logo
#

أحدث الأخبار مع #لجامعةابنزهربآكادير

الفساد.. ذلك الثقب الأسود الذي يأكل نظامنا التعليمي!
الفساد.. ذلك الثقب الأسود الذي يأكل نظامنا التعليمي!

بالواضح

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • بالواضح

الفساد.. ذلك الثقب الأسود الذي يأكل نظامنا التعليمي!

بقلم: قاسم علوش زبائنه ينتمون لسلك القضاء، والمحاماة، والتوثيق، والمهام الانتدابية من المنتخبين…الخ. هدفهم الرغبة في الحصول على ثمرة/شهادة جامعية عليا دون بذل الجهد المستحق لذلك، والمهيأ لتلبية تلك الرغبة كان هو أستاذ التعليم العالي، أحمد قليش، منسق ماستر 'المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية' بكلية الحقوق التابعة لجامعة ابن زهر بآكادير. لا شك أن اسم الماستر ((رنان)) وجذاب لذوي السطوة والمال الذين تنقصهم (شهادة علمية) يزينون بها سيرتهم الذاتية قصد تحسين ((تموقعهم)) داخل مؤسسات المجتمع من (قضاء، مهن حرة/محاماة وتوثيق، ومجالس منتخبة وأبناء مسؤولين سياسيين وأمنيين…الخ). كما أنه ماستر سيكون بمثابة (الدجاجة التي تبيض ذهبا)، حيث جمع صاحبه من ورائه ثروة طائلة تقدر بحوالي 80 مليون درهم (08 ملايير من السنتيمات) وجدت في الحساب البنكي لزوجته المحامية. لكن السؤال الأكثر إلحاحا الذي يطرح نفسه هنا هو أين كانت أجهزة الدولة من كل ما كان يحدث لمدة سنوات، لأن الواقعة ليست وليدة اليوم كما يتبين من التفاصيل التي ترشح من القضية التي تتولى محكمة الاستئناف بمراكش التحقيق فيها؟ تسعى هذه المقالة، وبطريقة مغايرة لما يتم تناوله لقضية منسق 'ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية'، إلى تسليط الضوء على جذور المشكلة، والتي هي في رأي صاحب المقالة، مرتبطة بالتحول القيمي الخطير الذي أصبح يعشيه نظامنا التعليم بجميع مستوياته. ذلك أن المدرسة العمومية، التي هي جذر وجذع نظام التربية والتكوين والبحث العلمي في بلدنا، تعيش هي أيضا على وقع سلسلة من الفضائح الأخلاقية والقيمية، تصنف هي أيضا ضمان خانة الفساد الذي أصبحت تسير بأخباره الركبان. سنويا يتم إحالة عدد من القضايا المرتبطة بالانحراف الأخلاقي والسلوكي على القضاء، يكون أبطالها إما أطر إدارية أو تربوية، يتم اتهامها بالتحرش الجنسي أو الاغتصاب في حق تلميذات أو تلاميذ هم أمانة أسرهم عند المؤسسة التعليمية من جهة، وإما تلاميذ جانحين (يمكن وصفهم بمجرمين) وُثِّقت كثير من مقاطع التسجيلات المصورة لحظات اعتداءهم على الأستاذة ورؤساء المؤسسات التعليمية، ناهيك عن فشو ظاهرة تعاطي المخدرات في أوساط التلاميذ من الجنسين معا. نحن إذن أمام أزمة أخلاقية/قيمية بنيوية يعشيها نظامنا التعليم كان المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قد دق ناقوس الخطر حولها في تقريره رقم 1/2017 حول 'التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي'، الذي اعتبر أن نظام التربية والتكوين أصبح يعيش على مفارقة خطيرة بين التعليم والتربية، بين ما يدرس من مواد وبين القيم التي ينبغي تعليمها للنشء. يمكن تلخيص مضمون ذلك التقرير في كونه عبر عن أزمة الأخلاق والقيم التي يعيشها نظامنا التعليمي بسبب الفصل العملي بين الأخلاق والتعليم داخل الفصول الدراسية، وإن كانت الأدبيات والمرجعيات الرسمية تؤكد على ضرورة الدمج بينهما. ويمكن إرجاع ذلك إلى مجموعة من العوامل نذكر منها: 1- تراجع التربية على القيم والأخلاق في البرنامج التعليمي/الدراسي، إن لم نقل اختفاءها، في السنوات الحرجة من عمر التلميذ(ة) بعد مرحلة التعليم الأساسي، وهي الفترة التي يكون فيها التلميذ(ة) أحوج ما يكون إلى توطيد المبادئ الأخلاقية وقيم الهوية الدينية الإسلامية وهو يعيش مرحلة التكليف (المراهقة)في مرحلة التعليم الثانوي التأهيلي وما يتبعها من سنوات الدراسة الجامعية؛ 2- ضعف قدرات الفاعلين (ات) التربويين (ات) في استثمار المضامين الأخلاقية والقيمية التي تحملها المواد الدراسية وغرسها في نفوس المتعلمين(ات)، وذلك بسبب عدم انتظام التكوينات ذات الصلة واتسامها بالظرفية الموجهة إليهم؛ 3- التفاوت بين أهداف البرنامج الدراسي وواقع الممارسة التربوية في المدرسة، حيث يتم اختزالها في مجرد مادة دراسية، ونادرا ما يتم توظيفها في العلاقات الصفية والحياة المدرسية وسلوكات المتعلمين(ات) عموما. تظافر العناصر السابقة كلها داخل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في ظل المتغيرات القيمية العالمية المتسارعة في زمن ما بعد العولمة، أفرز لنا واقعا مدرسيا وجامعيا يتغذى على إنتاج مختلف الممارسات الإفسادية، سواء على مستوى المدرسة أو الجامعة، المتمثلة في جنوح التلميذ والطالب، والأستاذ، والمسؤول الإداري. ذلك أن شأن المفسد عرفا، كما يقول الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير،'أن لا يكون مُصلِحاً إذ الإفساد هَيِّنُ الحصول وإنما يَصُدُّ عنه الوازع (أي الأخلاق)، فإذا خَلَعَ المرء عنه الوازع وأخذ في الإفساد هان عليه الإفساد ثم تكرر حتى يصبح سجية ودأبا لا يكاد يفارق موصوفه'. ووفق هذا الوصف يمكن فهم تكرر أو تفشي الممارسات المنحرفة التي تورطت فيها أطر إدارية وتربوية وتلاميذ،على مستوى المدرسة، وأساتذة جامعيين ومسؤولين إداريينعلى مستوى المؤسسات الجامعية. § نماذج من ظهور قضايا فساد في الأوساط الجامعية خلال السنوات الأخيرة في السنوات الأخير تفجرت العديد من قضايا الفساد، التي هزت كيان الجامعة المغربية، كان أبطالها أساتذة جامعيون ومسؤولون إداريون بمدارس عليا. فمن قضية أستاذ جامعة الحسن الأول سطات، التي عرفت إعلاميا ب 'الجنس مقابل النقاط' في شتنبر 2021، الذي أدين من قبل القضاء بسنتين سجنا نافذا، إلى قضية أستاذ المدرسة العليا للتجارة والتسيير (ENCG) بوجدة، التي أثيرت في دجنبر 2021، الذي أوقفته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عقب تأكد تورطه هو أيضا في قضية 'الجنس مقابل النقاط'، وذلك عقب إيفاد لجنة إلى جامعة محمد الأول التي طالبت في نفس الوقت مدير المدرسة بتقديم استقالته، كما قامت اللجنة نفسها بإعفاء الكاتب العام للمدرسة ذاتها لعدم أهليته بالمسؤولية المنوطة به بعد تأكد وجود حالات تحرش بالطالبات من لدن الأساتذة، إضافة إلى إعفاء نائبة مدير المدرسة واستفسارها بسبب رفضها الشكايات المرتبطة بالتحرش. وقضية أستاذ مدرسة الملك فهد العليا للترجمة التي أثيرت في يناير 2022، على خلفية شكاية التحرش والابتزاز الجنسي التي تقدمت بها إحدى الطالبات، حيث تمت متابعته قضائيا في حالة اعتقال، مع إعفائه من التدريس من قبل مجلس المؤسسة. يمكن تصنيفجميع هذه القضايا بما فيها قضية أستاذ 'ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية' ضمن خانة قضايا الفساد الذي أصبحتتضرب مؤسسات التعليم العالي في مقتل. يعرف البنك الدولي الفساد بأنه: ' إساءة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ويغطي طائفة واسعة من السلوكيات من الرشوة إلى سرقة المال العام '. وإذا كان وصف الفساد معروف وتجلياته واضحة للعيان، فإن أسبابه والعوامل المساعدة على انتشاره في مختلف البنيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية قد تبدو عصية على الفهم نظرا لتعقد الظاهرة وتشابك العناصر المساهمة فيها. لذا فإن الفساد ليس وليد تدخل عنصر واحد، بقدر ما هو نتاج توفر ظروف وبيئة تتفاعل فيها عناصر عدة تفاعل المواد الكيميائية مع بعضها بعض في المختبر. من هذا المنطلق تشير مختلف تقارير منظمة الشفافية الدولية، وغيرها من المنظمات الدولية، إلى ضرورة محاربة الفساد من منطلق القضاء على أسبابه عبر انتهاج مقاربة شمولية ومندمجة باستعمال آليات أخلاقية، وقانونية، ومؤسساتية، وإعلامية. غير أنه مقابل ذلك نقول بأن: الفساد مرتبط بالعنصر البشري باعتباره الفاعل الأساسي في هذه الظاهرة المرضية وتبقى العناصر الأخرى أي الظروف والبيئة الداعمة (عوامل نفسية، واجتماعية، واقتصادية، وسياسية…الخ) هي عناصر مساعدة تغذي النزعة البشرية نحو الجنوح إلى الانحراف السلوكي لدى 'الإنسان الفاسد'. § مسؤولية الدولة في ضعف منظومة الأخلاق والقيم في الأوساط التعليمية تبدو الظاهرة أكثر تعقيدا وتحتاج إلى مزيد من الفهم والدراسة حين يتعلق الأمر بتكاثر قضايا الفساد في مؤسسات التربية والتعليم (المدرسة) ومؤسسات التكوين والبحث العلمي (الجامعة). كيف يمكن تفسير انتشار ظاهرة الفساد في المؤسسات التعليمية والعلمية التي دورها في الأساس هو التربية والتكوين؟ ومن يتحمل المسؤولية في كل ذلك؟ وكيف يمكن مواجهة هذه الآفة الخطيرة التي يمكن أن تعصف بنظامنا التعليمي؟ لقد كان تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي واضحا حين حمل المسؤولية الأولى في تردي منظومة الأخلاق والقيم داخل مؤسساتنا التعليميةللدولة أولا من خلال المؤسسات المسؤولة بشكل مباشر على المدرسة، كما حملها للأطر التربوية والإدارية. وهذا ما يدفعنا إلى الحديث عن قصور السياسات العمومية المتبعة في قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي في لجم استشراء ظواهر الانحراف السلوكي لدى مختلف الفئات المعنية. لقد أشار تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى تلك الهوة المتنامية بين الخطاب حول القيم والحقوق والواجبات، وبين الممارسة الفعلية لها، وهو ما يجعل كل من الدولة والمجتمع، في نظر الكثير من المهتمين بالشأن التربوي، يعيشان حالة نفاق مستشرية، 'إذ يتبين أن الخطاب النظري المعبر عنه في التوجيهات الرسمية والوثائق المرجعية المعتمدة (الوطنية والدولية) يشغل موقعا كبيرا، مقابل ممارسات بيداغوجية وتعليمية محدودة الأثر على السلوكات المتوخاة من التربية على القيم. يشهد على ذلك استفحال السلوكات المخلة بالقيم داخل المدرسة وفي محيطها، من قبيل ظواهر العنف بمختلف أنواعه (المادي والنفسي، واللفظي)، والغش، والاعتداء، والتهديد، والتعصب، والتمييز بين الجنسين، والانحراف، والتحرش، وعدم احترام الأدوار، والمساس بنبل الفضاء المدرسي والجامعي، وتراجع الالتزام بالأنظمة الداخلية للمؤسسة التعليمية، والإضرار بالبيئة وبالملك العام. وعلاوة على ذلك، فإن تزايد حالات الاستعمال المنافي للقيم والأخلاقيات داخل الشبكات الإلكترونية مواقع التواصل الاجتماعي، يعرض الأطفال والشباب لمخاطر الاستغلال والتغرير والابتزاز والشحن بالأفكار المتعصبة وغيرها. ومما يؤكد مسؤولية الدولة عن الانحدار الأخلاقي والسلوكي داخل مختلف فضاءات التربية والتكوين، هو استمرار استفحال الظاهرة وتزايدها بالرغم من صدور تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قبل ثمان سنوات من الآن، وبالرغم من ذلك لم تعمل السلطات المعنية على بلورة استراتيجية وطنية لتخليق الحياة العامة تكون ملزمة لجميع المتدخلين في منظومة التربية والتكوين. استراتيجية تستند لمقاربات متعددة ومندمجة تشمل مجالات التربية، والقانون/التشريع، والإعلام. إذا كان دور المؤسسات الدستورية المعنية بتقييم ومراقبة السياسات العمومية في قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي، مثل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث والعلمي، والمجلس الأعلى للحسابات من خلال إعداد التقييمات والدراسات التي تظهر مختلف مكامن الخلل التي تشوب مختلف مجالات التربية والتكوين، وتقدم الحلول والتوصيات الكفيلة بتجاوزها فإن على أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية العمل على برمجة وإدماج تلك التوصيات والحلول المقترحة ضمن سياساتها العمومية حتى يكون لها الأثر في تغيير الواقع المرتدي الذي أصبح يعيشه نظامنا التعليمي والتربوي وإيجاد البيئة المناسبة لتعزيز منظومتنا الأخلاقية، قال الله تعالى: ﴿وَٱلۡبَلَدُٱلطَّیِّبُیَخۡرُجُنَبَاتُهُۥبِإِذۡنِرَبِّهِۦۖوَٱلَّذِی خَبُثَ لَا یَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدࣰاۚكَذَ ⁠ لِكَنُصَرِّفُٱلۡـَٔایَـٰتِلِقَوۡمࣲیَشۡكُرُونَ﴾ [ الأعراف:57] . وفي الختام، يمكن اعتبار واقعة الأستاذ الجامعي (أحمد قليش)، صاحب 'ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية' بكل المتورطين فيها نموذجا مثاليا لتفعيل المقتضى الدستوري المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة عبر متابعة جميع المتورطين في عملية البيع والشراء أمام القضاء وترتيب الجزاءات المناسبة، بما في ذلك مصادرة الأموال المتحصلة من ذلك، وتجريد جميع المتحصلين على تلك الشواهد الجامعية، مقابل المال أو الجنس، مهما كانت مواقعهم التي ترقوا إليها بواسطة تلك الشواهد وذلك عملا بمبدأ (ما بني على باطل فهو باطل)، وأي سيناريو للمتابعة يكون غير ذلك سوف لن يكون مقنعا لمجتمعنا الذي اشمأزت جميع فئاته الحية من تلك الواقعة، وسنكون بالمقابل كمن يساهم في تغذية ذلك الثقب الأسود الذي يلتهم كل شيء ولا يشبع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store