أحدث الأخبار مع #فهدعبدالرحمنبادار


صحيفة الشرق
منذ 8 ساعات
- أعمال
- صحيفة الشرق
الخليج في قلب السياسة الخارجية الأمريكية
519 فهد عبدالرحمن بادار A+ A- يتوافق الأسلوب الشخصي للرئيس دونالد ترامب مع أسلوب دول الخليج؛ فهو يفضّل إبرام الصفقات بشكل مباشر مع القادة الأقوياء، ويشعر بالارتياح تجاه الاستثمارات الضخمة. ومن الواضح أنه يشعر بالراحة في هذه المنطقة، التي اختارها لتكون وجهة أول جولة رسمية له إلى الخارج منذ تنصيبه في شهر يناير الماضي. ومع ذلك، سيكون من الخطأ افتراض أن جولة ترامب إلى منطقة الخليج في منتصف شهر مايو الجاري، التي شملت القيام بزيارة إلى قطر، كانت تدور في معظمها حول المظاهر والبروتوكولات أو المجاملات، أو حتى أنها كانت مجرد زيارة لإبرام الصفقات التجارية. فقد ناقش الرئيس الأمريكي قضايا دبلوماسية واستراتيجية حيوية، في الوقت الذي حظيت فيه الصفقات الاقتصادية التي أبرمها مع دول المنطقة بأهمية كبيرة. وكان من بين الأهداف الاستراتيجية للرئيس ترامب تقليص الالتزام الأمني للولايات المتحدة ونفقاتها الخارجية. ولكي يكون هذا الأمر فعالاً، من الضروري وجود شركاء موثوقين للولايات المتحدة. وتُقدّر إدارة ترامب دور القادة السعوديين والقطريين في الوساطة بين الأطراف المتنازعة في إسرائيل وغزة، وبين أوكرانيا وروسيا. وكان من أبرز العناوين الدبلوماسية لهذه الزيارة إعلان الرئيس ترامب عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد 45 عامًا، وهو ما أثار أجواء من الاحتفالات داخل سوريا . وقد جاء هذا القرار بعد أن بادرت دول الخليج بالاعتراف بنظام الرئيس أحمد الشرع. وصدر هذا الإعلان بعد محادثات أجراها الرئيس ترامب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكذلك، فإن الصفقات التجارية التي جرى الإعلان عنها خلال جولة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط كانت ضخمة. فقد أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن طلبية طائرات هائلة مع شركتي بوينغ وGE، تتضمن اتفاقية بقيمة 96 مليار دولار لشراء ما يصل إلى 210 طائرات بوينغ 787 دريملاينر و777X، تعمل بمحركات من إنتاج شركة GE، حسبما أعلن البيت الأبيض. وتُعد هذه أكبر طلبية طائرات عريضة البدن في تاريخ شركة بوينغ، وأكبر طلبية لطائرات 787 على الإطلاق. وكان من الأمور المهمة أيضًا تعزيز الروابط بين الولايات المتحدة ودول الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا وثيقة الصلة، فقد رافق الرئيس ترامب خلال زيارته أهم قادة الأعمال في الولايات المتحدة، بما في ذلك قادة قطاعي الاستثمار والتكنولوجيا. وقد وقّعت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اتفاقيات تتيح لهما إمكانية الوصول إلى الرقاقات المتطورة التي تُنتجها شركتا إنفيديا وAMD، واللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وأكد جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، خلال الزيارة أن الشركة ستبيع أكثر من 18,000 من أحدث رقاقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لشركة هيوماين السعودية. وتدخل هذه الاتفاقية في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الشركتين، حيث تستثمر شركة هيوماين السعودية فيما تصفه الشركتان بمراكز بيانات "فائقة الحجم" تهدف إلى توفير بنية تحتية أساسية لتدريب ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي السيادية على نطاق واسع بغرض تمكين الشركات في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول من "تسريع وتيرة الابتكار والتحول الرقمي". وألغت إدارة ترامب قانون التوزيع الذي فرضته إدارة بايدن، والذي كان يقيد تصدير الرقائق المتطورة إلى دول الشرق الأوسط، بهدف الحد من الانتشار المحتمل للتكنولوجيا الأمريكية بين أعداء الولايات المتحدة. وقد تراجع هذا الخطر مع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والرقائق الصينية بشكل مماثل، واحتمال مساهمة قيود التصدير في حصول دول المنطقة على هذه التكنولوجيا من الصين بدلاً من الولايات المتحدة. وستوفر شركة AMD رقاقات وبرامج لمراكز البيانات في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في مشروع بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، وفقًا لإعلان مشترك صادر عن شركتي هيوماين وAMD. وتم الكشف عن المرحلة الأولى من مشروع بناء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 5 جيجاوات في أبوظبي، وهو المجمع الأكبر خارج الولايات المتحدة. ومن المهم أن الرئيس ترامب جعل دول الخليج وجهته الأولى في زيارته الرسمية، بدلاً من الدول الغربية مثل كندا والمكسيك أو الدول الأوروبية التي كانت من أولويات الرؤساء السابقين للولايات المتحدة. ولم يزر ترامب إسرائيل خلال هذه الجولة، وهو ما يدل على أنه يعتبر دول الخليج ذات أهمية جوهرية، سواء من حيث التحالف الاستراتيجي أو الفرص الاقتصادية.


صحيفة الشرق
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الشرق
الدولار في مهبّ السياسات المتقلبة
192 فهد عبدالرحمن بادار شهد الشهر الماضي تقلبات جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة. فقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكلٍ مفاجئ عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على شركائه التجاريين، ثم علَّق معظمها في استجابة للضغوط المفروضة على عوائد السندات، وفي أعقاب التحذيرات التي صدرت من تجار التجزئة الأمريكيين من إمكانية نفاد المعروضات على رفوفهم بسبب احتمال حدوث صدمة في الإمدادات. ومن المرجح أن تكون هناك عواقب لهذا الأمر على قطاعيَّ التمويل والتجارة، وستكون هناك آثار طويلة الأجل حتى لو تم إلغاء الرسوم الجمركية قريبًا أو في ظل وجود رئيس مختلف. ولعقود طويلة، ظلّ الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية المهيمنة والعملة الرئيسية للمعاملات الدولية. وقد وُصف هذا بأنه «امتياز باهظ»، إذ يسمح بالاقتراض بتكاليف منخفضة ويمكّن واشنطن من ممارسة ضغوط سياسية من خلال العقوبات المالية. لكن فريق الرئيس ترامب يرى فيه مشكلة أيضًا، إذ إنه يزيد القوة الشرائية داخل الولايات المتحدة، ولكنه يرفع تكلفة الصادرات، وهو ما يُساهم في حدوث عجز تجاري كبير مع بعض الدول، ولا سيَّما الصين. لذا، هناك مبررٌ لفرض تعريفاتٍ جمركيةٍ مُستهدفةٍ وخفض قيمة العملة. ولكن أسلوب ترامب في تغيير السياسة المُتّبعة منذ زمن، من خلال التهديد بفرض تعريفاتٍ جمركيةٍ باهظةٍ للغاية، وعواقبَ سلبيةٍ أخرى على الدول التي لا تُطيع أوامره، وشن هجمات كلامية على حلفائه السابقين، وإحداث تغييرات مُتكررة في السياسات، قوّض الثقة في المؤسسات المالية الأمريكية. فقد انخفضت قيمة الدولار، الذي يرتفع عادةً في أوقات عدم اليقين، وارتفع سعر الذهب، وهو ما جعل الناس يبحون عن بدائل آمنة. ولا يزال الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية، حيث يُمثل نسبة 57 % من الاحتياطيات الرسمية، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي، و49% من مدفوعات السويفت الدولية في عام 2024. وهذا يتجاوز بكثير حصة الاقتصاد الأمريكي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، والتي تبلغ حوالي 26%. وكانت التغييرات التي أحدثتها إدارة ترامب مُزلزلة. ولسنوات طويلة، استغلت الولايات المتحدة امتيازها الباهظ للاقتراض بتكاليف زهيدة وتحفيز النمو، بما في ذلك الارتفاعات الهائلة في قيم الأصول. وقد أدى ذلك إلى إثراء العديد من الأسر والمستثمرين والشركات، لكنه زاد من التفاوت بين من يملكون الأصول ومن لا يملكونها. وتشهد مستويات الاقتراض الحكومية والمؤسسية ارتفاعًا ملحوظًا، مما يُشكل مصدر خطر مُتأصل على الاقتصاد الأمريكي. وعلى الرغم من رغبة الرئيس ترامب في خفض قيمة الدولار، إلا أنه يسعى أيضًا إلى الحفاظ على مكانته المرموقة. وقد هدد بالرد على من لا يستمر في استخدام الدولار كعملة احتياطية. وقد يكون من الصعب تحقيق هذين الهدفين، وهما خفض قيمة الدولار واستمرار الهيمنة المالية في الوقت نفسه، وهناك دلائل على أن سياسة التهديد قد تأتي بنتائج عكسية. ولا يوجد حاليًا بديل واحد مقنع للدولار، لكن هذا لا يعني أن الوضع سيبقى على حاله إلى أجل غير مسمى. وقد يكون هناك إعادة توازن سليمة، مع تزايد استخدام اليورو وغيره من البدائل، مع فقدان دول العالم لثقتها في صناعة السياسات والمؤسسات الأمريكية. لذا، قد يكون هناك خلل تدريجي في هيمنة الدولار، بدلاً من حدوث تحول مفاجئ. وهناك تطوران ناشئان يستحقان المتابعة يعود تاريخهما إلى ما قبل فترة الرئاسة الثانية لترامب، ولكن سياساته قد تشجع على استخدامهما على نطاق أوسع. والتطور الأول هو نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود الصيني (CIPS). ويضم هذا النظام 160 عضوًا، وقد زاد حجم المعاملات بنسبة 80% منذ عام 2022. أما التطور الثاني فهو منصة mBridge، وهي عملة رقمية تربط البنوك المركزية في الصين وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وتايلاند. إضافةً إلى ذلك، أصبح اليورو الآن منطقة عملة كبيرة ناضجة، وتُجرى حوالي 22% من المعاملات الدولية باليورو، مع أن هذا يشمل المعاملات داخل الاتحاد الأوروبي. ويُعادل حجم اقتصاد الاتحاد الأوروبي حجم اقتصاد الصين. ورغم أن التهديدات الصادرة عن البيت الأبيض تفوق التشجيع، وتقلبات صنع السياسات، إلا أن الثقة في المؤسسات الأمريكية قد تستمر في التراجع. وقد تساهم سياسات الرئيس ترامب في ابتعاد المزيد من المعاملات التجارية والاستثمارية والاحتياطيات بعيدًا عن الدولار، ليس في موجة مفاجئة، بل من خلال آلاف القرارات الاقتصادية على مدى السنوات القادمة. مساحة إعلانية