أحدث الأخبار مع #سينودس

المدن
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- المدن
لبنان والفاتيكان: علاقة روحية بأبعاد سياسية
مع رحيل البابا فرانسيس وطيّ صفحة عهدٍ فاتيكانيٍّ وُصِف بأنّه واحدٌ من أكثر العهود ثوريةً للكنيسة الكاثوليكيّة، تكتسب العلاقة بين لبنان والفاتيكان بعدًا استثنائيًّا يجمع بين الشقّين السّياسيّ والمعنويّ، الذي لطالما نظر إليه الكرسيّ الرسوليّ كـ "أمانةٍ" تاريخيّةٍ يحفظها ويُعنى بشؤونها، وقد جسّد فرنسيس خلال عهدٍ اتّسم بالانفتاح غير المسبوق حرصه على هذه الأمانة، فارتقى التعاطي مع لبنان إلى مستوى شراكة عميقة تتجاوز الزيارات الرسميّة وتُتَرْجَم حرص الفاتيكان على لبنان الدولة والشعب، وليس فقط على رعايا الكنيسة. حيث لم يكن الاهتمام الفاتيكانيّ قطّ بلبنان مجرّد رعاية طقسيّة أو حمايةٍ لأقليّةٍ مسيحيّة؛ بل كان موقفاً استراتيجياً حضارياً. ذلك أنّ فكرة "حماية المسيحيين" بمعزلٍ عن مواطنيهم تمثّل أبعد ما تكون عن المنهج الذي أكّده البابا يوحنا بولس الثاني في خطاباته العديدة الّتي خصّصها للبنانيين، ناهيك بالنقاش المسيحيّ حول لبنان الذي حمل أصولًا ترى أنّ المسيحيين والمسلمين معًا صنعوا حضارة الشرق العربيّ؛ حضارةُ تلاقحٍ ثقافيّ كانت تعبّر عنها قيم العيش المشترك وتنتجها مشتركات الهويّة. اليوم، وفي خضمّ موجة الحزن التي عمّت العالم الكاثوليكيّ، والتي كان لبنان الرسميّ والشعبيّ بمختلف مكوناته جزءًا منها، تبرز ضرورة إعادة النظر في هذه العلاقة وفهم دلالاتها التاريخيّة، تأكيدًا على الاستمرارية والوفاء لرسالةٍ حاول البابا الراحل ترسيخَها. علاقة تاريخيّة مع لبنان تعود العلاقات الرسميّة بين لبنان والكرسيّ الرسوليّ إلى تاريخ بعيد، أولى محطاتها كانت عام 1584، حينما أسّس البابا غريغوريوس الثالث عشر "الكلية المارونيّة" في روما لاستقبال طلاب اللاهوت اللّبنانيين. وكانت تلك الخطوة شرارة ذكّرت أوروبا بوجود طائفة مارونيّة لها خصوصيتها العريقة في خريطة المسيحيّة الشرقيّة، وأرسَت أساس تواصل ثقافيّ وحضاريّ قاد البلاد إلى قلب المسيحية كافة. انتقلت العلاقة من رباطٍ روحيّ إلى أبعاد سياسيّة واضحة بعد الحرب العالمية الأولى. ففي مؤتمر الصلح بات واضحًا أنّ الوفد اللّبنانيّ الثالث سيحمل إلى الفاتيكان مطلبَ "لبنان الكبير"، فوعده آنذاك البابا بنديكتوس الخامس عشر بأنّه "سيرعى ويحفظ هذا الوطن، وأنّ لبنان بأهله مسلمين ومسيحيين أمانةٌ لدى الكرسيّ الرسوليّ". وفي عام 1947 تُوجّت تلك الخطوة الأولى بإرسال أوّل وفدٍ دبلوماسيّ إلى الفاتيكان، ليبدأ عهد التمثيل الرسميّ مع الكرسيّ الرسوليّ. في ربيع 1964 لبّى البابا بولس السادس دعوةً تاريخيّةً إلى بيروت. ثم جاء البابا يوحنا بولس الثاني لاحقاً، ليواسي اللبنانيين في أيام الحرب الأهليّة ويمدّهم بعباءة التعزية، فخصّص لبنان وحده 340 كلمةً من خطاباته. وقد كرّس سينودس "رجاء جديد من أجل لبنان" عام 1997، وهو أول سينودس موجهٍ إلى دولةٍ بأسرها، ما يؤكّد تقدير الفاتيكان لدور لبنان النموذجيّ في إبراز هذا المسار الحضاريّ، فيما ختَم البابا بنديكتوس السادس عشر عصرَه بزيارةٍ عام 2012. الدور السّياسيّ للفاتيكان لم تقتصر علاقة لبنان بالكرسيّ الرسوليّ على طابعٍ روحيٍّ رفيعٍ أو مراسلاتٍ بروتوكوليّةٍ فحسب، بل امتدّت لتشمل غرفة القرار الدوليّة، حيث برز الفاتيكان كلاعبٍ سياسيٍّ مؤثّرٍ يسعى إلى تحقيق توازناتٍ إقليميةٍ تحفظ الاستقرار وتدعم مبدأ التعايش الوطني. فقد مارَس الفاتيكان ضغوطًا دبلوماسيّةً محكمةً أثناء مفاوضات "اتفاق الطائف" (1989)، إذ سخّر ثقله الروحيّ وعلاقاته مع العواصم الكبرى لضمان إدراج ضمانات دولية (أميركية وأوروبية) تكفل وقف الحرب الأهليّة وتؤطّر مسار إعادة البناء السياسي والمؤسسي في لبنان. إضافةً إلى ذلك، يعدّ تأطير الفكرة المارونيّة — التي تجمع بين الصوت الدينيّ والرهانات السياسيّة — إحدى ثوابت السياسة الفاتيكانيّة إزاء بيروت. إلى جانب المبادرات الدبلوماسيّة والإنسانيّة الّتي بادر بها الكرسيّ الرسوليّ، لم يتوانَ الفاتيكان عن دعم سيادة لبنان واستقلاله بوضوح تامّ، فطالب مرارًا وبشكل رسميّ بانسحاب القوّات السّوريّة من أراضيه. بدأت هذه المطالبة تأخذ طابعها العلنيّ الأوّل خلال السينودس المخصَّص للبنان عام 1997 الذي دعا إليه البابا يوحنا بولس الثاني، حيث أكدّ أنّ استعادة "الأمانة التاريخيّة" التي يحملها الفاتيكان تجاه لبنان لا تتحقّق إلّا عبر انسحاب جميع القوى الأجنبية، بما فيها الجيش السوري، تمهيدًا لاستكمال بناء الدولة على قواعد دستورية سليمة. وتكرّر هذا الموقف بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في 2005، حين أصدر الفاتيكان بيانات داعمة لقرار مجلس الأمن 1559 الذي دعا إلى خروج القوات السورية وإنهاء أيّ احتلال أو نفوذ عسكري أجنبي، معتبرًا أنّ تحقيق السيادة الكاملة للبلاد شرطٌ أساسيّ لاستقرارها ووحدة شعبها. وفي حرب تموز 2006، استخدم الكرسيّ رسالته الأخلاقيّة للضغط على المجتمع الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي، فكان الصوت الدبلوماسيّ الذي دافع عن حقّ لبنان في المقاومة ضمن القانون الدوليّ ومتطلبات حماية المدنيين، مساندًا بذلك قراراتٍ أمميةً حثّت على احترام سيادة البلاد. علاوةً على ذلك، يؤسّس الفاتيكان لِـ"لمساهمة البنّاءة" في الشأن اللبناني عبر شبكةٍ من الكاردينالات والسفراء الدائمين الذين يراقبون عن كثب تطوّرات المشهد الداخليّ، وينقلون إلى مقرّ الكرسيّ الرسوليّ تقويمًا متوازنًا للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مع التركيز على تعزيز الحوكمة ومحاربة الفساد. وهكذا، اختزلت السياسة الفاتيكانية في لبنان استراتيجيةً تقوم على شقّين: أوّلًا، استثمار الطابع الفريد للبنان كمركزٍ حضاريٍّ للحوار بين الأديان والثقافات، وثانيًا، ترجمة هذا البُعد إلى تحركات دبلوماسية متسمة باليقظة والحزم، قوامها دعم استقلال لبنان وسيادته واستقرار مؤسساته بعيدًا عن أي نفوذٍ خارجيٍّ ضاغط. تحولات العلاقة في عهد البابا الراحل إلّا أن عهد البابا فرانسيس جاء مختلفًا من حيث الدفء الشخصيّ والاهتمام المتواصل، وبتفاؤلٍ معلَنٍ بعد زيارته للعراق، وعد البابا فرانسيس بأن تكون زيارته المقبلة إلى لبنان، غير أنّه فارق الحياة قبل أن يُحقّق هذا الوعد.. وفي هذا السّياق، يشرح سفير لبنان لدى الفاتيكان فريد الخازن لـ"المدن" هذه العلاقة قائلًا: "يُعتَبَر اهتمامُ الفاتيكان بلبنان من الثوابتِ السياسيةِ والفاتيكانيةِ منذ زمنٍ طويلٍ، وقد أولى البابا فرانسيس في الآونة الأخيرة عنايةً خاصّةً بلبنان، لا سيّما في ظلّ الأزمات المتعاقبة التي مرّ بها، من جائحة كورونا وحتى الحرب الأخيرة. وقد تبرّع بكثيرٍ من ماله الخاصّ لمساعدة لبنان، ولا تزال تُرسَل مساعداتٌ متواصلةٌ إلى لبنان من الفاتيكان ومن مؤسساتٍ كاثوليكيةٍ مختلفةٍ حول العالم." ولم يقتصر هذا الدعم على المساعدات الماليّة فحسب، بل تجلّى أيضًا في المبادرات واللقاءات المباشرة. وأبرز الخازن هذا الاهتمام بالقول: "عُقِدَ اللقاءُ الأوّل في الأوّل من تموز العام 2021 بحضور قداسة البابا وكبار معاونيه، وضمّ رؤساءَ الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية في لبنان. لقد كان هذا الحدث تاريخيًّا وغير مسبوق، إذ خُصّصَ له يومٌ كاملٌ، من الثامنة والنصف صباحًا حتى السابعة والنصف مساءً، واختُتِمَ بصلاةٍ مسكونيةٍ بعدةِ لغاتٍ شارك فيها البابا والمدعوون. وقد خُصّصَ هذا اليوم لدراسة وضع لبنان، قُدِّمت فيه أوراقٌ ونُوقشت قضاياه، وكان البابا منصتًا طوال الوقت للتأكيد على أهمية الوضع اللبناني". الحرص والاهتمام البالغين وأضاف الخازن: "تؤكّد دلائل عدّة هذا الحرصَ، من بينها متابعة كبار المسؤولين في إدارة الفاتيكان، وعلى رأسهم الكاردينال بارولين الذي زار لبنان مرتين، إلى جانب مسؤولين آخرين يواكبون التطورات عن كثب. لدى الفاتيكان علمٌ بما يجري في لبنان، واهتمامٌ دوليٌّ بالمجتمع اللبناني وبنموذجِ العيش المشترك الذي تحدّث عنه البابا يوحنا بولس الثاني قبل أكثر من ثلاثين سنة. وبما يتماشى مع ذلك، إنّ الفاتيكان يحرصُ على استعادةِ لبنان أوضاعَه بطريقةٍ سليمةٍ، على صعيدِ الدولة والمجتمع. فموقفُه تجاه لبنان، إلى جانب خصوصية العلاقة الثنائيّة، يتماهى مع موقفِ المجتمع الدولي في دعمه لاستعادةِ دورِ الدولة، أيّ أن هذا الحرص على دعم لبنان انطلق من مبادئٍ واضحة: تعزيز دور الدولة في مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مع احترام الحوكمة والنزاهة، وهذه المبادئ التي يطالبُ بها الفاتيكان، هو نفسه ملتزمٌ بها، إذ يركّز على الحوكمة والنزاهة في إدارته". في المقابل، يؤكد الخازن أنّ الفاتيكان لا يتدخل في تفاصيلِ السّياسة الخارجيّة أو الدوليّة تجاه أيّ دولة كما تفعل دولٌ أخرى، فموقفُه ومبدؤه هو دعم لبنان من دون أيّ مقابل، لا ينتظر شيئًا من هذا البلد خلافًا لمصالح الدول التقليديّة، سوى أن يكونَ الوضعُ فيه سليمًا ومستقرًّا وطبيعيًّا. العلاقة مع الكنيسة المارونيّة أما فيما يتعلقُ بعلاقةِ الفاتيكان بالكنيسة المارونيّة في لبنان، وخصوصًا الجانب الروحيّ والدينيّ والمعنويّ الذي يكتسب خصوصيةً في ظلّ التحولات الّتي يشهدها الشرق الأوسط – والّتي لم تخلُ من لحظات توتر بين الفاتيكان والكرسي البطريركيّ في بكركي. حيث جاء رحيل البابا فرانسيس في توقيت دقيقٍ بالنسبة لرأس الكنسيّة المارونيّة و للبطريرك بشارة الراعي، ومن المتوقع أن تبقي الفاتيكان الوضع على ما هو عليه إلى حين تعيين خليفة للبابا فرنسيس. وبطبيعة الحال، ستكون للعهد الجديد في الكرسيّ الرسوليّ كلمة فصل و لها أثر على مستقبل الكنيسة المارونية وسياسة الكنسية في لبنان. يجيب السّفير: "تعود هذه العلاقةُ الوثيقةُ عمليًّا إلى أواخر القرن السّادس عشر، منذ تأسيس المدرسة المارونية في روما، واستمرّت متواصلةً لأهميتها مقارنةً بسائر الكنائس الشرقيّة". ويستطرد السفير قائلًا: "تلعب الكنيسةُ المارونية دورًا مؤثّرًا ليس على الصعيد اللبناني والمحليّ فحسب، بل أيضًا في علاقتها بالفاتيكان، حيث يوجد حضورٌ دائمٌ لها عبر المدرسة المارونية في روما. وخلال الزيارة الأخيرة للكرادلة إلى لبنان التقى المسؤولون بجميع أركان الدولة، وتبادلوا بعض السفراء توقعاتهم؛ إذ لدى الفاتيكان تطلعاتٌ كبيرةٌ للكنيسة المحلية عامةً والكنيسة المارونيّة خاصةً، يأملون أن تسهم في تجديدٍ ملموسٍ". "إلّا أنّ هذه التوقعات لا يُعلن عنها علنًا، لكنها تُناقش في الكواليس، وتشمل مسائل تتعلقُ بالأداء العام لا بالسياسة أو العقيدة". يقول السّفير مؤكدًا.


الدستور
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- الدستور
اليوم.. الكنيسة القبطية الكاثوليكية تحتفل بعيد السيامة الكهنوتية للأنبا باسيليوس فوزي
تحتفل الكنيسة القبطية الكاثوليكية اليوم، بعيد السيامة الكهنوتية للأنبا باسيليوس فوزي مطران كرسي المنيا للأقباط الكاثوليك. من هو الأنبا باسيليوس؟ ولد الأنبا باسيليوس في مدينة المنيا يوم 16 ديسمبر 1956م أنهى دراسته بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1978م والتحق بالكلية الاكليريكية بالمعادي وحصل علي ليسانس الفلسفة واللاهوت وسيم كاهنًا في 28 مارس عام 1980 علي يد الأنبا أنطونيوس نجيب مطران ايبارشية المنيا في كاتدرائية يسوع الملك بالمنيا. ومنذ عام 1989 عين راعيًا لكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا ومديرًا لمجموعة مدارس الراعي الصالح التابعة لايبارشية المنيا حتي تم انتخابه من سينودس الكنيسة القبطية الكاثوليكية في يونيو 2019 مطرانًا لايبارشية سوهاج خلفا للأنبا يوسف ابو الخير واعتمد قداسة البابا فرنسيس انتخاب سينودس الكنيسة القبطية الكاثوليكية الأب باسيليوس فوزي يوم الجمعة الموافق 14 يوليو 2019 وتمت سيامته الأسقفية وتجليسه على كرسي سوهاج يوم السبت 3 أغسطس 2019 بكاتدرائية يسوع الملك بطهطا على يد صاحب الغبطة والقداسة الأنبا ابراهيم اسحق بطريرك الكرسي الاسكندري للأقباط الكاثوليك والكردينال الأنبا أنطونيوس نجيب وأصحاب النيافة أعضاء السينودس المقدس للأقباط الكاثوليك واعتمد قداسة البابا فرنسيس يوم 3 نوفمبر 2020 انتخاب نيافة الانبا باسيليوس فوزي مطران ايبارشية سوهاج مطرانا لكرسي هيرموبوليس المنيا خلفا لنيافة الأنبا بطرس فهيم المطران الشرفي للمنيا وتم تجليس نيافة الأنبا باسيليوس في 13 نوفمبر 2020 بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا. و مدبرا بطريركيا لإيبارشية قسقام القوصية من أكتوبر 2022 حتى مايو 2023 يذكر أنه تحت شعار "فرحين في الرجاء"، ترأس مساء أمس، نيافة الأنبا باسيليوس فوزي، مطران إيبارشية المنيا للأقباط الكاثوليك، الاحتفال السنوي التاسع والثلاثين، لجماعة إيمان ونور، بكنيسة مار مرقس الرسول، بالمنيا. شارك في الاحتفال الأب أبوالخير بشرى، والأب نادر ماهر راعيا الكنيسة، بحضور الأب أيوب يوسف، مرشد مقاطعة وسط مصر، ومسؤولو، وأعضاء جماعة إيمان ونور، بالإضافة إلى جماعات إيمان ونور، من مختلف كنائس الإيبارشية. وألقى الأب المطران كلمة تشجيعية للحاضرين، مقدمًا كلمات التشجيع والشكر للآباء الكهنة، وخدام إيمان ونور، مما تضمن اليوم أيضًا عددًا من الفقرات المتنوعة.