أحدث الأخبار مع #شعر


اليوم السابع
منذ 11 ساعات
- ترفيه
- اليوم السابع
لو بتحب الشعر.. 7 دواوين صدرت مؤخرًا
تختلف اهتمامات القراء حول أنواع الكتب سواء الروايات أو الشعر الموجودة فى الساحة الأدبية، فالروايات تتنوع بين أدب الرعب وأدب الرومانسية والخيال العلمى والغموض وغيرها من الأنواع الأخرى، كما يهتم البعض الأخر بالدواوين الشعرية، سواء عامية كانت أو بالفصحى، وفي ضوء ذلك نشرح لكم مجموعة من الدواوين الشعرية التي صدرت مؤخرًا. النهر المحترق صدر حديثًا الهيئة المصرية العامة للكتاب، ديوان شعري بعنوان "النهر المحترق" للشاعر الفنزويلي خورخي رودريغيث غوميث، بترجمة وتقديم الدكتور خالد سالم، وذلك ضمن استعدادات مشاركة مصر كضيف شرف في معرض فنزويلا الدولي للكتاب في دورته المقبلة. ابن وكيع التنيسي.. عيني التي أوقعت فؤادي أصدرت وزارة الثقافة، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتابًا آخر ضمن إصدارات سلسلة ديوان الشعر المصري بعنوان "ابن وكيع التنيسي.. عيني التي أوقعت فؤادي"، اختيار وتقديم الدكتور محمد سيد علي عبد العال. سوق الوقت كما صدر حديثًا للشاعر نور الدين نادر، أحدث دواوينه الشعرية بعنوان "سوق الوقت"، وذلك عن دار فهرس للنشر والتوزيع، وهو الديوان الشعري الثاني لـ نور الدين نادر" وهو منقسم لجزءين، الأول بعنوان "سوق الوقت"، والثاني بعنوان "قصائد تعرف أبطالها"، ويأتي الديوان الشعري بالفصحى ويضم 23 قصيدةً، بعد ديوان "لا شيء إلا الفضول" 2021. مش بجرأة امرأة العزيز ديوان "مش بجرأة امرأة العزيز"، لشيماء تمام كمال، الصادر عن دار نشر إبهار للتوزيع، وهو مجموعة شعرية عامية مكونة من 15 قصيدة، تعكس تجارب إنسانية تدعو للتأمل فى الذات والحياة عبر عدسة شعرية مفعمة بالإحساس. وتمزج القصائد بين الفلسفة الصوفية والتأملات الواقعية في الحياة اليومية، مما يضفي عمقًا وجدانيًا على النصوص، ويقدم الديوان صورًا شعرية مؤثرة تحاكي الأحاسيس الإنسانية بصدق، تتنوع القصائد بين التعبير عن القوة والضعف، الأمل والانكسار، مما يجعلها قريبة من القارئ ومُلهمة في الوقت ذاته. وأصدرت وزارة الثقافة من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات سلسلة الإبداع العربي ديوان شعر بعنوان «قرب ورد أحلامنا أراك» للشاعر السورى أحمد حسين حميدان. بين دفتي ديوانه «قرب ورد أحلامنا أراك»، ينزف الشاعر السوري أحمد حسين حميدان قصائد قلقة، يؤرقها واقع قاس، وطن معطوب بالتمزق، ومناف يعوزها الدفء، تغرب فيها شمس العمر ولا ينقضي ليل الفراق. ابن الكيزاني.. يا من يتيه على الزمان بحسنه صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات سلسلة ديوان الشعر المصري، كتاب "ابن الكيزاني.. يا من يتيه على الزمان بحسنه"، من تقديم الشاعر أحمد الشهاوي. ويقول الشهاوي في تقديمه: "ابن الكيزاني" هو ابن القلب لا الجوارح، جاهد وكابد، ونحا نحوا مختلفا كعادة أهل التصوف في زمانه أو الأزمنة السابقة عليه، حتى وصل إلى مقام القرب من الله، وحل مشكلته الروحية شعرا ونثرا الذي ضاع أغلبه وفقد، وأقام من الدين أساسا للتصوف، جمع بين الحقيقة أي المعنى الباطن المستتر وراء الشريعة، والشريعة أي الرسوم والأوضاع التي تعبر عن ظاهر الأحكام وتجري على الجوارح، أو بين علم الظاهر والباطن. فوات الأوان وديوان "فوات الأوان" للشاعر محمد أبو زيد، الصادر عن دار ديوان للنشر، وينشغل الديوان بسؤال الشعر فى اللحظة الراهنة، بداية من الشَّكل إلى المضمون، إلى علاقة الشِّعر بالعالم الذى يوشك على الانهيار، إلى الشاعر نفسه الذى يواجه قصيدته ويتبادلان سؤال: "ماذا بعد؟".


الجزيرة
منذ يوم واحد
- ترفيه
- الجزيرة
إريش فْرِيد شاعر يهودي نمساوي أحرق مؤيدو إسرائيل قصائده
إريش فْرِيد شاعر وروائي يهودي نمساوي، عمل صحفيا ومترجما. وُلِد عام 1921 في فيينا، لكنه اضطر إلى الفرار إلى لندن عام 1938 بعد ضمّ النمسا إلى ألمانيا النازية، واستقر هناك حتى وفاته عام 1988. هو أحد أبرز الشعراء الكاتبين بالألمانية في القرن العشرين، اشتهرت أعماله بأسلوبها البسيط والمباشر، مما جعله الأكثر قراءة ومبيعا، خصوصا في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين. وعلى الرغم من أنه لم يحظَ بتقدير واسع في النمسا حتى أواخر حياته، إلا أن أعماله لاقت انتشارا كبيرا في ألمانيا الغربية، إذ نشر أكثر من 20 مجموعة شعرية ونثرية، ومسرحيات وترجمات عديدة. تميّز شعره بانتقاده الحاد لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، خاصة في قصيدته الشهيرة "لنقل الحقيقة"، مما عرّضه لهجوم شديد من الاحتلال وداعميه، إذ اتُهِم بأنه "كاره لنفسه" و"خائن لذويه". ناهض الصهيونية وأثارت مواقفه جدلا واسعا، فانقسمت الآراء حوله بين مؤيدين لرسالته السياسية ومنتقدين، وصل بهم الأمر إلى حرق قصائده. ومع ذلك لقي شعره استحسانا لدى كثيرين ممن رأوا في شعره صوتا إنسانيا داعما للعدالة. ظل شاعرا منسيا في وطنه الأم، ولم يحظَ بالتكريم حتى تجاوز الستين من عمره، حين بدأ يُقدَّر أدبيا على نطاق أوسع وتُوِجت مسيرته بفوزه بجائزة "بوشن" عام 1987، وهي من أرفع الجوائز الأدبية الألمانية. المولد والنشأة وُلد إيريش فْرِيد في السادس من مايو/أيار1921 في فيينا، عاصمة النمسا، لأسرة يهودية مثقفة من الطبقة المتوسطة، تعود أصولها إلى بوهيميا ومورافيا. كان الابن الوحيد لعائلته التي عانت من تقلبات اقتصادية حادة. فقد كان والدُه مستثمرا، لكنه فقد جميع أمواله بعد إفلاس شركته، وأصبحت والدته -التي كانت تعمل مصممة أزياء- المعيل الوحيد للأسرة منذ عام 1924. نشأ فْرِيد في بيئة طغت عليها الخلافات بين والديه اللذين انشغلا عنه، وعاش طفولة قاسية بسبب الفقر الذي حل بالعائلة، إذ أقام في منزل متواضع تمتلكه جدته لأمه في فيينا. وعُهد برعايته إلى مربية اعتاد سماع حكايات ما قبل النوم منها، كما وجد في جدته مصدر دعم وحنان، وقال إنه "فضّلها على والديه". عانى منذ طفولته من اضطراب حركي لم يُشخَّص لفترة طويلة، مما جعل والده يشكك في قدرته على البقاء على قيد الحياة. إلا أن الطفل الخجول توصل إلى طريقة للتكيف مع هذا الوضع، فكان يجمع الأطفال حوله ويقنعهم بسماع قصص مثيرة من تأليفه بدلا من الركض أو القفز. كما عانى من قسوة والده، إذ كان يعامله بخشونة حتى بلغ الـ14 من عمره، لكنه وجد في والدته ملاذا وحماية من صفعات والده المتكررة، كما كانت مصدرا لدعمه، إذ استمد منها طبيعته القتالية وحسه الفني والإبداعي، وشجعت موهبته في التمثيل والأدب، وساهمت بشكل كبير في تطوره إلى أن أصبح كاتبا مرموقا. في سنوات مراهقته شهد الانقلاب الفاشي في فيينا عام 1938، الذي تُوِّج باجتياح القوات الألمانية للنمسا، وتعرض والده للتعذيب على يد البوليس السري لنظام الزعيم النازي أدولف هتلر (الغستابو) حتى قُتل، كما فقد كثيرا من أقاربه وأصدقائه. وهربا من ذلك المصير غادر الشاب -الذي لم يكن يتجاوز السابعة عشرة آنذاك- وطنه الأصلي إلى لندن عام 1939، وهناك وجد نفسه بلا مأوى ولا جنسية. في منفاه الاضطراري عمل في هيئة للاجئين واستطاع مساعدة نحو 70 يهوديا على الفرار من ألمانيا، ومنهم والدته التي لحقت به بعد إطلاق سراحها عام 1939. ولم يتمكن من إنقاذ جدته التي قُتلت في معسكر أوشفيتز عام 1943، وعندما زار هذا المعسكر عام 1967 كتب في دفتر الزوار التذكاري "لقد رأيت ما أعرفه وأكثر، لن أنساه وسأساعد على عدم نسيانه". تزوج فْرِيد ثلاث مرات ورُزق بستة أطفال، وأعلن رسميا عام 1964 أنه لن يعود للعيش في ألمانيا، وفي عام 1982 استعاد جنسيته النمساوية، لكنه اختار العيش في بريطانيا، محتفظا بجنسيتها التي مُنحت له عام 1949. الدراسة والتكوين العلمي في سن الرابعة والنصف تعلّم فْرِيد القراءة من والدته، ووجد إمكانية الوصول المبكر إلى الأدب في مكتبة والده الذي كان يحلم بأن يصبح شاعرا ولم ينجح. بين عامي 1927 و1931 تلقّى تعليمه الأولي في مدرسة فيينا الابتدائية، وبرزت مهارته في التحدث وتميز بذاكرةٍ قوية؛ وقدرة كبيرة على تأليف القصص الخيالية. وبدأت ميوله الأدبية تتشكل مبكرا عندما انضم إلى فرقة مسرحية للأطفال، فظهر على عدة مسارح وأصبح نجما صغيرا تكتب عنه الصحف التي صنّفته آنذاك "طفلا معجزة"، لكن طموحه المبكر في أن يصبح ممثلا لم يكتمل، بعدما منعه والده من التدريب تحت إشراف المخرج والممثل المسرحي النمساوي الشهير ماكس راينهارت. في عام 1931 التحق بالمدرسة الثانوية الفدرالية، وفيها نما شغفه بالأدب مع حفظ العديد من النصوص الشعرية والحِكم والأغنيات الشعبية ونصوص نثرية مطوّلة. وكان أيضا مهتما بالعلوم والاختراع، ونجح في تسجيل أول براءة اختراع له عن عملية "إنتاج محسّن للمصابيح الكهربائية"، وإلى جانب ذلك برع في الرياضيات واللغات، ما عزّز من قدرته على التحليل والتفكير النقدي. إلا أن الأحداث السياسية ألقت بظلالها على حياته، فعندما ضُمَّت النمسا إلى ألمانيا تحوّل مبنى مدرسته الثانوية إلى مقرّ للقوات النازية، مما أدى إلى إعادة توزيع الطلاب المسيحيين على مدارس أخرى، بينما أُجبر التلاميذ اليهود على المغادرة أو اجتياز امتحان مبكر في الرياضيات. كان في الـ14 من عمره آنذاك، واضطر إلى مغادرة الثانوية قبل نهاية العام الدراسي في أبريل/نيسان 1938، ووصف هذه اللحظة "تحولتُ في ذلك اليوم من تلميذ مدرسة نمساوي إلى يهودي مُلاحق ومُضطهد". بعد ذلك واصل تعليمه بجهود فردية، كما استفاد من البرامج التعليمية التي وفّرتها منظمات اللاجئين في المنفى البريطاني في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين. وقد مكّنته هذه التجربة من تطوير استقلاليته الفكرية ودمج ثقافتين مختلفتين بنجاح، الأمر الذي انعكس لاحقا في أعماله الأدبية والفكرية. وتقديرا لإسهاماته الأدبية والفكرية منحته جامعة أوسنابروك الألمانية (تأسست عام 1974)، الدكتوراه الفخرية في اللغويات والآداب عام 1988. الحياة المهنية بعد لجوئه إلى بريطانيا اضطر إلى العمل في وظائف مؤقتة لتأمين معيشته، عمل أمين مكتبة بدوام جزئي وعاملا في مصنع للزجاج، كما لجأ إلى بيع أنابيب الرصاص، التي كان يجمعها من القصور الشاغرة، لتجار الخردة المعدنية. في وقت لاحق التحق بالعمل في مكتب "لجنة اللاجئين اليهود"، لكنه تعرض للطرد بعدما صفع رئيس الموظفين إثر اتهامه بسرقة أحد الملفات، ورغم ذلك استمر في تلقي راتبه الكامل (31 شلنا و6 بنسات) عن طريق البريد مدة عام. توازيا مع ذلك، بدأ بنشر مقالاته في صحف المهجر منذ عام 1940، وقد كانت جزءا من المحيط الثقافي والسياسي الذي شكل انطلاقته الصحفية بعد فترة من اللجوء. بين عامي 1945 و1949 عمل في مجلة "نيو أوسليز" التي ساهمت في إثراء المشهد الثقافي، خاصة في مجال الأدب المكتوب باللغة الألمانية. وبين عامي 1949 و1950 انتقل للعمل في المجلة المصورة "بليك آن ذي ويلت" التي لعبت دورا مهما في تقديم وجهات نظر نقدية في الوضع السياسي في أوروبا والعالم. إعلان في عام 1952 انضم إلى القسم الألماني في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) واستمرت مسيرته هناك حتى عام 1968. بدأ مساعد برامج، فكتب التعليقات السياسية للبرنامج الموجه إلى المنطقة السوفياتية (ألمانيا الشرقية السابقة). ولاحقا أصبح أحد الأصوات البارزة في برنامج أسبوعي بعنوان "تأملات" يتناول القضايا السياسية والفلسفية والفنية العالمية، مما جعله يحظى بجمهور واسع في الأوساط الأكاديمية والثقافية. في عام 1954 دخل عالم الترجمة الأدبية، إذ تولى لأول مرة ترجمة مسرحية "تحت خشب الحليب" لديلان توماس، التي قُدمت في بث إذاعي، مما جعله اسما معروفا في الأوساط الأدبية والثقافية. واصل مشروعه في الترجمة طوال حياته تقريبا، ليصبح أحد أبرز المترجمين لأعمال الديب الإنجليزي ويليام شكسبير ، إذ ترجم نحو27 مسرحية، إلى جانب أعمال إليوت وبرتولت بريخت وغيرهم، وكان مرجعا أساسيا في هذا المجال. إلى جانب عمله في هيئة الإذاعة البريطانية، شغل منصب محرر في مجلة "نصوص وإشارات" من عام 1955 حتى توقفها عن الصدور عام 1957، وساهم في تقديم دراسات نقدية عن الأدب الحديث واتجاهاته. اختار البقاء في مجال الأدب الألماني، وكان في عمله مذيعا ومترجما جسرا ثقافيا بين اللغات والهويات المختلفة. في عام 1977 بدأ مرحلة جديدة في مسيرته المهنية، وتولى منصبا تدريسيا في جامعة غيسن (التي أُنشئت في ألمانيا عام 1607). وفي أبريل/نيسان 1985، أصبح محاضرا في الجامعة الصيفية الألمانية في توسكانا، وقدّم محاضرات في الأدب والفكر الحديث، إلى جانب ورش عمل متخصصة في الترجمة الأدبية. النشاط الثقافي والسياسي تميّز الأديب اليهودي النمساوي بوعي سياسي منذ طفولته، ففي سن السادسة، شهد حادثة أثّرت فيه بعمق، عندما أصدر رئيس الشرطة أوامر بقتل متظاهرين احتجاجا على حكم قضائي برّأ يمينيين قتلوا شخصين، وفي إحدى مناسبات عيد الميلاد، كان قد همّ بإلقاء قصيدة من تأليفه، لكنه تراجع عن قراءتها حتى غادر ذلك الشرطي القاعة. بدأ اهتمامه بالفكر السياسي يتبلور تدريجيا، إذ كان مَدينًا لوالده ولكتاب "قاموس التخاطب" بأول مدخل له إلى أساسيات المعرفة السياسية. وفي المرحلة الثانوية، انفتح على وجهات نظر سياسية مختلفة بين الطلاب. ومع اجتياح هتلر فيينا أسس مع زملائه مجموعة مقاومة، تمثل دورها الأساسي في جمع الكتب التي فرضت عليها الرقابة النازية من منازل الأصدقاء اليهود، ومنحها لغير اليهود المعارضين للنظام النازي. في عام 1939 انضم إلى منظمة شبابية في المنفى وألّف نشيدها غير الرسمي "نحن نقتحم البلاد"، كما كتب كتيبا دعائيا باللغة الإنجليزية بعنوان "إنهم يقاتلون في الظلام". وعلى الصعيد الثقافي، شارك في نشاط في المركز النمساوي الشيوعي، أكبر جمعية للاجئين في بريطانيا، إلى جانب انخراطه في منظمة "النمسا الفتية" والجمعية الثقافية الألمانية الحرة، وساهم في نشر الفكر التقدمي لدى المنفيين. ورغم كونه شاعرا بلا وطن، عاد إلى النمسا وجمهورية ألمانيا الاتحادية في منتصف الستينيات من القرن العشرين، ونشط في المشهدين الثقافي والسياسي، إذ ألقى قصائده في الساحات العامة، وساهم في نقاشات سياسية واسعة، كما شارك في الاحتجاجات المناهضة لقانون الطوارئ الألماني الفدرالي عام 1968. في مارس/آذار1981 شارك في مؤتمر الكتاب النمساوي الأول، وأثار جدلا كبيرا بالمحاضرة التي ألقاها بعنوان "الحرية في رؤية مكان إقامتك". وبمناسبة العيد الوطني للنمسا عام 1984 ألقى خطابا من "بضع كلمات عن التفرد الثقافي للنمسا" في مسرح فيينا الشعبي. وكان للحراك العالمي ضد حرب فيتنام تأثيرٌ كبير على التزامه السياسي، إذ شارك في مؤتمر فيتنام الدولي عام 1968 في برلين الغربية، وطالب بمحاكمة الرئيس الأميركي ليندون جونسون وقال عنه إنه "مجرم حرب". شاعر النمسا الألماني تمرس الصبي على الكتابة منذ سن مبكرة، وقال "بدأت في كتابة قصائدي الأولى عندما كنت في الخامسة والنصف أو السادسة من عمري". إعلان ويروي أنه بعد مقتل والده، الذي لم تكن له أي علاقة بالسياسة، قرّر أنه إذا نَجَا سوف يصبح كاتبا، مثلما كان يحلم والده أن يكون في السنوات العشر الأخيرة من حياته. وعندما كان يُسأل عن المهنة التي سيختارها في المستقبل، كان يجيب بثقة واعتزاز "شاعر ألماني"، كما يروي عنه ناشره "كلاوس فاغنباغ". وقد بَدا أصغر على هذا الحلم الكبير، حين رُفض طلبه للحصول على دعم من لجنة اللاجئين ليصبح شاعرا، لكنه لاحقًا حصل على ما يشبه منحة دراسية، قال إنها "أعطته الفرصة للدخول في محاولاته الأولى للكتابة". وببلوغه سن العشرين، أصبح شخصية معروفة في بيئة المنفى الناطقة بالألمانية، إذ انخرط في منظمات فكرية وثقافية يديرها الحزب الشيوعي، وبدأ مسيرته الأدبية بمنشوراته الأولى في مجلاتها. في أواخر خريف عام 1943، قطع علاقته بالمنظمات الشيوعية، ولم يعد المؤلف الشاب مضطرًا إلى مراعاة وجهة النظر الحزبية في شعره. وقسم الباحثون الحياة الأدبية لمبدع "مائة قصيدة بلا حدود" إلى ثلاث فترات، في أن يُعترف به شاعرا ألمانيا: فترة المنفى القسري (1938–1945): بدأ أثناءها مسيرته الأدبية شاعرا ألمانيا بنشر مجموعاته الشعرية الأولى مثل "ألمانيا" (1944) و"النمسا" (1945). فترة ما بعد المنفى حتى منتصف الخمسينيات: كان البعد الجغرافي والمؤسسي عن المشهد الأدبي الألماني عائقًا كبيرا أمامه، رغم جهوده الدؤوبة لنشر شعره في ألمانيا الغربية والشرقية. في عام 1958 تمكن من نشر أول ديوان شعري في جمهورية ألمانيا الاتحادية بعنوان "قصائد"، ضم أشعارا كتبها بين عامي 1946 و1957 أثناء إقامته في لندن، كما نشر روايته الوحيدة المثيرة للجدل "جندي وفتاة" عام 1960. واعتبر نفسه حينها من "الجيل الثاني" من الشعراء الألمان في إنجلترا، حيث كان يعمل في بيئة لغوية مختلفة. إعلان الفترة الثالثة (العقود الثلاثة الأخيرة من حياته): قضى أثناءها وقتا طويلا في البلدان الناطقة بالألمانية، ورغم تأثير الثقافة والأيديولوجيا الإنجليزية على أدَبِه، إلا أنه ظل يَشعُر بأنه ألماني واستمر في تكريس نفسه للأوساط الشعرية الناطقة بالألمانية. وتمكن من احتلال مكانة بارزة في المشهد الأدبي الألماني عندما دُعي إلى "مجموعة لندن 47″، التي كانت تجمع الكتاب الناطقين بالألمانية بانتظام لمناقشة أعمالهم بين عامي 1947 و1967. في هذه الفترة اهتم بتوسيع علاقاته مع الناشرين الألمان مثل يوجين كلاسن، ونظم أمسيات قراءة شعرية، بل وكتب أشعار زملائه على آلة كاتبة خاصة به لتوزيعها. كان تأثيره على القصيدة السياسية الألمانية واضحا منذ عام 1966، ومنحته حرب فيتنام وفظائعها مادة جديدة للكتابة، وكان لديوانه عن فيتنام دور كبير في تنشيط القصيدة السياسية في ألمانيا الاتحادية، مما أثار جدلا واسعا. واجه الشاعر في البداية انتقادات حادة، وصلت إلى حد المطالبة بإحراق شعره، وحذفه من الكتب المدرسية المقررة في ولاية بافاريا، وفي عام 1969 نُشرت مختارات من أشعاره في سلسلة "شعر جمهورية ألمانيا الديمقراطية" ، كما ترجم أعمال الشاعر ديلان توماس عام 1974. وسرعان ما أصبح من أكثر الشعراء الألمان قراءة وشهرة بعد برتولت بريخت (1898-1956)، خاصة بعد نشر ديوانه "أشعار الحب" عام 1979، الذي طُبع 16 مرة، وكان آخرها ترجمة كُرديّة عام 2023، وبيع منه أكثر من 350 ألف نسخة، حسب ناشره. كان الشاعر معروفا بغزارة إنتاجه الشعري، إذ كتب القصائد كما "تلد الأرنبة صغارها" وفق قوله، لذلك يرى بعض النقاد أنه "لم يكتب أحسن أشعاره فقط، بل كتب في بعض الأحيان أسوا شعر ظهر في عصره". وصل عدد مجموعاته الشعرية إلى ثلاثين مجموعة، بيعت منها أكثر من 300 ألف نسخة، وتُرجمت إلى عدة لغات. بعض قصائده وجدت طريقها إلى الكتب المدرسية، بينما تم تلحين العديد منها، واستخدم الملحن "هانزفيرنر هينز" اثنتين منها في ألبوم أغانيه "أصوات" عام 1973. وقيل إن شعره يمكن قراءته على أنه "كتاب رحلة" تنتقل مواضيعه ليس فقط من بلد إلى آخر، ولكن أيضا بتعبير تشامبرز "عبر العتبة بين الحدث والسرد، وبين السلطة والتشتت، وبين القمع والتمثيل، وبين الضعفاء والسلطة". أشعار ضد إسرائيل في تقديمه لمجموعته الشعرية الشهيرة "اسمعي يا إسرائيل"، يقول فْرِيد: "عندما كنت لاجئا في إنجلترا، بدأت أكتب شعرا ونثرا ضد الرايخ الثالث، حيث قُتل كثير من أصدقائي وأقاربي في أفران الغاز، كما وصفت بؤس اللاجئين والاستغلال". بعد عام 1945، كتب "أصبح واضحا لدي أن الكفاح يجب أن يستمر حتى بعد سقوط الرايخ الثالث، بعدما بدأت نماذج مماثلة من التفكير تتبلور في الجزائر وفيتنام وغواتيمالا والكونغو"، وقال "وجدت نفسي ضد ما يمارسه الإسرائيليون بحق الفلسطينيين والعرب". ظل فْرِيد متّسقًا مع نفسه، مفرقا بين الديانة اليهودية وبين الصهيونية بصفتها فكرة عنصرية. بدأ في البداية بأسلوب غير مباشر، لكنه اضطر بعد نكسة 1967 إلى التصريح بآرائه علنا. بصفته شاعرا ملتزما وشيوعيا صريحا، كتب "ما لا يُسمح بكتابته" وهو "يلاحق إسرائيل بقصائد تُذكّرها بعارها الأخلاقي"، حسب سمير جريس، الذي ترجم كتاب "وكنا نضحك أحيانا"، وهو مؤلف لفْرِيد عام 1986. عرّضَه ذلك لهجوم الشبكات الصهيونية، حتى إن رسائل التهديد التي تلقّاها لا تزال محفوظة في أرشيفه الشخصيّ بـ"مركز إيريش فْريد الثقافي" في فيينا. في قصيدة "زمن المغرضين"، قال "يسمونني خائنا لشعبي، يهوديا معاديا للسامية، لأنني أتحدث عما يفعلونه باسم إسرائيل ضد الفلسطينيين". وأضاف صاحب ديوان "قصائد تحذيرية" أنه أحس بالمسؤولية تجاه ما يفعله اليهود في إسرائيل ضد الفلسطينيين، وضد اليهود المعترضين، وقال "آمل أن أكون يهوديا أفضل خارج الفهم المتعصب والشوفينية الإسرائيلية، فالصهاينة يدفعون اليهود إلى وضع كارثي في إسرائيل". واجه صعوبات في نشر قصائده قبل 1972، معتبرا ذلك انعكاسا لدورها في كشف الزيف ومحاربته، ففي قصيدة "اِسمَعي يا إسرائيل" التي نشرها في ديوان "معارك" عام 1974، دافع عن الحق الفلسطيني وأهل البلاد الأصليين. كما فضح ممارسات إسرائيل التي وصف قادتها بأنهم "أحفاد هتلر"، قائلا "حينما كنتم مُضطهَدين، كنتُ واحدًا منكم، كيف أظلّ كذلك، عندما تضطهدون الآخرين؟". ودافع بقوة عن مسرحية "الهلاك" لجيم ألين، التي وثقت تعاون الصهيونية مع النازية. وفي قصيدة "قليل منكم"، أحصى جرائم إسرائيل في دير ياسين وقبية و كفر قاسم و صبرا وشاتيلا. وظل فْرِيد مدافعا بقلمه عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وقال "إننا نستهلك طاقاتنا، كي نخفف مبادئ الكلام، ثم نسترد أنفاسنا بينما يتابع الآخرون الحديث.. ووفق قواعدهم ليس هناك أي سبب للشكوى، ولا يبقى أمامنا سوى الاعتراف بحقوقهم". الجوائز والتكريمات 1989: تأسست "جمعية إريش فريد الدولية للأدب واللغة" ومقرها فيينا في الذكرى الأولى لوفاته، وتمنح جائزة أدبية سنويا منذ عام 1990 بقيمة 15 ألف يورو. 1987: حصل على جائزة جورج بوشنر عن مجمل أعماله من الأكاديمية الألمانية للغة والأدب في مدينة دارمشتات، وهي مخصصة للكتّاب الذين يكتبون باللغة الألمانية، وقيمتها 50 ألف يورو. 1987: حصل على المفتاح الذهبي لمهرجان الشعر سميديريفو (يوغوسلافيا). 1986: حصل على وسام كارل فون أوسيتسكي من الرابطة الدولية لحقوق الإنسان. 1986: عين عضوا في الأكاديمية الألمانية للغة والشعر في دارمشتات. 1985: حصل على وسام الشرف الذهبي لولاية فيينا. 1983: نال جائزة بريمن الأدبية، والتي تمنح سنويا تكريما لأعمال الكتاب المتميزين في الأدب الألماني أو الأدب العالمي. 1977: حصل على جائزة المحررين الدولية، وهي أول جائزة له، وذلك عن قصيدته "100 قصيدة بلا وطن". الوفاة توفي إريش فريد يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 في مستشفى بادن بغرب ألمانيا، عن عمر ناهز 67 عاما، متأثرا بمرض السرطان الذي تم تشخيصه عام 1986. وجاءت وفاته بعد استجابته لدعوة في ألمانيا الغربية، وذلك قبل عام من سقوط جدار برلين، إذ عاد إليها بعد خمسين عاما من مغادرته القسرية فيينا. ومع ذلك فقد أوصى أن تُعاد جثته إلى لندن، حيث دُفن في التاسع من ديسمبر/كانون الأول بمقبرة كينسال غرين.


اليوم السابع
منذ 2 أيام
- ترفيه
- اليوم السابع
الشعر بخير
في مبادرة تحمّستُ لها، نشرتُ على مدار الأيام السابقة في "اليوم السابع" أكثر من خمسين قصيدة، كانت تستعد للمشاركة في ملتقى بيت الشعر العربي الأول للنص الجديد "في بيت الشعر" وبالأمس ذهبت لسماع القصائد وملاقاة الشعراء.. وقد قرأت وسمعت عجبًا. كانت البداية عندما أخبرني الشاعر ومدير بيت الشعر، سامح محجوب، عن الملتقى حين كان يعد له هو وفريقه: الشعراء أحمد عايد، ومحمود بلال، ويونس أبو سبع، يومها قال سامح محجوب: "إننا سندعو خمسين شاعرًا أصغر من عمر الأربعين". ولا أعرف لماذا استوقفني العدد، ربما لأنني، وأنا المتخصص في النقد وتحليل الخطاب ورئيس قسم الثقافة، تنبّهتُ لما سيضيفه الحشد الشعري من حضور وتجديدٍ في دم القصيدة العربية، وربما لأنني – رغم كوني ساردًا – مؤمن بأن الشعر سيد الكلام، وأن وطنًا مسكونًا بالشعراء هو وطن يملك قلبًا عظيمًا. أو ربما لأنني فكّرتُ أنه في حال كوني أمسكت ورقةً وقلمًا وحاولت أن أكتب أسماء خمسين شاعرًا مصريًا لم يبلغوا الأربعين من عمرهم، لعانيتُ في ذلك، واستعنت بأصدقاء، وقد لا أستطيع في النهاية، لذا اقترحت على الشاعر سامح محجوب أن أنشر القصائد في موقع "اليوم السابع"، وقد رحبت الأستاذة علا الشافعي، رئيس مجلس التحرير، بالفكرة ودعمتها. لا أخفي أنني كنت أظن أنني سألقى تفاوتًا كبيرًا في النصوص المرسلة، لكنني لم أجد، بل هالني ما بها من شعرية واضحة؛ فالنصوص، على تنوّعها بين الفصحى والعامية، وبين العمودية والتفعيلة والنثر، يجمعها جميعًا الشعر، فلا استهانة ولا استخفاف، بل نصوص دالّة على أن المجموعة المشاركة في الملتقى، قبل أن يعرفوا صياغة الكلمات، يعرفون دور الشاعر، ويعرفون قيمته وقدره. لا أريد الآن أن أتوقّف عند نصوص معيّنة، لكنني أُمني نفسي بعد ذلك بأن أعدّ قراءة في خطاب الشعراء جميعًا، أو في نصوص مختارة منها، ولكن حتى يحدث ذلك، أستطيع أن أشير سريعًا إلى بعض الملاحظات: • القصائد لم تغفل المتلقي؛ ففي النصوص جميعها، لم يقابلني نص لا يتماس معي بوصفي متلقيًا، فاللغة على شعريتها محتفظة بالتواصل، والصور على طزاجتها صالحة للتخيّل، والرؤية على خصوصيتها تهمّ الجميع. • عروبية النص؛ وأقصد بالعروبية تراجع النصوص المستوحاة من نماذج غربية، تلك النصوص التي نشك في كونها مترجمة من نصوص أخرى، أبدًا لم أشعر بهذه الغرابة، بل كان الغالب على النصوص عروبية البناء والشعور. • الإعلاء من العاطفة دون إغفال العقل، وهذا الجانب يتفق مع ذائقتي الشخصية؛ لا أحب القصائد "الجافة" التي تحكمها صرامة المنطق، ولا تستهويني تلك التي تدور في حلقة مفرغة من بكاء الذات، لكنني أحب القصيدة الواعية، تلك التي تقدّر العاطفة وتحترم العقل. • الإيمان بدور الشعر، وهو جانب مهم لأننا في عصر لا يعترف بمكانة الشعر، ودور النشر لا تعطيه حقه، حتى أن كثيرًا من الشعراء يفرّون ناحية السرد، لذا أن نجد هذه النصوص تراهن على قدرتها في نقل تجربة العالم، وتقدم رؤية واضحة للنفس والآخر، لهو أمر يستحق التأمل. • النفس الطويل، كثير من النصوص نفسها طويل، ومع ذلك حافظت على تماسكها، وأضافت جديدًا كلما تحركت إلى الأمام، وكم عانينا من قبل من قصائد بدأت مبشّرة ثم تاهت ولم تصل. هذه إشارات سريعة جاءت نتيجة تأمل، لكن الدراسة التي أتمنى أن أقوم بها حتمًا ستكشف المزيد من أنساق شعرية هذا الجيل المهم في سلسلة الشعر العربي. وعندما ذهبت إلى الملتقى في أمسياته استمتعت بالشعراء، ومنهم من أسمعه للمرة الأولى، وقد راعني ما بهم من ثقة في نصوصهم، وقدرة على التعبير، وفصاحة ظاهرة، وإيمان بأن الشعر ديوان الروح والقلب والعقل أيضًا. فخرجت من هناك وأنا منشرح الصدر، أردد مرتاح الضمير: "الشعر بخير".


الشرق الأوسط
منذ 2 أيام
- ترفيه
- الشرق الأوسط
الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»
ذهب عزرا باوند إلى البندقية يكتب الشعر بين قنواتها كما فعل اللورد بايرون من قبل. وأعطت حركة «شعر» فكرة غير دقيقة عن حياته ومكانته، ربما لنقص في الاطلاع على أعماله. في ثلاثينات القرن الماضي، أمسك عزرا باوند بمطرقة خشبية وضرب بها على الطاولة مخاطباً جميع أقرانه: كن حديثاً!. «نحن بحاجة إلى أشكال فنية جديدة»، يصرح أنطون تشيخوف في مسرحيته «النورس»: «الأشكال الجديدة مطلوبة، وإذا لم تكن متوفرة، فقد لا يكون لدينا شيء على الإطلاق». كانت المهمة إبداعية وتدميرية في الوقت نفسه، كما اقترح فريدريك نيتشه. كانت مهمة جعل الأمر حديثاً تعني المضي قدماً، وإيجاد طريق جديد. كان لا بد من تغيير كل شيء. الفلسفة التي تقوم عليها الفنون، والرؤية الأساسية التي تعبر عنها، والعلاقة بين الشكل والمضمون، والفنان والجمهور، والفرد المبدع والمجتمع. وكما أعلن نيتشه، كان لهذه الرحلة في المعرفة الفنية الحديثة مخاطرها العميقة. ينوي راسكولنيكوف، تلميذ دوستويفسكي، في رواية «الجريمة والعقاب»، أن يتحرر من حدود الفكر: «يبدو لي أن أكثر ما يخشاه المرء هو أن يخطو خطوة جديدة أو ينطق بكلمة جديدة». يخطو راسكولنيكوف الخطوة، وينطق بالكلمة، ويرتكب جريمة حديثة، ويجد عقاباً حديثاً. كانت أخطار الطريقة الحديثة ستصبح واضحة حتى بالنسبة لباوند. فقد كان باوند مغترباً في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وخاب أمله لأن الرئيس روزفلت لم يطلب استشارته في المسائل الاقتصادية، والثقافية، والسياسية. انحاز إلى بينيتو موسوليني، الذي كانت له بالفعل بعض الآراء المستقبلية. أنهى باوند الحرب محتجزاً في قفص في بيزا من قبل الجيش الأميركي في انتظار توجيه تهمة الخيانة إليه في الولايات المتحدة. حتى إن هذا كان له منطق معين، إذ اعتبر باوند أن مهمة الفنان هي أن يكون ملهب العصر، وأن يخلق الثقافة من خلال التمرد على الثقافة. وبحلول نهاية حياته، كان باوند مستعداً للاعتراف بأن طموحه في تحويل سياسة الثقافة كان خطأً خطيراً، وهو خطأ يشكك في إنجازه الفني وفي الهدف من «صنع الجديد». مثل كثيرين غيره، ثار باوند ضد الحداثة، لكنه آمن بها. والاسم الذي صار يطلق على ذلك التحول الكبير في أشكال الفنون وروحها، وطبيعتها، الذي حدث في الفترة ما بين سبعينات القرن التاسع عشر، واندلاع الحرب العالمية الثانية. لقد كانت ثورة فنية عميقة حركت أوروبا بأكملها. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى باوند نفسه. لقد كانت أزمة في تاريخ الإنسانية الغربية، ومحاولة عميقة لفهم وإدراك طبيعة الوجود الحديث. إلى اللقاء...


صحيفة الخليج
منذ 2 أيام
- ترفيه
- صحيفة الخليج
الشِّعر البريطاني وآلة جز العشب
على مدى الخمسين عاماً الماضية، ازدهر نوع فرعي فريد من الشِّعر في بريطانيا، يتمحور حول جز العشب، وشارك في تشكيله شعراء بارزون مثل فيليب لاركن وأندرو موشن. بحسب دراسة حديثة من جامعة كامبريدج، تعود جذور هذا التقليد الشِّعري إلى القرن السابع عشر، عندما كتب أندرو مارفيل عن استخدام المنجل في قص العشب، مسلطاً الضوء على عنف الحرب الأهلية الإنجليزية. توضح مؤلفة الدراسة، فرانشيسكا جاردنر من الجامعة، أن هذا النوع من الشِّعْر بلغ ذروته في أواخر القرن العشرين، وتعتقد أن الوقت قد حان لإحيائه. فبالرغم من أن الكتابة عن جز العشب قد تبدو غير متوقعة، فإنها تتيح استكشاف علاقتنا بالطبيعة وبالآخرين. فمارفيل، على سبيل المثال، كتب عن جزازة قتلت طائراً عن غير قصد، معبراً عن هشاشة الحياة أمام القوى المسيطرة كالحروب ودورات الفصول. في القرن العشرين، استلهم فيليب لاركن من مارفيل وكتب عام 1979 قصيدة «جزازة العشب»، واصفاً كيف قتلت آلته قنفذاً. ورغم إدراكه لفداحة الحادثة، فإن القصيدة تكشف التوتر العميق بين التكنولوجيا والطبيعة، حيث يتحول الفعل البسيط لقص العشب إلى تشبيه قاتم لقسوة الإنسان في محاكاته للطبيعة القاسية. أما في قصيدة مايكل لاسكي «جزازة العشب» عام (1999)، فإن الآلة تمثل الإهمال الأبوي، حيث يغفل الأب عن أطفاله بينما يركز على قص العشب بإتقان. وتلفت فرانشيسكا جاردنر إلى أن العشب في الشِّعر البريطاني غالباً ما يُصور كمساحة آمنة ومألوفة، لكنه يحمل في طياته عنفاً كامناً، كما حالة القنفذ عند فيليب لاركن. وتناول شعراء آخرون مثل مارك والدرون هذا الموضوع من زوايا مختلفة فقصيدته «ليتني أحببت جزازات العشب» (2017) تتناول الإدمان والاغتراب. ولم يقتصر هذا الشِّعر على الكتّاب المعروفين، فقد وجدته فرانشيسكا جاردنر أيضاً لدى هواة جز العشب، مثل قصيدة توني هوبود الساخرة، أو قصيدة بيغي ميلر «رثاء أرملة جزازة العشب» عام (2002)، التي تسخر من هوس الرجال بآلاتهم.