#أحدث الأخبار مع #عالمصوفيالدستور٢٠-٠٢-٢٠٢٥سياسةالدستورالترجمة والثقافة والأيديولوجياالأستاذ الدكتور مجد الدين خمش/ عميد كلية الآداب الأسبق- الجامعة الأردنية ينظر إلى الأيديولوجيا على أنها علم الأفكار الذي يدرس نشوئها ووظائفها، وتأثيراتها على الوعي الفردي، والمجتمع بمؤسساته المتنوعة، وعلى المجتمعات الأخرى. وبالمعنى السياسي هي عقيدة دولة، أو حزب سياسي، أو مجموعة من الأفراد تتكون من مجموعة القيم والتبريرات والرؤى التي تتبناها هذه البنى الاجتماعية والسياسية. ويرى عبد الله العروي في كتابه (مفهوم الأيديولوجيا) الصادر عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء، في طبعته الثامنة عام 2012 أن الأيديولوجيا هي «رؤية العالم بحسب رغبات وتفضيلات ومصالح دولة معينة أو فئة معينة، وليس كما هو العالم في ذاته». ويتداخل هذا المفهوم للأيديولوجيا مع مفهوم الثقافة المجتمعية التي هي أيضا رؤية الجماعة للعالم، ولنفسها، وهُويتها، وطريقة حياتها المنسجمة مع هذه الرؤية. وبالتالي، غالبًا ما تكون العلاقة بين الأيديولوجيات، كما هي بين الهُويات، والثقافات المجتمعية علاقة تنافس أو صراع كامن أو مكشوف بهدف الهيمنة على المعلومات والأفكار والرؤى بواسطة وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج الذكاء الاصطناعي، والديبلوماسية السياسية، والصراع العسكري في نهاية المطاف. والأيديولوجيا قد تكون معرفية وإعلامية تتغلغل في ثنايا الآداب والفنون والعلوم ومناهج التعليم تعمد لنشر تحليلات ومعلومات تخدم مصالح من يقدمها بشكل مباشر كما في أدبيات الاستشراق، وفي خطابات الإعلام الإسرائيلية بشكل خاص. أو بشكل غير مباشر كما في ترجمات العديد من الروايات والدراسات الاجتماعية التي توثّق طريقة حياة الطبقة الوسطى الغربية. ومن الأمثلة على ذلك استخدام السرد الروائي في تعليم الفلسفة وتاريخها، والبحث عن الهُوية وتطوير الذات من خلال الفلسفة، كما فعل جوستاين غارود، النرويجي في كتابه (عالم صوفي) الصادر عام 1991، وقد ترجم إلى عدة لغات عالمية من بينها العربية. كذلك فإن ترجمة كتاب ماكس فيبر من الألمانية والإنجليزية إلى العربية (الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية) دعم توجهات قيمية ودينية إيجابية مهمة يمكن الاستفادة منها، مثل: الشغف بالعمل، وإتقان العمل وتجويد الصنعة، وعدم الغش، والعقلانية، والسلطة القانونية، والتوجهات الاستثمارية، ودافع تحقيق الربح المعتدل، والمشاركة في تنمية الاقتصاد والمجتمع. معتبرّا إياها من الحسنات التي تشفع للمؤمن يوم القيامة. ولفئة المترجمين أهمية كبيرة، فهم جسور حضارية بين الشعوب يدعمون التواصل بين الأسواق وبين الثقافات والفنون، ويوسّعون الآفاق ويزيدون المعرفة بالثقافات الأخرى خصوصًا قبل ثورة تكنولوجيا الاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي. وقد كان للمترجمين القدماء عن اليونانية والفارسية من أمثال يعقوب الزهاوي، وحنين بن إسحق، وعمر ابن فرخان الطبري ابن سينا، والفارابي- وكان أغلبهم ضمن مؤسسة بيت الحكمة في بغداد أيام الخليفة العباسي المأمون- دورهم الكبير في تطور الحضارة العربية والإسلامية. ويتضح في كتاب شوقي ضيف (سلسلة تاريخ الأدب العربي: العصر العباسي الأول) الأثر الكبير لهم في نقل المعارف والعلوم والتقنيات والفنون من اليونانية والفارسية إلى الحضارة العربية والإسلامية مما أسهم في زيادة قوتها ومنعتها العسكرية. وتكررت عملية شبيهة بها فيما بعد في اليابان حيث قام المترجمون اليابانيون وبشغف قومي عميق بترجمة العلوم وأساليب صناعة التقنيات والمحركات البخارية عن اللغة الهولندية واللغات الأوروبية الأخرى. مما كان له أثره الكبير في نقل التقنيات والعلوم الحديثة، والصناعات الميكانيكية إلى الحضارة اليابانية الإقطاعية وتوطينها يابانيًا في ذلك الوقت مما أسهم في تقدمها السريع إلى الرأسمالية الصناعية. وفي المرحلة الراهنة يتوقع ازدياد أهمية المترجمين المدربين في حقول الذكاء الاصطناعي AI والثورة الصناعية الرابعة في مختلف البلدان العربية. وقد يتم تطوير قاموس جديد لهذا الحقل التقني، إضافة إلى القواميس الكلاسيكية المهمة مثل: قاموس أكسفورد الذي يقدم عدة مرادفات للكلمة باللغة الإنجليزية، وقاموس المورد (إنجليزي- عربي)، وقاموس جوجل الإلكتروني Google Translate الذي يترجم النص إلى عدة لغات بما فيها العربية. وكذلك برامج الذكاء الاصطناعي مثل نموذج ChatGPT الذي طورته شركة Open AI الأمريكية، ونموذج Meta الذي طورته شركة مايكروسوفت، ونموذج Deep Seek الذي طورته شركة صينية، ونموذج Reverso لجميع الاحتياجات اللغوية، وطورته شركة فرنسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي. هذا وقد تحولت الترجمة من المبادرات الفردية التي ميزت المترجمين العرب في بدايات عصر النهضة الحديثة إلى مهنة لها قواعدها، وبرامجها التدريبية، ومؤسساتها، وجوائزها التشجيعية والتكريمية، وجمعياتها المتخصصة التي تقوم مقام النقابات في تنظيم المهنة وضمان الالتزام بأخلاقياتها. كما تهتم مجامع اللغة العربية بالترجمة وضبط المصطلحات المتدفقة من البلدان الصناعية المتقدمة. وسواء أكان المترجم يمارس الترجمة الأدبية، أو السياسية، أو القانونية، أو الترجمة الفورية في المنتديات والمؤتمرات، وعلى شاشات القنوات الفضائية فإن عليه أن يتقن بشكل تام العديد من المهارات اللغوية والثقافية، وأن يتحلى بالموضوعية والدقة في نقل الخطاب، خصوصا في مواقف الترجمة الفورية، بدون حذف أو تعديل، ولكن بمرونة بلاغية مناسبة بحيث يهتم بالتشبيهات والاستعارات، ولغة الجسد. إضافة إلى أمثلة التناصّ، وتفاعل الأنظمة الأسلوبية بما يشمل إعادة الترتيب، والتلميح والإيحاءات، والمحاكاة. وعند الاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعي في الترجمة عليه أن ينتبه لميكانيكية الترجمة في هذه البرامج، ويعمل على تداركها. وتقوم مهنة الترجمة على امتلاك المترجم المتدرب والممارس لمهارات أساسية تشمل: الحياد الأيديولوجي، ومعرفة قواعد اللغة العربية وقواعد الترقيم فيها، والتقنيات البلاغية، ودلالاتها اللغوية والثقافية. واعتبار هذه العلامات والتقنيات جزءًا من اللغة تؤثر على المعنى، وقواعد اللغة الأخرى، أو اللغات الأخرى، وعلامات الترقيم فيها ودلالاتها اللغوية والثقافية. وضرورة قراءة النص المراد ترجمته سواء أكان أدبيَا، أم سياسيَا، أم اقتصاديَا، أم دينيَا والتعمق فيه لحسن اختيار المصطلحات والمفاهيم المناسبة لكل حقل من هذه الحقول. إضافة إلى تفهم المعنى الأساسي لكل جملة ضمن سياقاتها الثقافية للوقوف على المعني الصحيح الذي قصده المؤلف الأصلي، ونقل ذلك إلى القارئ. وضرورة عدم الوقوع في شرك الميل للترجمة الحرفية الميكانيكية لإن ذلك يضعف عملية إيصال المعنى الأصلي في النص بما في ذلك إيحاءات وإيماءات المؤلف الأصلي، ويقلل من بلاغة الترجمة ومستواها. ولا شك أن انضمام المترجم لجمعيات الترجمة ومراكزها في المؤسسات الأكاديمية يزيد من كفاءة المترجم، ويعّمق معرفته وامتلاكه لهذه المهارات المهنية. [email protected]
الدستور٢٠-٠٢-٢٠٢٥سياسةالدستورالترجمة والثقافة والأيديولوجياالأستاذ الدكتور مجد الدين خمش/ عميد كلية الآداب الأسبق- الجامعة الأردنية ينظر إلى الأيديولوجيا على أنها علم الأفكار الذي يدرس نشوئها ووظائفها، وتأثيراتها على الوعي الفردي، والمجتمع بمؤسساته المتنوعة، وعلى المجتمعات الأخرى. وبالمعنى السياسي هي عقيدة دولة، أو حزب سياسي، أو مجموعة من الأفراد تتكون من مجموعة القيم والتبريرات والرؤى التي تتبناها هذه البنى الاجتماعية والسياسية. ويرى عبد الله العروي في كتابه (مفهوم الأيديولوجيا) الصادر عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء، في طبعته الثامنة عام 2012 أن الأيديولوجيا هي «رؤية العالم بحسب رغبات وتفضيلات ومصالح دولة معينة أو فئة معينة، وليس كما هو العالم في ذاته». ويتداخل هذا المفهوم للأيديولوجيا مع مفهوم الثقافة المجتمعية التي هي أيضا رؤية الجماعة للعالم، ولنفسها، وهُويتها، وطريقة حياتها المنسجمة مع هذه الرؤية. وبالتالي، غالبًا ما تكون العلاقة بين الأيديولوجيات، كما هي بين الهُويات، والثقافات المجتمعية علاقة تنافس أو صراع كامن أو مكشوف بهدف الهيمنة على المعلومات والأفكار والرؤى بواسطة وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج الذكاء الاصطناعي، والديبلوماسية السياسية، والصراع العسكري في نهاية المطاف. والأيديولوجيا قد تكون معرفية وإعلامية تتغلغل في ثنايا الآداب والفنون والعلوم ومناهج التعليم تعمد لنشر تحليلات ومعلومات تخدم مصالح من يقدمها بشكل مباشر كما في أدبيات الاستشراق، وفي خطابات الإعلام الإسرائيلية بشكل خاص. أو بشكل غير مباشر كما في ترجمات العديد من الروايات والدراسات الاجتماعية التي توثّق طريقة حياة الطبقة الوسطى الغربية. ومن الأمثلة على ذلك استخدام السرد الروائي في تعليم الفلسفة وتاريخها، والبحث عن الهُوية وتطوير الذات من خلال الفلسفة، كما فعل جوستاين غارود، النرويجي في كتابه (عالم صوفي) الصادر عام 1991، وقد ترجم إلى عدة لغات عالمية من بينها العربية. كذلك فإن ترجمة كتاب ماكس فيبر من الألمانية والإنجليزية إلى العربية (الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية) دعم توجهات قيمية ودينية إيجابية مهمة يمكن الاستفادة منها، مثل: الشغف بالعمل، وإتقان العمل وتجويد الصنعة، وعدم الغش، والعقلانية، والسلطة القانونية، والتوجهات الاستثمارية، ودافع تحقيق الربح المعتدل، والمشاركة في تنمية الاقتصاد والمجتمع. معتبرّا إياها من الحسنات التي تشفع للمؤمن يوم القيامة. ولفئة المترجمين أهمية كبيرة، فهم جسور حضارية بين الشعوب يدعمون التواصل بين الأسواق وبين الثقافات والفنون، ويوسّعون الآفاق ويزيدون المعرفة بالثقافات الأخرى خصوصًا قبل ثورة تكنولوجيا الاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي. وقد كان للمترجمين القدماء عن اليونانية والفارسية من أمثال يعقوب الزهاوي، وحنين بن إسحق، وعمر ابن فرخان الطبري ابن سينا، والفارابي- وكان أغلبهم ضمن مؤسسة بيت الحكمة في بغداد أيام الخليفة العباسي المأمون- دورهم الكبير في تطور الحضارة العربية والإسلامية. ويتضح في كتاب شوقي ضيف (سلسلة تاريخ الأدب العربي: العصر العباسي الأول) الأثر الكبير لهم في نقل المعارف والعلوم والتقنيات والفنون من اليونانية والفارسية إلى الحضارة العربية والإسلامية مما أسهم في زيادة قوتها ومنعتها العسكرية. وتكررت عملية شبيهة بها فيما بعد في اليابان حيث قام المترجمون اليابانيون وبشغف قومي عميق بترجمة العلوم وأساليب صناعة التقنيات والمحركات البخارية عن اللغة الهولندية واللغات الأوروبية الأخرى. مما كان له أثره الكبير في نقل التقنيات والعلوم الحديثة، والصناعات الميكانيكية إلى الحضارة اليابانية الإقطاعية وتوطينها يابانيًا في ذلك الوقت مما أسهم في تقدمها السريع إلى الرأسمالية الصناعية. وفي المرحلة الراهنة يتوقع ازدياد أهمية المترجمين المدربين في حقول الذكاء الاصطناعي AI والثورة الصناعية الرابعة في مختلف البلدان العربية. وقد يتم تطوير قاموس جديد لهذا الحقل التقني، إضافة إلى القواميس الكلاسيكية المهمة مثل: قاموس أكسفورد الذي يقدم عدة مرادفات للكلمة باللغة الإنجليزية، وقاموس المورد (إنجليزي- عربي)، وقاموس جوجل الإلكتروني Google Translate الذي يترجم النص إلى عدة لغات بما فيها العربية. وكذلك برامج الذكاء الاصطناعي مثل نموذج ChatGPT الذي طورته شركة Open AI الأمريكية، ونموذج Meta الذي طورته شركة مايكروسوفت، ونموذج Deep Seek الذي طورته شركة صينية، ونموذج Reverso لجميع الاحتياجات اللغوية، وطورته شركة فرنسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي. هذا وقد تحولت الترجمة من المبادرات الفردية التي ميزت المترجمين العرب في بدايات عصر النهضة الحديثة إلى مهنة لها قواعدها، وبرامجها التدريبية، ومؤسساتها، وجوائزها التشجيعية والتكريمية، وجمعياتها المتخصصة التي تقوم مقام النقابات في تنظيم المهنة وضمان الالتزام بأخلاقياتها. كما تهتم مجامع اللغة العربية بالترجمة وضبط المصطلحات المتدفقة من البلدان الصناعية المتقدمة. وسواء أكان المترجم يمارس الترجمة الأدبية، أو السياسية، أو القانونية، أو الترجمة الفورية في المنتديات والمؤتمرات، وعلى شاشات القنوات الفضائية فإن عليه أن يتقن بشكل تام العديد من المهارات اللغوية والثقافية، وأن يتحلى بالموضوعية والدقة في نقل الخطاب، خصوصا في مواقف الترجمة الفورية، بدون حذف أو تعديل، ولكن بمرونة بلاغية مناسبة بحيث يهتم بالتشبيهات والاستعارات، ولغة الجسد. إضافة إلى أمثلة التناصّ، وتفاعل الأنظمة الأسلوبية بما يشمل إعادة الترتيب، والتلميح والإيحاءات، والمحاكاة. وعند الاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعي في الترجمة عليه أن ينتبه لميكانيكية الترجمة في هذه البرامج، ويعمل على تداركها. وتقوم مهنة الترجمة على امتلاك المترجم المتدرب والممارس لمهارات أساسية تشمل: الحياد الأيديولوجي، ومعرفة قواعد اللغة العربية وقواعد الترقيم فيها، والتقنيات البلاغية، ودلالاتها اللغوية والثقافية. واعتبار هذه العلامات والتقنيات جزءًا من اللغة تؤثر على المعنى، وقواعد اللغة الأخرى، أو اللغات الأخرى، وعلامات الترقيم فيها ودلالاتها اللغوية والثقافية. وضرورة قراءة النص المراد ترجمته سواء أكان أدبيَا، أم سياسيَا، أم اقتصاديَا، أم دينيَا والتعمق فيه لحسن اختيار المصطلحات والمفاهيم المناسبة لكل حقل من هذه الحقول. إضافة إلى تفهم المعنى الأساسي لكل جملة ضمن سياقاتها الثقافية للوقوف على المعني الصحيح الذي قصده المؤلف الأصلي، ونقل ذلك إلى القارئ. وضرورة عدم الوقوع في شرك الميل للترجمة الحرفية الميكانيكية لإن ذلك يضعف عملية إيصال المعنى الأصلي في النص بما في ذلك إيحاءات وإيماءات المؤلف الأصلي، ويقلل من بلاغة الترجمة ومستواها. ولا شك أن انضمام المترجم لجمعيات الترجمة ومراكزها في المؤسسات الأكاديمية يزيد من كفاءة المترجم، ويعّمق معرفته وامتلاكه لهذه المهارات المهنية. [email protected]