#أحدث الأخبار مع #لاراساميخمشالدستورمنذ 3 أياممنوعاتالدستورالوقف: نموذج تنموي مؤثر في الحضارة الإسلاميةد. لارا سامي خمش يتناول هذا المقال الوقف بوصفه مؤسسة تنموية أصيلة في الحضارة الإسلامية، لعبت دورًا محوريًا في بناء الإنسان والعمران على مرّ العصورمن خلال استعراض نشأة الوقف وتطوره، ودوره الحيوي في قطاعات التعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، والمشاركة النسائية، إضافة إلى خصائصه المؤسسية التي حافظت على استدامته واستقلاليته. كما يسلط المقال الضوء على أهمية استعادة هذا النموذج الحضاري وتفعيله في واقعنا المعاصر. وقد شكّل الوقف في الحضارة الإسلامية أحد أبرز الممارسات المؤسسية التي جسدت مفهوم التكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة. فقد تجاوز كونه عملًا خيريًا فرديًا ليصبح منظومة مؤسساتية فاعلة تركت آثارًا عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الإسلامي. ويسعى هذا المقال إلى تحليل التجربة التاريخية للوقف باعتباره نموذجًا تنمويًا مؤثرًا، واستقراء عناصر نجاحه، وأوجه قابليته للتجديد والتفعيل في العصر الحديث. فمن حيث النشأة والتأسيس يعود أصل الوقف في الإسلام إلى عهد النبي محمد ?، حين خصّص أرضًا لبناء مسجد قباء، وشجع أصحابه على الوقف. ويُعدّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أوقف أرضًا في خيبر، وقيّد استخدامها بأن تكون صدقة جارية لا تباع ولا توهب ولا تورث، ويُصرف ريعها للفقراء وابن السبيل. هذا التأسيس المبكر أرسى الإطار الشرعي والتنفيذي للوقف كمؤسسة ذات طابع دائم ومتجدد. وأما من حيث الوظيفة التنموية للوقف في مجال التعليم فقد لعب الوقف دورًا رائدًا في نشر العلم والمعرفة، من خلال تأسيس المدارس والمكتبات والجامعات. حيث أسهمت أوقاف نظام الملك في إنشاء المدارس النظامية في بغداد، كما دعم صلاح الدين الأيوبي الأزهر الشريف، فيما أسهمت أوقاف جامعة القرويين في المغرب في جعلها أقدم مؤسسة جامعية لا تزال قائمة حتى اليوم. بينما في مجال الصحة فقد أنشئت بفضل الأوقاف «البيمارستانات»، وهي مستشفيات تقدم العلاج المجاني للمرضى، من أبرزها البيمارستان النوري في دمشق. وقد شملت الخدمات الطبية الفحص، والإيواء، والعلاج، وصرف الأدوية، مما يدل على شمولية الخدمة الصحية المقدمة من خلال الوقف. وفي مجال الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية أسهمت الأوقاف في بناء الحمامات العامة، والجسور، والسقايات، وإنشاء مرافق لإيواء المسافرين، ودور للأيتام، ومطابخ خيرية للفقراء. بل وظهرت أوقاف متميزة وغير تقليدية، مثل وقف توزيع الحليب للأطفال، ووقف رعاية الحيوانات المصابة، ووقف توفير القهوة للمصلين. الوقف والمرأة شاركت المرأة بفاعلية في العمل الوقفي، سواء من خلال التأسيس أو الإدارة. فقد أوقفت شجرة الدر ممتلكات لرعاية المرضى وتعليم الفتيات، فيما أنشأت رقيّة خاتون أوقافًا في إسطنبول شملت مدارس وخانات. وأسهمت نساء الدولة العثمانية في تمويل مشاريع اجتماعية تهدف إلى تمكين النساء وتوفير الحماية والرعاية للفئات الهشة، ما يعكس تطورًا ملحوظًا في الدور الاجتماعي والاقتصادي للمرأة المسلمة. خصائص الوقف تميز الوقف الإسلامي بعدد من الخصائص الجوهرية التي أسهمت في استمراريته وفعاليته، أبرزها: الاستقلالية: حيث كانت الأوقاف تُدار من قبل المجتمعات والأفراد، بعيدًا عن التبعية السياسية المباشرة. الاستدامة: من خلال حماية أصل الوقف وتوجيه ريعه بشكل دائم نحو المصارف المحددة. الشمول: إذ شملت الأوقاف مختلف القطاعات الحيوية في المجتمع، من التعليم والصحة إلى البنية التحتية والخدمات العامة. الوقف كاقتصاد اجتماعي أدى الوقف وظيفة تنموية موازية لوظائف الدولة، وساهم في تمويل مشاريع كبرى، وتوفير فرص عمل، وبناء شبكات أمان اجتماعي. ويمكن اعتباره أحد مكوّنات «الاقتصاد الثالث» الذي يقوم على التضامن المجتمعي والمبادرات غير الربحية، بما يتجاوز مجرد تقديم المعونة والعطاء اللحظي إلى تعزيز التمكين وبناء القدرات. وفي الختام يُعد الوقف نموذجًا حضاريًا أصيلًا للتنمية المستدامة في الحضارة الإسلامية، بفضل بنيته المؤسسية ومرونته الاجتماعية. وقد أثبت عبر التاريخ كونه أداه فاعلة في إحداث التغيرات الإجتماعية والإقتصادية، وفي تحقيق التكافل، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتلبية احتياجات المجتمع. وفي ظل ما نواجهه اليوم من من تحديات اقتصادية واجتماعية، تبرز ضرورة إحياء منظومة الوقف بروحها الأصلية، وتطوير أدواتها أو إعادة تصميمها بما يتناسب مع روح العصر. وذلك لتستعيد هذه المنظومة دورها في تحقيق العدالة الإجتماعية والتكافل الإنساني، ولتكون رافدًا حقيقيًا من روافد التنمية المستدامة.
الدستورمنذ 3 أياممنوعاتالدستورالوقف: نموذج تنموي مؤثر في الحضارة الإسلاميةد. لارا سامي خمش يتناول هذا المقال الوقف بوصفه مؤسسة تنموية أصيلة في الحضارة الإسلامية، لعبت دورًا محوريًا في بناء الإنسان والعمران على مرّ العصورمن خلال استعراض نشأة الوقف وتطوره، ودوره الحيوي في قطاعات التعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، والمشاركة النسائية، إضافة إلى خصائصه المؤسسية التي حافظت على استدامته واستقلاليته. كما يسلط المقال الضوء على أهمية استعادة هذا النموذج الحضاري وتفعيله في واقعنا المعاصر. وقد شكّل الوقف في الحضارة الإسلامية أحد أبرز الممارسات المؤسسية التي جسدت مفهوم التكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة. فقد تجاوز كونه عملًا خيريًا فرديًا ليصبح منظومة مؤسساتية فاعلة تركت آثارًا عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الإسلامي. ويسعى هذا المقال إلى تحليل التجربة التاريخية للوقف باعتباره نموذجًا تنمويًا مؤثرًا، واستقراء عناصر نجاحه، وأوجه قابليته للتجديد والتفعيل في العصر الحديث. فمن حيث النشأة والتأسيس يعود أصل الوقف في الإسلام إلى عهد النبي محمد ?، حين خصّص أرضًا لبناء مسجد قباء، وشجع أصحابه على الوقف. ويُعدّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أوقف أرضًا في خيبر، وقيّد استخدامها بأن تكون صدقة جارية لا تباع ولا توهب ولا تورث، ويُصرف ريعها للفقراء وابن السبيل. هذا التأسيس المبكر أرسى الإطار الشرعي والتنفيذي للوقف كمؤسسة ذات طابع دائم ومتجدد. وأما من حيث الوظيفة التنموية للوقف في مجال التعليم فقد لعب الوقف دورًا رائدًا في نشر العلم والمعرفة، من خلال تأسيس المدارس والمكتبات والجامعات. حيث أسهمت أوقاف نظام الملك في إنشاء المدارس النظامية في بغداد، كما دعم صلاح الدين الأيوبي الأزهر الشريف، فيما أسهمت أوقاف جامعة القرويين في المغرب في جعلها أقدم مؤسسة جامعية لا تزال قائمة حتى اليوم. بينما في مجال الصحة فقد أنشئت بفضل الأوقاف «البيمارستانات»، وهي مستشفيات تقدم العلاج المجاني للمرضى، من أبرزها البيمارستان النوري في دمشق. وقد شملت الخدمات الطبية الفحص، والإيواء، والعلاج، وصرف الأدوية، مما يدل على شمولية الخدمة الصحية المقدمة من خلال الوقف. وفي مجال الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية أسهمت الأوقاف في بناء الحمامات العامة، والجسور، والسقايات، وإنشاء مرافق لإيواء المسافرين، ودور للأيتام، ومطابخ خيرية للفقراء. بل وظهرت أوقاف متميزة وغير تقليدية، مثل وقف توزيع الحليب للأطفال، ووقف رعاية الحيوانات المصابة، ووقف توفير القهوة للمصلين. الوقف والمرأة شاركت المرأة بفاعلية في العمل الوقفي، سواء من خلال التأسيس أو الإدارة. فقد أوقفت شجرة الدر ممتلكات لرعاية المرضى وتعليم الفتيات، فيما أنشأت رقيّة خاتون أوقافًا في إسطنبول شملت مدارس وخانات. وأسهمت نساء الدولة العثمانية في تمويل مشاريع اجتماعية تهدف إلى تمكين النساء وتوفير الحماية والرعاية للفئات الهشة، ما يعكس تطورًا ملحوظًا في الدور الاجتماعي والاقتصادي للمرأة المسلمة. خصائص الوقف تميز الوقف الإسلامي بعدد من الخصائص الجوهرية التي أسهمت في استمراريته وفعاليته، أبرزها: الاستقلالية: حيث كانت الأوقاف تُدار من قبل المجتمعات والأفراد، بعيدًا عن التبعية السياسية المباشرة. الاستدامة: من خلال حماية أصل الوقف وتوجيه ريعه بشكل دائم نحو المصارف المحددة. الشمول: إذ شملت الأوقاف مختلف القطاعات الحيوية في المجتمع، من التعليم والصحة إلى البنية التحتية والخدمات العامة. الوقف كاقتصاد اجتماعي أدى الوقف وظيفة تنموية موازية لوظائف الدولة، وساهم في تمويل مشاريع كبرى، وتوفير فرص عمل، وبناء شبكات أمان اجتماعي. ويمكن اعتباره أحد مكوّنات «الاقتصاد الثالث» الذي يقوم على التضامن المجتمعي والمبادرات غير الربحية، بما يتجاوز مجرد تقديم المعونة والعطاء اللحظي إلى تعزيز التمكين وبناء القدرات. وفي الختام يُعد الوقف نموذجًا حضاريًا أصيلًا للتنمية المستدامة في الحضارة الإسلامية، بفضل بنيته المؤسسية ومرونته الاجتماعية. وقد أثبت عبر التاريخ كونه أداه فاعلة في إحداث التغيرات الإجتماعية والإقتصادية، وفي تحقيق التكافل، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتلبية احتياجات المجتمع. وفي ظل ما نواجهه اليوم من من تحديات اقتصادية واجتماعية، تبرز ضرورة إحياء منظومة الوقف بروحها الأصلية، وتطوير أدواتها أو إعادة تصميمها بما يتناسب مع روح العصر. وذلك لتستعيد هذه المنظومة دورها في تحقيق العدالة الإجتماعية والتكافل الإنساني، ولتكون رافدًا حقيقيًا من روافد التنمية المستدامة.