logo
#

أحدث الأخبار مع #طموحنتنياهو

مَن يفرض شروط إنهاء الحرب... إيران أم إسرائيل؟
مَن يفرض شروط إنهاء الحرب... إيران أم إسرائيل؟

الرأي

timeمنذ 15 ساعات

  • سياسة
  • الرأي

مَن يفرض شروط إنهاء الحرب... إيران أم إسرائيل؟

- طموح نتنياهو الأوسع يتمثّل في نظام إقليمي جديد تكون فيه إسرائيل بمثابة الحَكَم الأمني - إيران تواجه تحدياً حاسماً وفورياً... إعادة بناء بنيتها التحتية المُدمّرة نووياً وعسكرياً - طهران تتجه إلى «موقف المقاومة الدائمة» بعد حرمانها من التكافؤ والاعتراف تبدو إيران ثابتة في عزمها على الرد في مواجهة الحرب الأميركية - الإسرائيلية المستمرة. فبعد الضربات الأميركية على بنيتها التحتية النووية، وجّه قائد الجيش الإيراني الجنرال عبدالرحيم موسوي، تحذيراً شديد اللهجة، قال فيه «في كل مرة ترتكب فيها الولايات المتحدة جريمة ضد إيران، تواجه رداً حاسماً، وهذه المرة لن يكون الأمر مختلفاً. سنقاتل بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عن استقلالنا ووحدتنا وسلامة نظامنا الحاكم. نحن لا نقاتل من أجل البقاء - نحن نقاتل من أجل النصر». بعد أكثر من 24 ساعة من الهجوم الأميركي، تعرضت إسرائيل لهجوم صاروخي استهدف حيفا، وهو هجوم تسلل من خلف ظهر أنظمة دفاعها الجوي ما حال دون إطلاق صفارة إنذار أو صاروخ اعتراض واحد. هذا الاختراق كشف عن ثغرة خطيرة في الدرع الدفاعية. كما بعث رسالة واضحة تفيد بأن طهران لن تتراجع. وبعيداً عن الردع، تبدو إيران مستعدة للتصعيد بدقة وحزم. ولم يكن هجوم حيفا حادثاً معزولاً، فقد أعقبته سلسلة من الهجمات الصاروخية الإضافية، ما يشير إلى استعداد إيران لصوغ قواعد أي وقف نار مستقبلي وفقاً لشروطها الخاصة. وفي تأكيد آخر على حزمها، أعلنت طهران عن نياتها مواصلة تخصيب اليورانيوم، متحديةً في شكل مباشر مزاعم الولايات المتحدة وإسرائيل بتفكيك برنامجها النووي. ولا تشير هذه الخطوة إلى مرونة فحسب، بل إلى رفض مدروس للرواية القائلة بتحييد قدراتها الإستراتيجية. وفي الوقت نفسه، تبدو دعوات إسرائيل لخفض التصعيد عبر وسائل الإعلام مدفوعةً بمصلحة ذاتية تكتيكية أكثر منها بالدبلوماسية. إذ يخشى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعيداً عن الرضوخ للضغوط، من أضرار أعمق قد لا يمكن السيطرة عليها، وان يبدأ بخسارة مكتسباته المتراكمة. ومع استهداف الولايات المتحدة للمواقع النووية، وإثبات إيران قدرتها على الرد، وإلحاق أضرار جسيمة بالمدن الإسرائيلية، يسعى نتنياهو الآن إلى تجميد الصراع مع الإعلان عن تحقيق نصر إستراتيجي، هدفه إنهاء الحرب بشروطه، مع وساطة طرف آخر لوقف النار، ما يسمح له بالاحتفاظ برأسمال سياسي مع الحفاظ على الوضع العسكري الإسرائيلي، سليماً تحسباً لأي طارئ مستقبلي. وقد لعب الرئيس الأميركي دونالد ترامب دوراً محورياً في تشكيل هذه الديناميكية. فقد ضمن قراره قصف المنشآت النووية، ليلة هادئة للإسرائيليين - وهو إجراء احتفي به على نطاق واسع في كل أنحاء إسرائيل، خصوصاً من نتنياهو. وفي الكنيست، رفرفت الأعلام الأميركية بجانب الأعلام الإسرائيلية في إظهار للوحدة، بينما شكرت لوحات إعلانية رقمية في تل أبيب ترامب على دفاعه عن إسرائيل. لم تعكس هذه المظاهر العامة الامتنان فحسب، بل عكست أيضاً التناغم الإستراتيجي العميق بين الزعيمين - نتنياهو وترامب - اللذين يخوضان حرباً تتسم بالخداع والمفاجأة المدروسة والعمليات العسكرية المنسقة بدقة. ويهدد أي رد إيراني في هذه المرحلة بتحطيم الرواية الإسرائيلية المصاغة بعناية حول إعادة إرساء الردع ضد طهران. فنتنياهو يسعى الآن إلى إنهاء حربه بشروط مؤاتية، بعد أن زعم أن أفعاله أعادت تشكيل الشرق الأوسط في شكل جذري - بإضعاف إيران، وعزل حلفائها. نظام إقليمي جديد ويبدو أن طموحه الأوسع يتمثل في فرض نظام إقليمي جديد تكون فيه إسرائيل بمثابة الحَكَم الأمني بلا منازع – أي شرطي نصّب نفسه بنفسه، يتمتع بسلطة توجيه ضربة استباقية لأي جهة تُعتبر تهديداً. إذ يعتقد بأنه ألحق ضرراً جسيماً بمحور المقاومة الممتد من طهران عبر اليمن (الحوثيون) وبغداد وبيروت - والذي ازداد قوةً على مدى العقدين الماضيين. ويبدو الآن عازماً بالقدر نفسه، على منع ظهور تحالف منافس، قد تقوده تركيا، وهي دولة انتقدها مراراً وتكراراً لنفوذها المتزايد في سورية. ففي رؤية نتنياهو، لا ينبغي السماح لأي قوة إقليمية بمراقبة أو تشكيل أو تحدي البنية الإستراتيجية للشرق الأوسط. ويعتقد أن هذا الدور من اختصاص إسرائيل وحدها. في غضون ذلك، أدى قصف الولايات المتحدة للمنشآت النووية السلمية الإيرانية - إلى جانب ما تعتبره طهران إعلان «حرب غير قانونية» من جانب كل من واشنطن وتل أبيب - إلى تعميق تصميم إيران على بناء رادع أكثر قوة. فمن المتوقع الآن أن تُسرّع تطوير قدراتها الصاروخية، وقد تُعيد النظر في مشاركتها في معاهدة حظر الانتشار النووي، ما قد يُقيّد عمليات التفتيش الدولية التي تُجرى تحت إشراف الأمم المتحدة. وإلى جانب تعزيز دفاعها الداخلي، قد تُضاعف أيضاً دعمها لحلفائها الإقليميين، مثل الحوثيين و«حزب الله»، معتبرةً أنهم ركائز أساسية للعمق الإستراتيجي في مواجهة تحالف مُعادٍ. دعم التعافي السريع ومع ذلك، تواجه إيران الآن تحدياً حاسماً وفورياً يتمثل في معاودة بناء بنيتها التحتية النووية والعسكرية المُدمّرة. ولمعالجة هذا، قد يلجأ المرشد الأعلى السيد علي خامنئي إلى مؤسسات خارج الميزانية، مثل «ستاد»، أو إلى السحب من الاحتياطيات السيادية، مثل صندوق التنمية الوطني الإيراني - الذي يُقدّر أنه يحتوي على عشرات المليارات من الدولارات - لدعم التعافي السريع. ورغم أن المبالغ الدقيقة مازالت غير واضحة، فإن هذه الآليات المالية توفر لطهران مرونة في الاستجابة لأضرار الحرب ولمعاودة بناء الأصول الإستراتيجية الرئيسية. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تُعمّق تعاونها العسكري والتكنولوجي مع شركاء رئيسيين مثل الصين وكوريا الشمالية، ما يُسرّع جهود معاودة بناء وتحديث قدراتها الدفاعية. الوكالة الذرية في غضون ذلك، اهتزت ثقة إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشدة - إن لم تكن قد تآكلت تماماً - بسبب صمت مديرها، رافاييل غروسي، في أعقاب الضربات الأميركية والإسرائيلية على المنشآت النووية. فبموجب ولاية الوكالة، يجب إدانة أي هجوم على المواقع المحمية في شكل قاطع، بغض النظر عن السياق السياسي. ومع ذلك، لم تصدر أي إدانة من هذا القبيل. بالنسبة إلى طهران، لا يُشير هذا الإغفال إلى الحياد، بل إلى التواطؤ، كامتداد لمصالح الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. في هذا السياق، يبدو استمرار التعاون مع هذه المؤسسة غير مقبول. ومن الواضح في هذا السياق أن العقوبات، التي كانت تُعتبر في السابق الملاذ الأخير، أصبحت آليةً افتراضيةً للسياسة الغربية تجاه إيران - بغض النظر عمن يتولى السلطة في طهران. فلم تعد العقوبات مجرد رد فعل، بل هيكلية. لا تُفرض عقوبات على إيران بسبب أفعالها، بل بسبب ما تُمثله وكدولة مستقلة غنية بالموارد، قادرة على إبراز قوتها خارج حدودها، وخارج نطاق النفوذ الغربي. في هذا السياق، يُراد من هذه العقوبات تحقيق هدفين. أولاً، إضعاف إيران اقتصادياً، وتقييد قدرتها على الاستثمار في النمو المحلي أو النفوذ الإقليمي. وثانياً، زرع السخط الداخلي، تأجيج الاحتجاجات، ونقص المواد، واستياء الرأي العام. وهي إستراتيجية بسيطة تقوم على انه إذا لم يتمكن على إجبار إيران على الامتثال، فيُمكن الضغط عليها حتى تنهار أو تستسلم. يعكس هذا النهج منطقاً إقليمياً أوسع - يسعى إلى فرض اختلال في التوازن الإستراتيجي في كل أنحاء الشرق الأوسط. والقضية الجوهرية هي رفض الغرب قبول التكافؤ الإستراتيجي. فعلى مدى عقود، عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها على ضمان تمتع قوة واحدة فقط - إسرائيل - بتفوق ساحق في المجالات العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية. أي جهة تسعى لتحدي هذا الاحتكار تُعامل كتهديد. وبينما غالباً ما يُصوّر السرد العالمي إيران على أنها مُخرّبة، ترى طهران نفسها تعمل ضمن نظام يُعاقب الاعتدال ويُكافئ الخضوع. إذا كان السلام لا يُشترى إلا على حساب الشلل الإستراتيجي، فإن السلام نفسه يُصبح، بالنسبة إلى العديد من القادة الإيرانيين، فخاً. لم تُلحق الحرب على إيران، أضراراً مادية فحسب، بل أفرزت أيضاً وضوحاً أيديولوجياً. والدرس المُستفاد، هو أن السيادة لا تُمنح، بل يجب تأكيدها بلا هوادة. بعد حرمانها من التكافؤ والاعتراف، تتجه طهران إلى موقف المقاومة الدائمة. لن يُشكل مستقبلها من خلال مناشدات الغرب، بل بالسعي إلى الاستقلال، والتحالفات الإستراتيجية، والردع المُحكم. ما تُسميه إسرائيل وحلفاؤها ردعاً؛ تراه إيران الآن استفزازاً. ما يُسميه الغرب عدواناً، تراه إيران بقاءً. وفي هذه الحرب غير المتكافئة بين الروايات، تبقى حقيقة واحدة: ما دامت السيادة تُعاقَب وتُحتكر السلطة، فلن يسود السلام - بل سيسود توازن مواجهة مُتغير وخطير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store