منذ 9 ساعات
اليوم الثامن من الحرب: إيران تكثّف ضرباتها، إسرائيل في حالة تأهّب، وواشنطن متردّدة
ضربة صاروخية تطال مدينة بئر السبع وتخلّف إصابات وأضرار جسيمة
من بين أبرز الهجمات التي شهدها اليوم، أصاب صاروخ برؤوس متعددة ويزيد وزنه عن 300 كغ مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل بشكل مباشر، ما أسفر عن إصابة 18 شخصًا، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية. وتحدثت الشرطة المحلية عن أضرار مادية جسيمة طالت مباني سكنية ومركبات وبُنى تحتية مدنية.
الهدف الرئيسي: الحديقة التكنولوجية في بئر السبع
استهدفت الضربة مجمّع "غاف-يام نيغيف تك بارك"، وهو مركز استراتيجي يضم شركات تكنولوجية كبرى مثل IBM وPayPal وDell وCyberArk، بالإضافة إلى وحدات عسكرية متخصصة في الأمن السيبراني. كما يقع هذا المجمع قرب جامعة بن غوريون ومستشفى سوروكا، الذي استقبل سبعة جرحى تمّ إجلاؤهم في حالة من الذعر أثناء القصف.
وأكد مصدر أمني إسرائيلي، نقلت عنه القناة 12، أن الصاروخ الإيراني كان يحمل شحنة متفجرة عالية القدرة، تسببت في اهتزاز كامل للمحيط، بما في ذلك الوحدات العسكرية المعنية بالدفاع السيبراني (C4I). كما اندلع حريق قرب مكاتب شركة Microsoft، بحسب ما نقلته شبكة CNN.
الرد الإسرائيلي: ضربات مباشرة على طهران
في المقابل، أعلنت القوات الإسرائيلية عن تنفيذ سلسلة ضربات ليلية استهدفت منشآت متعددة في طهران ، من بينها مراكز لإنتاج الصواريخ وأهداف عسكرية حساسة، بالإضافة إلى موقع مرتبط بالأبحاث النووية.
وأفادت إسرائيل أيضًا بأنها نجحت في تصفية مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى، وتدمير ثلاث منصات لإطلاق الصواريخ كانت جاهزة للاستخدام. ووفق المعطيات، سبقت هذه الهجمات الإسرائيلية عملية إطلاق الصاروخ الإيراني الذي استهدف بئر السبع بساعات.
ترامب يُبقي القرار العسكري معلقًا
في واشنطن ، لا تزال حالة التردد سائدة. فقد صرّح الرئيس دونالد ترامب بأنه لم يتّخذ بعد قرارًا بشأن تدخل عسكري مباشر، قائلًا: «أفضل أن أقرّر في اللحظة الأخيرة». من جهتها، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أنّ القرار الاستراتيجي سيتّخذ خلال أسبوعين.
هذا التردد الأميركي يثير قلقًا متزايدًا في تل أبيب، حيث تخشى السلطات من انسحاب طويل الأمد لحليفها الرئيسي. ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كانت إسرائيل تتوقع حسمًا سريعًا من جانب ترامب خلال 48 ساعة، إلا أنها باتت مضطرة للانتظار.
تصعيد دبلوماسي: موسكو وإسلام آباد ترفعان النبرة
من موسكو ، حذّر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، من أي محاولات لتغيير النظام في إيران ، واصفًا التكهنات حول استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي ب«الخطيرة وغير المسؤولة»، مشيرًا إلى أنّ ذلك سيؤدي إلى تشدد داخلي وأزمة إقليمية كبرى.
أما باكستان ، الجارة الشرقية لإيران ، فقد أعربت عن مخاوفها من إمكانية زعزعة حدودها في حال حدوث انهيار محتمل للسلطة في طهران. كما نبّه قائد الجيش الباكستاني ، عاصم منير، من استغلال الجماعات الانفصالية لهذا الوضع الهش.
حصيلة بشرية واعتقالات في إيران
أفادت منظمة حقوقية أميركية بأن الضربات الإسرائيلية على إيران أسفرت خلال أسبوع عن مقتل 657 شخصًا وإصابة 2,037 آخرين، من بينهم 263 مدنيًا، إضافة إلى مقتل 164 عنصرًا من قوات الأمن.
وفي سياق موازٍ، أعلنت الشرطة الإيرانية في محافظة خوزستان اعتقال شخص يُشتبه في كونه عميلًا لجهاز الموساد، إلى جانب أربعة مؤيدين له في مدينة مسجد سليمان، بتهمة نشر الشائعات وتصوير مواقع حساسة والتحريض على أعمال شغب.
حرب مكلفة لإسرائيل
بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، يتكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بمئات ملايين الدولارات يوميًا جراء هذا الصراع. وحدها منظومة الدفاع الجوي (اعتراضات، بطاريات القبة الحديدية، وغيرها) تكلّف ما يصل إلى 200 مليون دولار يوميًا، مما يزيد من الضغط الاقتصادي على الدولة العبرية.
وقد تسببت الضربات الإيرانية في مقتل 24 شخصًا وإصابة المئات خلال أسبوع داخل إسرائيل. في المقابل، تفرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيمًا إعلاميًا يحول دون حصول وسائل الإعلام الدولية على الأرقام الحقيقية.
نحو تحوّل إقليمي؟
يشكّل اليوم الثامن تصعيدًا نوعيًا في مسار الحرب. فلجوء إيران إلى صواريخ متعددة الرؤوس تستهدف مناطق تكنولوجية وسيبرانية حساسة يكشف عن نية لضرب القدرات الرقمية والاستراتيجية لإسرائيل.
أما الصمت النسبي من جانب الولايات المتحدة ، فيُعدّ خروجًا عن نهجها التقليدي، ما قد يُعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. وإذا امتنعت واشنطن عن التدخل العسكري، فإن طهران قد ترى في ذلك فرصة لتعزيز جبهتها الشيعية المتمثلة في إيران وسوريا وحزب الله.
لكن في المقابل، فإن تدخّلًا أميركيًا مباشراً من شأنه أن يفتح أبواب التصعيد على مصراعيها، مع تداعيات تطال سوق النفط (الذي يشهد ارتفاعًا للأسبوع الثالث تواليًا) والأمن العالمي، خاصة في حال استهداف منشآت نووية مثل فوردو.
وبذلك، يتحوّل الصراع بين إيران وإسرائيل إلى النقطة الجيوسياسية الأكثر توترًا وخطورة في عام 2025. والعالم يترقّب قرار واشنطن الحاسم وهو يحبس أنفاسه.