logo
#

أحدث الأخبار مع #لجوليادوكورنو

فيلمان مخيبان بتوقيع نسائي في مهرجان "كان"
فيلمان مخيبان بتوقيع نسائي في مهرجان "كان"

Independent عربية

timeمنذ 14 ساعات

  • ترفيه
  • Independent عربية

فيلمان مخيبان بتوقيع نسائي في مهرجان "كان"

في دورة هذا العام من مهرجان "كان" السينمائي التي تقام خلال الفترة من الـ13 إلى الـ24 من مايو (أيار) الجاري، حمل فيلمان لمخرجتين شابتين هما "ألفا" لجوليا دوكورنو و"الصغيرة الأخيرة" لحفصية حرزي وعوداً كبيرة، لكنهما سرعان ما تهاويا تحت وطأة التوقعات. كلا العملين جاء من اسمين سبق أن لفتا الانتباه، دوكورنو كفائزة بـ"السعفة الذهبية" السابقة وحرزي بصفتها ممثلة ومخرجة تنتمي إلى سينما الهوية في فرنسا، غير أن النتيجة في الحالتين جاءت مخيبة، إذ يعاني الفيلم الأول من إرهاق بصري والثاني يغدو ضحية تكرار المقاولات، وما كان يفترض أن يكون صدمة جمالية أو تمريناً على الجرأة انقلب إلى تمارين سردية متعثرة، تؤكد أن النية لا تصنع المعجزات السينمائية. "ألفا" لجوليا دوكورنو بعد نيلها "السعفة" عن فيلم "تيتان" عام 2021، تعود المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو إلى المسابقة الكانية بـ"ألفا"، الذي لا يبدو سوى تكرار لما أصبح بصمتها الإخراجية، عالم غارق في رعب الجسد واضطرابات النفس وعدمية الوجود، لكن ما كان ينظر إليه سابقاً كجرأة وخروج عن المألوف، يتحول في هذا الفيلم إلى صيغ متيبسة واستنزاف لأدوات تفقد دلالتها تحت وطأة الاستخدام المفرط والتكلف الفني. الفيلم يدور في مدينة غامضة منزوع عنها الزمان والمكان، تعيش تحت تهديد مزدوج، فيروس يحول المصابين إلى كتل حجرية، وعاصفة رملية حمراء مدمرة، وسط هذا المشهد الكابوسي، نتابع طبيبة (غولشيفته فرهاني) وابنتها المراهقة (ميليسا بوروس)، في علاقة تحكمها الهشاشة والخوف، وحضور شقيق الأم المدمن (طاهر رحيم) سيضاعف هذا القلق من دون أن يضيف أي عمق درامي، بل يجر الفيلم نحو دراما عائلية لا تقدم ولا تؤخر في شيء. دوكورنو تسعى إلى دمج عناصر متعددة من سينما الكوارث إلى دراما المراهقة ومن رعب العدوى إلى تروما الأجيال، لكن هذا التداخل لا ينتج رؤية متكاملة بل خليطاً غير متجانس من الأنماط، وكل مشهد يبدو مصمماً ليكون "لحظة عظيمة"، لكنه يتداعى بفعل الإلحاح الرمزي والإخراج المتوتر، مما يفقد الفيلم بعده الإنساني لمصلحة استعراض بصري خانق. والجسد الذي كثيراً ما كان محور سينما دوكورنو، يتحول هنا إلى مجرد واجهة لتصعيد درامي مكرر، حتى القلق الوجودي الذي شكل قوة دافعة في أفلامها السابقة بات متكلفاً، وشخصيات "ألفا" تفتقر إلى الكاريزما، ضحية قوالب درامية مستنزفة لا تثير التعاطف ولا الفضول. وإن كانت هناك لحظات تستحق الذكر مثل مشهد الختام، فإنها تظل استثناء في فيلم يغرق في الضجيج، و"ألفا" يوثق لحظة سقوط فني لمخرجة كان ينتظر منها أن تخطو إلى الأمام، فإذا بها تعيد اجترار رؤيتها، إلى حد تحولها إلى عبء على نفسها. "الصغيرة الأخيرة" لحفصية حرزي منذ فيلمها الروائي الطويل الثالث، تدخل الممثلة والمخرجة الفرنسية التونسية حفصية حرزي بفيلمها "الصغيرة الأخيرة"، وعلى رغم أهمية المشاركة يمكن اعتبار هذا العمل من بين الأضعف ضمن الأفلام المتنافسة. يحكي الفيلم عن فاطمة (تؤدي دورها ناديا مليتي) مراهقة من ضواحي باريس، تنتمي إلى بيئة عربية إسلامية تقليدية يطغى فيها الحس الجماعي على الفردانية، وهذا التفصيل يتعاظم حضوره تدريجاً في سردية الفيلم، ليتحول إلى عمود فقري في تشكل الشخصية ومسارها. فاطمة وهي أصغر أفراد عائلتها، ظاهرياً لا تبدو أنها تعاني أزمات كبيرة، فهي تؤدي صلواتها وترتدي الحجاب أحياناً، وتتماهى أحياناً أخرى مع قيم المجتمع الفرنسي العلماني. ولكن التوتر الحقيقي ينبثق من إدراكها لميولها الجنسية، إذ تشعر بانجذاب إلى الفتيات مما يفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات الوجودية عن هويتها الثقافية وميولها وموقعها من العالم ومن الآخرين، بل ومن ذاتها أيضاً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فاطمة مؤمنة بتعاليم الإسلام، ولكنها خلال الوقت نفسه عاجزة عن كبح رغباتها، فكيف لها أن توائم بين هذه التناقضات، وبخاصة في بيئة ترى في المساس بالموروث الديني خروجاً عن المألوف لا يغتفر؟ تجد فاطمة نفسها وحيدة في مواجهة واقع لا يمنحها ترف الاختيار، لكنها مع ذلك تخوض رحلة داخلية شجاعة نحو قدر من الحرية، أياً كانت صورتها في النهاية. بهذه الحكاية، تحاول حرزي الانخراط ضمن تيار "تمكين المرأة" في السينما، وتسجل حضورها من أوسع الأبواب، وإن لم يخل عملها من هنات درامية وبنائية قد تحد من تأثيره. الفيلم يستند إلى رواية بالعنوان نفسه للكاتبة الفرنسية الجزائرية فاطمة داس الصادرة عام 2020، وهي سيرة شبه ذاتية نالت اهتماماً نقدياً عند صدورها، ولا يشك أحد في نيات حفصية حرزي وصدق تعاطيها مع هذا النص، فمسيرتها التي بدأت مع فيلم "كسكسي بالسمك" قبل أكثر من عقد ونصف العقد تشهد على حضور حقيقي وشغف أصيل بالسينما، غير أن ظل المخرج عبداللطيف كشيش، الذي أطلقها إلى الأضواء، لا يزال يخيم على أسلوبها. لحظات حقيقية حرزي لا تزال أسيرة فكرة "الصدمة"، إذ تطغى رغبتها في زعزعة السائد أو إثارة الانتباه على قدرتها الفعلية في سرد قصة محكمة ومتماسكة، والنتيجة أنها لا تنجح تماماً لا في الصدمة ولا في الحكاية، على رغم محاولاتها الواضحة ركوب موجة التوجهات الراهنة في طرح الأسئلة من موقع امرأة مسلمة حرة. ويمتد تأثير عبداللطيف كشيش في فيلم حرزي إلى تفاصيل دقيقة تتجاوز الأسلوب العام، ليشمل النحو الذي يتفاعل فيه الشخصيات مع بعضها بعضاً في الحياة اليومية، خصوصاً على مائدة الطعام، إذ لا شيء يبدو عفوياً أو نابعاً من لحظة تلقائية. في أفلام كشيش، تتحول هذه التفاصيل إلى لحظات معيشة حقيقية، أما في "الصغيرة الأخيرة" فهذا التأثير لم يهضم بعد، إذ لا تتمكن حرزي من إعادة تشكيله أو تملكه بأسلوبها الخاص، كما يفعل السينمائيون الناضجون حين يحولون تأثيراتهم إلى أدوات شخصية. على صعيد السرد، تتخذ الحكاية مساراً معتاداً، محطات إجبارية تمر بها فاطمة منذ لحظة إدراكها لذاتها وحتى التصالح مع هذا الإدراك، من أبرز هذه المحطات شعور الذنب، ذاك الثقل الأخلاقي الذي لا بد أن يرافق الشخصية، ثم تأتي قصة الحب الواعدة التي لا تلبث أن تتحول إلى تجربة فاشلة، وهنا، يتورط الفيلم في منطقة تغرق برائحة الكليشيه، على رغم محاولات حرزي تجنب السقوط في فخ تصوير الصراع على أنه مطاردة مبتذلة بين الانفتاح والرجعية. وعلى رغم كل العيوب البنيوية والدرامية، تظل ناديا مليتي في دور فاطمة عنصر الإنقاذ الأبرز، بكاريزما طبيعية وهدوء لافت، تمنح الشخصية شيئاً من الحياة على الشاشة، مما يدفعنا إلى البقاء داخل الفيلم حتى النهاية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store