logo
#

أحدث الأخبار مع #قصة_قصيرة

مصطفى الضبع: كثير من النقاد يفتقر إلى الذائقة والعمق
مصطفى الضبع: كثير من النقاد يفتقر إلى الذائقة والعمق

الشرق الأوسط

timeمنذ يوم واحد

  • ترفيه
  • الشرق الأوسط

مصطفى الضبع: كثير من النقاد يفتقر إلى الذائقة والعمق

صنع الدكتور مصطفى الضبع اسمه بوصفه واحداً من أهم النقاد والأكاديميين المصريين، عبر كثير من الكتب والدراسات النقدية، وأشهرها «استراتيجية المكان» و«فلاح الرواية - رواية الفلاح» و«سردية الأشياء» وغيرها من الكتب المهمة، كما أن له حضوراً كبيراً في المشهد النقدي، عبر ما يقدمه في الندوات والمؤتمرات، حتى صفحته على موقع التواصل الاجتماعي حوَّلها إلى ما يشبه منتدى مفتوحاً، يقدم فيها دائماً الكثير من الأطروحات النقدية والبحثية، فضلاً عن تقديمه نصائح للباحثين الشبان، وملاحظات على الحالة الأكاديمية المصرية. في كتابه الأخير «كلمات متقاطعة» يبتعد قليلاً عن النقد، ويستعيد المبدع القديم داخله، مستأنفاً شغفه بكتابة القصة القصيرة، بعد أن طغى عليها العمل النقدي والأكاديمي لسنوات طوال. عن هذه العودة للإبداع، ورؤيته للمشهد النقدي والإبداعي، ومشكلات الجامعات والبحث العلمي كان لنا معه هذا الحوار. * كتابك الأحدث «كلمات... متقاطعة» مجموعة قصصية وليس كتاباً نقدياً... ما الذي أيقظ المبدع القديم الآن وأعاده رغم مرور الزمن؟ - المبدع لم ينم، ولم يغيِّر قناعاته بأن نصاً واحداً إبداعياً تجاوز قيمته ومساحة بقائه عشرات الكتب النقدية. ما حدث أن العمل الأكاديمي أولاً، والمشروعات النقدية، كانت تفرض نفسها بقوة الواقع. مثلاً، مشروعات الببليوغرافيات محاولة لسد النقص في قواعد البيانات المفتقر إليها في العمل الأكاديمي العربي، لذا كان لا بد من تأسيس المشروع، وهو ما يتطلب جهداً مضاعَفاً. دخلتُ الحياة الثقافية مبدعاً (أول مجموعة قصصية 1992). ومع بداية الرحلة الأكاديمية، كان لا بد من التخطيط لمشروع الناقد الذي وجدتني مطالَباً بالقيام به، فلست أقرُّ بأستاذ الجامعة الذي يتقوقع داخل قاعة الدرس. لذا، كان عليَّ العناية بالناقد زمناً على حساب المبدع، مع الأخذ في الاعتبار أن الناقد المبدع له فتوحاته الواضحة، في مقابل الناقد غير الممتلك ذائقة المبدع أولاً، ومنهجية الناقد ثانياً. * لك كتاب شهير بعنوان «استراتيجية المكان»... كيف ترى تأثير المكان عليك أنت شخصياً في تنقلاتك وتحولات شخصيتك النقدية؟ - الأمكنة تصنعنا ولا نصنعها، نحن صنيعة أماكننا بمجالاتها الحيوية (البشر، والثقافة، والطبيعة)، فلكلِّ مكان مجاله الحيوي المؤثر. عبر حياتي تحركت في ثلاث دوائر مكانية كبرى: نشأت في بقعة هي الأجمل في حياتي بطبيعتها وناسها وثقافتها، ثم انتقلت إلى القاهرة بكل نتاجها الفكري والمعرفي والثقافي. القاهرة مدينة صانعة الأقلام والمفكرين والمبدعين. ثم الدائرة المكانية الثالثة التي أعايشها الآن في تجربة جديدة وثرية (مدينة الدمام في المملكة العربية السعودية)، المدينة قدمت لي الكثير من الخبرات والمعارف والتجارب الإنسانية. وبعد هذا الزمن أظل مشدوداً إلى الدائرة الأولى، وربما لعبتْ الدائرة الثالثة دور المحفز للارتباط بموطن النشأة، حيث الشعور بالغربة حيناً، والابتعاد عن الموطن يجعلك أكثر تحفزاً وأشد حنيناً، كما أنه منحني مساحة من الوقت أستثمرها في الإنجاز. الدوائر كلها تترجم نفسها عبر الكتابة، ولديَّ اعتقاد راسخ ويقينيّ بأن الأفكار كالبشر؛ تولَد في مكان مقدَّر لها، لذا فإن كل مكان أذهب إليه هو مكان إنتاج، فالفكرة التي وُلدتْ في مكان ما، ما كان لها أن تولد في مكان آخر. * بدأت حياتك الأكاديمية ناقداً متخصصاً في الرواية... فلماذا اتجهتَ الآن إلى التركيز أكثر على الشعر والقصة القصيرة رغم حالة الإبداع الروائي اللافتة حالياً؟ - أولاً؛ لأني أضيق بالتخصص في حدوده الضيقة، وأؤمن بمقولة العقاد: «المتخصص نصف إنسان». ثانياً؛ لأن علاقتي بالتراث العربي، ومكاشفتي لتجارب الكُتاب الموسوعيين، وضعتني في مساحة الاقتداء أو محاولة الاقتداء بهم. ثالثاً؛ بسبب متابعتي (من خلال المشروع الببليوغرافي) لما وصل إليه الإنتاج النقدي، وهو ما يتبلور في مظهرين أساسيين: أحدهما العبور إلى الأنواع الأدبية الأخرى في محاولة للإنجاز أو لِنَقُلْ رأب الصدع. والآخر أكاديمية النقد العربي، التي أسستها منذ شهور، لتحقيق الهدف ذاته (المراجعة، وطرح المنجز على أُسس علمية لصناعة أجيال من النقاد قادرة على الإنجاز). * عملتَ على مشروع نقدي كبير عن حضور النيل في الأدب... ما الذي وصل إليه هذا المشروع؟ - المشروع معنيٌّ بجمع تراث النيل وتقديمه مكتوباً عبر الدراسات المتنوعة، ومرئياً عبر «يوتيوب». لديَّ الآن مادة ضخمة: الكتب المؤلَّفة عن النيل، والإبداع الخاص بالنيل، شعراً ونثراً، ولوحات تشكيلية، خصوصاً ما رسمه المستشرقون، والأغنيات، والأفلام السينمائية، وغيرها، قدمت منها نحو 100 حلقة عبر «يوتيوب»، وأستعد لتقديم سلسلة أخرى أكثر تطوراً لتكون أليق بالنيل العظيم. الهدف من المشروع يتحقق عبر ثلاثة أهداف: الأول حفظ تراث النيل للأجيال. والثاني خدمة النقد عبر تحليل نصوص بصرية وسمعية ومقروءة. والثالث وضع ببليوغرافيا تكون بمثابة قاعدة بيانات يهتدي بها كل بحث يستهدف دراسة النيل أو الكتابة عنه. * تعمل الآن على عمل بانوراما للأدب في محافظات مصر... ما الذي دفعك إلى هذا المشروع؟ - عدة أسباب؛ أولها غياب المؤسسة، وأعني المؤسسة المشروع وليست المؤسسة «الشو» أو اللقطة أو الأنشطة السطحية. وثانياً غياب دور الجامعة في محافظات مصر، يكفي أن تقف على مساحة اتصال الجامعة وانفتاحها على الساحة الأدبية في إقليمها. هناك حركة أدبية في كل محافظة مصرية وأيضاً هناك جامعة، ولكنهما لا يلتقيان. ثالثاً بسبب غياب المشروع النقدي المنظم للمتابعة النقدية، وهو مسؤولية الصحافة الأدبية في المقام الأول. * لماذا تهوى دائماً العمل على موسوعات كبرى تحتاج إلى وقت ومجهود يهرب منه كثيرون لأن أثرها ليس سريعاً ولا تجلب شهرةً أو مجداً؟ - لأني لا أبحث عن الشهرة أو المجد؛ الشهرة مؤقتة، والمجد لا يتحقق بعمل واحد، فهو نتاج مشروع ممتد. ثانياً: لا يمكننا تطوير العلم إلا بمراجعة منجزه السابق، وللأسف ليست لدينا مشروعات أكاديمية تنجز قواعد بيانات معرفية لما هو منجَز، لذا يعاني البحث العلمي من التكرار بسبب ذلك، المنطقي أن تكون هناك قواعد بيانات موسوعية يمكن للباحث العربي أن يتابع من خلالها كل ما أنجزه السابقون؛ فالبحث العلمي خاصة والكتابة عامة تبدأ من حيث انتهى الآخرون. ثالثاً: لأن المؤسسات تفتقر إلى الأفكار الفعالة في هذا الاتجاه، لذا لجأتُ إلى العمل المنفرد إيماناً بالحكمة الصينية «أنْ تُشعلَ شمعة خير من أن تلعن الظلام»، وفي ظل غياب المشروعات الأكاديمية الكبرى يكون على الأفراد تحمل العبء لتقديم ما يمكنهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. رابعاً: المشروع الأبقى هو المشروع القادر على تقديم خريطة موسوعية لمجال ما أو تخصص ما. * بصفتك أكاديمياً، وكثيراً ما تستغل صفحتك على «فيسبوك» وتوجه ملاحظات إلى الباحثين في الجامعات... ما الذي حدث للجامعات والبحث العلمي في مصر، خصوصاً في حقل النقد الأدبي؟ - حوَّلت صفحتي على «فيسبوك» إلى دار نشر، فكل ما أكتبه من سلاسل هي كتب تنشَر مسلسَلة، وفي مقدمتها مجموعاتي القصصية، ففي ظل غياب المشروع النقدي من أجندة المجلات الأدبية والثقافية، وفي ظل انتشار سطحية المقالات النقدية، لم يبقَ سوى الاكتفاء بمساحة أجتهد أن تكون فاعلة ومضيئة. الذي حدث في الجامعات كارثيٌّ. أسبابه نعلمها، ونتائجه نتغاضى عنها (والعكس بالعكس). طالب الأمس الضعيف والسطحي أصبح أستاذ اليوم، ذلك الذي يُخرِّج أجيالاً من الباحثين، ويحكِّم في جوائز. يمكنك النظر إلى أقسام اللغة العربية أولاً، وأقسام اللغات المختلفة ثانياً، وجميعها معنية بدراسة الأدب بلغاته المختلفة، كيف حالها؟ وماذا تقدم من نتاج علمي؟ منطقياً -وهذا أضعف الإيمان- أن كل جامعة يخرج منها ولو ناقد واحد، أستاذ حقيقي ولو كل خمس سنوات، فأين هؤلاء؟ آفتان ضربتا النقد الأدبي في الجامعات: الأولى غياب الذائقة وسطحية المنتج، والأخرى السرقات العلمية. * بصفتك ناقداً، ما رأيك في ظواهر مثل «البيست سيلر» وكثرة الجوائز الأدبية وما أفرزته إيجاباً وسلباً؟ - ظاهرة «البيست سيلر» لا تصنع أديباً، وهي ظاهرة مزيَّفة، وأعرف كيف يديرها الناشرون. أما كثرة الجوائز، فكان من المفترض أن تكون ظاهرة صحية، ولكنها فقدت كثيراً من منطقيتها لأسباب عدة من أبرزها التحكيم؛ التحكيم هو الحلقة الأضعف في كثير من الجوائز. سأضرب لك مثالاً هو ليس فرداً: عندما تجد باحثاً أول رواية قرأها في حياته هي الرواية التي قرر الاشتغال عليها في رسالته العلمية أو بحثه الأكاديمي، أو أول رواية قرأها في حياته هي الروايات التي يكلَّف بتحكيمها في واحدة من الجوائز... بالله عليك كيف سيكون وضعه مع التحكيم؟ أعني تحكيم الجوائز أو تحكيم رسالة علمية أو الإشراف عليها! تاريخ قراءة الشعر لدينا متحقق مع الجميع بحكم دراستنا للشعر عبر كل مراحل الدراسة، لكن الأمر يختلف تماماً في الرواية. في حالة الشعر ربما لا يكون الباحث مطالباً بتوسيع دائرة معرفته بالشعر العالمي مثلاً، لكن في الرواية إنْ لم تكن دائرة وعيك منفتحة على الرواية في دوائرها الثلاثية: محلياً وعربياً وعالمياً، فلا يمكن أن أعوِّل عليك في التعامل النقدي مع رواية. وهذا واحد من أسباب ضعف نقد الرواية وضعف التعامل معها أكاديمياً. * كيف ترى المشهد الأدبي والنقدي حالياً سواء مصرياً أو عربياً؟ - المشهد ليس بخير (تعبير مخفف عن تعبير: المشهد كارثي)، ففي ظل غياب النقد والمراجعة تفشَّت عدة ظواهر (كارثية): أولاها ضعف المنتج الأدبي المروَّج له، في معظمه ضعيف المستوى إلى حد كبير. وثانيتها غياب النقد وافتقار كثير من النقاد (سمِّهم هكذا مجازاً) إلى الذائقة والعمق. وثالثتها غياب المشروع النقدي ممتد الأثر، وهو ترجمة لغياب المؤسسة الثقافية القادرة على تقديم مشروع يليق باللحظة التاريخية.

إنسانيتنا السائلة!
إنسانيتنا السائلة!

البيان

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البيان

إنسانيتنا السائلة!

من هو أنطون تشيخوف؟ تقول دوائر المعرفة والقواميس إنه كاتب وروائي روسي ولد في العام 1860، وتوفي مطلع القرن العشرين وتحديداً عام 1904، لقد ولد وعاش في قرنين فاصلين في مسيرة التاريخ البشري، وتحديداً في عمر الأدب الروسي العظيم، يُعتبر من أعظم كُتّاب القصة القصيرة في الأدب العالمي، ومن لم يقرأ شيئاً من أدب تشيخوف فقد فاته الكثير من متعة القصة القصيرة الحقيقية كما كتبها هذا المؤسس الفذ، ومن جاذبية البساطة والواقعية والعمق النفسي الذي تميز به. كان طبيباً إلى جانب كونه كاتب قصة، وكان لأعماله تأثير كبير على الأدب الحديث. سيستوقفك تشيخوف وهو يقول في واحدة من أشهر قصصه «عليك أن تعلم علم اليقين بأن المرء يخوض صراعاً بينه وبين نفسه كل يوم، مع ألف هم، وألف حزن، ومئة ضعف ليخرج أمامك بكل هذا الثبات»، وما إن تبحر في عوالمه، تجد في كل قصة وموقف وحوار هناك التماعات ذكية لا تخطر إلا على بال مبدع حقيقي، لا يكتب لأجل الكتابة، ولا يكتب أي كتابة، هناك ذكاء حاد في تكوين الموقف وكتابة الحوار وبناء الشخصية، وتركيب الحدث ووضع الفكرة ابتداء! في الكثير من قصصه هناك نساء عائقات وساذجات ومظلومات، خادمات حمقاوات، وفلاحات مستسلمات لأسيادهن، يستحضرهن بسلاسة، ويستنطق الحماقة التلقائية الكامنة فيهن، ثم فجأة تجده يستل لغته ومنطقه وحججه وكراهيته للخنوع والظلم فيبث كل هذا فيهن، إنه الأدب لأجل الإنسان والكتابة كتشريح للواقع ووضعه في مرآة العدالة الإنسانية. عبارة تشيخوف تحكي واقعنا الحياتي، الذي نعيشه كل يوم، في الشارع والعمل والبيت والعلاقات الشخصية والوظيفية.. فكلنا نجابه الظروف والمواقف بثبات أو محاولة الثبات، وأمام الهموم والأزمات والمصاعب التي نعبرها كل يوم نخرج من بيوتنا بقوة الإرادة وإرادة الحياة لكن الآخر الذي لا يختلف عنا كثيراً هو أكثر من يظن أننا أشخاص خارقون فيضرب بما فينا عرض الحائط بنزق وجهل! نحتاج لأن نتوقف قليلاً، أن نفكر بأن الآخرين يعبرون الظروف القاسية التي نعبرها نحن، وربما بشكل أشد وطأة، نحتاج لأن نراجع حالة إنسانيتنا ولو قليلاً!

قصة الأخ الأكبر وإخوته في ظل الأب للأطفال من سن 5 حتى 9 سنوات
قصة الأخ الأكبر وإخوته في ظل الأب للأطفال من سن 5 حتى 9 سنوات

مجلة سيدتي

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مجلة سيدتي

قصة الأخ الأكبر وإخوته في ظل الأب للأطفال من سن 5 حتى 9 سنوات

القصة القصيرة أو حكاية قبل النوم المصورة هي أقرب طريق لقلب الطفل، لهذا تنتهزها الأم والجدة فرصة لتبث فيها خبرتها، حكمتها، نصائح وتوجيهات غير مباشرة، تحمل في ثناياها العبرة والتوجيه والقيم، وربما كان هدفها تصليح لعادات وسلوكيات غير مرغوب فيها. وقصة اليوم من أجمل ما قرأت، وتحكي عن: الأخ الأكبر "ظل الأب" وإخوته، وبين أحداثها تشرح الجدة قيمة الأخوة والعلاقة الطيبة التي يجب أن تجمع بينهم؛ فالصغير تُلبَّى له طلباته وعليه أن يحترم الكبير، والأكبر عليه أن يتحلى بالصبر وطول البال، وأن يقدم العون لكل صغير، فيكون أشبه بـ"ظل الأب" في المنزل حالة غيابه، وللأخت يكون لها السند والصخرة التي تستند عليها وقت الشدة، وهكذا تمضي الأحداث في القصة. قصة الجدة: تبدأ الجدة الحكاية وتقول: في أحد الأحياء القديمة، حيث تتشابك الأزقة وتنتشر رائحة الخبز الطازج، وتسمع من النوافذ أصوات الراديو القديم يذيع أخباراً متنوعة، عاش الأب شاكر مع أسرته الصغيرة، وهو رجل خمسينيّ، له هيبة في صمته أكثر من هيبة الصوت، يعمل في وظيفة إدارية مرموقة، وكان معتاداً أن يُعامل باحترام أينما ذهب. في البيت كان للأب شاكر الكلمة الفصل، لا يُجادله أحد، ولا يقابل إلا الهدوء الذي يخيّم على وجوه أطفاله عند حضوره، والأب شاكر له أربعة أولاد: سليم الابن الكبير الذي تجاوز السادسة عشرة، ثم يوسف ذو الحادية عشرة، تليه ليلى وريم، وكان سليم شاباً مختلفاً عن باقي إخوته، وعن كثير من أصدقائه، يحمل في عينيه اتزاناً أكبر من عمره، ودفئاً في صوته يضفي الطمأنينة على قلوب إخوته. علمي طفلك كيف يتعامل مع أجداده؟ تابعي التفاصيل قراءة لريم الصغيرة: لم يكن صوت سليم يعلو في البيت، لكنه كان حاضراً في كل زاوية؛ نراه في المطبخ يساعد ليلى على إعداد طعامها المفضل، ويتواجد في غرفة يوسف ليشرح له مسائل الرياضيات المعقدة، وعلى سرير ريم الصغيرة يقوم ب قراءة حكاية قبل النوم. رغم كل هذه المساهمات، كان شاكر الأب يتجنّب الاعتراف الصريح بدور سليم؛ والسبب أنه كان يحب أن يراه كابنٍ، وطالب للعلم في صفه يركّز على مستقبله، لا أن ينشغل مع إخوته في مهام يعتبرها "ليست من اختصاصه". ولهذا كثيراً ما كان يردّد: "الأخ الكبير لا يعني أنه أب، أنتم جميعاً مسئولون بالتساوي، لا تُثقلوا عليه بأدوار ليست له، وكان سليم يسمع ويصمت، ومرات يبتسم في وجه أبيه احتراماً، لكنه كان يشعر في داخله بغضب وانكسارٍ لا ينطق به. وفي إحدى الليالي، وبينما كان الأب شاكر عائداً من عمله متعباً، دخل إلى البيت ليجد سكوناً غريباً؛ لم يسمع صوت ضحك ليلى، ولا صراخ يوسف المعتاد، ولا ضوءاً منبعثاً من المطبخ. بكاء الصغيرة: إنما سمع ريم تبكي في الغرفة، وسليم يحاول تهدئتها بينما يوسف يبحث عن دفتره المفقود، هنا قال بانزعاج: "ما هذه الفوضى؟ أين أمكم؟ ولماذا لا تُنجزوا واجباتكم؟!". أجاب سليم الذي بدا عليه الإرهاق بهدوء: أمي في المستشفى، منذ الظهيرة، وريم تعاني من حرارة، وكنت معها طوال الوقت، حدّق شاكر الأب في سليم ولده الأكبر للحظة، ثم قال ببرود: "ولِم لم تُخبرني؟" "اتصلنا بك، ولكن هاتفك كان مغلقاً"، واكتفى الأب بالصمت ودخل غرفته دون تعليق. مرت أيام بعد تلك الحادثة، ولازالت الأم مريضة بالمستشفى، وبدأت الأمور تتغير ببطء، لاحظ الأب أن أولاده يتوجهون دائماً إلى سليم قبل أيّ قرار؛ يوسف لا ينام دون أن يراجع دروسه مع أخيه، وليلى لا تأكل إلا إذا جلس سليم بجانبها، حتى ريم، كانت تبدأ البكاء إن غاب وجه سليم عن غرفة النوم. في إحدى الليالي، عاد الأب إلى المنزل متأخراً، وكان سليم نائماً على أريكة غرفة الجلوس، وبين ذراعيه ريم نائمة أيضاً، نظر الأب إليهما طويلاً، ثم جلس بهدوء على طرف الأريكة، يُراقب تنفّسهما المتناغم، وكأنّ العالم كله اختصر في هذا المشهد. واجبات الأخ: حينها، بدأ الأب يُدرك ما فاته، تذكّر كيف كان البيت منتظماً دائماً، كيف لم يسمع شكوى من أحد خلال الأسابيع الماضية، رغم انشغاله التام ما بين زيارة الأم بالمستشفى وواجبات عمله. وبدأت الصور تتسلل إلى ذهنه؛ سليم وهو يحضر الإفطار، يساعد في حلّ الواجبات المدرسية ، يربت على كتف يوسف عند الفشل، يمسح دموع ريم بعد الكوابيس. بدأ الأب شاكر يشعر بالذنب، وكأنّ شيئاً داخله يُعاتبه: "كم مرة نظرت إليه ولم ترَه؟ كم مرة شكرته في قلبك، وبخلت بكلمةٍ واحدة ترفع عنه الحمل؟" في صباح اليوم التالي، جلس شاكر الأب إلى مائدة الإفطار مبكراً على غير عادته، دخل سليم المطبخ وهو يفرك عينيه، وفوجئ بوالده يقول له: "سليم... تعال، اجلس معي". تردد سليم، فهو لم يعتد هذا النوع من الحديث، جلس بهدوء، وقال: "هل هناك شيء يا أبي؟" تنهّد الأب وقال بصوتٍ متهدّج: "أعرف أني لم أكن عادلاً معك"، سليم نظر إليه دون أن ينبس. فأكمل الأب حديثه وكأنه يعتذر أو يبرر ما كان يفعله: "كنت أظن أنني أحميك من المسؤولية، رغبت أن أتيح لك الفرصة لأن تكون فقط طالباً، لكنك كنت رجلاً بحق في غياب والدتك، وحين لم أكن أنا موجوداً؛ كنت سنداً لإخوتك، وظلّاً لي في غيابي، أراك وقد علمتهم الكثير؛ جعلتهم يحنون على بعضهم البعض، أشاهدهم وقد تفهموا معنى العطف على الصغير واحترام الكبير، أدركت بعقلي كيف نقلت لهم ضرورة تقديم يد المساعدة في كل وقت، مادمت قادراً". نظر سليم إلى والده، وكانت عيناه تلمعان، لكنه لم يتكلّم، وواصل الأب كلامه: "أشكرك يا بني، وأعتذر إن تأخرتُ كثيراً في قولها، من اليوم لن تكون فقط الأخ الكبير، بل ركيزة هذا البيت، كما كنت دائماً". لم يُجب سليم، فقط نهض واقترب من والده وعانقه، وكان العناق صامتاً، لكنه حمل كل كلمات الحب والتقدير والامتنان التي لم تُقلْ. في ذلك اليوم، لم يتغير شيء في البيت ظاهرياً، لكن في أعماق الجميع تغيّر كل شيء؛ شعر سليم أخيراً بأن ما يفعله له أكثر من قيمة، وأن والده قد أصبح الآن نوراً يُضيء له طريق المسؤولية. ولم يعد سليم فقط الأخ الكبير، بل أصبح قدوةً لإخوته بالمنزل، وصوتاً مسموعاً، ورجلاً أكبر من عمره وأعظم مما توقعوا. العبرة من حكاية الجدة: كن وسط إخوتك صغيراً كنت أو كبيراً، العين التي تحرسهم والقلب الذي يحبهم ويحنو عليهم، واجعل من حبك لهم دافعاً لتقديم الأفضل دائماً. كن لأخوتك الأب والأخ والمعلم، في حياة الأخت أنت الحضور للصديق الأبدي، ورفيق للطفولة، وحصن الأمان والسند دون خوف. تعلمنا القصة أن وجود الأخ الأكبر يرفع من مستوى تفكير إخوته، وهمومهم وتطلعاتهم وطموحاتهم، الأخ الأكبر له حقّ على أخيه في التوقير والإكرام، والرجوع إليه، والتعويل عليه، وتقديمه في المهمات. الأخ الأكبر يعرف أن الاختلاف لا يقلل من احترام إخوته له، ويكون مخطئاً إن ظن أنَّ ذلك نوع من العناد والتمرد. الأخ الأكبر يتنازل ويتجاهل عن بعض الأخطاء ، وعليه أن يرتدي ثوب الأبوة الحاني ويتقمُّص دوره. الأخ الأكبر يعمل على مد جسور الحب مع إخوته، ويتجنب العداوة والشحناء والخصام مع كل أفراد الأسرة. سؤال ينتظر جوابك:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store