منذ 17 ساعات
"حمودة" عن كتابة مذكراته: "هدفها كشف صراعات الكبار وراء الستار" (فيديو)
استعاد الكاتب الصحفي الكبير عادل حمودة، خلال الفصل الثالث من مذكراته الذي يحمل عنوان "كلمة السر الحرية" مسيرته الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة، متحدثًا عن محطات فارقة في حياته، مؤكدًا أن الشخصية العامة دائمًا ما تكون ضحية لاهتزازات بندول الرأي العام، حيث قال: "في الكتابة عن الشخصية العامة نجد ما يصعد بها إلى سابع سماء، في الوقت الذي نجد من يهوي بها إلى سابع أرض، بندول لا يستقر، من يمدحك اليوم يلعنك غدًا، أنت لم تتغير، لكن مصالح الآخرين معك هي التي تغيرت."
وكشف "حمودة"، خلال برنامجه "حقك تعرف"، المذاع علي يوتيوب، أن الدكتور محمد الباز منحه مساحة بارزة في رسالته الجامعية التي نال عنها شهادة الدكتوراه، حيث قال: "لقد وضعني محمد الباز ضمن كبار الصحافة المصرية في رسالته الجامعية التي نال عنها شهادة الدكتوراه، واستهلك ما كتبه عني سبعة عشر صفحة في الكتاب الذي نشر في رسالته، بجانب ورقة بحثية بعنوان "صائد العقارب.. أسرار عادل حمودة في الصحافة والسياسة"، استلهم عنوانها من واقعة حقيقية حدثت في صبايا عندما رحلنا مع والدي إلى أسوان ليبدأ العمل في مشروع السد العالي، شاركت أصدقاء المدرسة الابتدائية في صيد العقارب بسيخ رفيع يشبه إبرة التريكو، غير عابئين بلدغها، وكان يجمعها منا شيخ مسن ليبيعها إلى الصيدلية المقابلة لمحطة القطارات مقابل حفنة صغيرة من التمر الجاف".
وأضاف أن "الباز" استخدم تلك الواقعة لتفسير جرأته في مواجهة المخاطر، قائلًا: "استخدم محمد الباز تلك الوقائع للتدليل على أن الاستهانة بالإخطار واحد من مفاتيح شخصيتي، بجانب العناد في إظهار الحقيقة، والمغامرة دون حساب للعواقب، والشهوة المتوحشة التي أمارس بها الكتابة.. لكنني، حسب ما أضاف، بقدر ما أعطيت حوربت، وبقدر ما أبدعت حوصرت، وبقدر ما أنتجت عوقبت".
وأردف،: "عند مناقشة الرسالة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، سألته المشرفة عليها الدكتورة عواطف عبد الرحمن: لماذا عادل حمودة بالتحديد؟، وكانت إجابته جاهزة: طبيعي جدًا، عادل حمودة صاحب النقلة النوعية الأهم والأكبر والأعمق في تاريخ الصحافة المصرية حتى الآن.. واستطرد أن الملمح الأساسي في تجربة عادل حمودة أنه قادر على أن ينفخ من روحه في الصحف النافقة، فإذا بها تتحول إلى كائن عبقري ومتوحش يلتهم ما يعترض طريقها من صحف أخرى وهو يعرف ذلك عن نفسه".
وأضاف حمودة على لسان "الباز": "حدث ذلك في روزا اليوسف التي نقلها من مجلة مهجورة إلى أكثر المطبوعات توزيعًا وتأثيرًا، وحينما بدأ صحفه الخاصة (صوت الأمة) و(الفجر)، وضع قاعدة جديدة أن تصدر الصحيفة من العدد الأول وبها كم لا بأس به من الإعلانات، فقد تحول اسمه إلى ماركة مسجلة، ليس كاتبًا فقط، وإنما صانعًا للصحف أيضًا".
وأكمل "حمودة"،: "وبعد أن عمل معي محمد الباز نحو 15 سنة، قرر أن يتركني لينفذ تجربته الصحفية الخاصة في صحف مستقلة أخرى، ولكن ذلك لم يمنعه أن يغير كثيرًا مما كتب عني في هجمات لم أجد تفسيرًا أو تبريرًا له.. لم يكن وحده الذي انقلب عليّ، فكثير من شباب الصحفيين الذين عملوا معي ولمعوا فيما بعد، اتخذوا الموقف نفسه، وهو ما عرضني لسؤال دائم ومزمن: لماذا خانك تلاميذك؟.. وكانت إجاباتي متكررة: ولما خان صحفيو أخبار اليوم مصطفى أمين؟، ولما خان صحفيو روزا اليوسف إحسان عبد القدوس؟، ولما خان صحفيو الأهرام محمد حسنين هيكل؟، ولما مات محمد التابعي وحيدًا لا يجد أحدًا ممن علمهم ورباهم ودفع بهم إلى النجومية ورحل عن الدنيا قهرًا وحزنًا".
"وتابع لم يكن من باب الوفاء فقط أن أظل معترفًا بفضل صلاح حافظ على حياتي المهنية، وهو ما سيكون من السهل إدراكه فيما بعد، أن الصحفي الذي يدعي أنه بلا معلم مثل الذي يدعي أنه بلا أب، فهل هو نبت شيطاني؟ أم ابن حرام وجد نفسه في ملجأ لقطاء؟".
وأردف: "ليس هدفي من كتابة هذه المذكرات تبرئة ذمة، أو تشييد تمثال من المجد أعلقه في رقبتها أكاليل الغار، أو وضع خصومي أمام تبة درب نار، وإنما هدفي كشف حقيقة ما كان يدور في كواليس السياسة والرئاسة، وكيفية التصرف في الأزمات، وصراعات الكبار وراء الستار، وأسلوب اتخاذ القرار، خاصة وأنني كنت شاهدًا على كثير من الأحداث، ومراقبًا لتصرفات كثير من الشخصيات، وأمتلك من الأسرار ما لم يُنشر من قبل".
وأضاف: "عشت متاعب الصحافة وأزماتها، وتابعت صراعاتها وأحزانها، ووفّر لي ذلك العمل في معظم مطبوعاتها المصرية والعربية، وعددها - وترجمت كلمة (معظم) عددًا – تعني خمسة عشر صحيفة ومجلة، منها الأخبار والأهرام والجمهورية وأكتوبر والشعب والأهالي والشباب والحوادث اللبنانية والبيان الإماراتية والقبس الكويتية، لكن النصيب الأكبر كان لـ روز اليوسف، التي ساد في أوساط متنوعة أنني خلقت فيها مدرسة صحفية جديدة، ورغم تقديري لذلك الاعتقاد، فإن كل ما فعلته هو أنني أحييت مدرستها الشهيرة بعد أن أُغلقت بأقفال طالها الصدأ من طول سنوات الغلق.. وتخرجت في هذه المدرسة دفعة جديدة ساهمت معي في التجربة التي خضتها لرد اعتبار روز اليوسف مهنيا وسياسيا وبرز فيها إبراهيم عيسى ووائل الابراشي ومحمد هاني وعمرو خفاجة وإبراهيم خليل وغيرهم في جيل شباب أعاد الحيوية لوسائل اعلام مختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وأصبحوا نجوما يخاطبون العقل ويوجهون الضمير بحرية وجرأة وموضوعية تحسب لهم.. وكانت سر شهرتهم".