منذ 10 ساعات
اتهامات لفيفا بازدواجية المعايير: لماذا تعاقب روسيا وتغض الطرف عن جرائم إسرائيل؟
أخبارنا :
تتصاعد الدعوات الدولية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لاتخاذ موقف واضح من الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، في ظل صمت وُصف بـ'المخزي' من جانب المؤسسة الرياضية الدولية، رغم ما تضمنته أنظمتها من التزامات واضحة بشأن احترام حقوق الإنسان.
وفي تقرير نُشر على منصة "كومن دريمز' الأمريكية، دعا الكاتب والأكاديمي غولز بويكوف اتحادات كرة القدم العالمية إلى "الوقوف إلى جانب العدالة والحرية، في وقت يتسع فيه نفوذ الاستبداد عالميًا'، مشيرًا إلى أن الرياضة قادرة على أن تكون منبرًا لتسليط الضوء على الظلم، بدلًا من أن تتحول إلى أداة تبييض لصورة المعتدين.
وقال بويكوف، الأستاذ المختص بالسياسة والرياضة، إن إسرائيل تمارس "فظائع موثقة ضد حقوق الإنسان' في كل من غزة والضفة الغربية المحتلة، تشمل قصف المستشفيات، وقتل المدنيين أثناء محاولاتهم جمع المساعدات، ومنع دخول الأطباء إلى غزة، إلى جانب تصعيد غير مسبوق في البناء الاستيطاني خلال السنوات الأخيرة.
واستشهد التقرير بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت وصف فيها أفعال الحكومة الإسرائيلية بأنها "جرائم حرب'، مؤكدًا أن ما يجري يتجاوز مجرد العمليات العسكرية ليشكل انتهاكًا ممنهجًا لكرامة الإنسان الفلسطيني.
وعلى المستوى الرياضي، وجّه بويكوف اتهامات مباشرة للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بتنظيم مباريات في مستوطنات مقامة على أراضٍ فلسطينية محتلة، في خرق صريح لأنظمة فيفا. كما اتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل مئات اللاعبين والمدربين الفلسطينيين، وتدمير المنشآت الرياضية بشكل ممنهج، من بينها ملعب اليرموك في غزة الذي تم تحويله إلى مركز تحقيق مؤقت.
وبينما تغيب الاستجابة من قبل فيفا، اعتبر الكاتب أن الصمت الحالي يعكس ما وصفه المفكر الأمريكي هنري جيرو بـ'عنف النسيان المنظم'، وازدواجية في المعايير. وذكّر بموقف فيفا الصارم ضد روسيا عقب غزوها لأوكرانيا، عندما قررت في فبراير/ شباط 2022، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، تعليق مشاركة الأندية والمنتخبات الروسية، مبررين ذلك بالتضامن مع الشعب الأوكراني. في المقابل، لم تُظهر المؤسسة الكروية أي تضامن مماثل مع الفلسطينيين رغم ما يتعرضون له من اعتداءات ممنهجة.
وأشار التقرير إلى أن السبب الحقيقي لتحرك فيفا تجاه روسيا لم يكن بدافع المبادئ فحسب، بل نتيجة رفض عدد من المنتخبات الأوروبية، بينها إنكلترا والسويد وبولندا والتشيك، خوض مباريات ضد الفرق الروسية، ما أجبر المؤسسة الدولية على التحرك.
وفي ما يخص إسرائيل، طالب بويكوف اتحادات كرة القدم العالمية باتخاذ موقف مشابه. ولفت إلى أن الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم كان جزءًا من الاتحاد الآسيوي قبل أن يُطرد عام 1974 بعد مقاطعة عدد من الدول لمبارياته، ليظل معزولًا حتى بداية التسعينيات حين استضافه الاتحاد الأوروبي، وأصبح عضوًا كاملًا في يويفا عام 1994.
وعقب عملية "طوفان الأقصى' في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، علّق الاتحاد الأوروبي إقامة المباريات في إسرائيل لأجل غير مسمّى، ما اضطر المنتخب الإسرائيلي إلى لعب مبارياته "البيتية' الأخيرة في المجر.
ودعا التقرير إلى محاسبة إسرائيل على خروقاتها المتواصلة لأنظمة فيفا، مشيرًا إلى أن منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش' و'فير سكوير' ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قدّمت أدلة واضحة على الانتهاكات. وطالبت هذه الجهات فيفا بتفعيل آلياته الداخلية لمحاسبة الاتحاد الإسرائيلي.
وسلط بويكوف الضوء على موقف الاتحاد النرويجي لكرة القدم، الذي عبّر مؤخرًا عن تضامنه مع الاتحاد الفلسطيني، مؤكدًا دعمه لمطالبة نائبته، سوزان شلبي، بمعاقبة إسرائيل خلال اجتماعات فيفا الأخيرة في باراغواي. وقالت رئيسة الاتحاد النرويجي، ليزه كلافينس، إن "أيًّا منا لا يمكن أن يبقى غير مبالٍ تجاه الهجمات غير المتناسبة التي يتعرض لها المدنيون في غزة'.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الرياضة يجب ألا تكون أداة لتجاوز حقوق الإنسان أو التغطية على الانتهاكات. ونقل عن المُبلغة السابقة في فيفا، بونيطا مرسيادس، قولها إن "الإصلاح الحقيقي لا يتطلب فقط أنظمة جديدة، بل قيمًا جديدة'، داعيًا فيفا إلى مواءمة شعاراتها المعلنة مع قراراتها الفعلية، وأن تكون الرياضة وسيلة لتعزيز العدالة، وليس لإدامة الصمت.