#أحدث الأخبار مع #شوفونيياناس،جريدة الاياممنذ 2 أيامسياسةجريدة الايامإسرائيل تتحوّل تهديداً وجودياً للدول العربيةأوسلو: "منتدى أوسلو" مؤتمر سنوي لمندوبي دول، ومنظمات دولية، ومحللون وخبراء، يبحثون سبل تسوية الحروب بطرق سلمية. وهم يتقاسمون الواحد مع الآخر كميات مبهرة من النية الطيبة، التجربة والتفاؤل. يفترض أن يتخذ الزعماء قرارات عقلانية، ويفترض بالدول أن تساوم وبالنزاعات أن تنتهي. ما يقال في هذا المؤتمر ليس معداً للنشر. الأمل هو ان يخفف المتحدثون من حدة المواقف اذا كانوا يعرفون بأن أقوالهم لن تنشر على الملأ. لكن هذا ليس صحيحا دوما. الدرس الأول الذي تعلمته هو أن شيئاً ما أساسياً تغير في فكر بعض الدول العربية مثل مصر، العراق، الأردن، وربما الامارات والبحرين. انا لا اتحدث عن المشاعر، بل أتحدث عن الاستراتيجية. في الماضي رأت هذه الدول في ايران تهديدا وجوديا وفي إسرائيل نوعا من الكابح في وجه التطلعات الإيرانية، بل ربما الجهة التي تستلقي من أجلهم على الجدار. أما اليوم فهم يرون في ايران جهة ضعيفة– ضعفت أساسا بفضل الإنجازات العسكرية لإسرائيل في الحرب – وفي إسرائيل تهديدا على استقرارهم. تحولت إسرائيل من حل الى مشكلة. صبت التقارير عن الاستعدادات في إسرائيل لهجوم في ايران مضمونا في هذا التخوف. فما الذي يسعى نتنياهو ليحققه بالضبط؟ يسألون. هل يستغل ترامب نتنياهو كي يخفف من حدة موقف ايران، ويسمح له بان يهدد لكن لا يسمح له بان يعمل، ام ان نتنياهو يستغل ترامب، ويتعاون معه بهدف جره الى حرب مع ايران لا يريدها؟ من يلعب بمن؟ وصل الى المؤتمر وزراء خارجية ايران، مصر، السعودية، عُمان، وسورية. اللقاء المشوق كان بين عباس عرقجي، وزير الخارجية الإيراني، واسعد الشيباني، وزير خارجية النظام السوري الجديد. ظاهرا، مندوبان لحكومتين خصمتين في الروح. هذا لم يمنعهما من أن يجلسا على طاولة صغيرة ويجريا حديثا طويلا فيما تحيط بهما دائرة صامتة من الفضوليين. هبط الاثنان في أوسلو في اطار حملة تسويقية يسعى كل منهما، على طريقته، ليمنح حكومته شرعية في أوروبا. حملة "شوفوني يا ناس"، أنا ألطف بكثير مما اعتقدتم. وهكذا أيضا حكومتي: حكومة متطرفة ما كانت لتعين شابا لطيفا مثلي ليمثلها. اما الإيراني فقد كان محوطا بحاشية من الرجال الذين كانوا يرتدون كلهم مثله: بدلة انيقة سوداء وقميصا ابيض ناصع البياض بقبة عالية بلا ربطة عنق. وبدوا معا كفريق رياضي سافر الى مباراة في الخارج. فوجئت لرؤية الحراسة حوله، فهي تكاد لا ترى. فقد بدا كمن يمكن الوصول اليه دون ان يكون كذلك. عندما استعد السوري لمحاضرته توجهت اليه، صافحته، وعرضت نفسي، باسم الدولة وباسم الصحيفة. اقترحت عليه أن أُجري لقاء معه او على الأقل ان تكون هذه محادثة خلفية. لم يسحب يده من يدي: لطيف؛ لم يرد: أقل لطفا. تبادلنا بضع ثوان من الصمت قبل أن يتوجه اليه احد ما وينقذه من لحظة حرج. جاء الشيباني كي يقول للناس ما يتوقعون سماعه. دون الدخول الى مضمون أقواله، لم تكن فيها نقطة واحدة موضع خلاف. كل سؤال طرح عليه، في مواضيع داخلية سورية دامية ومع مواضيع خارجية، وكذا في مواضيع تتعلق بإسرائيل، أجاب بجواب معلل، اديب، أساسه: توجد مشاكل ينبغي حلها، ولا توجد حروب. فمن كان يصلي او يتصور بان تسمع هذه الرؤيا الواعية، الحيادية جدا، الموضوعية، الاسكندنافية بالذات على لسان من كان بالأمس فقط جهاديا؟ احد الخبراء في الشؤون السورية، ممن شاركوا في المؤتمر، شخص يعرف النظام السوري الجديد عن كثب، ادعى بعد ذلك بان هذه صورة النظام الحقيقية: الجولاني، الرئيس، مثله مثل الشيباني. الجهاد كان بالنسبة لهم وسيلة وليس هدفا. الهدف كان الاستيلاء على الحكم في دمشق. والآن حين يترتب عليهم ان يديروا دولة مفككة، منقسمة، بلا مقدرات، فانهم يبقون التزمت الديني خلفهم. فهم يريدون أن يرضوا الجميع، دون استثناء، بما في ذلك نحن. ثمة شيء مقلق في الخفة، التحبب، الحماسة التي يستقبل فيها ممثلو أنظمة ظلامية في أوروبا. خطاياهم تغتفر، بأثر رجعي ومسبقاً: والنادي يعفيهم من فترة اختبار. من فقد عضويته في النادي؟ روسيا وإسرائيل. لم يكن هناك مندوب إسرائيلي رسمي في المؤتمر. حكومتا إسرائيل والنرويج، اللتان كانتا ذات مرة، منذ قبل "أوسلو" صديقتين قريبتين، شريكتي سر، تتنكر الواحدة للاخرى: اعترفت النرويج بدولة فلسطينية؛ وأرجعت إسرائيل الى الديار الدبلوماسيين من النرويج، الذين عملوا مع السلطة الفلسطينية من القدس. بمفهوم ما، النرويج هي من تبقى من مسيرة أوسلو: المكان المركزي الذي نسب لها في طبخة الاتفاق ذاته جعلها حاملة علم رؤيا الدولتين، العمة الطيبة والسخية للسلطة. جاء الفلسطينيون الى المؤتمر ليصرخوا صرختهم. وقد سُمعت. لكن أعضاء الوفد الإيراني، الذين كل خطابهم كان فلسطين، لم يتكبدوا عناء الدخول في النقاش. بالنسبة لهم فلسطين هي رافعة، حجة، قصة تغطية، ليس أكثر. من الذي أبدى اهتماما حقيقيا؟ اليمنيون. خمسة يمنيين جاؤوا الى المؤتمر، كلهم يرتبطون بالنظام في جنوب اليمن وليس بالحوثيين. شرح أحدهم لي بان المشكلة الفلسطينية ترافق اليمنيين من الصبا. هي جزء من التعليم الديني الذي تلقوه. فان تكون مسلماً صالحاً هو أن تقدس فلسطين. لا غرو، قال، في أن الحوثيين في ذروة قوتهم. كل أعداء إسرائيل، "حماس"، "حزب الله"، وايران حاولوا ضرب مطار بن غوريون، وفقط الحوثيون نجحوا. هم سيضربون سياحة الصيف في إسرائيل.
جريدة الاياممنذ 2 أيامسياسةجريدة الايامإسرائيل تتحوّل تهديداً وجودياً للدول العربيةأوسلو: "منتدى أوسلو" مؤتمر سنوي لمندوبي دول، ومنظمات دولية، ومحللون وخبراء، يبحثون سبل تسوية الحروب بطرق سلمية. وهم يتقاسمون الواحد مع الآخر كميات مبهرة من النية الطيبة، التجربة والتفاؤل. يفترض أن يتخذ الزعماء قرارات عقلانية، ويفترض بالدول أن تساوم وبالنزاعات أن تنتهي. ما يقال في هذا المؤتمر ليس معداً للنشر. الأمل هو ان يخفف المتحدثون من حدة المواقف اذا كانوا يعرفون بأن أقوالهم لن تنشر على الملأ. لكن هذا ليس صحيحا دوما. الدرس الأول الذي تعلمته هو أن شيئاً ما أساسياً تغير في فكر بعض الدول العربية مثل مصر، العراق، الأردن، وربما الامارات والبحرين. انا لا اتحدث عن المشاعر، بل أتحدث عن الاستراتيجية. في الماضي رأت هذه الدول في ايران تهديدا وجوديا وفي إسرائيل نوعا من الكابح في وجه التطلعات الإيرانية، بل ربما الجهة التي تستلقي من أجلهم على الجدار. أما اليوم فهم يرون في ايران جهة ضعيفة– ضعفت أساسا بفضل الإنجازات العسكرية لإسرائيل في الحرب – وفي إسرائيل تهديدا على استقرارهم. تحولت إسرائيل من حل الى مشكلة. صبت التقارير عن الاستعدادات في إسرائيل لهجوم في ايران مضمونا في هذا التخوف. فما الذي يسعى نتنياهو ليحققه بالضبط؟ يسألون. هل يستغل ترامب نتنياهو كي يخفف من حدة موقف ايران، ويسمح له بان يهدد لكن لا يسمح له بان يعمل، ام ان نتنياهو يستغل ترامب، ويتعاون معه بهدف جره الى حرب مع ايران لا يريدها؟ من يلعب بمن؟ وصل الى المؤتمر وزراء خارجية ايران، مصر، السعودية، عُمان، وسورية. اللقاء المشوق كان بين عباس عرقجي، وزير الخارجية الإيراني، واسعد الشيباني، وزير خارجية النظام السوري الجديد. ظاهرا، مندوبان لحكومتين خصمتين في الروح. هذا لم يمنعهما من أن يجلسا على طاولة صغيرة ويجريا حديثا طويلا فيما تحيط بهما دائرة صامتة من الفضوليين. هبط الاثنان في أوسلو في اطار حملة تسويقية يسعى كل منهما، على طريقته، ليمنح حكومته شرعية في أوروبا. حملة "شوفوني يا ناس"، أنا ألطف بكثير مما اعتقدتم. وهكذا أيضا حكومتي: حكومة متطرفة ما كانت لتعين شابا لطيفا مثلي ليمثلها. اما الإيراني فقد كان محوطا بحاشية من الرجال الذين كانوا يرتدون كلهم مثله: بدلة انيقة سوداء وقميصا ابيض ناصع البياض بقبة عالية بلا ربطة عنق. وبدوا معا كفريق رياضي سافر الى مباراة في الخارج. فوجئت لرؤية الحراسة حوله، فهي تكاد لا ترى. فقد بدا كمن يمكن الوصول اليه دون ان يكون كذلك. عندما استعد السوري لمحاضرته توجهت اليه، صافحته، وعرضت نفسي، باسم الدولة وباسم الصحيفة. اقترحت عليه أن أُجري لقاء معه او على الأقل ان تكون هذه محادثة خلفية. لم يسحب يده من يدي: لطيف؛ لم يرد: أقل لطفا. تبادلنا بضع ثوان من الصمت قبل أن يتوجه اليه احد ما وينقذه من لحظة حرج. جاء الشيباني كي يقول للناس ما يتوقعون سماعه. دون الدخول الى مضمون أقواله، لم تكن فيها نقطة واحدة موضع خلاف. كل سؤال طرح عليه، في مواضيع داخلية سورية دامية ومع مواضيع خارجية، وكذا في مواضيع تتعلق بإسرائيل، أجاب بجواب معلل، اديب، أساسه: توجد مشاكل ينبغي حلها، ولا توجد حروب. فمن كان يصلي او يتصور بان تسمع هذه الرؤيا الواعية، الحيادية جدا، الموضوعية، الاسكندنافية بالذات على لسان من كان بالأمس فقط جهاديا؟ احد الخبراء في الشؤون السورية، ممن شاركوا في المؤتمر، شخص يعرف النظام السوري الجديد عن كثب، ادعى بعد ذلك بان هذه صورة النظام الحقيقية: الجولاني، الرئيس، مثله مثل الشيباني. الجهاد كان بالنسبة لهم وسيلة وليس هدفا. الهدف كان الاستيلاء على الحكم في دمشق. والآن حين يترتب عليهم ان يديروا دولة مفككة، منقسمة، بلا مقدرات، فانهم يبقون التزمت الديني خلفهم. فهم يريدون أن يرضوا الجميع، دون استثناء، بما في ذلك نحن. ثمة شيء مقلق في الخفة، التحبب، الحماسة التي يستقبل فيها ممثلو أنظمة ظلامية في أوروبا. خطاياهم تغتفر، بأثر رجعي ومسبقاً: والنادي يعفيهم من فترة اختبار. من فقد عضويته في النادي؟ روسيا وإسرائيل. لم يكن هناك مندوب إسرائيلي رسمي في المؤتمر. حكومتا إسرائيل والنرويج، اللتان كانتا ذات مرة، منذ قبل "أوسلو" صديقتين قريبتين، شريكتي سر، تتنكر الواحدة للاخرى: اعترفت النرويج بدولة فلسطينية؛ وأرجعت إسرائيل الى الديار الدبلوماسيين من النرويج، الذين عملوا مع السلطة الفلسطينية من القدس. بمفهوم ما، النرويج هي من تبقى من مسيرة أوسلو: المكان المركزي الذي نسب لها في طبخة الاتفاق ذاته جعلها حاملة علم رؤيا الدولتين، العمة الطيبة والسخية للسلطة. جاء الفلسطينيون الى المؤتمر ليصرخوا صرختهم. وقد سُمعت. لكن أعضاء الوفد الإيراني، الذين كل خطابهم كان فلسطين، لم يتكبدوا عناء الدخول في النقاش. بالنسبة لهم فلسطين هي رافعة، حجة، قصة تغطية، ليس أكثر. من الذي أبدى اهتماما حقيقيا؟ اليمنيون. خمسة يمنيين جاؤوا الى المؤتمر، كلهم يرتبطون بالنظام في جنوب اليمن وليس بالحوثيين. شرح أحدهم لي بان المشكلة الفلسطينية ترافق اليمنيين من الصبا. هي جزء من التعليم الديني الذي تلقوه. فان تكون مسلماً صالحاً هو أن تقدس فلسطين. لا غرو، قال، في أن الحوثيين في ذروة قوتهم. كل أعداء إسرائيل، "حماس"، "حزب الله"، وايران حاولوا ضرب مطار بن غوريون، وفقط الحوثيون نجحوا. هم سيضربون سياحة الصيف في إسرائيل.