#أحدث الأخبار مع #علمالمناظرالجمهورية١٨-٠٣-٢٠٢٥علومالجمهوريةحكاية شارعشارع اليوم هوشارع ابن الهيثم.. ولد أبي علي الحسن بن الهيثم في عام 965م في مدينة البصرة. وهو من أصلي عربي. نشأ وتعلم بالبصرة. ولا يعرف شيء عن نشأته الأولي سوي أنه عاش في فترة مزدهرة. ظهر فيها أساطين العلم في الفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك. فجذبته هذه العلوم فأقبل عليها بهمة لا تعرف الكلل وعزيمة لا يتطرق إليها وهن. فقرأ ما وقع تحت يديه من كتب المتقدمين والمتأخرين. ولم يكتفِ بالاطلاع عليها والقراءة فيها. وإنما عني بتلخيصها ووضع مذكرات ورسائل في موضوعات تلك العلوم وظل مشتغلًا بهذه العلوم. وبالتصنيف فيها فترة طويلة حتي ذاعت شهرته. وسمع بها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله. فتاقت نفسه إلي الاستعانة به. وزاد من رغبته ما نمي إليه ما يقوله ابن الهيثم: لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملًا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص. وكان ابن الهيثم في هذه الفترة قد تجاوز الستين من عمره. اشتهر في العالم الإسلامي باعتباره عالمًا في الهندسة له فيها آراء واجتهادات. رغّب الحاكم بأمر الله إلي ابن الهيثم الحضور إلي مصر والاستقرار فيها. فلما وصل أكرمه. وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص النيل. فذهب الحسن إلي أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين في أعمال البناء ليستعين بهم علي تنفيذ فكرته التي خطرت له. غير أنه لما عاين الموقع الذي اختاره لتنفيذ مشروعه وجده لا يصلح مع ما فكر فيه. وأن تنفيذه يكاد يكون مستحيلاً. فبناء جسم علي النيل في ذلك الوقت تفوق إمكانات عصره وفوق طاقة رجاله. فعاد الحسن بن الهيثم خجلًا إلي القاهرة. واعتذر للخليفة الحاكم. فتظاهر بقبول عذره. وولاه بعض الدواوين. فتولاها ابن الهيثم رهبة لا رغبة. ولو أنصف الحاكم لجعله في زمرة من جمعهم من العلماء في دار الحكمة ولصرفه عن الوظيفة. فما كان لمثله أن يصلح لهذا العمل. وهو الذي اعتاد حياة البحث والدراسة. غير أن توليه هذا المنصب لم يكن ليجعله في مأمن من نزوات الحاكم الطائشة. وهو متقلب المزاج. سريع البطش والعقاب. وخشي ابن الهيثم من هذه التقلبات. وفي الوقت نفسه لم يكن قادرًا علي التخلي عن عمله والانسحاب منه» خوفًا من غدر الحاكم بأمر الله. فلم يجد وسيلة للتخلص مما فيه إلا ادعاء الجنون وإظهار البله والعته. فلما بلغ الحاكم ذلك عزله عن منصبه وصادر أمواله. وأمر بحبسه في منزله. وجعل عليه من يخدمه. وظل العالم النابه علي هذه الحالة التعسة حتي تُوفي الحاكم بأمر الله. فعاد إلي الظهور والاشتغال بالعلم. واستوطن دارًا بالقرب من الجامع الأزهر. وأقام بالقاهرة مشتغلًا بالعلم والتصنيف ونسخ الكتب القديمة حتي وفاته. تميّز ابن الهيثم بمنهج وأخلاق البحث الإسلامية التي تقوم علي الحق والعمل الدءوب. والتي تُشيد بقدرة الله تعالي. فأثمرت دراساته وأبحاثه في الكشف عن نظريات علمية بارزة في علوم الطبيعة بالاستعانة بطرق بحث متميزة. عجز علماء أوروبا في القرن الثالث عشر عن الوصول لها. فاعتبروا ابن الهيثم مؤسس المنهج العلمي الحديث. ومن أبرز العلوم التي برع بها: علم المناظر. والإشعاع. والضوء وغيرها. كما كان طبيبًا مزاولًا وحاصلًا علي الإجازة في الطب. وصاحبًا لتصنيفات عدة في مجاله. بالإضافة للمؤلفات الفلكية والرياضيّة. ناهيك عن كونه مُهندسًا بارزًا وذا شأن رفيع في فن الهندسة انجذب ابن الهيثم للفلسفة بغية البحث عن الحقيقة التي كان ينشدها منذ صباه. والتي تنبع من قناعته بأن الفلسفة هي أساس العلوم. فكانت مؤلفات الفيلسوف أرسطو هي منهجه ومُرشده في هذا السبيل. وكان يحذو حذوها لخدمة الإنسانية. وكان بحثه حول المذاهب الفلسفية لخير الإنسانية يشبه الفلاسفة أسلافه من أمثال ابن رشد في الأندلس. إلا أنه لسوء الحظ لم يبق أي شيء من كتبه ورسائله الفلسفية. لكن وبحسب وصف المؤرخين له. كان يتسم بعلمه الواسع حول المرئيات. وهو ما أهّله للتقدم علي الرياضي الأوروبي فيتلو الذي عاش بعده بقرنين. إذ امتاز ابن الهيثم بطريقة تفكيره الرياضية الشبيهة بديكارت وسبينوزا. كما أنه كان نابغًا وظهر نبوغه في نظرياته في علم النفس وفي إدراك الحس عامة. والإبصار خاصة. وأبحر في دراسة الإحساس والمواجهة بين الإحساسات المتنوعة وكيفية التعرف عليها. وتمييز بعضها عن بعض. فكان يسعي للعلم والحكمة. ولم تكن الماديات تشغله فلم ينجح في حياته المادية أو يتمكن من العودة لمسقط رأسه البصرة. خاصةَ بعد أن غدا بحثه ودروسه العلمية مدرسةً عريقة المبادئ خاصةَ في الرياضة والفلك. ورغم اجتهاده في المنطق والفلسفة الأرسطوطاليسية إلا أن التاريخ لم يذكر سوي تلميذه الأمري أبا الوفا مباشر فاتك القائد المصري. إذ كان هنالك الكثيرون ممن كفّروا ابن الهيثم بعد موته وتجرأوا علي إحراق بعض كتبه في بغداد في أوائل القرن الثالث عشر ليحرموا التاريخ من عظمتها ومنفتعها. في علم الضوء والبصريات تميّز ابن الهيثم في نظريته عن الضوء والرؤية فهي لم تكن مبنيةً علي أية نظرية سبقتها في التاريخ القديم أو الإسلامي. فهو أول من درس العدسات واكتشف قدرة العدسة المُحدبة علي تكبير الأجسام. وقد تمّت الاستفادة من هذا الاكتشاف لخدمة الناس في القرن الثالث عشر الميلادي في صناعة النظارة. كما أنّه درس طريقة مرور أشعة الضوء عبر مواد مختلفة ليكتشف قواعد انكسار الضوء. وهو أول من قام بتجربة تشتّت الضوء إلي ألوان الطيف الأساسية. كتب أطروحته العلمية بأجزائها السبع عن البصريات وسماها كتاب المناظر الذي اعتُبر من أكثر الكتب المؤثرة في الفيزياء المعاصرة وفهم الرؤية والضوء. بما يُضاهي كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية لإسحاق نيوتن. تُرجم كتاب المناظر للغة اللاتينية ووصل إلي أوروبا عام 1200م. فقد كان مساهمًا أساسيًا في التطور العلمي في أوروبا. كما أثّر علي أعمال بعض العلماء الأوروبيين. واعتُبر الكتاب الأهم في البصريات حتي كتابة العالم كيبلر لكتابه عن البصريات الفلكية عام 1604م. اهتم ابن الهيثم بدراسة العديد من الظواهر الفيزيائية» كالظل. والكسوف. وقوس قزح. كما درس ابن الهيثم طبيعة الضوء الفيزيائية. وبناءً علي نظرياته استطاع تفسير ظاهرة تضخم حجم الشمس أو القمر عندما يقتربان من خط الأفق. ومن أكثر ما عُرف عنه أنّه من أوائل من استخدم حجرة التصوير المظلمة والكاميرا ذات الثقب. كما أنّه اجتهد في تفسير آلية الرؤية في العيون مناقضاً نظريات العالمين بطليموس وإقليديس عن الرؤية التي تقول أنّ الأشعة الصادرة من العينين هي ما تُمكّنهما من رؤية الأجسام. وبهذه البحوث والإسهامات في علم البصريات اعتُبر ابن الهيثم أبا علوم البصريات المعاصرة. في علم الفلك: استطاع ابن الهيثم أن يُفيد علماء الفلك المسلمين والأوروبيين علي حدّ سواء بدراساته الفلكية. فقد حلّ بعض المشاكل التي واجهت العلماء المسلمين في تحديد القبلة. ونقد نموذج حركة الكواكب الخاص ببطليموس. ممّا أدي إلي ظهور دراسات في العالم الإسلامي تُفسّر حركة الكواكب بشكل مختلف في القرن الثالث عشر بمدينة مراغة الإيرانية. وفي القرن الرابع عشر في مدينة دمشق. كما أثّر ابن الهيثم علي علماء الفلك الأوروبيين في عصر النهضة من خلال تفسيراته لبنية الكون وحركة الكواكب. في مجال الطب: كانت أهم إسهامات ابن الهيثم في مجال الطب وطب العيون جراحة العين وتفسير آلية الرؤية والإدراك البصري. علم النفس: أصبح ابن الهيثم من رواد العلم النفس التجريبي عن طريق تفسيره لعلم النفس المرتبط بالإدراك البصري. الفلسفة: اهتمّ ابن الهيثم بالفلسفة من جانبين هما كالآتي: فلسفة الظواهر "بالإنجليزية "Phenomenologyتُعني هذه الفلسفة بتفسير الوجود والظواهر الكونية. وكان ابن الهيثم من روادها. فقد وضح العلاقة بين الظواهر المشهودة. وعلم النفس. والحدس. والوظائف العقلية. وأدت نظرياته عن المعرفة والإدراك وربط العلم بالدين إلي فلسفة وجودية تُفسّر الكون بناءً علي تأمل الإنسان ومراقبته للظواهر التي حوله. ولم يتمّ التحديث علي نظرياته في هذا المجال حتّي القرن العشرين. كتب ابن الهيثم أكثر من مئتي عمل في مجالات العلوم المختلفة. ستة وتسعون منها معروفة. ولكن لم يصل سوي خمس وخمسين عملاً إلي عصرنا هذا. أكثر من نصفهم عن الرياضيات. وثلاثة وعشرين منهم عن علم الفلك. وأربعة عشر عن البصريات. والباقي توزع بين المجالات العلمية التي تخصص بها. أشهر مؤلفات ابن الهيثم كتاب فلسفة الضوء: أبطل ابن الهيثم في كتابه هذا النظريات السائدة في زمانه حول الإبصار. وذلك من خلال الأدلة العلمية والفيزيائية. وكانت النظرية تزعم أن العينَ تُرسِل أشعةً خاصةً تسقط علي الأشياء فتُساهم في رؤيتها. وهو قول مغلوط أبطله ابن الهيثم الذي لم يقتصر ميوله وشغفه في دراسةِ الظَّواهرِ الفيزيائية. فوضّح الكتاب مساهماته في علوم الجبر والهندسة والطب البشري. كتاب حول تكوين الكون: وهو أحد أشهر أعمال ابن الهيثم الفلكية والذي قدم فيه وصفًا غير تقني لطريقة فهم النماذج الرياضية المجردة لبطليموس تبعًا للفلسفة الطبيعية السائدة في عصره. وتقبل مُبكرًا وبشكل ضمني بعض نماذج بطليموس وفرضياته ونقد وتعارض مع بعضها. كتاب المناظر: أوجز ابن الهيثم في كتابه المناظر. ولخص المعارف والنظريات السابقة عن الرؤية. كما قدم أسس ملاحظاته التجريبية الخاصة. وطرح من خلاله آراءً ومعلومات علمية جديدة. أبرزها نظريته المعروفة في الرؤية. وقسم كتابه إلي 7 فصول. اختصت الفصول الثلاثة الأولي منها بمواضيع الرؤية. بالإضافة لوصف التشريح الدقيق للعين وأجزائها والهياكل المحيطة بها. أما الفصول الثلاثة التالية فتتعلق بالتفكير. بينما يتطرق الفصل الأخير إلي موضوع الانكسار. ويُصنف هذا الكتاب كأحد أكثر الكتب تأثيرًا في مجال الفيزياء. توفي ابن الهيثم في مدينة القاهرة في عام 1040م عن عمر يُناهز 74 عاما.
الجمهورية١٨-٠٣-٢٠٢٥علومالجمهوريةحكاية شارعشارع اليوم هوشارع ابن الهيثم.. ولد أبي علي الحسن بن الهيثم في عام 965م في مدينة البصرة. وهو من أصلي عربي. نشأ وتعلم بالبصرة. ولا يعرف شيء عن نشأته الأولي سوي أنه عاش في فترة مزدهرة. ظهر فيها أساطين العلم في الفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك. فجذبته هذه العلوم فأقبل عليها بهمة لا تعرف الكلل وعزيمة لا يتطرق إليها وهن. فقرأ ما وقع تحت يديه من كتب المتقدمين والمتأخرين. ولم يكتفِ بالاطلاع عليها والقراءة فيها. وإنما عني بتلخيصها ووضع مذكرات ورسائل في موضوعات تلك العلوم وظل مشتغلًا بهذه العلوم. وبالتصنيف فيها فترة طويلة حتي ذاعت شهرته. وسمع بها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله. فتاقت نفسه إلي الاستعانة به. وزاد من رغبته ما نمي إليه ما يقوله ابن الهيثم: لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملًا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص. وكان ابن الهيثم في هذه الفترة قد تجاوز الستين من عمره. اشتهر في العالم الإسلامي باعتباره عالمًا في الهندسة له فيها آراء واجتهادات. رغّب الحاكم بأمر الله إلي ابن الهيثم الحضور إلي مصر والاستقرار فيها. فلما وصل أكرمه. وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص النيل. فذهب الحسن إلي أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين في أعمال البناء ليستعين بهم علي تنفيذ فكرته التي خطرت له. غير أنه لما عاين الموقع الذي اختاره لتنفيذ مشروعه وجده لا يصلح مع ما فكر فيه. وأن تنفيذه يكاد يكون مستحيلاً. فبناء جسم علي النيل في ذلك الوقت تفوق إمكانات عصره وفوق طاقة رجاله. فعاد الحسن بن الهيثم خجلًا إلي القاهرة. واعتذر للخليفة الحاكم. فتظاهر بقبول عذره. وولاه بعض الدواوين. فتولاها ابن الهيثم رهبة لا رغبة. ولو أنصف الحاكم لجعله في زمرة من جمعهم من العلماء في دار الحكمة ولصرفه عن الوظيفة. فما كان لمثله أن يصلح لهذا العمل. وهو الذي اعتاد حياة البحث والدراسة. غير أن توليه هذا المنصب لم يكن ليجعله في مأمن من نزوات الحاكم الطائشة. وهو متقلب المزاج. سريع البطش والعقاب. وخشي ابن الهيثم من هذه التقلبات. وفي الوقت نفسه لم يكن قادرًا علي التخلي عن عمله والانسحاب منه» خوفًا من غدر الحاكم بأمر الله. فلم يجد وسيلة للتخلص مما فيه إلا ادعاء الجنون وإظهار البله والعته. فلما بلغ الحاكم ذلك عزله عن منصبه وصادر أمواله. وأمر بحبسه في منزله. وجعل عليه من يخدمه. وظل العالم النابه علي هذه الحالة التعسة حتي تُوفي الحاكم بأمر الله. فعاد إلي الظهور والاشتغال بالعلم. واستوطن دارًا بالقرب من الجامع الأزهر. وأقام بالقاهرة مشتغلًا بالعلم والتصنيف ونسخ الكتب القديمة حتي وفاته. تميّز ابن الهيثم بمنهج وأخلاق البحث الإسلامية التي تقوم علي الحق والعمل الدءوب. والتي تُشيد بقدرة الله تعالي. فأثمرت دراساته وأبحاثه في الكشف عن نظريات علمية بارزة في علوم الطبيعة بالاستعانة بطرق بحث متميزة. عجز علماء أوروبا في القرن الثالث عشر عن الوصول لها. فاعتبروا ابن الهيثم مؤسس المنهج العلمي الحديث. ومن أبرز العلوم التي برع بها: علم المناظر. والإشعاع. والضوء وغيرها. كما كان طبيبًا مزاولًا وحاصلًا علي الإجازة في الطب. وصاحبًا لتصنيفات عدة في مجاله. بالإضافة للمؤلفات الفلكية والرياضيّة. ناهيك عن كونه مُهندسًا بارزًا وذا شأن رفيع في فن الهندسة انجذب ابن الهيثم للفلسفة بغية البحث عن الحقيقة التي كان ينشدها منذ صباه. والتي تنبع من قناعته بأن الفلسفة هي أساس العلوم. فكانت مؤلفات الفيلسوف أرسطو هي منهجه ومُرشده في هذا السبيل. وكان يحذو حذوها لخدمة الإنسانية. وكان بحثه حول المذاهب الفلسفية لخير الإنسانية يشبه الفلاسفة أسلافه من أمثال ابن رشد في الأندلس. إلا أنه لسوء الحظ لم يبق أي شيء من كتبه ورسائله الفلسفية. لكن وبحسب وصف المؤرخين له. كان يتسم بعلمه الواسع حول المرئيات. وهو ما أهّله للتقدم علي الرياضي الأوروبي فيتلو الذي عاش بعده بقرنين. إذ امتاز ابن الهيثم بطريقة تفكيره الرياضية الشبيهة بديكارت وسبينوزا. كما أنه كان نابغًا وظهر نبوغه في نظرياته في علم النفس وفي إدراك الحس عامة. والإبصار خاصة. وأبحر في دراسة الإحساس والمواجهة بين الإحساسات المتنوعة وكيفية التعرف عليها. وتمييز بعضها عن بعض. فكان يسعي للعلم والحكمة. ولم تكن الماديات تشغله فلم ينجح في حياته المادية أو يتمكن من العودة لمسقط رأسه البصرة. خاصةَ بعد أن غدا بحثه ودروسه العلمية مدرسةً عريقة المبادئ خاصةَ في الرياضة والفلك. ورغم اجتهاده في المنطق والفلسفة الأرسطوطاليسية إلا أن التاريخ لم يذكر سوي تلميذه الأمري أبا الوفا مباشر فاتك القائد المصري. إذ كان هنالك الكثيرون ممن كفّروا ابن الهيثم بعد موته وتجرأوا علي إحراق بعض كتبه في بغداد في أوائل القرن الثالث عشر ليحرموا التاريخ من عظمتها ومنفتعها. في علم الضوء والبصريات تميّز ابن الهيثم في نظريته عن الضوء والرؤية فهي لم تكن مبنيةً علي أية نظرية سبقتها في التاريخ القديم أو الإسلامي. فهو أول من درس العدسات واكتشف قدرة العدسة المُحدبة علي تكبير الأجسام. وقد تمّت الاستفادة من هذا الاكتشاف لخدمة الناس في القرن الثالث عشر الميلادي في صناعة النظارة. كما أنّه درس طريقة مرور أشعة الضوء عبر مواد مختلفة ليكتشف قواعد انكسار الضوء. وهو أول من قام بتجربة تشتّت الضوء إلي ألوان الطيف الأساسية. كتب أطروحته العلمية بأجزائها السبع عن البصريات وسماها كتاب المناظر الذي اعتُبر من أكثر الكتب المؤثرة في الفيزياء المعاصرة وفهم الرؤية والضوء. بما يُضاهي كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية لإسحاق نيوتن. تُرجم كتاب المناظر للغة اللاتينية ووصل إلي أوروبا عام 1200م. فقد كان مساهمًا أساسيًا في التطور العلمي في أوروبا. كما أثّر علي أعمال بعض العلماء الأوروبيين. واعتُبر الكتاب الأهم في البصريات حتي كتابة العالم كيبلر لكتابه عن البصريات الفلكية عام 1604م. اهتم ابن الهيثم بدراسة العديد من الظواهر الفيزيائية» كالظل. والكسوف. وقوس قزح. كما درس ابن الهيثم طبيعة الضوء الفيزيائية. وبناءً علي نظرياته استطاع تفسير ظاهرة تضخم حجم الشمس أو القمر عندما يقتربان من خط الأفق. ومن أكثر ما عُرف عنه أنّه من أوائل من استخدم حجرة التصوير المظلمة والكاميرا ذات الثقب. كما أنّه اجتهد في تفسير آلية الرؤية في العيون مناقضاً نظريات العالمين بطليموس وإقليديس عن الرؤية التي تقول أنّ الأشعة الصادرة من العينين هي ما تُمكّنهما من رؤية الأجسام. وبهذه البحوث والإسهامات في علم البصريات اعتُبر ابن الهيثم أبا علوم البصريات المعاصرة. في علم الفلك: استطاع ابن الهيثم أن يُفيد علماء الفلك المسلمين والأوروبيين علي حدّ سواء بدراساته الفلكية. فقد حلّ بعض المشاكل التي واجهت العلماء المسلمين في تحديد القبلة. ونقد نموذج حركة الكواكب الخاص ببطليموس. ممّا أدي إلي ظهور دراسات في العالم الإسلامي تُفسّر حركة الكواكب بشكل مختلف في القرن الثالث عشر بمدينة مراغة الإيرانية. وفي القرن الرابع عشر في مدينة دمشق. كما أثّر ابن الهيثم علي علماء الفلك الأوروبيين في عصر النهضة من خلال تفسيراته لبنية الكون وحركة الكواكب. في مجال الطب: كانت أهم إسهامات ابن الهيثم في مجال الطب وطب العيون جراحة العين وتفسير آلية الرؤية والإدراك البصري. علم النفس: أصبح ابن الهيثم من رواد العلم النفس التجريبي عن طريق تفسيره لعلم النفس المرتبط بالإدراك البصري. الفلسفة: اهتمّ ابن الهيثم بالفلسفة من جانبين هما كالآتي: فلسفة الظواهر "بالإنجليزية "Phenomenologyتُعني هذه الفلسفة بتفسير الوجود والظواهر الكونية. وكان ابن الهيثم من روادها. فقد وضح العلاقة بين الظواهر المشهودة. وعلم النفس. والحدس. والوظائف العقلية. وأدت نظرياته عن المعرفة والإدراك وربط العلم بالدين إلي فلسفة وجودية تُفسّر الكون بناءً علي تأمل الإنسان ومراقبته للظواهر التي حوله. ولم يتمّ التحديث علي نظرياته في هذا المجال حتّي القرن العشرين. كتب ابن الهيثم أكثر من مئتي عمل في مجالات العلوم المختلفة. ستة وتسعون منها معروفة. ولكن لم يصل سوي خمس وخمسين عملاً إلي عصرنا هذا. أكثر من نصفهم عن الرياضيات. وثلاثة وعشرين منهم عن علم الفلك. وأربعة عشر عن البصريات. والباقي توزع بين المجالات العلمية التي تخصص بها. أشهر مؤلفات ابن الهيثم كتاب فلسفة الضوء: أبطل ابن الهيثم في كتابه هذا النظريات السائدة في زمانه حول الإبصار. وذلك من خلال الأدلة العلمية والفيزيائية. وكانت النظرية تزعم أن العينَ تُرسِل أشعةً خاصةً تسقط علي الأشياء فتُساهم في رؤيتها. وهو قول مغلوط أبطله ابن الهيثم الذي لم يقتصر ميوله وشغفه في دراسةِ الظَّواهرِ الفيزيائية. فوضّح الكتاب مساهماته في علوم الجبر والهندسة والطب البشري. كتاب حول تكوين الكون: وهو أحد أشهر أعمال ابن الهيثم الفلكية والذي قدم فيه وصفًا غير تقني لطريقة فهم النماذج الرياضية المجردة لبطليموس تبعًا للفلسفة الطبيعية السائدة في عصره. وتقبل مُبكرًا وبشكل ضمني بعض نماذج بطليموس وفرضياته ونقد وتعارض مع بعضها. كتاب المناظر: أوجز ابن الهيثم في كتابه المناظر. ولخص المعارف والنظريات السابقة عن الرؤية. كما قدم أسس ملاحظاته التجريبية الخاصة. وطرح من خلاله آراءً ومعلومات علمية جديدة. أبرزها نظريته المعروفة في الرؤية. وقسم كتابه إلي 7 فصول. اختصت الفصول الثلاثة الأولي منها بمواضيع الرؤية. بالإضافة لوصف التشريح الدقيق للعين وأجزائها والهياكل المحيطة بها. أما الفصول الثلاثة التالية فتتعلق بالتفكير. بينما يتطرق الفصل الأخير إلي موضوع الانكسار. ويُصنف هذا الكتاب كأحد أكثر الكتب تأثيرًا في مجال الفيزياء. توفي ابن الهيثم في مدينة القاهرة في عام 1040م عن عمر يُناهز 74 عاما.