logo
#

أحدث الأخبار مع #علمالبروباغندا

السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات
السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات

ساحة التحرير

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • ساحة التحرير

السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات

السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني؟ إدريس آيات* في منعطفٍ جديد من الحرب الدعائية ضد السودان، نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مؤخرًا تقرير رأيٍ خطيرٍ يزعم أن القوات المسلحة السودانية تحوّلت إلى ذراعٍ لإيران وحركة حماس، وتشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل ومصالحها في البحر الأحمر. ووصف التقرير الجيش السوداني بأنه 'حماس أفريقيا'، مدعومٌ بعقيدة إخوانية متطرفة ويقوده جنرالات متشبعون بفكر سيد قطب، بل ويدّعي وجود فصائل داخلية مثل 'لواء البراء بن مالك' يقوده من وصفه بـ'يحيى السنوار السوداني'. يمضي الكاتبان – أحدهما استراتيجي إماراتي، هو أمجد طه، والآخر رجل أعمال يهودي مقيم في دبي يُدعى ' إيتان نيشلوس' – ليزعم أن بورسودان باتت منصة إيرانية خلفية، وأن إيران بدأت تزوّد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة من طراز تلك التي يستخدمها الحوثيون، في مسعى للضغط على الممرات البحرية ومصالح إسرائيل في البحر الأحمر. كما يُشير التقرير إلى أن طهران تعيد تفعيل شبكة قديمة لتهريب السلاح إلى غزة عبر الأراضي السودانية، مذكرًا بدورها التاريخي في دعم حماس. هذه السردية – كما تشير لغة التقرير – تحاول إعادة تأطير الصراع في السودان من كونه نزاعًا داخليًا بين الجيش وميليشيا متمردة، إلى كونه تهديدًا إقليميًا تقوده قوى الإسلام السياسي المتحالفة مع إيران. الأخطر أن التقرير لا يكتفي بالتحذير، بل يدعو صراحة إسرائيل وحلفائها إلى التصرف بسرعة: محاصرة الجيش السوداني وقطع طرق تسليحه وتجفيف مصادر تمويله. الدور الإماراتي: دعاية متعددة المستويات هنا تبرز الإمارات، ليس فقط كصاحبة موقف سياسي في الأزمة، بل كفاعل دعائي فاعل. فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وُجّهت اتهامات متكررة لأبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع عسكريًا ولوجستيًا. وبينما نفت الإمارات رسميًا تلك الاتهامات، سرعان ما بدأت تروّج عبر منصاتها الرسمية، ثم عبر الإعلام العبري والدولي، لرواية معاكسة: تتهم الجيش السوداني بتلقّي شحنات أسلحة خفية، وتزعم أن جماعات متطرفة هي من تسيطر على مفاصله. في 30 أبريل 2025، أعلنت وكالة أنباء الإمارات أنها أحبطت محاولة تهريب 'ملايين الطلقات' إلى السودان، في طائرة خاصة كانت متجهة إلى الجيش السوداني. رد الجيش السوداني سريعًا، واصفًا الحادثة بأنها 'فبركة استخباراتية' تهدف إلى تغطية دعم الإمارات للميليشيا. ما حدث لاحقًا أن هذه الرواية الإماراتية بدأت تُنسج بخيوط أوثق، مستثمرة في تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل بعد اتفاقات إبراهام. من خلال المقال المنشور في صحيفة جيروزاليم بوست، بدا أن الإمارات تستخدم علاقاتها الإعلامية والدبلوماسية مع إسرائيل لتأطير الجيش السوداني كعدو مشترك للغرب، ولإسرائيل على وجه الخصوص، ساعية بذلك إلى صرف الأنظار عن دعمها المزعوم لقوات الدعم السريع، وإعادة تصوير نفسها كدولة تحارب 'الإسلام السياسي' والإرهاب في كل مكان. استراتيجية ذكية في حرب السرديات من منظور علم البروباغندا والدعاية السياسية، ما تقوم به الإمارات هو مثال حيّ على الحرب السردية. ففي عصر الإعلام الفوري ومنصات الرأي، لا تكفي الحقيقة على الأرض، بل يجب الانتصار في ميدان الصورة والرواية. الاستثمار في المخاوف الأمنية القائمة: التقرير في جيروزاليم بوست يربط الجيش السوداني بحماس، بعد أشهر فقط من هجوم 7 أكتوبر، مما يستحضر في ذهن القارئ الإسرائيلي شبح خطر جديد من الجنوب، ومن ورائها حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا تكتيك معروف يُعرف في علم الدعاية بـ'مناشدة الخوف'، ويهدف إلى زرع قلق جماعي يقود إلى قرارات سياسية متعجلة. شيطنة الخصم وعزله دوليًا: إن تصوير الجيش السوداني كواجهة لحماس وإيران يهدف إلى منعه من نيل أي تعاطف أو دعم دولي، على الأقل في المجتمع الغربي، بل يُمهّد لفرض عقوبات أو عزلة بحجة الأمن الإقليمي والدولي. توظيف المنصات ذات المصداقية: نشر هذه السردية عبر صحيفة إسرائيلية مرموقة، ومن خلال كُتاب محسوبين على الإمارات، يعطيها هالة من المصداقية والانتماء لـ'معسكر محاربة الإرهاب'. التعتيم على جرائم الدعم السريع: تُغفل الرواية تمامًا الحديث عن الجرائم الموثقة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين في دارفور والخرطوم، وتُسقط عمدًا سياق التمرّد المسلّح، لتبدو الصورة كما لو أن السودان يحكمه متطرفون، بينما الطرف الآخر مجهول أو مغيّب. هل تنجح هذه السردية؟ رغم دهاء هذه الإستراتيجية، إلا أنها تملك نقاط قوة دعائية: توقيتها، وتماهيها مع روايات الأمن الإسرائيلي، وقدرتها على التمدد في الإعلام الناطق بالإنجليزية. لكن نجاحها يظل مشروطًا بعنصر واحد: غياب رواية مضادة فعّالة تشرح حقيقة ما يجري في السودان، وتُفكك هذا البناء الدعائي بعقل واحتراف في الإعلامين العربي والغربي سواء. هنا تبرز مسؤولية السودانيين وحلفائهم، سياسيين وإعلاميين، في تفكيك هذه الرواية: بكشف دوافعها، وفضح تورط الإمارات في دعم الميليشيات أكثر فأكثر، وإبراز أن الجيش السوداني يخوض معركة ضد ميليشيا تمارس الفوضى والسلب والقتل، وليس حربًا بالوكالة عن طهران أو غيرها. ماذا يمكن فعله الآن؟ -. تكثيف الحضور الإعلامي للجيش السوداني على شاشات التلفاز الإقليمي والدولي، بلغة رصينة ووثائق واضحة، لشرح خلفية الصراع، وكشف الجرائم والانتهاكات، والتأكيد على التزام السودان بوحدته واستقلاله. -. استغلال المنصات الرقمية لبناء سردية مقابلة: فيديوهات، مقالات رأي باللغتين الإنجليزية والفرنسية، إنتاج محتوى موجه لمراكز الفكر وصناع القرار. -. حشد المواقف الرسمية من دول صديقة: كمصر التي تدعم الجيش السوداني بشكل واضح، والجزائر التي تؤيد وحدة السودان، وحلفاءٍ أفارقة ومن دولٍ عربية، لخلق جبهة دبلوماسية ترد على الضغوط الإعلامية الإسرائيلية-الإماراتية. -. ملاحقة الأكاذيب قانونيًا: يمكن للجيش السوداني ومناصريه الدفع بتقارير موازية في المحاكم الإعلامية والمنصات الدولية، وربما فتح مسارات تشهير قانوني بحق من يروّج لروايات كاذبة تمس بسمعة المؤسسة العسكرية السودانية. ختامًا، ما نشهده اليوم ليس مجرد مادة صحفية عابرة، بل منعطف خطير في هندسة سردية الحرب في السودان. ثمّة من يعمل، عن وعي أو توجيه، على إدخال إسرائيل والولايات المتحدة إلى معادلة دعم ميليشيا متمردة، من خلال فبركة عدوّ مُختلق تحت مسمى 'حماس السودان'. وإن لم يتم تفكيك هذه الحملة الدعائية الممنهجة منذ الآن، فإن آثارها لن تبقى حبيسة الإعلام، بل قد تترجم لاحقًا إلى قرارات دولية تمس السيادة السودانية لعقود قادمة. فالسودان اليوم لا يخوض صراعًا عسكريًا فقط، بل يخوض حرب سرديات لا تقل فتكًا. والانتصار في هذا النوع من الحروب لا يتحقق بالقوة وحدها، بل بامتلاك الرواية، وتوجيه الخطاب، وصياغة المعنى. إذ إن من يفرض روايته، يفرض رؤيته للمستقبل. فهل نسمح للآخرين بأن يكتبوا تاريخ السودان بما يخدم أجنداتهم؟ أم نبادر، كدولة ومجتمع -أفريقي، عربي، إسلامي، ونخب، إلى استعادة زمام السرد، ونكتب قصة السودان نحن — بشجاعة، وصدق، وبصوت يعلو على ضجيج التضليل؟ رابط مقال صحيفة جيروزاليم بوست لمن يريد العودة إليه كمصدر: ‎2025-‎05-‎08 The post السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات first appeared on ساحة التحرير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store