#أحدث الأخبار مع #سيليدوفIndependent عربية٢٨-٠٢-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةجولة داخل منطقة دونيتسك الأوكرانية التي مزقها الهجوم الروسيكانت يوليا تشيتشيتا في منزل والدتها المسنة عندما خرجت لكي تتفقد متجرها، بعد لحظات تلقت مكالمة هاتفية تخبرها بأن منزل العائلة أصيب بصاروخين روسيين. كان شقيقها فولوديمير رادكو يلعب مع ابنه ميكولا البالغ من العمر 13 سنة على الأراجيح في الحديقة عندما سقطت القنابل، ولقيا مصرعهما على الفور، ودفنا تحت الأنقاض، وستمر أشهر قبل أن يجري التعرف على رفات كل منهما. نجت نينا، والدة يوليا البالغة من العمر 74 سنة، بطريقة ما، بيد أنها بقيت في المستشفى لأسابيع عدة بسبب إصابتها بكدمات شديدة في رقبتها ووجهها. وكان الأربعة يتناولون الإفطار في المطبخ قبل نصف ساعة من الضربة. لقد حصلت مأساة الأسرة في مدينة سيليدوفه الصغيرة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، إذ كانت القوات الروسية تتقدم فيها بثبات على امتداد عام. استولت روسيا على مئات الأميال المربعة من الأراضي منذ استيلائها على مدينة أفدييفكا في فبراير (شباط) الماضي، وابتلعت بلدة تلو الأخرى، مما اضطر مئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من أمام الغزاة أو المخاطرة بمواجهة مصير مماثل لمصير عائلة يوليا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كانت سيليدوف تحتضن مجتمعاً صغيراً متماسكاً، رفض عدد من سكانها الذين بلغ عددهم في فترة ما قبل الحرب 20 ألف نسمة أن يغادروها على رغم ما كان يشنه الروس بصورة متقطعة من ضربات صاروخية وهجمات بالطائرات من دون طيار. بينما غادرها آخرون، مثل المراهق ميكولا ووالدته، في بداية الحرب إلا أنهم عادوا في العام التالي. وتقول يوليا "كان كل من يهمني أمرهم يعيشون في الجوار، ولم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه". غير أن هذا تغير في اليوم الذي قتل فيه فولوديمير وميكولا، في الـ28 من مايو (أيار) 2024، كان اليوم الذي قتل فيه جيش فلاديمير بوتين عائلة يوليا الناطقة بالروسية، مع أنه يقول إنه أرسل جنوده إلى هناك لحماية الناطقين بالروسية. وبعد بضعة أشهر، استولت القوات الروسية على سيليدوف في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب فرار يوليا ووالدتها إلى بلدة كاميانسي "الغريبة" على بعد 150 ميلاً (230 كلم) في منطقة دنيبروبتروفسك المجاورة. وتذكر يوليا "لا أستطيع أن أنقل لك مقدار الحزن الذي تسببت فيه روسيا لعائلتي". إنها تستميت هي ووالدتها للعودة لمنطقتهما الأصلية، ففرص العمل في كاميانسي قليلة، وتوضح السيدة البالغة من العمر 45 سنة أنها "تكافح من أجل كسب لقمة العيش"، ولا يوجد سوى قليل من الموارد للحصول على الدعم المالي. وهي بعيدة من جميع أصدقائها، كما أنها تجد صعوبة في رعاية والدتها. وتضيف "إذا استعادت أوكرانيا السيطرة، سنعود. وحتى لو لم يكن هناك كهرباء أو مياه، فسنعود في لحظة، لأننا نفتقد بيتنا". ولكن من غير المرجح أن تحقق أوكرانيا هذا الهدف، كانت في موقف دفاعي لمدة عام في منطقة دونيتسك، إذ يفوقها العدو عدداً وعتاداً في كثير من الأحيان. وكان الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك الحدودية الروسية في أغسطس (آب) الماضي بمثابة ضربة موجعة لبوتين، إلا أنه لم يكف لإجبار جيشه على تحويل قواته المتقدمة في دونيتسك إلى الحدود، كما كان مأمولاً. والآن، تواجه سيليدوف احتمالاً سيئاً بأن تبقى محاصرة خلف خط تماس أكثر ثباتاً وجموداً من المعتاد. وعلى خلفية إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح قنوات الاتصالات مع بوتين في سبيل وقف الحرب، تواصل القوات الروسية التقدم على خط المواجهة في عمق أوكرانيا مع العلم أن كييف ستضطر إلى التنازل عن بعض الأراضي التي استولت عليها قوات الكرملين، في الأقل. وتعتبر بوكروفسك، التي تقع على بعد نحو 10 أميال (16 كلم) من سيليدوف، بمثابة الجوهرة المنشودة من هذا الهجوم. وهي تشكل محور دفاعات الإقليم، وتقع على خطوط إمداد لوجستية رئيسة للمنطقة الأوسع، وقد يؤدي فقدانها إلى إفساح المجال لمزيد من الهجمات الروسية على دونيتسك. ومن أصل نحو 60 ألف نسمة من السكان الذين كانوا يعيشون في بوكروفسك قبل الحرب، لا يزال فيها ما يتراوح بين 5 آلاف و7 آلاف مدني، معظمهم من كبار السن أو أصحاب الإعاقات. وهم يسكنون أقبية متجمدة غير مضاءة ومن دون كهرباء، ويعيشون على المساعدات الإنسانية، تحت رحمة الهجمات الروسية المتواصلة بالقنابل الإنزلاقية والطائرات من دون طيار. وشأنهم شأن يوليا، لا يريدون أن يغادروا، لأنهم [قضوا] حياتهم كلها في بوكروفسك. ومع ذلك، فقد بدأ النزوح الجماعي في الصيف الماضي عندما انخفض عدد السكان في غضون شهر واحد من 48 ألف إلى 16 ألف نسمة فقط، وفقاً لمسؤولين محليين. وكان ذلك هو الشهر نفسه الذي تقدمت فيه روسيا بأسرع وتيرة لها منذ بدء الغزو الشامل. وعندما زارت "اندبندنت" المدينة خلال تلك الفترة، كانت أصوات الانفجارات تسمع من دون توقف. وفي الشهر الماضي، بدأ الروس زحفهم على الجانب الأيسر من المدينة، واستولوا على بلدة كوتلين الواقعة على بعد أميال قليلة، وهي المحطة الأخيرة على خط السكة الحديدية الذي يربط المدينة بالمناطق الآمنة التي لم تتعرض للاحتلال والكائنة إلى الغرب. سيطرة الروس على كوتلين مثلت خسارة خط إمداد رئيس. ويقول مركز استراتيجيات الدفاع، وهو مركز بحوث أمني أوكراني، إن الروس بدأوا في محاولة "التقدم على طول خط السكة الحديدية". كما أدى الاستيلاء على كوتلين إلى جعل الروس أقرب من أحد آخر الطرق السريعة المتبقية في بوكروفسك، وهو "إي 50" E50، الواقع على بعد ميلين إلى الشمال، ومن شأن فقدانه أن يؤدي إلى تعقيد الخدمات اللوجستية الأوكرانية بصورة كبيرة. إن تطويق بوكروفسك هو صورة طبق الأصل لما حدث في سيليدوف قبل خمسة أشهر، عندما حوصرت المنطقة من الشرق إلى الغرب قبل السيطرة عليها. ويجري استهداف أية مركبة تدخل إلى بوكروفسك، سواء كانت عسكرية أم مدنية، بواسطة مسيرات روسية. وفقد إدوارد "إيدي" سكوت، وهو طبيب بريطاني يبلغ من العمر 28 سنة، ذراعه وساقه اليسرى أخيراً بعدما أصابت مسيرة شاحنته الصغيرة التي كان يقودها نحو المدينة. وقال إيدي لـ"اندبندنت" إن دخول المدينة كان أصبح أكثر خطورة مع كل مهمة إنقاذ قام بها قبل أن يتعرض للإصابة في النهاية، وأضاف "طوال فترة عملي في بوكروفسك، كنت أقول 'سيموت شخص ما'. وكان ينبغي أن أكون أنا ذلك الشخص. ولكنني كنت محظوظاً." ولا يدخل المدينة بهدف إنقاذ المواطنين الباقين فيها سوى وحدة شرطة أوكرانية تسمى "الملائكة البيض"، وهي وحدة متخصصة بأعمال الإخلاء. وتظهر صور الزيارات الأخيرة [لهذه الوحدة] المحاولات اليائسة التي تقوم بها لإقناع السكان المتبقين فيها بالمغادرة. ويبدو أن منزلاً من كل اثنين أصيب بالضرر، وصار لونه أسود بسبب انفجار صاروخ روسي. يقول يفيهين بوندارينكو، وهو عامل إغاثة لدى "لجنة الإنقاذ الدولية"، إن المنزل الذي كانوا يشتغلون منه في بوكروفسك "لم يعد موجوداً". ويعمل فريقه الآن من دوبروبيليا، الواقعة على بعد حوالي 12 ميلاً (20 كلم) من بوكروفسك، إذ يقدمون المساعدات المالية لمئات المدنيين في المنطقة الأوسع. وهذا هو أقرب مكان يسمح لهم بالذهاب إليه، أما مقرهم الرئيس فهو في دنيبرو التي تبعد ثلاث ساعات بالسيارة. وعندما يسأل المدنيين لماذا لا يغادرون المدن والقرى المحيطة ببوكروفسك، تكون إجابتهم في كثير من الأحيان هي نفسها: بيت المرء يبقى بيته حتى لو تعرض للقصف. بل إن بعضهم عادوا بعد فرارهم في البداية. وقال له أحد المدنيين المسنين أخيراً "هذه ملاعقي وأدوات المائدة الخاصة بي، ولن أذهب إلى أي مكان". لكنه يقول إن هناك شعوراً متزايداً باليأس ينتشر في جميع أنحاء المنطقة مع كل يوم من تقدم روسيا، يقول: "يمكنك أن تشعر به في الهواء، يمكنك أن تشعر بالخوف". يقول يفيهين إن شخصاً من كل اثنين يراهما ينفجر بالبكاء عندما يتلقى مساعداته المالية، ويجب تهدئته وتقديم الماء إليه، ويذكر "اعتدت على رؤية النساء الباكيات، لكنني الآن أرى مزيداً ومزيداً من الرجال الباكين". مع اقتراب الروس من بوكروفسك، بدأ المدنيون، حتى الذين يعيشون بعيداً من خط الجبهة، في الإجلاء بأعداد متزايدة. وربما فات الأوان بالنسبة إلى أولئك الذين ما زالوا في المدينة. ويتابع يفيهين موضحاً "لو كنا نناقش هذا الموضوع قبل بضعة أشهر، لكان غالب النازحين داخلياً [الذين نذكرهم] قادمين من منطقة دونيتسك، من بوكروفسك وميرنوهراد [المدينة المجاورة]". ويضيف "الآن، نحن نتحدث حتى عن النازحين داخلياً من [مدن كبرى مثل] زابوريجيا ودنيبرو، والأماكن المتاخمة لمناطق القتال". ويردف أنه حتى وكالات الإغاثة المحلية العاملة في مناطق بعيدة مثل دنيبرو بدأت الاستعداد للانتقال إذا تسارعت وتيرة التقدم الروسي. في حين أن احتمالات حصول تقدم روسي كبير أبعد من منطقة دونيتسك تبدو ضئيلة، فإن السيطرة على بوكروفسك ستكون مهمة، لكن وتيرة الهجوم الروسي لا تليق بجيش مجهز جيداً. إلا أن كثيراً من المدنيين الأوكرانيين الذين يواجهون هذه القوات الزاحفة لا يرون المخاطرة أمراً يستحق القيام به. لقد انقلبت حياتهم سلفاً رأساً على عقب. وبالنسبة إلى كثير من الأشخاص الآخرين، مثل يوليا، فقد دمرت حيواتهم.
Independent عربية٢٨-٠٢-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةجولة داخل منطقة دونيتسك الأوكرانية التي مزقها الهجوم الروسيكانت يوليا تشيتشيتا في منزل والدتها المسنة عندما خرجت لكي تتفقد متجرها، بعد لحظات تلقت مكالمة هاتفية تخبرها بأن منزل العائلة أصيب بصاروخين روسيين. كان شقيقها فولوديمير رادكو يلعب مع ابنه ميكولا البالغ من العمر 13 سنة على الأراجيح في الحديقة عندما سقطت القنابل، ولقيا مصرعهما على الفور، ودفنا تحت الأنقاض، وستمر أشهر قبل أن يجري التعرف على رفات كل منهما. نجت نينا، والدة يوليا البالغة من العمر 74 سنة، بطريقة ما، بيد أنها بقيت في المستشفى لأسابيع عدة بسبب إصابتها بكدمات شديدة في رقبتها ووجهها. وكان الأربعة يتناولون الإفطار في المطبخ قبل نصف ساعة من الضربة. لقد حصلت مأساة الأسرة في مدينة سيليدوفه الصغيرة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، إذ كانت القوات الروسية تتقدم فيها بثبات على امتداد عام. استولت روسيا على مئات الأميال المربعة من الأراضي منذ استيلائها على مدينة أفدييفكا في فبراير (شباط) الماضي، وابتلعت بلدة تلو الأخرى، مما اضطر مئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من أمام الغزاة أو المخاطرة بمواجهة مصير مماثل لمصير عائلة يوليا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كانت سيليدوف تحتضن مجتمعاً صغيراً متماسكاً، رفض عدد من سكانها الذين بلغ عددهم في فترة ما قبل الحرب 20 ألف نسمة أن يغادروها على رغم ما كان يشنه الروس بصورة متقطعة من ضربات صاروخية وهجمات بالطائرات من دون طيار. بينما غادرها آخرون، مثل المراهق ميكولا ووالدته، في بداية الحرب إلا أنهم عادوا في العام التالي. وتقول يوليا "كان كل من يهمني أمرهم يعيشون في الجوار، ولم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه". غير أن هذا تغير في اليوم الذي قتل فيه فولوديمير وميكولا، في الـ28 من مايو (أيار) 2024، كان اليوم الذي قتل فيه جيش فلاديمير بوتين عائلة يوليا الناطقة بالروسية، مع أنه يقول إنه أرسل جنوده إلى هناك لحماية الناطقين بالروسية. وبعد بضعة أشهر، استولت القوات الروسية على سيليدوف في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب فرار يوليا ووالدتها إلى بلدة كاميانسي "الغريبة" على بعد 150 ميلاً (230 كلم) في منطقة دنيبروبتروفسك المجاورة. وتذكر يوليا "لا أستطيع أن أنقل لك مقدار الحزن الذي تسببت فيه روسيا لعائلتي". إنها تستميت هي ووالدتها للعودة لمنطقتهما الأصلية، ففرص العمل في كاميانسي قليلة، وتوضح السيدة البالغة من العمر 45 سنة أنها "تكافح من أجل كسب لقمة العيش"، ولا يوجد سوى قليل من الموارد للحصول على الدعم المالي. وهي بعيدة من جميع أصدقائها، كما أنها تجد صعوبة في رعاية والدتها. وتضيف "إذا استعادت أوكرانيا السيطرة، سنعود. وحتى لو لم يكن هناك كهرباء أو مياه، فسنعود في لحظة، لأننا نفتقد بيتنا". ولكن من غير المرجح أن تحقق أوكرانيا هذا الهدف، كانت في موقف دفاعي لمدة عام في منطقة دونيتسك، إذ يفوقها العدو عدداً وعتاداً في كثير من الأحيان. وكان الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك الحدودية الروسية في أغسطس (آب) الماضي بمثابة ضربة موجعة لبوتين، إلا أنه لم يكف لإجبار جيشه على تحويل قواته المتقدمة في دونيتسك إلى الحدود، كما كان مأمولاً. والآن، تواجه سيليدوف احتمالاً سيئاً بأن تبقى محاصرة خلف خط تماس أكثر ثباتاً وجموداً من المعتاد. وعلى خلفية إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح قنوات الاتصالات مع بوتين في سبيل وقف الحرب، تواصل القوات الروسية التقدم على خط المواجهة في عمق أوكرانيا مع العلم أن كييف ستضطر إلى التنازل عن بعض الأراضي التي استولت عليها قوات الكرملين، في الأقل. وتعتبر بوكروفسك، التي تقع على بعد نحو 10 أميال (16 كلم) من سيليدوف، بمثابة الجوهرة المنشودة من هذا الهجوم. وهي تشكل محور دفاعات الإقليم، وتقع على خطوط إمداد لوجستية رئيسة للمنطقة الأوسع، وقد يؤدي فقدانها إلى إفساح المجال لمزيد من الهجمات الروسية على دونيتسك. ومن أصل نحو 60 ألف نسمة من السكان الذين كانوا يعيشون في بوكروفسك قبل الحرب، لا يزال فيها ما يتراوح بين 5 آلاف و7 آلاف مدني، معظمهم من كبار السن أو أصحاب الإعاقات. وهم يسكنون أقبية متجمدة غير مضاءة ومن دون كهرباء، ويعيشون على المساعدات الإنسانية، تحت رحمة الهجمات الروسية المتواصلة بالقنابل الإنزلاقية والطائرات من دون طيار. وشأنهم شأن يوليا، لا يريدون أن يغادروا، لأنهم [قضوا] حياتهم كلها في بوكروفسك. ومع ذلك، فقد بدأ النزوح الجماعي في الصيف الماضي عندما انخفض عدد السكان في غضون شهر واحد من 48 ألف إلى 16 ألف نسمة فقط، وفقاً لمسؤولين محليين. وكان ذلك هو الشهر نفسه الذي تقدمت فيه روسيا بأسرع وتيرة لها منذ بدء الغزو الشامل. وعندما زارت "اندبندنت" المدينة خلال تلك الفترة، كانت أصوات الانفجارات تسمع من دون توقف. وفي الشهر الماضي، بدأ الروس زحفهم على الجانب الأيسر من المدينة، واستولوا على بلدة كوتلين الواقعة على بعد أميال قليلة، وهي المحطة الأخيرة على خط السكة الحديدية الذي يربط المدينة بالمناطق الآمنة التي لم تتعرض للاحتلال والكائنة إلى الغرب. سيطرة الروس على كوتلين مثلت خسارة خط إمداد رئيس. ويقول مركز استراتيجيات الدفاع، وهو مركز بحوث أمني أوكراني، إن الروس بدأوا في محاولة "التقدم على طول خط السكة الحديدية". كما أدى الاستيلاء على كوتلين إلى جعل الروس أقرب من أحد آخر الطرق السريعة المتبقية في بوكروفسك، وهو "إي 50" E50، الواقع على بعد ميلين إلى الشمال، ومن شأن فقدانه أن يؤدي إلى تعقيد الخدمات اللوجستية الأوكرانية بصورة كبيرة. إن تطويق بوكروفسك هو صورة طبق الأصل لما حدث في سيليدوف قبل خمسة أشهر، عندما حوصرت المنطقة من الشرق إلى الغرب قبل السيطرة عليها. ويجري استهداف أية مركبة تدخل إلى بوكروفسك، سواء كانت عسكرية أم مدنية، بواسطة مسيرات روسية. وفقد إدوارد "إيدي" سكوت، وهو طبيب بريطاني يبلغ من العمر 28 سنة، ذراعه وساقه اليسرى أخيراً بعدما أصابت مسيرة شاحنته الصغيرة التي كان يقودها نحو المدينة. وقال إيدي لـ"اندبندنت" إن دخول المدينة كان أصبح أكثر خطورة مع كل مهمة إنقاذ قام بها قبل أن يتعرض للإصابة في النهاية، وأضاف "طوال فترة عملي في بوكروفسك، كنت أقول 'سيموت شخص ما'. وكان ينبغي أن أكون أنا ذلك الشخص. ولكنني كنت محظوظاً." ولا يدخل المدينة بهدف إنقاذ المواطنين الباقين فيها سوى وحدة شرطة أوكرانية تسمى "الملائكة البيض"، وهي وحدة متخصصة بأعمال الإخلاء. وتظهر صور الزيارات الأخيرة [لهذه الوحدة] المحاولات اليائسة التي تقوم بها لإقناع السكان المتبقين فيها بالمغادرة. ويبدو أن منزلاً من كل اثنين أصيب بالضرر، وصار لونه أسود بسبب انفجار صاروخ روسي. يقول يفيهين بوندارينكو، وهو عامل إغاثة لدى "لجنة الإنقاذ الدولية"، إن المنزل الذي كانوا يشتغلون منه في بوكروفسك "لم يعد موجوداً". ويعمل فريقه الآن من دوبروبيليا، الواقعة على بعد حوالي 12 ميلاً (20 كلم) من بوكروفسك، إذ يقدمون المساعدات المالية لمئات المدنيين في المنطقة الأوسع. وهذا هو أقرب مكان يسمح لهم بالذهاب إليه، أما مقرهم الرئيس فهو في دنيبرو التي تبعد ثلاث ساعات بالسيارة. وعندما يسأل المدنيين لماذا لا يغادرون المدن والقرى المحيطة ببوكروفسك، تكون إجابتهم في كثير من الأحيان هي نفسها: بيت المرء يبقى بيته حتى لو تعرض للقصف. بل إن بعضهم عادوا بعد فرارهم في البداية. وقال له أحد المدنيين المسنين أخيراً "هذه ملاعقي وأدوات المائدة الخاصة بي، ولن أذهب إلى أي مكان". لكنه يقول إن هناك شعوراً متزايداً باليأس ينتشر في جميع أنحاء المنطقة مع كل يوم من تقدم روسيا، يقول: "يمكنك أن تشعر به في الهواء، يمكنك أن تشعر بالخوف". يقول يفيهين إن شخصاً من كل اثنين يراهما ينفجر بالبكاء عندما يتلقى مساعداته المالية، ويجب تهدئته وتقديم الماء إليه، ويذكر "اعتدت على رؤية النساء الباكيات، لكنني الآن أرى مزيداً ومزيداً من الرجال الباكين". مع اقتراب الروس من بوكروفسك، بدأ المدنيون، حتى الذين يعيشون بعيداً من خط الجبهة، في الإجلاء بأعداد متزايدة. وربما فات الأوان بالنسبة إلى أولئك الذين ما زالوا في المدينة. ويتابع يفيهين موضحاً "لو كنا نناقش هذا الموضوع قبل بضعة أشهر، لكان غالب النازحين داخلياً [الذين نذكرهم] قادمين من منطقة دونيتسك، من بوكروفسك وميرنوهراد [المدينة المجاورة]". ويضيف "الآن، نحن نتحدث حتى عن النازحين داخلياً من [مدن كبرى مثل] زابوريجيا ودنيبرو، والأماكن المتاخمة لمناطق القتال". ويردف أنه حتى وكالات الإغاثة المحلية العاملة في مناطق بعيدة مثل دنيبرو بدأت الاستعداد للانتقال إذا تسارعت وتيرة التقدم الروسي. في حين أن احتمالات حصول تقدم روسي كبير أبعد من منطقة دونيتسك تبدو ضئيلة، فإن السيطرة على بوكروفسك ستكون مهمة، لكن وتيرة الهجوم الروسي لا تليق بجيش مجهز جيداً. إلا أن كثيراً من المدنيين الأوكرانيين الذين يواجهون هذه القوات الزاحفة لا يرون المخاطرة أمراً يستحق القيام به. لقد انقلبت حياتهم سلفاً رأساً على عقب. وبالنسبة إلى كثير من الأشخاص الآخرين، مثل يوليا، فقد دمرت حيواتهم.