logo
#

أحدث الأخبار مع #عبدالحميدمدكور

الذكاء الصناعي وخدمة العربية
الذكاء الصناعي وخدمة العربية

بوابة الأهرام

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • منوعات
  • بوابة الأهرام

الذكاء الصناعي وخدمة العربية

"لُغَتُنَا الْعَرَبِيَّةُ يُسْرٌ لَا عُسْرٌ، وَنَحْنُ نَمْلِكُهَا، كَمَا كَانَ الْقُدَمَاءُ يَمْلِكُونَهَا، وَلَنَا أَنْ نُضِيفَ إِلَيْهَا مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَلْفَاظٍ لَمْ تَكُنْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْعَصْرِ الْقَدِيمِ." "طَه حُسَيْن". كان لي عظيم الشرف أن ألبي دعوة كريمة من مجمع اللغة العربية بالقاهرة؛ لحضور انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي للمجمع في دورته الحادية والتسعين، وكان عنوانه (إِثْرَاءُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: الْوَسَائِلُ وَالْغَايَاتُ)، وذلك يوم الإثنين الموافق ١٥ من شوال ١٤٤٦هـ - ١٤ من أبريل ٢٠٢٥م. وافتتح الجلسة الافتتاحية بالقاعة الكبرى الأستاذ الدكتور عبدالحميد مدكور الأمين العام للمجمع، وألقى كلمة عنوانها: "بَيْنَ مُؤْتَمَرَيْنِ"، كما ألقى الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو عضو المؤتمر -من تركيا- كلمة السادة أعضاء المؤتمر غير المصريين. حقيقة، فإن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل وتبادل الأفكار والمعلومات، بل هي تجسد هوية الشعوب وتقيس قوتهم وتقدمهم وحضارتهم، فكلما كانت اللغة فتية كان أصحابها أقوياء، والعكس صحيح تمامًا، واللغة هي وعاء الحضارة، وذاكرة الأمة، وجسر يربط الماضي بالحاضر ويستشرف المستقبل. واللغة العربية، بتاريخها وعبقها العريق وثرائها اللغوي ومفرداتها وتشبيهاتها والتي تتنوع بين علم البيان، وعلم البديع، وعلم المعاني، وتحتل اللغة العربية مكانة فريدة في وجدان ملايين البشر، فهي لغة القرآن الكريم، ولسان حضارة إسلامية شامخة أغنت العالم بعلومها وفنونها وآدابها، فإن الاهتمام بتعلم اللغة العربية والحفاظ عليها والتحدث بها، ليس مجرد واجب ثقافي، بل هو ضرورة حتمية لتعزيز قوة الشعوب وأصالتها؛ حيث إن قوة أي شعب وعمق حضارته يقاسان بمدى احترامه وتقديره للغته الأم، وبمدى تمسكه بها والحفاظ عليها من عوامل التهميش والاندثار، فاللغة هي الهوية اللفظية للأمة، وبها تتجسد قيمها وتقاليدها وتراثها الفكري والثقافي، وعندما يحرص أفراد المجتمع على التحدث بلغتهم الفصحى، واستخدامها في مختلف جوانب حياتهم، فإنهم بذلك يعززون انتماءهم الحضاري، ويحافظون على خصوصيتهم الثقافية في عالم يموج بالتحديات والعولمة. ولابد أن نحذر من إن إهمال اللغة الأم والتخلي عنها لصالح لغات أخرى، خاصة في المحافل الرسمية والتعليم ووسائل الإعلام، يشكل خطرًا حقيقيًا على هوية الأمة وتماسكها؛ فتضعف الروابط بين الأجيال، ويتلاشى الشعور بالانتماء المشترك، وتصبح الأمة عرضة للذوبان في ثقافات أخرى، ولذا فإن الحفاظ على اللغة العربية، وتعزيز استخدامها هو صمام الأمان للهوية الوطنية، وعنوان أصالة الشعوب. ونوه الأمين العام لمجمع اللغة العربية إلى أنه في هذا العصر الرقمي المتسارع، يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة قوية يمكن تسخيرها لخدمة اللغة العربية وتعليمها للناطقين بها وغير الناطقين بها على حد سواء، ويمكن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير برامج ومناهج تعليمية قيمة تفاعلية ومخصصة، تتناسب مع مستويات المتعلمين المختلفة واحتياجاتهم الفردية. وأشار الدكتور عبدالحميد مدكور إلى أنه يمكن تصميم تطبيقات ذكية تساعد على تعلم قواعد اللغة العربية ومفرداتها بطرق مبتكرة وممتعة، تساعد الناطقين باللغة العربية وغير الناطقين بها على فهم محتوى اللغة العربية، والتفاعل معه بسهولة، وأن هناك دورًا مهمًا لخبراء اللغة العربية؛ وهو التعاون مع متخصصي الذكاء الاصطناعي لإنجاح هذه المساعي، ويجب العمل على تطوير برامج ومناهج تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتحافظ على جمالية اللغة العربية وقواعدها الأصيلة، وفي الوقت نفسه تستفيد من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لجعل عملية التعلم أكثر سهولة وفعالية وجاذبية. وعلى سبيل المثال أيضًا يستطيع الذكاء الاصطناعي المساعدة على تكييف المحتوى التعليمي ليناسب الخلفيات الثقافية المختلفة للمتعلمين غير الناطقين بالعربية، مما يجعل عملية التعلم أكثر ملاءمة وفعالية، كما يمكن أن نقوم بتطوير تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لربط متعلمي اللغة العربية بالناطقين بها في جميع أنحاء العالم، مما يوفر فرصًا للممارسة والتفاعل الثقافي الحقيقي. ويمكن أيضًا للذكاء الاصطناعي أن يساعد على تبسيط القواعد النحوية والصرفية المعقدة، وتقديمها بطرق بصرية وتفاعلية جذابة تسهل فهمها واستيعابها؛ لجعل العملية التعليمية أكثر متعة وتشويقًا، مما يزيد من دافعية المتعلمين واستمرارهم في التعلم. وكل هذا يتطلب تخصيص موارد كافية للبحث والتطوير في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية وتعليمها؛ ويتم ذلك بتشكيل فرق عمل تضم خبراء في اللغة العربية وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، وخبراء تصميم التعليم لتطوير حلول مبتكرة وفعالة، وإتاحة تبادل الخبرات والمعرفة بين المؤسسات والباحثين في مختلف أنحاء العالم؛ لتسريع وتيرة تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعليم اللغة العربية ونشرها. وختامًا، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام بمختلف وسائله، المقروءة والمسموعة والمرئية، في دعم وتعزيز تعلم اللغة العربية، وتسريع وتيرة انتشارها على مستوى العالم؛ فالإعلام يستطيع أن يلعب دور "المعلم غير التقليدي" من خلال تقديم برامج ومقاطع فيديو ومواد سمعية وبصرية تعليمية مبتكرة وجذابة، تستخدم أساليب حديثة في عرض قواعد اللغة ومفرداتها وتراكيبها؛ فهذا يجعل عملية التعلم أكثر متعة وسهولة للراغبين، خاصة للمبتدئين، فالإعلام هو نافذة يطل منها العالم على الثقافة العربية والإسلامية الغنية؛ ويا حبذا إذا استغل الإعلام شعبية المؤثرين والرموز الثقافية والفنية والرياضية الذين يتحدثون باللغة العربية الفصحى بطلاقة، لجذب الشباب وتشجيعهم على تعلم اللغة وتقديرها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store