#أحدث الأخبار مع #شركات_السلاحالجزيرةمنذ 11 ساعاتسياسةالجزيرةهل دخل الكيان الصهيوني "ألف ليلة وليلة صعبة" بعد الضربات الإيرانية؟في ليلٍ لم يكن عاديًّا، استيقظت المنطقة على هولِ مشهدٍ غير مسبوق: إيران، بقوة محسوبة وبلغة لا لبس فيها، وجّهت ضربات مباشرة إلى العمق الإسرائيلي. لم يكن الحدث عاديًا في مسرح السياسات الشرق أوسطية؛ بل كان إيذانًا بتحول جذري في قواعد الاشتباك الإقليمي. فبعد سنوات من حرب الظل، تحوّلت الرسائل إلى صواريخ، والحسابات المؤجلة إلى ردٍّ ميدانيٍّ صارم، أربك الكيان الصهيوني وكشف هشاشة منظومته الإستراتيجية، ليس فقط على المستوى العسكري، بل في بنيته الوظيفية كامتداد لمشروع غربي أوسع. صحيحٌ أن إسرائيل بدأت بهجوم خاطف، بدا وكأنه محاولة لترميم صورة الردع التي تصدّعت، لكنه سرعان ما اتّضح أنه استعراض أكثر منه خطةً مدروسة لإنهاء مواجهة حقيقية. فالمعضلة الأساسية التي واجهها الكيان الصهيوني لم تكن في الردّ، بل في إدراك أن البدء في حرب شيء، وإنهاءها بشروط مقبولة شيء آخر تمامًا. إنها لحظة الوعي القاسي: لا يمكن التحكم دائمًا في النتائج عندما يتعلق الأمر بقوى إقليمية لم تعد تقبل بدور التابع أو المُحتوَى. لقد أثبتت الضربات الإيرانية، بكل ما حملته من دلالات رمزية وميدانية، أن الكيان الصهيوني ليس إلا رأس حربة في منظومة أكبر، يتداخل فيها الأمن بالاقتصاد، والدين بالجيوسياسة، والوظيفة العسكرية بالمصالح العالمية. إن تل أبيب ليست مركزًا بذاتها، بل هي جزء من بنية إستراتيجية تُدار من واشنطن، وبتنسيقٍ وثيق مع شركات النفط والسلاح، والمؤسسات المالية العابرة للقارات، التي باتت ترى في الشرق الأوسط منصّة لإعادة ضبط ميزان القوى العالمي. فالهدف لم يكن إسرائيل بذاتها، بل إعادة رسم خارطة النفوذ على قاعدة إضعاف محور الصين- روسيا- إيران، وتفكيك إمكانية ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب. ولتحقيق هذا الهدف، يتم الدفع بإسرائيل إلى واجهة التصعيد، في محاولة لاستدراج إيران إلى صدام طويل ينهكها ويعزلها عن حلفائها، ويعيدها إلى مربع الدولة المارقة التي يسهل شيطنتها في المحافل الدولية. لكن المفارقة أن إسرائيل نفسها بدأت تُدرك أنها تتحول إلى "دولة عازلة" في مشروع دولي لا يراعي مصلحتها الحقيقية، بل يستثمر في صراعاتها لتأجيل صراعٍ أكبر مع بكين أو موسكو. وهنا مكمن الخطر الحقيقي: لقد دخل الكيان مرحلة ما يمكن تسميته بـ"العدمية الإستراتيجية"؛ أي أن يتحول من فاعل إلى أداة، ومن مركز قرار إلى منفّذ لأجندات لا يفهم تمامًا أفقها النهائي. إسرائيل اليوم ليست كما كانت قبل الضربات الإيرانية. لقد استيقظت على ألف ليلة وليلة صعبة، تدرك خلالها أن فائض القوة لا يعوّض عن نقص الشرعية، وأن تطبيع العلاقات مع الأنظمة لا يعني تطبيع الوجود في الوعي الجمعي للشعوب وفي هذا السياق، تبدو الحرب على غزة- بما تحمله من عنف غير مسبوق وإبادة جماعية موثقة- ليست سوى تجلٍ فجٍّ لهذه العدمية. فكلما تورط الكيان في دماء المدنيين، أصبح عبئًا أخلاقيًا على حلفائه، وصورة مشوهة لدولة بلا رؤية ولا ضمير. أما الضربات الإيرانية فكانت، بقدر ما هي ردٌّ على اغتيال قادة، رسالة إلى من يظنون أن محور المقاومة لا يمتلك سوى الخطابة والشعارات. لقد دخلت طهران إلى المعادلة من بوابة الردع المحسوب، وجعلت تل أبيب تدرك أن "الزمن الجميل" لاحتكار القرار العسكري قد انتهى. إسرائيل اليوم ليست كما كانت قبل الضربات الإيرانية. لقد استيقظت على ألف ليلة وليلة صعبة، تدرك خلالها أن فائض القوة لا يعوّض عن نقص الشرعية، وأن تطبيع العلاقات مع الأنظمة لا يعني تطبيع الوجود في الوعي الجمعي للشعوب. والأسوأ من ذلك، أن الكيان بدأ يتقدم نحو صورته النهائية في المخيلة العالمية: دولة عدوانية، تفتقد للحكمة، تجرّ المنطقة إلى الحروب، وتمارس الإبادة كخيار سياسي. لقد بدأت الحرب، نعم. لكن هل يعرف الكيان كيف تُنهى؟ وهل يفهم أنه أحيانًا، تنتهي الحروب بغير الطريقة التي بدأت بها؟ الجواب، على الأرجح، سيُكتب بصواريخ أخرى، وألف ليلةٍ أخرى، لا نوم فيها للكيان.
الجزيرةمنذ 11 ساعاتسياسةالجزيرةهل دخل الكيان الصهيوني "ألف ليلة وليلة صعبة" بعد الضربات الإيرانية؟في ليلٍ لم يكن عاديًّا، استيقظت المنطقة على هولِ مشهدٍ غير مسبوق: إيران، بقوة محسوبة وبلغة لا لبس فيها، وجّهت ضربات مباشرة إلى العمق الإسرائيلي. لم يكن الحدث عاديًا في مسرح السياسات الشرق أوسطية؛ بل كان إيذانًا بتحول جذري في قواعد الاشتباك الإقليمي. فبعد سنوات من حرب الظل، تحوّلت الرسائل إلى صواريخ، والحسابات المؤجلة إلى ردٍّ ميدانيٍّ صارم، أربك الكيان الصهيوني وكشف هشاشة منظومته الإستراتيجية، ليس فقط على المستوى العسكري، بل في بنيته الوظيفية كامتداد لمشروع غربي أوسع. صحيحٌ أن إسرائيل بدأت بهجوم خاطف، بدا وكأنه محاولة لترميم صورة الردع التي تصدّعت، لكنه سرعان ما اتّضح أنه استعراض أكثر منه خطةً مدروسة لإنهاء مواجهة حقيقية. فالمعضلة الأساسية التي واجهها الكيان الصهيوني لم تكن في الردّ، بل في إدراك أن البدء في حرب شيء، وإنهاءها بشروط مقبولة شيء آخر تمامًا. إنها لحظة الوعي القاسي: لا يمكن التحكم دائمًا في النتائج عندما يتعلق الأمر بقوى إقليمية لم تعد تقبل بدور التابع أو المُحتوَى. لقد أثبتت الضربات الإيرانية، بكل ما حملته من دلالات رمزية وميدانية، أن الكيان الصهيوني ليس إلا رأس حربة في منظومة أكبر، يتداخل فيها الأمن بالاقتصاد، والدين بالجيوسياسة، والوظيفة العسكرية بالمصالح العالمية. إن تل أبيب ليست مركزًا بذاتها، بل هي جزء من بنية إستراتيجية تُدار من واشنطن، وبتنسيقٍ وثيق مع شركات النفط والسلاح، والمؤسسات المالية العابرة للقارات، التي باتت ترى في الشرق الأوسط منصّة لإعادة ضبط ميزان القوى العالمي. فالهدف لم يكن إسرائيل بذاتها، بل إعادة رسم خارطة النفوذ على قاعدة إضعاف محور الصين- روسيا- إيران، وتفكيك إمكانية ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب. ولتحقيق هذا الهدف، يتم الدفع بإسرائيل إلى واجهة التصعيد، في محاولة لاستدراج إيران إلى صدام طويل ينهكها ويعزلها عن حلفائها، ويعيدها إلى مربع الدولة المارقة التي يسهل شيطنتها في المحافل الدولية. لكن المفارقة أن إسرائيل نفسها بدأت تُدرك أنها تتحول إلى "دولة عازلة" في مشروع دولي لا يراعي مصلحتها الحقيقية، بل يستثمر في صراعاتها لتأجيل صراعٍ أكبر مع بكين أو موسكو. وهنا مكمن الخطر الحقيقي: لقد دخل الكيان مرحلة ما يمكن تسميته بـ"العدمية الإستراتيجية"؛ أي أن يتحول من فاعل إلى أداة، ومن مركز قرار إلى منفّذ لأجندات لا يفهم تمامًا أفقها النهائي. إسرائيل اليوم ليست كما كانت قبل الضربات الإيرانية. لقد استيقظت على ألف ليلة وليلة صعبة، تدرك خلالها أن فائض القوة لا يعوّض عن نقص الشرعية، وأن تطبيع العلاقات مع الأنظمة لا يعني تطبيع الوجود في الوعي الجمعي للشعوب وفي هذا السياق، تبدو الحرب على غزة- بما تحمله من عنف غير مسبوق وإبادة جماعية موثقة- ليست سوى تجلٍ فجٍّ لهذه العدمية. فكلما تورط الكيان في دماء المدنيين، أصبح عبئًا أخلاقيًا على حلفائه، وصورة مشوهة لدولة بلا رؤية ولا ضمير. أما الضربات الإيرانية فكانت، بقدر ما هي ردٌّ على اغتيال قادة، رسالة إلى من يظنون أن محور المقاومة لا يمتلك سوى الخطابة والشعارات. لقد دخلت طهران إلى المعادلة من بوابة الردع المحسوب، وجعلت تل أبيب تدرك أن "الزمن الجميل" لاحتكار القرار العسكري قد انتهى. إسرائيل اليوم ليست كما كانت قبل الضربات الإيرانية. لقد استيقظت على ألف ليلة وليلة صعبة، تدرك خلالها أن فائض القوة لا يعوّض عن نقص الشرعية، وأن تطبيع العلاقات مع الأنظمة لا يعني تطبيع الوجود في الوعي الجمعي للشعوب. والأسوأ من ذلك، أن الكيان بدأ يتقدم نحو صورته النهائية في المخيلة العالمية: دولة عدوانية، تفتقد للحكمة، تجرّ المنطقة إلى الحروب، وتمارس الإبادة كخيار سياسي. لقد بدأت الحرب، نعم. لكن هل يعرف الكيان كيف تُنهى؟ وهل يفهم أنه أحيانًا، تنتهي الحروب بغير الطريقة التي بدأت بها؟ الجواب، على الأرجح، سيُكتب بصواريخ أخرى، وألف ليلةٍ أخرى، لا نوم فيها للكيان.