logo
#

أحدث الأخبار مع #عادلعبدالمهدى

عن العراق ومقولة «الحضن العربى»
عن العراق ومقولة «الحضن العربى»

بوابة الأهرام

timeمنذ 14 ساعات

  • سياسة
  • بوابة الأهرام

عن العراق ومقولة «الحضن العربى»

قبل أسبوع انعقدَت فى العاصمة العراقية بغداد القمة العربية العادية الرابعة والثلاثون والقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية العادية الخامسة. ومع أن هذه ليست هى القمة العربية الأولى التى يستضيفها العراق وهو صاحب دور كبير فى تأسيس جامعة الدول العربية قبل ثمانين عامًا،إلا أنها كانت تحمل أهمية خاصة بالنسبة للعراق لأسباب كثيرة. أحد هذه الأسباب أن القمة تنعقد على أرض العراق بعد تخلصّه من كابوس الإرهاب اللعين وعودة الاستقرار الأمنى والسياسى إلى بلاد الرافدين،وبالتالى كانت القمة فرصة لتغيير الصورة الذهنية السلبية عن العراق كساحة لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية.كما يأتى انعقاد القمة ليؤكد التوازن الذى حققته السياسة الخارجية العراقية فى علاقاتها العربية والإقليمية، وهو توازن بدأَت إرهاصاته الأولى فى ظل حكومة عادل عبد المهدى فى عام 2018 ثم أخذَت مظاهره تتالى بعد ذلك وصولًا إلى قيام العراق بدور الوسيط من أجل عودة العلاقات السعودية-الإيرانية فى ظل حكومة مصطفى الكاظمى ثم لتخفيف التوتر بين الولايات المتحدة وإيران فى ظل الحكومة الحالية التى يترأسها محمد شيّاع السوداني. هذا إلى أن القمة تمثل شاهدًا على ورشة العمل التنموية الضخمة التى يعاصرها العراق فى كل المجالات تقريبًا، وهى ورشة تفتخر مصر بأنها تشارك فيها بدور فعّال خصوصًا فى مجال البنية التحتية، وحاليًا يجرى إنشاء «مدينة الورد» وهى مدينة متكاملة شرق بغداد من المقرّر أن تكون على غرار مدينة 6 أكتوبر المصرية، وتتولّى مسئولية تنفيذ المشروع إحدى الشركات المصرية الكبيرة ومن خلال عدة مراحل تتوزّع على عشر سنوات كاملة. واجهَ انعقاد قمة بغداد عددًا من التحديات هدَدَت فى الحد الأدنى بتأجيله، وفى الحد الأقصى بعدم عقد القمة كليةً، وهى تحديات اختلطَت فيها العوامل الخارجية مع العوامل الداخلية. اعتبر البعض أن انعقاد اللقاء غير الرسمى فى الرياض والقمة العربية الطارئة فى القاهرة سحبا البساط من تحت أقدام قمة بغداد، وذلك على الرغم من أن كلتا المناسبتين كانتا مخصصتين للقضية الفلسطينية حصرًا وبشكل أكثر تحديدًا لتأكيد رفض مخطط التهجير الإسرائيلى لسكان غزة والضفة الغربية. كما لم تحُل هاتان المناسبتان دون تصدّر القضية الفلسطينية قمة بغداد، وحملَت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى رسالة قوية تؤكد أنه لا سلام فى المنطقة دون قيام دولة فلسطينية حتى لو طبّعت إسرائيل علاقاتها مع كافة الدول العربية. وكانت تلك الرسالة تحمل ردًا على ما أخذ يتردد عن إمكانية تطبيع علاقات إسرائيل مع سوريا بعد أن طلب ذلك صراحةً الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية فى سوريا أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية، هذا فضلًا عما ذهب إليه البعض من إمكان أن يقوم لبنان بتطبيع مماثل لعلاقاته مع إسرائيل. كما تمخضّت القمة العربية الأخيرة عن مبادرة عراقية تتمثّل فى تكوين صندوق التضامن العربى لدعم الإعمار فى كلٍ من غزّة ولبنان ومساهمة العراق فيه بمبلغ 40 مليون دولار. ومؤدّى ما سبق أنه لا لقاء الرياض ولا قمة القاهرة قلصّا الاهتمام بالقضية الفلسطينية فى قمة بغداد، بل إن بالمساحة التى احتلتها هذه القضية سواء فى كلمات القادة العرب وضيوفهم أو فى البيان الختامى للقمة كانت هى الأكبر مقارنةً بالقضايا السياسية والاقتصادية الأخري. من جهة أخرى دخلَت قضية تنظيم القمة وبشكل مبكّر فى المعركة الانتخابية البرلمانية التى تجهّز القوى السياسية العراقية لخوضها فى شهر نوڤمبر المقبل. وذلك على أساس أن النجاح فى تنظيم القمة يمكن أن يسهم فى تعزيز فرص رئيس الوزراء محمد شيّاع السودانى فى الاحتفاظ بمنصبه بما يمثل تهديدًا للقوى الطامحة لخلافته.ومن هنا تعالت بعض الأصوات التى تشكّك فى المواقف العربية من العراق سواء بعد إسقاط نظام صدام حسين فى 2003 أو بعد وقوع مدينة الموصل فى يد تنظيم داعش فى عام 2014. ومع ذلك نجحَت حكومة السودانى فى تنظيم القمة العربية وبدرجة عالية من الكفاءة والانضباط،وتمكنّت حكومته من تغيير الصورة الذهنية الخاطئة عن العراق، وربطَت افتتاح القمة بتدشين فندقين ضخمين وعلى أحدث طراز معمارى لاستقبال الوفود المشاركة، كما حدث بافتتاح فندق فلسطين بالإسكندرية بمناسبة انعقاد القمة العربية فى سبتمبر 1964. أما الأثر الأهم فإنه يتمثل فى بروز العاصمة العراقية بغداد كصانعة للقرار العربى «لا كضيف على الطاولة» على حد تعبير أحد كبار الصحفيين العراقيين. وفى نفس السياق تجدر الإشارة إلى أنه كان قد سبق انعقاد القمة العربية الأخيرة استضافة العراق مؤتمر البرلمانات العربية فى شهر أبريل الماضي، كما قام العراق بتنظيم القمة التنموية الخامسة فى نفس اليوم الذى انتهت فيه أعمال القمة العربية ونظّم مؤتمرًا آخر حاشدًا للإعلام العربى بعد ثلاثة أيام فقط من هذا التاريخ. وبالتالى وعلى الرغم من كثرة ما قيل حول الانخفاض الملحوظ فى مستوى تمثيل الملوك والرؤساء العرب فى القمة العربية الرابعة والثلاثين، إلا أن السودانى نجح فى مهمته.كما أن التأويلات السياسية لزيارة اسماعيل قاآنى قائد الحرس الثورى الإيرانى إلى بغداد عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب، لم تحل دون طرح العراق العديد من المبادرات التى تشمل مروحة واسعة جدًا من مجالات العمل العربى المشترك تبدأ بالمجال الغذائى وتنتهى بالمجال الأمنى وتمر بمجالات الثقافة والبيئة والذكاء الاصطناعي. أما كون هذه المبادرات سوف تجد طريقها للتطبيق أم لا ، فهذه مسئولية كافة الدول العربية، وللعراق مصلحة أكيدة فى إنجازها خاصةً وهو يترأس مؤسسة القمة العربية لمدة عام والمجلس الاقتصادى والاجتماعى لمدة أربعة أعوام . لا يرتاح العراقيون كثيرًا إلى القول إن العراق عاد إلى الحضن العربى ففى رأيهم أن العرب هم الذين نأوا بأنفسهم عن احتضان العراق وباعدوا بينهم وبينه، لكن أيًا ما كان التعبير المستخدم فمن المؤكد أن تطورًا جديدًا شهدته العلاقات العراقية ـــ العربية وهو تطوّر إيجابى يحتاج إلى المزيد من البناء عليه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store