logo
#

أحدث الأخبار مع #فارماكون

"دولة فارمكون" في جرمانا.. موسيقى وفن في فرع مخابرات
"دولة فارمكون" في جرمانا.. موسيقى وفن في فرع مخابرات

المدن

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • المدن

"دولة فارمكون" في جرمانا.. موسيقى وفن في فرع مخابرات

يقول منذر ناصر، مدير نادي السينما في مدينة جرمانا، محوّراً قولا قديما لمحمود درويش: "هزمتك يا أسد الفنون جميعها". ويضيف "ما زلت أفكر في أبعاد هذا الحدث، نحن نلعب هنا، موسيقى ومسرح وفن تشكيلي، في فرع مخابرات". يشير ناصر إلى أن ناديه يشارك بعدة أفلام مختصة بالمخدرات، في مشروع "دولة فارماكون"، وهو أول الأنشطة التي يطلقها التجمع الفني في مدينة جرمانا "تراكم"، في مبادرة تستهدف استنهاض المجتمع المدني، والأهلي في تلك المدينة. يحاول هذا المشروع مواجهة حقيقة إمبراطورية "الكبتاغون" التي أقامها الأسد، والتي لم تسقط بعد، ويسعى المقيمون عليه لتحويل الصمت حول الإدمان إلى حقيقة، ومن العقاب إلى إعادة التأهيل. دولة "فارماكون" دولة "فارماكون" مشروع مجتمعي ومعرض فني، وتفكيك بصري وسياسي واجتماعي، للعلاقة المعقدة بين الحروب، وتجارة المخدرات، واستخدام الإدمان كأداة للقمع، والسيطرة… في اللغة اليونانية القديمة، تحمل كلمة "Pharmakon" معنيين متناقضين: العلاج والسم. هذه المفارقة هي جوهر هذا المعرض، كما جاء في "البوستر" التعريفي للمعرض حيث "يمكن أن يكون الشيء ذاته ونقيضه، دواءً وهلاكاً، مَهرَباً وسلاحاً". لامناص من رائحة اللوز في حي الوحدة، والذي يكاد يذكرنا بأنه موسم الربيع، ذلك ما تشعر به عندما تدخل إلى فرع مكافحة المخدرات "سابقا"، السيء الصيت في المدينة. بدأ المزاج يتبدّل، قبعات لرجال حفظ النظام، وبعض الدروع تشكّل مع أحذية سوداء بشعة، مدخل الحكاية، في محاولة للدخول بينهم، تبدأ المتاهة، موسيقى وأزهار وأبواب كثيرة، ودرج يوصلك إلى مكتب "رئيس الفرع"، كذلك شباب وفتيات بأبهى حلّة يملؤون المكان كالعرائس، فهو المعرض الفني الأول لأغلبهم. كانت أعمالهم معروضة في غرف فرع " المخابرات" هذا. يقول خالد بركة، وهو صاحب فكرة دولة "فارماكون": "لقد تحولت سوريا تحت حكم ديكتاتورية الأسد، إلى إمبراطورية مخدرات عالمية، تستخدم الكبتاغون كعملة منشطة لاقتصادات الحرب، ومصدراً غنياً لتمويل الميليشيات التي كانت داعمة لنظام الأسد، ووسيلة لتخدير الجنود، وإطالة قدرتهم على القتال". في عتمة غرف الفرع تتعلق أضواء، في السقف تكسر حاجز الإنتظار والتوجس، تحاول أن تذكر الزائرين للمركز، أنهم ليسوا في الفرع. لكن ظلام السجن يترك طعماً مرّاً كالعلقم، ليختلط هواء المساء بأبخرة سراديب ذلك المكان. عند الزوايا المعتمة وضع الفنانون تماثيل صغيرة من الجبس، تمثل معتقلين مدمنين على المخدرات، يلتفون على أنفسهم، وينامون على الأرض الباردة بدون غطاء. ويقول بركة لـ"لمدن": "بينما كان النظام السابق يجرّم استخدام تلك المواد المخدرة داخل سوريا، ويعتقل السوريين بتهمة استهلاك المادة ذاتها، كان نظام الأسد يصدّر تلك الحبوب بالملايين، عبر حدوده البرية والبحرية، باتجاه دول الخليج، وأوروبا". اللاوعي أما الفنانة التشكيلية ربا مروان قرقوط، فتحكي لـ"المدن"، قصة مشاركتها في المعرض والتي عنوانها "اللاوعي"،. وتلفت إلى أن "المدمن هو ضحية المجتمع، ومجموعة الانكسارات التي سنحاول أن نعالجها". وتضيف أن "التشققات الظاهرة على وجه المدمن في العمل، هي خيباته وآلامه، وأن رحلة التعافي ستبدأ بقرار منه بعد أن نبذه المجتمع، ومحاولات رجوعه مرة أخرى الى الحياة". وتقول قرقوط إن "المكان الذي يُقام فيه المعرض، وهو فرع مكافحة المخدرات التابع للأمن الجنائي في ريف دمشق، قد ساعدني وساعد أصدقائي الفنانين كثيراً لما أضفى على لوحاتنا جميعها، من روح الأشخاص الذين كانوا محتجزين في هذا المكان البارد، وصرخاتهم في الزنازين، إلى جانب الكتابات التي تركوها وراءهم على الجدران الرطبة المهترئة". إلى جانب لوحات الزيت والاكريليك، احتضن المركز (الزنزانات المختلفة)، منحوتات وتشكيلات، تعكس جوانب مختلفة من تجارب السجناء المدمنين الذين زاوروا هذا المكان. من بينها كانت أعمال بالتصوير الضوئي للفنان التشكيلي ربيع حيدر، عبّر فيها عن الضوء الذي يخرج من داخل زنزانة التي تركها مدمن متعافٍ، أو ربما فارق الحياة. تشكيل فني آخر لمجموعة من الأوراق البيضاء لتقارير كانت موجودة، في المكان قبل سقوط النظام المخلوع، تحمل فوقها بخفة مستغربة مجسماً لكرسي ثقيل ومتجذر، أرادت الفنانة التشكيلية، ندى عقل صاحبة ذلك العمل، أن تعيد من خلاله، مسلمة تاريخية، أن الديكتاتورية والاستبداد زائلان. يؤكد المشرفون على المعرض، على ثنائية الخير والشر والسم والترياق، والضوء والعتمة، والجريمة والعقاب، لاستخدام مركز مكافحة المخدرات في جرمانا كمساحة فنية مؤقتة، لتحويله ربما فيما بعد إلى مركز لإعادة تأهيل مدمني ومدمنات المخدرات مستقبلاً. فالإدمان يَحمل وصمة ثقيلة ومفاهيم مشوهة حيث يُنظَر إليه كمشكلة اجتماعية تستدعي العقاب وإنفاذ القانون، بدلاً من العلاج والمساعدة وتغيير نظرتنا النمطية إلى المدمن. نهاية الحلم يوحي المكان في المساء وكأنه مدينة تنفض عنها أنفاس الليل المتخمرة بروائح الدخان والمعارك، تبددها ضحكات أطفال جاؤوا أيضاً إلى المعرض، لكن أخبار الشهداء الشباب، من أهل المدينة والذين سقطوا بعد اشتباكات دامية، جاءت من المليحة، البلدة الجارة لجرمانا، عكّرت صباحات المدينة الرتيبة. بالطبع كان منشأ المخاوف، أن الأخبار التي تأتي من صحنايا والسويداء، قد تبقي "دولة فارماكون"، للقضاء على إمبراطورية الكبتاغون، مجرد حلم طوباوي بعيد المنال. فانتكاستا الساحل وجرمانا اليوم، تكادان تذهبان بسوريا الى الجحيم، ومشروع "دولة فارماكون" متوقف بعد أن كان مقرراً أن تمتد فعالياته حتى 10 أيار/مايو الجاري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store