logo
#

أحدث الأخبار مع #فرجفوده،

رسائل حب إلى فرج فودة
رسائل حب إلى فرج فودة

الوفد

timeمنذ 14 ساعات

  • الوفد

رسائل حب إلى فرج فودة

خارج السطر الأحد 08/يونيو/2025 - 07:38 م 6/8/2025 7:38:23 PM لحظات خاطفات تُغيّر تواريخ أمم وتُبدل مصائر بشر. أتتبع اللحظة الفارقة فى شارع أسماء فهمى بحى مصر الجديدة فى تمام الساعة السادس والنصف مساء يوم الثامن من يونيو الحزين، عام 1992، لأفكر كيف هيمّن الباطل على الحق؟ وكيف قننَّ الشر انتصاره على الخير؟ وكيف امتد ذلك لسنوات وسنوات؟ فى ذلك التاريخ خرج رجل مُهندم الملبس، أصلع الرأس، ظاهر السوالف، فى السابعة والأربعين من عمره، من العقار رقم 2، وإلى جواره شابان يافعان، مُتجهان إلى سيارة الأول للتحرك، عندما انطلق الرصاص فجأة من بندقية آلية لشاب ترجل فجأة من موتوسيكل أمام العقار. لم تمر بضع ثوان من دوى الرصاص، حتى سقط الهدف على الأرض، وأصيب الشابان المرافقان، وقفز القاتل فى الموتوسيكل ليقله زميله بعيدًا. هرع بعض الجيران للضحية، وطلبوا له الإسعاف، واختطف حارس العقار مفتاح سيارته، ليطارد القاتلين، ويصدم الموتوسيكل الذى يقلهما ليُسقطه ويتم الإمساك بأحدهما. فى مستشفى الميرغنى خضع المُستهدف لمحاولات إنقاذ، وظل لست ساعات يتنفس قبل أن تصعد روحه إلى بارئها، بينما تمكن الأطباء من إنقاذ مرافقيه. كان هدف العملية هو الدكتور فرج فوده، المفكر الليبرالي، وصاحب المشروع الفكرى الأهم فى التصدى للإسلام السياسي، وكان رفيقاه هما ابنه أحمد، وتلميذه وحيد رأفت، بينما أمكن التعرف على القاتلين فيما بعد وهما عبد الشافى رمضان، وأشرف صالح، بتمويل من أبوالعلا عبدربه. سُئل الجناه عن سبب القتل، فأجابا «تنفيذًا لشرع الله فى المرتد»، وسئلا عن سبب اعتقادهما بكفر فرج فوده، فأجابا بأن عمر عبدالرحمن ومشايخ الدين أفتوا بذلك. وسئلا إن كانا قد قرأ شيئًا للرجل، فنفيا مُطلقًا. أعدما عبدالشافى رمضان، وأشرف صالح القاتلين الرئيسيين، بينما سُجن أبوالعلا عبدربه، محرضهما وممولهما، حتى أفرج عنه فى ذروة المد المتأسلم عام 2012 بقرار من رئيس الجمهورية، ثُم غادر مصر لينضم إلى داعش ويقاتل فى سبيل الشيطان، ليلقى مصرعه. لعقود طويلة ظل وصم فرج فوده بالكفر والمروق لأنه واجه التيار الدينى بضراوة وبمنطق وعقلانية. انتصر فوده على المتأسلمين فى مناظرة شهيرة بمعرض الكتاب قبل شهور من استشهاده، وأخرى بنقابة المهندسين حينما أكد أنه لا يوجد نموذج لحكم إسلامى رشيد، وأن الإسلام ليس ديناً ودولة كما يردد الإخوان وأشياعهم. فنّد الرجل ادعاءات «اليوتيوبيا» المروج لها بين الشباب، وكشّف عن أن الإسلام دين رحمة وعدل ونفع للبشر، وأن العلمانية ليست رفضًا للدين، وإنما تنزيهاً له. وعلى مدى سنوات طويلة حاول معسكر القتلة تغليب روايته بكفر فوده فكتب أحدهم كتابا بعنوان «من قتل فرج فوده؟» انتهى فيه إلى أن فرج فوده هو مَن قتل فرج فوده، كأن التفكير والبحث والكتابة أعمال مرجومة ومشينة وموجبة للهلاك. شنّعت صُحف صفراء وسوداء وحمراء على الرجل وأسرته، فزعموا مآلات كاذبة لأبنائه، وفبركوا حكايات مُهينة عنه، وادعوا وزيفوا وحرفوا أقواله، رغم أن كُتبه ومقالاته موجودة وباقية، لكنهم استغلوا أن أحدا لم يكن يقرأ. فى ذروة الاستقطاب المتأسلم وموسم تفتت الدول رأينا بعض ما حذّر منه فرج فوده فى كتبه «النذير»، «الملعوب»، «حوار حول العلمانية»، وغيرها وعرفنا قيمة الرجل ونقاءه ودأبه للدفاع عن الإسلام وتنزيهه وحمايته من استغلال الجماعات المتأسلمة له فى لعبة السياسة. أكد فرج فودة أن الإسلام على مفترق طرق. فأمامه طريق الدم نتيجة للجهل وضيق الأفق ولانعدام الاجتهاد المستنير، وطريق النور، حيث يمكن أن يلتقى العصر والإسلام، وسبيله الوحيد هو الاجتهاد المستنير، والقياس الشجاع والأفق المتنور. ولا شك أن المعركة لم تنته بعد بين الطريقين، فثمة أجيال جديدة أكثر انفتاحًا وتحررًا وميلًا للعقلانية وحرصًا على التعلم والبحث والتفكير تُعيد قراءة فرج فودة، وتُقدر عطاءه، وشجاعته، ولا شك أنها تنظر باستغراب وتأفف وازدراء لمعسكر القتلة. ففى ذكراه الثالثة والثلاثين نبعث له برسائل حُب وتقدير وامتنان. والله أعلم. ‏mostafawfd@

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store