#أحدث الأخبار مع #كانينغألتبريس٢٧-٠٢-٢٠٢٥ترفيهألتبريسحديث عن عبد الكريم.. مع الرجل الذي سعى لعقد الصلح..كابتن كانينغ*جمال الكتابي مقدمة على السريع: تحت هذا العنوان نشرت جريدة الأهرام المصرية حوارا مع أحد مستشاري عبد الكريم، يوم 9 يناير 1927، السكوتلاندي كابتن غولدن كانينغ. النص أسفله مستوحى من هذا الحوار. النص: كان ذلك ظهر يوم الخميس 6 يناير من سنة 1927..حركة غير عادية في اتجاه أوطيل كونتننتال بوسط القاهرة…ومن فضول الصحفيين أن يطل محمود على حفل يحضره أشهر مغني سوفياتي زمانه: شاليابين، صوته العذب هز لأول مرة جوانب القاعة الكبرى في فندق كونتيننتال بالقاهرة. كانت القاعة غاصة برجال ونساء النخبة المصرية ومحمود تائه كمن يبحث عن مجهول. وقبل بداية العرض حتى، جاءه صديق من الساكسون وأخذه من يديه وهو يسير وراءه في القاعة دون أن يعرف وجهته، وقبل الوصول إلى الوجهة همس في أذنه أنه يأخذه إلى شخص ربما يهمه..وقف الرجلان أمام جالس منفرد غارق في التفكير ورأسه إلى الأسفل. نهض هذا الأخير واقفا عندما ناداه صديقه ' كابتن كانينغ'. نظر محمود إلى وجهه مليا دون أن يقول كلمة، إنه هو أتذكره، من من المصريين والشرقيين لا يتذكر الكابتن كانينغ؟ من لا يتذكر الرجل الذي قطع أميالا ذهابا وإيابا بين باريس وطنجة لعقد صلح شريف بين عبد الكريم من جهة وفرنسا وإسبانيا من جهة أخرى. أدرك كانينغ أن محمود يستعرض من خلال نظراته زمنا جميلا امتزجت فيه العزة والألم.. جلست إلى الكابتن ولم نعد نستمع إلى المغني الذي صعد الخشبة في وسط تصفيقات حارة. المغني بدا يحاكي نصا دراميا من الميثيولوجية السلافية..لم نعد نهتم رغم صوته العذب..غرقنا في محاكاة دراما قريبة إلى عهدنا: 'مأساة عبد الكريم ومأساة الريف والريفيين..'. وفي خضم هذا الهرج طرحت بعض الأسئلة على الكابتن كانينغ. لماذا فشل عبد الكريم في حربه واستسلم؟ عبد الكريم لم تهزمه الآلة الحربية بالدرجة الأولى رغم بشاعتها، بل هزمه المقيم العام الجديد، 'تيودور ستييغ' من خلال توظيف معارفه ودراساته لهذه المجتمعات، فعمل على استمالة القبائل الموالية لعبد الكريم وفضها من حوله، بالإضافة طبعا للحصار الدولي الخانق الذي ضربته عليه فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وإنجلتيرا… كانينغ جاء إلى مصر بداية شتنبر 1926 حتى يلقي النظرة الأخيرة على الباخرة (أميرال بيير) التي أقلت عبد الكريم ومرت عبر قناة السويس في اتجاه منفاه السحيق. كانينغ قرر عدم العودة إلى لندن والبقاء في الشرق حتى يقضي فصل الشتاء هناك ويزور بعض دول الشرق من العراق وفلسطين وسوريا.. أنت متهم بنقل السلاح إلى عبد الكريم، سأله محمود: أنا لست متهما، أنا قمت بما أملى علي ضميري تجاه شعب مظلوم ورجل شجاع قاوم حتى سقط أسيرا في الميدان، واعتبر أن كل ما قمت به إسهاما بسيطا.. فبالإضافة إلى أن الكابتن كانينغ كان مبعوثا للسلام بين عبد الكريم والحلفاء نهاية سنة 2025 ، استطاع قبل ذلك أن يوصل شحنة سلاح تتكون من 16 ألف بندقية ألمانية من ميناء هامبورغ إلى ثالايوسف بالحسيمة سنة 1924 على ظهر قارب إسمه 'سيلفيا'. عبد الكريم سيتعرف للصحفي روجي ماثيو على ظهر السفينة الحربية عبدة، التي حملت عبد الكريم من البيضاء إلى جزيرة فريول قبالة مارسيليا، على أنه فعلا توصل بكمية السلاح القادمة من ميناء هامبورغ. تناسلت مئات التقارير الأمنية بصدد سيلفيا حتى أصبحت الجهة الأولى المطلوبة لقوات خفر السواحل في فرنسا وإسبانيا. تحولت إلى شبح يقض مضاجع الحلفاء. يقول تقرير أمني إسباني يعود إلى أكتوبر 1924 أن القارب 'سيلفيا تحول إلى شبح بحري يتم طلاؤه في كل رحلة بلون مختلف، ويوضع فوقها قماش لتجنب مراقبة الطائرات، بل وصل بهم التمويه في حمولة أخرى في اتجاه قابو ياوا (شرق الريف) يوم 26 غشت 2024 إلى إضافة الفحم والملح إلى الحمولة من ميناء جبل طارق.' التقرير يطالب بتأسيس دائرة خاصة في الشرطة البحرية الإسبانية لمطاردة 'سيلفيا' و' ستارت أوف أوريون' و ' ستارت أوف إنكلند'. كابتن كانينغ سليل عائلة سكوتلاندية قومية تضامنت دوما مع حقوق شعوب الشرق، مهنته كبحار مرموق في البحرية الإنجليزية جعلته يتعرف على شعوب مختلفة من بينها شعوب المتوسط. بعد أنوال والانتصارات الكبرى التي حققها عبد الكريم لاحقا على الجبهة الغربية ضد فرنسا، أصبح حديث صحف العالم، مما دفع بالعديد من أنصار الحرية مساندته والانضمام إليه من قوميين وشيوعيين وماركسيين وفوضويين… *كاتب وناشط حقوقي بهولندا
ألتبريس٢٧-٠٢-٢٠٢٥ترفيهألتبريسحديث عن عبد الكريم.. مع الرجل الذي سعى لعقد الصلح..كابتن كانينغ*جمال الكتابي مقدمة على السريع: تحت هذا العنوان نشرت جريدة الأهرام المصرية حوارا مع أحد مستشاري عبد الكريم، يوم 9 يناير 1927، السكوتلاندي كابتن غولدن كانينغ. النص أسفله مستوحى من هذا الحوار. النص: كان ذلك ظهر يوم الخميس 6 يناير من سنة 1927..حركة غير عادية في اتجاه أوطيل كونتننتال بوسط القاهرة…ومن فضول الصحفيين أن يطل محمود على حفل يحضره أشهر مغني سوفياتي زمانه: شاليابين، صوته العذب هز لأول مرة جوانب القاعة الكبرى في فندق كونتيننتال بالقاهرة. كانت القاعة غاصة برجال ونساء النخبة المصرية ومحمود تائه كمن يبحث عن مجهول. وقبل بداية العرض حتى، جاءه صديق من الساكسون وأخذه من يديه وهو يسير وراءه في القاعة دون أن يعرف وجهته، وقبل الوصول إلى الوجهة همس في أذنه أنه يأخذه إلى شخص ربما يهمه..وقف الرجلان أمام جالس منفرد غارق في التفكير ورأسه إلى الأسفل. نهض هذا الأخير واقفا عندما ناداه صديقه ' كابتن كانينغ'. نظر محمود إلى وجهه مليا دون أن يقول كلمة، إنه هو أتذكره، من من المصريين والشرقيين لا يتذكر الكابتن كانينغ؟ من لا يتذكر الرجل الذي قطع أميالا ذهابا وإيابا بين باريس وطنجة لعقد صلح شريف بين عبد الكريم من جهة وفرنسا وإسبانيا من جهة أخرى. أدرك كانينغ أن محمود يستعرض من خلال نظراته زمنا جميلا امتزجت فيه العزة والألم.. جلست إلى الكابتن ولم نعد نستمع إلى المغني الذي صعد الخشبة في وسط تصفيقات حارة. المغني بدا يحاكي نصا دراميا من الميثيولوجية السلافية..لم نعد نهتم رغم صوته العذب..غرقنا في محاكاة دراما قريبة إلى عهدنا: 'مأساة عبد الكريم ومأساة الريف والريفيين..'. وفي خضم هذا الهرج طرحت بعض الأسئلة على الكابتن كانينغ. لماذا فشل عبد الكريم في حربه واستسلم؟ عبد الكريم لم تهزمه الآلة الحربية بالدرجة الأولى رغم بشاعتها، بل هزمه المقيم العام الجديد، 'تيودور ستييغ' من خلال توظيف معارفه ودراساته لهذه المجتمعات، فعمل على استمالة القبائل الموالية لعبد الكريم وفضها من حوله، بالإضافة طبعا للحصار الدولي الخانق الذي ضربته عليه فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وإنجلتيرا… كانينغ جاء إلى مصر بداية شتنبر 1926 حتى يلقي النظرة الأخيرة على الباخرة (أميرال بيير) التي أقلت عبد الكريم ومرت عبر قناة السويس في اتجاه منفاه السحيق. كانينغ قرر عدم العودة إلى لندن والبقاء في الشرق حتى يقضي فصل الشتاء هناك ويزور بعض دول الشرق من العراق وفلسطين وسوريا.. أنت متهم بنقل السلاح إلى عبد الكريم، سأله محمود: أنا لست متهما، أنا قمت بما أملى علي ضميري تجاه شعب مظلوم ورجل شجاع قاوم حتى سقط أسيرا في الميدان، واعتبر أن كل ما قمت به إسهاما بسيطا.. فبالإضافة إلى أن الكابتن كانينغ كان مبعوثا للسلام بين عبد الكريم والحلفاء نهاية سنة 2025 ، استطاع قبل ذلك أن يوصل شحنة سلاح تتكون من 16 ألف بندقية ألمانية من ميناء هامبورغ إلى ثالايوسف بالحسيمة سنة 1924 على ظهر قارب إسمه 'سيلفيا'. عبد الكريم سيتعرف للصحفي روجي ماثيو على ظهر السفينة الحربية عبدة، التي حملت عبد الكريم من البيضاء إلى جزيرة فريول قبالة مارسيليا، على أنه فعلا توصل بكمية السلاح القادمة من ميناء هامبورغ. تناسلت مئات التقارير الأمنية بصدد سيلفيا حتى أصبحت الجهة الأولى المطلوبة لقوات خفر السواحل في فرنسا وإسبانيا. تحولت إلى شبح يقض مضاجع الحلفاء. يقول تقرير أمني إسباني يعود إلى أكتوبر 1924 أن القارب 'سيلفيا تحول إلى شبح بحري يتم طلاؤه في كل رحلة بلون مختلف، ويوضع فوقها قماش لتجنب مراقبة الطائرات، بل وصل بهم التمويه في حمولة أخرى في اتجاه قابو ياوا (شرق الريف) يوم 26 غشت 2024 إلى إضافة الفحم والملح إلى الحمولة من ميناء جبل طارق.' التقرير يطالب بتأسيس دائرة خاصة في الشرطة البحرية الإسبانية لمطاردة 'سيلفيا' و' ستارت أوف أوريون' و ' ستارت أوف إنكلند'. كابتن كانينغ سليل عائلة سكوتلاندية قومية تضامنت دوما مع حقوق شعوب الشرق، مهنته كبحار مرموق في البحرية الإنجليزية جعلته يتعرف على شعوب مختلفة من بينها شعوب المتوسط. بعد أنوال والانتصارات الكبرى التي حققها عبد الكريم لاحقا على الجبهة الغربية ضد فرنسا، أصبح حديث صحف العالم، مما دفع بالعديد من أنصار الحرية مساندته والانضمام إليه من قوميين وشيوعيين وماركسيين وفوضويين… *كاتب وناشط حقوقي بهولندا