#أحدث الأخبار مع #شوليهبوابة الأهرام٠٩-٠٥-٢٠٢٥علومبوابة الأهرام«الذكاء» الغبى أحياناالبعض يستلهم الحبكات الهوليودية فى التحذير من مستقبل عالم يحكمه «الذكاء الاصطناعى»، منقلبا على الإنسان شر إنقلاب. لكن الواقع يحمل من الأدلة ما يكفى بتأكيد أن « الذكاء الاصطناعى» يعانى من الغباء أحيانا كثيرة، ويرتكب من الحماقات الكثير جدا أيضا. لكن هل تكفى هذه الأحيان وهذه الحماقات، بحيث يصدر حكم مطلق أخر، بقصور «الذكاء الاصطناعى» ومحدوديته؟. الوقائع تغرى بذلك جدا، ولو على سبيل طمأنة الإنسان بأن منافسه المفترض ليس بالقوة المطلقة. طمأنة مطلوبة، خاصة مع تأكيدات مثل تلك التى أطلقتها مجلة «الأيكونوميست» المرموقة قبل ثمانية أعوام تقريبا بأن الموارد الأكثر طلبا وندرة حاليا، باتت «المعلومات»، وليس « البترول» وأن العالم دخل بالفعل عهد « اقتصاد المعلومات». وتأكيدات « الأيكونوميست» جاءت يدا فى يد مع ترجيحات خبراء المجال الرقمى بأن نمط التعليم الذاتى للمكينات، والإدارة بواسطة «الذكاء الاصطناعى» سيكونان وراء جانب كبير من الاستثمارات الحاضرة والمستقبلية فى مجالات اقتصادية شتى. المجد بات للذكاء الاصطناعى إذن؟! .. الإجابة: ليس تماما، وإلا ما كان مهندس البرمجيات الفرنسى فرانسوا شوليه ( 35 عاما) كرس وقته ومجهوده فى مجال ما يعرف بـ «التعليم العميق» ليثبت أن الواقع الراهن ليس بالمثالية المفترضة وأنه مازالت هناك فجوة بين قدرات «الذكاء الاصطناعى» القائمة فى الأساس على التدريب المتكرر لإتقان المهام، أو حفظ واستيعاب كميات هائلة من المعلومات، وبين الذكاء الابتكارى والإبداعى الذى يتمتع به المخ البشري. وفقا لتقرير نشره موقع «ذا أتلانتك» مؤخرا، فإن الاختبار الذى وضعه شوليه عام 2019 وبات يعرف اختصارا بمسمى ARC-AGI أو « إيه.أر. سي- إيه. جى. أى» لاختبار الفروق بين أداء «الذكاء الاصطناعى « و«الذكاء البشرى»، شهد لصالح الإنسان. ويؤكد تقرير «ذا أتلانتك» أنه طوال الأعوام الأخيرة أحرز البشر نتيجة ما بين 60% و70% عند خوض الاختبار، وذلك رغم أنهم لم يكونوا قد خضعوا له مسبقا. وفى المقابل، والعهدة على « ذا أتلانتك» نقلا عن شوليه، فإن النسخ الأولية من برنامج ChatGPT الأشهر نالت صفرا كبيرا، رغم تكرار خضوعه للاختبار ما يفترض أن يحقق عنصر التدريب والمحاكاة. والأدهى، أن شوليه يؤكد أن « الذكاء الاصطناعى» بدأ مؤخرا فى مجاراة الإنسان. شوليه وغيره من أقطاب عالم الرقمنة لا يهدفون إلى فضح «الذكاء الاصطناعى» من أجل طمأنة بنى البشر. هدفهم الحقيقى هو التحذير مما يعتبر بدايات لـ « تكاسل» وضلال أقطاب صناعة « الذكاء الاصطناعى» عن هدفهم المفترض. فالمفروض، وهو ما يعمل شوليه وأمثاله على تحقيقه، هو بلوغ ما يعرف بـ «الذكاء الاصطناعى العام». يعنى ذلك أن يبلغ « الذكاء الاصطناعى» حدا من الأصالة والقدرة على توفير الإجابات المبتكرة ووضع الحلول الخلاقة فى مواجهة مختلف المعضلات. المهندس فرانسوا شوليه لكن كيف يتحقق ذلك وأبسط المهام والتحديات كشفت عن تعثر لصاحب «الذكاء الإصطناعي؟. فإحدى سلاسل شطائر الهمبورجر الشهيرة فى أمريكا قررت نهاية العام الماضى وقف محاولة توظيف «الذكاء الاصطناعى» فى تقديم خدمة « طلبات السيارة». القرار جاء رغم البداية القوية للاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى أكثر من مائة فرع لتقديم هذه الخدمة. لكن المشكلات تكررت، والاستياء زاد فى أوساط الزبائن، مع انتشار فيديوهات مصورة عبر «مواقع التواصل» تحاول إقناع مقدم الخدمة ذى «الذكاء الاصطناعى» بالتوقف عن زيادة قطع الدجاج التى تجاوزت المائتى قطعة فى الصندوق الواحد. كل ذلك أجبر السلسلة الأمريكية على تعليق التجربة حتى إشعار أخر. أما شركة الطيران الكندية، فقد اضطرت فى فبراير 2024 إلى دفع تعويضات عن الأضرار التى لحقت بأحد الركاب من جراء تعامله مع مقدم خدمة افتراضى زوده بمعلومات اتضح لاحقا عدم دقتها. وما زاد الطين بلة، أن الراكب المتضرر كان يحاول ترتيب رحلته بشكل سريع من أجل اللحاق بجنازة قريب له. وفى بريطانيا، توالت الأدلة على أن ما كان فى أعقاب جائحة « كوفيد 19» من استعانة كثير من الجهات الطبية بـ «الذكاء الاصطناعى» من أجل سرعة ودقة فحص وتشخيص المريض، قد تعثر عثرات مؤلمة. فحسب « معهد تورنيج»، وهو مركز بريطانى معنى بالعلوم المعلوماتية و«الذكاء الاصطناعى»، فإن هذه التقنيات فشلت فى لعب دورها المتوقع. وأن أغلب مظاهر هذا الفشل ترجع إما إلى ثغرات فى أنماط التدريب والمحاكاة التى خضعت لها هذه التقنيات مسبقا، أو إلى سوء توظيف للمعلومات المتاحة. مع هذه الأمثلة، والتى تتكرر فى مجالات وبلدان شتى، كيف يمكن الوثوق بحلم فرانسوا شوليه ببلوغ « الذكاء الاصطناعى» القادر على إيجاد حلول مبتكرة وإجابات وافية أمام اسئلة حول « التغيرات المناخية « و« الفقر» و»الوباء القادم»؟ الإجابة أن «الذكاء الاصطناعى» قد يعانى حاليا من بعض مظاهر الغباء، لكنه غباء مؤقت. فمثله مثل أغلب المنجزات التكنولوجية، تشهد تقدما وتطورا متسارعا، فأحوال اليوم ستكون أبعد ما تكون عن أحوال الغد. هكذا تبرهن تجربة منظمة « أوبن إيه . أى» الأمريكية OpenAI والتى جرت فى ديسمبر الماضى على نموذج معدل من « الذكاء الإًصطناعى» والذى استطاع أن يحرز نسبة 87% فى اختبار ARC-AGI. إذن «الذكاء الاصطناعى» ليس ذكيا تماما .. لكنه يحاول.
بوابة الأهرام٠٩-٠٥-٢٠٢٥علومبوابة الأهرام«الذكاء» الغبى أحياناالبعض يستلهم الحبكات الهوليودية فى التحذير من مستقبل عالم يحكمه «الذكاء الاصطناعى»، منقلبا على الإنسان شر إنقلاب. لكن الواقع يحمل من الأدلة ما يكفى بتأكيد أن « الذكاء الاصطناعى» يعانى من الغباء أحيانا كثيرة، ويرتكب من الحماقات الكثير جدا أيضا. لكن هل تكفى هذه الأحيان وهذه الحماقات، بحيث يصدر حكم مطلق أخر، بقصور «الذكاء الاصطناعى» ومحدوديته؟. الوقائع تغرى بذلك جدا، ولو على سبيل طمأنة الإنسان بأن منافسه المفترض ليس بالقوة المطلقة. طمأنة مطلوبة، خاصة مع تأكيدات مثل تلك التى أطلقتها مجلة «الأيكونوميست» المرموقة قبل ثمانية أعوام تقريبا بأن الموارد الأكثر طلبا وندرة حاليا، باتت «المعلومات»، وليس « البترول» وأن العالم دخل بالفعل عهد « اقتصاد المعلومات». وتأكيدات « الأيكونوميست» جاءت يدا فى يد مع ترجيحات خبراء المجال الرقمى بأن نمط التعليم الذاتى للمكينات، والإدارة بواسطة «الذكاء الاصطناعى» سيكونان وراء جانب كبير من الاستثمارات الحاضرة والمستقبلية فى مجالات اقتصادية شتى. المجد بات للذكاء الاصطناعى إذن؟! .. الإجابة: ليس تماما، وإلا ما كان مهندس البرمجيات الفرنسى فرانسوا شوليه ( 35 عاما) كرس وقته ومجهوده فى مجال ما يعرف بـ «التعليم العميق» ليثبت أن الواقع الراهن ليس بالمثالية المفترضة وأنه مازالت هناك فجوة بين قدرات «الذكاء الاصطناعى» القائمة فى الأساس على التدريب المتكرر لإتقان المهام، أو حفظ واستيعاب كميات هائلة من المعلومات، وبين الذكاء الابتكارى والإبداعى الذى يتمتع به المخ البشري. وفقا لتقرير نشره موقع «ذا أتلانتك» مؤخرا، فإن الاختبار الذى وضعه شوليه عام 2019 وبات يعرف اختصارا بمسمى ARC-AGI أو « إيه.أر. سي- إيه. جى. أى» لاختبار الفروق بين أداء «الذكاء الاصطناعى « و«الذكاء البشرى»، شهد لصالح الإنسان. ويؤكد تقرير «ذا أتلانتك» أنه طوال الأعوام الأخيرة أحرز البشر نتيجة ما بين 60% و70% عند خوض الاختبار، وذلك رغم أنهم لم يكونوا قد خضعوا له مسبقا. وفى المقابل، والعهدة على « ذا أتلانتك» نقلا عن شوليه، فإن النسخ الأولية من برنامج ChatGPT الأشهر نالت صفرا كبيرا، رغم تكرار خضوعه للاختبار ما يفترض أن يحقق عنصر التدريب والمحاكاة. والأدهى، أن شوليه يؤكد أن « الذكاء الاصطناعى» بدأ مؤخرا فى مجاراة الإنسان. شوليه وغيره من أقطاب عالم الرقمنة لا يهدفون إلى فضح «الذكاء الاصطناعى» من أجل طمأنة بنى البشر. هدفهم الحقيقى هو التحذير مما يعتبر بدايات لـ « تكاسل» وضلال أقطاب صناعة « الذكاء الاصطناعى» عن هدفهم المفترض. فالمفروض، وهو ما يعمل شوليه وأمثاله على تحقيقه، هو بلوغ ما يعرف بـ «الذكاء الاصطناعى العام». يعنى ذلك أن يبلغ « الذكاء الاصطناعى» حدا من الأصالة والقدرة على توفير الإجابات المبتكرة ووضع الحلول الخلاقة فى مواجهة مختلف المعضلات. المهندس فرانسوا شوليه لكن كيف يتحقق ذلك وأبسط المهام والتحديات كشفت عن تعثر لصاحب «الذكاء الإصطناعي؟. فإحدى سلاسل شطائر الهمبورجر الشهيرة فى أمريكا قررت نهاية العام الماضى وقف محاولة توظيف «الذكاء الاصطناعى» فى تقديم خدمة « طلبات السيارة». القرار جاء رغم البداية القوية للاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى أكثر من مائة فرع لتقديم هذه الخدمة. لكن المشكلات تكررت، والاستياء زاد فى أوساط الزبائن، مع انتشار فيديوهات مصورة عبر «مواقع التواصل» تحاول إقناع مقدم الخدمة ذى «الذكاء الاصطناعى» بالتوقف عن زيادة قطع الدجاج التى تجاوزت المائتى قطعة فى الصندوق الواحد. كل ذلك أجبر السلسلة الأمريكية على تعليق التجربة حتى إشعار أخر. أما شركة الطيران الكندية، فقد اضطرت فى فبراير 2024 إلى دفع تعويضات عن الأضرار التى لحقت بأحد الركاب من جراء تعامله مع مقدم خدمة افتراضى زوده بمعلومات اتضح لاحقا عدم دقتها. وما زاد الطين بلة، أن الراكب المتضرر كان يحاول ترتيب رحلته بشكل سريع من أجل اللحاق بجنازة قريب له. وفى بريطانيا، توالت الأدلة على أن ما كان فى أعقاب جائحة « كوفيد 19» من استعانة كثير من الجهات الطبية بـ «الذكاء الاصطناعى» من أجل سرعة ودقة فحص وتشخيص المريض، قد تعثر عثرات مؤلمة. فحسب « معهد تورنيج»، وهو مركز بريطانى معنى بالعلوم المعلوماتية و«الذكاء الاصطناعى»، فإن هذه التقنيات فشلت فى لعب دورها المتوقع. وأن أغلب مظاهر هذا الفشل ترجع إما إلى ثغرات فى أنماط التدريب والمحاكاة التى خضعت لها هذه التقنيات مسبقا، أو إلى سوء توظيف للمعلومات المتاحة. مع هذه الأمثلة، والتى تتكرر فى مجالات وبلدان شتى، كيف يمكن الوثوق بحلم فرانسوا شوليه ببلوغ « الذكاء الاصطناعى» القادر على إيجاد حلول مبتكرة وإجابات وافية أمام اسئلة حول « التغيرات المناخية « و« الفقر» و»الوباء القادم»؟ الإجابة أن «الذكاء الاصطناعى» قد يعانى حاليا من بعض مظاهر الغباء، لكنه غباء مؤقت. فمثله مثل أغلب المنجزات التكنولوجية، تشهد تقدما وتطورا متسارعا، فأحوال اليوم ستكون أبعد ما تكون عن أحوال الغد. هكذا تبرهن تجربة منظمة « أوبن إيه . أى» الأمريكية OpenAI والتى جرت فى ديسمبر الماضى على نموذج معدل من « الذكاء الإًصطناعى» والذى استطاع أن يحرز نسبة 87% فى اختبار ARC-AGI. إذن «الذكاء الاصطناعى» ليس ذكيا تماما .. لكنه يحاول.