#أحدث الأخبار مع #صحفنيويوركتايمزIndependent عربية٣٠-٠٤-٢٠٢٥ترفيهIndependent عربية"56 يوماً" رواية إيرلندية عن القتل البريء وآثارهتشكل الجريمة التي ارتكبها الصبيّان شاين هوغان وأوليفر سانت لدجر في منطقة ميل ريفر عام 2003 بإقدامهما على ضرب رفيقهما بول كلهر وإغراقه في نهر القرية، محرك الأحداث في رواية "56 يوماً" للروائية الإيرلندية كاثرين راين هاورد، الصادرة عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر في بيروت، بتعريب أنطوان باسيل، ذلك أنها تترك تداعياتها المدمرة على عائلة الأول الذي يحكم عليه بالسجن 20 سنة، يقدم خلالها على الانتحار، وتسرق من رب العائلة إرادة الحياة، فيموت بعدها، وتقلب حياة الأم رأساً على عقب، فتمرض وتشارف على الموت، وتلقي بثقلها على الأختين كيرا وشيفان من جهة، ويلازم الثاني الذي يحكم عليه بالسجن خمس سنوات، شعور بالذنب ويرزح تحت وطأة ندم ثقيل من جهة ثانية. الرواية والروائية إزاء هذه التداعيات المدمرة وتعدد الروايات عما حصل، تنبري كيرا أخت المتهم الأول للبحث عن حقيقة ما اتهم به أخوها، لعلها تقع على ما يريح أمها، وهي على عتبة الرحيل. ويحاول المتهم الثاني التعويض عن ذنبه بعد خروجه من السجن بإبداء الندم الشديد والتزام السلوك القويم، إلى حدّ عدم السماح لنفسه برمي المهملات في الشارع، ولا يتورع عن الاعتراف بذنبه لكيرا التي يحلم بالارتباط بها، وهو لا يعرف أنها شقيقة شريكه في الجريمة. الرواية بالترجمة العربية (شركة المطبوعات) لكن قبل التوغل في القراءة، لا بد من الإشارة إلى أن الرواية احتلت المرتبة الأولى في قائمة الكتب الإيرلندية الأكثر مبيعاً لعام 2021، واعتبرتها صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"ذا تايمز" الإيرلندية رواية العام نفسه عن فئة أدب التشويق، وإلى أن الروائية مقيمة في دبلن وفي رصيدها ثماني روايات، وصل بعضها إلى القائمة القصيرة لجوائز مهمة في فرعي أدب الغموض وأدب الجريمة. وباء كورونا بالعودة للرواية، تجري أحداثها في مدينة دبلن عام 2019 خلال وباء كورونا وما ترتب عليه من هلع وإقفال وحجر صحي. وتدخل فيها مجموعة من الشخوص التي تتعالق في شبكة علائقية، تتجاور فيها القرابة والصداقة والزمالة والحب والكذب والخداع والانتقام وغيرها. وينتظمها سلكان سرديان، لكل منهما بدايته وطوله ونهايته، وزمانه ومكانه وشخوصه، وأحداثه المختلفة عن الآخر، وإن كانا يتقاطعان في بعض الشخوص، ويشتركان في صدورهما عن الزلزال نفسه. يشغل السلك الأول 33 وحدة سردية، يُعَنون كل منها بيوم محدد من الأيام الـ56 التي يشير إليها العنوان الرئيس، وقد يستخدم العنوان نفسه لوحدات عدة، مما يجعلنا إزاء صيغة شبيهة باليوميات، إذ تشتمل الوحدة - اليومية على وقائع معينة، وتكون بمثابة قطعة من "بازل" الحكاية التي تقوم الكاتبة بتركيبها. والمفارق، في هذا السياق، أن الوحدات المتعاقبة في هذا السلك لا تراعي الخطية الزمنية وتتخذ مساراً متكسراً، فربّ واقعة متقدمة ترد متأخرة، والعكس هو الصحيح، مما يمنح القارئ فرصة الإسهام في تركيب "بازل" الحكاية، فلا تُقدم له على بساط من فضة. وتستغرق الأحداث 19 يوماً وتتمحور حول العلاقة بين كيرا هوغان وأوليفر سانت ليدجر اللذين يستخدمان فيها وسائل غير مشروعة لتحقيق غايات مشروعة، من قبيل الكذب وانتحال الشخصية واستعمال بيانات مزورة وغيرها. حرب وحب في محاولتها البحث عن حقيقة الدور الذي اضطلع به أخوها شاين في الجريمة المرتكبة، تقوم كيرا بتقصي الأخبار عن شريكه أوليفر، مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إذا ما تمكنت من تحديد مكان عمله لدى مؤسسة مهندسين معماريين في دبلن، وعرفت المطعم الذي يرتاده لتناول الغداء يومياً، تتعمد الالتحاق بالطابور الذي يصطف أمام المطعم، منتحلة صفة موظفة في شركة تكنولوجيا، ويشكل التعارف بينهما بداية علاقة تروح تنمو شيئاً فشيئاً من خلال ارتياد المقاهي وحضور الأفلام وزيارة الأماكن السياحية وتبادل الأحاديث، وينجذب أحدهما إلى الآخر من دون قصد، فتنشأ بينهما علاقة حميمة، حتى إذا ما فُرض الحجر الصحي يدعوها إلى الإقامة معه في الشقة، ويترجح بين خوفه منها وتعلقه بها. وحين ترجح كفة التعلق، يقرر أن يعترف لها بهويته الحقيقية وبما فعله منذ 17 عاماً، غير أن اعترافه يأتي منقوصاً حين ينسب ما ارتكبه بنفسه إلى شريكه في محاولة منه لعدم خسارتها، مما يؤدي إلى تعاطفها معه، واتخاذها قراراً بالكشف عن هويتها الحقيقية له بدورها، كي تُبنى العلاقة العتيدة بينهما على أسس سليمة، حتى إذا ما جاءت لتفعل ذات صباح، تكون للقدر كلمته التي تعدّل في مجرى الأحداث حين تجده في الحمام وقد سقط أرضاً واصطدم رأسه بالمرآة وانهار عليه الزجاج إثر تناوله دواء مخدراً واطلاعه على دفتر ملاحظاتها، مما يجعله يشك بهويتها، لذلك ما إن تهمّ بمساعدته حتى يبادرها بالسؤال من أنت؟ ويرفض أن تساعده باعتباره يستحق ما يصيبه، ويعترف لها تحت وطأة الشعور بالذنب أنه هو القاتل وليس الشريك المزعوم، وهنا تمتنع عن مساعدته وتعيد فتح مرشة الدوش عليه، ليلقى مصيره غرقاً، وتتحول هي إلى قاتلة من حيث لا تريد، لكن بعد عثورها على ما تبحث عنه، فتزفّ إلى أمها وهي على فراش الموت، براءة أخيها مما نُسب إليه، فتموت مرتاحة بعد حياة حافلة بالتعب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومن خلال هذه الوقائع، تقول هاورد إن القدر كثيراً ما يكون أقوى من إرادة الإنسان، وإن النوايا الطيبة لا تكفي للتكفير عن الأخطاء والخطايا، فرغبة أوليفر في التوبة والبدء بحياة جديدة مع كيرا تصطدم باطلاعه على دفتر ملاحظاتها وشكه في شخصيتها وردّ فعلها غير المتوقع على اعترافه الأخير. ورغبة كيرا في الكشف عن شخصيتها الحقيقية له والارتباط به تصطدم بهذا الاعتراف الذي ينطوي على ظلم كبير لحق بأخيها، فتؤثر الانتقام على الصفح وتغادر الشقة تاركة إياه لمصيره المحتوم. جريمة وتحقيق السلك الثاني في الرواية يبدأ من حيث انقطع الأول، وهو الأقصر، إذ يتألف من 12 وحدة سردية، تُعَنون جميعها بكلمة "اليوم"، مما يشي بأن زمن الأحداث فيه لا يتخطى اليوم الواحد، على أن الوحدات المتعاقبة في هذا السلك تراعي الخطية الزمنية، خلافاً للأول. بالتالي، تبدأ الوحدة اللاحقة من حيث تنتهي السابقة، وتتناول التحقيق في سبب موت أوليفر الذي تدخل فيه مفتشة المباحث ليا ريوردان والرقيب المحقق كارل كونوللي، فيشكلان ثنائياً تتمحور حوله الشخوص الأخرى. وفي هذا السياق، تقوم المفتشة بتفقّد مسرح الجريمة وأقسامه ومحتوياته وتعاين الجثة الآخذة في التحلل وتأخذ إفادة الشرطي مايكل كريدون الذي سبقها إلى المكان وتسأل الوكيل العقاري كيفن أوسوليفان عن شاغل الشقة وتتصل بالمفتش السابق بيل أوليري. وتستمع إلى إفادة الصحافية المزيفة لورا مانيكس المقيمة في المبنى نفسه وتواكب نائب الطبيب الشرعي توم سيرسون في كشفه على الجثة وتراقب كاميرات المبنى وتحصل على إفادة كينيث بالف مدير الشركة التي كان المغدور يعمل فيها وتتفقّد أدوية الضحية وتقارن بين البصمات وتناقش الفرضيات والاحتمالات مع مساعدها وتقوم بتحليل المعطيات المتوافرة بين يديها، إلى ما هنالك من إجراءات يقتضيها التحقيق. وتستنتج في نهاية المطاف أن الوفاة ناجمة عن الغرق في ظل عدم قدرة الضحية على النهوض، بعد تناوله دواءً مخدراً وسقوطه في الحمام واصطدام رأسه بالمرآة، متفقة في استنتاجها مع نائب الطبيب الشرعي، غير أنها تختلف عنه في اعتقادها بأن الغرق لم يكن عرضياً بل حصل بفعل فاعل، مستندة إلى حسها الأمني وخبرتها العملية. وهنا يتقاطع السلكان في القول بوجود جريمة مرتكبة، وتنفتح نهاية السلك الثاني على وقائع أخرى تتعلق باستكمال التحقيق، يشي بها ولا يعبر عنها. وعليه، رواية "56 يوماً" ثنائية السلك الروائي، تجمع بين الغموض في سلكها الأول، سواء في ما يتعلق بالأحداث أو الشخوص، والبوليسية في سلكها الثاني المتعلق بالتحقيق والفرضيات التي ينطلق منها والاحتمالات التي يطرحها والنتائج التي يؤول إليها. وبذلك تثبت الكاتبة قدرتها على الخوض في فرعين روائيين في الوقت نفسه، رواية الغموض ورواية الجريمة بكفاءة واضحة. وتنجح في جذب القارئ من بداية الرواية حتى نهايتها.
Independent عربية٣٠-٠٤-٢٠٢٥ترفيهIndependent عربية"56 يوماً" رواية إيرلندية عن القتل البريء وآثارهتشكل الجريمة التي ارتكبها الصبيّان شاين هوغان وأوليفر سانت لدجر في منطقة ميل ريفر عام 2003 بإقدامهما على ضرب رفيقهما بول كلهر وإغراقه في نهر القرية، محرك الأحداث في رواية "56 يوماً" للروائية الإيرلندية كاثرين راين هاورد، الصادرة عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر في بيروت، بتعريب أنطوان باسيل، ذلك أنها تترك تداعياتها المدمرة على عائلة الأول الذي يحكم عليه بالسجن 20 سنة، يقدم خلالها على الانتحار، وتسرق من رب العائلة إرادة الحياة، فيموت بعدها، وتقلب حياة الأم رأساً على عقب، فتمرض وتشارف على الموت، وتلقي بثقلها على الأختين كيرا وشيفان من جهة، ويلازم الثاني الذي يحكم عليه بالسجن خمس سنوات، شعور بالذنب ويرزح تحت وطأة ندم ثقيل من جهة ثانية. الرواية والروائية إزاء هذه التداعيات المدمرة وتعدد الروايات عما حصل، تنبري كيرا أخت المتهم الأول للبحث عن حقيقة ما اتهم به أخوها، لعلها تقع على ما يريح أمها، وهي على عتبة الرحيل. ويحاول المتهم الثاني التعويض عن ذنبه بعد خروجه من السجن بإبداء الندم الشديد والتزام السلوك القويم، إلى حدّ عدم السماح لنفسه برمي المهملات في الشارع، ولا يتورع عن الاعتراف بذنبه لكيرا التي يحلم بالارتباط بها، وهو لا يعرف أنها شقيقة شريكه في الجريمة. الرواية بالترجمة العربية (شركة المطبوعات) لكن قبل التوغل في القراءة، لا بد من الإشارة إلى أن الرواية احتلت المرتبة الأولى في قائمة الكتب الإيرلندية الأكثر مبيعاً لعام 2021، واعتبرتها صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"ذا تايمز" الإيرلندية رواية العام نفسه عن فئة أدب التشويق، وإلى أن الروائية مقيمة في دبلن وفي رصيدها ثماني روايات، وصل بعضها إلى القائمة القصيرة لجوائز مهمة في فرعي أدب الغموض وأدب الجريمة. وباء كورونا بالعودة للرواية، تجري أحداثها في مدينة دبلن عام 2019 خلال وباء كورونا وما ترتب عليه من هلع وإقفال وحجر صحي. وتدخل فيها مجموعة من الشخوص التي تتعالق في شبكة علائقية، تتجاور فيها القرابة والصداقة والزمالة والحب والكذب والخداع والانتقام وغيرها. وينتظمها سلكان سرديان، لكل منهما بدايته وطوله ونهايته، وزمانه ومكانه وشخوصه، وأحداثه المختلفة عن الآخر، وإن كانا يتقاطعان في بعض الشخوص، ويشتركان في صدورهما عن الزلزال نفسه. يشغل السلك الأول 33 وحدة سردية، يُعَنون كل منها بيوم محدد من الأيام الـ56 التي يشير إليها العنوان الرئيس، وقد يستخدم العنوان نفسه لوحدات عدة، مما يجعلنا إزاء صيغة شبيهة باليوميات، إذ تشتمل الوحدة - اليومية على وقائع معينة، وتكون بمثابة قطعة من "بازل" الحكاية التي تقوم الكاتبة بتركيبها. والمفارق، في هذا السياق، أن الوحدات المتعاقبة في هذا السلك لا تراعي الخطية الزمنية وتتخذ مساراً متكسراً، فربّ واقعة متقدمة ترد متأخرة، والعكس هو الصحيح، مما يمنح القارئ فرصة الإسهام في تركيب "بازل" الحكاية، فلا تُقدم له على بساط من فضة. وتستغرق الأحداث 19 يوماً وتتمحور حول العلاقة بين كيرا هوغان وأوليفر سانت ليدجر اللذين يستخدمان فيها وسائل غير مشروعة لتحقيق غايات مشروعة، من قبيل الكذب وانتحال الشخصية واستعمال بيانات مزورة وغيرها. حرب وحب في محاولتها البحث عن حقيقة الدور الذي اضطلع به أخوها شاين في الجريمة المرتكبة، تقوم كيرا بتقصي الأخبار عن شريكه أوليفر، مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إذا ما تمكنت من تحديد مكان عمله لدى مؤسسة مهندسين معماريين في دبلن، وعرفت المطعم الذي يرتاده لتناول الغداء يومياً، تتعمد الالتحاق بالطابور الذي يصطف أمام المطعم، منتحلة صفة موظفة في شركة تكنولوجيا، ويشكل التعارف بينهما بداية علاقة تروح تنمو شيئاً فشيئاً من خلال ارتياد المقاهي وحضور الأفلام وزيارة الأماكن السياحية وتبادل الأحاديث، وينجذب أحدهما إلى الآخر من دون قصد، فتنشأ بينهما علاقة حميمة، حتى إذا ما فُرض الحجر الصحي يدعوها إلى الإقامة معه في الشقة، ويترجح بين خوفه منها وتعلقه بها. وحين ترجح كفة التعلق، يقرر أن يعترف لها بهويته الحقيقية وبما فعله منذ 17 عاماً، غير أن اعترافه يأتي منقوصاً حين ينسب ما ارتكبه بنفسه إلى شريكه في محاولة منه لعدم خسارتها، مما يؤدي إلى تعاطفها معه، واتخاذها قراراً بالكشف عن هويتها الحقيقية له بدورها، كي تُبنى العلاقة العتيدة بينهما على أسس سليمة، حتى إذا ما جاءت لتفعل ذات صباح، تكون للقدر كلمته التي تعدّل في مجرى الأحداث حين تجده في الحمام وقد سقط أرضاً واصطدم رأسه بالمرآة وانهار عليه الزجاج إثر تناوله دواء مخدراً واطلاعه على دفتر ملاحظاتها، مما يجعله يشك بهويتها، لذلك ما إن تهمّ بمساعدته حتى يبادرها بالسؤال من أنت؟ ويرفض أن تساعده باعتباره يستحق ما يصيبه، ويعترف لها تحت وطأة الشعور بالذنب أنه هو القاتل وليس الشريك المزعوم، وهنا تمتنع عن مساعدته وتعيد فتح مرشة الدوش عليه، ليلقى مصيره غرقاً، وتتحول هي إلى قاتلة من حيث لا تريد، لكن بعد عثورها على ما تبحث عنه، فتزفّ إلى أمها وهي على فراش الموت، براءة أخيها مما نُسب إليه، فتموت مرتاحة بعد حياة حافلة بالتعب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومن خلال هذه الوقائع، تقول هاورد إن القدر كثيراً ما يكون أقوى من إرادة الإنسان، وإن النوايا الطيبة لا تكفي للتكفير عن الأخطاء والخطايا، فرغبة أوليفر في التوبة والبدء بحياة جديدة مع كيرا تصطدم باطلاعه على دفتر ملاحظاتها وشكه في شخصيتها وردّ فعلها غير المتوقع على اعترافه الأخير. ورغبة كيرا في الكشف عن شخصيتها الحقيقية له والارتباط به تصطدم بهذا الاعتراف الذي ينطوي على ظلم كبير لحق بأخيها، فتؤثر الانتقام على الصفح وتغادر الشقة تاركة إياه لمصيره المحتوم. جريمة وتحقيق السلك الثاني في الرواية يبدأ من حيث انقطع الأول، وهو الأقصر، إذ يتألف من 12 وحدة سردية، تُعَنون جميعها بكلمة "اليوم"، مما يشي بأن زمن الأحداث فيه لا يتخطى اليوم الواحد، على أن الوحدات المتعاقبة في هذا السلك تراعي الخطية الزمنية، خلافاً للأول. بالتالي، تبدأ الوحدة اللاحقة من حيث تنتهي السابقة، وتتناول التحقيق في سبب موت أوليفر الذي تدخل فيه مفتشة المباحث ليا ريوردان والرقيب المحقق كارل كونوللي، فيشكلان ثنائياً تتمحور حوله الشخوص الأخرى. وفي هذا السياق، تقوم المفتشة بتفقّد مسرح الجريمة وأقسامه ومحتوياته وتعاين الجثة الآخذة في التحلل وتأخذ إفادة الشرطي مايكل كريدون الذي سبقها إلى المكان وتسأل الوكيل العقاري كيفن أوسوليفان عن شاغل الشقة وتتصل بالمفتش السابق بيل أوليري. وتستمع إلى إفادة الصحافية المزيفة لورا مانيكس المقيمة في المبنى نفسه وتواكب نائب الطبيب الشرعي توم سيرسون في كشفه على الجثة وتراقب كاميرات المبنى وتحصل على إفادة كينيث بالف مدير الشركة التي كان المغدور يعمل فيها وتتفقّد أدوية الضحية وتقارن بين البصمات وتناقش الفرضيات والاحتمالات مع مساعدها وتقوم بتحليل المعطيات المتوافرة بين يديها، إلى ما هنالك من إجراءات يقتضيها التحقيق. وتستنتج في نهاية المطاف أن الوفاة ناجمة عن الغرق في ظل عدم قدرة الضحية على النهوض، بعد تناوله دواءً مخدراً وسقوطه في الحمام واصطدام رأسه بالمرآة، متفقة في استنتاجها مع نائب الطبيب الشرعي، غير أنها تختلف عنه في اعتقادها بأن الغرق لم يكن عرضياً بل حصل بفعل فاعل، مستندة إلى حسها الأمني وخبرتها العملية. وهنا يتقاطع السلكان في القول بوجود جريمة مرتكبة، وتنفتح نهاية السلك الثاني على وقائع أخرى تتعلق باستكمال التحقيق، يشي بها ولا يعبر عنها. وعليه، رواية "56 يوماً" ثنائية السلك الروائي، تجمع بين الغموض في سلكها الأول، سواء في ما يتعلق بالأحداث أو الشخوص، والبوليسية في سلكها الثاني المتعلق بالتحقيق والفرضيات التي ينطلق منها والاحتمالات التي يطرحها والنتائج التي يؤول إليها. وبذلك تثبت الكاتبة قدرتها على الخوض في فرعين روائيين في الوقت نفسه، رواية الغموض ورواية الجريمة بكفاءة واضحة. وتنجح في جذب القارئ من بداية الرواية حتى نهايتها.