logo
#

أحدث الأخبار مع #لمحمدبنخلف

مـــوظَّـفـــون!
مـــوظَّـفـــون!

جريدة الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • جريدة الوطن

مـــوظَّـفـــون!

في كتابِ أخبار القُضاة لمحمد بن خلف وكيع: قال معاذ بن معاذ القاضي لابنه: أي بُنيَّ، امضِ بنا نجلسُ للناس! أي نكون في مجلس القضاء فنسمع للخصوم ونقضي بينهم. فقال له ابنه: يا أبتِ، هذا يومٌ مطيرٌ لا يجيءُ فيه النّاس! فقال له: يا بُنيَّ، امضِ بنا، فبِمَ نستحِلُّ أن نأخذ كل يومٍ كذا وكذا درهماً أُجرة على عملنا؟ وخرج تحت المطر، وجلس للناس للقضاء! هذه القصَّة حريُّ أن يعرفها كلُّ موظف، وأن تُعلَّقَ على أبواب الشركات، والمؤسسات، والمدارس، والمستشفيات، وكلُّ مكان فيه ناسٌ يعملون مقابل أُجرة، ليقرؤوها كلَّ صباحٍ فيتذكرون هذه المقولة العذبة: فبمَ نستحلُّ أن نأخذ؟! من الأشياء التي اُبتليَ بها النَّاسُ على مرِّ العصور هو مرض «التطفيف»، بحيث لا يقبل أحدٌ من الناس حقَّه ناقصاً قشَّة، وهذا شيء جميل، يُعجبني الذي لا يتهاون بحقه! ولكنه في المقابل لا يُؤدي واجبه كاملاً! يريدُ أن ينزل الراتب على الوقت، ولا يحضرُ هو إلى الدوام على الوقت! يريدُ من مدرائه أن يعاملوه باحترام، ويسيء هو إلى مراجعيه أو من يُؤدي لهم خدمة ما! يقيم الدُّنيا ولا يُقعدها إذا طُلبَ منه أن يعملَ في يوم إجازة، ولكنه يغيب عن عمله دون سبب مبرر للغياب! هكذا نحن دوماً، ثوَّار إذا ما تعلَّق الأمر بحقوقنا، فاسدون إذا ما تعلّق الأمر بواجباتنا! وهذا توصيف من باب الغالب المُشاهَدِ، لا من باب التعميم غير المسؤول! ما منا من أحدٍ إلا وتمَّتْ «مرمطته» فيإحدى الدوائر الرَّسمية، والمعاملة لا تحتاج إلا إلى دقائق لإنجازها، ولكنهم دوماً يقولون لكَ: اِرجِعْ في الغد! ولا أذكر أن أحداً قال لي مرَّةً: اِرجع في الغد، وكان يعمل في تلك اللحظة! ثم عندما ترجع في الغد، يُخرج لكَ معاملتكَ من بين المعاملات، ويضع عليها ختمه، ويناولكَ إياها، الأمر لم يكن يحتاج إلا إلى ثوانٍ، ولكن لا أحد يعرف لماذا عليكَ أن ترجعَ في الغد! المشكلة أننا لا ننتبه إلى أمر هام وهو أن كثرة الموظفين ناشئ عن «بيروقراطية» إدارية، هات وخُذْ، تشقلبْ هُنا، ازحَفْ هناكَ، وإلا لو نظرنا إلى كمية العمل لوجدنا أن عَشْرَ وظائف يمكن أن يؤديها موظف واحد، ولكن على قول جدتي رحمها الله: رضينا بالبين والبين ما رضي فينا! يشعرونك دوماً أنهم يعملون صدقةً لا مقابل راتب، لا بُدَّ أن يُسمعوكَ موشحة ضغط العمل، عليكَ أن تتحمل أمزجتهم لأنهم مضغطون أما أنتَ فحياتكَ بسبوسة بالقشطة! السَّرقة ليست فقط أن تأخذ مالاً عاماً، وإنما أن تأخذ أُجرة مقابل عملٍ لم تؤده كما يجب! ‫

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store