#أحدث الأخبار مع #كورنيشالمنيابوابة الأهرام٠٣-٠٣-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامكورنيش المنيا.. البنية التحتية للسعادةحكايتى مع كورنيش المنيا بدأت قبل 50 سنة؛ فى المدينة الجامعية بالجيزة، غرفة صديق العمر حماد إبراهيم (أستاذ الصحافة الآن) بكلية الإعلام، حين التقيت بوالده العم إبراهيم حامد وكان فلاحا فصيحا، ولما عرف أننى من المنصورة، حكى لى عن صداقته بابن المنصورة اللواء عبدالفتاح فؤاد الذى اختاره الزعيم جمال عبدالناصر محافظا للمنيا (من 1960 حتى 1965)، وكان أول إنجازاته تأسيس كورنيش المنيا، وجعله عنوانا لاهتمام الدولة بسعادة المواطن، كما اهتم ببناء العدد الأكبر من الجمعيات التعاونية الزراعية؛ التى قدمت للفلاحين أفضل خدمات من بذور التقاوى والسماد والميكنة حتى الرش بالطائرات، وتطوير الدورة الزراعية الموحدة لضمان تفوق المحاصيل الاستراتيجية كالقطن الذى أذل مصانع الإنجليز والأمريكان، وتأمين القمح والأرز، دون تراجع عن حق الفلاحين فى تملك الأرض، ورغم أن الحاج إبراهيم - رحمه الله - كان رئيسا لمجلس إدارة جمعية تعاونية بقرية الاتلات الصغيرة، إلا أن ثقافته ومهارته أهلتاه لصداقة المحافظ وعضوية اللجنة المركزية، وأذكر أثناء مناقشة رسالة ماجستير «حماد» فى الثمانينيات وقف عم ابراهيم يوضح للدكتور خليل صابات ولجنة المناقشة بأن «الصورة الأمريكية فى الصحافة» لا تعكسها السياسة بل يجسدها تعاسة الفلاح والقطن المصرى!. وحين زرت المنيا فى يونيو 2016 ضمن «جيش» من صحفيى الأهرام بقيادة رئيس التحرير الأسبق محمد عبدالهادى، وانتشرنا لتقصى أسباب الفتنة التى وقعت فى قرية الكرم مركز «أبو قرقاص»، والتقينا بالمحافظ اللواء طارق نصر، وكان الأهالى يعتبرونه شيخ عرب لانتمائه إلى قبيلة الهمامية، ونقلنا شهادتنا ورفض الجميع أن تكون «المرأة» سببا للفتنة، واننا نميل لوجهة نظر السيدة «عواطف» بأن الأزمة ناتجة عن البطالة وعدم وجود أماكن لشغل الفراغ؟ فأجاب الرجل بأن الدولة جاهزة بخطة لإصلاح المرافق فى 36 قرية تتكلف القرية الواحدة من 5 إلى 15 مليون جنيه، وربط المحافظ بين إيجاد فرص عمل للشباب وبين تطوير كورنيش المنيا لاستعادة قداسته ضمن جهود القضاء على الفتنة، فاستغلال إمكانات المحافظة لرفاهية أهلها رسالة من الدولة باهتمامها بتحسين حياة الأهالى من فرص العمل إلى توفير مكان تسعد فيه الأسر بلا مقابل!. ومنذ أيام قلية زرت المنيا وتجولت فى جامعتها العريقة ووجدت التجهيزات المعملية والاتساع والرحابة فى قاعات المحاضرات، واتساع شوارعها وحدائقها، وجدت حرمها يمكنها من إقامة توسعات تناسب العصر دون تضييق وهو ما لا يتاح لجامعات عديدة، وقال لى أحد الأساتذة بأن جامعة المنيا تحتاج فقط إلى منديل كلينكس لإزالة الأتربة الناتجة عن الإنشاءات الجديدة لتصبح من أرقى جامعات مصر والعالم!. وكنت حريصا على زيارة كورنيش المنيا وجدته لايزال من أفضل المنتزهات السياحية؛ فالممشى ممتد ونظيف والمقاعد للأسر مريحة والخضرة والجمال وملاعب الأطفال والمجسمات الفنية الغنية بالمعانى تستحق أن تدخل كل بيت مع صورة حفلات الزفاف والميلاد والاعياد، ولفت نظرى اختفاء التكاتك من المدينة مع وجود أرصفة للمشاة، واستغربت من تعداد السكان البالغ (6.728705) تحمله لوحة الكترونية بالأحمر فوق مبنى المحافظة، ومع جمال الشاطئ ازداد النيل مهابة وكرما وأهدى مدينة المنيا أوسع مجرى له، فبادله أهل المنيا الكرم حين حافظوا على نظافته وحموه من التعديات. وعلى طول شبكة الطرق الريفية تنتشر المشروعات التنموية، ضمن سياسة متوارثة تؤمن بأن التنمية الحقيقية واستقلال القرار يبدأ من الريف، وجاءت مبادرة «حياة كريمة» ووسعت وأعادت الروح لهذا الاتجاه، ونجح المحافظ عماد كدوانى فى تنفيذها بعدالة فى القرى. وحين تأملت المعالم الأثرية على جانبى الطريق وجدت أنها تلخص قوة المرأة المنياوية عبر خمسة آلاف سنة، بدأت ببصمات ثلاث نساء من أهل القمة: الأولى الملكة نفرتيتى شعار المحافظة والجامعة وجميلة الكون أضاءت حياة اخناتون، وكونت عائلتهما لوحة التوحيد التى تزين المتحف المصرى الكبير، ورأسها رمز للشموخ فى العالم ودرة تاج متحف برلين، كما احتضنت المنيا مسارات السيدة مريم العذراء مع طفلها عيسى عليه السلام عدة شهور فى بحثها عن الامن، كما كانت مسقط رأس أم المؤمنين مارية القبطية زوجة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ويروى مسجد السبع بنات فصلا خالدا للأجيال من قصة الغرام «الإسلامى المسيحى» ويحكى عن وقوع سبع فتيات قبطيات فى عشق جنود عمرو بن العاص، وتعرضهن لبطش الحاكم الرومانى حتى الموت، وبعد اكتمال الفتح أقام المسلمون عليهن مسجدا ظل باقيا لتخليد هذا العشق النادر!. بعد هذه الرحلة المنياوية التى تؤكد توافر ثلاثية البنية التحتية للسعادة وهى الإنسان والطبيعة والتاريخ، يبقى السؤال: كيف تكون المنيا الأوفر حظا بين محافظات مصر فى تسجيل مرور العائلة المقدسة بكم هائل من الكنائس والأديرة والمساجد ولا تكون الآن قبلة السياحة الدينية بالعالم؟. وكل عام وأنتم بخير.
بوابة الأهرام٠٣-٠٣-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامكورنيش المنيا.. البنية التحتية للسعادةحكايتى مع كورنيش المنيا بدأت قبل 50 سنة؛ فى المدينة الجامعية بالجيزة، غرفة صديق العمر حماد إبراهيم (أستاذ الصحافة الآن) بكلية الإعلام، حين التقيت بوالده العم إبراهيم حامد وكان فلاحا فصيحا، ولما عرف أننى من المنصورة، حكى لى عن صداقته بابن المنصورة اللواء عبدالفتاح فؤاد الذى اختاره الزعيم جمال عبدالناصر محافظا للمنيا (من 1960 حتى 1965)، وكان أول إنجازاته تأسيس كورنيش المنيا، وجعله عنوانا لاهتمام الدولة بسعادة المواطن، كما اهتم ببناء العدد الأكبر من الجمعيات التعاونية الزراعية؛ التى قدمت للفلاحين أفضل خدمات من بذور التقاوى والسماد والميكنة حتى الرش بالطائرات، وتطوير الدورة الزراعية الموحدة لضمان تفوق المحاصيل الاستراتيجية كالقطن الذى أذل مصانع الإنجليز والأمريكان، وتأمين القمح والأرز، دون تراجع عن حق الفلاحين فى تملك الأرض، ورغم أن الحاج إبراهيم - رحمه الله - كان رئيسا لمجلس إدارة جمعية تعاونية بقرية الاتلات الصغيرة، إلا أن ثقافته ومهارته أهلتاه لصداقة المحافظ وعضوية اللجنة المركزية، وأذكر أثناء مناقشة رسالة ماجستير «حماد» فى الثمانينيات وقف عم ابراهيم يوضح للدكتور خليل صابات ولجنة المناقشة بأن «الصورة الأمريكية فى الصحافة» لا تعكسها السياسة بل يجسدها تعاسة الفلاح والقطن المصرى!. وحين زرت المنيا فى يونيو 2016 ضمن «جيش» من صحفيى الأهرام بقيادة رئيس التحرير الأسبق محمد عبدالهادى، وانتشرنا لتقصى أسباب الفتنة التى وقعت فى قرية الكرم مركز «أبو قرقاص»، والتقينا بالمحافظ اللواء طارق نصر، وكان الأهالى يعتبرونه شيخ عرب لانتمائه إلى قبيلة الهمامية، ونقلنا شهادتنا ورفض الجميع أن تكون «المرأة» سببا للفتنة، واننا نميل لوجهة نظر السيدة «عواطف» بأن الأزمة ناتجة عن البطالة وعدم وجود أماكن لشغل الفراغ؟ فأجاب الرجل بأن الدولة جاهزة بخطة لإصلاح المرافق فى 36 قرية تتكلف القرية الواحدة من 5 إلى 15 مليون جنيه، وربط المحافظ بين إيجاد فرص عمل للشباب وبين تطوير كورنيش المنيا لاستعادة قداسته ضمن جهود القضاء على الفتنة، فاستغلال إمكانات المحافظة لرفاهية أهلها رسالة من الدولة باهتمامها بتحسين حياة الأهالى من فرص العمل إلى توفير مكان تسعد فيه الأسر بلا مقابل!. ومنذ أيام قلية زرت المنيا وتجولت فى جامعتها العريقة ووجدت التجهيزات المعملية والاتساع والرحابة فى قاعات المحاضرات، واتساع شوارعها وحدائقها، وجدت حرمها يمكنها من إقامة توسعات تناسب العصر دون تضييق وهو ما لا يتاح لجامعات عديدة، وقال لى أحد الأساتذة بأن جامعة المنيا تحتاج فقط إلى منديل كلينكس لإزالة الأتربة الناتجة عن الإنشاءات الجديدة لتصبح من أرقى جامعات مصر والعالم!. وكنت حريصا على زيارة كورنيش المنيا وجدته لايزال من أفضل المنتزهات السياحية؛ فالممشى ممتد ونظيف والمقاعد للأسر مريحة والخضرة والجمال وملاعب الأطفال والمجسمات الفنية الغنية بالمعانى تستحق أن تدخل كل بيت مع صورة حفلات الزفاف والميلاد والاعياد، ولفت نظرى اختفاء التكاتك من المدينة مع وجود أرصفة للمشاة، واستغربت من تعداد السكان البالغ (6.728705) تحمله لوحة الكترونية بالأحمر فوق مبنى المحافظة، ومع جمال الشاطئ ازداد النيل مهابة وكرما وأهدى مدينة المنيا أوسع مجرى له، فبادله أهل المنيا الكرم حين حافظوا على نظافته وحموه من التعديات. وعلى طول شبكة الطرق الريفية تنتشر المشروعات التنموية، ضمن سياسة متوارثة تؤمن بأن التنمية الحقيقية واستقلال القرار يبدأ من الريف، وجاءت مبادرة «حياة كريمة» ووسعت وأعادت الروح لهذا الاتجاه، ونجح المحافظ عماد كدوانى فى تنفيذها بعدالة فى القرى. وحين تأملت المعالم الأثرية على جانبى الطريق وجدت أنها تلخص قوة المرأة المنياوية عبر خمسة آلاف سنة، بدأت ببصمات ثلاث نساء من أهل القمة: الأولى الملكة نفرتيتى شعار المحافظة والجامعة وجميلة الكون أضاءت حياة اخناتون، وكونت عائلتهما لوحة التوحيد التى تزين المتحف المصرى الكبير، ورأسها رمز للشموخ فى العالم ودرة تاج متحف برلين، كما احتضنت المنيا مسارات السيدة مريم العذراء مع طفلها عيسى عليه السلام عدة شهور فى بحثها عن الامن، كما كانت مسقط رأس أم المؤمنين مارية القبطية زوجة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ويروى مسجد السبع بنات فصلا خالدا للأجيال من قصة الغرام «الإسلامى المسيحى» ويحكى عن وقوع سبع فتيات قبطيات فى عشق جنود عمرو بن العاص، وتعرضهن لبطش الحاكم الرومانى حتى الموت، وبعد اكتمال الفتح أقام المسلمون عليهن مسجدا ظل باقيا لتخليد هذا العشق النادر!. بعد هذه الرحلة المنياوية التى تؤكد توافر ثلاثية البنية التحتية للسعادة وهى الإنسان والطبيعة والتاريخ، يبقى السؤال: كيف تكون المنيا الأوفر حظا بين محافظات مصر فى تسجيل مرور العائلة المقدسة بكم هائل من الكنائس والأديرة والمساجد ولا تكون الآن قبلة السياحة الدينية بالعالم؟. وكل عام وأنتم بخير.