#أحدث الأخبار مع #عليبنمحمدالحبشي،الوطنمنذ 14 ساعاتصحةالوطنيا نفس إن لم تظفري لا تجزعيفي زحمة الحياة، تمر ـ يا أيها الإنسان- بلحظات لا يراك فيها أحد، ولا يسمع أنينك أحد، ولا يشهد صراعك أحد، وتبدو بخير أمام الآخرين، وتضحك وتواصل يومك، بينما في داخلك معركة صامتة، تحاول فيها أن تنتشل نفسك من سقوط وشيك، أو تداوي جرحًا فيك لا يُرى، وحتى الجماهير لا تصفق لك، ولا الرايات تُنكس أو تخفق من أجلك، ولا التاريخ يُسجل لصالحك شيئًا؛ فقط أنت وربك -عز شأنه- ومحاولاتك. إنقاذ الذات ليست دراما تُعرض على الآخرين، بل هي رحلة داخلية لا يدركها إلا من خاضها؛ فقد تخرج من تجربة موجعة وأنت أكثر هدوءًا ونضجًا، ومن حولك لن يلحظوا، ليس لأنهم قساة، بل لأن المعارك الصامتة لا تُرى، ولا شهود عليها، ولا مكافآت، ولا إشادات؛ إنها مجرد قرار داخلي، تُعيد فيه ترتيب نفسك بنفسك، وتمنح لروحك فرصة للنجاة، دون الاضطرار للشرح للناس. الأصعب في هذه الرحلة من حديث النفس، أنها تتطلب منك أن تجمع ما تفرّق منك، وتراجع نفسك بصراحة، وتخلع عنك ما علق بك من خيبات وظنون وخذلان؛ لأن بعض لحظات الإنقاذ لا تشبه في ظاهرها شيئًا بطوليًا، بل هي مجرد بُكاء وتنهيدة راجية أن تستمر الحياة رغم كل شيء، ودعاء خافت في آخر الليل لا يسمعه أحد، والمفارقة أن هذا النوع من النهوض لا يثير انتباهًا، رغم كونه من أصدق أنواع الشجاعة. ليس من السهل أن تُنقذ نفسك حين يخذلك الآخرون، أو حين يصعب عليك حتى البوح بما تمرّ به، ووحدهم الذين ذاقوا مرارة الانطفاء يعرفون كم هو ثمين ذلك الشعور حين تنجح في التقاط نفسك من جديد، وتنهض دون أن تثير جلبة؛ وهذه القدرة الخارقة التي يمكن تسميتها «المرونة النفسية» أو «آليات التكيّف»، ليست مهارة مكتسبة فقط، بل هي تعبير عن الوعي العميق بالذات، بحيث تعرف متى تصمت، ومتى تبكي، ومتى تبتعد، ومتى تمشي وحدك لتنجو، وكيف تنقذ نفسك فتقرر ألا تنتقم، وألا ترد، وألا تبرر؛ لأنك نضجت، وأدركت أن الصمت أحيانًا أرقى من النجاة الظاهرة، خاصة أن بعض النجاة الصامتة، لا يشعر بها أصحابها إلا متأخرًا، حين يلتفتون لما تجاوزوه. ويتساءلون بصدق: كيف صمدنا؟ من أين جئنا بكل تلك القدرة؟ ثم يدركون أن عناية الله -سبحانه وتعالى- كانت معهم في صمتهم، وأنهم ما أنقذوا أنفسهم إلا لأنهم ما تركوا اليقين بخالقهم -جل جلاله؛ وهنا يتقاطع المعنى النفسي بالمعنى الإيماني؛ فالإيمان لا يُلغي الضعف، لكنه يعلّمك كيف تتعامل معه بقوة، والقوة هنا ليست عُنفًا، بل صلابة داخلية، تمنحك القدرة على القيام من حيث سقطت، ولو لم يرَ أحد ذلك، وليس الخذلان الحقيقي أن يتركك الناس، بل أن تترك نفسك؛ فاهدأ، وانسحب من بعض العلاقات، ولا تتسرع في الحكم على أحد، وأنقذ نفسك بصمت ورزانة، وانتشلها من أي وادٍ مظلم.. يقول العلامة، الشيخ علي بن محمد الحبشي، من علماء القرن الثالث عشر الهجري: «يا نفسُ إن لم تظفري لا تَجزعي وإلى موائدِ جودِ مولاكِ اهرعي وإذا تأخر مطلبٌ فلرُبما في ذلك التأخير كلُ المطمعِ فاستأنسي بالمنع وارعي حقهُ إن الرضا وصفُ المنيب الألمعِ.. يا ربُّ لي ظنٌ جميلٌ وافرٌ قدمتهُ أمشي بهِ يسعى معي كلُ الذين يرجون فضلك أُمطِرُوا حاشاك أن يبقى هشيمًا مربعي».
الوطنمنذ 14 ساعاتصحةالوطنيا نفس إن لم تظفري لا تجزعيفي زحمة الحياة، تمر ـ يا أيها الإنسان- بلحظات لا يراك فيها أحد، ولا يسمع أنينك أحد، ولا يشهد صراعك أحد، وتبدو بخير أمام الآخرين، وتضحك وتواصل يومك، بينما في داخلك معركة صامتة، تحاول فيها أن تنتشل نفسك من سقوط وشيك، أو تداوي جرحًا فيك لا يُرى، وحتى الجماهير لا تصفق لك، ولا الرايات تُنكس أو تخفق من أجلك، ولا التاريخ يُسجل لصالحك شيئًا؛ فقط أنت وربك -عز شأنه- ومحاولاتك. إنقاذ الذات ليست دراما تُعرض على الآخرين، بل هي رحلة داخلية لا يدركها إلا من خاضها؛ فقد تخرج من تجربة موجعة وأنت أكثر هدوءًا ونضجًا، ومن حولك لن يلحظوا، ليس لأنهم قساة، بل لأن المعارك الصامتة لا تُرى، ولا شهود عليها، ولا مكافآت، ولا إشادات؛ إنها مجرد قرار داخلي، تُعيد فيه ترتيب نفسك بنفسك، وتمنح لروحك فرصة للنجاة، دون الاضطرار للشرح للناس. الأصعب في هذه الرحلة من حديث النفس، أنها تتطلب منك أن تجمع ما تفرّق منك، وتراجع نفسك بصراحة، وتخلع عنك ما علق بك من خيبات وظنون وخذلان؛ لأن بعض لحظات الإنقاذ لا تشبه في ظاهرها شيئًا بطوليًا، بل هي مجرد بُكاء وتنهيدة راجية أن تستمر الحياة رغم كل شيء، ودعاء خافت في آخر الليل لا يسمعه أحد، والمفارقة أن هذا النوع من النهوض لا يثير انتباهًا، رغم كونه من أصدق أنواع الشجاعة. ليس من السهل أن تُنقذ نفسك حين يخذلك الآخرون، أو حين يصعب عليك حتى البوح بما تمرّ به، ووحدهم الذين ذاقوا مرارة الانطفاء يعرفون كم هو ثمين ذلك الشعور حين تنجح في التقاط نفسك من جديد، وتنهض دون أن تثير جلبة؛ وهذه القدرة الخارقة التي يمكن تسميتها «المرونة النفسية» أو «آليات التكيّف»، ليست مهارة مكتسبة فقط، بل هي تعبير عن الوعي العميق بالذات، بحيث تعرف متى تصمت، ومتى تبكي، ومتى تبتعد، ومتى تمشي وحدك لتنجو، وكيف تنقذ نفسك فتقرر ألا تنتقم، وألا ترد، وألا تبرر؛ لأنك نضجت، وأدركت أن الصمت أحيانًا أرقى من النجاة الظاهرة، خاصة أن بعض النجاة الصامتة، لا يشعر بها أصحابها إلا متأخرًا، حين يلتفتون لما تجاوزوه. ويتساءلون بصدق: كيف صمدنا؟ من أين جئنا بكل تلك القدرة؟ ثم يدركون أن عناية الله -سبحانه وتعالى- كانت معهم في صمتهم، وأنهم ما أنقذوا أنفسهم إلا لأنهم ما تركوا اليقين بخالقهم -جل جلاله؛ وهنا يتقاطع المعنى النفسي بالمعنى الإيماني؛ فالإيمان لا يُلغي الضعف، لكنه يعلّمك كيف تتعامل معه بقوة، والقوة هنا ليست عُنفًا، بل صلابة داخلية، تمنحك القدرة على القيام من حيث سقطت، ولو لم يرَ أحد ذلك، وليس الخذلان الحقيقي أن يتركك الناس، بل أن تترك نفسك؛ فاهدأ، وانسحب من بعض العلاقات، ولا تتسرع في الحكم على أحد، وأنقذ نفسك بصمت ورزانة، وانتشلها من أي وادٍ مظلم.. يقول العلامة، الشيخ علي بن محمد الحبشي، من علماء القرن الثالث عشر الهجري: «يا نفسُ إن لم تظفري لا تَجزعي وإلى موائدِ جودِ مولاكِ اهرعي وإذا تأخر مطلبٌ فلرُبما في ذلك التأخير كلُ المطمعِ فاستأنسي بالمنع وارعي حقهُ إن الرضا وصفُ المنيب الألمعِ.. يا ربُّ لي ظنٌ جميلٌ وافرٌ قدمتهُ أمشي بهِ يسعى معي كلُ الذين يرجون فضلك أُمطِرُوا حاشاك أن يبقى هشيمًا مربعي».