#أحدث الأخبار مع #شجرة_دم_التنينالجزيرةمنذ 13 ساعاتعلومالجزيرة"دم التنين" في سقطرى.. كنز بيئي نادر مهدد بالاندثارغالبا ما تُقارن سقطرى بجزر غالاباغوس في الإكوادور، فهي تطفو في عزلة خلابة على بُعد حوالي 240 كيلومترا من القرن الأفريقي، وقد أهلتها ثرواتها البيولوجية بما في ذلك 825 نوعا من النباتات -أكثر من ثلثها لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض- للانضمام إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي. تبدو أشجار الزجاجة، التي تبرز جذوعها المنتفخة من بين الصخور، كالمنحوتات واللبان الذي تتلوى أغصانه المتشابكة نحو السماء خلابة، لكن شجرة دم التنين التي تعرف أيضا بشجرة "دم الإخوة" هي التي لطالما أسرت الخيال، ويبدو شكلها الغريب أقرب إلى روايات دكتور سوس منه إلى أي غابة برية. اشتهرت هذه الأشجار بمظلاتها الشبيهة بالفطر، ونسغها الأحمر الدموي الذي يخترق أخشابها، وكانت في الماضي وافرة العدد، لكن الأعاصير المتزايدة ورعي الماعز الغازي، والاضطرابات المستمرة في اليمن دفعتها والنظام البيئي الفريد الذي تدعمه نحو الانهيار. تستقبل الجزيرة حوالي 5 آلاف سائح سنويا، ينجذب الكثير منهم إلى المنظر الخلاب لغابات دم التنين، وقد ارتبط اسم الشجرة، التي قد يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار، بالدم بسبب نسغ أحمر داكن يخرج من جذعها عند القطع، وقد كان سلعة ثمينة يوما ما. يُطلب من الزوار الاستعانة بمرشدين محليين والإقامة في مخيمات تديرها عائلات سقطرى لضمان توزيع عائدات السياحة محليا، وإذا اختفت تلك الأشجار الرائعة، فقد تتلاشى معها الصناعة التي تُعيل العديد من سكان الجزيرة. تحفة نباتية وبيئية تبدو شجرة دم التنين أكثر من مجرد تحفة نباتية، بل هي ركيزة أساسية في النظام البيئي لجزيرة سقطرى. تلتقط فروعها المتشابكة مع الأوراق الشبيهة بالمظلات الضباب والمطر، وتنقلهما إلى التربة تحتها، مما يسمح للنباتات المجاورة بالازدهار في المناخ الجاف. وقال عالم الأحياء البلجيكي كاي فان دام، المتخصص في الحفاظ على البيئة وعمل في سقطرى منذ عام 1999،: "عندما تفقد الأشجار، تفقد كل شيء، التربة والمياه والنظام البيئي بأكمله". ويحذر علماء مثل فان دام من أن هذه الأشجار قد تختفي خلال بضعة قرون، ومعها العديد من الأنواع الأخرى إذا لم يتم التدخل، وقد أدت سنوات من تغير المناخ والرعي الجائر وحصاد سائلها القرمزي إلى تقليص أعداد الشجرة المذهلة. ويضيف فان دام: "لقد نجحنا كبشر، في تدمير مساحات شاسعة من الطبيعة في معظم جزر العالم.. سقطرى مكان يمكننا فيه فعل شيء حقيقي. ولكن إن لم نفعل، فالمسؤولية تقع علينا". عبر امتداد هضبة فيرمين الوعرة في سقطرى، تتكشف أكبر غابة متبقية من غابات دم التنين على خلفية الجبال. تبدو آلاف من المظلات العريضة تتوازن فوق جذوع نحيلة، وتحلق طيور الزرزور السقطري بين التيجان الكثيفة، بينما تتأرجح النسور المصرية في وجه هبات الرياح العاتية. وفي الأسفل، تشق الماعز طريقها عبر الشجيرات الصخرية. رمز تحت التهديد وفقا لدراسة أجريت عام 2017 في مجلة " نيتشر"، زادت وتيرة الأعاصير الشديدة بشكل كبير في جميع أنحاء بحر العرب في العقود الأخيرة، وتدفع أشجار دم التنين في سقطرى الثمن. ففي عام 2015، ضربت عاصفة مدمرة مزدوجة الجزيرة، غير مسبوقة في شدتها. واقتلعت آلاف الأشجار التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، بعضها يزيد عمره على 500 عام، والتي صمدت أمام عواصف سابقة كثيرة، واستمر الدمار في عام 2018 مع إعصار آخر. لكن العواصف ليست التهديد الوحيد، فعلى عكس أشجار الصنوبر أو البلوط، التي تنمو بمعدل 60 إلى 90 سنتيمترا سنويا، تنمو أشجار دم التنين بمعدل 2 إلى 3 سنتيمترات فقط سنويا. وبحلول نموعد نضوجها، يكون الكثير منها قد استسلم لخطر خفي وهو الماعز. تلتهم الماعز الطليقة الشتلات قبل أن تتاح لها فرصة النمو خارج المنحدرات التي يصعب الوصول إليها، ولا يمكن لأشجار دم التنين الصغيرة البقاء على قيد الحياة إلا داخل المشاتل المحمية. ويقول آلان فورست، عالم التنوع البيولوجي في مركز نباتات الشرق الأوسط التابع للحديقة النباتية الملكية في إدنبرة في إسكتلندا: "معظم الغابات التي خضعت للمسح هي ما نسميه بالغة النضج، لا توجد أشجار صغيرة ولا شتلات. لذا، لدينا أشجار قديمة تتساقط وتموت، ولا يحدث تجديد كبير". ويضيف فورست "داخل هذه المشاتل والأحواض، يكون نمو النباتات وعمرها أفضل بكثير. وبالتالي ستكون أكثر قدرة على الصمود في وجه تغير المناخ". لكن جهود الحفاظ على البيئة هذه تُعقّدها الحروب وأوضاع اليمن المتعثرة، كما يظهره واقع الحال في هذه الجزيرة الساحرة. ويقول عبد الرحمن الإرياني، المستشار في شركة "غلف ستيت أناليتيكس"، وهي شركة استشارات مخاطر مقرها واشنطن: "يركز صانعو السياسات على استقرار البلاد وضمان استمرار الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه. أما معالجة قضايا المناخ، فستكون ترفا". مع قلة الدعم في غياب المؤسسات، تُترك جهود الحفاظ على البيئة في معظمها لأهالي سقطرى. لكن الموارد المحلية شحيحة، كما يقول سامي مبارك، مرشد سياحي بيئي في الجزيرة. ويشير مبارك كوبي المسؤول السياحي في سقطرى إلى أعمدة سياج مشتل عائلة كيباني المائلة المربوطة ببعضها بأسلاك رقيقة، والتي لن تصمد إلا لبضع سنوات قبل أن تتلفها الرياح والأمطار. وقال إن تمويل مشاتل أكثر متانة مزودة بأعمدة سياج إسمنتية سيكون له أثر كبير على كنز لا يمكن التفريط فيه.
الجزيرةمنذ 13 ساعاتعلومالجزيرة"دم التنين" في سقطرى.. كنز بيئي نادر مهدد بالاندثارغالبا ما تُقارن سقطرى بجزر غالاباغوس في الإكوادور، فهي تطفو في عزلة خلابة على بُعد حوالي 240 كيلومترا من القرن الأفريقي، وقد أهلتها ثرواتها البيولوجية بما في ذلك 825 نوعا من النباتات -أكثر من ثلثها لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض- للانضمام إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي. تبدو أشجار الزجاجة، التي تبرز جذوعها المنتفخة من بين الصخور، كالمنحوتات واللبان الذي تتلوى أغصانه المتشابكة نحو السماء خلابة، لكن شجرة دم التنين التي تعرف أيضا بشجرة "دم الإخوة" هي التي لطالما أسرت الخيال، ويبدو شكلها الغريب أقرب إلى روايات دكتور سوس منه إلى أي غابة برية. اشتهرت هذه الأشجار بمظلاتها الشبيهة بالفطر، ونسغها الأحمر الدموي الذي يخترق أخشابها، وكانت في الماضي وافرة العدد، لكن الأعاصير المتزايدة ورعي الماعز الغازي، والاضطرابات المستمرة في اليمن دفعتها والنظام البيئي الفريد الذي تدعمه نحو الانهيار. تستقبل الجزيرة حوالي 5 آلاف سائح سنويا، ينجذب الكثير منهم إلى المنظر الخلاب لغابات دم التنين، وقد ارتبط اسم الشجرة، التي قد يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار، بالدم بسبب نسغ أحمر داكن يخرج من جذعها عند القطع، وقد كان سلعة ثمينة يوما ما. يُطلب من الزوار الاستعانة بمرشدين محليين والإقامة في مخيمات تديرها عائلات سقطرى لضمان توزيع عائدات السياحة محليا، وإذا اختفت تلك الأشجار الرائعة، فقد تتلاشى معها الصناعة التي تُعيل العديد من سكان الجزيرة. تحفة نباتية وبيئية تبدو شجرة دم التنين أكثر من مجرد تحفة نباتية، بل هي ركيزة أساسية في النظام البيئي لجزيرة سقطرى. تلتقط فروعها المتشابكة مع الأوراق الشبيهة بالمظلات الضباب والمطر، وتنقلهما إلى التربة تحتها، مما يسمح للنباتات المجاورة بالازدهار في المناخ الجاف. وقال عالم الأحياء البلجيكي كاي فان دام، المتخصص في الحفاظ على البيئة وعمل في سقطرى منذ عام 1999،: "عندما تفقد الأشجار، تفقد كل شيء، التربة والمياه والنظام البيئي بأكمله". ويحذر علماء مثل فان دام من أن هذه الأشجار قد تختفي خلال بضعة قرون، ومعها العديد من الأنواع الأخرى إذا لم يتم التدخل، وقد أدت سنوات من تغير المناخ والرعي الجائر وحصاد سائلها القرمزي إلى تقليص أعداد الشجرة المذهلة. ويضيف فان دام: "لقد نجحنا كبشر، في تدمير مساحات شاسعة من الطبيعة في معظم جزر العالم.. سقطرى مكان يمكننا فيه فعل شيء حقيقي. ولكن إن لم نفعل، فالمسؤولية تقع علينا". عبر امتداد هضبة فيرمين الوعرة في سقطرى، تتكشف أكبر غابة متبقية من غابات دم التنين على خلفية الجبال. تبدو آلاف من المظلات العريضة تتوازن فوق جذوع نحيلة، وتحلق طيور الزرزور السقطري بين التيجان الكثيفة، بينما تتأرجح النسور المصرية في وجه هبات الرياح العاتية. وفي الأسفل، تشق الماعز طريقها عبر الشجيرات الصخرية. رمز تحت التهديد وفقا لدراسة أجريت عام 2017 في مجلة " نيتشر"، زادت وتيرة الأعاصير الشديدة بشكل كبير في جميع أنحاء بحر العرب في العقود الأخيرة، وتدفع أشجار دم التنين في سقطرى الثمن. ففي عام 2015، ضربت عاصفة مدمرة مزدوجة الجزيرة، غير مسبوقة في شدتها. واقتلعت آلاف الأشجار التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، بعضها يزيد عمره على 500 عام، والتي صمدت أمام عواصف سابقة كثيرة، واستمر الدمار في عام 2018 مع إعصار آخر. لكن العواصف ليست التهديد الوحيد، فعلى عكس أشجار الصنوبر أو البلوط، التي تنمو بمعدل 60 إلى 90 سنتيمترا سنويا، تنمو أشجار دم التنين بمعدل 2 إلى 3 سنتيمترات فقط سنويا. وبحلول نموعد نضوجها، يكون الكثير منها قد استسلم لخطر خفي وهو الماعز. تلتهم الماعز الطليقة الشتلات قبل أن تتاح لها فرصة النمو خارج المنحدرات التي يصعب الوصول إليها، ولا يمكن لأشجار دم التنين الصغيرة البقاء على قيد الحياة إلا داخل المشاتل المحمية. ويقول آلان فورست، عالم التنوع البيولوجي في مركز نباتات الشرق الأوسط التابع للحديقة النباتية الملكية في إدنبرة في إسكتلندا: "معظم الغابات التي خضعت للمسح هي ما نسميه بالغة النضج، لا توجد أشجار صغيرة ولا شتلات. لذا، لدينا أشجار قديمة تتساقط وتموت، ولا يحدث تجديد كبير". ويضيف فورست "داخل هذه المشاتل والأحواض، يكون نمو النباتات وعمرها أفضل بكثير. وبالتالي ستكون أكثر قدرة على الصمود في وجه تغير المناخ". لكن جهود الحفاظ على البيئة هذه تُعقّدها الحروب وأوضاع اليمن المتعثرة، كما يظهره واقع الحال في هذه الجزيرة الساحرة. ويقول عبد الرحمن الإرياني، المستشار في شركة "غلف ستيت أناليتيكس"، وهي شركة استشارات مخاطر مقرها واشنطن: "يركز صانعو السياسات على استقرار البلاد وضمان استمرار الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه. أما معالجة قضايا المناخ، فستكون ترفا". مع قلة الدعم في غياب المؤسسات، تُترك جهود الحفاظ على البيئة في معظمها لأهالي سقطرى. لكن الموارد المحلية شحيحة، كما يقول سامي مبارك، مرشد سياحي بيئي في الجزيرة. ويشير مبارك كوبي المسؤول السياحي في سقطرى إلى أعمدة سياج مشتل عائلة كيباني المائلة المربوطة ببعضها بأسلاك رقيقة، والتي لن تصمد إلا لبضع سنوات قبل أن تتلفها الرياح والأمطار. وقال إن تمويل مشاتل أكثر متانة مزودة بأعمدة سياج إسمنتية سيكون له أثر كبير على كنز لا يمكن التفريط فيه.