلطات مستعدة لتفعيل ليل العاصمة إلى طول أشهر السنة لتجريب الوجه الآخر للحياة في العاصمة، الذي شكل نهارها مصدر متاعب لا متناهية للساكنة وللزوار من فرط الازدحام وحولهم إلى كائنات مضغوطة أشبه بعبوات ناسفة؟ وهل هي مستعدة لفتح مصالح إدارية ليلا لامتصاص الضغط عن العاصمة نهارا؟ إحياء السياحة الليلية.. يجيب بعض المهتمين بالتنمية الحضرية والسياحة، بأن إحياء العاصمة ليلا يجب أن يتم في اتجاه الاهتمام بالأنشطة السياحية والخدمات؛ كتطوير الفعاليات الثقافية والترفيهية بما يتناسب وخصوصيات المدينة، كتنظيم مهرجانات موسيقية دولية، وعروض مسرحية، وفعاليات ثقافية متنوعة، مثل مهرجانات السينما والموسيقى المحلية والعالمية، وعروض الفولكلور الشعبي، والفنون الشعبية عبر مناطق حيوية من المدينة كالقصبة أو الساحات العامة بما يوفر تجربة ثقافية متميزة. إلى جانب إقامة أسواق ليلية تعرض الحرف اليدوية والمنتجات المحلية، والأطعمة التقليدية عبر الساحات العامة والواجهة البحرية والقصبة، على أن ترافق العملية جولات سياحية ليلية لزيارة المعالم الشهيرة، كالقصبة، ومقام الشهيد، وجامع الجزائر، وكتشاوة، ومتاحف.. ويمر ذلك، حسبهم، عبر توسيع شبكة النقل العام وتوفيرها على مدار 24 ساعة، كالحافلات، والمترو، والترامواي، والمصاعد الهوائية، على نحو يعزز تجربة الزوار، مع دعم قرارات فتح المطاعم والمقاهي ليلا في الأماكن الحيوية، كالواجهة البحرية والشوارع الشهيرة للاستمتاع بالأجواء المحلية، وتنظيم عروض ترفيهية ليلية للعائلات، كمسرح العرائس، والسينما المفتوحة والترويج للعاصمة الجزائرية كوجهة سياحية ليلية في الأسواق العالمية من خلال الحملات لترويجية على الانترنيت. والحاصل؛ أن الجزائريين نسوا أن واحدة من أبرز امتدادهم، هو امتدادهم في حوض البحر المتوسط بعد أن تم نسيانه وتم الانكفاء على ثقافة جد محلية محدودة، مع أن كثيرا من الخبراء الأجانب صنفوا العاصمة الجزائرية في مكانة امتيازية متقدمة قبل عواصم أوروبية؛ بل وتقول مراجع تاريخية: إن مدينة الجزائر كانت حتى قبل دخول الاستعمار الفرنسي مدينة ثقافية علمية تجارية لها سمعة عالمية. عواصم لا تنام لأجل ذلك، كان يفترض تفعيل الحياة الليلية للعاصمة لجعلها عاصمة تستعيد مكانتها ضمن بلدان البحر المتوسط، كعاصمة (كوسموبوليتية)؛ أي عاصمة عالمية، ولو أن مخطط التهيئة العام لمدينة الجزائر في أفق 2030 يرتب لجعل المدينة من بين (الخمس المدن الأولى في المتوسط) Top 5)). فالعاصمة كان يفترض ترقية حياتها الليلية على نحو ما هي عليه باريس، وبرلين، ومدريد، وأمستردام ولندن... الرياض، وبيروت، ودبي، وكيب ثاون (جنوب إفريقيا)، ولاغوس (نيجيريا)، ونيروبي (كينيا)، ودار السلام (تنزانيا)، أبيدجان (كوت ديفوار)، ومابوتو (موزمبيق)، خصوصا وأن مدينة الجزائر تنفرد بخصائص معمارية ومعالم تاريخية دينية وثقافية وشريط ساحلي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store