أحدث الأخبار مع #سيغموندفرويد


البوابة
منذ 2 أيام
- صحة
- البوابة
'غرف الغضب'.. العلاج بالصوت العالي وتحطيم الأشياء
هل شعرت يومًا برغبة في كسر شيء ما بعد مشادة أو موقف مزعج؟ مشاعر الغضب ليست غريبة، لكن اللافت هو كيف تحولت هذه الرغبة إلى 'علاج' قائم بذاته في بعض المجتمعات، في مدن كثيرة حول العالم، من الولايات المتحدة إلى بريطانيا، انتشرت خلال السنوات الأخيرة ما يُعرف بـ'غرف الغضب' مساحات مغلقة يُسمح لروادها بتحطيم أشياء عشوائية كأطباق وزجاج وأجهزة إلكترونية، باستخدام مطارق وأدوات قوية، تحت شعار: 'فرغ غضبك.. وستشعر بالتحسن'. الفكرة التي قد تبدو طريفة أو ترفيهية في ظاهرها، تجد جذورها في مفاهيم نفسية أقدم، كانت تؤمن بأن كبت المشاعر يؤدي إلى احتقان داخلي لا مفر من تفجيره. ومع ظهور الإنترنت، امتدّ هذا المفهوم ليأخذ شكلًا رقميًا: مواقع وتطبيقات تتيح للمستخدمين كتابة رسائل غاضبة أو شتائم موجهة للفضاء الافتراضي دون رقيب، لكن خلف كل هذا المشهد، يتساءل البعض هل نحن فعلًا أمام وسيلة علاجية حقيقية؟ أم أن هذه الطرق تمنحنا شعورًا مؤقتًا بالراحة، بينما تزرع فينا عادات عدوانية جديدة؟ من أين بدأت القصة؟ ووفقا لـ iflscience الاعتقاد بأن 'التنفيس' وسيلة لتخفيف التوتر النفسي ليس جديدًا، تعود أصوله إلى نهاية القرن التاسع عشر، حين تحدث الطبيب النمساوي سيغموند فرويد عن مفهوم 'التفريغ الانفعالي'، واستخدم فرويد وزميله جوزيف بروير في كتابهما الشهير دراسات في الهستيريا (1895) استعارات مستمدة من الضغط والسوائل لتفسير تراكم المشاعر داخل النفس البشرية. حينها، شُبهت العواطف بالماء الساخن داخل قدر مغلق يحتاج إلى تنفيس. طوال القرن العشرين، سادت هذه الفكرة في الأوساط النفسية، وتسللت تدريجيًا إلى الثقافة العامة، حتى أصبحت ركيزة في بعض أنواع العلاج. 'الصرخة البدائية'.. العلاج بالصوت العالي في سبعينيات القرن الماضي، ظهر اسم عالم النفس آرثر جانوف، الذي أخذ فكرة التنفيس إلى مستوى جديد من خلال ما سماه 'العلاج بالصراخ البدائي'. بحسب نظريته، فإن جذور المعاناة النفسية تكمن في الصدمات المكبوتة منذ الطفولة، ولا يمكن الشفاء منها إلا بالعودة إلى تلك اللحظة العاطفية واسترجاعها بشكل صاخب. جانوف نشر كتابًا بعنوان الصرخة البدائية عام 1970، سرد فيه تجربة شاب دخل في نوبة صراخ أثناء جلسة علاجية، ووصف ذلك بأنه لحظة تحوّل جذري في حالته النفسية. سرعان ما راجت هذه الطريقة بين المشاهير مثل جون لينون ويوكو أونو، وبدت حينها وكأنها تقدم ثورة في العلاج النفسي. لكن مع مرور الوقت، بدأ المجتمع العلمي ينظر إلى هذه الأساليب بشكٍ متزايد. فبحسب دراسات حديثة، فإن التنفيس العنيف قد لا يقلل من الغضب، بل يزيده. بل إن بعض الأبحاث تشير إلى أن ممارسة هذه الأنشطة بانتظام قد تعزز السلوك العدواني، بدلًا من تهذيبه. فكرة جذابة.. لكنها ليست دائمًا صحيحة اليوم، يتفق معظم المتخصصين في علم النفس على أن التنفيس العنيف، سواء عبر غرف الغضب أو الصراخ أو حتى الكتابة المليئة بالسخط، ليس بالضرورة حلًا سحريًا. التعبير عن المشاعر أمر صحي، لكن الطريقة مهمة. فالحديث الواعي، والتواصل العاطفي المتزن، وحتى بعض التمارين الجسدية، قد تكون أكثر فاعلية من تحطيم الأشياء أو الصراخ في الفراغ.


بديل
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- بديل
الكلمات بدل اللكمات
كان سيغموند فرويد Sigmund Freud يعتقد أن المؤشر الدال على ميلاد الحضارة البشرية هو استعمال الإنسان للكلمات بدل اللكمات، أي بصيغة أوضح حين تخلّى الإنسان عن استخدام العنف الجسدي والضرب بالحجر والعصا دفاعًا عن النفس، واستبدله بالكلام والحوار. بدأت الحضارة حين اعتمد الإنسان اللغة بدل العنف، أي العقل بدل الغريزة. لكن الأنثروبولوجية الأمريكية مارغاريت ميد Margaret Mead لها موقف مغاير تمامًا، إذ تعتبر أن العلامة الدالة على بدء الحضارة البشرية هو شفاء الإنسان من كسر فخذه واستمراره في العيش. لماذا؟ لأن ذلك يعني أن هناك من ضمّد جراحه واعتنى به ووفّر له الملجأ والأكل واهتم برعايته إلى أن تماثل للشفاء. فلو تُرك ذلك الإنسان لوحده لكان مصيره المحتوم هو الموت، لأنه سيكون فريسة سهلة للحيوانات التي تتربص باللحم النيء ويسيل لعابها للجرح. إذ لو ظل لوحده في الغابة أو في الحقل أو في الوادي بدون حركة، لصار لقمة سائغة للحيوانات المفترسة. أما الاستنتاج الذي وصلت إليه مارغاريت ميد، من خلال هذه الواقعة الدالة، فهو أن التعاون أساس الحضارة، إذ حين فكّر الإنسان البدائي في مدّ يد المساعدة لفرد مكسور الفخذ، فإنه كان يضع اللبنات الأولى للحضارة البشرية. إن التعاون بين الأفراد يعني أن هناك اهتمامًا بالآخرين وتضحية من أجلهم، وانشغالًا بوضعياتهم. الأمر الذي يدل على وجود مبدأ التضامن بين الناس، وهو شرط ضروري لبناء العيش المشترك. ولكي تسود القيم السالفة الذكر، كان لا بد من تراجع قيم أخرى مثل الأنانية والتجاهل والكراهية. فالإنسان البدائي حين تنازل عن مثل هذه الصفات المترسخة في الطبيعة البشرية، فتح الباب واسعًا أمام تجربة حياتية جديدة لا حدود لها، ستفضي إلى إنشاء مجتمع وأعراف وقوانين ودولة، وهي مقومات ضرورية لتدبير الشأن العام. وعليه، فالسلوك الحضاري الأول الذي صدر عن الإنسان هو الاهتمام بالغير والتضحية من أجله ومدّ يد المساعدة له. وهذا السلوك البسيط هو الفيصل بين التوحش والتمدن، وهو الذي سيرسخ لاحقًا قيم التضامن والإيثار والتعايش. قيم ما زالت سائدة إلى اليوم في المجتمعات البشرية، وهي التي تؤطر التشريعات والمؤسسات والسياسات العمومية، رغم كل التهديدات والإكراهات التي تترصدها والتي تريد أن تعود بنا إلى الوراء في كل مرة تخطو فيها الحضارة البشرية خطوات إلى الأمام. وهي تهديدات منشؤها المصالح المتناقضة، والأطماع الاقتصادية والسياسية، والغلو الديني، والعمى الإيديولوجي، وكذا الطبيعة البشرية الميّالة إلى الأنانية والعنف. ألم يقل 'طوماس هوبز' يومًا ما إن 'الإنسان شرير بطبعه' وهو 'ذئب لأخيه الإنسان'؟.

صحيفة عاجل
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- صحيفة عاجل
النرجسية بين الأسطورة وعلم النفس
تم النشر في: تحكي الأسطورة اليونانية قصة " نركسوس Narcissus " وهو شاب وسيم للغاية و مغرور بجماله لدرجة أنه رفض كل من أحبه، بما في ذلك الحورية "إيكو Echo " التي لعنتها الآلهة بأن تردد كلمات الآخرين فقط. في أحد الأيام، بينما كان نركسوس يتجول في الغابة، رأى انعكاس صورته في مياه نهر صافية، فأحبها على الفور. حدق في صورته، غير قادر على الابتعاد، حتى فقد شهيته للطعام والماء ومات. من دمه انبثقت زهرة النرجس، التي أصبحت رمزًا للجمال والغرور. في عام 1914 كان سيغموند فرويد أول من أدخل مصطلح "النرجسية" Narcissism إلى علم النفس الحديث، مستندًا إلى الأسطورة اليونانية عن "نركسوس" في مقالته "مقدمة في النرجسية". سمات النرجسية: هل النرجسية سلبية دائمًا؟ ليس بالضرورة! هناك " نرجسية صحية" كالثقة بالنفس والطموح، لكنها تُصبح اضطرابًا عندما تؤثر سلبًا على حياة الشخص وعلاقاته. التعامل مع النرجسي: النرجسية المرضية: "النرجسي لا يرى إلا نفسه، وفي النهاية يجد نفسه وحيدًا" الأسطورة. تُذكرنا قصة نركسوس بأن حب الذات المُفرط يؤدي إلى العزلة والدمارو أن النرجسية اضطراب مُعقد يتطلب الفهم. سواء صادفنا شخصًا نرجسيًا أو لاحظنا بعض السمات في أنفسنا، فإن الوعي هو الخطوة الأولى نحو التوازن النفسي.


Independent عربية
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- Independent عربية
منذ فجر التاريخ... نفس الإنسان أمارة بـ"الجنون"
يقول المدير الشرفي للأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، مؤلف كتاب "تاريخ الجنون من العصور القديمة وحتى يومنا هذا"، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي كلود كيتيل، إن "الاهتمام البحثي الكبير بتاريخ الجنون سببه أننا جميعاً مصابون بالجنون، وهذا ما يؤكده قول مأثور قديم أنك إذا أردت أن ترى مجنوناً فما عليك إلا النظر في المرآة". وعلى مدى قرون تمتد لأكثر من 2000 عام وحتى ظهور طب الأمراض العقلية والنفسية مطلع القرن الـ19، ظل هناك تضارب في تعريف الجنون، إذ كان في الغالب متأرجحاً بين اتجاهين يميل أحدهما إلى الاتجاه الأخلاقي والفلسفي والآخر إلى الاتجاه الطبي، مما أدى إلى الالتباس والغموض حول مفهوم الجنون، ليس فقط في التوصيف الطبي النفسي أو البيولوجي بل في تعريف الكلمة في قواميس اللغة التي تبدو في حيرة من إيراد الكلمة أصلاً في القاموس، ومنها يُشرح الجنون بـ "فقدان العقل" وآخر يصفه كحال متباينة الأبعاد من الاضطراب العقلي، تندرج في مجال الأمراض النفسية. صعوبة تعريف الجنون وتحديده تكمن صعوبة تحديد ماهية الجنون في كون تعريفه منوطاً بكل من المؤرخ والفيلسوف والطبيب والمحلل النفسي وعالم الاجتماع، وبالطبع لكل منهم نظرته الشخصية إلى مفهوم الجنون، أما علاقة السلطات الرسمية بالجنون والمجانين فكانت حتى وقت قريب تتلخص بالتهرب من معالجة المشكلة أو التعامل معها عبر احتجاز المجانين في أماكن تخصهم، سواء أكانت منعزلات أو منافي خارج مجتمعات "السالمين عقلياً"، وداخل مستشفيات المجانين التي سميت لاحقاً بالمصحات العقلية. وكان عمل السلطات يتركز في إخفاء المشكلة خلف جدران سميكة بعيداً من أعين المجتمعات التي تسير بصورة منتظمة لا يتخللها جنوح المجانين وخروجهم على القواعد الاجتماعية المتوافق عليها بين الباقين، وظهر الطب النفسي مطلع القرن الـ19 قبل أن يجعله سيغموند فرويد علماً مستقلاً بذاته منذ مطالع القرن الـ20، وهذا ما منحه لقب "أبو علم النفس". ومنذ ذلك الحين صار الجنون جزءاً من هذا العلم الجديد ومن داخل عملية الاضطراب العصبي والتي نسعى إلى الهرب منها عبر الاضطراب العقلي، ومع اشتباك علم النفس بعلوم الأعصاب والدماغ الآخذة في التقدم والتطور منذ منتصف القرن الـ20 صار الجنون حالاً مرضية بالمعنى الطبي، مع بقائه مشكلة للنقاش والبحث والتحليل من وجهة نظر الفلسفة وعلم الاجتماع طالما أن لكل مجتمع أنماطاً خاصة من الانحراف عن القواعد الاجتماعية التي تعتبر فعلاً ما جنوناً وآخر طبيعياً، وهذا الفرق في تحديد معنى الجنون من مجتمع إلى آخر، إذ لا يزال هو نفسه اليوم كما كان كذلك منذ ثلاثة آلاف عام، فالمعايير المتبعة في القياس تحددها الثقافة والعادات والتقاليد والأديان السائدة والقواعد الاجتماعية المقبولة التي تتبدل من زمن إلى آخر في المجتمع نفسه ومن مجتمع إلى آخر. منذ الإغريق إلى العصور الوسطى المسيحية والإسلامية أدت الأعمال النظرية للإغريق والرومان في شأن الجنون إلى إعداد لوائح علاجية له، وبداية العلاجات كانت مع أبقراط الذي كان يعطي وصفاً دقيقاً لأي مرض مع ذكر العلاج الملائم له، فمثلاً في حال شخص مصاب بالتهاب الدماغ تتراءى الزواحف أمام عينيه وأن هناك جنوداً مسلحين من الإغريق يقاتلونها، وأنه هو نفسه يقاتل إلى جوارهم فيثور ويتمرد، فيصف أبقراط الدواء لهذا المريض بخمس وحدات من نبات الخربق الأسود توضع في خمر حلو ويعطى هذا الشراب للمريض، أو نترات الصوديوم المستخرج من الملح الصخري المستورد من مصر القديمة، ثم تخلط في وعاء مع العسل والزيت والماء المغلي ولبن حمير دافئ، ثم يمزج هذا الخليط جيداً ويعطى للمريض من طريق حقنة شرجية. كما يمكن أن يتناول المريض شراباً يحوي خليطاً من العسل والماء والخل، وبناء على وصفات أبقراط وغيره من أطباء العصر القديم فإنه اعتباراً من القرن الثالث الميلادي كان الأطباء يملكون بين أيديهم ترسانة حقيقية من الوصفات العلاجية والأدوية للمصابين بالجنون. ومن العلاجات الحمامات المائية المهدئة والمراهم الشمعية المصنوعة من الشمع والزيت للدهان الموضعي أو الكمادات المبللة بماء دافئ على العينين، إضافة إلى الحقن الشرجية، وهناك العلاج بالفصد والحجامة واستخدام العلقات لامتصاص الدم الملوث، وكذلك المواد الكاوية. وبعد أبقراط ظهرت طرق لعلاج الجنون قائمة على إشباع الحاجات النفسية الأساس للإنسان مع الاحتفاظ بالعلاجات السابقة، فظهرت عمليات الترويح عن المريض وإدخال السرور على قلبه لتخليصه من الأفكار المسيطرة عليه ودفعه إلى ممارسة بعض التمارين المنشطة، ومورست الهدهدة على المرضى الذين لا يمكنهم ممارسة الرياضة بأنفسهم، أي وضعهم في أراجيح لتحريك أجسامهم أو نقلهم على طرق وعرة لترتج أجسادهم ويتحرك الدم فيها، ثم ظهر الاستماع إلى الموسيقى والمسرح كوسائل للتطبيب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأوصى الفيلسوف الروماني كاليوس بحضور عروض الفن الإيمائي للمجانين المصابين بالحزن، وحضور مسرحيات تراجيدية تتضمن الحزن والخوف إذا كان المجانين مصابين بابتهاج طفولي، أي تصحيح نوع الخلل العقلي بنقيضه، وقد امتدح أرسطو التراجيديا لأنها تسهم بإثارة مشاعر الشفقة والخوف خلال عملية التطهير أو المشاعر والانفعالات. وفي مرحلة لاحقة تعرضت هذه الطرق السلمية في العلاج إلى انتكاسة بعد ظهور الدعوات إلى استخدام القوة والعنف، وهذه الدعوة خاصة بالمدرسة الرواقية البيتاغورثية التي تعتبر أن الإنسان مسؤول عن جنونه كمسؤوليته عن التحكم بعواطفه، ودعا بعض فلاسفة هذه المدرسة إلى اللجوء للتعنيف والتجويع والتقييد بالسلاسل والجلد بالسوط والضرب، ولا سيما إن كان الهدف من ذلك "قمع وقاحة وتجاسر المرضى"، وإمكان اللجوء إلى إثارة الذعر والفزع المفاجئ وإحداث اضطراب في ذهن المريض في حال كانت إصابته بالصدمة وسيلة لتنبيهه لما هو فيه، لتحدث له إفاقة من جنونه. ولم يتطور التفكير النظري في شأن الجنون خلال العصور الوسطى بعد أن عُد الجنون مرضاً شيطانياً وعلاجه يكون باستخدام أدوات وأساليب عنيفة تهدف لطرد الشيطان من جسد المريض، وهي طرق أقرب إلى التعذيب منها إلى العلاج، وقد اجتاحت الغرب المسيحي أواخر القرون الوسطى، وبقي الأمر على هذه الحال حتى مجيء القرن الـ11 ليعيد الفلاسفة العرب عبر الترجمة عن اللغات اللاتينية الحياة للفكرين اليوناني والروماني، وقد سميت هذه العصور بعصور التنوير عبر النقل والترجمة في الإمبراطورية الإسلامية الممتدة حتى أوروبا، وعصور الظلام الأوروبية. وفي القرن الـ11 انتعش الطب بفعل التأثير القادم من إسبانيا وصقلية مستفيداً من الإسهامات العلمية التي قدمها العرب في نقل النصوص اليونانية، وما أضافوه من دراسات وتأملات انتفع بها الطب الغربي خلال العصور الوسطى، وفي تلك الفترة برز الفيلسوفان والطبيبان العربيان أبو بكر الرازي (865 - 925) وهو من أتباع أبقراط، وابن سينا الذي إضافة إلى كونه فيلسوفاً وطبيباً فقد كان صاحب مدرسة خاصة في التصوف، وصار كتابه "القانون في الطب" من أكثر الكتب التي أجمع عليها العلماء والدارسون في الشرق والغرب، وبنهاية حقبة القرون الوسطى أصبحت النسخة المترجمة عنه إلى اللاتينية أكثر الكتب طباعة بعد الكتاب المقدس. وخلال الفترة التي كان المرضى النفسيون يرسلون إلى الأديرة والكنائس في أوروبا ليجري عزلهم أو تعريضهم للصلوات والتعذيب لطرد الشياطين، قدم الرازي وابن سينا نظريات عن الجنون كمرض عضوي وليس مساً شيطانياً، وكان الدواء يتضمن العلاج النفسي والحمامات الساخنة والتدليك والتغذية، وفي مستشفى دمشق خلال القرن الـ 10 ومستشفى القاهرة في القرن الـ13 كان المرضى النفسيون يعالجون بالموسيقى والقراءة لتحفيز العقل، وبالأدوية العشبية مثل الزعفران واللبان لعلاج الاكتئاب. هل سينتهي البحث في الجنون؟ مع نهايات القرن الـ19 بدأ عصر التجارب العلمية والعلاج بالصدمات الكهربائية لعلاج الاكتئاب والفصام، ثم ظهرت مؤسسات تعتمد على العلاج بالعمل اليدوي والفنون والموسيقى كطريقة لإعادة التأهيل النفسي، وخلال القرن الـ20 بدأ التحول إلى الطب النفسي الحديث على رغم بقاء مجموعة من العلاجات القاسية والتجارب غير الأخلاقية، مثل عمليات الختان الجبهي الذي جرى تطويرها عام 1835 على يد أنطونيو إيغاس مونيز، إذ يُقطع الاتصال بين الفص الجبهي وبقية الدماغ لعلاج الفصام، لكنه أدى إلى تدمير شخصيات المرضى. ولن ينتهي البحث في الجنون إلا بانتهاء الإنسانية نفسها، وكما قال رئيس جمعية التحليل النفسي في باريس، جيرارد بايل، فإن "الحياة مرض في نمو مستمر"، ولهذا فإن السؤال المطروح هو كيف سيبدو الجنون بعد 100 عام أو خمسة قرون؟ لقد جرى ترويض وتكييف الجنون في زمننا الراهن حتى في أشكاله الأكثر استعصاء، ولم تعد هناك جدران تحيط بالمصحة وتفصل بوضوح بين هؤلاء الموجودين في جانب وأولئك في الجانب الآخر، وظهرت مضادات الذهان عام 1950 وأول دواء نفسي حديث وهو الـ"كلوربرومازين" الذي أحدث ثورة في علاج الفصام، ثم تبعه ظهور مجموعة كبيرة من الأدوية كان على رأسها مضادات الاكتئاب مثل الـ "روزاك"، وترافقت هذه الاكتشافات الحديثة مع انطلاق حركة خلال السبعينيات والثمانينيات تطالب بإلغاء المصحات النفسية الضخمة واستبدالها بالعلاج المجتمعي والعيادات الخارجية، وصارت الحكومات متدخلة بصورة أكبر في كثير من الدول للاهتمام بصحة مواطنيها النفسية ودعم المختبرات والبحوث التي تحاول التخفيف من الأمراض النفسية الآخذة في التزايد خلال العصر الحديث، مثل القلق والتوتر والاكتئاب، وفي دول مثل كندا والسويد هناك دعم حكومي واسع للصحة العقلية على رغم أنه في دول أخرى لا تزال الأمراض النفسية تفسر بالخرافات أو تخفى خوفاً من العار، لكن في جانب آخر ظهرت حركات حديثة ترى أن بعض الحالات مثل التوحد والاضطراب ثنائي القطب ليست أمراضاً بل أشكالاً مختلفة من التنوع العقلي، ويجب تقبلها بدلاً من محاولة إصلاحها.

الدستور
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- الدستور
تفسير حلم الموت.. هل يعني تغييرًا جديدًا في حياتك؟
يعد حلم الموت من أكثر الأحلام التي تثير القلق والخوف لدى العديد من الأشخاص، قد يشعر الشخص عند رؤية هذا الحلم بأن هناك دلالة سلبية أو تنبؤ سيء، وقد يؤثر ذلك على مزاجه وشعوره في الصباح. ومع ذلك، من المهم أن نذكر أن تفسير حلم الموت لا يرتبط دائمًا بالموت الفعلي، بل يمكن أن يكون مجرد إشارة إلى التغيير أو التغيرات الجذرية في حياة الشخص. وفقًا لما ذكره موقع "هيلث لاين"، يعتبر حلم الموت أحيانًا مجرد رمزية للتغيير الكبير أو الانتقال في حياة الشخص، فالعديد من الناس يربطون هذا الحلم بنهاية دورة معينة في حياتهم، أو بوابة لمرحلة جديدة قادمة، على سبيل المثال، قد يرتبط الحلم بموت أحد الأشخاص القريبين، بتغييرات عميقة في الحياة الشخصية أو المهنية. في بعض الأحيان، قد يعكس حلم الموت الصراع النفسي الداخلي، مثل رغبة الشخص في إنهاء فترة صعبة من حياته أو رغبته في الهروب من ضغط عاطفي أو نفسي. وعند النظر إلى الحلم من هذه الزاوية، يصبح الموت رمزًا للراحة أو التحرر من المواقف العاطفية التي تجعل الشخص يشعر بالضيق أو الاكتئاب. كما أكد موقع "سيكولوجي توداي" على أن تفسير الأحلام كان له دور كبير في العلاج النفسي، خاصة في ظل نظرية سيغموند فرويد التي ربطت الأحلام باللاوعي، معتبرة إياها وسيلة لفهم أعمق لأفكار الإنسان ومشاعره غير المكشوفة، فالخوف من الموت في الحلم قد يشير إلى القلق المستمر حيال المستقبل، أو من المخاوف الداخلية التي يعاني منها الشخص في حياته اليومية. من جهة أخرى، يمكن أن تشير أحلام الموت إلى فترة انتقالية، فبعض الأشخاص قد يشهدون أحداثًا صعبة تتطلب منهم التكيف والتغيير. قد يكون الحلم بموت شخص عزيز أو حتى موت الشخص الحالم نفسه إشارة إلى أنهم في حاجة لمغادرة وضعهم الحالي أو الاستعداد لتغيير جذري. من المعروف أيضًا أن الأحلام ليست دائمًا حرفية. على سبيل المثال، قد يعكس حلم الموت شعور الشخص بالتحرر من شيء أو شخص معين في حياته، أو قد يكون إشارة إلى استعداد الشخص للتخلي عن مواقف أو عادات قديمة لم تعد تخدمه. التفسير النفسي لحلم الموت إذا كانت أحلام الموت متكررة، فقد تشير إلى وجود مشاعر غير محلولة أو تراكم ضغوطات نفسية تؤثر على الشخص بشكل سلبي، يمكن أن يعكس ذلك القلق، الاكتئاب، أو حتى اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، من خلال تحليل هذه الأحلام، يمكن للمرء أن يتعرف على المخاوف العميقة التي تحتاج إلى المعالجة. يشير الخبراء إلى أن الحلم بالموت قد يكون مؤشرًا على الحاجة إلى التغيير أو التحول في حياة الشخص، وقد يعكس عدم الرغبة في البقاء في الحالة الراهنة بسبب الضغط النفسي أو العاطفي المستمر، وقد يُوصى بتحديد الجوانب السلبية في الحياة والعمل على إحداث التغييرات الضرورية لتحسين الوضع النفسي والروحي. و يُعتبر حلم الموت بمثابة دعوة للتفكير في التغييرات التي قد تحدث في حياة الشخص، قد لا يعبر عن النهاية الفعلية للحياة بل عن بداية فصل جديد أو رغبة في إغلاق باب قديم، ومن المهم أن نكون واعين لتفسير هذه الأحلام على أنها إشارات لتحسين الذات والتكيف مع التحديات النفسية أو العاطفية التي قد تكون غير ظاهرة بشكل واضح.